logo
بوليفيا تجري انتخابات عامة والتضخم يتصدر المشهد السياسي

بوليفيا تجري انتخابات عامة والتضخم يتصدر المشهد السياسي

صوت بيروتمنذ 10 ساعات
يستعد الناخبون في بوليفيا لانتخابات عامة تجرى اليوم الأحد والتي يهيمن عليها التضخم الذي بلغ أعلى مستوى له منذ أربعة عقود وغياب الرئيس اليساري السابق إيفو موراليس الممنوع من الترشح.
ويتصدر السباق المتنافسان المعارضان المنتميان للتيار المحافظ سامويل دوريا ميدينا، وهو رجل أعمال، وخورخي 'توتو' كيروغا، وهو رئيس سابق. لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن كليهما لا يحظيان بتأييد أكثر من 30 بالمئة من الناخبين، بينما لم يحسم حوالي ربع البوليفيين أمرهم.
وتأتي هذه الانتخابات على وقع أزمة اقتصادية عميقة شهدت انهيار اليسار في الدولة الواقعة على الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، وتنعكس في تضخم سنوي يقترب من 25% ونقص حاد في الدولار والوقود.
تصويت عقابي
وتظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين يريدون معاقبة حزب 'الحركة نحو الاشتراكية'، الحاكم منذ 2005 عندما انتُخب إيفو موراليس أول رئيس من السكان الأصليين.
ويُعد رجل الأعمال الوسطي ـ اليميني سامويل دوريا ميدينا، والرئيس اليميني السابق خورخي 'توتو' كيروغا، الأوفر حظًا لخلافة الرئيس غير الشعبي لويس آرسي، الذي لا يسعى لإعادة الترشح.
وأظهرت الاستطلاعات تقارب دوريا ميدينا (66 عامًا) وكيروغا (65 عامًا) عند حوالي 20%، وخلفهما 6 مرشحين آخرين من بينهم رئيس مجلس الشيوخ اليساري أندرونيكو رودريغيز.
وستُجرى جولة إعادة في 19 أكتوبر/تشرين الأول إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة.
تعهدات «الأوفر حظًا»
وتعهد المرشحان الأوفر حظًا بإحداث تغييرات جذرية في النموذج الاقتصادي القائم على دور كبير للدولة إذا ما فازا في الانتخابات.
ويريدان تقليص الإنفاق العام، وفتح البلاد أمام الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة التي تراجعت في عهد موراليس الذي كان يعتبر نفسه مناهضًا للرأسمالية والإمبريالية.
وأبدت مارسيلا سيربا (63 عامًا)، وهي بائعة من السكان الأصليين اعتادت التصويت للحركة نحو الاشتراكية، دعمها لكيروغا.
وقالت في تجمع انتخابي في أحد شوارع لاباز: 'لقد تركتنا الحركة نحو الاشتراكية جميعًا في الحضيض'.
ماذا نعرف عن المرشحين؟
ويخوض دوريا ميدينا وكيروغا رابع حملة رئاسية لهما.
فدوريا ميدينا، مليونير ووزير تخطيط سابق، جمع ثروته من خلال الاستثمار في قطاع الأسمنت، قبل أن يبني أكبر ناطحة سحاب في بوليفيا ويحصل على امتياز 'برغر كينغ' المحلي.
ويُنظر إليه كمعتدل، وقد تعهد بوقف التضخم وإعادة الوقود والدولارات خلال 100 يوم، من دون خفض برامج مكافحة الفقر.
أما كيروغا، الصريح في خطاباته والذي تدرّب كمهندس في الولايات المتحدة، فقد شغل منصب نائب الرئيس خلال فترة الديكتاتور السابق هوغو بانزر بعد إصلاحاته، ثم شغل الرئاسة لفترة قصيرة عندما تنحى بانزر إثر إصابته بالسرطان في 2001.
وقال في اليوم الأخير لحملته في لاباز الأربعاء: «سنغير كل شيء، كل شيء تمامًا بعد 20 سنة ضائعة».
وشهدت بوليفيا أكثر من عقد من النمو القوي وتحسن وضع السكان الأصليين في عهد موراليس، الذي أمّم قطاع الغاز واستخدم العائدات في برامج اجتماعية قلّصت نسبة الفقر المدقع إلى النصف.
لكن الاستثمار المحدود في التنقيب أدى إلى تراجع عائدات الغاز، التي بلغت ذروتها في 2013 عند 6.1 مليار دولار، إلى 1.6 مليار دولار العام الماضي.
وفيما لا يزال الليثيوم، المورد الرئيسي الآخر، غير مُستغل، أوشكت العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد الوقود والقمح والمواد الغذائية على النفاد.
وخرج البوليفيون مرارًا إلى الشارع احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وطول طوابير الانتظار للحصول على الوقود والخبز والمواد الأساسية.
وقال الطالب ميغيل أنخيل ميرندا (21 عامًا): 'خلال السنوات العشرين الماضية كانت لدينا مداخيل جيدة، لكن الحكومة لم تستثمر أو تقترح طرقًا جديدة لتوسيع نطاق الاقتصاد'.
دعوة لإبطال الأصوات
وهيمن موراليس، الذي مُنع من الترشح لولاية رابعة، على الحملة الانتخابية.
ودعا أنصاره الريفيين إلى إبطال أصواتهم احتجاجًا على رفض السلطات السماح له بالترشح مرة أخرى.
وأيدت ماتيلده تشوك أبازا، زعيمة جمعية نسائية ريفية من أنصار موراليس، دعوته للإدلاء بـ'أصوات باطلة'، وقالت: 'لا نريد العودة إلى القرن العشرين'، مشددة على أن البوليفيين المعروفين بثورتهم 'سينهضون في أي وقت'.
على خطى الأرجنتين
ويقول محللون إن الانتخابات تُشبه انتخابات الأرجنتين عام 2023، عندما أطاح الناخبون الحزب اليساري البيروني الذي حكم لفترة طويلة، وانتخبوا المرشح الليبرتاري خافيير ميلي، سعيًا لوضع حد لأزمة عميقة.
وقالت دانييلا أوسوريو ميشيل، المتخصصة في العلوم السياسية البوليفية في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية، لوكالة الأنباء الفرنسية: «ما يبحث عنه الناس الآن، بعيدًا عن التحول من اليسار إلى اليمين، هو العودة إلى الاستقرار».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصمد: لبناء دولة حقيقية تعتمد الكفاءة معياراً أولاً ورئيسياً
الصمد: لبناء دولة حقيقية تعتمد الكفاءة معياراً أولاً ورئيسياً

