
هل تتوسع خيارات السائح الجزائري بعد زيادة مخصصات السفر؟
يتفاءل الكثير من الجزائريين بالقرار الصادر قبل مدة برفع مخصصات السفر، أو ما يعرف في الجزائر بـ "المنحة السياحية"، وهو المبلغ المخصص للمواطنين عند السفر إلى الخارج، ومصدر هذا التفاؤل هو أن هذه الزيادة ستمكن السائح الجزائري من توسيع خياراته، سواء بالسفر إلى وجهات أوروبية أو عربية، كما يتوقع أن تحسن تجربة هذا السائح.
ومخصصات السفر هي عبارة عن مبلغ من المال يحق للمواطن استبداله إلى العملة الأجنبية حينما يرغب في السفر، وتكون لمرة واحدة في العام.
وقد قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في ديسمبر/كانون الأول 2024 رفع المنحة السياحية بنحو سبعة أضعاف لتبلغ 750 يورو لكل مسافر بالغ، وإلى 300 يورو لكل مسافر قاصر.
وسيستفيد السائح الجزائري من رفع المنحة السياحية بعدما اقتصرت منذ استحداثها سنة 1997 بمقتضى قرار بنك الجزائر (البنك المركزي) على 15 ألف دينار جزائري، أي ما يعادل 100 يورو حسب سعر البنك.
وكانت المنحة محل جدل ومطالبات برفعها بسبب قيمتها المتدنية مقارنة بمتطلبات السفر، خاصة في ظل متغيرات عديدة تطرأ على قيمتها بسبب تقلبات الصرف، لتبلغ 95 يورو.
وبسبب نقص المعروض الرسمي من العملة الصعبة كانت السوق السوداء أو الموازية لسنوات مقصد المواطنين من أجل الحصول على الصرف الأجنبي، ما يؤدي إلى ارتفاع مستمر لأسعار اليورو مقابل العملة المحلية.
إجراءات الصرف
ويعكف بنك الجزائر على استكمال إعداد تعليمات توضح لشروط وكيفيات صرف منحة السفر، والتي سيوجهها لكافة البنوك المعتمدة في البلاد، وقد صرح وزير المالية الجزائري عبد الكريم بو الزرد الشهر الماضي، بأن قرار مضاعفة المنحة سيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية شهر رمضان الكريم أو بعد عيد الفطر مباشرة.
وكشف النائب البرلماني زوهير ناصري أن استفادة الجزائريين من منحة السفر بقيمتها الجديدة المرتقبة سيكون من خلال البنك المركزي في العاصمة ومختلف فروعه في ولايات البلاد.
كما يجب على الراغبين في الاستفادة من هذه المنحة استيفاء بعض الشروط مثل أن يكونوا مصحوبين بجواز السفر، ولديهم تأشيرة صالحة وتأمين للسفر، وسيسلم المبلغ بالدينار بما يوازي قيمته بالعملة الصعبة.
وأضاف البرلماني في منشوره أن البنك يقدم وصل إثبات، يتم استعماله في المطار أو الميناء بعد الحصول على بطاقة الركوب والمرور على شرطة الحدود والجمارك، ليتم الحصول على مبلغ 750 يورو من أكشاك بنك الجزائر الموجودة في المطارات والموانئ.
كما أعلنت مؤسسة ميناء الجزائر بأنها تهيئة 4 مكاتب لصرف العملة الصعبة في المحطة البحرية للمسافرين، كما قالت شركة تسيير مصالح ومنشآت مطار الجزائر، في بيان لها، إنها ستفتتح قريبا مكاتب صرف العملات الأجنبية في قاعات ركوب المسافرين.
تحسين ظروف السفر
واعتبر أسامة وهو أحد هواة السفر في الجزائر أن زيادة منحة السفر بعد حوالي ثلاثة عقود من الجمود تعدّ خطوة مهمة تهدف إلى تحسين ظروف السفر للمواطنين، خاصة في ظل القيمة المتدنية جدا للمنحة السابقة.
كما أن المنحة رغم رفعها -يضيف أسامة للجزيرة نت- قد لا تغطي التكاليف المرتفعة لبعض الوجهات السياحية، إلا أنها تبقى مهمة، حيث تسهم في تقليل اعتماد المسافر الجزائري على السوق السوداء للحصول على العملة الصعبة، نظرا لارتفاع أسعارها مقارنة بالدينار الجزائري.
