
مرض أجسام ليوي: ماذا نعرف عنه؟ ولماذا يخلط أطباء بينه وبين الزهايمر؟
Getty Images
اكتشف الأطباء إصابة روبن ويليامز بمرض أجسام ليوي بعد وفاته
عاش فؤاد ست سنوات مع تشخيص خاطئ لطبيب ظن أنه مصاب بمرض الزهايمر.
عند سفر طبيبه المعالج خارج البلاد، قصد فؤاد طبيباً آخر أخضعه لفحوصات جديدة، كشفت عن إصابته بمرض يدعى مرض أجسام ليوي Body of Levy dementia .
تشمل أعراض هذا المرض ارتجاف أعضاء الجسد، واختلال التوازن، وفقدان الذاكرة، ما قد يؤدي إلى تشخيصه خطأً على أنه الزهايمر أو باركنسون.
شاع اسم هذا المرض عالميًا بعد الإعلان عن إصابة الممثل الأمريكي الشهير روبن ويليامز به. لكن ويليامز أقدم على الانتحار نتيجة الاكتئاب، دون أن يعلم بإصابته بمرض "أجسام ليوي". وكان تشخيص أطبائه قبل وفاته أنه مصاب ببداية مرض باركنسون.
فماذا نعرف عن مرض "أجسام ليوي"، ما مدى خطورته وما هو علاجه؟
ما هي "أجسام ليوي"؟
عام 1912، لاحظ طبيب الأعصاب الألماني فريتز هاينريش ليوي (1885 – 1950) وجود شوائب عصبية في أدمغة من يعانون من الشلل التشنجي أو الرعاشي (مثل مرض باركنسون). هذه الشوائب هي عبارة عن تجمعات غير طبيعية من البروتين تتراكم وتتطور داخل الخلايا العصبية.
أطلق فريتز، الذي غيّر اسمه لاحقاً إلى فريديريك هاينريش ليوي، اسم "أجسام ليوي" على هذه التجمعات. وهي جسيمات تحتوي على بروتينات، أبرزها ألفا-سينوكلاين، المسؤول عن تلف الخلايا العصبية في الدماغ.
هاجر ليوي من ألمانيا عام 1933 هرباً من النظام النازي، واستقر لاحقاً في الولايات المتحدة حيث طوّر أبحاثه. واستمرت الأبحاث بعد وفاته عام 1955، حتى تمكن مجموعة من الأطباء من إصدار معايير تشخيص "مرض أجسام ليوي" عام 1996.
ويُعرّف مرض أجسام ليوي اختصاراً على أنه مرض يتلف الخلايا العصبية في الدماغ نتيجة تراكم بروتينات تعرف باسم "أجسام ليوي".
أعراض مرض أجسام ليوي
أولى الأعراض التي عانى منها فؤاد (اسم مستعار) هي عدم قدرته على توقيع اسمه، وفق ما روت ابنة شقيقه ليال.
"في إحدى المرات، لم يتمكن من تذكر كيفية توقيع اسمه على الأوراق في المصرف".
وأضافت ليال قائلة إنه كان أحياناً يسقط أرضاً بشكل مفاجئ أثناء سيره. وبعد أن لاحظت العائلة أكثر من مرة أنه ينطق بصعوبة، قصدت طبيب أعصاب طلبا للمشورة.
يقول طبيب الأعصاب المحاضر في جامعة البلمند في لبنان، البروفسور سهيل جبيلي في لقاء مع بي بي سي عربي، إنّ أجسام ليوي تنتشر في خلايا أعصاب الجسم قبل أن تتراكم وتؤثر في أعصاب الدماغ.
والدليل بالنسبة لجبيلي هو أنّ أولى أعراض مرض أجسام ليوي هي فقدان حاسة الشمّ. ويشير جبيلي إلى أنّ معظم فاقدي حاسة الشمّ لا يدركون إلا بعد إجراء فحوصات.
الأعراض الأخرى التي تظهر في بدايات المرض هي تقلبات أثناء النوم، لا سيما في فترة الأحلام، أو ما يعرف باضطراب حركة العين السريعة.
ويذكر جبيلي عارضاً ثالثاً قبل الانتقال إلى ضرب خلايا الدماغ، وهو إصابة الأعصاب المسؤولة عن ضغط الدم، فيسقط الشخص أرضاً عند محاولته الوقوف.
"هذه هي الأسباب التي تدفعني عند التشخيص إلى العودة مع المريض عشر سنوات إلى الوراء".
يتابع جبيلي قائلاً إنّ هناك أعراضاً أخرى تظهر مع تطوّر المرض مثل ارتجاف الأعضاء والتشنّج والهذيان.
ويوضح أنّ الهلوسة التي ترافق مرض أجسام ليوي "غريبة، ولا تزعج المريض". ويشير إلى أنّه في حالة الهلوسة أو الهذيان يكون المريض متفرجاً وكأنه شاهد على أشياء تحدث أمامه، أمّا في حالة الزهايمر، يشعر المريض أنه معني أو منخرط في ما يراه أو يتهيأ له.
تغيّر السلوك أو الشخصية هو من أعراض ليوي أيضاً. وقد يغضب المريض أو يصاب بالاكتئاب أو يميل إلى الانعزال أو يتحول إلى شخص مفرط النشاط.
ويلفت إلى أنّ هذا هو ما حدث مع روبن ويليامز في إشارة إلى إصابته باكتئاب شديد قبل إقدامه على الانتحار.
ويقول طبيب الأعصاب المختص السعودي هيثم الطيّب، العضو في الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر في اتصال مع بي بي سي إنّ مرض أجسام ليوي يُصنف من ضمن الأمراض الضمورية العصبية التي تصيب الإنسان في مرحلة متأخرة من العمر، أي بعد سن الستين.
ويضيف قائلاً إنها من الأمراض البطيئة، لكن أعراضها تتدهور وتتزايد وتؤدي مع الوقت إلى فقدان الإنسان كامل إدراكه وكامل حركته، "ويتحول إلى معتمد على ذويه بشكل تام، ويصبح فريسة للالتهابات".
