
حينما يمر 'زلزال' باسم القانون من سيبع الجنوبي .. لتتحول من أجمل رقعة إلى منطقة مدمرة
بعيدا عن لغتي التجريح الشخصي أو النقد الساخر، لا يجد المتجول بين أزقة وشوارع سيدي يوسف بن علي الجنوبي إلا أن يتحسر على الوضعية التي أصبحت عليها، وكأن زلزالا مدمرا مر منها، وذلك بعد حملة تحرير الملك العمومي التي قادتها الملحقة الإدارية الجنوبية في شهر نونبر الماضي، الغير-مدروسة، المفتقرة إلى خطة واضحة أو رؤية مهيكلة، والتي تميزت بالعشوائية والارتبارك، وضعف قراءة لخصوصية هذه المنطقة، وإن كانت تعكس الحماس والرغبة في التغيير من طرف رئيس الملحقة، لتتحول بذلك أزقة وشوارع منطقة سيبع الجنوبي، إلى منطقة مدمرة، بعدما كانت لسنوات طويلة أجمل رقعة بمنطقة سيدي يوسف بن علي، والقلب البيئي النابض بالمنطقة، بفضل جمالية حدائقها وتناسق شوارعها وممراتها، وكان احتلال الملك العام فيها غالبا ما يتم التعامل معه من طرف المارة بوعي وتفهم، ليس تطبيعا منهم مع فوضى الاحتلال، بل مساكنة منهم مع وضعية وخصوصية هذه البقعة التي فرضتها كما قلنا سابقا جمالية حدائقها.
إن الأصل في تحرير الملك العام هو استعادة هيبته، وضمان ولوج المواطن إليه في ظروف آمنة ومحترمة، أما أن نرفع شعار القانون، ثم نترك المكان على حال أسوأ، دون عن أي تحسن ملموس في بنية الشوارع أو سلاسة المرور، فذلك لا يمت لا للإدارة الجيدة بصلة، ولا لحسن التسيير بأي وجه، وواقع منطقة سيبع الجنوبي اليوم يشهد بذلك، أرصفة مهدمة، والمارة مضطرون للتنقل وسط الطرقات، معرضين أنفسهم للخطر. وبكل مسؤولية، نرفع التحدي على أي مسؤول ترابي أن يمر من الأماكن التي شملتها الحملة دون أن يلمس بعينه « أن الوضعية اليوم أكفس من قبل »، والله يشهد.
وإذا كان السيد القائد أراد أن يظهر من خلال هذه الحملة كمسؤول ترابي لا يظلم عنده أحد، فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم تشمل الحملة جميع مظاهر الاحتلال؟، بل لماذا لا تزال الأعمدة والأرضية الأسمنتية المنصوبة في قلب رصيف عمومي، والتي كانت تستغل سابقا كفضاء رياضي للمتمدرسين والمتمدرسات من طرف مؤسسة خصوصية قائمة كما هي دون أن تطالها جرافات الملحقة الإدارية؟ أليس من مبدأ العدالة الدستورية أن يكون القانون شاملا، يطبق على الجميع دون استثناء أو تمييز؟.
ثم هل من المقبول أن تبدأ الملحقة الإدارية تطبيق القانون على المواطن البسيط قبل أن تبدأ بتطبيقه على نفسها؟، بحيث أن أكبر احتلال للملك العام في هذه المنطقة هو سور الملحقة الإدارية الجنوبية، المحيط بهذا المبنى الإداري، فكيف إذن نقنع المواطن بضرورة احترام القانون وهو يرى السلطة ممثلة في إدارتها الترابية أول من يخالفه؟ ومن هنا ندعو القائد المحترم إلى أن يبدأ بالقدوة، وأن يهدم هذا السور بنفس الجرأة التي واجه بها قاطني ساكنة سيبع الجنوبي، ليثبت أن القانون ليس انتقائيا، بل قاعدة موحدة للجميع. وفي هذا السياق، ليسمح لنا القائد الشاب أن نذكره بقصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، حينما رفض الصحابة تنفيذ أمره الرامي لحلق رؤوسهم، ليس اعتراضا على شخصه، ولكن لعدم استيعابهم لما جرى، فدخل عليه الصلاة والسلام على أم سلمة يشكو، فقالت له: يا رسول الله، أتحب ذلك؟ اخرج ولا تكلم أحدا حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فلما فعل، اقتدى به الجميع دون نقاش.
ورغم كل ما سبق، وفي غمرة هذا المشهد القاتم، يظل الجانب الإيجابي لهذه الحملة هو الأداء المتميز لأعوان السلطة بهذه الملحقة الإدارية، الذين أبانوا عن كفاءة ومهنية عاليتين، من حيث تميزهم وقدرتهم الكبيرة في التواصل، وحكمتهم في تهدئة الغاضبين، وهي كلها أمور تدعو إلى رفع القبعة احتراما لهم، فلولا تدخلاتهم المتزنة والمهنية، لربما تحولت الحملة إلى مواجهة مفتوحة في الشارع، بدل أن تبقى في حدود القانون. (مانساوش راه حي سيدي يوسف بن علي هذا والماضي كفيل بأن يفسر هذه الإشارة لمن يهمه الأمر).