الديار

timeمنذ 34 دقائق

  • الديار

الصمد: لبناء دولة حقيقية تعتمد الكفاءة معياراً أولاً ورئيسياً

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب استقبل رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد بمنزله في بلدة بخعون ـ الضنية، وفداً من المسرّحين في الضابطة الجمركية من مختلف المناطق اللبنانية، شكروه على مساعدتهم بإمرار اقتراح قانون إعادتهم إلى الخدمة في اللجنة النيابية التي يرأسها، وهم بحدود 180 مسرّحاً من الخدمة، على غرار الذين تمّت الموافقة على تمديد خدمتهم في الضابطة الجمركية، متمنين إقرار إقتراح القانون المذكور في الهيئة العامة لمجلس النواب في أول جلسة تشريعية يعقدها. وأوضح الصمد للوفد أنه "استطعنا إمرار اقتراح القانون في لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، لكن ينبغي لإمراره في الهيئة العامة موافقة الكتل والنواب عليه ليصبح نافذاً، وهذا يحتاج إلى تواصل لجنة متابعة منكم مع مختلف النواب والكتل في بقية المناطق للموافقة عليه وإقراره، وأنا من جهتي مؤيد وداعم لكم من أجل حصولكم على حقوقكم ورفع المظلومية عنكم، ومساواتكم مع بقية زملائكم في الضابطة الجمركية". كما استقبل الصمد وفداً من الإتحاد التنسيقي للمتعاقدين في التعليم المهني، أطلعوه على اقتراح قانون لتثبيت المتعاقدين في ملاك التعليم المهني من خلال مباراة محصورة يجريها مجلس الخدمة المدنية، متمنين عليه مساعدتهم، وقد أكد الصمد للوفد تأييده ودعمه لهم في تحقيق مطلبهم، موضحاً "أننا نحرص على تعليم مهني راقٍ ومتطور، وبناء دولة حقيقية تعتمد الكفاءة معياراً أولاً ورئيسياً"، مشدّداً على أنّ "المتعاقدين بالتعليم المهني لهم حقوق، ومنها تثبيتهم في الملاك، وعلى الدولة تأمينها لهم". ثم استقبل الصمد وفداً من بلدية السفيرة شكروه على مساعدتهم بمباشرة التحضيرات لإنجاز محطة تحويل الكهرباء بمحلة الدل في البلدة التي ستبصر النور قريبا، وكذلك المساعدة في مشروع تزفيت طريق عام بيت الفقس ـ السفيرة وصولاً إلى بلدة كفربنين التي رُصد لها 160 ألف دولار أميركي، ومشاريع إنمائية أخرى، وقد أبدى الصمد تجاوباً واستعداداً لمتابعة الملفات مع الجهات المعنية لما فيه مصلحة البلدة وأهلها. كما استقبل الصمد رئيسي بلديتي مراح السفيرة خالد عواد والقطين عمار حيدر، ورئيس بلدية إيزال السابق رهيف عبد الرحمن بحث معهم في شؤون تهم بلداتهم، كما استقبل مخاتير ووفوداً شعبية من الضنية والشمال، بحثت معه في شؤون وقضايا خدماتية عامة وخاصة.

