
أهالي الداخل الفلسطيني يزحفون باتجاه أولى القبلتين لإحياء ليلة القدر
تنطلق خلال 48 ساعة، تبدأ من ظهر اليوم الأربعاء وحتى ظهر يوم الجمعة، 150 حافلة من مدينة أم الفحم تقل مئات من فلسطينيي 48 باتجاه المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس المحتلة ضمن مبادرة "نبض الأقصى"، التي سطع نجمها في المدينة عند انطلاقها قبل ثلاثة أعوام حتى باتت عنوانا لكل من ينوي شد الرحال إلى أولى القبلتين.
محمد فياض، أحد أعضاء مبادرة "نبض الأقصى"، قال للجزيرة نت إن انطلاق المبادرة جاء "كسد ثغرة، إذ لم يجد المواطنون الذين يرغبون بالتوجه إلى المسجد عنوانا فقمنا نحن بتوفيره، وتُموّل الحافلات من خلال أهالي الخير ومن خلال جمع تبرعات من المصلين المرتادين للحافلات أنفسهم".
وخلال الأسبوعين الأول والثاني من شهر رمضان، انطلقت باتجاه المسجد الأقصى 200 حافلة من أم الفحم التي تبعد عن القدس 95 كيلومترا، في حين انطلقت 120 حافلة في الأسبوع الثالث، وستسيّر مبادرة "نبض الأقصى" 150 حافلة بهدف إحياء ليلة القدر والحرص على المكوث حتى انقضاء تراويح يوم الجمعة.
رحلات يومية
وتضم هذه الحافلات أكثر من 7500 مصلّ، يقول فيّاض إنهم يتنوعون بين مسنين وشباب وأطفال، لكنه لاحظ إقبالا غير مسبوق من فئة الشباب ذكورا وإناثا هذا العام، بالإضافة إلى توافد عائلات بأكملها، وحرص البعض على شد الرحال بمركباتهم الخاصة.
وعند سؤاله عن سطوع نجم هذه المدينة في شد الرحال إلى المسجد الأقصى منذ سنوات طويلة، قال إن ذلك يعود لاستمرارية البرامج المتاحة أمام الأهالي بالوتيرة ذاتها، وبالتالي عندما يجد المصلون أن الحافلات متاحة على مدى العام يواظبون على شد الرحال ولا يجدون صعوبة في الوصول.
"لدينا برنامج ثابت بحيث نُسيّر الحافلات بشكل يومي ونحرص على توزيعها بين الحارات ليتاح لكل أبناء العائلات المشاركة، فهناك أيام محددة لحارة اغبارية ومحاميد وجبارين وهكذا.. نحرص على الوصول إلى الجميع"، يضيف فياض.
وفي أيام الخميس والجمعة والسبت تنطلق الحافلات من كافة الحارات تقريبا بسبب عطلة نهاية الأسبوع، ولحرص أهالي المدينة على أداء صلاة فجر الجمعة في المسجد الأقصى.
وتبلغ تكلفة الحافلة التي تنطلق لصلاة الفجر من أم الفحم 2200 شيكل (600 دولار أميركي) ولصلاة التراويح 2400 شيكل (654 دولارا أميركيا)، في حين ترتفع التكلفة في ليلة القدر -وفقا لفيّاض- لاضطرار الحافلات للذهاب والإياب بين المدينتين لأكثر من مرة بسبب الإقبال الشديد.
وينطلق السواد الأعظم من الحافلات في مدينة أم الفحم تحت مظلة مبادرة "نبض الأقصى"، بالإضافة لجزء آخر يتبع لجهات أخرى.
شعور مختلف
ولا تُفوّت ميسون جبارين (أم محمد) أي رحلة تنطلق من أم الفحم باتجاه أولى القبلتين، وتشد الرحال إلى مهوى قلبها بشكل شبه يومي منذ سنوات حتى ألفها المصلون وباتوا ينتظرون ضيافتها المميزة والمتنوعة التي تقدمها لهم مع ابتسامة فجر كل جمعة أمام المصلى القبلي.
وتقول للجزيرة نت "في كل مكان بالأقصى لأم الفحم وجود وبصمة، فلا يتقاعس أهلها عن شد الرحال ويحاولون الوجود على مدى العام وفي كافة الصلوات لإعمار المسجد لأنه عقيدتنا وترعرعنا على حبّه".
تُعدّ أم محمد (52 عاما) طعام الإفطار لزوجها وأبنائها الثمانية وتنطلق نحو الأقصى، وفي رحابه تتناول تمرة وكأسا من ماء زمزم بالإضافة للبن، ثم تنتظر صلاتي العشاء والتراويح وتؤديها كاملة قبل أن تتجه نحو باب الأسباط، ومن هناك تعود إلى أم الفحم التي تصلها بعد منتصف الليل، لتبدأ بتهيئة نفسها للرحلة القادمة وهكذا.
"عندما قررت التفرغ للصلاة في المسجد شعرت أن الله يدبر أمري من حيث لا أحتسب، وبمشيئته باتت حياتي سهلة، وعدتُ شابة في العشرينيات من عمري.. في ساحاته أشعر أنني خفيفة وأطير من الفرح"، تقول الفلسطينية ابنة مدينة أم الفحم.
