logo
"دولة التوك توك" تتمرّد في لبنان.. وهذه المفاجأة الكُبرى

"دولة التوك توك" تتمرّد في لبنان.. وهذه المفاجأة الكُبرى

ليبانون 24منذ 21 ساعات
في بلد تتكاثر فيه الأزمات أكثر من الحلول، لا يبدو "التوك توك" مجرد وسيلة نقل بديلة، بل تحوّل في السنوات الأخيرة إلى عنوان لصراعٍ جديد بين الفقر والتنظيم، بين الحاجة والسلطة. فما بدأ كمشهد نادر في بعض أحياء البقاع وطرابلس، تمدّد كالنار في الهشيم إلى مختلف المناطق، حتى بات "التوك توك" ظاهرة يصعب تجاهلها، لا في الطرقات فحسب، بل في الاقتصاد الهش والاجتماع المنهك.
قرار المنع... وشرارة الاشتعال
في خطوة أثارت امتعاضًا واسعًا، أصدرت وزارة الداخلية مؤخرًا قرارًا يمنع استخدام "التوك توك" كوسيلة للنقل العام في كافة المناطق اللبنانية ، من البقاع إلى طرابلس ، مرورًا ببعلبك والبترون. القرار، الذي برّره المعنيون بضرورات التنظيم والسلامة العامة، جاء كصفعة لأصحاب التوك توك الذين وجدوا في هذه المركبات الصغيرة موردًا وحيدًا للعيش في ظل البطالة المتفشية وارتفاع كلفة السيارات والمحروقات. الرد الشعبي لم يتأخر. فقد شهدت بعض المناطق احتجاجات واسعة لسائقي "التوك توك"، ترافقت مع قطع طرقات ومطالبات بالتراجع عن القرار. وبحسب مصدر أمني لـ" لبنان24"، عبّر المسؤولون عن دهشتهم من "العدد الكبير" من المحتجين، ما أظهر اتساع رقعة هذه الوسيلة وتحوّلها إلى قطاع غير رسمي يصعب ضبطه أو تجاوزه بسهولة.
في المبدأ، لا يخلو استخدام "التوك توك" من إشكالات حقيقية. فمعظم هذه المركبات غير مسجلة رسميًا، ولا تلتزم بشروط السلامة، ولا تحمل تراخيص قيادة أو تأمينًا، ما يخلق بيئة فوضوية ويهدد سلامة الركّاب والمارة. كما يستخدمها بعض القصّر أو من لا يمتلكون خبرة قيادة كافية. لكن في المقابل، فإن القرار الرسمي تجاهل الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي أنتج "التوك توك"، حسب أحد السائقين، فهذه المركبات تُعد وسيلة نقل زهيدة الكلفة في مناطق محرومة من وسائل النقل العام، وتؤمّن فرص عمل لعشرات الشبان العاطلين عن العمل، وهي نتيجة أكثر مما هي خيار. ومن الظلم معاقبة الفقراء على وسائلهم الوحيدة للبقاء.
اتساع رقعة الاستخدام... وكسر الخطوط الحمراء
ما بدا في البداية كظاهرة محدودة في الأحياء الشعبية والقرى النائية، أصبح اليوم ظاهرة "متمدّدة"، حتى في مناطق لم تكن تعاني من انعدام وسائل النقل. ويُعزى هذا التوسع إلى عوامل عدة:
- الكلفة التشغيلية المنخفضة مقارنة بالسيارات.
- انعدام فرص العمل البديلة.
- غياب شبكة نقل عامة فاعلة.
- تساهل محلي من البلديات أو القوى الأمنية لفترة طويلة.
لكن التظاهرات الأخيرة أظهرت أن "التوك توك" لم يعد فقط وسيلة نقل، بل صار فئة اجتماعية، قادرة على النزول إلى الشارع وفرض صوتها، ما يضع القوى الأمنية أمام معضلة جديدة: كيف تنفذ القانون من دون إشعال مواجهة مع جمهور واسع يعتبر هذه الوسيلة مسألة حياة أو موت؟
بين العشوائية والتنظيم: ما الحل؟
القرار بمنع "التوك توك" يعكس غياب سياسة شاملة للنقل في لبنان. فبدل الحظر الشامل، كان يمكن للدولة أن تتجه نحو التنظيم المرحلي عبر:
- تحديد المناطق التي يُسمح فيها بالتوك توك وفق معايير السلامة.
- إطلاق برامج تسجيل وتأمين للمركبات الحالية، مع تسهيلات مالية.
- تنظيم دورات توعية وقيادة لسائقيها بالتعاون مع البلديات.
- فرض ضرائب رمزية تساهم في تمويل شبكات نقل جماعية.
بهذه الطريقة، يُمنع الفلتان من جهة، وتُحفظ كرامة الناس وحقهم في العمل من جهة أخرى.
في نهاية المطاف، لا يمكن للدولة أن تحكم بمنطق "المنع الشامل" في بلد يعيش على حافة الانهيار. فـ"التوك توك" ليس ظاهرة غريبة بل انعكاس لانهيار أعمق: انهيار النقل، الاقتصاد، وفرص العمل. الحلّ لا يكون بالقرارات القاطعة، بل بالرؤية المتدرجة التي تعترف بالواقع وتحوّله إلى فرصة تنظيمية، لا إلى قنبلة اجتماعية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محافظ أسوان يفاجئ أحد الأكمنة المرورية لضبط التوك توك المخالف
محافظ أسوان يفاجئ أحد الأكمنة المرورية لضبط التوك توك المخالف

