
لبنان الدولة المُختطَفة: بين قبضة الداخل وتوجيه الخارج (بسام صرّاف)
في بلدٍ يشبه العصفورة المخنوقة، لا يُطلّ الصباح إلا متثاقلاً على أكتاف الذلّ، ولا يُطوى الليل إلا على أرق الفقراء. اللبناني لا يعيش… اللبناني ينجو. ينجو يومًا بيوم، تحت نظام ميت سريريًا، وسلطة لم تعد سلطة، و'دولة' سُرِقت أعضاؤها، ثم رُقّعت على يد جرّاحين سياسيين امتهنوا التشريح لا العلاج.
نحن لا نعيش أزمةً عابرة ولا ما يسمّونه بـ'فراغًا سياسيًا' كما يحب منظّرو التسويات تمرير الأوهام. لا فراغ في لبنان. هناك رئيس للجمهورية، هناك حكومة، هناك مجلس نيابي، ولكنّ الدولة غائبة بالكامل. ما نراه ليس حكمًا بل تعطيلًا مقنّعًا. لا شغور في الموقع، بل شلل في القرار. لا غياب للمؤسسات، بل اختطاف لها. نحن نعيش انهيارًا كاملًا لمنطق الدولة، بانهيار المبدأ، لا الأشخاص. وما يُقدَّم للناس على أنّه 'نقاش ديمقراطي' هو في الحقيقة مسرحية عبثية تُدار خلف الكواليس بأصابع محلية تُحرّكها سفاراتٌ خارجية تمسك بخيوط اللعبة اللبنانية بدقّة، وتُبقي البلد في غرفة الإنعاش، لا يموت… ولا يُشفى.
من يحكم لبنان؟ طبقة سياسية طائفية متجذّرة، لا تكتفي باحتكار الداخل بل ترتهن بالكامل لأجندات الخارج. تحالفٌ مافيويّ تتحرك خيوطه بين صالونات السفارات الغربية وغرف العمليات الإقليمية. هؤلاء لا يحكمون، بل يُدارون. لا يقرّرون، بل يُبلّغون. ما نشهده ليس نظامًا سياسيًا بل نسخة مشوّهة من حكم الوكالة: أمراء طوائف يُتقنون التفاوض على الخراب، ويحسنون ابتزاز الداخل باسم التوازن، والخارج باسم الاستقرار.
لقد تحوّل لبنان إلى شركة مساهمة فاشلة يديرها مجلس إدارة طائفي، يوزّع الغنائم، ويُفلس الدولة ثم يلوم الشعب. جمهورية الصفقات هذه لا تعرف المحاسبة، لأنها مُدانة من الأساس. لا تقبل الإصلاح، لأنه يهدّد بنيتها الطفيلية. كل ما فيها قائم على منطق: الدولة هي الطائفة، الطائفة هي الزعيم، الزعيم هو المموّل، والمموّل هو الخارج. وخارجٌ يُمسك برقاب الداخل، ويرسم خطوط اللعب بالدم والمال والمفاوضات.
المشكلة ليست في موقع رئاسة الجمهورية، سواء كان شاغرًا أو مشغولًا. وليست في حاكم مصرف لبنان، سواء غادر أو بقي متسلّطًا على الأرقام. ولا في شكل الحكومة، ولا أسماء الوزراء. هذه نتائج. الأعراض فقط. المرض في المنظومة. في الصيغة. في العقل الذي يحكمنا، ويقيس كل شيء بالمصالح، ولا يرى في الوطن إلا مصرفًا للنهب أو منصةً للصراع.
لقد شُلّ القانون، أُهين القضاء، حُوصِر الجيش، أُخضِع الأمن، وقُطِعت أوصال الدولة. السلطة لم تعد سلطة، بل أداة قمع ناعمة لحماية مصالح الممسكين بالقرار. هذا الاحتلال الداخلي، المركَّب والماهر، لا يكتفي بفرض هيمنته بل يوزّع التُهم على خصومه ليغسل يديه من الجريمة الجماعية. لا سيادة بلا إذن. لا عدالة بلا تغطية. لا تعيين بلا تسوية. ولا مشروع يمرّ بلا ختم السفارات.
السيادة مرهونة، الاقتصاد مرهون، القضاء مرهون، النقد مرهون، العدالة مرهونة… حتى الأمل مرهون. وهذه ليست دولة. هذه مزرعة عملاقة تقف على أنقاض ما كان يُسمّى 'لبنان الكبير'. مشروع سياسي مديد ومركَّب، عمل منذ التسعينات على تفريغ المؤسسات، تجويف النصوص، وترويض الناس، حتى باتت الدولة شبحًا، والولاء خيار النجاة الوحيد.
وأمام هذا الواقع، لا يكفي التذمّر ولا التغنّي بماضي الحروب. لا خلاص في انتظار 'المنقذ'، ولا قيامة من داخل نظام كهذا. لا إصلاح من قلب التعطيل. ولا دولة في ظل حكم ميليشيوي مقنّع، خارجي التمويل، داخلي الفساد، عابرٌ للسيادة والمساءلة.
الخلاص الحقيقي يبدأ من قلب الطاولة: • دولة مدنية علمانية لا مساومة فيها، تبني عقدًا اجتماعيًا جديدًا على أساس المواطنة، لا الطائفة. • قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، يكسر القيد الطائفي، ويفتح باب الحرية الفردية والحقوق الكاملة لكل مواطن. • لا مركزية إدارية ومالية موسعة، تُحرّر التنمية من قبضة المركز، وتُعيد توزيع القرار على الناس لا الأحزاب. • قضاء مستقل، مُحصَّن من التدخل، محكوم بالقانون لا بالتوازنات. • أمنٌ خاضع حصريًا لسلطة الدولة الشرعية، لا سلاح خارج الشرعية، لا دويلة داخل الدولة، ولا ميليشيا فوق الجيش. • إصلاح مالي جذري ينهي اقتصاد الريع والزبائنية، ويُطلق سياسة إنتاج، ويستعيد المال المنهوب.
هذا هو مشروع الإنقاذ الوحيد. أما ما عداه، فمجرد مساحيق على وجه الجثة. إعادة إنتاج للعفن نفسه بأسماء وأغلفة جديدة.
لبنان لا يحتاج إلى ترقيع، بل إلى تغيير كامل في المفهوم والبنية. لا حياد في معركة الدولة. إما بناء حقيقي، أو انهيار شامل. إما سيادة حقيقية، أو بقاء تحت الاحتلال المقنّع.
لبنان لا يحتمل التسويات بعد اليوم. لا يحتمل خضوعًا ناعمًا، ولا تذاكيًا على خراب الناس. لبنان لا يُحكم بالشراكة القسرية بين من يريد دولة ومن يريد مزرعة.
