
«مسرح كركلا» يتوّج مسيرة نصف قرن على خشبة «البولشوي»
«ألف ليلة وليلة»، التي شكّلت مصدر إلهام لمخيّلة الفنّانين والمبدعين في العالم، تجلّت على خشبة «البولشوي» بإشراقات الشرق الساحر، فأدهشت الحضور بلوحات راقصة التقى فيها الرقص الكلاسيكي والمعاصر والفولكلوري، ضمن أبجدية رقص رائدة، وأزياء تعبّر عن سمفونية من الألوان المتلألئة على أنغام موسيقى ريمسكي كورساكوف وموريس رافيل، التي تماهت مع الآلات الشرقية، لتولد لغة موسيقية جديدة تنبض بروح الشرق.
أكثر من نصف قرن و«مسرح كركلا» يحمل رسالة لبنان والثقافة العربية إلى أكبر المسارح ودور الأوبرا في العالم، معبّراً عن أصالة التاريخ وثرائه. واليوم، يعود من موسكو حاملاً مجد لبنان الثقافي والحضاري. وعلى هامش العرض في العاصمة الروسية، عُقد مؤتمر صحافي في قاعة الشرف داخل مبنى «البولشوي»، جمع مديرة مهرجان تشيخوف، كارينا تساتوروفا، المايسترو عبد الحليم كركلا، المخرج إيفان كركلا، وسفير لبنان شوقي بو نصار، إلى جانب سفيري الأرجنتين وكولومبيا.
الراقصون مع إيفان وأليسار كركلا والمايسترو المؤسِّس عبد الحليم في البولشوي (الصور الرسمية)
افتتحت تساتوروفا المؤتمر بكلمة مؤثرة وصفت فيها العرض بأنه «جسر ثقافي عابر للغات والحدود، أعاد رسم صورة الشرق في أبهى حلله. لقد كان حلماً تحقَّق، وتحية لجمهور يستحق الجمال». ثم ألقى المايسترو عبد الحليم كركلا كلمته، قائلاً: «نعتز ونفتخر بهذه اللحظة المشرقة في مسيرتنا الثقافية. وجودنا في هذا المسرح العريق هو مجد لحضارة لبنان وللثقافة العربية».
من جهته، أشاد سفير لبنان بالحدث الثقافي، قائلاً: «هذه الفرقة الرائعة سحرت قلوب الجماهير في أنحاء العالم، واليوم أحيت ليلة فنية لا تُنسى للجمهور الروسي».
وفي الختام، كانت كلمة المخرج إيفان كركلا الذي شبّه ما يحدث اليوم بما فعله سيرجي دياجليف في بدايات القرن الـ20 حين نقل الباليه الروسي إلى أوروبا، فقال: «بنسختنا الخاصة من (ألف ليلة وليلة)، حملنا لبنان إلى موسكو، إلى قلب الفنّ العالمي. وجودنا اليوم في (البولشوي) هو لحظة مضيئة تتوّج 55 عاماً من مسيرة مسرح كركلا، وتؤكد أن الثقافة العربية قادرة على الحضور في أرقى المنصات الدولية».
وحظي هذا الحدث الفنّي العالمي باهتمام واسع من الإعلام الروسي، الذي واكبه بتغطية مكثفة، مشيداً بمسرحية فرقة كركلا التي شكلت لحظة فنّية استثنائية تعكس وجه لبنان الحضاري والثقافة العربية المشرقة.
وغطَّت القناة الأولى الروسية حصرياً المسرحية، ورافقت المايسترو عبد الحليم، والمخرج إيفان، والكوريغراف أليسار كركلا، خلف الكواليس في جولة داخل «مسرح البولشوي»، ووصفت «مسرح كركلا» بـ«ذهب لبنان»، ورأت أنّ مسرحية «ألف ليلة وليلة» هي حدث استثنائي في مهرجان تشيخوف، وأنه «لم يسبق لأحد في العالم أن صوّر هذا المسرح اللبناني الأسطوري بهذه الطريقة».
وكتبت صحيفة «سموترِم» أنّ «الذروة الفنّية للمهرجان كانت فرقة كركلا اللبنانية، وما قدّمته للجمهور من عرض باليه يمزج بين العناصر الفنّية الشرقية، والكوريغرافيا الكلاسيكية والمعاصرة، وأزياء فاخرة تأخذ الجمهور إلى عالم الشرق الساحر».
