
موقع إيطالي: حفتر يسعى لخلق توازن مع قوى كبرى بمنطقة مضطربة
قال موقع إنسايد أوفر الإيطالي إن "المشير الليبي خليفة حفتر لم يعد مكتفيا بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا"، بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة ويخلق توازنا في منطقة مضطربة.
وقال الكاتب جوزيبي غاليانو في التقرير إن حفتر الذي يُمسك بزمام السيطرة على شرق ليبيا عبر ما يُعرف بـ"الجيش الوطني الليبي"، وصل إلى موسكو في 7 مايو/أيار لحضور احتفالات ذكرى الانتصار الروسي في الحرب العالمية الثانية ، واستُقبل باستعراض عسكري وأجندة مليئة بالوعود.
ويسعى حفتر -حسب الكاتب- إلى ترسيخ تحالفه مع موسكو، وهو تحالف يعود إلى عام 2017 عندما وقّع أول اتفاق عسكري مع الروس على متن حاملة الطائرات الأدميرال كوزنيتسوف.
أما روسيا التي انسحبت جزئيا من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد ، فقد اختارت ليبيا كموطئ قدم جديد لها في أفريقيا، والمؤشرات على ذلك واضحة: نحو 30 مدربًا من بيلاروسيا تم نشرهم في قاعدة "تمنهنت" في منطقة فزّان، إلى جانب 5 رحلات شحن جوية محمّلة بالمعدات لجيش حفتر، يوضح جوزيبي غاليانو.
وليس هذا فحسب، فقد قام خالد حفتر، نجل خليفة حفتر والمشرف على قوات الأمن في شرق ليبيا، بتجديد اتفاقية تعود إلى عام 2015، تضمن الدعم اللوجستي والتدريب والأسلحة الروسية، يؤكد الكاتب الإيطالي.
لكن المفاجأة الحقيقية وفقا للكاتب هي أن حفتر أرسل ابنه صدام إلى أنقرة في أبريل/نيسان الماضي، في خطوة أعادت قنوات الاتصال مع تركيا التي أنقذت حكومة طرابلس عام 2020 من حصار جيش حفتر.
وأكد الكاتب أن الاتفاق التمهيدي الذي أبرمه صدام حفتر مع أنقرة شكّل تطورًا غير متوقّع، حيث ينص على تزويد "الجيش الوطني الليبي" بطائرات مسيّرة تركية، وتدريب 1500 عنصر من قواته، وتنفيذ مناورات بحرية مشتركة.
وأضاف أن تركيا، التي تحتفظ بقواعد عسكرية في طرابلس، باتت تطرح نفسها كوسيط لتوحيد القوات المسلحة الليبية، وهو هدف طموح قد يغيّر ملامح الأزمة، وفق تعبير الكاتب.
ويتابع جوزيبي غاليانو بأن حفتر بات يتصرف كأنه رئيس دولة، تاركًا القيادة العسكرية لابنيه خالد وصدام، وبالإضافة إلى تحالفاته الدولية والإقليمية، بات اليوم يُغازل أنقرة ويتواصل مع واشنطن، حيث التقى صدام حفتر بمسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية.
تحالف
وكان حفتر قد التقى قبل أيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة موسكو، كما التقى أيضا وزير الدفاع أندريه بيلوسوف وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.
وتباحث الجانبان بشأن آخر التطورات الإقليمية، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري وتنسيق الجهود في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق منشور للصفحة الرسمية للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عبر منصة فيسبوك خلال الزيارة.
وأعرب الوزير بيلوسوف عن تقديره لدور حفتر، ودعمه المستمر لاستقرار المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي، وفق المنشور.
وقد حضر العرض العسكري الذي أقيم في الساحة الحمراء بمناسبة يوم النصر على النازية الموافق 9 مايو/أيار الجاري.
محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 34 دقائق
- الجزيرة
بعد نهاية العمل المسلح في تركيا.. أسئلة السلام والقضية الكردية
جاء في بيان رسمي يمتلك صفة شرعية كاملة: بناءً على ما توصل إليه المؤتمر اللائحي لحزب العمال الكردستاني "PKK" المنعقد في 5-7 من مايو/ أيار 2025، قرّر الحزب ما كان يعتبره أنّه من الأحلام، وهو التالي: حلّ الحزب وتشكيلاته وتنظيماته. انتهاء العمل المسلّح والحرب مع الدولة التركية. الدخول في العمل الديمقراطي السلمي طويل المدى من أجل نيل الحقوق. إن شعبنا يراقب بدقة ومن قرب مسار عملية السلام. شارك في المؤتمر 232 ممثلًا في جوّ اتّسم بالسرية التامة في موقعين مختلفين في جبال قنديل، وبذلك تنتهي 41 سنة من المواجهات المسلحة، التي خلّفت أكثر من 50 ألف قتيل من الطرفين، وانتهى الحزب الذي أُسس سنة 1974 على يد عبدالله أوجلان في صورته التاريخية، ليبدأ النضال بشكل ومسار جديدين وفقًا للقانون. بثّ الحزب مشاهد من البيان الختامي للمؤتمر بتاريخ 12-5-2025، بقراءة جماعية لنصوص أكدت على التمسك بالحقوق عبر النضال الديمقراطي، والهتاف بحياة مؤسسه أوجلان. هذه الخطوة تعتبر من أهمّ الخطوات التي يشهدها التاريخ الحديث لتركيا، ومن أهم المحطات في تاريخ الصراع الكردي مع الدول الأربع التي يعيش فيها عشرات الملايين من الكُرد. على ماذا تدلّ هذه الخطوة المتفرّدة؟ أن النضال العسكري من أجل الحقوق لم يعد ذا مغزى عند توفر الشروط السلمية الديمقراطية، وأن أطراف النزاع لن تتمكن من إفناء بعضها بعضًا. تؤكد على التقدم الحاصل في تركيا منذ مجيء العدالة والتنمية ومرجعيته الإسلامية للعمل، التي لا تعترف بعلوّ مقام عِرق على عِرق آخر، وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورفاقه الدور الأبرز. التغيير في الذهنية القومية الطورانية، هذه الذهنية التي فرقت العالم الإسلامي كله وهو ما حذّر منه الإمام سعيد النورسي قبل قرن كامل، وجعل مكونات الشعوب في موقف عداء مع الدولة التركية، وهذا التغيير كامن وراء موقف التيارات القومية التركية الجديد بعد أن تبين لها أنها تسير على الطريق الخطأ، وأن الدولة التركية بسياستها القومية المتطرفة التي أسس لها الفكر القومي التغريبي فرقت بين أبنائها. وتدلّ قبل كل هذا على السطوة الروحية والمكانة العالية التي يتمتع بها المرشد الروحي والفكري للحزب، عبدالله أوجلان، الرجل الذي مرّ بمراحل فكرية مختلفة طيلة ستة وعشرين عامًا من السجن في جزيرة إمرالي، هذا الرجل قاد العمل السياسي والفكري لأنصاره من داخل الزنزانة! القوة الروحية التي يمتلكها على عناصر الحزب لم تُبقِ على منفذ يسمح لمن يريد المخالفة العبور منه. لكن حلّ حزب العمال الكردستاني، وتفكيك تنظيماته، ليس بعيدًا عن الأحداث الجارية التي مرّت خلال السنتين الماضيتين على المنطقة.. إن أحداث سوريا كانت عاملًا مؤثرًا جدًا، لأن القيادة السياسية التركية -وفي المقدمة "دولت بهتشلي"- كانت حذرة للغاية من ارتدادات انهيار النظام السوري على أمن تركيا، خاصة أن قوى إقليمية مستعدة لتقديم الدعم الكامل للحركة الكردية ضد تركيا. الدعم الجاهز للتقديم ليس من أجل الحق الكردي، وإنما من أجل إزعاج تركيا، واللعب بورقة القضية القومية الكردية في الشرق الأوسط، وبترك العمل