إما أن ننقذ لبنان من ساسته… أو نقرأ عليه السلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تيار اورغ
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- تيار اورغ
لبنان الدولة المُختطَفة: بين قبضة الداخل وتوجيه الخارج (بسام صرّاف)
في بلدٍ يشبه العصفورة المخنوقة، لا يُطلّ الصباح إلا متثاقلاً على أكتاف الذلّ، ولا يُطوى الليل إلا على أرق الفقراء. اللبناني لا يعيش… اللبناني ينجو. ينجو يومًا بيوم، تحت نظام ميت سريريًا، وسلطة لم تعد سلطة، و'دولة' سُرِقت أعضاؤها، ثم رُقّعت على يد جرّاحين سياسيين امتهنوا التشريح لا العلاج. نحن لا نعيش أزمةً عابرة ولا ما يسمّونه بـ'فراغًا سياسيًا' كما يحب منظّرو التسويات تمرير الأوهام. لا فراغ في لبنان. هناك رئيس للجمهورية، هناك حكومة، هناك مجلس نيابي، ولكنّ الدولة غائبة بالكامل. ما نراه ليس حكمًا بل تعطيلًا مقنّعًا. لا شغور في الموقع، بل شلل في القرار. لا غياب للمؤسسات، بل اختطاف لها. نحن نعيش انهيارًا كاملًا لمنطق الدولة، بانهيار المبدأ، لا الأشخاص. وما يُقدَّم للناس على أنّه 'نقاش ديمقراطي' هو في الحقيقة مسرحية عبثية تُدار خلف الكواليس بأصابع محلية تُحرّكها سفاراتٌ خارجية تمسك بخيوط اللعبة اللبنانية بدقّة، وتُبقي البلد في غرفة الإنعاش، لا يموت… ولا يُشفى. من يحكم لبنان؟ طبقة سياسية طائفية متجذّرة، لا تكتفي باحتكار الداخل بل ترتهن بالكامل لأجندات الخارج. تحالفٌ مافيويّ تتحرك خيوطه بين صالونات السفارات الغربية وغرف العمليات الإقليمية. هؤلاء لا يحكمون، بل يُدارون. لا يقرّرون، بل يُبلّغون. ما نشهده ليس نظامًا سياسيًا بل نسخة مشوّهة من حكم الوكالة: أمراء طوائف يُتقنون التفاوض على الخراب، ويحسنون ابتزاز الداخل باسم التوازن، والخارج باسم الاستقرار. لقد تحوّل لبنان إلى شركة مساهمة فاشلة يديرها مجلس إدارة طائفي، يوزّع الغنائم، ويُفلس الدولة ثم يلوم الشعب. جمهورية الصفقات هذه لا تعرف المحاسبة، لأنها مُدانة من الأساس. لا تقبل الإصلاح، لأنه يهدّد بنيتها الطفيلية. كل ما فيها قائم على منطق: الدولة هي الطائفة، الطائفة هي الزعيم، الزعيم هو المموّل، والمموّل هو الخارج. وخارجٌ يُمسك برقاب الداخل، ويرسم خطوط اللعب بالدم والمال والمفاوضات. المشكلة ليست في موقع رئاسة الجمهورية، سواء كان شاغرًا أو مشغولًا. وليست في حاكم مصرف لبنان، سواء غادر أو بقي متسلّطًا على الأرقام. ولا في شكل الحكومة، ولا أسماء الوزراء. هذه نتائج. الأعراض فقط. المرض في المنظومة. في الصيغة. في العقل الذي يحكمنا، ويقيس كل شيء بالمصالح، ولا يرى في الوطن إلا مصرفًا للنهب أو منصةً للصراع. لقد شُلّ القانون، أُهين القضاء، حُوصِر الجيش، أُخضِع الأمن، وقُطِعت أوصال الدولة. السلطة لم تعد سلطة، بل أداة قمع ناعمة لحماية مصالح الممسكين بالقرار. هذا الاحتلال الداخلي، المركَّب والماهر، لا يكتفي بفرض هيمنته بل يوزّع التُهم على خصومه ليغسل يديه من الجريمة الجماعية. لا سيادة بلا إذن. لا عدالة بلا تغطية. لا تعيين بلا تسوية. ولا مشروع يمرّ بلا ختم السفارات. السيادة مرهونة، الاقتصاد مرهون، القضاء مرهون، النقد مرهون، العدالة مرهونة… حتى الأمل مرهون. وهذه ليست دولة. هذه مزرعة عملاقة تقف على أنقاض ما كان يُسمّى 'لبنان الكبير'. مشروع سياسي مديد ومركَّب، عمل منذ التسعينات على تفريغ المؤسسات، تجويف النصوص، وترويض الناس، حتى باتت الدولة شبحًا، والولاء خيار النجاة الوحيد. وأمام هذا الواقع، لا يكفي التذمّر ولا التغنّي بماضي الحروب. لا خلاص في انتظار 'المنقذ'، ولا قيامة من داخل نظام كهذا. لا إصلاح من قلب التعطيل. ولا دولة في ظل حكم ميليشيوي مقنّع، خارجي التمويل، داخلي الفساد، عابرٌ للسيادة والمساءلة. الخلاص الحقيقي يبدأ من قلب الطاولة: • دولة مدنية علمانية لا مساومة فيها، تبني عقدًا اجتماعيًا جديدًا على أساس المواطنة، لا الطائفة. • قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، يكسر القيد الطائفي، ويفتح باب الحرية الفردية والحقوق الكاملة لكل مواطن. • لا مركزية إدارية ومالية موسعة، تُحرّر التنمية من قبضة المركز، وتُعيد توزيع القرار على الناس لا الأحزاب. • قضاء مستقل، مُحصَّن من التدخل، محكوم بالقانون لا بالتوازنات. • أمنٌ خاضع حصريًا لسلطة الدولة الشرعية، لا سلاح خارج الشرعية، لا دويلة داخل الدولة، ولا ميليشيا فوق الجيش. • إصلاح مالي جذري ينهي اقتصاد الريع والزبائنية، ويُطلق سياسة إنتاج، ويستعيد المال المنهوب. هذا هو مشروع الإنقاذ الوحيد. أما ما عداه، فمجرد مساحيق على وجه الجثة. إعادة إنتاج للعفن نفسه بأسماء وأغلفة جديدة. لبنان لا يحتاج إلى ترقيع، بل إلى تغيير كامل في المفهوم والبنية. لا حياد في معركة الدولة. إما بناء حقيقي، أو انهيار شامل. إما سيادة حقيقية، أو بقاء تحت الاحتلال المقنّع. لبنان لا يحتمل التسويات بعد اليوم. لا يحتمل خضوعًا ناعمًا، ولا تذاكيًا على خراب الناس. لبنان لا يُحكم بالشراكة القسرية بين من يريد دولة ومن يريد مزرعة. إما أن ننقذ لبنان من ساسته… أو نقرأ عليه السلام.


