logo
خريطة فلسطين لفحص العيون في مخيم الوحدات بالأردن

خريطة فلسطين لفحص العيون في مخيم الوحدات بالأردن

الجزيرةمنذ 6 أيام

عمّان- أمام لوحة تحمل رموزا للقضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، يقف أخصائي البصريات إحسان ياسين، لإجراء فحص النظر الأخير لأحد مراجعيه بمركزٍ للبصريات في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين بالأردن.
وبعد تركيب نظارة طبية جديدة له، يطلب ياسين من ابن مخيمه إبراهيم قراءة أسماء المدن والقرى المكتوبة على خريطة فلسطين "عن بعد"، فيقرأ من أقصى الشمال " صفد ، عكا ، طبريا ، يافا..". يجيبه ياسين "نظرك أصبح أكبر من 6 على 6.. أنت الآن ترى الوطن أروع وأقرب".
تحمل اللوحة إلى جانب خريطة فلسطين الطولية، رموزا تعني ياسين بصورة شخصية كما يقول؛ إذ يعتليها شعار "العودة حق مقدّس"، وعليها علّق مفتاح منزل عائلته "الحقيقي" الذي هجّرتها العصابات الصهيونية منه في قرية "سَلَمة" قضاء يافا في نكبة عام 1948. إلى جانب صورة الثائر الأممي " جيفارا"، والأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني ، و"المثلث الأحمر" الذي بات رمزا لعمليات المقاومة في غزة منذ طوفان الأقصى.
يقول ياسين، باعتباره فلسطينيا يعيش ويعمل في أحد أقدم مخيمات اللاجئين بالأردن منذ النكبة ، إن "العودة حق مصيري وضروري كي يستطيع الشعب الفلسطيني أن يرجع ليحيا بصورة طبيعية".
مبادرة إنسانية
اختار إحسان ياسين افتتاح مركز البصريات في أحد أزقة مخيم الوحدات المكتظة شرقي العاصمة الأردنية عمان ، حيث تتشابك تفاصيل الحياة اليومية بين المعاناة والأمل، وقد تحوّل في السنوات الأخيرة إلى وجهة صحية لكثير من السكان اللاجئين هنا.
ولم يغادر ياسين (55 عاما)، ابن المخيم الذي حمل من اسمه نصيبا، المكان رغم الصعوبات، بل عاد إليه بعد تخرجه في تخصص البصريات، ليؤسس مشروعا يصفه الأهالي بأنه "أقرب للمبادرة الإنسانية منه إلى النشاط التجاري".
ولد إحسان وترعرع بين أزقة المخيم، وعرف سكانه عن قرب، فاختار أن يبقى إلى جوارهم، موفرا لهم ما يعجزون عن تحمله من تكاليف الفحص والعلاج في العيادات الخاصة، فكانت البداية من الحاجة.
ومع خدماته الصحية، سعى ياسين إلى تجذير قضية النكبة الفلسطينية، وحق العودة إلى الوطن في عقولهم وأذهانهم من خلال فحص نظرهم على خريطة فلسطين بمشاهدة أسماء القرى والمدن الفلسطينية كبديل عن الأحرف المعروفة لفحص النظر كما جرت العادة.
ومن يجتاز الاختبار بمشاهدة أسماء تلك المدن والقرى بحجم الخط المعروض على الخريطة، يكون بذلك قد نجح أو فشل في فحص النظر، كما يقول.
معاناة كبيرة
نشط إحسان في تحويل مركزه إلى محطة خدمات صحية بعدما لاحظ حجم المعاناة التي يتكبدها سكان المخيم، خصوصا المسنين وطلبة المدارس، في الوصول إلى خدمات البصريات. ومع ضيق ذات اليد وصعوبة الانتقال إلى العيادات خارج المخيم، قرر أن يفتتح مركزا صغيرا داخل المخيم لتقديم فحوصات النظر وبيع النظارات بأسعار رمزية.
يقول إحسان للجزيرة نت، إن بدايات المركز لم تكن سهلة، فقد واجه صعوبات عديدة في تأمين المعدات الأساسية والعدسات الطبية، إلى جانب التحديات المالية والإدارية، لكنه تمسك بفكرته، مستندًا إلى دعم مجتمعي، منح المشروع دفعة قوية للانطلاق.