صدى البلد

timeمنذ 2 ساعات

  • صدى البلد

محافظ أسوان يفاجئ أحد الأكمنة المرورية لضبط التوك توك المخالف

فاجأ اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، أحد الأكمنة المتحركة التى تم تنفيذها في الفترة المسائية بميدان المحطة بقيادة العقيد محمد سعد وكيل إدارة المرور لضبط عربات التوك توك المخالفة والغير مرخصة ، وأيضاً العديد من المخالفات المرورية المتنوعة . ويأتي ذلك فى ضوء جولاته الميدانية للوقوف على الجهود المبذولة من الجهات المختصة لتحقيق السيطرة المرورية بالطرق السريعة والداخلية للحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين. وخلال جولته وجه الدكتور إسماعيل كمال إلى ضرورة تكثيف الجهود لإحكام السيطرة على الميادين والشوارع الرئيسية والجانبية من خلال الحملات المرورية المفاجئة لضبط أى مخالفات ، وإتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المخالفين للقضاء على أى عشوائية أو عدم إلتزام بالقوانين المنظمة لحركة السير . المخالفات المرورية وأشاد المحافظ بالجهود الملموسة التى تقوم بها إدارة المرور بإشراف من اللواء محمد أبو الليل مدير الأمن ، وبمتابعة من العميد محمد عبد الرشيد مدير الإدارة ، وذلك من خلال تنظيم الحملات المتتالية على مدار اليوم بما يساهم فى إلزام سائقى سيارات السيرفيس بخطوط السير الخاصة بهم ، وهو ما ينعكس بالإيجاب على المواطن الأسوانى فى توفير وسيلة مواصلات لتلبية تنقلاته من مكان إقامته إلى وسط المدينة أو المناطق المختلفة . وفى نفس الوقت يتم التعامل بحزم تجاه المخالفين وغير الملتزمين بتوقيع الغرامات الفورية وغير ذلك من الإجراءات السريعة . وتجدر الإشارة إلى أن جهود إدارة المرور بالتنسيق مع الجهات المختصة بداية من شهر يوليو الجارى أثمرت عن إجراء الكشف على 151 من سائقى المركبات فى مجال القيادة تحت تأثير المخدر حيث أثبتت نتائج التحاليل عن 15 حالة إيجابية . علاوة على ضبط العديد من المخالفات المرورية من بينها ضبط 24 حالة للسير عكس الإتجاه ، و 961 حالة لتجاوز السرعات المقررة ، و 47 حالة بدون ترخيص ، و 68 مخالفة لخط السير لسيارات السيرفيس الخاصة بنقل المواطنين ، علاوة على ضبط 49 دراجة نارية تعمل بدون لوحات معدنية ، و 44 مركبة توك توك ، وتم إتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المخالفين .

محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل وكعابيش
محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل وكعابيش

صدى البلد

timeمنذ 18 ساعات

  • صدى البلد

محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل وكعابيش

حرص المهندس عادل النجار محافظ الجيزة على متابعة أعمال النظافة بالوردية المسائية بشارع الملك فيصل، للوقوف على مدى انتظام العمل وفعالية حملات النظافة . ووجّه المحافظ رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل بتوفير عدد كافٍ من العمالة لرفع كفاءة النظافة في بعض القطاعات وتحسين مستوى الخدمة المقدمة. كما كلف المحافظ الإدارة العامة للمرور بتكثيف الحملات لمنع السير العكسي في الشوارع الرئيسية والجانبية وضبط مخالفات مركبات "التوك توك" وإلزام سائقيها بالمسارات المحددة ومعاقبة المخالفين. وتضمنت جولة المحافظ المرور على عدد من النقاط الساخنة التي تشهد جهودا دورية لتحسين كفاءة النظافة بها ومنها شارع كعابيش حيث تابع المحافظ جهود هيئة النظافة و حي الهرم في تنفيذ حملات النظافة ورفع المخالفات، مشددًا على استمرار الحملات للسيطرة على التراكمات خاصة بالشوارع الجانبية وأنفاق الطريق الدائري، ومنع إلقاء المخلفات والرتش، والتصدي لظاهرة النباشين والفرز بالطرق العامة مع نقل نواتج الحملات أولًا بأول إلى محطات المناولة. وأكد المحافظ أن محافظة الجيزة تبذل جهودًا يومية مكثفة لرفع كفاءة منظومة النظافة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتحقيق بيئة حضارية وآمنة، مشيرًا إلى أن متابعة الخدمات تتم ميدانيًا وبشكل مفاجئ لضمان الانضباط ورفع كفاءة الأداء في جميع الأحياء والمراكز والمدن.

دولة التوك توك تتمرّد في لبنان.. وهذه المفاجأة الكُبرى
دولة التوك توك تتمرّد في لبنان.. وهذه المفاجأة الكُبرى