المسلح سقطت هذه الورقة، ولم يعد اللعب بها -في المدى المنظور- متاحًا للقوى الإقليمية. إن ترك العمل المسلح، والذي يتزامن مع الحوارات الجارية في أنقرة-إمرالي، هو انتصار لمبدأ السلام، والاعتراف بالآخرين، كل الآخرين المختلفين دينًا وقوميةً، كما تنص نصوص الوحي الإلهي، وكذلك المبادئ التي اتفقت عليها العقول البشرية، وتجلت في صورة مبادئ ومعاهدات لحقوق الإنسان على المستوى العالمي. وما تم هو – كذلك- انتصار للشعبين التركي والكردي، وانهزام لقوى الشرّ المحلية والإقليمية والدولية. ماذا بعد؟ لا نقصد بـ"ماذا بعد؟" مصير آلاف المقاتلين؛ فأفق عملهم واضح وهو العمل السلمي الأهلي لمن أراد، والعودة إلى الحياة الطببعية الروتينية لمن لم يتقن العمل السياسي.. وإنما نقصد بـ"ماذا بعد؟" الخطوات العملية التي نتوقعها لتساعد القيادة العسكرية على قبول ترك أسلحتهم؟ وبما أن القيادة السياسية في الدولة التركية كانت على علم بكل الخطوات التي تتم، حتى بموعد عقد المؤتمر الخاتم للحزب، فهذا دليل على أن هناك مسارًا مرسومًا متفقًا عليه بين الطرفين، وأن العمل يجري من خلال رئاسة حزب "دام بارتي" القريب من الكرد، وبإشراف مباشر وحاسم من عبدالله أوجلان مع المؤسسة الرسمية للدولة، بمعنى أن هناك خطوات قانونية تؤطر العمل الجاري من أجل وضع نهاية للمشكلة، أو على الأقل الشروع بالخطوات الأولى من أجل الانتهاء منها، وهي مرحلة جديدة جدًا في تاريخ تركيا، وقد فتحت بابًا جديدًا، كما ورد في البيان الترحيبي لحزب العدالة والتنمية الحاكم. لكن نجاح المسار السلمي بحاجة إلى جملة من الأمور: الصدق، القيمة الإسلامية والإنسانية السامية، الصدق في النوايا، الصدق المثمِر للإخلاص في العمل، هؤلاء يعملون من أجل شعوبهم، من أجل خير هذه الشعوب وسعادتها في الدنيا والآخرة، وإن إحلال عملية السلام بين الأطراف المتقاتلة والمتصارعة يستوجب تجنب الخداع، فالحرب هي الخدعة وليس الصلح والسلام. هنا يتوجب تفعيل معايير السلم وسلوكياته، وتجنب كل ما يوحي بأن أحد الأطراف يبحث عن الوقيعة بالآخر تحت عنوان السلام الكاذب، ومما يشكل أمارة على صدق النوايا، الإفراج عن عشرات الآلآف من السجناء السياسيين بتهمة الانتماء لتنظيمات الحزب، وفي الصدارة صلاح الدين دميرتاش، وتخفيف ظروف أوجلان، والانفتاح الأولي على المسائل الثقافية لحين إقرارها في الصيغ القانونية، وتغيير الدستور بما يوافق رغبة الطرفين، لتدخل تركيا قرنها الجديد كما تنبأ به الرئيس رجب طيب أردوغان. التعلم من مرارة وآلام العقود السابقة، والبحث عن الأسباب الحقيقية من أجل حلها.. التجربة أثبتت أن سفك الدماء بين أبناء الشعب الواحد لن يأتي سوى بالهدم والتدمير، في حين أن الإنسان مكلف بالبناء والتعمير. تفعيل القيم الدينية والإنسانية، وفي المقدمة مبدأ "العدالة والمساواة"، وبالعدل قامت السماوات والأرض، وهو مقصد قرآني أمر الله، سبحانه، عبادَه بتحقيقه في الأرض.. غياب العدل يأتي بالظلم، والله لن يسمح للظالم أن يفلح، وإن عدم الالتزام بمبادئ العدل والمساواة يتسبب ببروز حركات متمردة أخرى، ليس شرطًا أن يكون في هذا الجيل، ربما في أجيال مقبلة. لهذا، لا مفرّ من القضاء على كل الأسباب المؤدية إلى تفجير المجتمعات. ما يجري على الأرض يحتم علينا أن نقول: "الحمد لله رب العالمين".