عبد الحليم كركلا... نصف قرن من المجد يتوّج مسيرته على مسرح البولشوي (الصور الرسمية)
كما وصف موقع «ميوزِك غازيتا» المسرحية بأنها «مزيج من الأزياء الفاخرة والموسيقى الساحرة، والكوريغرافيا المفعمة بالعاطفة والحيوية، والديكورات الرائعة التي تكشف جمال الشرق وتنقل الجمهور إلى الأجواء الحقيقية لحكاية شهرزاد».
أما موقع «كلاسيكال ميوزِك» الروسي، فقال إنّ «العرض يتميّز بجمال بصري مذهل، والعنصر الأساسي والجاذب فيه هو الإبداع الكوريغرافي، فيما شكّلت الأزياء الخيالية أحد أبرز رهانات العرض الناجحة».
وبعد النجاح الكبير في موسكو، تستمرّ عروض مسرحية «ألف ليلة وليلة» على خشبة «مسرح كركلا» في بيروت لغاية 22 من أغسطس (آب) الحالي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 31 دقائق
- الشرق الأوسط
انطلاق «مهرجانات صيدا الدولية» مع الأوركسترا الوطنية وغسان صليبا
أمسية لبنانية بامتياز أمضاها الحضور على الواجهة البحرية لمدينة صيدا في افتتاح مهرجاناتها الدولية. وبدت عاصمة الجنوب لؤلؤة متوهجة بحفل أعادها إلى الخريطة الفنية بعد طول غياب. وعلى مسرح عائم على مرفأ صيدا القديم، وقف الفنان غسان صليبا البحر أمامه وقلعة صيدا الأثرية وراءه. وفيما راحت زوارق صيادي الأسماك الذين يمثلون أحد رموز شاطئها، تجول في عرض البحر، كانت الأوركسترا الوطنية الشرقية بقيادة المايسترو أندريه الحاج تغمر الحضور بأمواج من الموسيقى اللبنانية. وبين مقطوعات للرحابنة ومعزوفات على إيقاع الدبكة انطلق الحفل. واستهل بلفتة تكريمية للراحل زياد الرحباني من خلال موسيقى مسرحية «نزل السرور». احتشد الآلاف في صيدا وهي من أجمل مواقع المهرجانات في لبنان (الشرق الأوسط) ويعدّ المكان الذي أقيم فيه الحفل جزءاً من المنطقة التي كانت تشكّل مرفأ المدينة القديم. وقلعة صيدا الأثرية، إلى جانب البحر وجزيرة «الزيرة»، بدت خلفية طبيعية للمهرجان. وبعد التحية الأوركسترالية، أطلّ الفنان غسان صليبا نجم الحفل ليلقي التحية على الجمهور وفي مقدمهم السيدة الأولى نعمت عون، وزوجة رئيس الوزراء نواف سلام. وعلى الرغم من حرارة طقس مرتفعة ونسبة رطوبة تخطّت الثمانين درجة، لم يفقد كل من المايسترو أندريه الحاج وصليبا قدرتهما على تحفيز الحضور للتفاعل معهما. فترك المايسترو له مرات عدة المساحة كي يكون نجم الحفل ويغني كلمات من مقطوعات يعزفها. وكما في «هيلا يا واسع» كذلك في معزوفة «طريق النحل» للرحابنة صدح صوت الجمهور يردد كلماتها. وكانت في الوقت نفسه تجري عروض سريعة وسط البحر لزوارق ومراكب بحرية، بينها ما يحمل أعلاماً لبنانية. وفيما كانت مشهدية المسرح العائم تخطف الأنفاس، فإن الحضور استمتع أيضاً بمنظر قلعة صيدا وطريقها القديم وطول الساحل المتلألئ بالأضواء. فكانت بمثابة ديكورات طبيعية تفرض بجماليتها على المشهد. فكل مهرجان فني يجري في لبنان تطبعه ملامح المكان الذي يحضنه. وتميّزت «مهرجانات صيدا الدولية» بخصوصية مدينة عريقة تعدّ من بين الأقدم عالمياً، وذات شهرة واسعة ضمن دويلات الفينيقيين. وكانت مهرجانات صيدا الدولية قد غابت عن الخريطة الفنية اللبنانية، وشكّلت حفلة الموسيقي غي مانوكيان في عام 2023 نسخة خجولة منها لا يمكن مقارنتها بالسابقة عليها. ومن خلال «راجعين بلحن