
إعادة الإعمار في لبنان: تحديات بيئية وتقنية وفرص مستدامة
في ظل ما خلّفته الحروب من دمار هائل، تأتي مساعي إعادة الإعمار كضرورة ملحّة، تتطلّب تضافر الجهود العلمية، والتمويل الدولي، والتقنيات الحديثة.
في هذا السياق، نظّمت نقابة المهندسين في طرابلس مؤتمراً حول إعادة الإعمار عبر استخدام أحدث التقنيات العلمية برعاية وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين، شاركت فيه شخصيات رسمية وعلمية، وناقش مختلف الأبعاد البيئية والهندسية والتمويلية للمسار المرتقب، خاصة في الجنوب اللبناني.
في حديث خاص لـ"نداء الوطن" مع الوزيرة الزين حول التوصيات المرجوة من هذا المؤتمر، قالت الزين: "إن هذه التوصيات يمكن ترجمتها مع وصول الدعم والتمويل لإعادة الإعمار. كل تلك الأفكار التي خرج بها المؤتمر ستُلحظ وتدخل حيّز التنفيذ للمضيّ في عملية إعادة الإعمار بعد الدمار الكبير الذي شهده الجنوب".
وأبدت سعادتها كونها أول ندوة لإعادة الإعمار تنطلق من طرابلس، حيث من الأجدر والأكفأ أن تتم هذه الندوة وتنطلق من نقابة المهندسين.
الزين أكدت أن "كل تقرير يصدر عن موضوع إعادة الإعمار هو حمّال أوجه وقابل للنقاش، في التقرير الأول الذي أصدرناه عام 2024 من المجلس الوطني للبحوث العلمية، ناقشنا موضوع إحصاء الاعتداءات أثناء الحرب والتي أثّرت على بعض القطاعات، وقمنا بإدراج جميع المواقع الأثرية التي تعرّضت لاعتداءات مماثلة، وفي التقرير اللاحق، الذي كان مشتركاً بين مجلس البحوث العلمية والبنك الدولي، حُدّدت الأضرار والخسائر والحاجات لمدة ثلاث أو أربع سنوات إلى الأمام، حيث قُدّرت الأضرار بـ7 مليارات، والخسائر بـ7 مليارات أيضاً، أي أن مجموعها 14 مليار دولار، بينما قُدّرت الحاجات بـ11 مليار دولار".
وأكدت الزين أن هذا المسار "يحتاج ثلاث مراحل:
أولاً، إزالة الردميات، المرحلة الثانية وصول التمويل من البنك الدولي، حيث سيتم استكمال النقل إلى مواقع أخرى للمعالجة البيئية، أما المرحلة الثالثة، فهي العمل بعد الحصول على التمويل من البنك الدولي لمعرفة أي المناطق تصلح لاستقبال الردميات ومعالجتها".
تحدث فيها أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبد الله، الذي أشار إلى أن لبنان ومنذ سنوات عِدّة تعوّد على الكوارث، ولا يكاد ينجو من واحدة إلا ويقع في أخرى. وعندما طُلب منا تحديد حجم الأضرار فيما يتعلق بالمباني، لم تكن جميع المعلومات متوفّرة بسبب عدم وجود المكننة الصحيحة، حيث كانت بعض المعلومات موجودة في وزارة الأشغال وبعضها في وزارات أخرى.
وفي ظل هذه المشاكل، كنا نفكر كيف يمكننا متابعة كل التعديات التي حصلت على الأبنية، لأرشفتها وتحديد جميع المواقع التي تم ضربها، ليتم رفعها إلى الأمم المتحدة وتوثيقها بشكل علمي. وثانياً، لحصر الأضرار بأرقام علمية دقيقة لتحديد حجم الخسائر.
وفي أواخر عام 2023 بدأنا المكننة، وكنا نستخدم الذكاء الاصطناعي في المجلس الوطني للبحوث العلمية. لدينا مركز للمخاطر الطبيعية نعمل فيه باستخدام الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الصناعية لإدارة المخاطر، حيث نمتلك غرفة عمليات موصولة بغرفة العمليات في السرايا الحكومي وفي كل المحافظات.
تم وضع المعلومات التي نمتلكها ضمن نظام معلومات جغرافي، لتحديد عدد الضربات وحجم الخسائر في كل ضيعة على حدة، سواء كان الاستهداف قد طال أبنية سكنية أو أثرية أو جوامع.