الجزيرة
منذ 34 دقائق
- الجزيرة
ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، إنه لا مكان أفضل من الفاتيكان لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفي حين دعا الاتحاد الأوروبي واشنطن إلى فرض عقوبات على روسيا إن لم توافق على وقف إطلاق النار، اتهمت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا. وقال ترامب في تغريدة على منصته الإعلامية "تروث سوشال" إن "الفاتيكان، ممثلا بالبابا، صرّح بأنه سيكون مهتما جدا باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أنه أبلغ بذلك كلا من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب. وأشار إلى أنه أجرى اتصالا جيدا مع بوتين وسيرى كيف ستسير الأمور. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب يحاول إنهاء حرب دموية باهظة الثمن بين أوكرانيا وروسيا، لا يمكن لأي من الجانبين الفوز بها. وكان ترامب أعلن، أمس الاثنين، أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار"، بعد مكالمته مع بوتين الذي لم يوافق بعدُ على وقف الأعمال القتالية بلا شروط، كما تطالب به واشنطن وكييف. الموقف الأوروبي في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد يأمل في أن تتخذ الولايات المتحدة"إجراء قويا" في حال استمرّت روسيا في رفض وقف إطلاق النار بأوكرانيا. وتحدثت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي ببروكسل قائلة إن " الولايات المتحدة توعدت بحصول تبعات إذا لم تقبل روسيا وقفا غير مشروط لإطلاق النار، ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات". وقد تعهّدت واشنطن بـ"إجراء قوي" في حال استمرّت روسيا برفض وقف غير مشروط لإطلاق النار، حسب ما قالت كالاس، مذكّرة بأن أوكرانيا قبلت بهذه الهدنة، وأضافت هذا ما "نريد رؤيته من جانب كلّ الأطراف التي قالت إنها ستتحرّك بناء على مقتضى الحال". ومن جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، اليوم الثلاثاء، إن مشاركة الإدارة الأميركية في جهود تحقيق السلام بأوكرانيا "أمر إيجابي للغاية"، لكن يتعيّن استشارة الأوروبيين وأوكرانيا أيضا. وبدوره، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الرئيس الروسي بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا ، داعيا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو في مجال الطاقة. وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، إن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أكدت مرة أخرى أن روسيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات، مضيفا أن بوتين يتحدث فقط عن وقف إطلاق النار وفقا لشروطه، والتي تشمل تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنازلها عن الأراضي المحتلة، وغيرها من الأمور. وقال بيستوريوس "يبدو أن بوتين لا يزال يلعب على الوقت"، مضيفا أنه ليس من المتوقع التوصل إلى وقف إطلاق النار في ظل ظروف مقبولة للآخرين، مشيرا إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة بطائرات مسيرة تتحدث أيضا بلغة واضحة "لغة أكثر وضوحا من الكلام الفارغ الذي سمعناه حتى الآن". ونتيجة للتطورات الأخيرة، يعتقد بيستوريوس أنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يواصل توسيع دعمه العسكري لأوكرانيا وممارسة مزيد من الضغوط من خلال العقوبات، داعيا إلى توسيع التعاون مع صناعة الأسلحة الأوكرانية. وفيما يتعلّق بالعقوبات، قال بيستوريوس إن "الوسيلة الأكثر فعالية للعقوبات هي قطع تدفق الأموال بشكل أكبر"، مشيرا على وجه التحديد إلى "تدفق الأموال من مبيعات الطاقة"، مؤكدا ضرورة مواصلة العمل على ذلك.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
فورين بوليسي: كيف ستبدو الحرب المحتملة بين روسيا والناتو؟
