حين تهتزّ الأرض بين طهران وتل أبيب
* الأسواق العالمية على حافة الانزلاق
بين نار الصواريخ ولهيب المضاربات... العالم يدفع الثمن في برميل النفط ورغيف الخبز وسرير السائح
"حين تُفتح أبواب الجحيم في الشرق ، لا تقف الأسواق عند العتبات بل تندفع مذعورة... باحثةً عن ملاذ الذهب وظل الدولار."
اندلاع المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل – والتي بدأت بإيقاع عسكري صاخب في فجر 13 يونيو 2025 – لم يكن مجرد حلقة جديدة في مسلسل التوتر المزمن في الشرق الأوسط. بل بدا وكأن نيرانه التهمت خطوط الإمداد ، وهزّت ميزان العرض والطلب ، وتسللت إلى شاشات البورصات ومكاتب السياحة والمخابز والمصافي على امتداد الكوكب.
برميل النفط ... على جمر الخليج :
ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 12% خلال الساعات الأولى من الضربة الإسرائيلية الكبرى على منشآت إيرانية حساسة ، لتتجاوز عتبة 100 دولار للبرميل في أي لحظة ، وسط مخاوف من تعطّل الملاحة في مضيق هرمز ، الذي يمر عبره نحو 20% من النفط العالمي . وكأن شبح 1984 عاد يطوف بالخليج ، حين كانت الناقلات تُقصف ، والأسواق ترتجف .
مخاوف المستثمرين لم تكن مرتبطة فقط بإيران ، بل من احتمال توسّع دائرة المواجهة لتشمل أذرع طهران في العراق ، سوريا ، اليمن ولبنان ، ما قد يُشعل جبهة إقليمية واسعة ، تُعطّل الإمدادات ، وتُشعل أسعار الطاقة في شتاء قادم لا يُبشّر بالدفء .
الذهب... ملاذ الهاربين من الحريق :
لم يُخالف الذهب عادته ، فحين تحترق الساحات السياسية ، يلمع بريقه أكثر . ومع توجّه رؤوس الأموال نحو الأمان ، قفزت أسعار الذهب فوق 2,400 دولار للأونصة ، مدفوعة بحالة عدم اليقين وتراجع شهية المخاطرة . رأس المال جبان ، كما يقول المثل الاقتصادي ، وقد فرّ من الأسواق النازفة إلى كهوف الذهب المطمئنة .
الغذاء... حين يُعاقب القمح بأخطاء الصواريخ والمسيرات :
الحرب لا تكتفي بميادينها ، بل تزرع الخوف في الحقول أيضاً. فمع تهديد إيران باستهداف السفن في الخليج وبحر العرب ، وارتفاع تكلفة الشحن البحري والتأمين ، ارتفعت أسعار المواد الغذائية – خصوصًا القمح والزيت – في الأسواق الآسيوية والأفريقية ، مما ينذر بصيف مجاعة في بعض الدول الفقيرة ، وشتاء تضخم في الدول الغنية .
السياحة... تذكرة إلى الفراغ :
في عواصم أوروبا ، تلقّت مكاتب السفر مئات طلبات الإلغاء للرحلات نحو الشرق الأوسط . شركات الطيران تعيد حسابات مساراتها فوق سماء المنطقة . والخوف من صواريخ عابرة أو انتقام غير متوقع جعل الكثير من السياح يؤجلون خططهم أو يبدّلون وجهاتهم . موسم الصيف بات مهدداً... والقطاع السياحي يعيد ترتيب الأمتعة نحو المجهول .
الأسواق المالية... نزيف الأعصاب :
الأسهم في تل أبيب وطهران فقدت أكثر من 8% في أيام معدودة ، أما الأسواق الآسيوية والأوروبية فتفاوتت بين الحذر والانكماش . الدولار الأمريكي ارتفع ، مدعوماً بصفته ملاذاً تقليدياً ، بينما تراجع اليورو والجنيه الإسترليني تحت وطأة مخاوف الركود العالمي إذا طال أمد المواجهة .
في هذه الحرب ، لا يُطلق الرصاص فقط من فوهات البنادق ولا الحمم تصب من الطائرات ولا تقتصر على زخات الصواريخ او اسراب الطائرات المسيرة ، بل أيضاً من لوحات المفاتيح في البورصات . فكل قرار سياسي بات يرتطم بمؤشرات السوق ، وكل صاروخ يجد صداه في مضخة البنزين وسلة المشتريات . كأنّ العالم صار حلبة واحدة ، يئن فيها القوي ويصرخ فيها الضعيف .
إن استمرار المواجهة – أو تحوّلها إلى مواجهة شاملة – قد يُدخل العالم في مرحلة جديدة من "اللايقين الاستراتيجي"، حيث لا تكون المعركة فقط على الأرض ، بل أيضاً في الأسواق وبطون الجوعى . واللاعبون لا يحملون فقط أسلحة ، بل عقوداً وخيارات مالية وقرارات مركزية... وعينهم على مؤشر البورصة قبل ميدان المعركة ، فالمعركة معركة نفوذ وهيمنة .