كبير» شعار سهرة الافتتاح، تم تنظيم الدورة السادسة برعاية وزارتي الثقافة والسياحة. مشهدية خلابة رافقت افتتاح «مهرجانات صيدا الدولية» (الشرق الأوسط) وبدت السيدة الأولى التي جلست بين الناس في الصفوف الخلفية في غاية الحماس. فكانت تردد كلمات أغاني صليبا كما في «يا حلوة شعرك داريه» و«وطني بيعرفني» و«زيّنوا الساحة». وبدت في غاية الانسجام مع صوت الفنان اللبناني خلال أدائه «الله معك يا بيت صامد بالجنوب» للراحل وديع الصافي. فالمعروف أن رئيس الجمهورية اللبنانية الجنرال جوزيف عون هو في الأصل من بلدة العيشية الجنوبية. وخصص صليبا مجموعة أغنيات للفنان المذكور ومن بينها «على رمش عيونها» و«بترحلك مشوار». واحتضنت صيدا «هياكل بعلبك» وهي فرقة الدبكة التي استعان بها صليبا لمصاحبة أغنيات من خزانة الفولكلور اللبناني. ولم يتردد بعض الحضور في ملاقاة الفريق الراقص مؤلفاً معه حلقة دبكة نثرت الحماس في الأجواء. وأدّى خلالها غسان صليبا الميجانا والعتابا، وتوجه بكلمة إلى أهالي صيدا مشيراً فيها إلى حبّه لهم على طريقة الموال اللبناني العريق. ولتستلم الأوركسترا بعدها زمام مشهدية فنية تألفت من معزوفات «قتلوني عيونا السود» و«من وادي لوادي» و«يا مية هلا» و«قديش كان في ناس». ومن الأغاني التي قدّمها غسان صليبا ابن مسرح الرحابنة في الحفل «يا مهايرة العلالي» و«غريبين وليل» و«شو هم القمر لو غاب». زوارق صيادي السمك شكلت نمطاً سياحياً يعزز طابع صيدا القديمة (الشرق الأوسط) استغرق الحفل نحو 80 دقيقة ختمها غسان صليبا ببعض الأغاني الوطنية «تعلا وتتعمّر يا دار» و«لمعت أبواق الثورة». وفي النهاية شكر صليبا رئيسة الكونسرفاتوار اللبناني هبة قواص، والمايسترو أندريه الحاج لمشاركة الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، وكورال القسم الشرقي للكونسرفاتوار في الحفل، مما أضاف إلى السهرة ألقاً وتميزاً. يذكر أن «مهرجانات صيدا الدولية» تستمر لغاية 9 أغسطس (آب). ويتضمن برنامجها في 7 منه سهرة مع الفنانة نانسي عجرم، في حين حفل الاختتام يحييه الفنان مارسيل خليفة في 9 أغسطس.


مجلة هي
منذ 5 ساعات
- مجلة هي
الكورية أم التركية؟ ما الدراما الأكثر شعبية في الشرق الأوسط؟
وسط المنافسة الشرسة لمنصات البث الإلكتروني وسعيها الدؤوب لجذب المزيد من المشتركين، تشهد المنطقة العربية زخما كبيرا للأعمال الفنية التي يتم بثها من مختلف العالم عبر هذه المنصات، وهو ما يطرح تساؤلا حول نوع الدراما التي أصبحت أكثر شعبية لدى المُشاهد العربي حاليا. وفي هذا الصدد أُجريت مئات أو حتى ألاف لدراسات والأبحاث حول الأعمال التي أصبحت لافتة لانتباه الجمهور أكثر من غيرها، وهو ما أظهر مدى التغير المتسارع والمستمر الذي يتميز به السوق العربي، على مدار سنوات القرن الماضي وحتى الآن. نجاح باهر للدراما الميكسيكية وتعد الدراما الميكسيكية أحد أبرز أنواع الدراما التي شهدت ازدهارا كبيرا في أواخر التسعينيات، ووفقا لما نُشر في تقرير عبر مجلة "icon" فإن وسام بدين، الذي تولى شركة "فيلملي" قبل أن تتحول إلى ستوديوهات DeafCat، قد روى قصة دخول هذه الدراما للعالم العربي، حيث قال إن نيقولا أبو سمح، كان قد عثر أثناء تواجده في مهرجان كان السينمائي، على صندوق بداخله تسجيلات للمسلسل