ويقول صاحب وكالة سياحية سليم عياش إن رفع المنحة كانت من مطالب الفاعلين في المجال السياحي في الجزائر منذ أكثر من عشر سنوات، مؤكدا أن الخطوة باتت تمكن السائح الجزائري من توسيع خياراته، سواء بالسفر إلى وجهات أوروبية أو عربية، كما يمكنه الإقامة في فنادق من فئات أربع وخمس نجوم، مما يرفع من جودة تجربته.
وتوقع عياش في حديثه للجزيرة نت أن يكون لهذه الزيادة أثر إيجابي ينعكس على تجربته السياحية، من خلال تجربة نمط جديد من الراحة والخدمات ذات الجودة العالية.
وأشار الخبير السياحي إلى أن التكلفة التي قد يدفعها الجزائري في حال كانت الوجهة أوروبية قد تناهز في 50 يورو لليلة في فندق متوسط المتوسط، وعند إضافة تكاليف الطعام والشراب، فقد تصل المصاريف إلى 100 يورو في اليوم.
ما يؤكد حسب سليم عياش بأن المنحة بعد رفعها ستساهم في تغطية جزء كبير من التكاليف، ولكنها قد لا تكون كافية وحدها في بعض الوجهات ذات الكلفة المرتفعة. ومع ذلك -يضيف- فإن هذه الزيادة تعد خطوة مدروسة من قبل الدولة، حيث تم تصميمها بناءً على العادات السياحية للجزائريين، والمدة المعتادة لإقامتهم في الخارج.
وجهات الجزائريين
تعد تونس الوجهة السياحية الأولى للجزائريين كل عام، بعدما بلغ عدد السياح الجزائريين المتوافدين على الجارة الشرقية العام الماضي أكثر من 3.5 ملايين زائر، بارتفاع قدره 15.6% مقارنة بسنة 2023، حسب أرقام كشفها الديوان التونسي للسياحة.
ويقول سليم عياش إن الوجهة السياحية الأولى التي يفضلها الجزائريون كانت دائما تونس، باعتبارها الوجهة الأقرب والأكثر شعبية خاصة للفئة المتوسطة، وذلك لعدة عوامل أهمها "الحدود المشتركة بين البلدين ما يسهل الوصول إليها برا عبر السيارات الخاصة أو الحافلات"، ونوه المتحدث إلى عوامل أخرى في هذا التفضيل الجزائري لتونس ومنها التسهيلات الإدارية بين البلدين لتنقل الأفراد ومنها الإعفاء من التأشيرة والأسعار التي قد تناسب جميع الميزانيات.
واعتبر الخبير السياحي أن زيادة منحة السفر ستوفر للجزائر وعائلته إمكانية تجربة نشاطات سياحية وثقافية وترفيهية جديدة في تونس، ويضيف أنه بعد تونس تأتي إسطنبول في المرتبة الثانية، التي تتميز بتكلفتها المعقولة وهي وجهة مطلوبة لدى كثير من السياح الجزائريين من أجل التسوق، وفي المرتبة الثالثة تأتي دبي ثم مصر وخاصة مدينة شرم الشيخ.
ووفق صاحب الوكالات السياحية فإن ماليزيا والسعودية توجد ضمن الوجهات المفضلة للجزائريين، مع وجهة صاعدة زاد الطلب عليها وهي فيتنام.