التشخيص الخاطئ
تروي ليال (اسم مستعار) أن أحد الأطباء وصف لفؤاد دواءً لمرض الصرع وأطلق تشخيصه بناءً على حوادث سقوط عمّها أرضاً مراراً بشكل مفاجئ. وأوصى طبيب الأعصاب الذي عالجه لاحقاً، والذي شخّص أنه يعاني من الزهايمر، بمتابعة هذا الدواء.
وأشارت ليال إلى أن الدواء ترك أثراً سلبياً على عمّها، إذ فقد القدرة على السير والكلام، إلى أن خضع بعد سنوات لكشف آخر مع الدكتور سهيل الجبيلي.
أولاً، أخضعه جبيلي لكشف تخطيط للدماغ ليجد أنه لا أثر لمرض الصرع، فأوصى بإيقاف الدواء تدريجياً. وبعد ملاحظة تحسن حالة فؤاد واستعادة القدرة على السير والنطق، قال الدكتور جبيلي إنه بالتأكيد لا يعاني من الزهايمر، وشخّص بعد عدة اختبارات أن فؤاد يعاني من مرض أجسام ليوي.
ويؤكد سهيل جبيلي أن تشخيص "مرض أجسام ليوي" لم يكن محدداً وكان يُصنف على أنه باركنسون. والسبب في ذلك هو أن تجمع البروتين في خلايا الدماغ العصبية هو نفسه المسؤول عن باركنسون ومرض أجسام ليوي، لكن توزيعها في الدماغ يختلف. ففي حالة الإصابة بالباركنسون، تنتشر هذه البروتينات في الموقع المسؤول عن حركة الجسم في الدماغ، بينما في حالة مرض أجسام ليوي، تنتشر البروتينات في كافة أنحاء الدماغ.
ويؤكد جبيلي أن صدور معايير التشخيص ساهمت بشكل كبير في تحديد المرض. ويجمع أكثر من مركز أبحاث خاص بأمراض الخرف على أن "مرض أجسام ليوي" يصعب تشخيصه. وإلى جانب الخلط بينه وبين باركنسون، يُشخّص مرض أجسام ليوي في حالات عديدة على أنه الزهايمر، لأن أعراضه تشمل فقدان الذاكرة.
Getty Images
أعراض فقدان الذاكرة لدى مريض أجسام ليوي تأتي لاحقاً والعكس بالنسبة لمريض الزهايمر
ويشير الطبيب السعودي الدكتور هيثم الطيّب إلى أنه "من الخصائص العرضية لمرض أجسام ليوي وجود أعراض باركنسونية" (أي مشتقة من مرض باركنسون). ويؤكد أن مرض أجسام ليوي مختلف، لكن هناك تشابهًا في الأعراض الحركية بين الاثنين. ويضيف الطيّب بالقول: "التشابه يتعدى الأعراض، ويشمل نوعية البروتينات المترسبة".
ويقول إنه في حال مرض أجسام ليوي تظهر الأعراض الإدراكية قبل الأعراض الحركية، أما في حالة الإصابة بباركنسون يحدث العكس. "لذلك يصعب علينا أحيانًا تحديد أي الأعراض ظهرت أولاً، لأن هذه الأمراض بطيئة في ظهورها، وبالتالي قد يأتينا مريض بعد فترة من ظهور الأعراض ويعاني الجانبين منها، دون أن نتمكن من تحديد أيهما بدأ قبل الآخر".
ويشير الدكتور هيثم إلى أن حالات التشخيص الخاطئة لا حصر لها، وجزء من أسبابها قلة المختصين في تشخيص هذا النوع من الأمراض. "لا يتعدى عددنا مثلاً في السعودية 15 طبيبًا مختصًا".
ويقول الدكتور جبيلي إنه بسبب صعوبة التشخيص ووجوب العودة مع المريض إلى أعراض ظهرت منذ خمس سنوات على الأقل، "قد يتساهل المجتمع الطبي مع مسألة التشخيص ويذهب سريعًا نحو تحديد المريض على أنه زهايمر أو باركنسون". لكنّ تطور المرض يدفع إلى التشكيك بتشخيص الزهايمر أو الباركنسون، بحسب جبيلي.
يتابع جبيلي بالقول: "إن طبيب الأعصاب يُستدعى عادة حين تنتقل أجسام ليوي إلى الدماغ. كنا نعتقد سابقًا أنه (المرض) الزهايمر أو نوع مشابه، لكن لم يتم التشخيص إطلاقًا للأمور التي ليس لها علاقة بالدماغ، وهي مهمة جدًا".
أما الفرق الأكثر وضوحًا بينه وبين الزهايمر، وفق جبيلي، فهو أن مريض الزهايمر يفقد ذاكرته تدريجيًا دون عودة. "أما المريض بأجسام ليوي، تجده طبيعيًا، قد يخطئ أثناء القيام ببعض أعماله أو تركيب بعض الأشياء". ويوضح قائلاً إن أولى عوارض الزهايمر هي النسيان، بينما عوارض النسيان أو فقدان الذاكرة لدى مرضى أجسام ليوي تأتي لاحقًا.
Getty Images
تخطيط دماغ يظهر الإصابة بمرض الباركنسون (اللون الأزرق والأخضر)
ما هي آليات التشخيص الطبي لمرض أجسام ليوي؟
يقول الدكتور هيثم إن هناك فحوصات سريرية في البداية يجريها مختصون يستطيعون التفريق بين الأمراض الضمورية وبين أنواع أمراض الباركنسون.
"هناك بعض الاختبارات مثل اختبار الأشعة البوزيترونية Pet scan وتحديداً اختبار يتضمن نوع من الأشعة النووية Dat scan وهي ذات حساسية عالية للكشف عن التغيرات المرضية التي تحدث في نسيج الدماغ لمرضى أجسام ليوي".