المكسيكي "أنت أو لا أحد" ونال إعجابه كثيرا قبل أن يترجمه للعربية، وحقق حينها نجاحا باهرا عقب عرضه في الشرق الأوسط وخاصة لبنان عام 1992، وهو ما ألهم الكثيرين لتسمية أبنائهم "أنطونيو وراكيل" تيمننا ببطلي العمل، وترتب على هذا النجاح دبلجة 11 مسلسلا مكسكيا وبرازيليا على مدار ثمان سنوات تالية، مما دّر أموالا طائلة لعدد من المحطات الفضائية التي عرضته بسبب عوائد الإعلانات. نجاح هذه الأعمال كان يعود لعدة عوامل أبرزها هو أن تكلفتها كانت منخفضة مقارنة بالإنتاجات المحلية، بجانب التقارب النسبي في العادات والتقاليد بين الثقافتين العربية والميكسيكية، وفي تصريحات خاصة لمجلة "هي" قال الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق، إن الدراما عبارة ثقافة تنقل أفكارها لثقافات أخرى وتلقى تهذيب وانتقاء لما يناسب ثقافات وعادات هذه البلاد. المسلسلات الأجنبية تحصد مساحة واسعة من اهتمام الجمهور في الشرق الأوسط دراما بوليوود تراجعت الموجة الميكسيكية في الوقت الذي بدأت فيه الأعمال الهندية أن تنتشر بشكل ملحوظ بحلول الألفية، من خلال بثها مترجمة عبر قنوات عربية مثل MBC وART، وذلك بعدما دخلت إلى الشرق الأوسط في بداية الخمسينيات عبر مدينة طنجة المغربية قبل أن تحظى بشعبية لدى باقي الدول العربية، حسبما ذكرت تبريز أحمد، الباحثة في المركز الثقافي الهندي بجامعة جاميا ميليا الإسلامية في نيودلهي، عبر الموقع الهندي "wazthevoice". وشهد الإقبال على هذه الأعمال طفرة كبيرة عقب انطلاق قناتي "Zee Alwan" عام 2012، و" MBC Bollywood" في 2013، وأكد تقرير نُشر عبر موقع "agbi" المتخصص في تقديم تحليلات اقتصادية خاصة بمنطقة الشرق الأوسط،، أن قيمة الصناعة الهندية بلغت 2.83 مليار دولار في 2019، وقد قدرت جمعية السينما أن هذا الرقم قد يرتفع إلى حوالي 4.5 مليار دولار في 2026. "لعبة الحبار" جذبت المراهقين بإيقاعها السريع وبالنسبة للمسلسلات الهندية، فإن إحصائية تناولت تفضيلات الجمهور لشهر مايو 2024، كشفت أن المحتوى الهندي دائما ما يلق اهتماما كبيرا في الإمارات نظرا لكثرة الجالية الهندية حيث تصدر مسلسل "أوبو بولي كارام" ضمن قائمة أفضل 5 مسلسلات، إلا أنه لم يكن ضمن تفضيلات الجمهور في باقي دول الشرق الأوسط، في حين أن مسلسل " بازار الماس" للمخرج سانجاي ليلا بهنسالي، كان له شعبية مرتفعة خلال هذه الفترة على "نتفليكس"، حيث حصل على 4.5 مليون مشاهدة في أسبوعه الأول محطما الأرقام القياسية لمشاهدات المسلسلات الهندية، وأوضحت الإحصائيات أن الإقبال على مشاهدة هذا العمل ارتفعت بمقدار 12.53 مرة من النسب الأخرى للمسلسلات في السعودية وبمقدار 29.5 مرة في الإمارات العربية المتحدة، وفقا لموقع " Parrot Analytics" المعني بقياس مدى الإقبال على المحتوى الإعلامي عبر جميع المنصات العالمية. سر شعبية الدراما الهندية وفي هذا السياق، قال الناقد الفني السعودي أحمد العياد، في تصريحاته لمجلة "هي" إن الدراما الهندية لا تزال حاضرة بقوة في المجتمع السعودي خاصة في فئات درامية محددة، إلا أنها أصبحت أكثر نخبوية في بعض الأحيان، أو بحاجة إلى تسويق أقوى في ظل هيمنة الأعمال الكورية والتركية على الذوق الشعبي العام، لافتا إلى أنه يرى أن الدراما الأوروبية