أكادير 24
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- أكادير 24
أبرز عناوين الصحف المغربية الصادرة اليوم الأربعاء 09 أبريل 2025
أكادير24 | Agadir24 في ما يلي عرض لأبرز عناوين الصحف المغربية الصادرة اليوم الأربعاء 09 أبريل 2025: 9 أبريل .. الرحلتان التاريخيتان لطنجة وتطوان، محطتان وضاءتان في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال (الحركة) يخلد الشعب المغربي، ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية وأسرة المقاومة وجيش التحرير، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ78 لرحلة الوحدة التاريخية التي قام بها بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس إلى مدينة طنجة في 9 أبريل 1947، والذكرى الـ 69 لرحلته الميمونة إلى مدينة تطوان في 9 أبريل 1956، قادما إليها من اسبانيا، ومعلنا استقلال منطقة الشمال وتحقيق الوحدة الوطنية. وأفادت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في ورقة بالمناسبة، بأن الرحلة الملكية إلى طنجة تمت في وقتها المناسب، وشكلت منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وحدا فاصلا بين عهدين: عهد الصراع بين القصر الملكي، ومعه طلائع الحركة الوطنية، وبين إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية، وعهد الجهر بالمطالبة بحق المغرب في الاستقلال أمام المحافل الدولية وإسماع صوت المغرب بالخارج. الرباط.. لقاء يسلط الضوء على آفاق العلاقات الاقتصادية بين المغرب والسنغال (الحركة) أبرز المشاركون في جلسة نقاشية نظمت بالرباط، في إطار الندوة الدولية المخصصة للاحتفال بالذكرى الستين لإقامة العلاقات بين المغرب والسنغال، آفاق العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وأتاحت هذه الجلسة، التي جمعت العديد من الفاعلين في مجال التعاون المغربي-السنغالي، للمشاركين الفرصة لمناقشة مكتسبات العلاقات الاقتصادية الثنائية ومستقبلها، بهدف مواجهة التحديات والرهانات المشتركة. وبهذه المناسبة، شدد الخبير في الاقتصاد الزراعي ورئيس مركز التفكير 'GUESS'، الشيخ أحمد تيديان سي، على أهمية التعاون المشترك ووضع 'مخططات تكامل' تعزز قدرة الدول الإفريقية على التفاوض. المهدي بنسعيد: حماية التراث اللامادي ضرورة وطنية أمام محاولات السطو الثقافي الأجنبي (الصحراء المغربية) أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، خلال عرضه لمشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث أن هذا النص التشريعي يحظى بإجماع وطني ولا يندرج ضمن القضايا الخلافية بين الأغلبية والمعارضة أو بين النقابات. وأوضح بنسعيد خلال اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين أن 'هذا المشروع جاء بمجموعة من النقاط الجديدة أهمها الاعتراف بالتراث اللامادي والسعي إلى تأمينه من محاولات الاستحواذ الأجنبي فضلا عن فتح الباب أمام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأن منظمتي اليونيسكو والإيسيسكو لا تحميان التراث، وإنما تعترفان به فقط'. رياض مزور يؤكد التزام الوزارة بتعزيز استعمال اللغتين الرسميتين وتعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية (الصحراء المغربية) أكد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، التزام وزارته بمواصلة العمل على تعزيز استعمال اللغتين الرسميتين ببلادنا في جميع أنشطتها مع الاستمرار في اعتماد مقاربة تشاركية لضمان تنزيل هذا الورش الوطني بنجاح. وقال مزور، في جوابه عن سؤال كتابي للمستشار البرلماني، خالد السطي، عن فريق الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن 'الوزارة تولي أهمية كبرى لتطبيق مقتضيات الدستور المتعلقة بحماية وتثمين اللغات الرسمية، وتحرص على استعمال اللغة العربية في إعداد الوثائق والمراسلات الرسمية مع إدماج اللغة الأمازيغية بشكل تدريجي وفقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية'. شخصيات فلسطينية تشيد بدور صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس في دعم الشعب الفلسطيني (رسالة الأمة) أشادت شخصيات فلسطينية بجهود ودور صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، ووكالة بيت مال القدس الشريف الذراع التنفيذية للجنة، في دعم الشعب الفلسطيني. وثمنت هذه الشخصيات، التي تنتمي إلى مجالات سياسية وأكاديمية واجتماعية متنوعة، مختلف المبادرات الإنسانية والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يقوم بها المغرب بشكل مستمر وبدون توقف، بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، سواء في القدس أو قطاع غزة أو الضفة الغربية. خريبكة .. زراعة 720 هكتارا من الصبار المقاوم للحشرة القرمزية بأربع جماعات (رسالة الأمة) استفادت أربع جماعات في إقليم خريبكة من زراعة 720 هكتارا من الصبار المقاوم للحشرة القرمزية، ضمن مشروع يهدف إلى إعادة تأهيل قطاع الصبار المتأثر بانتشار الحشرة القرمزية من الصبار المقاوم للحشرة القرمزية في إقليم خريبكة، على خلفية إعادة تأهيل هذا القطاع. ويسعى هذا المشروع الذي تستغرق مدة إنجازه 18 شهرا، يتم خلالها تنفيذ جميع العمليات لضمان استدامة الإنتاج وتحقيق الأهداف المسطرة، إلى استغلال الأراضي البورية بشكل فعال وتعزيز إنتاجيتها، كما يروم خلق فرص شغل تقدر بـ32 ألف يوم عمل، فضلا عن تثمين منتوج الصبار وتحسين ظروف تسويقه، بما يضمن استدامة القطاع وزيادة قيمته الاقتصادية. النشاط الصناعي.. ركود في الإنتاج وارتفاع في المبيعات خلال فبراير 2025 (النهار المغربية) أفاد بنك المغرب بأن النشاط الصناعي في المغرب سجل، خلال شهر فبراير 2025، ركودا في الإنتاج وارتفاعا في المبيعات. وأشار بنك المغرب، في استقصائه الشهري للظرفية الصناعية، إلى أن نسبة استخدام الطاقات استقرت عند 78 في المائة. كما أكد المصدر ذاته أن الإنتاج قد سجل ارتفاعا في 'الصناعة الغذائية' و'الميكانيك والتعدين' وركودا في 'النسيج والجلد'، فيما عرف انخفاضا في 'الصناعة الكيماوية وشبه الكيماوية'. وفيما يتعلق بالمبيعات، فقد تنامت في جميع الفروع، باستثناء 'النسيج والجلد'، حيث سجلت تراجعا. وحسب الوجهة، شهدت المبيعات ارتفاعا في السوق الخارجية، بينما