وتوقع سليم عياش أن يكون بدء تطبيق المنحة بقيمتها الجديدة مرفوقا برغبة لدى السائح الجزائري باكتشاف دول جديدة، وهو ما يجعل الوكالات السياحية في البلاد في أريحية أكبر لتقديم عروضها نحو وجهات أخرى مثل روسيا وبيلاروسيا وغيرهما.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
الدينار العراقي يرتفع مقابل الدولار عند الإغلاق الأسبوعي
ارتفع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار في تعاملات نهاية الأسبوع بصورة نسبية في السوق الموازية، في حين شهد السعر بالسوق الرسمية ثباتا مع إغلاق نشاط سوق صرف العملات في العاصمة بغداد وبقية المحافظات. سعر صرف الدينار العراقي عند الإغلاق في السوق الموازية ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في السوق الموازية خلال الإغلاق الأسبوعي، مع تفاوت لا يتجاوز 5 دنانير لكل دولار في وقت كتابة هذا التقرير: بلغ سعر الدولار في بغداد 1429 دينارا عند البيع و1421 دينارا عند الشراء، وكان السعر باليوم السابق للبيع 1433 دينارا، أما سعر الشراء فقد كان 1428 دينارا. في أربيل بلغ سعر البيع 1428.5 دينارا، وسعر الشراء 1423.5 دينارا، بعد أن سجل في اليوم السابق 1424 دينارا للبيع، في حين كان سعر الشراء 1426.5 دينارا. بلغ سعر الصرف في البصرة 1427.5 دينارا للبيع و1421.5 دينارا للشراء بتعاملات نهاية الأسبوع بعد أن سجل في اليوم السابق للبيع 1434 دينارا، أما الشراء فقد كان 1427.5 دينارا. سعر صرف الدينار العراقي مقابل عملات أخرى اليورو: 1485.5 دينارا في المصارف و1589.5 دينارا في البورصات. سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار في التعاملات الرسمية سعر البيع للحوالات والاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الإلكترونية 1310 دنانير للدولار. سعر البيع 1305 دنانير لكل دولار. سعر البيع في المصارف 1310 دنانير لكل دولار. إعلان يشار إلى أن البنك المركزي لا يشتري الدولار، بل يبيعه فقط عبر منصة بيع الدولار، لأنه هو مصدر الرئيس في العراق ويحصل عليه مقابل بيع النفط عالميا. يذكر أيضا أن قرار البيع في المصارف ثابت وملزم لها من البنك المركزي بصفتها قرارات باتة وليست استشارية، ولا يرتبط السعر بتذبذب الأسعار في السوق الموازية، ويكون البيع بهذا السعر للفئات المحددة من البنك المركزي، وهي فئة المسافرين حصرا. العوامل المؤثرة على سعر صرف الدينار مزاد بيع العملة: يؤثر حجم المبيعات اليومية في مزاد بيع العملة بشكل كبير على سعر الصرف. إجراءات البنك المركزي: تلعب الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي في معالجة التحويلات الخارجية دورا مهما باستقرار سعر الصرف. الحاجة للدولار: تسهم حاجة التجار للدولار في استيراد البضائع من الدول التي تعاني عقوبات اقتصادية من البنك الفدرالي الأميركي (المركزي الأميركي)، ويحظر تحويل الدولار لها عبر المنصة الرسمية مباشرة على سعر صرف الدولار مقابل الدينار، خاصة ما يتعلق بإيران لحاجة التجار إلى سحب الدولار بشكل كبير من السوق الموازية لتسديد فواتير تلك البضائع المستوردة، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب مقابل العرض وارتفاع أسعاره. مضاربات التجار من خلال معلومات مسربة أو شائعات: حيث تتخذ البورصات إجراءات احترازية برفع أو خفض السعر أو الشراء أو البيع فقط لاستباق تداعيات أي قرار مركزي محتمل، وأحيانا تكون تلك التسريبات مجرد إشاعات يظهر كذبها في المستقبل.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي واليورو يتأرجح