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ ساعة واحدة
- كش 24
'ماراثون 25'.. مناورات عسكرية جوية تجمع المغرب وفرنسا
أعلنت القوات المسلحة الملكية عن انطلاق المناورات العسكرية الجوية المشتركة، 'ماراثون 25″، بمدينة كلميم، بين المغرب وفرنسا، وذلك في إطار تعزيز التعاون العسكري بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. وقالت المؤسسة العسكرية المغربية، في بلاغ لها على صفحتها الرسمية بموقع 'فايسبوك'، إنه 'بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وفي إطار تعزيز التعاون العسكري بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، انطلقت، يوم 23 يونيو 2025، بمدينة كلميم بالمملكة المغربية فعاليات التمرين الجوي المشترك 'ماراثون 25'. وأضاف البلاغ أن هذا التمرين العسكري يجمع بين القوات الملكية الجوية المغربية وسلاح الجو والفضاء الفرنسي، 'بهدف دعم التشغيل البيني وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية في مختلف مجالات الطيران العسكري'. وأشار المصدر إلى أن هذا التمرين يعرف مشاركة متنوعة من الجانبين، 'بحيث يساهم الجانب الفرنسي بخمس طائرات مقاتلة من نوع رافال B وطائرة من طراز A330 MRTT Phénix المخصصة للتزود بالوقود جواً والنقل الاستراتيجي، في حين تشارك القوات الملكية الجوية بثماني مقاتلات F-16 بالإضافة إلى مروحيات بوما لدعم مهام النقل والإخلاء الطبي الجوي'. وتابع أن البرنامج العام للتمرين يتضمن مرحلتين رئيسيتين: المرحلة الأولى تشمل تنفيذ حملة رماية وتدريبات على عمليات التزود بالوقود جواً؛ أما المرحلة الثانية فتتمحور حول تنفيذ تمارين تكتيكية مشتركة تعتمد على التنسيق العملياتي وتطبيق سيناريوهات واقعية متنوعة. وخلص البلاغ إلى أن تنظيم هذا التمرين المشترك 'يعكس عمق علاقات التعاون العسكري بين البلدين الصديقين، ويعزز من قدرات الجانبين في مجالات التنسيق والتخطيط والتنفيذ العملياتي المشترك'.


الألباب
منذ 2 ساعات
- الألباب
فاتح محرم.. بين هجرة الرسول وبداية سنة هجرية جديدة
الألباب المغربية/ خديجة بوشخار أجمع بعض أئمة مساجد مدينة بني ملال في خطبة الجمعة، الذي يوافق فاتح محرم وبداية سنة هجرية جديدة، على الحديث عن الهجرة النبوية بعمق تاريخها وذكرياتها التي تفتخر بها الأمة الإسلامية على مسار السنين. صلة بالموضوع، فهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، هي مناسبة يتجدد فيها التأمل في قيم التضحية والصبر والصمود والرغبة الملحة في تحقيق الهدف، فالحدث يحمل في طياته معاني عدة؛ بداية بناء الدولة الإسلامية الذي تجاوز معنى الانتقال من مكان الى مكان فقط بل تجاوزه الى كونه كان نقطة تحول استراتيجية أسست لمعالم الدولة الإسلامية الأولى، هناك تبلورت مفاهيم المواطنة والتعايش والتضامن الاجتماعي ووضعت اول وثيقة لتنظيم العلاقات بين المسلمين. وها نحن اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا لازلنا تستمد من هذا التاريخ الهجري كل مقومات التوثيق الديني والاصول السليمة للدين الاسلامي، لكن سرعان ما يتلاشى هذا الارتباط الروحي أمام متغيرات الحياة العصرية وانفتاح الانسان على التيارات السلوكية الغربية، لتبقى الهجرة في تاريخها مجرد حدث يكاد يفقد قيمته التاريخية عندما تتجه الأنظار نحو الهجرة العملية وهجرة الأدمغة وهجرة القرويين والهجرة السياحية وغيرها من انواع الهجرة المتزامنة لعصرنا الحالي ،لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف يمكن التعامل مع هجرة الأخلاق وهجرة الهمم وهجرة الضمير …؟ كان هذا تساؤلا طرح في خطبة الجمعة ليكون جوابه رهينا بما نعايشه في حياتنا اليومية ملزمين وليس مخيرين.