تميزت مؤخرا بتجارب فنية عميقة عبر المنصات، مشيرا إلى أن وفرة الخيارات الأجنبية والإقبال عليها خاصة من قِبل فئتي المراهقين والشباب، وجودة إنتاجها، جعلت من الصعب أن تحافظ الدراما العربية على مكانتها، إلا إذا قدمت محتوى منافسا بطرح يواكب تطلعات الأجيال الجديدة. تلك النظرية أيدتها تصريحات الناقد الفني المصري إيهاب التركي، لمجلة "هي" حيث قال إنه لا يملك إحصائيات دقيقة لكنه يمكن من خلال الملاحظة أن يقول إن التواجد القوي للأعمال الأجنبية على المنصات الرقمية قد أثرت على إقبال المراهقين على الدراما العربية، موضحا أن التنوع الكبير الذي تتميز به هذه الأعمال من التشويق الكوري إلى الرومانسية التركية، قدم خيارات تلائم ذوق الشباب الذي يبحث عن قصص مبتكرة وإنتاج عالي الجودة، موضحا أن مسلسلات مثل "لعبة الحبار" قد جذبت المراهقين بإيقاعها السريع ومواضيعها العالمية، بينما تعاني الدراما العربية، خاصة المصرية، من تكرار القصص التقليدية من بينها الأزمات العائلية دون تحديد. ورغم أن الناقد الفني محمد عبد الخالق، يرى أن الدراما الهندية أصبحت حاليا بعيدة عن مضمار منافسة باقي الأعمال الأجنبية، إلا إمكانياتها القوية يمكن أن تعيدها من جديد وذلك من خلال اختيار أفكار حديثة تجذب المشاهدين، كما حدث سابقا في الأفلام الهندية التي حققت نجاحا عالميا كبيرا. كيف نجحت المسلسلات الأجنبية في جذب الجمهور العربي؟ دراما "الديزي" هي الثالثة عالميا فيما يجد "التركي" أن السبب وراء تراجع الإقبال على الدراما الهندية في المنطقة، هو صعود شعبية الدراما التركية والكورية، حيث اعتُبرت تقليدية مقارنة بالخيارات الجديدة، رغم أنها لا تزال تحظى بمتابعة أوساط معينة. وفي إحصائية نشرها موقع " turkiye today" فإن تركيا أصبحت خلال عام 2024 ثالث أكبر مُصدر للمسلسلات التلفزيونية أو "الديزي" -كما يطلق عليها- على مستوى العالم، حيث ارتفع الطلب عليها بنسبة 184% بين عامي 2020 و2023، تجاوز بكثير النمو البالغ 73% الذي شهدته الدراما الكورية، ومن بين البلاد التي تصدرت فيها الدراما التركية قوائم المشاهدة كانت المملكة العربية السعودية ومصر. وفسر "التركي" نمو سوق الدراما التركية قائلا إنها نمت بزيادة مضاعفة خلال السنوات الأخيرة بفضل إعادة صياغة المسلسل التاريخ "قيامة أرطغرال" التي جذبت ملايين المشاهدين عبر 170 دولة، مع التركيز على القصص الاجتماعية المعاصرة مثل "فاطمة" التي تناولت قضايا نسوية بطريقة إيجابية، هذا بالإضافة إلى أن نجاحها يعزى إلى الجمع بين القيم التقليدية والحداثة، مما جعلها قريبة من ثقافات الشرق الأوسط وأروربا الشرقية، بجانب استغلال المنصات الرقمية للوصول إلى جمهور عالمي. وقال "عبد الخالق" إن الدراما الكورية والتركية هما نوعين يمكن أن نطلق عليهما مصطلح "دراما التسلية"، بالإضافة إلى أن تركيا تجمعنا بها العديد من القيم الشرقية المشتركة. مسلسل "لوبين" شعبية دراما كوريا نابعة من فضول الجمهور وفقا للإحصائيات الصادرة عن شركة Ampere Analysis، فإن دراما كوريا الجنوبية تأتي في المرتبة الثانية عالميا على منصة نتفليكس بعد المحتوى الأمريكي، حيث حاز على شعبية تقدر بـ 85 من بين أكثر من 500 برنامج وفيلم غير أمريكي على المنصة خلال عام 2023 وهو ما ترتب