logo
السودان: أطباء بلا حدود يوثق الفظائع ضد المدنيين في الفاشر

السودان: أطباء بلا حدود يوثق الفظائع ضد المدنيين في الفاشر

الديارمنذ 20 ساعات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
حذّرت منظمة أطباء بلا حدود في تقرير صدر من الفظائع الجماعية المستمرة في ولاية شمال دارفور بالسودان، داعيةً أطراف النزاع إلى وقف أعمال العنف العشوائية والاستهداف القائم على الخلفية العرقية، وتسهيل إطلاق استجابة إنسانية واسعة النطاق من دون تأخير. وأعربت أطباء بلا حدود عن بالغ قلقها إزاء التهديدات بشنّ هجوم شامل على مئات آلاف الأشخاص في عاصمة الولاية، الفاشر، ما قد يؤدي إلى سفك مزيد من الدماء.
ومع اشتداد حدة النزاع في المنطقة منذ أيار 2024، ظل المدنيون يدفعون الثمن الأكبر. وقد أتى هذا التقرير، الذي يحمل عنوان "محاصَرون وجوعى تحت وطأة الهجمات: فظائع جماعية في الفاشر وزمزم بالسودان"، ليسلّط الضوء على الوضع القاتم الذي يعيشه المدنيون في الفاشر ومحيطها، والذي يستدعي تحركًا واستجابة فورية.
وفي هذا الصدد، يقول مدير شؤون الطوارئ في أطباء بلا حدود، ميشيل أوليفييه لاشاريتيه، "لا يُحتجز الناس وسط اشتباكات عنيفة وعشوائية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وحلفائهما فقط، وإنّما يتعرّضون لاستهداف مباشر من قوات الدعم السريع وحلفائها، لا سيما على خلفية انتمائهم العرقي".
واستنادًا إلى بيانات أطباء بلا حدود والشهادات المباشرة من فرقها، إلى جانب أكثر من 80 مقابلة أُجريت بين أيار 2024 وأيار 2025 مع مرضى ونازحين من مدينة الفاشر ومخيم زمزم القريب منها، يكشف التقرير عن أنماط ممنهجة من أعمال العنف تشمل النهب وعمليات القتل الجماعي والعنف الجنسي والاختطاف والتجويع، إلى جانب الهجمات التي تستهدف الأسواق والمرافق الصحية والبُنى التحتية المدنية الأخرى.
وبحسب مستشارة الشؤون الإنسانية في منظمة أطباء بلا حدود، ماتيلد سيمون، "بينما يروي لنا المرضى والمجتمعات قصصهم ويطلبون منا أن نتحدث علانية في ظل تغييب معاناتهم عن الأجندة الدولية، شعرنا بأن من واجبنا توثيق هذا النمط المتواصل من العنف الذي يُشنّ بلا هوادة، مدمّرًا حياة عدد لا يُحصى من الناس وسط لامبالاة وتقاعس استمرّا طوال العام الماضي".
هذا ويوضح التقرير كيف شنّت قوات الدعم السريع وحلفاؤها هجومًا بريًا واسع النطاق في نيسان على مخيم زمزم الواقع خارج مدينة الفاشر، ما أدّى إلى فرار نحو 400,000 شخص في أقل من ثلاثة أسابيع وسط ظروف مروعة. وقد لجأ جزء كبير من سكان المخيم إلى داخل مدينة الفاشر، حيث وجدوا أنفسهم محاصرين، من دون إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية، ومعرّضين لهجمات جديدة وأعمال عنف جماعي أخرى. في المقابل، تمكّن عشرات الآلاف من الفرار إلى منطقة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومترًا، أو إلى مخيمات في تشاد على الجانب الآخر من الحدود، حيث قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية لمئات الناجين من أعمال العنف.
وتوضح ماتيلد سيمون، "في ضوء الفظائع الجماعية ذات الدوافع العرقية التي ارتُكبت بحق قبيلة المساليت بغرب دارفور في حزيران 2023، والمجازر التي شهدها مخيم زمزم في شمال دارفور، نخشى تكرار هذا السيناريو في مدينة الفاشر. لا بد من وضع حدّ لهذا العنف الضاري".
وقد أفاد عدد من الشهود بأن جنود قوات الدعم السريع تحدثوا عن نواياهم بـ "تطهير الفاشر" من سكانها غير العرب. ومنذ أيار 2024، فرضت قوات الدعم السريع وحلفاؤها حصارًا على مدينة الفاشر ومخيم زمزم والمناطق المحيطة بهما، ما أدى إلى انقطاع الغذاء والمياه والرعاية الطبية عن السكان وأسهم في تفاقم المجاعة وشلّ الاستجابة الإنسانية.