أزمة تعويضات نهاية الخدمة.. هل تم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات؟
أزمة تعويضات نهاية الخدمة.. هل تم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

أزمة تعويضات نهاية الخدمة.. هل تم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات؟

إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة در».. هذا ما يبدو أن ملف تعويضات نهاية الخدمة لموظفي القطاعين الخاص والعام الخاضعين لقانون الضمان الاجتماعي، قد رسا عليه بعد مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الأزمة، أي منذ انهيار قيمة الليرة اللبنانية في العام 2019. والأكيد أنها أزمة معقدة وشائكة باعتراف الأطراف المعنية بها، أي الموظفون ويمثلهم الاتحاد العمالي العام، وأصحاب العمل وتمثلهم الهيئات الاقتصادية، والضمان الاجتماعي، والدولة ممثلة بوزيري المال والعمل. والسؤال: لماذا وقعت هذه الأزمة، ولماذا استفحلت واتسعت بمرور الوقت؟ لب الأزمة هو أن الشركات والمؤسسات كانت قد سددت وعلى مدى سنوات الأموال المطلوبة منها إلى الضمان الاجتماعي، وتحديدا إلى صندوق تعويض نهاية الخدمة، بحيث بلغت عند حصول الانهيار الاقتصادي في الربع الأخير من العام 2019 نحو 8 مليارات دولار، للموظفين المسجلين في الضمان وعددهم نحو 500 ألف شخص. غير أن الانهيار المالي أدى إلى تآكل هذه القيمة وتبددها كونها أودعت في مصرف لبنان وبالليرة اللبنانية. وهذه الأزمة تعني بشكل خاص الموظفين الأكثر غبنا الذين سحبوا تعويضهم الزهيد بين عامي 2019 و2023 على أساس سعر صرف الليرة القديم مقابل الدولار وهو 1500 ليرة، وأيضا الموظفين الذين لم يسحبوا بعد تعويضهم. ويقول المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي د.محمد كركي إن «الكلفة الإجمالية لهذه التعويضات هي من 700 مليون إلى مليار دولار من ضمنها بين 700 و750 مليون دولار للأجراء الذين تركوا الخدمة وقبضوا تعويضهم»، معترفا أن «الرقم كبير جدا، ويجب تحديد مدى قدرة الهيئات الاقتصادية على تحمل المبلغ وكذلك قدرة الدولة». عضو الهيئات الاقتصادية ورئيس تجمع الشركات اللبنانية دكتور باسم البواب قال في حديث إلى «الأنباء» إن «أكثر من اقتراح للحل قدم حتى اليوم، ومن بينها ما وافق عليه الاتحاد العمالي العام قبل أن يعود ويرفض بدافع الشعبوية»، قائلا إن «الدولة من جهتها تؤكد أنها مفلسة وأصحاب العمل يقولون إنهم سددوا اشتراكاتهم والآن يطلب منهم دفع المبالغ مرة ثانية للضمان لتغطية فروقات سعر الصرف بين الاشتراكات السابقة المدفوعة للضمان قبل عام 2019 على سعر الصرف القديم، وقيمة التعويض الفعلية على سعر الصرف الحالي». ولفت إلى أن «أموال الشركات عالقة في المصارف، وحتى لو سددوا ما يطالبهم به البعض، سينتهي بهم الأمر إلى الإفلاس أو الوقوع في العجز». وإذ لفت البواب إلى «اقتراح سقط كان يقضي بإعطاء الموظف معاشا تقاعديا بدلا من التعويض»، توقف عند «اقتراح آخر قوامه تحميل صاحب العمل ثلث العبء بدلا من الربع، وثلث آخر على الدولة وثلث على الموظف، على أن يقسط الثلث الذي يتحمله أصحاب العمل وفق مدة زمنية تتراوح بين 5 و10 سنوات إذا كانت القيمة المطلوبة كبيرة». وقال إن «وزير العمل هو عراب هذه الاقتراحات وهو يعقد اجتماعات دورية مع الهيئات الاقتصادية وممثلي الضمان الاجتماعي في محاولة لإيجاد تسويات للأزمة»، متخوف من «المراوحة وترحيل الأزمة إلى ما بعد الانتخابات النيابية العام المقبل لأن أيا من النواب الحاليين لن يجرؤ على الموافقة في البرلمان على قانون لا يأتي بالحقوق المادية للموظفين بنسبة مائة في المائة». في الخلاصة، يبدو أن أزمة تعويضات نهاية الخدمة تدور في حلقة مفرغة، فمن جهة يحيل الضمان الاجتماعي أصحاب الحقوق على أرباب العمل الذين يطالبون بتسوية عادلة تنصف الموظف إلى حد معين من دون أن تكون على حسابهم، ومن جهة أخرى يحاذر النواب الذهاب إلى تشريعات تعرضهم للمساءلة من قبل ناخبيهم عشية انتخابات 2026، ويبقى الخاسر الأكبر هو الموظف الذي يخشى أن يقال له بعد تآكل تعويض نهاية خدمته: «الله يعوض وعفا الله عما مضى». المصدر: الانباء الكاتب: بولين فاضل انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