عليه إعلان المنصة التزامها بتخصص 2.5 مليار دولار للمحتوى الكوري لمدة أربع سنوات تالية، حسبما ذكر موقع " deadline". قرار نتفلكس استند إلى دراسات معمقة لكشف مدى تقبل مشتركيها للمحتوى الكوري، حيث أكدت في يونيو 2025، أنها كلفت شركة أبحاث مستقلة لإجراء دراسة واسعة النطاق شملت أكثر من 11.500 شخص في 8 دول، لاكتشاف الآثار الثقافية والاقتصادية لهذه الدراما، وأظهرت النتائج أن الثقافة الكورية غالبا ما تثير فضول المشاهدين وتدفعهم إلى الانخراط فيها بشكل أوسع لمعرفة جوانب مختلفة من بينها طهي الطعام وصيحات الموضة والجمال أو لتعلم اللغة وربما للتخطيط للقيام برحلة. ومؤخرا، أفاد موقع " The Chosun Daily" الكوري أن إحصائية لـ "فليكس باترول" كشفت أن مسلسل "عندما تمنحك الحياة ثمار اليوسفي" الذي عُرض عبر منصة نتفليكس، في 7 مارس الماضي، احتل المرتبة السادسة عالميا بحلول 12 مارس، وحقق المركز الأول في 13 دولة في آسيا والشرق الأوسط. من جانبه، أشار "العياد" إلى أن الدراما الكورية والتركية ساهمت في إعادة تشكيل الذائقة البصرية لدى الجمهور العربي، وهو ما أدى إلى ظهور انعاكسات في تطلعات المشاهدين، وفي بعض الإنتاجات المحلية التي حاولت السير على خطى هذه النجاحات، لافتا إلى أن أبرز ما يميز الدراما الأجنبية تلك هو جودة الكتابة والإخراج والاهتمام بالعناصر الإنتاجية مثل الإضاءة والموسيقى والإيقاع السردي، بجانب الاحترافية في إدارة الممثلين وتطوير الشخصيات بمرور الحلقات، الأمر الذي لا يزال تحديا في بعض الإنتاجات العربية. وأكد أن السر وراء شعبية هذه النوعية من الأعمال غير الإنجليزية هو قدرتها على المزج بين القصص العاطفية التقليدية والحبكات المعاصرة، مشيرا إلى أنه على الرغم من تفضيله متابعة الدراما الأوروبية والأمريكية لتميزهما بالتنوع والعمق، إلا أنه يجد في الدراما الكورية والتركية عناصر سردية وإنسانية جذابة تجعلها تجربة مختلفة، خاصة في تناولها للمشاعر والعلاقات. الدراما الأوروبية خيار مفضل للجمهور العربي بينما قال "التركي" إنه يفضل الدراما الأوروبية لما تتمتع به من تنوع وأصالة في العروض التي تقدمها سواء كانت من فرنسا أو إيطاليا أو الدول الاسكندنافية، إذ تتميز بأسلوب سردي عميق ومبتكر يركز على التفاصيل الإنسانية والنفسية بطريقة فريدة، موضحا أن مسلسلات مثل " The Bridge – الجسر" من السويد والدنمارك قدم مزيجا من التشويق الجنائي مع تحليل اجتماعي دقيق، فيما قدمت فرنسا مسلسل " Lupin" الذي جمع بين الجريمة والفكاهة بأسلوب أنيق. معلقا: "هذا التنوع في الأنماط إلى جانب الإنتاج عالي الجودة والاهتمام بالتصوير السينمائي، جعلها تجربة مشاهدة غنية ومختلفة عن غيرها، كما أن الدراما الأوروبية غالبا ما تستكشف قضايا معقدة مثل الهوية الثقافية والصراعات الاجتماعية بطريقة تجذب الفضول الثقافي، مما يمنحني إحساسا باستكشاف عوالم جديدة مع كل مسلسل". دراما صعبة الاستبدال أضاف: "الدراما الأوروبية رغم حاجتها إلى جمهور متميز يقدر أسلوبها الفني، إلا أنها تظل خيارًا قويًا بفضل تنوعها وأصالتها، مثل Dark أو The Killing، مما يجعلها كلاسيكية صعبة الاستبدال لمحبي الدراما العميقة، لكنها ليست في صدارة التنافس حاليًا بسبب غياب التسويق الواسع"، ويرى