ويشير إلى أن الظروف المعيشية القاسية داخل المخيم، كانت دافعا لتوسيع نشاط المحل، ليصبح أشبه بمركز بصري مجتمعي يُجري فحوصات مجانية دورية لكبار السن وطلبة المدارس، ويوفر خصومات خاصة للأسر المحتاجة، ويتعاون مع جمعيات خيرية ورسمية لتوفير نظارات طبية مجانية لمن لا يستطيع الدفع.
خدمة تتجاوز البيع
لم يعد "إحسان للبصريات" مجرد محل تجاري، بل صار مساحة إنسانية لرعاية سكان المخيم البصرية. ويقول إحسان إن هدفه من بيع النظارات الطبية ليس الربح، بل التخفيف عن الناس "كي يروا أزقة مخيمهم بوضوح أكبر"، ويضيف أن المحل بات أيضا محطة تدريب لعدد من طلاب البصريات والمتطوعين الشباب، الذين أبدوا رغبة في المشاركة بخدمة الناس.
كما حاز مشروعه على إشادة من مؤسسات صحية وتنموية محلية، وبدأت بعض الجمعيات تطرق بابه لتنسيق حملات صحية مشتركة، تعنى برفع الوعي بأهمية فحص النظر الدوري، خاصة للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتعاون إحسان مع العديد من الجمعيات الخيرية والإنسانية، كجمعية مرضى السرطان، وجمعية المكفوفين الأردنيين، والروابط والدواوين الفلسطينية في الأردن، كما يقوم بشكل دوري بتنظيم يوم طبي مجاني لفحص النظر لأبناء المخيمات الفلسطينية.
ومنذ افتتاح المركز في عام 1998، لم تتوقف أحلام إحسان عند حدود المحل الصغير. إذ يطمح اليوم إلى إنشاء مركز بصريات متكامل داخل المخيم، يضم عيادات مجهزة وفريقا طبيا متكاملا، يكون مرجعا بصريا لسكان المخيم والمناطق المجاورة.
ويأمل إحسان الحصول على دعم من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الصحية لتحقيق هذا المشروع، الذي يرى فيه طوق نجاة حقيقيا لآلاف اللاجئين الذين يعانون من غياب الرعاية الصحية الكافية.
ظروف صعبة
يُعتبر مخيم الوحدات من أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني في الأردن ، وقد أُنشئ عام 1955 على مساحة لا تتجاوز نصف كيلو متر مربع، جنوب شرقي العاصمة عمّان.
وهو واحد من 4 مخيمات تأسست بعد النكبة عام 1948، لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا من بلادهم قسرا. ويقدر عدد سكان المخيم اليوم بأكثر من 100 ألف لاجئ، يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان
أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ، اليوم الخميس، وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بأنهما "إرهابيان"، محمّلهما مسؤولية تدهور الوضع في إسرائيل داخليا وخارجيا. وقال أولمرت في تصريحات لإذاعة "103 إف إم" الإسرائيلية إن "السياسة التي يقودها إرهابيان هما بن غفير وسموتريتش تُسبب كارثة لإسرائيل، وستؤدي إلى عزلتها ونبذها من العالم أجمع". وردا على سؤال مباشر بشأن وصفه لهما بـ"الإرهابيين"، أجاب: "نعم بالتأكيد، إرهابيان". وانتقد أولمرت بشدة استمرار الحرب على قطاع غزة، قائلا: "هذه حرب بلا هدف وبلا أي أمل للنجاح، وإنما خداع وتباهٍ متعجرف لا أساس له". ودعا أولمرت إلى "وضع حد لتجاوزات الحكومة وغطرستها"، مشددا على أن إسرائيل تنجرف نحو الهاوية تحت قيادة حكومة "متطرفة وفاشية"، حسب تعبيره. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها ضد حكومة بنيامين نتنياهو، وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 175 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.