بيروت نيوز

timeمنذ 20 ساعات

  • بيروت نيوز

دولة التوك توك تتمرّد في لبنان.. وهذه المفاجأة الكُبرى

في بلد تتكاثر فيه الأزمات أكثر من الحلول، لا يبدو 'التوك توك' مجرد وسيلة نقل بديلة، بل تحوّل في السنوات الأخيرة إلى عنوان لصراعٍ جديد بين الفقر والتنظيم، بين الحاجة والسلطة. فما بدأ كمشهد نادر في بعض أحياء البقاع وطرابلس، تمدّد كالنار في الهشيم إلى مختلف المناطق، حتى بات 'التوك توك' ظاهرة يصعب تجاهلها، لا في الطرقات فحسب، بل في الاقتصاد الهش والاجتماع المنهك. قرار المنع… وشرارة الاشتعال في خطوة أثارت امتعاضًا واسعًا، أصدرت وزارة الداخلية مؤخرًا قرارًا يمنع استخدام 'التوك توك' كوسيلة للنقل العام في كافة المناطق اللبنانية، من البقاع إلى طرابلس، مرورًا ببعلبك والبترون. القرار، الذي برّره المعنيون بضرورات التنظيم والسلامة العامة، جاء كصفعة لأصحاب التوك توك الذين وجدوا في هذه المركبات الصغيرة موردًا وحيدًا للعيش في ظل البطالة المتفشية وارتفاع كلفة السيارات والمحروقات. الرد الشعبي لم يتأخر. فقد شهدت بعض المناطق احتجاجات واسعة لسائقي 'التوك توك'، ترافقت مع قطع طرقات ومطالبات بالتراجع عن القرار. وبحسب مصدر أمني لـ'لبنان24″، عبّر المسؤولون عن دهشتهم من 'العدد الكبير' من المحتجين، ما أظهر اتساع رقعة هذه الوسيلة وتحوّلها إلى قطاع غير رسمي يصعب ضبطه أو تجاوزه بسهولة. في المبدأ، لا يخلو استخدام 'التوك توك' من إشكالات حقيقية. فمعظم هذه المركبات غير مسجلة رسميًا، ولا تلتزم بشروط السلامة، ولا تحمل تراخيص قيادة أو تأمينًا، ما يخلق بيئة فوضوية ويهدد سلامة الركّاب والمارة. كما يستخدمها بعض القصّر أو من لا يمتلكون خبرة قيادة كافية. لكن في المقابل، فإن القرار الرسمي تجاهل الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي أنتج 'التوك توك'، حسب أحد السائقين، فهذه المركبات تُعد وسيلة نقل زهيدة الكلفة في مناطق محرومة من وسائل النقل العام، وتؤمّن فرص عمل لعشرات الشبان العاطلين عن العمل، وهي نتيجة أكثر مما هي خيار. ومن الظلم معاقبة الفقراء على وسائلهم الوحيدة للبقاء. اتساع رقعة الاستخدام… وكسر الخطوط الحمراء ما بدا في البداية كظاهرة محدودة في الأحياء الشعبية والقرى النائية، أصبح اليوم ظاهرة 'متمدّدة'، حتى في مناطق لم تكن تعاني من انعدام وسائل النقل. ويُعزى هذا التوسع إلى عوامل عدة: – الكلفة التشغيلية المنخفضة مقارنة بالسيارات. – انعدام فرص العمل البديلة. – غياب شبكة نقل عامة فاعلة. – تساهل محلي من البلديات أو القوى الأمنية لفترة طويلة. لكن التظاهرات الأخيرة أظهرت أن 'التوك توك' لم يعد فقط وسيلة نقل، بل صار فئة اجتماعية، قادرة على النزول إلى الشارع وفرض صوتها، ما يضع القوى الأمنية أمام معضلة جديدة: كيف تنفذ القانون من دون إشعال مواجهة مع جمهور واسع يعتبر هذه الوسيلة مسألة حياة أو موت؟ بين العشوائية والتنظيم: ما الحل؟ القرار بمنع 'التوك توك' يعكس غياب سياسة شاملة للنقل في لبنان. فبدل الحظر الشامل، كان يمكن للدولة أن تتجه نحو التنظيم المرحلي عبر: – تحديد المناطق التي يُسمح فيها بالتوك توك وفق معايير السلامة. – إطلاق برامج تسجيل وتأمين للمركبات الحالية، مع تسهيلات مالية. – تنظيم دورات توعية وقيادة لسائقيها بالتعاون مع البلديات. – فرض ضرائب رمزية تساهم في تمويل شبكات نقل جماعية. بهذه الطريقة، يُمنع الفلتان من جهة، وتُحفظ كرامة الناس وحقهم في العمل من جهة أخرى. في نهاية المطاف، لا يمكن للدولة أن تحكم بمنطق 'المنع الشامل' في بلد يعيش على حافة الانهيار. فـ'التوك توك' ليس ظاهرة غريبة بل انعكاس لانهيار أعمق: انهيار النقل، الاقتصاد، وفرص العمل. الحلّ لا يكون بالقرارات القاطعة، بل بالرؤية المتدرجة التي تعترف بالواقع وتحوّله إلى فرصة تنظيمية، لا إلى قنبلة اجتماعية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store