أن العوامل التي تميزت بها الدراما الأجنبية أثرت وما زالت تؤثر على الثقافة المحلية وذائقة شعوب الشرق الأوسط بما في ذلك مصر بشكل ملحوظ، موضحا: "الدراما التركية التي شهدت انتشارا واسعا منذ أوائل الألفية مثل مسلسل (نور) الذي جذب ملايين المشاهدين عام 2008، أدخل مفاهيم حديثة عن العلاقات العائلية والرومانسية المختلفة عن المعايير التقليدية المحلية، وهذا التأثير شمل تغييرا في أنماط اللباس والموسيقى، حيث أصبحت أغاني المسلسلات التركية جزءا من الثقافة الشعبية، بالإضافة إلى الاهتمام بالسياحة في تركيا بين العرب". وبالنسبة لمصر على وجه الخصوص، قال إيهاب التركي، إن مسلسلات كورية مثل "Crash Landing on You" و"Squid Game" ساهمت في تغيير ذائقة الشباب نحو القصص ذات الإيقاع السريع، مما عزز الاهتمام بالثقافة الكورية خاصة باللغة والمأكولات، مؤكدا على أن هذا التأثير ليس سطحيا فقط، بل يمتد إلى تغيير توقعات الجمهور من الدراما المحلية لتقديم حكايات أكثر تنوعا ومعالجات درامية مبتكرة، مما يدفع صناع الدراما المحلية للتكيف مع هذه التحولات الجديدة في الأذواق. مسلسل Squid Game ساهم في تغيير ذائقة الشباب دراسة السوق تكيف الصناعة المحلية مع الأوضاع الجديدة لسوق الدراما، هو أمر تغييرا في طريقة التفكير الإنتاجي والسردي وفقا لرأي "العياد" الذي أكد أن الإمكانيات متوفرة إلا أنه يجب الاستثمار فعليا في الكتابة وتطوير النصوص، وهو ما ظهر في بعض المحاولات التي نافست في بعض المهرجانات والمنصات، لكن لا بد من استراتيجية أوسع لدعم هذه الصناعة عربيا. في نفس السياق، قال "التركي" إن شركات الإنتاج العربية غالبًا لا تقوم بدراسات شاملة لأذواق الجمهور الشاب، مما يجعلها تفتقر إلى القدرة على منافسة الإنتاجات الأجنبية التي تستفيد من تحليل البيانات لفهم تفضيلات المشاهدين. هذا الخلل قد يدفع المراهقين للابتعاد عن المحتوى المحلي، خاصة مع سهولة الوصول إلى المحتوى الأجنبي مترجمًا، لافتا إلى أن السبيل أمام الشركات العربية للمنافسة عالميا هو تعاونها مع منصات عالمية مثل نتفليكس، كما فعلت تركيا، أو تطوير قصص تعكس التنوع الثقافي العربي بطريقة تجذب الغرب، مثل استكشاف القضايا الإنسانية العالمية، معلقا: "مع ذلك، بدون دعم حكومي أو استثمارات كبيرة، تبقى الفرص محدودة حاليًا". الصور من الحساب الرسمي لنتفليكس والأعمال المذكورة على فيسبوك وانستجرام.


الشرق الأوسط
منذ 7 ساعات
- الشرق الأوسط
«مسرح كركلا» يتوّج مسيرة نصف قرن على خشبة «البولشوي»
ارتفعت ستارة «مسرح البولشوي» الروسي العريق على مسرحية «ألف ليلة وليلة»، من إخراج إيفان كركلا وكوريغرافيا أليسار كركلا، لـ3 ليالٍ نفدت تذاكرها بالكامل. «ألف ليلة وليلة»، التي شكّلت مصدر إلهام لمخيّلة الفنّانين والمبدعين في العالم، تجلّت على خشبة «البولشوي» بإشراقات الشرق الساحر، فأدهشت الحضور بلوحات راقصة التقى فيها الرقص الكلاسيكي والمعاصر والفولكلوري، ضمن أبجدية رقص رائدة، وأزياء تعبّر عن سمفونية من الألوان المتلألئة على أنغام موسيقى ريمسكي كورساكوف وموريس رافيل، التي تماهت مع الآلات الشرقية، لتولد لغة موسيقية جديدة تنبض بروح الشرق. أكثر من نصف قرن و«مسرح كركلا» يحمل رسالة لبنان والثقافة العربية إلى أكبر