Getty Images
رسم لدماغ مريض بأجسام ليوي يظهر موقع تلف الخلايا العصبية
أسباب تتعلق بأسلوب حياتنا
يلفت جبيلي إلى أن جميع الأمراض العصبية التنكسية مثل الألزهايمر، باركنسون، وأجسام ليوي تنتج عن تراكم مواد ناتجة عن أسلوب حياتنا اليومي، مثل تناول اللحوم والمنتجات الكيميائية، خاصة مع التطور والابتعاد عن الطبيعة، مما حول حياتنا إلى حياة صناعية مليئة بالمواد الكيميائية. وهذا يؤدي إلى تراكم مواد نطلق عليها اسم "مواد سامة"، لا يستطيع الجسم التخلص منها إذا كانت مستمرة وبأعداد كبيرة. ويضيف جبيلي أن حالات الاكتئاب واليأس قد تكون عوامل محفزة، لكنها ليست السبب الرئيسي.
هل يوجد علاج؟
ليس لمرض "أجسام ليوي" علاج نهائي، لكنّ دكتور جبيلي يلفت إلى أنّ هناك دواء يستخدم في مرض الزهايمر يساعد المريض " على التحسن قليلاً أو الحفاظ على استقرار وضعه".
"أولاً يجب طمأنة المريض والأهل بأنه لا يعاني من الزهايمر، وأنه يستطيع متابعة القيام بأعماله في المرحلة الأولى بشكل طبيعي. لأن مرض "أجسام ليوي" بطيء وأعراضه خاصة تلك المرتبطة بفقدان الذاكرة، مختلفة تماماَ عن الزهايمر.
في مرحلة لاحقة لن يستطيع القيام بأعماله وعلى المريض والعائلة التأقلم مع الوضع الجديد.
و"على المريض أن يبقى تحت المراقبة لأنك لا تعلم متى يقوم بأعمال غير إرادية".
يقول د. جبيلي إنه لا يعالج الهلوسة الناتجة عن "أجسام ليوي" لأنها قد تؤثر سلبياً على المريض. بل يعمد د. جبيلي إلى التحدث عن الهلوسة مع المريض ومع عائلته التي يقلقها الأمر. وعادة يسمع من المريض أنّ "الهلوسة لا تضايقه. فهو (المريض) يحسب نفسه متفرجاً لا أكثر".
ويضيف أنه من المهم إعطاء المريض الأدوية التي تساعد على النوم، "سيشعر بتحسن إن استطاع أن ينام بشكل أفضل". والأدوية التي تساعد على العلاج من حالة اليأس أو الإحباط.
الأهمّ بالنسبة لجبيلي هو التذكير بأنه من ضمن تشخيص هذا المرض، توصية بعدم إعطاء الأدوية التي تعالج الهلوسة أو الهذيان لأنها تؤدي إلى تداخلات لا يتحملها المريض بأجسام ليوي. "في حال تناول مريض دواء خاص بالباركنسون أو الزهايمر وأغمي عليه، عليك أن تفكر هنا بأجسام ليوي".
يستقبل جبيلي حالات مرض أجسام ليوي بمعدّل مريض واحد كل شهر.
حين عالج فؤاد، صادف أنه كان يعالج مريضين أو ثلاثة يعانون من المرض ذاته
ورافق سهيل جبيلي فؤاد وعائلته أكثر من سبع سنوات، ورأى تحسناً واضحاً في بداية مرافقته، وبعد إلغاء التشخيص الأول، وتغيير نوع الأدوية.
الأمر ذاته بالنسبة للدكتور هيثم الطيّب في السعودية، فهو يرى أنّ مضادات الذهان التي قد تكون مغرية للاستخدام عند بعض مرضى أجسام ليوي الذين يعانون من الهلوسة.
"قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، فمن أعراضها الجانبية بطئ حركة الباركنسون، فإذا استخدمت قد ينتج عنها تدهور شديد في قدرة المريض على الحركة بما في ذلك العضلات التنفسية وقد يؤدي ذلك الى الوفاة".
وتحدث بدوره عن بعض المهدئات ومضادات الاكتئاب وبعض الادوية التي تستخدم في علاج الزهايمر تفيد في وضع مرض ليوي.
ويضيف الطيّب قائلاً إنّ "هناك بعض التركيبات التي تساعد على إزالة بروتين السينوكلين من الدماغ، في محاولة لإبطاء تدهور الأعراض . لكن حتى الآن لم ينجح أي من هذه التركيبات أن يغير من مسار المرض، جميعها تجارب فاشلة للأسف الشديد".
دور العائلة
قد يقلب مرض أجسام ليوي حياة عائلة المريض رأساً على عقب.
تقول ليال إنّ العائلة كانت بجانبه 24 ساعة في اليوم.
بالإضافة إلى العناية والمساعدة ووجود ممرض ومعالج فيزيائي وتدخل أخصائية في معالجة النطق، كان على العائلة الاهتمام بممارسة فؤاد النشاطات التي يحبها وبرفع معنوياته طوال الوقت.
تقول إن المريض بحاجة إلى تمارين وإلى ترفيه وإلى خلق روتين في حياته. وأضافت أنه بحاجة أيضاً إلى أن يكون محاطاً من أفراد العائلة.
وتؤكد أنّ هذه الوسائل كانت ناجحة مع عمّها الذي حافظ على روح إيجابية في معظم مراحل المرض.
تدهور وضع فؤاد تدهور سريعاً في الأيام الأخيرة قبل وفاته، وفق ما روت ليال، لا سيما خلال فترة الحرب الأخيرة بين إسرائيل ولبنان، وسفر بعض الأقارب الذي كانوا إلى جانبه.
"زادت الهلوسات وفقد القدرة تماماً على التحرك والنطق".
فقد فؤاد القدرة حتى على ابتلاع الطعام والأدوية، وأصيب بعد ذلك بالتهاب الرئة. وتوفي عن عمر يناهز 87 عاماً.
Getty Images
دور العائلة ورعايتها مهمّ جداً في علاج مرضى أجسام ليوي
يؤكد جبيلي في مسألة العلاج أنه على العائلة تأمين "محيط آمن" للمريض. وذلك لأنه سيعاني "من تقلبات، أي أنه قد يغادر المنزل ولا يعود، قد ينطق بكلام غريب أو يقع عن سريره...".
ويوصي جبيلي في موضوع العلاج أولاً توعية العائلة والمجتمع. وثانياً مسألة التعامل مع المريض، وإخضاعه للعلاج السلوكي المعرفي (cognitive behaviour therapy)، الذي يضع المريض في جوّ معيّن يمكّنه من الاستفادة من قدراته العقلية ليهتم في حياته ويبقى منتجاً ولا يشعر بعزلة، وخاصة أن مريض أجسام ليوي يستطيع معرفة نفسه وعائلته والمجتمع من حوله بعكس مرض الزهايمر.