عرفت ركودا في السوق المحلية. مسؤولون سياسيون وأكاديميون مغاربة وسنغاليون: المملكة تعمل من أجل سياسة إفريقية 'ملتزمة وموحدة' (النهار المغربية) أكد مسؤولون سياسيون وأكاديميون مغاربة وسنغاليون، خلال ندوة دولية نظمت بالرباط بمناسبة الذكرى الستين لاتفاقية إقامة العلاقات بين المغرب والسنغال، أن المغرب يعمل من أجل سياسة إفريقية 'ملتزمة وموحدة' لمواجهة تحديات القارة. وأجمع المتدخلون خلال جلسة حول 'تعزيز الروابط الجيو-سياسية'، على أهمية إفريقيا موحدة ومبادرة ومنخرطة في شراكات متينة، على غرار تلك التي تربط الرباط ودكار، وكذا في مشاريع مهيكلة من شأنها تسريع الاندماج الاقتصادي للقارة. وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، استعرض بكاري سامبي، مدير معهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام، واقع آليات التعاون غير المستغلة بشكل كاف في إفريقيا، مسلطا الضوء على القيادة المتبصرة لجلالة المغفور له الحسن الثاني وصاحب الجلالة الملك محمد السادس اللذين تمكنا من تسطير مسار طلائعي. أسعار الوقود.. ترقب انخفاض مهم (الأحداث المغربية) تترقب سوق المحروقات بالمغرب انخفاضا مهما في الأسعار خلال الأيام المقبلة ارتباطا بما تعيشه أسواق النفط العالمية من انخفاضات للأسعار لم تحدث منذ سنة 2021. وتراجعت أسعار البترول إلى حدود أمس الثلاثاء، إلى ما دون 60 دولارا للبرميل الواحد بالنسبة لـ 'خام برنت' الذي يستورده المغرب، وسط مخاوف من ركود اقتصادي عالمي، فيما يرتقب أن يتواصل هذا المنحى التنازلي خلال الأيام المقبلة، تحت وطأة تراجع الطلب، وإبقاء دول أوبيك زائد روسيا على حجم الإنتاج، مما قد يؤدي إلى تراوح سعر البرميل عند 40 دولارا خلال الأيام المقبلة، حسب محللي الأسواق. كان 2025 .. المغرب وجهة سياحية (الأحداث المغربية) استثمر المكتب الوطني المغربي للسياحة فرصة استضافة المملكة لكأس الأمم الإفريقية 2025 من أجل تحفيز الطلب على المغرب من لدن أسواق إفريقيا. ونظم المكتب المناط به الترويج لوجهة المغرب، مطلع أبريل الجاري، رحلة تعريفية شملت ورش عمل جمعت المغاربة ونظرائهم من إفريقيا. يتعلق الأمر برحلة تعريفية استثنائية للفاعلين السياحيين الأفارقة القادمين أساسا من السنغال وكوت ديفوار ونیجیریا ومالی وغانا والغابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوركينا فاسو والبنين وغينيا الاستوائية وغانا وأنغولا والكاميرون، حيث تم تنظيم لقاءات B2B بين وكلاء السفر ومنظمي الرحلات الأفارقة والمحترفين المغاربة مما وفر فضاء للتفاوض ووضع عروض وباقات للسياحة المتعلقة بكأس الأمم الإفريقية 2025. وزير النقل واللوجستيك يتباحث بمراكش مع رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي حول سبل تعزيز التعاون الثنائي (العلم) أجرى وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، مساء الاثنين بمراكش، مباحثات مع رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي، سالفاتوري سكياتشيتانو، تمحورت حول سبل تعزيز التعاون بين المغرب وهذه المنظمة. وشكل هذا اللقاء الذي ع قد عشية الدورة الرابعة للمنتدى الدولي حول السلامة الجوية، مناسبة لتبادل وجهات النظر حول التحديات المتنامية التي تواجه قطاع الطيران المدني العالمي، واستكشاف فرص التعاون الثنائي لمواجهة هذه التحديات. وبهذه المناسبة، أكد المسؤولان على أهمية تعزيز القدرات الوطنية في مجالي السلامة والأمن الجوي، مشددين على ضرورة مواصلة الجهود في مجال تكوين الكفاءات وتقاسم الخبرات. وزير التجهيز والماء يتباحث مع وفد رفيع المستوى عن جمعية البلديات والمدن المتحدة في الكاميرون (العلم) استقبل وزير التجهيز والماء، نزار بركة، وفدا رفيع المستوى عن جمعية البلديات والمدن المتحدة في الكاميرون برئاسة أوغستين تامبا رئيس الجمعية وذلك بحضور محمد يوسيفو، سفير جمهورية الكاميرون المعتمد لدى المملكة المغربية وعدد من أطر الوزارة. وتندرج هذه الزيارة في إطار تعزيز أواصر التعاون الثنائي بين المملكة المغربية وجمهورية الكاميرون، لاسيما في قطاع الماء، باعتباره رافعة للتنمية ومحور استراتيجيا لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها ندرة المياه والتغيرات المناخية. وشكل هذا اللقاء مناسبة لتبادل الرؤى حول سبل تعزيز الشراكة وتوسيع أفاق التعاون جنوب – جنوب. المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج: اتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لحماية السجون (الاتحاد الاشتراكي) أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنها لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية اللازمة لحماية أمن المؤسسات السجنية، وذلك بعد تسجيل استغلال عدد من عائلات السجناء الاستفادة الاستثنائية من قفة المؤونة خلال عيد الفطر الفارط لتسريب الممنوعات بعدد من المؤسسات السجنية. وذكرت المندوبية، في بلاغ أنه تم، خلال عيد الفطر المبارك الفارط، ضبط حالات تسريب للممنوعات بعدد من المؤسسات السجنية، حيث ع م د إلى مزج بعض الحلويات والمواد الغذائية الأخرى المسموح بإدخالها بالأقراص المهلوسة التي يؤدي استهلاكها من طرف السجناء إلى الإخلال بالأمن والانضباط داخل المؤسسات السجنية. حزب 'القوة الشعبية' البيروفي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ولسيادتها على كامل ترابها (الاتحاد الاشتراكي) أكدت رئيسة حزب 'القوة الشعبية' بالبيرو، كايكو فوجيموري، دعم الحزب للوحدة الترابية للمملكة ولسيادتها على كامل ترابها. وذكر بلاغ لمجلس النواب أن فوجيموري عبرت عن هذا الموقف خلال مباحثات أجرتها مع رئيس المجلس، راشيد الطالبي العلمي، بالرباط. وأفاد البلاغ بأن المسؤولة الحزبية البيروفية أبرزت خلال هذا اللقاء أن زيارتها للمملكة تندرج في إطار الاطلاع على التجربة المغربية في مختلف المجالات. وقد شكل اللقاء، يضيف المصدر ذاته، مناسبة أطلع خلالها رئيس مجلس النواب السيدة فوجيموري على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انخرطت فيها المملكة المغربية والأوراش الكبرى التي تشهدها تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. الرباط تستعد لاحتضان الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب (الأخبار) تستعد مدينة الرباط لاحتضان الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب ما بين 18 و28 أبريل الجاري بمشاركة واسعة تشمل 775 عارضا من 51 بلدا، يقدمون ما يزيد على 100 ألف عنوان في مختلف مجالات الفكر والإبداع ويشارك في هذه الدورة 311 عارضا مباشرا و464 عارضا بالوكالة. وخلال ندوة صحفية عقدت بالرباط، قدم وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، رفقة مندوبة المعرض، لطيفة مفتقر، الخطوط العريضة لبرنامج الدورة، مؤكدين على أن الحدث هذه السنة يتميز بحضور إمارة الشارقة ضيف شرف في خطوة تعكس 'العلاقة الراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة'، واعتبرت السيدة مفتقر أن المعرض مناسبة للاحتفاء بمغاربة العالم في سياق تنفيذ توجيهات ملكية لتعزيز إسهامهم في بلدان الإقامة، وجذورهم في وطنهم الأم، وأدوارهم الرفيعة كسفراء للمغرب. تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان (لوبينيون) أشرت وزارة الصحة على تخفيض إضافي في أسعار العديد من الأدوية، بما في ذلك بعض الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان. وتأتي هذه التخفيضات، التي تتراوح بين 10 إلى 6000 درهم في الوقت المناسب، مما يمكن الطبقات الاجتماعية الهشة من الحصول على هذه العلاجات مع ضمان التوازن المالي لكل نظام تأمين صحي. وفي هذا الصدد، يدعو المختصون إلى تحديث عاجل لنظام التعريفة الوطنية المرجعية، الذي ينتظر منذ سنة 2006. إصلاح المنظومة الصحية .. المرسوم رقم 2.23.1054 يبرز حكامة المجموعات الترابية (لوبينيون) نشر، أول أمس الاثنين، بالجريدة الرسمية المرسوم رقم 2.23.1054، وذلك تنفيذا لمقتضيات الفصول 3 و6 و20 من القانون رقم 08.22 المتعلق بإحداث المجموعات الصحية الترابية، عبر تفصيل أكثر لحكامة هذه الأخيرة. ويشكل هذا النص التنظيمي مرحلة أساسية في تنفيذ إصلاح عميق للمنظومة الصحية. كما يحدد تأليف المجالس الإدارية للمجموعات الترابية الـ12 وتوطين مقارها على صعيد التراب الوطني. الحوار الاجتماعي.. من المرجح أن تكون المفاوضات معقدة (ليكونوميست) عشية جولة جديدة من الحوار الاجتماعي، تستعد الحكومة، والنقابات، و'الباطرونا' لمفاوضات من المرجح أن تكون معقدة. خاصة إذا كانت القضايا الاستراتيجية مدرجة بجدول الأعمال، من قبيل التقاعد، وقانون الشغل، والتكوين المستمر، والحريات النقابية…. وفي حين يرتسم سقف التوقعات عاليا، إلا أن الاختلافات لا تزال قائمة. فبشأن إصلاح التقاعد على سبيل المثال، تعارض النقابات أي إجراء من المحتمل أن يؤدي إلى تآكل الحقوق المكتسبة أو تقويض المتقاعدين المستقبليين. رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني يشيد بسياسة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب (ليبيراسيون) أشاد رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، سيد يوسف رضا جيلاني، يوم الاثنين بطشقند (أوزبكستان)، بسياسة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية. وأعرب السيد جيلاني، خلال مباحثات أجراها مع رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، على هامش الدورة الـ150 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي المنعقدة حاليا بالعاصمة الأوزبكية، عن رغبة بلاده في الاستفادة من تجربة المغرب في هذا المجال. تطوير العلاقات الثنائية في صلب مباحثات روسية-مغربية بموسكو (ليبيراسيون) شكلت سبل تعزيز علاقات الصداقة بين روسيا والمغرب محور مباحثات جرت، يوم الإثنين بموسكو، بين الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية للشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، وسفير المغرب بروسيا، لطفي بوشعرة. وذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية الروسية، أن الجانبين تناولا، خلال اللقاء، 'القضايا الراهنة المرتبطة بالتطور المطرد للعلاقات الودية التقليدية بين روسيا والمغرب'. الترويج لوجهة المغرب.. المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورونتو وبوسطن وشيكاغو (لوماتان) أعلن المكتب الوطني المغربي للسياحة، عن تنظيم جولة ترويجية كبرى في ثلاث مدن استراتيجية، من 7 إلى 10 أبريل، بسوق السفر بأمريكا الشمالية، ويتعلق الأمر بتورونتو، بوسطن وشيكاغو، بهدف تسليط الضوء على وجهة المغرب لدى كبار الفاعلين في المنطقة. وأوضح المكتب في بلاغ 'إنها حملة ترويجية قوية ينفذها المكتب الوطني للسياحة على الأراضي الأمريكية والكندية. وستحتضن مدن تورونتو وبوسطن وشيكاغو هذه الجولة الترويجية الاستراتيجية خلال الفترة من 7 إلى 10 أبريل، حيث صممت لإبراز المغرب كوجهة متميزة أمام مهنيي السياحة في كندا والولايات المتحدة'.


Independent عربية
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- Independent عربية
لماذا لا يحقق أي طرف النصر في أوكرانيا
قليلون جداً كان توقعوا أن حرباً طويلة وشديدة الوطأة من الممكن أن تندلع في أوروبا في القرن الـ21، ولكن على مدار ثلاث سنوات دامية، نجح غزو روسيا لأوكرانيا في تحويل هذا السيناريو إلى حقيقة واقعة. أسفرت الحرب عن مئات الآلاف من القتلى والجرحى بين الروس والأوكرانيين. وأضحت مدن كاملة تحت الركام أو شطرت بفعل الخنادق، في استحضار كئيب للحرب العالمية الأولى. والآن، وصلت الحرب في أوكرانيا إلى حالة جمود واضحة. تستمر روسيا في الاستيلاء على قطع صغيرة من الأراضي على طول الجبهة الشرقية، ولكن بثمن باهظ من الخسائر البشرية التي لا يمكن تحملها على المدى الطويل. وتساوت قدرات الدولتين في ما يتعلق بشن ضربات بعيدة المدى، وأصبح كل منهما بلد حربي مجند بالكامل للحرب، مما يسمح لروسيا بالتعافي من إخفاقاتها الأولية، في حين يتيح لأوكرانيا، وهي دولة أصغر حجماً، مواصلة القتال على رغم الخسائر الفادحة. ومن المرجح إذاً أن تظل خطوط المواجهة راكدة نسبياً في المستقبل القريب، من دون حدوث أي اختراقات كبرى. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعد بإنهاء الحرب، فتواصل مع موسكو ورتب مفاوضات بين المسؤولين الأميركيين والروس. ومن الناحية النظرية، قد تجعل هذه المحادثات عام 2025 منعطفاً حاسماً في مسار الصراع. ولكن لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأن تدخلات "العمدة الجديد" لواشنطن ستحدث تحولاً جذرياً، خصوصاً في ظل استبعاد كييف من المحادثات. في الواقع، اكتشفت إدارة ترمب بالفعل أن تعقيدات هذا الصراع ستمنع الحلول السريعة. ووافق ترمب على مطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإبقاء أوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي ومنح روسيا مجال نفوذ، لكن بوتين لم يقدم أي شيء في المقابل، بل تمسك بمطالبه المتطرفة في شأن نزع سلاح أوكرانيا وإخضاعها. وقد يدفع ذلك واشنطن إلى الانسحاب واستئناف دعمها لكييف. ولكن بغض النظر عن نتائج المفاوضات، فإن الحرب في أوكرانيا غيرت بالفعل طبيعة الصراع في جميع أنحاء العالم، فقد أكدت أن الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي وأنواع أخرى من التكنولوجيا المتقدمة تلعب اليوم دوراً جوهرياً في حسم المعارك براً وجواً. وأثبتت أن البلدان المتحاربة تزيد من سرعة تأقلمها مع التطورات الميدانية والاستراتيجية. كما سلطت الضوء على التوترات بين الجنود والمدنيين، فضلاً عن الضعف في النظريات الحالية حول كيفية تفاعل الطرفين في الصراعات العالية التقنية. وبالتالي، كشفت الحرب عن أوجه القصور في الجيوش الغربية. من الصعب التنبؤ بمسار الغزو، خصوصاً مع إصرار ترمب على فرض تسوية. لكن من المؤكد تقريباً أن بوتين سيستمر في محاولة الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الأوكرانية أو تدميرها قبل التوصل إلى أي اتفاق سلام. (ومع حشد القوات الروسية في بيلاروسيا، من الواضح أنه يستعد لتهديد دول أوروبية أخرى أيضاً). في الوقت نفسه، تدرس أوكرانيا إمكان مواصلة القتال من دون مساعدة أميركية، بيد أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصف أخيراً احتمالات حدوث ذلك بأنها "ضعيفة". ولكن، إذا كانت صفقة بوتين وترمب غير مقبولة بالنسبة إلى حكومة أوكرانيا وشعبها، فلن يكون أمام البلاد خيار آخر. التكيف أو الفناء إن الصراع بين روسيا وأوكرانيا أعاد تشكيل طريقة فهم السياسيين والاستراتيجيين والمدنيين للحرب، ولكن هناك تحول واضح بصورة خاصة: لقد أصبحت المركبات الذاتية القيادة وتلك المشغلة عن بعد مكوناً إلزامياً بالنسبة إلى الجيوش والقوات البحرية والجوية. وفي المجالات البرية والبحرية والجوية، يجري دمج الطائرات المسيرة في الجيشين الروسي والأوكراني بسرعة ملحوظة. وارتفع عدد الطائرات المسيرة المستخدمة في الحرب من مئات إلى آلاف ثم إلى مئات الآلاف. والآن تمتلك كل من روسيا وأوكرانيا القدرة على تصنيع الملايين من هذه المسيرات سنوياً. لقد أظهر الطرفان إبداعاً في استخدام المسيرات. على الأرض، يبتكر كل منهما أساليب جديدة لتنفيذ مهمات تقليدية، مثل استخدامها للاستطلاع، والدعم اللوجستي، وإجلاء الجنود المصابين، وزرع الألغام وإزالتها، وبالطبع شن الهجمات. تميز الأوكرانيون بإبداع استثنائي في توظيف التكنولوجيا. ففي المجال البحري، تمكنت أوكرانيا من هزيمة "أسطول البحر الأسود" الروسي باستخدام مجموعة متنوعة من المركبات شبه الغاطسة المصممة محلياً والمشغلة عن بعد. وفي الآونة الأخيرة، كانت البلاد رائدة في دمج أنظمة المسيرات المختلفة لتنفيذ مهمات محددة. في أواخر عام 2024، استخدمت أوكرانيا المسيرات البحرية كمنصات لإطلاق طائرات من دون طيار لمهاجمة محطات استخراج النفط الروسية وأنظمة المراقبة في البحر الأسود. وكذلك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دمجت أوكرانيا أنظمة أرضية وجوية خلال معركة السيطرة على قرية ليبتسي، بالقرب من خاركيف، إذ شنت الأسلحة الروبوتية وحدها هجوماً واستولت للمرة الأولى على موقع دفاعي روسي محصن، مما أجبر المشاة الذين كانوا يديرون الموقع على التراجع. وفي يناير (كانون الثاني)، أطلقت أوكرانيا مجدداً طائرات مسيرة لمهاجمة الدفاعات الجوية الروسية في خيرسون المحتلة. ستظل المركبات ذات التحكم الآلي عنصراً أساساً في قدرة أوكرانيا على مجاراة روسيا. فبفضل استخدامها للمسيرات، تمكنت أوكرانيا على مدى السنوات الثلاث الماضية من بناء منظومة ضربات بعيدة المدى تضاهي نظيرتها الروسية. والواقع أن كييف تتأقلم وتعمل على تحسين قدراتها الهجومية بوتيرة أسرع من موسكو. ونتيجة لذلك، من المرجح أن حملة أوكرانيا ضد منشآت الطاقة والجيش والصناعات الدفاعية ستلحق بروسيا ضرراً أكبر في عام 2025، مقارنة بما كانت عليه في السنوات الثلاث السابقة. ولكن مستقبلاً، من المتوقع أن تدمج كل من أوكرانيا وروسيا البشر والطائرات المسيرة بصورة أوثق داخل الوحدات العسكرية، مما سيؤدي إلى مزيد من الابتكار في تكتيكات التعاون بين الإنسان والمسيرات وسيتطلب أشكالاً جديدة من التدريب للجنود والقادة العسكريين. إن التغييرات التي تشهدها أوكرانيا ستؤثر في كل المؤسسات العسكرية في العقد المقبل لا يقتصر تأثير التطورات التكنولوجية في الطائرات المسيرة فحسب، بل يمتد ليشمل دمج الذكاء الاصطناعي وشبكات الاستشعار المدنية والعسكرية، إلى جانب إتاحة المعلومات الميدانية بصورة أوسع. يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي مساعدة الطائرات المسيرة في تحديد الأهداف والتحقق منها من خلال تحليل بيانات أجهزة الاستشعار المفتوحة المصدر والمعلومات الاستخبارية، ثم دمج هذه البيانات مع الاستخبارات العسكرية. علاوة على ذلك، فإن هذه التقنيات الجديدة دفعت إلى تطوير طرق تفكير مختلفة حول التكتيكات والهياكل العسكرية. فمثلما ستجبر المسيرات الجيوش على إعادة هيكلة مؤسساتها وإنشاء وحدات جديدة، سيحدث الذكاء الاصطناعي تغييراً جوهرياً في طريقة اتخاذ المسؤولين للقرارات العسكرية والاستراتيجية. وعلى رغم أن الخوارزميات الحالية لا تزال بحاجة إلى تحسين للحد من "الهلوسة" (أي تقديم الذكاء الاصطناعي معلومات خاطئة أو مضللة) وكسب ثقة القادة العسكريين بشكل أكبر، إلا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تتحسن. وأثبت الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة فاعلية الذكاء الاصطناعي في تقييم الأهداف، واختيار الأسلحة، وتسريع عملية صنع القرار البشري. في الواقع، لقد أدت التكنولوجيا الحديثة إلى التكيف. على