وفي ظل الهجمات المتكررة على المرافق الصحية، أُجبرت أطباء بلا حدود على وقف أنشطتها الطبية في مدينة الفاشر في آب 2024 وفي مخيم زمزم في شباط 2025. ففي شهر أيار 2024 وحده، تعرّضت المرافق الصحية التي كانت تدعمها المنظمة في الفاشر لما لا يقل عن سبعة حوادث قصف أو تفجيرات أو إطلاق نيران من مختلف أطراف النزاع.
وقد كان للغارات الجوية العشوائية التي نفّذها الجيش السوداني عواقب مدمّرة، إذ تروي امرأة تبلغ من العمر 50 عامًا، "قصفت القوات المسلّحة السودانية حيّنا عن طريق الخطأ، ثم جاؤوا ليعتذروا. أحيانًا كانت طائراتهم تقصف مناطق مدنية من دون [وجود] أيٍّ من قوات الدعم السريع، لقد رأيت ذلك في أكثر من مكان".
ونظرًا لمستوى العنف المروّع على طرق المغادرة من الفاشر ومخيم زمزم، وجد الكثيرون أنفسهم عالقين أو مضطرين إلى المجازفة بحياتهم من أجل الفرار. وفي هذا الصدد، يواجه الرجال والفتيان خطر القتل أو الاختطاف على وجه خاص، في حين تتعرّض النساء والفتيات لعنف جنسي واسع النطاق. ويُفيد معظم الشهود بتزايد الخطر الذي يحدق بمجتمع الزغاوة. وفي هذا السياق، تقول امرأة نازحة، "لم يكن بمقدور أحد أن يخرج [من الفاشر] إذا قالوا إنّهم من الزغاوة. ويضيف رجل آخر، "كانت قوات الدعم السريع وحلفاؤها يسألون الناس إذا كانوا من الزغاوة، وإذا أجابوا بنعم، كانوا يقتلونهم".
هذا وتشرح امرأة أخرى وهي تستذكر رحلة فرارها إلى شرق تشاد، "كانوا يسمحون فقط للأمهات اللواتي يرافقن أطفالًا دون سن الخامسة بالعبور. أما باقي الأطفال والرجال، فلم يتمكنوا من المرور. ويكاد لا يستطيع أي من الرجال الذين تجاوزت أعمارهم 15 عامًا العبور [إلى تشاد]. كانوا يأخذونهم جانبًا، ثم نسمع أصواتًا، أصوات طلقات نارية، ما يعني أنهم قُتلوا [...]. كنت مع خمسين أسرة في الرحلة، ولم يكن بيننا فتى واحد يتجاوز الخامسة عشرة من العمر".
واصل الوضع الغذائي الكارثي تدهوره مع اشتداد الحصار. ويقول أحد الرجال لفرقنا، "(قبل ثلاثة أشهر) في زمزم، كنّا نقضي أحيانًا ثلاثة أيام في الأسبوع من دون طعام". وتضيف امرأة نازحة، "هناك أطفال توفّوا بسبب سوء التغذية. كنّا نأكل الأمباز، أي بقايا الفول السوداني المعصور لاستخراج الزيت، حالنا كحال الجميع، رغم أنه يُستخدم عادةً كعلف للحيوانات". ويقول نازح آخر، "كان الحصار على زمزم مطبقًا بالكامل. تعتمد آبار المياه على الوقود، ولم يكن هناك أيّ سبيل للحصول عليه، فتوقفت جميعها عن العمل. أصبح الماء شحيحًا للغاية وباهظ الثمن".
تدعو منظمة أطباء بلا حدود أطراف النزاع إلى تجنيب المدنيين ويلات الحرب واحترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني. كما تحثّ قوات الدعم السريع وحلفاءها على وقف العنف العرقي ضد المجتمعات غير العربية بشكل فوري، ورفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر، وضمان تأمين ممرات آمنة للمدنيين الفارين من أعمال العنف. هذا ويجب ضمان تمكّن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى الفاشر والمناطق المحيطة بها بشكل آمن وغير مقيّد لتقديم المساعدات العاجلة والضرورية. كما تناشد المنظمة الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك مؤسسات الأمم المتحدة والدول الأعضاء، والدول التي تقدّم الدعم لأطراف النزاع بالتحرّك عاجلًا وممارسة الضغوط اللازمة لمنع وقوع المزيد من أعمال العنف الجماعي، وتمكين إيصال المساعدات الطارئة إلى المنطقة. لا تزال الإعلانات الأخيرة أحادية الجانب بشأن وقف محتمل لإطلاق النار على المستوى المحلي مجرّد أقوال لم تُترجم إلى أي تغييرات ملموسة على أرض الواقع، والوقت يوشك أن ينفد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزارة الصحة تعلن عن مناقصة عامة لتجهيز مستشفيات حكومية بمعدات تصوير أشعة
وزارة الصحة تعلن عن مناقصة عامة لتجهيز مستشفيات حكومية بمعدات تصوير أشعة