المسارح ودور الأوبرا في العالم، معبّراً عن أصالة التاريخ وثرائه. واليوم، يعود من موسكو حاملاً مجد لبنان الثقافي والحضاري. وعلى هامش العرض في العاصمة الروسية، عُقد مؤتمر صحافي في قاعة الشرف داخل مبنى «البولشوي»، جمع مديرة مهرجان تشيخوف، كارينا تساتوروفا، المايسترو عبد الحليم كركلا، المخرج إيفان كركلا، وسفير لبنان شوقي بو نصار، إلى جانب سفيري الأرجنتين وكولومبيا. الراقصون مع إيفان وأليسار كركلا والمايسترو المؤسِّس عبد الحليم في البولشوي (الصور الرسمية) افتتحت تساتوروفا المؤتمر بكلمة مؤثرة وصفت فيها العرض بأنه «جسر ثقافي عابر للغات والحدود، أعاد رسم صورة الشرق في أبهى حلله. لقد كان حلماً تحقَّق، وتحية لجمهور يستحق الجمال». ثم ألقى المايسترو عبد الحليم كركلا كلمته، قائلاً: «نعتز ونفتخر بهذه اللحظة المشرقة في مسيرتنا الثقافية. وجودنا في هذا المسرح العريق هو مجد لحضارة لبنان وللثقافة العربية». من جهته، أشاد سفير لبنان بالحدث الثقافي، قائلاً: «هذه الفرقة الرائعة سحرت قلوب الجماهير في أنحاء العالم، واليوم أحيت ليلة فنية لا تُنسى للجمهور الروسي». وفي الختام، كانت كلمة المخرج إيفان كركلا الذي شبّه ما يحدث اليوم بما فعله سيرجي دياجليف في بدايات القرن الـ20 حين نقل الباليه الروسي إلى أوروبا، فقال: «بنسختنا الخاصة من (ألف ليلة وليلة)، حملنا لبنان إلى موسكو، إلى قلب الفنّ العالمي. وجودنا اليوم في (البولشوي) هو لحظة مضيئة تتوّج 55 عاماً من مسيرة مسرح كركلا، وتؤكد أن الثقافة العربية قادرة على الحضور في أرقى المنصات الدولية». وحظي هذا الحدث الفنّي العالمي باهتمام واسع من الإعلام الروسي، الذي واكبه بتغطية مكثفة، مشيداً بمسرحية فرقة كركلا التي شكلت لحظة فنّية استثنائية تعكس وجه لبنان الحضاري والثقافة العربية المشرقة. وغطَّت القناة الأولى الروسية حصرياً المسرحية، ورافقت المايسترو عبد الحليم، والمخرج إيفان، والكوريغراف أليسار كركلا، خلف الكواليس في جولة داخل «مسرح البولشوي»، ووصفت «مسرح كركلا» بـ«ذهب لبنان»، ورأت أنّ مسرحية «ألف ليلة وليلة» هي حدث استثنائي في مهرجان تشيخوف، وأنه «لم يسبق لأحد في العالم أن صوّر هذا المسرح اللبناني الأسطوري بهذه الطريقة». وكتبت صحيفة «سموترِم» أنّ «الذروة الفنّية للمهرجان كانت فرقة كركلا اللبنانية، وما قدّمته للجمهور من عرض باليه يمزج بين العناصر الفنّية الشرقية، والكوريغرافيا الكلاسيكية والمعاصرة، وأزياء فاخرة تأخذ الجمهور إلى عالم الشرق الساحر». عبد الحليم كركلا... نصف قرن من المجد يتوّج مسيرته على مسرح البولشوي (الصور الرسمية) كما وصف موقع «ميوزِك غازيتا» المسرحية بأنها «مزيج من الأزياء الفاخرة والموسيقى الساحرة، والكوريغرافيا المفعمة بالعاطفة والحيوية، والديكورات الرائعة التي تكشف جمال الشرق وتنقل الجمهور إلى الأجواء الحقيقية لحكاية شهرزاد». أما موقع «كلاسيكال ميوزِك» الروسي، فقال إنّ «العرض يتميّز بجمال بصري مذهل، والعنصر الأساسي والجاذب فيه هو الإبداع الكوريغرافي، فيما شكّلت الأزياء الخيالية أحد أبرز رهانات العرض الناجحة». وبعد النجاح الكبير في موسكو، تستمرّ عروض مسرحية «ألف ليلة وليلة» على خشبة «مسرح كركلا» في بيروت لغاية 22 من أغسطس (آب) الحالي.