مراكش الإخبارية
منذ 3 ساعات
- مراكش الإخبارية
حينما يمر 'زلزال' باسم القانون من سيبع الجنوبي .. لتتحول من أجمل رقعة إلى منطقة مدمرة
بعيدا عن لغتي التجريح الشخصي أو النقد الساخر، لا يجد المتجول بين أزقة وشوارع سيدي يوسف بن علي الجنوبي إلا أن يتحسر على الوضعية التي أصبحت عليها، وكأن زلزالا مدمرا مر منها، وذلك بعد حملة تحرير الملك العمومي التي قادتها الملحقة الإدارية الجنوبية في شهر نونبر الماضي، الغير-مدروسة، المفتقرة إلى خطة واضحة أو رؤية مهيكلة، والتي تميزت بالعشوائية والارتبارك، وضعف قراءة لخصوصية هذه المنطقة، وإن كانت تعكس الحماس والرغبة في التغيير من طرف رئيس الملحقة، لتتحول بذلك أزقة وشوارع منطقة سيبع الجنوبي، إلى منطقة مدمرة، بعدما كانت لسنوات طويلة أجمل رقعة بمنطقة سيدي يوسف بن علي، والقلب البيئي النابض بالمنطقة، بفضل جمالية حدائقها وتناسق شوارعها وممراتها، وكان احتلال الملك العام فيها غالبا ما يتم التعامل معه من طرف المارة بوعي وتفهم، ليس تطبيعا منهم مع فوضى الاحتلال، بل مساكنة منهم مع وضعية وخصوصية هذه البقعة التي فرضتها كما قلنا سابقا جمالية حدائقها. إن الأصل في تحرير الملك العام هو استعادة هيبته، وضمان ولوج المواطن إليه في ظروف آمنة ومحترمة، أما أن نرفع شعار القانون، ثم نترك المكان على حال أسوأ، دون عن أي تحسن ملموس في بنية الشوارع أو سلاسة المرور، فذلك لا يمت لا للإدارة الجيدة بصلة، ولا لحسن التسيير بأي وجه، وواقع منطقة سيبع الجنوبي اليوم يشهد بذلك، أرصفة مهدمة، والمارة مضطرون للتنقل وسط الطرقات، معرضين أنفسهم للخطر. وبكل مسؤولية، نرفع التحدي على أي مسؤول ترابي أن يمر من الأماكن التي شملتها الحملة دون أن يلمس بعينه « أن الوضعية اليوم أكفس من قبل »، والله يشهد. وإذا كان السيد القائد أراد أن يظهر من خلال هذه الحملة كمسؤول ترابي لا يظلم عنده أحد، فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم تشمل الحملة جميع مظاهر الاحتلال؟، بل لماذا لا تزال الأعمدة والأرضية الأسمنتية المنصوبة في قلب رصيف عمومي، والتي كانت تستغل سابقا كفضاء رياضي للمتمدرسين والمتمدرسات من طرف مؤسسة خصوصية قائمة كما هي دون أن تطالها جرافات الملحقة الإدارية؟ أليس من مبدأ العدالة الدستورية أن يكون القانون شاملا، يطبق على الجميع دون استثناء أو تمييز؟. ثم هل من المقبول أن تبدأ الملحقة الإدارية تطبيق القانون على المواطن البسيط قبل أن تبدأ بتطبيقه على نفسها؟، بحيث أن أكبر احتلال للملك العام في هذه المنطقة هو سور الملحقة الإدارية الجنوبية، المحيط بهذا المبنى الإداري، فكيف إذن نقنع المواطن بضرورة احترام القانون وهو يرى السلطة ممثلة في إدارتها الترابية أول من يخالفه؟ ومن هنا ندعو القائد المحترم إلى أن يبدأ بالقدوة، وأن يهدم هذا السور بنفس الجرأة التي واجه بها قاطني ساكنة سيبع الجنوبي، ليثبت أن القانون ليس انتقائيا، بل قاعدة موحدة للجميع. وفي هذا السياق، ليسمح لنا القائد الشاب أن نذكره بقصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، حينما رفض الصحابة تنفيذ أمره الرامي لحلق رؤوسهم، ليس اعتراضا على شخصه، ولكن لعدم استيعابهم لما جرى، فدخل عليه الصلاة والسلام على أم سلمة يشكو، فقالت له: يا رسول الله، أتحب ذلك؟ اخرج ولا تكلم أحدا حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فلما فعل، اقتدى به الجميع دون نقاش. ورغم كل ما سبق، وفي غمرة هذا المشهد القاتم، يظل الجانب الإيجابي لهذه الحملة هو الأداء المتميز لأعوان السلطة بهذه الملحقة الإدارية، الذين أبانوا عن كفاءة ومهنية عاليتين، من حيث تميزهم وقدرتهم الكبيرة في التواصل، وحكمتهم في تهدئة الغاضبين، وهي كلها أمور تدعو إلى رفع القبعة احتراما لهم، فلولا تدخلاتهم المتزنة والمهنية، لربما تحولت الحملة إلى مواجهة مفتوحة في الشارع، بدل أن تبقى في حدود القانون. (مانساوش راه حي سيدي يوسف بن علي هذا والماضي كفيل بأن يفسر هذه الإشارة لمن يهمه الأمر).