"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك
"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك

في واحدة من أبشع صور العقاب الجماعي في العصر الحديث، يرزح أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت حصار شامل تجاوز 80 يوما، فرضه الاحتلال الإسرائيلي بقبضة من نار وجوع. في ظل شُحٍّ خانق في الغذاء، والماء، والدواء، تحوّل القطاع إلى مسرح لمأساة إنسانية ممنهجة، تُدار بدقة لا تمنع الانهيار الكامل، لكنها تُبقي على الألم حيّا. ورغم دخول دفعة محدودة من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أثار هذا التحرك موجة غضب وانتقادات واسعة من قِبَل نشطاء ومنظمات إنسانية، الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها لا تعدو كونها "قطرة في بحر" من الاحتياجات الهائلة لأكثر من مليوني إنسان محاصر، في ظل ظروف إنسانية تُوصف بأنها من الأسوأ في تاريخ الحصار الحديث. وتزامن دخول عدد محدود من شاحنات المساعدات مع تشكيك منظمات إنسانية وهيئات أممية، وصفته بأنه مجرد محاولة تجميلية، مؤكدين أن الكميات المدخلة شحيحة جدا، ولا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية الهائلة لأكثر من مليوني إنسان. في هذا السياق، أشار مغرّدون إلى أن أول دفعة من المساعدات التي دخلت قطاع غزة، بعد أكثر من 3 أشهر من الحصار، لا تمثل سوى "قطرة في بحر" المعاناة الإنسانية، مؤكدين أن دخول المساعدات جاء بعد 3 أيام من ترويج الاحتلال الإسرائيلي لمزاعم كاذبة حول تسهيل وصول المساعدات. وأكد مغردون أن ما دخل لا يمثل شيئا مقارنة بحجم الكارثة، بل قد يُستخدم كـ"لقطة إعلامية" تخدم الاحتلال في الترويج لدعاية زائفة بأنه يسمح بالمساعدات. وأشار عدد من المغردين إلى أنه في الأيام العادية، دون حرب أو حصار، يحتاج القطاع إلى نحو 500 شاحنة يوميّا. أما اليوم، وبعد انقطاع دام 3 أشهر، لم يدخل سوى 91 شاحنة فقط. ويرى آخرون أن ما يجري في غزة هو "إدارة ممنهجة للمجاعة" وليس استجابة إنسانية حقيقية. فإسرائيل لا تمنع المجاعة، بل تديرها بحسابات دقيقة، تضمن عدم حدوث انهيار كامل يستدعي تدخلا دوليا مباشرا، وفي الوقت نفسه تمنع عودة الحياة إلى طبيعتها، حتى تُكمل مشروعها العسكري والسياسي في القطاع. وأكد عدد من المغردين أن إسرائيل تُنتج "مشاهد إعلامية مضللة" عبر طوابير شاحنات محدودة لتُظهر أمام الإعلام العالمي أنها تقوم بواجبها الإنساني، بينما الحقيقة أنها تُطبّق سياسة التجويع كسلاح حربي. وحتى نوعية الغذاء وكميته محسوبة بالسعرات، لا تُشبع ولا تُغني من جوع. إعلان وحذّر مغرّدون من التورّط في نقل الرواية الإسرائيلية دون نقد أو تحليل، مؤكدين على ضرورة كشف الحقيقة كاملة أمام الرأي العام. وقال أحد المغردين: "ما يحدث ليس إدخال مساعدات إنسانية حقيقية، بل إدارة مدروسة للجوع تستخدمها إسرائيل كأداة سياسية وعسكرية". وأكد آخرون أن ما يجري في غزة ليس هدفه إنقاذ الناس، بل كسب غطاء قانوني واستمرار الحرب دون ضغط دولي، وأن إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة لإخفاء جرائم التجويع والإبادة. من جهته، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 87 شاحنة مساعدات متنوعة دخلت إلى القطاع مساء الأربعاء، وقال إنه تم تخصيص هذه الشاحنات لصالح عدد من المؤسسات الدولية والأهلية لتلبية احتياجات إنسانية مختلفة. وفي وقت سابق، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الاحتلال الإسرائيلي يضلل العالم بادعاء إدخال مساعدات إلى قطاع غزة، في حين يدير أبشع جرائم التجويع والإبادة في العصر الحديث، بينما حذرت الأمم المتحدة من وفاة 14 ألف رضيع بغزة إذا لم تدخل مساعدات في غضون 48 ساعة. وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store