وكانت الخسائر المادية للمباني والممتلكات تُعادل قيمتها 6 مليارات دولار، أما الخسائر الاقتصادية فكانت حوالي 7 مليارات دولار، وهناك 11 مليار دولار هي الاحتياجات للتعافي. وقد تم رصد 353 بناية سُوّيت بالأرض. وقمنا بإحضار طائرات درون حديثة ومهندسي مساحة ذوي كفاءة وخبرة، وأدوات ليزر، لوضع خطة من أجل توثيق الأماكن الأثرية كتوثيق رقمي للعمل عليه في المستقبل.
تكلم الاستشاري الهندسي والمحاضر في الجامعة اللبنانية وجامعة المعارف الدكتور قاسم رحّال، عن الكشف الحسّي عن الأبنية بعد الحرب، وقال: تم توكيلي بعد الحرب مباشرة بالتنسيق مع البنك الدولي، ومجلس البحوث العلمية، والمجلس الأعلى للإعمار. وكان الدخول إلى الأبنية صعباً، ومثّل تحدياً لنا.
كما أكد رحّال أن "الدمار الذي حصل بعد وقف إطلاق النار أكبر بعشرة أضعاف مما حصل قبله. في الضاحية الجنوبية، قسمنا المنطقة إلى أربع مناطق، وكل منطقة حصلنا على خريطتها وحضرنا ملفاً خاصاً لها، واستخدمنا الذكاء الاصطناعي للحصول على توثيق عن تقييم الأبنية، لمعرفة أي الأبنية تحتاج إلى هدم شامل، وأيها إلى هدم جزئي، وأيها يحتاج فقط إلى ترميم كامل أو جزئي".
*تثبيت وتدعيم المباني الأثرية بعد الكوارث والحروب: من النمذجة الرقمية إلى التنفيذ بمواد مستدامة
تحدث الدكتور ميشال شلهوب، الرئيس التنفيذي لشركة "ديستركت"، موضحاً أنه للمحافظة على المناطق الأثرية، نتعامل معها ببروتوكول كالذي يستخدمه الطبيب لعلاج المريض: نُعاين حالة المباني، نُعالجها، ونُراقبها لعدة أشهر. فحسب الضرر نستطيع التعامل معه وإصلاحه.
وأكد شلهوب أن إعادة التدوير ممكنة لإعادة استعمال الردم لترميم المبنى كما كان تقريباً.
وأوضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي يساعد في توصيف حالات الدمار، لذلك يجب تحديد الضرر والمشكلة بالكامل لمعرفة الحل الأنسب، مشدداً على ضرورة وجود مجلس بحوث للسير بالعملية.
*إعادة تدوير مواد البناء لإعادة الإعمار بطريقة مستدامة
تحدثت الأستاذة المساعدة في الجامعة اللبنانية، الدكتورة ربى دالاتي، التي أكدت أن مواد البناء مؤلفة من الحديد والباطون والنحاس والزجاج والخشب والبلاستيك، لكن المادة الأساسية هي المؤلفة من الإسمنت والبحص والرمل والماء.
وفي بحوث أوروبية، تبيّن أنه بعد دمار الأبنية فإن كميات البحص تُشكّل نسبة 70 إلى 74%. أما في سوريا، فأكدت دراسات أن نسبة الإسمنت والبحص شكلت ما يعادل 85%.
لكن للحصول على هذه الكميات الكبيرة من البحص، نعرف أن الوصول إليها يتم من خلال الطبيعة، أي تكسير المزيد من الجبال باستخدام المقالع والكسارات.
وحاجة لبنان في الظروف الطبيعية العادية سنوياً للبحص أو المقالع تتراوح بين 15 إلى 20 مليون طن. لذلك، إن لم يتم إعادة تدوير المواد وإعادة استخدامها، فنحن متجهون إلى تدمير المزيد من الجبال للحصول على مواد البناء.