ويرفض استخدام مصطلح "خرف أجسام ليوي" لما للكلمة من تأثير سلبي على المريض وفي المجتمع.
ويضيف البروفسور جبيلي قائلاً إنّ هناك مرحلة تكون فيها جودة الحياة أمراً مهمّاً، نستطيع معها أن نؤمن حياة يومية مقبولة رغم الإصابة بمرض ليوي.
ويقول الدكتور هيثم الطيّب إنّ أفراد العائلة هم شركاء المريض في رحلة معاناة طويلة.
"بعد التشخيص يضع الأطباء مع المريض وعائلته برنامجاً لرفع جودة الحياة وتخفيف العبء عنه".
ويتحدث عن تدخل بعض العلاجات التأهيلية مثل التأهيل النفسي والتأهيل السلوكي.
ويؤكد أن توجيه الفريق المعالج للعائلة ودعمها ومساعدتها على الحفاظ على الرابط الإنسان المعنوي بين أفرادها وبين المريض، "أهمّ من ما يقدمه الفريق المعالج".
ويذكّر بأنّ مرضى أجسام ليوي يفقدون الكثير من القدرات الإدراكية، "لكنهم يتذكرون ولو جزئيا الشخص الذي يعرفونه جيداً ويحبونه".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 6 ساعات
- الوسط
الغزيون يخشون من إغلاق محطات المياه مع توسيع إسرائيل هجومها
Getty Images تعاني غزة نُدرة في مصادر المياه بعد أن قطعت إسرائيل خطوط الكهرباء عن محطات التحلية في القطاع في مارس/آذار الماضي يتفاقم نقْص المياه الصالحة للشُرب في غزة، في ظلّ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها العسكرية في القطاع، ما يتسبب في موجات جديدة من النزوح. وفي غضون ذلك، ينفد الوقود من محطات تحلية المياه ومرافق الصرف الصحي، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن شركاء له يحذرون من مغبّة عدم استلام وقود بشكل عاجل. ويحذّر هؤلاء الشركاء من احتمال الوصول إلى "إغلاق تام" لمرافق المياه والصرف الصحي بنهاية الأسبوع الراهن. وكانت إسرائيل قد قطعتْ في مطلع شهر مارس/آذار الماضي خطوط الكهرباء عن المحطات الرئيسية لتحلية المياه في القطاع، والتي تُعدّ مصدراً حيوياً للمياه بالنسبة للغزيّين. وبرّرت إسرائيل هذه الخطوة بأنها للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها. BBC هكذا توزَّع المياه في غزة هذه الأيام وعلى الرغم من إعلان إسرائيل مؤخراً أنها بدأت في السماح بدخول الإمدادات الأساسية إلى غزة، إلا أنّ الوقود ليس بين تلك الإمدادات حتى الآن. ومع ذلك، وصلت كميات من مياه الشرب على متن عشرات الشاحنات التابعة للأمم المتحدة التي دخلت القطاع - مع مؤن أخرى لم يتم توزيعها بعد. وقال آباء لبي بي سي، إن أطفالهم - على مدى 19 شهراً من الحرب - اعتادوا على شُرب مياه مالحة، ونتيجةً لذلك، يقول أطباء إنهم رصدوا ارتفاعاً في الشكاوى من أمراض خطيرة متعلقة بالكُلى. وفي ذلك قال رائد الزهارنة، وهو والد لأربعة أطفال في خان يونس، إن "المياه التي نشربها ذات طعم هو مزيج متساوٍ من الحلاوة والملوحة". ومثل معظم الغزيين الآن، يعتمد الزهارنة على المياه التي تدخل القطاع على متن الشاحنات. وأضاف الزهارنة لبي بي سي: "نعلم أنها مياه غير صالحة للشرب، ومع ذلك نشربها. ونعاني آلاماً في المَعدة وإسهالاً ولكننا نتعايش مع ذلك؟ وماذا يمكننا أن نفعل؟ نحتاج إلى الشُرب. ليس أمامنا بديل". BBC جوناثان كريكس من اليونيسيف يقول إن الإنتاج تراجع بنسبة 80 في المئة في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كان لا يزال هناك صوت عالٍ - هو صوت حركة الآلات - في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة، والتي كان جوناثان كريكس من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في زيارة إليها. وقال كريكس إن الإنتاج في هذه المحطة قد تراجع بنسبة 80 في المئة نتيجة لانقطاع الكهرباء. ومع ذلك، كانت المحطة لا تزال قادرة على إنتاج آلاف اللترات يومياً. وأوضح كريكس لبي بي سي: "المشكلة أن إنتاج المياه يتطلب وقوداً، ثم بعد ذلك تكون هناك حاجة إلى شاحنات لنقل تلك المياه إلى مختلف التجمّعات السكانية". ولفت كريكس إلى أن "هذه العملية صعبة؛ حيث إنّ لدينا كميات ضئيلة جداً من الوقود، لا تكفي لإنتاج المياه ولتشغيل الشاحنات اللازمة لنقلها إلى الناس". وفي الأيام الأخيرة، لجأ الناس في غزة إلى استخدام العربات التي تجرّها الحمير لتوزيع المياه، لكن إسرائيل صعّدت هجماتها العسكرية ما أسفر عن موجات نزوح جديدة لنحو 140 ألف شخص في شمال وجنوب القطاع - وقد فاقم ذلك من صعوبة الوضع. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن مرافق تحلية المياه والصرف الصحي في غزة تضرّرت بشدّة نتيجة النقص المزمن للوقود في القطاع. وبحسب المكتب الأممي، فإنه لا يوجد حالياً وقود في شمال غزة، وأنه لم يصل في الأسبوع الماضي غير نصف الكمية التي تحتاجها المنطقة - وهذا يعني مزيداً من تقليص ساعات التشغيل في آبار المياه، فضلاً عما يُنذر به من إغلاق تام. وفي جنوب غزة، لم تتلقَّ مرافق المياه التابعة للأمم المتحدة أي وقود، على الرغم من الحاجة إلى نحو 140 ألف لتر من الوقود أسبوعياً من أجل تشغيل هذه المرافق. وقد تسبب ذلك، وفقاً للمكتب الأممي، في تقليص مرافق تحلية المياه والصرف الصحي ساعات عملها بأكثر من الخُمس. BBC يقول الغزيون إنهم يضطرون إلى شرب مياه مالحة عندما لا يجدون بديلاً آخر ويقول موظفو الأمم المتحدة إنهم يحاولون يومياً الحصول على وقود من مستودعات موجودة في مناطق تحتاج إلى تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، مثل رفح - التي أصبحت وجهةً للعمليات العسكرية. ومع ذلك تُقابَل تلك المحاولات بالرفض المستمر من جانب إسرائيل، التي منذ أنْ فرضتْ حصاراً كاملاً على غزة في يوم الثاني من مارس/آذار، لم تسمح بدخول وقود جديد إلى القطاع. وقال غازي اليازجي، إخصائي أمراض الكُلى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، إنه لاحظ المزيد من المرضى الذين يعانون بسبب شُرب المياه الملوثة والمياه عالية الملوحة. وأضاف اليازجي لبي بي سي: "ليس لدينا أرقام محددة، لكن الحالات في تزايد ملحوظ، لا سيما بين الأطفال". وحتى قبل الحرب، كانت غزة تشهد معدلات مرتفعة نسبياً من أمراض الكُلى، بسبب نقص المياه وتدنّي جودة الإمدادات. وقال اليازجي إن مستشفى الشفاء لديها 220 مريضاً في حاجة إلى غسيل كُلوي، وإنهم أصيبوا نتيجة تدنّي جودة مياه الشُرب في قطاع غزة. وأشار اليازجي إلى أن كثيرين من مرضى الكُلى في غزة فارقوا الحياة مؤخراً.


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
إنفلونزا الطيور: لماذا يستعد العلماء لوباء بشري جديد؟
Getty Images وصلت سلالة H5N1 شديدة الخطورة من إنفلونزا الطيور إلى كل القارات باستثناء أستراليا يشكّل مرض منتشر في آلاف المزارع منذ أشهر خطراً على البشرية، الأمر الذي يؤرق العلماء من أنه قد يؤدي إلى وباء جديد . الباحثون الذين يدرسون تطور الأمراض، يحذرون من أننا قد لا ندرك أن الولايات المتحدة اجتازت بالفعل نقطة التحول التي تؤهل إنفلونزا الطيور لتصبح جائحة بشرية، وذلك بسبب ضعف المراقبة. ولنطلق عليها اسمها الحقيقي، سلالة إنفلونزا الطيور شديدة الخطورة H5N1، فقد وصلت الآن إلى جميع القارات باستثناء أستراليا. حتى أنها رُصدت في طيور البطريق في القطب الجنوبي، والإبل في الشرق الأوسط. وقد تم رصد المرض مؤخراً في الطيور البرية والثدييات في كل واحدة من الولايات الأمريكية الخمسين. ووفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية، فإن المرض انتقل من مزارع الدواجن ليصيب أكثر من 1000 قطيع من الأبقار. وقد سُجّلت ما لا يقل عن 70 إصابة بشرية، وتوفي شخص واحد. وترى عالمة الأوبئة الدكتورة كايتلين ريفرز، الأستاذة المشاركة في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، أن إدارتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السابق جو بايدن، أضاعتا فرصاً حاسمة لوقف انتشار المرض، مثل عدم توحيد تعليمات نقل المواشي عبر الحدود في الولايات المتحدة. وتقول إن "إنفلونزا الطيور ليست مشكلة مؤقتة. كان هناك اعتقاد خاطئ بأنها ستتلاشى، أما الآن، فقد أصبح هناك إدراك بأنها مشكلة تحتاج إلى معالجة". وتضيف أن "الأولوية الكبرى الآن هي الكشف عن المرض. فالعثور على حالات بين البشر، لمعرفة كيفية تطوره، هو التحدي الأكبر". BBC هل إنفلونزا الطيور هي الوباء القادم؟ علماء الأوبئة قلقون بشدة من أن العالم، وليس فقط الولايات المتحدة، قد لا يكون مستعداً بشكل كافٍ. ويقول كامران خان أستاذ الطب بجامعة تورنتو، إنْ "مُنِحَ المرضُ مساحةً كافيةً للتطور والتكيف مع إصابة ثدييات أخرى، فالمقلق هو ما إذا كان التفشي الحالي بين الحيوانات في الولايات المتحدة هو في الواقع مجرد بداية لوباء آخر". وأضاف "تاريخياً، نحن نعلم أن فيروس H5N1 خطير جد على البشر". ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2003، أُبلغت منظمة الصحة العالمية عن أكثر من 700 إصابة بشرية بفيروس H5N1، سجلت معظمها في 15 دولة. وكانت إندونيسيا وفيتنام ومصر من بين أعلى الدول تسجيلاً لحالات الإصابة بين البشر. فعلياً، السلالة الخطيرة من إنفلونزا الطيور ليست جديدة، لكن العلماء قلقون لثلاثة أسباب رئيسية: أولها يتمثل بالعدد الهائل من أنواع الثدييات المصابة من المزارع وعمالها إلى مناطق الحياة البرية والحيوانات الأليفة، حيث تقر الأمم المتحدة بإصابة 70 نوعاً على الأقل. والسبب الثاني يتمثل بسرعة انتشار المرض في قطعان الأبقار، التي لديها اتصال أوثق بكثير مع البشر. أما السبب الأخير، يكمن في حالة عدم الاستقرار في الصحة العامة الناجم عن إدارة ترامب الجديدة، فقد فُصل موظفون في العديد من الوكالات الحكومية من خبراء الأمراض المعدية، مما تسبب في تعليق برنامج اختبار إنفلونزا الطيور، كما أن زيادة التدقيق على عمال المزارع الأجانب تعني أن الكثيرين يترددون في إجراء الاختبار خوفاً من الترحيل. Getty Images انتشرت إنفلونزا الطيور بين أعداد كبيرة من الأبقار في الولايات المتحدة، حيث تم الإبلاغ عن حالات في أكثر من 1000 قطيع من الأبقار هل يمكن أن تنتقل إنفلونزا الطيور من إنسان لآخر؟ إن إمكانية تحوّل مرض حيواني المنشأ إلى وباء، أي مرض ينتقل من الحيوانات إلى البشر، تتحدد بدقة في قدرته على الانتقال من إنسان إلى آخر. أما إنفلونزا الطيور، على حد علمنا، فلم تصل إلى هذا الحد بعد. وفي أبريل/نيسان الماضي، سُجّلت 59 حالة تفشٍ بين الدواجن، بالإضافة إلى 44 حالة تفشٍ بين طيور أخرى وثدييات في الأمريكتين وآسيا وأوروبا، وفقاً للمنظمة العالمية لصحة الحيوان. ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2024، سُجّلت أيضاً حالات إصابة بشرية بفيروس H5N1 في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والهند والمكسيك وكمبوديا وفيتنام. Anadolu/Getty Images تم اكتشاف سلالة H5N1 من إنفلونزا الطيور في الفقمات ذات الفراء القطبي الجنوبي وفقمات الفيل لعقود، كانت إنفلونزا الطيور فيروساً يصيب الطيور في الغالب، ولم تُسبب سوى مشاكل محدودة للبشر، لكنها الآن تنتقل من نوع حيواني إلى آخر، بما في ذلك البشر، بشكل متكرر جداً في إطار زمني أقصر بكثير. وتقول ريفرز: "من الناحية البيولوجية، يُمثل هذا الانتقال قفزات هائلة في الحواجز بين الأنواع، فهي ليست مجرد قفزة من البط إلى الحمام"، مضيفة أن "احتمال استمرار نموه وتهديده للبشر يتزايد يوماً بعد يوم". وتحذر من "تطوّر الفيروس المفاجئ"، إذا لم يتم احتواؤه. وتوضح: "من المعروف أنه فيروس سريع التغير والتكيف. ولطالما ساورنا قلق من أنه كلما طالت مدة انتشاره، زادت فرص تكيفه. وقد يكون مساراً ثابتاً يزداد قوة مع مرور الوقت". في حين لا تعرف الطيور الحدود الدولية، يخشى العلماء من أن هذا الانتقال سيتسارع مع اقتراب موسم هجرة الربيع. China Photos / Stringer/ Getty Images قامت الصين والمكسيك والهند وفرنسا بتطعيم الطيور ضد إنفلونزا الطيور لعدة سنوات هل يوجد لقاح لإنفلونزا الطيور؟ ويُعد تطعيم حيوانات المزارع أمراً مثيراً للجدل. فالمزارعون الذين يُجبرون على إعدام أسراب الطيور يرغبون في تطعيم الطيور، من الإوز إلى الدجاج، لكن هذا ليس بالأمر السهل. وتكمن صعوبة تحقيق تطعيم جماعي فعال في نفاد الجرعات، ما يُبقي بعض المزارع مُلقحة جزئياً فقط، وقد تُطوّر المواشي مقاومةً للتطعيم، كما يوضح الدكتور منير إقبال، رئيس مجموعة إنفلونزا الطيور ومرض نيوكاسل في معهد بيربرايت بالمملكة المتحدة. ويقول: "فرنسا، على سبيل المثال، تُلقّح بطّها، وقد انخفضت العدوى هناك بشكل كبير. لقد أضعف ذلك انتشار الفيروس، ولكن هذا على مستوى إقليمي". ويضع الاتحاد الأوروبي إرشاداتٍ تُمكّن كل دولة من التطعيم، ولكن حتى الطائر المُلقّح لا يزال بإمكانه حمل الفيروس ونقله إلى الطيور البرية. وقد قاومت الحكومة الأمريكية لفترة طويلة تطعيم الدواجن، خوفاً من أن يؤدي إدخال اللقاحات في سلسلة الغذاء الأمريكية إلى حظر تصدير المنتجات الحيوانية، ولكن وزارة الزراعة الأمريكية أعطت مؤخراً موافقة مشروطة على لقاح محدَّث لحماية الدواجن ضد فيروس H5N1. BBC يحث البروفيسور إيان براون، رئيس قسم علم فيروسات الطيور في معهد بيربرايت في ووكينغ بالمملكة المتحدة، على زيادة المراقبة العالمية لتفشي إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة ماذا عن تطعيم البشر؟ وقامت الهيئات الحكومية في الولايات المتحدة ودول أخرى بتخزين ملايين الجرعات من لقاحات إنفلونزا الطيور للبشر. وقال الدكتور خان: "لن تُستخدم هذه اللقاحات إلا في البيئات عالية الخطورة، أي للعاملين الذين يتعاملون عن كثب مع الحيوانات". BBC كامران خان هو أيضا مؤسس شركة "بلو دوت"، إحدى شركات تكنولوجيا المراقبة الأولى التي أبلغت عن الفيروس في الصين والذي أصبح جائحة كوفيد ويضيف أنه "إذا تحوّل هذا الفيروس إلى وباء، فستُستخدم هذه السلالة تحديداً لتطوير لقاح جديد وإنتاجه على نطاق واسع". وسيتطلب هذا الإنتاج وقتاً لزيادة إنتاجه، لكن المخزونات الحالية ستُشكّل حلاً مؤقتاً. ويوضح "لدينا اليوم بعض اللقاحات التي قد لا تكون الخيار الأمثل، لكنها ستوفر مستوىً من المناعة في المراحل الأولى من الوباء".