* كاتب وباحث سياسي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 23 دقائق
- جفرا نيوز
الأردن.. ارتفاع الإيرادات لتصل إلى 3.3 مليارات دينار
جفرا نيوز - ارتفاع الإيرادات المحلية خلال الثلث الأول لتصل إلى 3.3 مليارات دينار أظهرت بيانات المالية العامة ارتفاع الإيرادات المحلية بحوالي 192.7 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025 لتصل إلى ما قيمته 3.307 مليارات دينار، مقارنة مع ما قيمته 3.115 مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي. كما بلغت الإيرادات الضريبية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025 ما قيمته 2.451 مليار دينار، وبلغت تحصيلات الضريبة العامة على السلع والخدمات ما قيمته 1.4 مليار دينار، والضرائب على الدخل والأرباح ما قيمته 937.4 مليون دينار، وضريبة بيع العقار ما قيمته 33.2 مليون دينار، والضرائب على التجارة والمعاملات الدولية ما قيمته 80.2 مليون دينار، أما فيما يتعلق بالإيرادات غير الضريبية فقد بلغت ما قيمته 856.1 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025. وسجلت الموازنة العامة عجزا ماليا بعد المنح وصل إلى 469.2 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 مقابل عجز مالي وصل إلى 345.1 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2024، وجاء ارتفاع العجز نتيجة الزيادة في الإنفاق الرأسمالي ضمن المخصصات المقدرة في قانون الموازنة العامة بما قيمته 84 مليون دينار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وإذا ما تم استثناء المنح فإن الموازنة العامة تسجل عجزا ماليا يصل إلى 490.8 مليون دينار مقابل عجز مالي وصل إلى 405.9 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2024. يشار إلى أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفضت في نهاية شهر حزيران الحالي لتراوح حول معدلاتها في نهاية العام الماضي، بعد قيام وزارة المالية بتسديد سندات "اليورو بوند" بقيمة مليار دولار التي استحقت في شهر حزيران الحالي.


Amman Xchange
منذ ساعة واحدة
- Amman Xchange
تركيا تحقق فائضاً في الموازنة بنحو 6 مليارات دولار خلال مايو
إسطنبول: «الشرق الأوسط» أعلنت وزارة الخزانة التركية، يوم الاثنين، أن الموازنة التركية حققت فائضاً بلغ 235.2 مليار ليرة (ما يعادل 5.97 مليار دولار) خلال شهر مايو (أيار) الماضي. في المقابل، سجل العجز التراكمي، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، 650.3 مليار ليرة، وفق «رويترز». كما بلغ الفائض الأولي، الذي لا يشمل مدفوعات الفوائد، 346.4 مليار ليرة في مايو، مقابل 185.5 مليار ليرة، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى مايو.

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
3.3 مليار دينار قيمة الإيرادات المحلية خلال 4 أشهر
عمون - أظهرت بيانات المالية العامة ارتفاع الإيرادات المحلية بحوالي 192.7 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025 لتصل إلى ما قيمته 3.307 مليار دينار، مقارنة مع ما قيمته 3.115 مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي. كما بلغت الإيرادات الضريبية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025 ما قيمته 2.451 مليار دينار، وبلغت تحصيلات الضريبة العامة على السلع والخدمات ما قيمته 1.4 مليار دينار، والضرائب على الدخل والأرباح ما قيمته 937.4 مليون دينار، وضريبة بيع العقار ما قيمته 33.2 مليون دينار، والضرائب على التجارة والمعاملات الدولية ما قيمته 80.2 مليون دينار، أما فيما يتعلق بالإيرادات غير الضريبية فقد بلغت ما قيمته 856.1 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025. وسجلت الموازنة العامة عجزا ماليا بعد المنح وصل إلى 469.2 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 مقابل عجز مالي وصل إلى 345.1 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2024، وجاء ارتفاع العجز نتيجة الزيادة في الإنفاق الرأسمالي ضمن المخصصات المقدرة في قانون الموازنة العامة بما قيمته 84 مليون دينار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وإذا ما تم استثناء المنح فإن الموازنة العامة تسجل عجز مالي يصل إلى 490.8 مليون دينار مقابل عجز مالي وصل إلى 405.9 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2024. يشار إلى أن نسبة الدين الحكومي الى الناتج المحلي الإجمالي ستنخفض في نهاية شهر حزيران الحالي لتراوح حول معدلاتها في نهاية العام الماضي، بعد قيام وزارة المالية بتسديد سندات "اليورو بوندز" بقيمة مليار دولار التي تستحق في شهر حزيران المقبل.