عند البائكة الجنوبية الغربية تحبُّ أم محمد تأدية صلواتها، وتحرص على أن تقف في الصف الأول، لأن "الإطلالة على المصلى القبلي والكأس تسحرني.. ليس هناك أروع من ذلك المصلى القبلي أمامي و الصخرة المشرفة من خلفي".
تترجل أم محمد الفحماوية من الحافلة في منطقة باب العامود وفي طريقها إلى الأقصى تتسوق من أسواق القدس العتيقة، لأن كل شيء فيها "مبارك وله نكهة خاصة، ولأن التجار ودودون ويرحبون بي باسمي بعدما اعتادوا وجودي".
قبل أن نودعها، قالت هذه السيدة "أوصيت أقاربي بأن يكتبوا على شاهد قبري (حبيبة الأقصى) وأمنيتي أن أبقى من رواده والمرابطين فيه ما حييت".
مبادرات متعددة
وبالإضافة للمبادرات الخاصة ببعض بلدات ومدن الداخل الفلسطيني، فإن لجمعية الأقصى حضورا لافتا من خلال مشروعها "قوافل الأقصى"، الذي وصلت إلى المسجد تحت مظلته قرابة 2400 حافلة منذ بداية شهر رمضان، وفقا لمدير الجمعية يزيد جابر.
وتوزعت الحافلات وفقا لجابر على النحو الآتي: 1170 حافلة من مناطق الجليل، و650 حافلة من مناطق المركز، و280 حافلة من منطقة النقب، بالإضافة لحافلات انطلقت من مناطق أخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن جمعية الأقصى تُسير القوافل وتشرف عليها على مدى العام من كافة مناطق الداخل الفلسطيني، وفي رمضان تكثف الجمعية نشاطها وتضاعف أعداد الحافلات التي تشارك في شد الرحال إلى الأقصى، وقبيل حلوله تشكل لجانا لترتيب انطلاق الحافلات بشكل سلس.
وعن استعداداتها لإحياء ليلة القدر، قالت الجمعية إنها بالإضافة لتسيير 310 حافلات من كافة المناطق، تجهزت لتنظيم أكبر مائدة إفطار للوافدين إلى المسجد، وسيتم توزيع الوجبات داخل المسجد الأقصى وعند بوابات البلدة القديمة لإكرام ضيوف أولى القبلتين.
إعلان
وفي عام 2024 نجحت الجمعية وفقا لمديرها في تسيير 4588 حافلة باتجاه المسجد الأقصى، رغم أنه خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط مُنعت الحافلات من الدخول إلى القدس وأوقفت في محيطها، وهذا ما يفسر انخفاض العدد الإجمالي للحافلات مقارنة بالسنوات السابقة.
وفي ختام حديثه، تطرق جابر إلى المبادرات التي تطلقها البلدات المختلفة والتي تسير الحافلات بشكل شخصي بعيدا عن الجمعية، وتنشط كل من مدينة الطيرة وكفر قاسم وأم الفحم وسخنين ورهط وطمرة وباقية الغربية وغيرها في هذا المجال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الوطن
إقبال على المتاحف
تجاوز عدد الزوار الذين دفعوا رسوم دخول إلى أبرز المواقع الثقافية في إيطاليا خلال عام 2024 حاجز الـ60 مليون شخص، متجاوزا بذلك عدد سكان البلاد للمرة الأولى. وكان المدرج الروماني القديم «الكولوسيوم» في روما أكثر المعالم جذبا للزوار، حيث استقطب 7. 14 مليون زائر، يليه معرض أوفيتزي في فلورنسا بـ 3. 5 مليون زائر، ثم موقع بومبي الأثري بـ 3. 4 مليون. وساهم الزوار من داخل إيطاليا وخارجها بأكثر من 382 مليون يورو (424 مليون دولار) من الإيرادات لصالح الدولة الإيطالية، حيث جلب الكولوسيوم وحده أكثر من 100 مليون يورو. ويبلغ عدد سكان إيطاليا نحو 59 مليون نسمة، وتضم البلاد أكثر من 400 متحف تديره الدولة. وارتفع عدد الزوار بنحو مليوني شخص مقارنة بالعام السابق، فيما زادت الإيرادات بـ68 مليون يورو، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسعار التذاكر. ولا تشمل الأرقام متاحف الفاتيكان، التي تضم كنيسة سيستين، حيث انتُخب البابا ليو الرابع عشر مؤخرا، إذ تتبع الكنيسة دولة الفاتيكان المستقلة. ومع أكثر من 6 ملايين زائر سنويا، كانت متاحف الفاتيكان ستحتل المرتبة الثانية ضمن المعالم الإيطالية لو تم احتسابها.