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الجمعة إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يونيو/حزيران المقبل، مشيرا إلى أن التعامل مع التكتل بشأن التجارة صعب. وذكر ترامب على منصة تروث سوشيال التي يمتلكها أن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي ، الذي تشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جدا.. مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!". وأضاف "لذلك أوصي بفرض رسوم جمركية مباشرة نسبتها 50% على الاتحاد الأوروبي بدءا من الأول من يونيو/حزيران 2025. لا تسري الرسوم الجمركية إذا كان المنتج مصنعا داخل الولايات المتحدة". إثر ذلك تراجع اليورو ليبدد مكاسب حققها في وقت سابق من الجلسة بعد توصيات ترامب، مما أثار مخاوف المستثمرين مجددا من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد والتجارة العالميين. وعاد اليورو ليرتفع قليلا -وقت كتابة التقرير- عند 1.1328 مقابل دولار واحد بزيادة 0.4%. وكان اليورو قد صعد بنحو 0.8% في وقت سابق اليوم بعد تهديد ترامب في منشور آخر بفرض رسوم جمركية 25% على آبل وعلى جميع هواتف آيفون غير المصنعة في الولايات المتحدة. أداء الدولار مقابل عملات أخرى عوّض الدولار بعض خسائره مقابل الين والجنيه الإسترليني بعد منشور ترامب عن الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي، لكنه لا يزال يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية منذ 5 أسابيع مقابل سلة من العملات. وبعد أن خفضت وكالة موديز الأسبوع الماضي تصنيفها للديون الأميركية، انصب اهتمام المستثمرين هذا الأسبوع على مشروع قانون الضرائب الذي اقترحه ترامب وقد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي. ووافق مجلس النواب بفارق ضئيل على مشروع القانون الذي وصفه ترامب بأنه "كبير وجميل"، ويتجه المشروع الآن إلى مجلس الشيوخ الذي من المرجح أن يخضع فيه لمناقشات تستمر أسابيع، مما ينال من معنويات المستثمرين على المدى القريب. وبعد اتفاق الولايات المتحدة والصين في وقت سابق من الشهر الجاري على تعليق الرسوم الجمركية المضادة بينهما، عاد تركيز المستثمرين إلى نقاط الضعف في الأوضاع المالية للحكومة الأميركية. وأعادت منشورات ترامب اليوم الرسوم الجمركية والتجارة إلى الواجهة من جديد. وسجل الدولار انخفاضا أمام العملة اليابانية بنحو 1% إلى 142.52 ينا، وتلقى الين دعما في وقت سابق من بيانات أظهرت ارتفاع التضخم الأساسي في اليابان في أبريل/نيسان الماضي بأسرع وتيرة سنوية منذ أكثر من عامين، مما يزيد من احتمالات رفع الفائدة مرة أخرى قبل نهاية العام. وانخفض الدولار أمام الفرنك السويسري أيضا 0.7% إلى 0.8225 فرنك.


الجزيرة
منذ 4 أيام
- الجزيرة
بلغاريا واليورو.. جبهة جديدة في المواجهة الأوروبية مع روسيا
صوفيا- في اليوم الذي احتفلت فيه أوروبا بالذكرى الثمانين للنصر على هتلر و الفاشية ، في التاسع من مايو/أيار، فاجأ الرئيس البلغاري رومين راديف شعبه والنخبة الأوروبية بإعلانه رغبته في إجراء استفتاء بشأن اعتماد العملة الأوروبية الموحدة " اليورو" ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 2026. وقد تحوَّلت هذه المبادرة إلى فصل جديد من الأزمة السياسية الداخلية التي تعيشها البلاد منذ أربعة أعوام. وكان الائتلاف الحكومي، المؤلف من أربعة أحزاب والذي تشكّل في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أعلن عن تسريع مفاجئ لوتيرة انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو. وفي أواخر فبراير/شباط، أرسلت الحكومة طلبًا لإعداد تقرير تقاربي استثنائي إلى البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، رغم أن العجز المتوقع في موازنة عام 2025 يُقدّر بـ 7%، وهو ما يتجاوز السقف المسموح به وفقًا لمعايير الانضمام، والذي يبلغ 3%. وعلى هذا الأساس، راهنت الحكومة على زيادة الإيرادات بنسبة 25%، وهو ما اعتبره عدد من الخبراء هدفًا