الديار

timeمنذ 5 ساعات

  • الديار

وزارة الصحة تعلن عن مناقصة عامة لتجهيز مستشفيات حكومية بمعدات تصوير أشعة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلنت وزارة الصحة العامة في بيان، عن فتح باب التقدم إلى مناقصة عامة لشراء مجموعة متكاملة من معدات تصوير أشعة، بهدف تجهيز عدد من المستشفيات الحكومية في مختلف المناطق اللبنانية. تأتي هذه المناقصة ضمن إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الوزارة لتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتعزيز قدرات المستشفيات الحكومية على تلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة، وذلك بتمويل من قرض البنك الدولي. ودعت الوزارة جميع الشركات والمؤسسات المتخصصة وذات الخبرة في توريد وتركيب وصيانة الأنواع المطلوبة من المعدات، إلى الاطلاع على تفاصيل المناقصة وشروطها والمواصفات الفنية المحددة، وتقديم عروضهم وفقا للأصول والإجراءات الرسمية، في مهلة أقصاها الأول من شهر آب المقبل. ولفتت إلى أن "المهتمين يمكنهم الحصول على وثائق المناقصة إلكترونيا عبر الرابط المخصص على الموقع الرسمي لوزارة الصحة العامة".

قوى الأمن: لا صحة لانتحار سجين في رومية
قوى الأمن: لا صحة لانتحار سجين في رومية

الديار

timeمنذ 6 ساعات

  • الديار

قوى الأمن: لا صحة لانتحار سجين في رومية

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة البلاغ التالي: "يتم تداول خبر على صفحة خاصة بلجنة أهالي السجناء، حول إقدام السجين (ع.ع) في السجن المركزي في روميه على إنهاء حياته نتيجة عدم تأمين الأدوية اللازمة له. يهم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أن توضح ما يلي: إن هذا الخبر عار عن الصحة، وإن السجين المذكور بعد تعرضه لوعكة صحية ناتجة عن وضعه، كونه يعاني من امراض تنفسية (ربو وانسداد رئوي) نقل بحالة طارئة الى المستشفى التي يدخلها بصورة دورية للمعالجة، علما انه كانت تتم متابعة حالته الصحية دوريا داخل السجن، والأدوية التي يحتاجها موجودة بصورة دائمة، وهو حاليا يتلقى العلاج اللازم في المستشفى. لذلك، تهيب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالجميع، توخي الدقة والموضوعية في نقل الأخبار، وتتمنى عليهم استقاء المعلومات الدقيقة من شعبة العلاقات العامة".

كركي: الضمان يباشر بدفع سلفات المستشفيات عن أعمال الطبابة
كركي: الضمان يباشر بدفع سلفات المستشفيات عن أعمال الطبابة

الديار

timeمنذ 9 ساعات

  • الديار

كركي: الضمان يباشر بدفع سلفات المستشفيات عن أعمال الطبابة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في خطوة إصلاحية بالغة الأهمية لمعالجة أحد أكبر مصادر الأعباء على المضمونين، وبعد أن أعطت سلفات الأعمال الجراحية المقطوعة مفاعليها وأثمرت إيجاباً في استعادة ثقة المضمونين بالضمان لناحية خضوعهم لعمليات جراحيّة، يواصل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تمويل القطاع الاستشفائي وهذه المرّة كسلفات على حساب معاملات الطبابة. ومن المعروف أن معاملات الطبابة تشكّل حوالي 60% من إجمالي المعاملات الاستشفائيّة وبالتالي كان من الضرورة إيجاد آليّة سريعة لتسديد أكلافها وعدم تكليف المضمونين كامل أعباء فواتيرهم الاستشفائيّة. وفي هذا الإطار، أصدر المدير العام للصندوق د. محمد كركي القرار رقم 618 بتاريخ 3/7/2025، قضى بصرف سلفة جديدة على حساب معاملات الاستشفاء (الطبابة) بقيمة 18 مليار ل.ل.، وذلك ضمن خطة تمويل دورية وشبه أسبوعية تعتمدها إدارة الضمان لدعم المستشفيات والأطباء المتعاقدين. ومع صدور هذه القرار، تكون إدارة الصندوق قد باشرت في تسديد مستحقات المستشفيات والأطباء الناتجة عن أعمال الطبابة. ودعا المدير العام، في هذا السياق، كافّة المستشفيات المتعاقدة مع الصندوق إلى الإسراع في تقديم معاملاتها لمعالجتها ودفعها في أسرع فرصة ممكنة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن مسار خطة إصلاحية متكاملة أكّد من خلالها د. كركي إصراره على متابعة هذه السياسات الإصلاحية والمالية التي تحمي حقوق المضمونين، وتدعم مقدمي الخدمات الصحية، وصولًا إلى نظام رعاية أكثر عدالة، استدامة، وجودة لجميع اللبنانيين، وتساهم كذلك في تمكين المستشفيات من الالتزام بالتعرفات الرسمية رغم التحديات الاقتصادية المتفاقمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store