قالت مجلة فورين بوليسي إن روسيا خططت لغزو أوكرانيا كحملة حاسمة لمدة ثلاثة أيام تطيح خلالها بالحكومة في كييف، ولكن هذا السيناريو لا يزال، بعد أكثر من ثلاث سنوات، حلما روسيا بعيد المنال. وأوضحت المجلة -في مقال بقلم الباحث فابيان هوفمان- أن الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسارع إلى إعادة تسليح نفسها، استعدادا لمواجهة أي هجوم روسي على أحد أعضائه في غضون سنوات، بل ربما 6 أشهر من انتهاء الحرب في أوكرانيا، حسب مسؤولين دانماركيين. ومع أنه يصعب التوفيق بين الصورتين المرسومتين لروسيا، باعتبارها بلدا فشل في تحقيق طموحاته في أوكرانيا، ثم باعتبارها في نفس الوقت تهديدا وجوديا لحلف الناتو، فإن فهم هذه المفارقة يكمن في إدراك أن حربا بين الناتو وروسيا لن يكون الهدف منها الاستيلاء على أراض واسعة، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري، ولن يتطلب ذلك هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف نحو برلين، بل تدمير وحدة الناتو وعزيمته، مع رهان الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط. تمزيق تماسك الناتو السياسي وعلى عكس الدعاية الروسية العدوانية، تدرك النخب السياسية والعسكرية في موسكو أن روسيا ستخسر على الأرجح حربا تقليدية شاملة مع الناتو، حتى بدون تدخل الولايات المتحدة، وهي لذلك، ستسعى إلى تجنب حرب شاملة والتركيز على كسر إرادة التكتل. ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير القدرة الكلية للحلف على شن الحرب، بل سيركز على حملة قصيرة وعالية الكثافة مصممة لتمزيق التماسك السياسي للناتو. قد يبدأ هذا السيناريو بتوغل محدود في أراضي الناتو عند نقطة ضعف متصورة في واحدة أو أكثر من دول البلطيق، وبعد الهجوم الأولي قد تعلن روسيا أن أي محاولة لاستعادة المنطقة المحتلة ستشعل فتيل تصعيد نووي، وهي إستراتيجية يطلق عليها المحللون العسكريون اسم "التحصين العدواني". ومع أن صانعي القرار الروس لا يتوقعون استسلاما في جميع أنحاء الناتو، فقد يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين في أوروبا الغربية، عند مواجهة عواقب حقيقية على أراضيهم، سيترددون ويمتنعون عن الدفاع عن شركائهم، علما أن أي تردد في الدفاع عن عضو في الناتو يعني الانهيار الفعلي للتحالف، وهو هدف روسيا الرئيسي وشرط تأكيد هيمنتها الإقليمية، حسب المجلة. غير أن التحرك الروسي يتطلب قوة هجومية سريعة قادرة على اختراق حدود الناتو، كما يتطلب قوات متابعة كافية لاحتلال جزء صغير، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من أراضي الناتو، ثم إلى قوات متحركة تقليدية للسيطرة على الأراضي والاحتفاظ بها. وتشير تقارير استخباراتية حديثة إلى أن روسيا تمكنت من حشد ما يكفي من الرجال ليس فقط لتغطية خسائرها القتالية، بل لتوسيع قواتها، كما يشير مسؤولون غربيون إلى أنها تنتج المزيد من المعدات والذخيرة بما في ذلك الدبابات الحديثة وقذائف المدفعية أكثر مما ترسله إلى الجبهة. وذكر الكاتب بأن روسيا تتمتع بوضع نووي جيد، بمخزون يقدر بحوالي ألفي رأس حربي غير إستراتيجي، إضافة إلى سلاح تقليدي يشمل إنتاج حوالي 1200 صاروخ كروز هجومي بري، و400 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، وأكثر من 6000 طائرة مسيرة بعيدة المدى سنويا، وهي تسعى لزيادة هذا الإنتاج. كيف يستعد الناتو؟ ومع أن شن هجوم روسي على أراضي الناتو يظل مستبعدا فإنه يجب على أوروبا الاستعداد للحرب التي يرجح أن روسيا تخطط لها، وهي حرب تختلف اختلافا كبيرا عن الصراع المطول الذي يتكشف الآن في أوكرانيا، حسب الكاتب. وأفضل طريقة لمواجهة حملة روسية قصيرة وعالية الشدة -حسب الكاتب- هي منع أي توغلٍ على الحدود، وهذا يتطلب وضعا دفاعيا أماميا موثوقا، وهو ما لا يزال الناتو يفتقر إليه، لأن تمكين الدفاع الأمامي يعني نقل المزيد من القوات والمعدات إلى خط المواجهة، ولكن الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى أماكن أخرى، ومن المحتمل أن تسحب تشكيلاتها القتالية من أوروبا. ولخلق ردع، يجب على الدول الأوروبية الاستثمار فيما يجعلها قادرة على هجوم مضاد، مع توضيح استعدادها للرد الفوري، بما في ذلك ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، مع توضيح أنه لا يسعى إلى التصعيد النووي وأنه لن يرضخ للتهديدات النووية. وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من التهور عدم الاستعداد للحرب لمنع وقوعها في المقام الأول، لأن موسكو إذا واجهت الناتو سوف تستغل نقاط ضعفه وتلعب على نقاط قوتها.