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
هل تحول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى "ترند" اجتماعي؟
Getty Images "لن تشعر بالملل أبداً لو كان لديك صديق من المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ... نحن من نعيش الحياة بكاملها…نحن نحب الجدال والحديث ومشتتون…". هذه جمل من مقاطع فيديو قصيرة لاحقتني على منصة إنستغرام، تظهر أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بطريقة مرحة، والبعض منها يبدو كمحتوى علمي أكثر جدية. وفي الدوائر المحيطة بي، وجدت الكثير من البالغين الذين يطبقون على أنفسهم أعراض فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) المنتشرة في مقاطع الفيديو القصيرة. تقول لي لمياء (36 عاماً) -اسم مستعار بطلب منها- وتعيش في لندن وتعمل في مجال الإعلام، إنها وبسبب ما تعرضه وسائل التواصل الاجتماعي من أعراض، أصبحت تعتقد أنها مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وتنتظر لمياء دورها الذي قد يأتي بعد خمس سنوات لرؤية مختص نفسي يغطيه التأمين الصحي في البلد الذي تعيش فيه. لمياء ليست وحدها من تعاني من هذه الدوامة، إذ تقول الأخصائية النفسية سحر مزهر لبي بي سي، إنها لاحظت عبر محاضراتها التي تلقيها في جامعات أردنية أن أكثر من نصف الحضور يراجعونها لاعتقادهم أنهم مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بسبب ما يعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب دراسة نشرت عبر المكتبة الوطنية للطب، التي تتبع المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة، بالاعتماد على التركيبة السكانية العالمية لعام 2020، بلغ معدل انتشار النوع المستمر من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين 2.58 في المئة، في حين بلغ معدل انتشار النوع المصحوب بأعراض 6.76 في المئة، أي ما يعادل 139.84 مليون و366.33 مليون بالغ على مستوى العالم حتى ذلك العام. لكن ما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على خلق "ترند" ناتج عن التشخيص الذاتي لاضطراب فرطة الحركة ونقص الانتباه، وما أثر ذلك على الصحة النفسية؟ تأثير السوشيال ميديا PA سارة - فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي - أربعينية تعمل في مجال الإعلانات والتسويق الرقمي، عرفت في مرحلة متأخرة من العمر بأنها مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. لكن توجهها للتحقق من ذلك مع طبيب نفسي في الأردن يعود لنصيحة من صديقتها المختصة في المجال أيضاً. تقول سارة إن لديها الخبرة الكافية لتعرف مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المستخدمين، وأن ظهور النصائح والإعلانات المتعلقة بالاضطرابات والأمراض النفسية أو غيرها من الموضوعات للمستخدمين، يعود لنمط عمل هذه المنصات ومتابعتها لاهتمامات الأفراد. وتوضح أنها أصبحت تتعرض لمقاطع الفيديو القصيرة المتعلقة بفرط الحركة ونقص الانتباه، بعد مراجعتها للطبيب وبدء اهتمامها بالموضوع. وتحذر سارة، التي تعمل حالياً في قطر، من توجه كثيرين للتشخيص الذاتي، مما يعرضهم للاستغلال التجاري أو يدفعهم للاستسلام لأعراض قد لا تكون موجودة لديهم، مما يؤثر سلباً على مسار حياتهم اليومية. ويرى محمد العمري، طبيب عام ومختص في العلاج السلوكي، أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة الوعي باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بين الناس، وأزالت إلى حد ما وصمة العار التي كانت مرتبطة به، إذ كان فرط الحركة ونقص الانتباه مرتبطاً في السابق بعدم القدرة على النجاح أو عدم الالتزام. لكن العمري، الذي يعمل في عيادة مايند كلينك في عمّان، قال لبي بي سي إن لوسائل التواصل الاجتماعي أثراً سلبياً أيضاً، إذ أدى انتشار الأعراض والتشخيص الذاتي، إلى زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الذين يريدون الحصول على تشخيص طبي، وهو ما أدى إلى زيادة الضغط على الهيئات الطبية. ويضرب العمري مثالاً بالولايات المتحدة الأمريكية كواحدة من الدول التي تواجه "إفراطاً في التشخيص"، مما يعني احتمالية التشخيص الخاطئ أيضاً. ويضيف: "في العام الماضي، أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن 11.4 في المئة من الأطفال الأمريكيين شُخِّصوا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهو رقم قياسي"، وهو ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تتساءل في مقال لها: هل كنا نفكر في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بطريقة خاطئة؟ بينما تنقل صحيفة الإيكونومست البريطانية أنه يُعتقد بأن "نحو مليوني شخص في إنجلترا، أي 4 في المئة من السكان، مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وفقاً لمؤسسة نوفيلد ترست البحثية". ويشرح العمري أن التشخيص الخاطئ قد يعني الحصول على دواء لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه المعني برفع نسبة الدوبامين، وتؤدي الأدوية المنشطة في حال كان الشخص مصاباً بالقلق على سبيل المثال وليس باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إلى زيادة في نبضات القلب وزيادة التوتر وغيرها من الأعراض. ويقول أيضاً إن التشخيص يعتمد على خبرة المعالج النفسي وليس فقط على أسئلة الاختبار المخصصة للفحص التي تنشرها أحياناً وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تشترك أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مع أعراض اضطرابات أخرى "مثل القلق، والاكتئاب الحاد، أو مع أعراض بعض الأمراض الجسدية الناجمة عن نقص في فيتامين ب 12 أو ب 6، أو فيتامين د". تتحدث بعض الدراسات عن أن التعرض لمقاطع الفيديو القصيرة، خاصة للأطفال بعمر صغير، يجعل قدرتهم على التركيز أقل، وكذلك الأمر بالنسبة للبالغين، مما يعني أن البعض قد يصاب بأعراض الاضطراب لأسباب بيئية وليس جينية، بمعنى أن إصابته بالأعراض لا تعني إصابته بالاضطراب، حسب العمري. وتتفق معه في ذلك الأخصائية مزهر، التي تعتقد أن كثيراً ممن يشخصون أنفسهم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي باضطرابات