الجزيرة
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الحاج بدر أبو اسنينة.. 47 عاما في حراسة المسجد الأقصى
وصف الحاج بدر أبو اسنينة، الحارس المتقاعد في المسجد الأقصى، سنوات عمله بأنها وسام شرف له حتى الممات، حيث عمل حارسا منذ 47 عاما، بدأها بأجرة يومية مقدارها 60 قرشا أردنيا، تعادل اليوم 1.4 دولار. اقرأ المزيد المصدر : الجزيرة


الجزيرة
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الصيد الجائر والتغير المناخي يعرّضان الفهود لخطر الانقراض
رغم أن الفهود أكثر السنوريات قدرة على الصمود، فإن أعدادها انخفضت بنسبة تزيد على 30% خلال الـ22 عاما الماضية، بفعل التغير المناخي والتوسع العمراني، والصيد الجائر بغرض التجارة. وبمناسبة اليوم العالمي للفهود في الثالث من مايو/أيار، أكد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة ضمن تحديث قائمته الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض أن الفهود اختفت من مساحات شاسعة ضمن موائلها التاريخية، وقد تكون الآن منقرضة في 26 دولة كانت تجوبها سابقا. وأدرجت بعض أنواع الفهود (الـ8) ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد، لكونها تشهد انخفاضا سريعا في معظم مناطق وجودها في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى فقدان موائلها والصراع مع البشر. كما تُعد من أكثر أنواع الحيوانات عرضة للصيد غير المشروع، إذ يُطلب الحصول على أجزاء منها كالجلود والعظام والمخالب والأسنان. وتستوطن الفهود 62 دولة في أفريقيا وآسيا، من ساحل السنغال الأطلسي إلى شرق سيبيريا. وتعيش هذه القطط المتوحشة في كل بيئة طبيعية يمكن تخيلها، من مستوى سطح البحر إلى الجبال والسافانا والصحاري والأدغال، وحتى حديقة سانجاي غاندي الوطنية في قلب مومباي الهندية، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة. ورغم أن الفهود حيوانات متكيفة وسرية، وتعيش في أماكن لا تستطيع معظم القطط البرية العيش فيها، فإن 4 أنواع فرعية منها تتعرض لخطر الانقراض بشكل خطير، وهي على بعد خطوة واحدة من الانقراض حسب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. ويساهم انتشار المزارع ومزارع الماشية والزحف العمراني في تشريد الفهود واقترابها من البشر بشكل خطير. وتُباد هذه الحيوانات أينما تداخل نطاقها مع نطاق مربي الماشية والرعاة. يُؤدي صيد لحومها لأغراض تجارية إلى إبادة فرائسها، فتقتل القطط الجائعة الماشية، فينتقم أصحابها. وتضع التجارة الدولية جلود الفهود وأسنانها وعظامها ومخالبها في مرمى النيران. ويقدر تقييم القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن الصيادين غير الشرعيين قد يحصلون على ما يصل إلى 3 آلاف دولار مقابل الجثة. كما أن التجارة غير المشروعة في الجلود وأجزاء الجسم المستخدمة في الطقوس الثقافية والروحية آخذة في الازدياد في أفريقيا، كما تواجه أيضا مجموعة كبيرة من التهديدات، بدءا من الألغام، والطرق، والاضطرابات المدنية، والصراعات المسلحة، إلى قطع الأشجار، والسكك الحديدية، وحرائق الغابات. يصف خبير الفهود أندرو شتاين هذه الحيوانات لموقع مونغاباي بأنها "أعظم ناج". فهي رشيقة وقوية وذكية للغاية، وقادرة على التخفي في الظلال، وتعيش في أي مكان، وتتغذى على أي شيء، وتعيش بالقرب من الناس أو في أماكن نائية، مضيفا أن "فقداننا إياها يُخبرنا كثيرًا عن التحديات الأوسع التي نواجهها في العالم". خصائص فريدة يتراوح وزن الفهد بين 20-72 كيلوغراما، وهذا يعني أنه من الحيوانات الرشيقة والسريعة وخفيفة الوزن مقارنة ببعض الثدييات الأخرى. يبلغ ارتفاع الفهد إلى الكتف 0.76 متر فحسب، وأما الطول الكلي للجسم، فيتراوح بين 1-1.5 متر، ويصل طول الذيل إلى 0.82 متر، وهو ذيلٌ طويلٌ يساعد الفهد على التوازن عند الجري بسرعة. يختلف الحد الأقصى لأعمار ذكور الفهد عن الإناث، فالأنثى تعيش حتى 14 سنة، بالإضافة إلى 5 أشهر في البرية، وأما ذكور الفهود فتعيش 10 سنوات تقريبا، ويصل عُمرها إلى 20 سنة في المحميات. يستطيع الفهد التسارع إلى أكثر من 100 كيلومتر في الساعة خلال 3 ثوانٍ فحسب، وهذا يعني أنه يفوق السيارات الرياضية في تسارعها، ويساعده العمود الفقري الممدود، بالإضافة إلى شكل الأرجل على تحقيق التسارع المذكور. يساعد الشكل المميز لأرجل الفهد في تمكينه من الوصول إلى سرعة كبيرة خلال وقت قصير، فإنها أرجل تتميز بطولها، كما أنها تحتوي على مخالب تسهم في تمكين الفهود من الإمساك بالأرض جيدا.