مونيكا وليم تكتب: بوتين وترامب في قمة ألاسكا.. سلام مؤجل أم صفقة كبرى
مونيكا وليم تكتب: بوتين وترامب في قمة ألاسكا.. سلام مؤجل أم صفقة كبرى

صدى البلد

timeمنذ 2 ساعات

  • صدى البلد

مونيكا وليم تكتب: بوتين وترامب في قمة ألاسكا.. سلام مؤجل أم صفقة كبرى

برزت قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كواحدة من أبرز اللقاءات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة، إذ انعقدت في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية، وتبدّل التحالفات الدولية، وتصاعد حالة عدم اليقين داخل المعسكر الغربي. وقد أثارت القمة نقاشًا واسعًا حول مغزاها وتداعياتها المستقبلية، خصوصًا وأن ترامب حاول إضفاء طابع التفاؤل والرهان على 'دبلوماسية الاختراق'، بينما جاءت النتائج ضئيلة أو غائبة، لتطرح أسئلة محورية حول مستقبل الأمن الأوروبي، وسيادة أوكرانيا، والتوازن الدولي مرحلة في مضطربة. وعليه حملت القمة دلالات رمزية عميقة؛ فألاسكا كانت أرضًا روسية بيعت للولايات المتحدة قبل 150 عامًا مقابل 7 مليون دولار، وبالتالي عقد القمة هناك أعاد إلى الأذهان جذور التنافس والتوازنات التاريخية بين القوتين. كما أن توقيت القمة جاء شديد الحساسية، إذ تزامن مع تصعيد العمليات العسكرية الروسية في شرق وجنوب أوكرانيا، في وقت كانت واشنطن قد لوّحت بفرض عقوبات جديدة على موسكو بحلول 8 أغسطس 2025، لتتراجع فجأة وتعلن عن 'قمة سلام'. هذا التحول يعكس مرونة العلاقات الأميركية – الروسية، لكنه يكشف في الوقت ذاته عن توظيف الدبلوماسية كأداة لإعادة رسم مسارات الصراع. وعند الوقوف عند أهمية القمة، فقد ساهمت في استعادة العلاقات الاقتصادية إلى ما قبل 2022، حيث أن مشاركة وزراء الاقتصاد وكبار رجال الأعمال من الجانبين أوحت بأن الاقتصاد يُطرح كمدخل لإعادة تطبيع العلاقات، وجعله أساسًا لتسوية أوسع، في ظل مساعٍ لربط التعاون التجاري والاستثماري بمسار المصالحة السياسية. إلي جانب وقف إطلاق النار والتسويات الترابية، حيث تطرقت المباحثات إلى احتمالات وقف إطلاق النار ورسم 'اتفاقات خرائطية'، وذلك بالتزامن مع تصعيد روسيا عملياتها الميدانية في دونيتسك وزابوروجيا وخيرسون ومطالبتها بانسحاب أوكراني كامل لتأمين ممر بري إلى القرم ظلت ثابتة، وهو ما فسره محللون كمناورة عسكرية لفرض وقائع على الأرض قبل التفاوض. فضلا عن الملف النووي، إذ تناولت القمة مستقبل معاهدة 'ستارت الجديدة' بما يعكس اتساع الرهانات المرتبطة بالعلاقات الأميركية – الروسية، من أوكرانيا إلى الأمن النووي، الذي يظل حجر الزاوية في الاستقرار العالمي. على الرغم من الطابع الودي للقمة وتصريحات ترامب المتفائلة، بقيت الحسابات الصفرية هي السائدة، إذ لم يتم الإعلان عن خطوات عملية لوقف الحرب. رفض ترامب الإجابة عن أسئلة الصحفيين مكتفيًا بالحديث عن 'تقدم مهم'، من دون تفاصيل. وفي المقابل، خرج