نفسية مختلفة، من بينها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، "يحرمون أنفسهم من حياة صحية". وتلفت مزهر إلى أن كل فرد من حقه أن يحصل على الوقت الكافي وعبر مختصين للتحقق من حالته الصحية، مشيرة إلى أن الإجابة على أسئلة في استبيان للاستدلال على وجود الاضطراب لا تكفي وحدها. وتوضح أنه ليس من السهل تشخيص فرط الحركة ونقص الانتباه، وخاصة عند البالغين، لأن أعراضه قد تتشابه مع أعراض أمراض أخرى مثل نقص فيتامين د أو التعرض لصدمة أو توتر مستمر، مما يرفع نسبة هرمون الكورتيزول في جسم الإنسان فيشعر أنه في حالة تأهب. ويعرف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بأنه "اضطراب في النمو العصبي، عادةً ما يُشخَّص لأول مرة في مرحلة الطفولة، وغالباً ما يستمر حتى مرحلة البلوغ. لكن بعض الأشخاص لا يُشخَّصون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلا بعد بلوغهم. وتتضمن أعراضه صعوبة في الانتباه، وصعوبة في التحكم في السلوكيات الاندفاعية، وفرط النشاط"، بحسب تعريف منصة "ميدلاين بلاس" الأمريكية. ويوضح الموقع الإلكتروني للمعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية أنه "من الشائع أن يُظهر الأشخاص هذه السلوكيات أحياناً. لكن الفرق أنه بالنسبة للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، تكون هذه السلوكيات متكررة وتحدث في مواقف متعددة، مثل المدرسة، أو المنزل، أو العمل، أو مع العائلة والأصدقاء". هل هو اضطراب أم اختلاف؟ Getty Images وبموجب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يصنف فرط النشاط ونقص الانتباه - ADHD، تحت بند الاضطرابات المتعلقة بالنمو العصبي. لكن دراسات علمية حديثة ومختصين في علم النفس توجهوا حديثاً لرفض وصف سمات شخصية مثل الاندفاعية والتشتت وعدم الانتباه بالأعراض، وفضلوا اعتبار ذلك ضمن التنوع العصبي وأن العديد من المصابين بفرط الحركة ونقص الانتباه ليسوا "ناقصين" ولا "مضطربين". يعلق العمري على ذلك قائلا: "هناك نقاش في الأوساط الطبية فيما يتعلق بما إذا كان فرط الحركة ونقص الانتباه اضطراباً أم تنوعا أو اختلافا عصبيا، أي بمعنى أنه لا يوجد فيه خلل لكن المجتمع ليس مهيئا للتعامل معه، مثل الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى بينما غالبية الأدوات مصممة لمن يستخدمون اليد اليمنى. هذه الدراسات دفعت سارة لاستكمال علاجها سلوكياً بمساعدة مختص نفسي، لكن دون الحصول على الأدوية المخصصة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. تتحدث مزهر أيضاً عن الدراسات التي ترفض اعتبار فرط الحركة ونقص الانتباه اضطراباً. وترى أيضاً أن البيئة الحالية لم تعد مفتوحة كما كان الحال في السابق، وهو ما يؤدي لوجود الأطفال غالبية الوقت داخل الشقق إضافة لتعلقهم بوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، مما يؤدي لظهور أعراض فرط الحركة ونقص الانتباه. لكن وجود الأعراض لا يعني بالضرورة الإصابة بالمرض. وتضيف "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كل الظروف المحيطة بالشخص، فلا نأخذ جزئية فقط ونقول إنه مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه". وتتابع مزهر أن "السلوكيات مكتسبة، فمثلاً من الممكن أن يكون سلوكي انفعالي، لكن ورثته من عائلتي. تشخيص الحالة يجب أن يتم بشكل دقيق للغاية". وتروي قصة إحدى الحالات التي تعاملت معها، حيث كانت الأم تعتقد أنها ابنها مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه، لكن تبين لاحقاً أن الأم تعاني من القلق والتوتر، وهو ما انعكس سلباً على سلوكيات طفلها. وفي مقال نشر عبر الموقع الإلكتروني لصحيفة نيويروك تايمز في ابريل/نيسان 2025، قالت الصحيفة إنه لا يوجد سبب وحيد للإصابة بفرط الحركة ونقص الانتباه، مشيرة إلى أنه ناجم عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية. وتنقل الصحيفة عن دراسات حديثة أن أدمغة المصابين قد تعمل بطريقة مختلفة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن فيها خللاً، بل هو اختلاف في نمط التفكير. وتناقش صحيفة الإيكونومست في مقالها المنشور في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن فرط الحركة ونقص الانتباه لا يجب أن يعامل معاملة الاضطراب. وتقول وجهة النظر التي تنقلها الصحيفة إنه في الوقت الحالي، يُعامل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط على أنه شيء إما أن يكون لديك أو لا. هذا النهج الثنائي للتشخيص له نتيجتان: الأولى هي أن معاملة الجميع كما لو كانوا مرضى تملأ أنظمة الرعاية الصحية... أما النتيجة الثانية، فتتمثل في التعامل مع الاضطراب على أنه خلل وظيفي يحتاج إلى علاج. وهذا يؤدي إلى إهدار هائل للإمكانات البشرية". وتضيف الصحيفة أن "إجبار نفسك على التكيف مع الوضع الطبيعي أمر مرهق، وقد يسبب القلق والاكتئاب. ومن الأجدى والأرخص تعديل الفصول الدراسية وأماكن العمل بما يتناسب مع التنوع العصبي". لماذا يريد البعض أن يكون مصاباً بفرط الحركة ونقص الانتباه؟ Getty Images ويلفت الطبيب محمد العمري إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في أن تصبح هناك هالة خاصة بالمصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إذ يوصفون بالمرح أو التميز، وأصبح البعض يميل للانتماء لمجتمعات من يحملون هذا التشخيص من أجل ملاحقة "الترند". في حين تعتقد مزهر أن البعض يرغب بأن يكون مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لتبرير بعض السلوكيات المتعلقة بعدم الانضباط. ويرى العمري أن البعض قد يسعى بين الأطباء والمختصين للحصول على تشخيص بإصابته بفرط الحركة ونقص الانتباه لأسباب متعلقة بالدراسة أو العمل، فمثلاً بعض مراجعيه كانوا من طلبة المرحلة الدراسية الثانوية في برامج دولية، في حال تبين أنهم مصابون بالاضطراب يحصلون على وقت إضافي في الامتحانات. يشير العمري إلى أنه يتبين إصابة البعض بفرط الحركة ونقص الانتباه بالفعل ويتلقون العلاجات اللازمة، لكن النسبة الأكبر من مراجعيه يتبين في نهاية المطاف أن لديهم قلق وليس اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.