يبدو أن النجاح في هذه المهمة يتطلب خارطة طريق متكاملة، يكون فيها العلم والبيئة والتمويل شركاء لا غنى عنهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ 18 دقائق
- IM Lebanon
الرئيس عون: شكرًا للعراق
إتصل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، برئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وشكره على مبادرته خلال قمة بغداد بالإعلان عن تقديم مبلغ 20 مليون دولار للبنان مساهمة من الدولة العراقية في مسيرة التعافي في لبنان. وقال عون: 'المبادرة تضاف إلى مبادرات مماثلة من العراق تؤكد على عمق العلاقات اللبنانية – العراقية وعلى ما يجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي من أواصر الأخوّة والتضامن'.


المنار
منذ 35 دقائق
- المنار
وزير الحرب الأميركي يعترف: فشل العملية العسكرية ضد أنصار الله في اليمن
أقرّ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث بفشل العملية العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد 'أنصار الله' في اليمن، مؤكداً أنها لم تحقق أهدافها المعلنة بالقضاء عليها أو ردعها. وفي مقابلة خاصة مع قناة 'فوكس نيوز' الأميركية، قال هيغسيث: 'لم ندمر الحوثيين. لدينا أولويات أخرى نحتاج للتركيز عليها، كالصين وإيران. الولايات المتحدة لن تكرر ما فعلته في العراق وأفغانستان'، مشيراً إلى أن الرئيس دونالد ترامب قرر في نهاية المطاف وقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر بهدف 'حماية الملاحة'. الاعتراف الأميركي الصريح بالفشل تزامن مع تحذيرات أطلقها القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأميركية، جيمس كيلبي، خلال جلسة نقاش في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، حيث شدد على ضرورة عدم الاستخفاف بقدرات 'أنصار الله'. وقال: 'من الخطأ الاعتقاد بأن اليمنيين سيقفون صامتين. هم يغيرون تكتيكاتهم باستمرار. قد لا يكونون بمستوى الصين، لكنهم يمثلون تهديداً حقيقياً. هم يطاردون سفننا، ولذلك يجب أن نكون مستعدين'. من جهتها، تساءلت صحيفة 'ذا هيل' الأميركية عن جدوى الحملة العسكرية في اليمن، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة نفّذت نحو ألف غارة جوية، وأنفقت قرابة مليار دولار، وخسرت ثماني طائرات مسيّرة وطائرتين من طراز F/A-18 سوبر هورنت، 'من دون تحقيق أي نتائج ملموسة'. وفي تعليق تحليلي نشرته الصحيفة، أكد الكاتب ميشال كايت أن الولايات المتحدة 'تراجعت في جولة مواجهة مع خصم صغير، بالمقارنة مع قوى عظمى مثل الصين'، في إشارة إلى فشل واشنطن في حسم المعركة أو فرض شروطها على 'أنصار الله'. المصدر: موقع المنار


النهار
منذ 36 دقائق
- النهار
كواليس الهدية القطرية لترامب... هكذا وصلت البوينغ الفاخرة إلى فلوريدا
وقعت الولايات المتحدة عقدًا بقيمة 3.9 مليار دولار مع شركة "بوينغ" في عام 2018 لشراء طائرتين لاستخدامهما كطائرة الرئاسة الأميركية، ولكن سلسلة من التأخيرات أدت إلى إبطاء العمل إلى ما بعد الموعد النهائي للتسليم في عام 2024، وربما إلى ما بعد فترة ولاية ترامب الثانية. والآن، اضطر دونالد ترامب إلى السفر بالطائرات القديمة نفسها التي نقلت الرئيس جورج بوش الأب قبل 35 عاما. تلك الطائرات، التي لم تعد قيد الإنتاج، تحتاج إلى صيانة مكثفة وإصلاحات متكررة، وكان المسؤولون من كلا الحزبين، منذ عقد من الزمن أو أكثر، يضغطون من أجل استبدالها، بحسب "نيويورك تايمز". إلا أن ترامب أراد طائرة جديدة بينما كان لا يزال في منصبه. ولكن كيف؟ قال ترامب هذا الشهر: "نحن الولايات المتحدة الأميركية. أعتقد أننا يجب أن نمتلك الطائرة الأكثر إثارة للإعجاب". أسابيع من التنسيق السري بين واشنطن والدوحة وتضمنت قصة كيف قررت إدارة ترامب قبول طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة مجاناً من قطر لتكون بمثابة طائرة الرئاسة الأميركية الأولى أسابيع من التنسيق السري بين واشنطن والدوحة. وقد تحركت وزارة الدفاع الأميركية والمكتب العسكري للبيت الأبيض في هذا الشأن، ولعب مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، دورًا رئيسيا. بعد فترة وجيزة من تولي ترامب منصبه، بدأ المسؤولون العسكريون في مناقشة كيفية شراء الولايات المتحدة لطائرة مؤقتة ليستخدمها ترامب بينما كان عمل شركة بوينغ يسير على قدم وساق، كما وجد تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز". ولكن بحلول 11 أيار/مايو، عندما أعلن الرئيس على وسائل التواصل الاجتماعي أن قطر ستوفر الطائرة للولايات المتحدة، وصفها بأنها "هدية، مجانًا". وهناك تساؤلات عالقة حول الجدوى المالية للصفقة التي لم يتم التوقيع عليها بعد، بالنظر إلى تكاليف إعادة تجهيز الطائرة للاستخدام الرئاسي وتشغيلها على المدى الطويل - أو حتى ما إذا كانت الطائرة ستكون جاهزة لاستخدام ترامب قبل نهاية فترة ولايته الثانية. ولا يزال من غير الواضح بالضبط كيف تحولت الخطة التي افترض مسؤولو البنتاغون وآخرون داخل الإدارة الأميركية في البداية أنها ستشمل شراء الطائرة من قطر إلى هدية مقترحة من الدولة الشرق أوسطية. وقد أنكرت قطر أي نية لاستخدام الصفقة كجزء من حملة نفوذ، وقال ترامب إنه لن يستخدم الطائرة بعد مغادرته منصبه. وكانت شبكة "سي ان ان" قد نشرت في وقت سابق بعض عناصر الجهود المبذولة للحصول على الطائرة. وتقول المقابلات التي أجريت مع 14 شخصاً شاركوا في عملية البحث عن الطائرة البديلة أو اطلعوا على تفاصيلها إنها بدأت عندما عمل المكتب العسكري للبيت الأبيض، الذي يشرف على الرحلات الرئاسية، مع شركة بوينغ ووزارة الدفاع على تجميع قائمة بكل طراز حديث من 747 في السوق بتصميم طائرة رجال الأعمال، والتي يمكن تعديلها بسرعة أكبر لتصبح طائرة رئاسية. لم يكن هناك سوى ثماني طائرات في العالم تناسب هذا الطراز، بما في ذلك طائرة نفاثة ذات طابقين كانت قطر تحاول بيعها منذ عدة سنوات، دون أن توفق. وأعلن الكتيب الدعائي للطائرة عن هذا النوع من البذخ الذي يفضله ترامب. فقد كانت هناك أقمشة ناعمة من أعلى مستويات الجودة في غرفة النوم، إلى جانب جلد فاخر وقشرة خشبية رائعة وحمام مصمم ببذخ يكاد يكون قطعة فنية. وكان أمير قطر قد تبرع بنفس الطراز لتركيا عام 2018 كبادرة دعم للرئيس رجب طيب أردوغان. ويتكوف، وهو صديق قديم من الأيام الأولى لترامب في مجال العقارات في نيويورك، يعرف القطريين جيدا. وكان صندوق الثروة السيادية القطري قد أنقذه في عام 2023 عندما فشلت صفقة عقارية في سنترال بارك ساوث. لذا تواصل ويتكوف مع القطريين ليسأل عن الطائرة. بحلول منتصف شباط/فبراير، وافقت قطر على إرسال الطائرة إلى فلوريدا عندما كان ترامب في منتجع مارالاغو الخاص به، حتى يتمكن من رؤيتها من كثب. ووصلت الطائرة صباح يوم السبت 15 شباط بعد رحلة بدون توقف من الدوحة إلى ويست بالم بيتش في فلوريدا، وفقًا لسجلات تتبع الرحلات. غادر ترامب ناديه في رحلة قصيرة بالسيارة إلى المطار وترجل من سيارته الليموزين حوالي الساعة العاشرة صباحا، ليلقي نظرة على الطائرة التي كانت تستخدمها العائلة المالكة القطرية في السابق. ويقول كتيب المبيعات: "كل سطح وتفاصيل في هذه الغرفة تعكس التصميم الفخم. لقد تم تطبيق أعلى مستوى من الحرفية والبراعة الهندسية لتجهيز المقصورة الداخلية بدقة متناهية".