بوتين بمكاسب رمزية كبرى: فقد منحه مجرد انعقاد القمة على الأراضي الأمريكية اعترافًا بمكانته الدولية، وأتاح له كسر جزء من طوق العزلة وإعادة تقديم نفسه كشريك ند للولايات المتحدة. وبالظر إلي التصور الذي يطرحه ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا يستند على الوقائع الميدانية لا على السرديات التاريخية، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من القتال، لم تنجح أوكرانيا رغم الدعم الغربي غير المسبوق في استعادة جميع الأراضي التي ضمّتها روسيا منذ 2014، كما أن موسكو نفسها لا تسيطر بالكامل على المناطق التي أعلنت ضمها في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا. في هذا السياق من وجهة نظر ترامب، ينبغي أن تُترجم الدبلوماسية ميزان القوى على الأرض. أي تجميد خطوط التماس الحالية باعتبارها حدودًا بحكم الأمر الواقع، مع احتمال إجراء تعديلات طفيفة. عمليًا، يعني ذلك وقف الحرب مقابل اعتراف روسيا بسيادة أوكرانيا، مقابل احتفاظ موسكو بالمناطق التي تسيطر عليها فعليًا. لكن الدستور الأوكراني يحظر التنازل عن أراضٍ، ما يُلزم الرئيس زيلينسكي باللجوء إلى استفتاء شعبي محفوف بالمخاطر السياسية. لذلك في نظري ، برزت هذه القمة كقمة تمهيدية لمسار أطول. إذ لمح ترامب إلى أنها قد تكون الأولى في سلسلة قمم مع بوتين، تمهد لجولات تفاوضية لاحقة بدلًا من اتفاق فوري. علي مستوي قياس ردود الأفعال فهناك فريق داخل الولايات المتحدة، يرتأي أنّ أي تنازل عن إقليم الدونباس سيكون كارثيًا نظرًا لأهميته الرمزية وموارده المعدنية، التي ترتبط بها استثمارات أمريكية غير مباشرة، كما اعتُبر اختيار ألاسكا مكانًا للقمة بمثابة إنهاء للعزلة السياسية التي حاول الغرب فرضها على بوتين، دون أن يدفع الأخير ثمنًا مقابلاً. أما في أوروبا: ركّزت المخاوف على غياب أوكرانيا عن طاولة التفاوض، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على أنّ أي اتفاق لا يضمن أمن كييف ويؤسس لمسار انضمامها إلى الناتو سيبقى هشًّا وغير مشروع. ختاماً، لقد أبرزت قمة ألاسكا التناقضات العميقة في المشهد الجيوسياسي الراهن: إذ اجتمعت الرمزية الدبلوماسية مع المأزق الواقعي. فبوتين حقق مكاسب سياسية ومعنوية دون تقديم تنازلات حقيقية، بينما غادر ترامب خالي الوفاض من الإنجازات التي وعد بها، ما أضعف صورته كـ'صانع صفقات'. أما أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، فقد خرجوا بمزيد من القناعة بأن ضمانات أمنية قوية تمثل شرطًا لا غنى عنه لأي تسوية، بعيدًا عن مساومات كبرى تُعقد على حسابهم. وفي النهاية، تبقى قمة ألاسكا مفتوحة على تفسيرات عدة: فرصة ضائعة، أم منعطف حاسم، أم مجرد استعراض سياسي. لكن المؤكد أنها ستظل محطة مؤثرة في مسار الجدل حول الحرب والسلام وقواعد القوة في النظام الدولي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store