سبيل المثال، ساعد الذكاء الاصطناعي كلاً من روسيا وأوكرانيا في تقليل الوقت الفاصل بين اكتشاف الهدف المعادي وإمكان مهاجمته. في البداية، كانت أوكرانيا رائدة في تقليص هذه "الفجوة الزمنية بين اكتشاف الهدف وتدميره"، لكن روسيا تمكنت من اللحاق بها. ولا يشكل هذا الابتكار في حد ذاته مفاجأة، فالتعلم والتكيف كثيراً ما كانا جزءاً من الحرب، لكن الوتيرة تتسارع الآن. لقد استغرقت الولايات المتحدة مثلاً سنوات للتكيف مع المتطلبات المادية والفكرية لعمليات مكافحة التمرد في أفغانستان والعراق قبل عقدين من الزمان، في حين لم تستغرق أوكرانيا سوى بضعة أشهر لتتمكن من تطوير أسطولها من المسيرات البحرية. واليوم، تعمل أوكرانيا على تحديث بعض خوارزمياتها وبرامج الاتصالات الخاصة بمسيراتها بصورة يومية. وتستمر معركة التعلم والتكيف بين روسيا وأوكرانيا في التسارع، إذ يسعى كل طرف إلى تحسين قدرته على استخلاص الدروس ومشاركتها بين ساحة المعركة وقواعده الصناعية الوطنية. ومن خلال القيام بذلك، تؤكد هذه البلدان حقيقة قديمة: وهي أن المؤسسات العسكرية التي تفوز بالحروب ليست المنظمات نفسها التي تبدأها. فالقوات المسلحة القادرة على التكيف بصورة منهجية واستراتيجية ستكون أقوى في الحرب والسلام على حد سواء. إن التغيرات التي تشهدها أوكرانيا ستؤثر في كل المؤسسات العسكرية في العقد المقبل، وستضطر الدول الغربية، على وجه الخصوص، إلى إعادة تقييم مواقفها العسكرية. ويحدث ذلك في وقت يشكك فيه ترمب وإدارته في التحالفات القديمة، مما يزيد من حالة عدم اليقين ويتطلب إعادة هيكلة عسكرية ضخمة في أوروبا وفي منطقة المحيط الهادئ. الجنود المدنيون التكنولوجيا عنصر أساس في الصراعات، لكن الحرب ليست في جوهرها مجرد مسألة تكنولوجية، أو حتى عسكرية بحتة، بل هي مسعى بشري ومجتمعي. ومثلما أعادت المسيرات تشكيل ساحة المعركة، فإن الديناميكيات المدنية العسكرية المتطورة كان لها تأثير مماثل أيضاً. والآن تتيح التقنيات الحديثة للمواطنين العاديين رؤية جوانب من الحرب أكثر مما كان ممكناً من قبل، وبصورة شبه فورية. على سبيل المثال، أصبحت صور وسائل التواصل الاجتماعي التجارية متاحة على نطاق واسع الآن. ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بإمكان المواطنين أن يشاهدوا على هواتفهم المحمولة لقطات فورية يصورها الجنود من ساحة المعركة مباشرة باستخدام الطائرات المسيرة. كما أن عدداً متزايداً من المحللين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر أخرى مفتوحة، الذين يستخدمون هذه المعلومات المتاحة بسهولة، يضيفون تقييماتهم الخاصة حول الحرب (التي تختلف جودتها بالتأكيد) إلى التحليلات التي تقدمها المؤسسات الإخبارية والعسكرية والحكومية. ونتيجة لهذا، أصبح الناس العاديون الآن أكثر اطلاعاً على مجريات الحرب وأكثر إلماماً بها من أي وقت مضى. هذا المستوى المتزايد من الاطلاع سمح بمشاركة المواطنين بصورة أوسع في الحرب. في السابق، كان غير المقاتلين الذين يريدون المشاركة يفعلون ذلك في الغالب من خلال جمع سندات الحرب [سندات دين تصدرها الدولة لتمويل العمليات العسكرية في أوقات الحرب]. أما الآن، فالمواطنون العاديون يستغلون الإنترنت لجمع التبرعات أو شراء المعدات العسكرية، مثل الجوارب ومستلزمات الإسعافات الأولية والمسيرات والأقمار الاصطناعية، وبمستويات غير مسبوقة. (هناك منظمات غير ربحية مكرسة بالكامل لجمع الأموال عبر الإنترنت من أجل دعم الجنود والوحدات الأوكرانية). كذلك، يمكن للمواطنين أن يلعبوا دوراً نشطاً في الإبلاغ عن التهديدات. على سبيل المثال، طور الأوكرانيون تطبيقات للهواتف الذكية تتيح الإبلاغ عن مواقع الوحدات العسكرية المعادية أو المسيرات أو الصواريخ، وهذه المعلومات ترسل إلى القوات العسكرية. ولا شك في أن حرب البيانات الضخمة سلاح ذو حدين، فالمعلومات المتاحة عبر الإنترنت، والذكاء الاصطناعي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأجهزة الذكية، والقدرات التحليلية الجديدة توفر كماً هائلاً من البيانات التي يمكن أن يستفيد منها الخصوم بقدر ما يستفيد منها الحلفاء. وهذا التدفق الهائل من المعلومات مكن كلاً من روسيا وأوكرانيا من استهداف الناس بدقة أكبر عبر البروباغندا. على سبيل المثال، سعت كييف إلى التواصل مع الدول الأفريقية والآسيوية في شأن أهمية صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، بهدف تقليل الدعم لروسيا. في المقابل، سعت موسكو أخيراً إلى ثني أولئك الراغبين في التطوع للقتال عن الالتحاق بصفوف القوات المسلحة الأوكرانية، من خلال نشر معلومات عن الفساد العسكري. وفي بعض الأحيان، تؤدي هذه المعلومات أيضاً إلى صدمات نفسية في المجتمع، إذ إن الروس والأوكرانيين البعيدين من خطوط الجبهة ينهال عليهم باستمرار محتوى صادم ومؤلم حول ما يحدث لقواتهم. وبالتأكيد، لا يوجد نقص في مثل هذا المحتوى. فحجم الخسائر الناجمة عن الحرب في أوكرانيا مذهل، والصراع هو معركة مريرة ومدمرة على الأرض، إلى درجة تجعله شبيهاً بمعارك الجبهة الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية. وفي مقابلة أجريت في فبراير (شباط) 2025، قال زيلينسكي إن 45 ألف جندي أوكراني قتلوا وأصيب ما يقرب من 400 ألف آخرين منذ عام 2022. فيما أفادت الاستخبارات البريطانية أن أكثر من 850 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا. وبلغت معدلات الخسائر، وخصوصاً في الجانب الروسي، مستويات غير مسبوقة في عام 2024، إذ تكبدت روسيا في ذلك العام خسائر تفوق ما تكبدته خلال العامين السابقين مجتمعين. أعادت الحرب في أوكرانيا تأكيد أهمية القيادة الجيدة لا يمكن لأي من الطرفين تحمل هذه الخسائر البشرية إلى الأبد، لكن لكل طرف مزاياه الخاصة في التعامل مع المرحلة المقبلة من القتال. بالنسبة إلى أوكرانيا، فإن الميزة تكمن في النسب: فهي تقتل عدداً من الروس أكبر بكثير مما تقتله روسيا من الأوكرانيين. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يتباطأ التقدم الروسي في الأشهر المقبلة، حتى لو واصلت موسكو الاستيلاء على مساحات صغيرة من الأراضي (وهي استراتيجية يمكن وصفها بـ"القضم والسيطرة" [أي الاستيلاء على أجزاء صغيرة من الأراضي بصورة تدريجية، بدلاً من شن هجمات واسعة وسريعة، مما يرهق العدو ببطء]). وإذا تمكنت أوكرانيا من زيادة هذا الفارق في نسبة الخسائر لصالحها، مثلما فعلت خلال عام 2024، فقد تصل الهجمات الروسية إلى ذروتها ثم تبدأ بالتراجع. لكن هذا لا يعني أن أوكرانيا ستكون مستعدة لشن أية هجمات كبيرة، نظراً إلى التحديات المتعلقة بعدد قواتها. ومن المحتمل أن تسود الحرب بعد ذلك فترة من الجمود المستمر، ربما مع عدد أقل من الخسائر، إلى أن يتمكن أحد الطرفين من بناء قدراته الهجومية. لكن عدد سكان أوكرانيا أقل بكثير من عدد سكان روسيا، وفر عدد من الأوكرانيين من البلاد، مما يجعلها غير قادرة على تحمل خسارة كثير من الجنود. في المقابل، تتمتع موسكو بقدرة أعلى على تحمل الخسائر مقارنة بكييف، مما شكل صدمة بالنسبة إلى القيادة العسكرية الأوكرانية نفسها. فالأوكرانيون على استعداد لتقديم تضحيات كبيرة. ولكن على النقيض من الكرملين، فإن كييف منزعجة من فكرة فقدان الآلاف من قواتها في المستقبل المنظور. علاوة على ذلك، فإن الخسائر البشرية الهائلة لها تداعيات بالغة الأهمية على العالم بأسره. فمع نهاية الحرب الباردة، اعتقد كثيرون أن زمن الحروب التقليدية الكبيرة انتهى. وعلى هذا الأساس، قرر قادة الأمن القومي في مختلف الدول تقليص حجم جيوشهم، ومخزونات ذخائرهم، وقدراتهم الإنتاجية. لكن الحرب في أوكرانيا أثبتت أن هذا التفاؤل كان في غير محله. ونتيجة لذلك، يتعين على البلدان الأخرى أن تزيد حجم جيوشها وتعزز قدرتها على توفير احتياجات تلك الجيوش. بالنسبة إلى الدول الغربية، على وجه الخصوص، سيتعين عليها أن تتذكر أساليب التعبئة والتحضير للحروب الكبرى الواسعة النطاق. فمنذ نهاية الحرب الباردة، اعتمدت هذه الدول بصورة شبه كاملة على جيوش تتألف من متطوعين. بيد أن الحرب في أوكرانيا أظهرت أن مثل هذه النماذج غير كافية، على رغم أنها تحظى بشعبية سياسية وتعد أقل كلفة من الناحية المالية. فهي في الواقع لا توفر عدداً كافياً من الجنود في ظل التهديدات الخارجية المتزايدة. لذا، هناك حاجة إلى نموذج متطور، يحافظ على جيش احترافي تطوعي، ولكن يعززه بقاعدة تعبئة أكبر بكثير من خلال خطط جديدة للخدمة الوطنية والاحتياط. جاهزون أم لا، التحدي قائم من المؤكد أن الحرب في أوكرانيا لم تقلب كل ما يعرفه المحللون عن الحرب رأساً على عقب. في الواقع، ظلت بعض قوانين الصراع ثابتة من دون تغيير. فقد أظهرت السنوات الثلاث الماضية، على سبيل المثال، أن عنصر المفاجأة يظل جزءاً أساسياً من الحرب. وأثبتت الهجمات التي شنتها أوكرانيا في خيرسون وخاركيف في عام 2022 نجاحها، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أنها باغتت موسكو. وبينت هذه الهجمات أنه، على رغم الابتكارات التكنولوجية الحديثة، فإن ساحة المعركة المعاصرة لا تزال بعيدة كل البعد من الشفافية. فالبشر يسعون دائماً إلى التفوق على أعدائهم من خلال عنصر المفاجأة واستغلال الصدمة الناجمة عنه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إضافة إلى ذلك، أعادت الحرب في أوكرانيا تأكيد أهمية القيادة الجيدة. فقرار زيلينسكي بالبقاء في كييف وقيادة بلاده في وقت مبكر من الحرب لم يربك بوتين وعديداً من القادة الغربيين فحسب، بل وحد الشعب الأوكراني ووفر قيادة صلبة وجديرة بالثقة. وعلى نحو مماثل، كان القادة العسكريون الأوكرانيون، على رغم بعض الإخفاقات، أكثر كفاءة ومراعاة لأرواح الجنود مقارنة بنظرائهم الروس. وفي الحقيقة، إن تمتع القادة السياسيين بمثل هذه الشجاعة والجرأة والإرادة أمر ضروري لنجاح الحرب. للأسف، منذ نهاية الحرب الباردة، فقدت الطبقات السياسية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا إدراكها لمدى أهمية القيادة الممتازة في الاستعداد العسكري. فقد أجمعت بصورة شبه تامة على قرار تقليص حجم الجيوش والمجمعات الصناعية الدفاعية. ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، دعا بعض هؤلاء السياسيين إلى تصحيح المسار. ومع ذلك، لا تزال غالبية الطبقة السياسية الغربية غير مستعدة للتحدث بصراحة عن التحديات الأمنية العميقة التي تفرضها الصين وروسيا، ولا يمكن التقليل من حجم الأخطار التي تنجم عن هذا الصمت. إن تنمية قيادة ميدانية مميزة أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في الحرب، لكن حتى أفضل القادة التكتيكيين في العالم لا يمكنهم تحقيق أي إنجازات إذا كانت بلادهم تتبع استراتيجية سيئة أو تفتقر تماماً إلى الاستراتيجية، أو ببساطة تفتقر إلى الإرادة للقتال من أجل ما تؤمن به. فالحروب، في نهاية المطاف، هي تعبير عن الإرادة البشرية، وليست مجرد استعراض للبراعة التكتيكية. الحروب مآس جماعية، ويمكن لعشرات الملايين من الأوكرانيين أن يشهدوا على ذلك الآن. ومع ذلك، يمكن أن تنبثق من معاناة الجنود والمدنيين وآلامهم فرص تعليمية عديدة. منذ أن بدأت روسيا غزوها الواسع النطاق، شهدت أوروبا مستوى من العنف والدمار والكوارث لم تره منذ عام 1945. لكن القارة وحلفاءها تعلموا أيضاً حقائق حاسمة حول الحرب والاستراتيجية والقيادة والدفاع المدني والاقتصاد والشؤون العسكرية، (وهي بالطبع حقائق متاحة بطبيعة الحال لأعدائهم أيضاً). إن التضحيات التي قدمها الشعب الأوكراني منحته أكثر من مجرد الحق في العيش بحرية بعيداً من الهيمنة والنفوذ الروسيين، والاعتزاز بتاريخه وثقافته. لكن تحقيق هذه الأهداف سيتطلب استمرار الدعم الأميركي والأوروبي في العام المقبل. فعلى رغم أن أوكرانيا حققت تقدماً مثيراً للإعجاب في تطوير صناعتها الدفاعية، إذ باتت تنتج ما يصل إلى 40 في المئة من احتياجاتها العسكرية، إلا أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة يجب أن يملأها شركاؤها. ويبقى الأمل في أن يتحلى القادة السياسيون الغربيون بالشجاعة الأخلاقية والقدرة الفكرية لتكريم تضحيات أوكرانيا من خلال تزويد كييف بما تحتاج إليه لمواصلة القتال، وتعزيز جيوش بلدانهم لمواجهة العدوان الاستبدادي المستمر. مترجم عن "فورين أفيرز" 21 فبراير (شباط)، 2025 ميك رايان لواء متقاعد من الجيش الأسترالي وزميل بارز في الدراسات العسكرية في معهد لوي في سيدني، هو أيضاً مؤلف كتاب "الحرب من أجل أوكرانيا: الاستراتيجية والتكيف تحت النار".