طموحًا للغاية وغير واقعي. اللافت في الأمر أن بروكسل أبدت مؤشرات على استعدادها للتساهل في تطبيق المعايير الاقتصادية المعتمدة. وقال الاقتصادي ستويان بانشيف لموقع "الجزيرة نت": "كان واضحًا منذ موازنة 2024 أننا خرجنا عن نطاق معايير العجز المسموح بها. ويبدو، على غرار ما حصل في اليونان، أنه تم التلاعب بالإحصاءات لإخفاء الحجم الحقيقي للعجز؛ فبدلًا من تسجيل نسبة 4.5%، سُجّلت 3%. ويبدو أن يوروستات والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي يتغاضون عن هذا الأمر مؤقتًا". وفي خطوة غير مسبوقة، أعادت رئيسة البرلمان طرح مقترح الاستفتاء، في محاولة منها لمنع الرئيس من الطعن أمام المحكمة الدستورية في حال رفض البرلمان مقترحه. إلا أن الرئيس أعلن عزمه على الطعن في هذا الإجراء نفسه، معتبرًا إياه غير مسبوق. وقد فاقم هذا الصراع المؤسسي أجواء التوتر التي تعيشها البلاد. وبسبب الحملات السلبية المتواصلة، والشائعات، والقلق المتزايد من ارتفاع الأسعار، أظهرت استطلاعات الرأي أن 55% من البلغاريين يعارضون اعتماد العملة الأوروبية الموحدة في عام 2026، بينما يؤيد 63% منهم إجراء استفتاء بشأن الأمر. تحالف حكومي هش وشرعية تبحث عن غطاء وقال بيتر فيتانوف، النائب الاشتراكي السابق في البرلمان الأوروبي والمقرّب من الرئيس البلغاري، في تصريح لـ"الجزيرة نت": "هذا الائتلاف الحاكم يضمّ قوى غير متجانسة ـاشتراكيين، يمينيين، تشكيلات أوليغارشية، وحزبًا إثنيًاـ وعليه كان لا بد من التوافق على هدف يمنح الحكومة شرعية داخلية وخارجية، وقد اختاروا اليورو". تجدر الإشارة إلى أن بلغاريا كانت قد بدأت، إلى جانب كرواتيا، إجراءات الانضمام إلى منطقة اليورو في عام 2020، وكان من المقرر أن يتم ذلك في الأول من يناير/كانون الثاني 2023. إلا أن الأزمة السياسية الداخلية حالت دون تنفيذ الخطوة في موعدها، في حين نجحت كرواتيا. ورغم أن بلغاريا شهدت تغيّر سبع حكومات منذ ذلك الوقت، إلا أنها واصلت سعيها نحو الانضمام. وبحسب تقرير التقارب الصادر عن المفوضية الأوروبية لعام 2024، فإن بلغاريا لا تزال تتجاوز الحد المرجعي لمعدل التضخم بنسبة 1%، حيث بلغ التضخم فيها 4.1%. إلا أن الحكومة الحالية تمكّنت من احتواء هذا المعدل سريعا. ومع ذلك، أشار التقرير إلى استمرار التحديات في مجالات سيادة القانون، ومكافحة الفساد، وكفاءة الإدارة، وهي ملفات لا يمكن معالجتها خلال فترة زمنية قصيرة. معركة النفوذ بين الرئيس والحكومة وتُتهم النيابة العامة في بلغاريا بأنها خاضعة لنفوذ قوي من زعيم حزب "حركة الحقوق والحريات –البداية الجديدة"، ديليان بيفسكي، الذي سبق أن فُرضت عليه عقوبات بموجب "قانون ماغنيتسكي" الأميركي. وتستمر الحكومة في عملها بدعم مباشر منه، رغم أنه خصم شرس للرئيس البلغاري. ورغم أن التشريعات البلغارية تتماشى من الناحية الشكلية مع قواعد الاتحاد النقدي الأوروبي، إلا أن الانضمام الرسمي إلى منطقة اليورو قد يشكّل ضغطًا باتجاه إجراء إصلاحات قضائية جذرية. وفي هذا السياق، قال الأكاديمي كراسن ستانتشيف، رئيس معهد السياسات الاقتصادية والمشارك في صياغة دستور بلغاريا بعد سقوط الشيوعية عام 1991، في حديثه لـ"الجزيرة نت": "في حال اعتماد اليورو، سيتم تحجيم تأثير مراكز السلطة المحلية داخل البرلمان والحكومة والنيابة العامة. فهذه القوى لا تستطيع التأثير على المؤسسات الخارجية التي تُعد مسؤولة عن اتخاذ القرارات في منطقة اليورو، مثل البنك المركزي الأوروبي". وأضاف: "الرئيس يلعب دورًا مدمّرًا ويجب إزاحته من المشهد السياسي". القرار تقني أم سياسي؟ ويرى ستانتشيف أن انضمام بلغاريا إلى اليورو لا يعدّ خطوة اقتصادية فحسب، بل هو خيار إستراتيجي مهم في سياق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، خصوصًا في ظل الحرب في أوكرانيا. وأكد أن البيئة القانونية وتوافق التشريعات مع قواعد الاتحاد الأوروبي هما الأساس في تقارير التقارب، موضحًا أن نحو 80% من العلاقات الاقتصادية تقوم على العقود، مما يجعل الإطار القانوني عنصرًا حاسمًا في كفاءة الأداء الاقتصادي. ومن جهته، أشار بيتر فيتانوف إلى أن قرار المفوضية الأوروبية لن يكون محضًا اقتصاديًا، بل سياسيًا في المقام الأول. وقال: "الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة راهنة في إظهار أن عملية التكامل مستمرة، وأن المشروع الأوروبي لا يزال حيًا، بل يتقدم إلى الأمام في مواجهة التراجع". وأضاف أن تبنّي تقرير إيجابي بشأن تقارب بلغاريا سيكون وسيلة لتجنّب وصول شخصية على غرار رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى الحكم في بلغاريا، وهو ما قد يعيد مسألة الالتزام الأوروبي إلى نقطة الصفر. وخلص إلى أن المفوضية الأوروبية قد تُعطي الأولوية لإدماج بلغاريا في منطقة اليورو بهدف تقليص نفوذ موسكو عليها نهائيًا. بالمقابل، يقدّم الاقتصادي ستويان بانشيف، رئيس "التجمع البلغاري الليبرتارياني"، رؤية مغايرة، إذ يرى أن التفاؤل الذي ساد في وقت سابق قد تراجع منذ تدخّل الرئيس باقتراح إجراء استفتاء شعبي. وأوضح أن هذا التراجع يعود إلى الرفض الشعبي المتزايد لفكرة الانضمام السريع إلى منطقة اليورو، إضافة إلى الاهتمام الشعبي المتزايد بتنظيم الاستفتاء. الفجوة الاقتصادية ومستوى المعيشة أما بالنسبة لمخاوف المواطنين، فثمة ما يبرّرها وفق بعض المحللين. فبعكس العديد من الدول الأعضاء، تعتمد بلغاريا على نظام الاحتياطي النقدي الصارم منذ عام 1997، وتتبنّى سياسات مالية محافظة، ما ساهم في إبقاء نسبة الدين العام بين الأدنى في الاتحاد الأوروبي ـأقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وللمقارنة، تجاوزت نسبة الدين العام في إيطاليا 125%، وهو ما يثير قلق البلغاريين من احتمال أن تتحمّل بلادهم أعباء الدول الأكثر مديونية في حال نشوب أزمة مالية أوروبية جديدة. ورغم أن بلغاريا تُعد أفقر دولة داخل الاتحاد الأوروبي، فإن غياب التقارب الفعلي مع المستويات الأوروبية المتوسطة من حيث الدخل، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومستويات الأسعار، يضع البلاد في موقع غير مؤهل بعد لاعتماد العملة الأوروبية الموحدة، بحسب رأي الاقتصادي بانشيف. وقال: "مثل ما هو الحال مع دول وسط أوروبا الأخرى كالتشيك، بولندا، المجر، ورومانيا، ينبغي علينا الانتظار أكثر حتى نصل إلى مستويات تقارب حقيقية. فإذا انضممنا مبكرًا، فسوف نواجه تضخمًا إضافيًا وارتفاعًا في معدلات الاقتراض". ولفت إلى أن البنك المركزي التشيكي ووزارة المالية أعلنا قبل شهر عن تأجيل انضمام بلادهما إلى منطقة اليورو للسبب ذاته، علمًا بأن وضع التشيك الاقتصادي أكثر تقدمًا من بلغاريا. في المقابل، يرى الأكاديمي كراسن ستانتشيف، أن المنافع المتوقعة من الانضمام تفوق بكثير المخاطر. وقال: "ما المشكلة في تحقيق عجز منخفض في الميزانية أو في الاستفادة من أسعار فائدة منخفضة؟ إن المخاطر المستقبلية تعتمد في الأساس على سياسات الدولة المنضمة، وليست مرتبطة حصريًا باليورو أو بالإطار القانوني للاتحاد الأوروبي". وأضاف أن شروط الانضمام، سواء النوعية أو الكمية، لا تتعارض مع مصالح المواطنين البلغاريين. وفي خضم الجدل السياسي والمواقف المتضاربة بين مؤسسات الدولة وخبراء الاقتصاد، نظّمت قوى مدنية وأحزاب معارضة لليورو لقاءً حضره الآلاف من المشاركين، أسفر عن الدعوة إلى احتجاج وطني مقرر في الحادي والثلاثين من مايو/أيار الجاري، أي قبل أيام فقط من صدور تقارير البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، والتي تتوقّع الحكومة أن تأتي بنتائج إيجابية.