logo
الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة

الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة

الاتحادمنذ 2 أيام
الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة
في زمن تتسابق فيه الدول إلى إعلان التزامات مناخية طموحة، ثم تتعثّر في ترجمتها إلى برامج واقعية، تمضي دولة الإمارات بخطىً واثقة نحو صياغة معادلة واقعية جديدة للطاقة، مقدّمةً نفسها بوصفها فاعلاً جادّاً في رسم ملامح مستقبل الطاقة العالمي.
وتتجلّى هذه الجدية بشكل عملي في مشاركة الإمارات في الاجتماع الثالث لمجموعة عمل التحوّل في قطاع الطاقة ضمن مجموعة العشرين «G20 ETWG»، الذي عُقد في كيب تاون بجنوب أفريقيا، إذ لم يكن الحضور الإماراتي تمثيلاً دبلوماسياً تقليدياً، بل عرضاً استراتيجياً متقناً لنموذج تطبيقي مكتمل الأركان، يزاوج بين الإرادة السياسية والابتكار التقني، ويترجم الطموح البيئي إلى ممارسات قابلة للتنفيذ.
وتأكيداً لهذا النهج العملي، حضرت الإمارات في جنوب أفريقيا لتعرض ما تحقّق فعلياً، لا ما تأمل في تحقيقه، في امتداد واضح لروح «اتفاق الإمارات التاريخي» الصادر خلال مؤتمر الأطراف «كوب 28»، والذي رسّخ مكانتها كمحفّز فعلي للتحوّل المناخي العادل والمتوازن.
ويأتي هذا الحضور المتميّز ترجمةً لتجربة إماراتية أرست أُسساً واقعية لتحوّل طاقيّ متوازن، يوائم بين تنويع مصادر الطاقة وضمان أمنها، دون الإخلال بالتزامات الاستدامة. فقد طوّرت الإمارات مزيجاً ذكياً من مصادر الطاقة، دمجت فيه الطاقتين الشمسية والنووية ضمن منظومتها الوطنية، وجعلت مشروعاتها نموذجاً استثنائياً للانتقال المدروس من الوقود الأحفوري إلى بدائل نظيفة.
في هذا الصدد، يكفي التذكير بأن شركة «مصدر»، التي انطلقت من رؤية طموحة قبل نحو عقديْن، باتت الآن واحدة من أكبر عشر شركات للطاقة النظيفة في العالم، بينما تغطي محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية نحو رُبع احتياجات الدولة من الكهرباء دون أي انبعاثات كربونية، إضافةً إلى استثمارات تلامس 160 مليار دولار في مشروعات الطاقة النظيفة ضمن رؤية الإمارات للحياد المناخي 2050، ما جعل الدولة تقفز إلى الصفوف الأمامية في ملف الاستثمار في الطاقة المتجددة.
لكن ما يميّز التجربة الإماراتية ويجعلها ذات ثقل يتجاوز حدود الجغرافيا ليس فقط القدرة على الإنجاز، وإنما كيفية توظيف هذه الإنجازات كرافعة لتأثير دولي أوسع. فقد طرحت الإمارات مبادرات مؤسسية مثل «التحالف العالمي لكفاءة الطاقة»، الذي يستهدف مضاعفة معدلات تحسين كفاءة استهلاك الطاقة سنوياً بحلول 2030، ويدعو إلى شراكة أعمق بين القطاعيْن العام والخاص وبناء أُطُر تشريعية تعزز العدالة الطاقيّة وتقلل الفجوة بين الدول المتقدّمة والنامية.
وتنعكس رؤية الإمارات العالمية في العمل على بناء وتوسيع شبكة تحالفات طاقيّة تمتد من جنوب أفريقيا إلى كازاخستان، ومن إندونيسيا إلى الولايات المتحدة. وهذه الشراكات لا تقتصر على تمويل المشروعات، بل تشمل نقل المعرفة، وتدريب الكوادر، وتجريب نماذج تشغيلية جديدة، ما يعكس إدراكاً عميقاً لدى الإمارات بأن أزمة المناخ لا تتطلب حلولاً تقنية فقط، بل تحتاج إلى تغيير في أدوات التعاون الدولي وتمكين الدول النامية.
وفي خطوة تحمل دلالات استراتيجية أوسع، برز الدور المحوري الذي تؤديه دولة الإمارات في نقل المعرفة، لا سيما إلى دول الجنوب العالمي، في الجلسة الجانبية التي نظمتها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي خُصّصت لتسليط الضوء على التجربة الإماراتية في الطاقة النووية السلمية وسبل الاستفادة منها في السياقات الأفريقية. وهنا، لم يُعرَض المشروع النووي الإماراتي بوصفه خياراً تقنياً فحسب، بل كمحرّك تنموي شامل بإمكانه أن يدعم النمو الاقتصادي، ويوفّر فرص عمل، ويخفّف من التبعية للوقود الأحفوري المستورَد، بما يعيد تشكيل هيكلية الطاقة في القارة بطريقة أكثر عدلاً واستدامة.
إنّ هذا التوجّه الإماراتي الاستراتيجي متعدد الأبعاد يأتي في لحظة دقيقة، يشهد فيها العالم فتوراً واضحاً في الالتزامات البيئية من بعض القوى الكبرى، وتراجعاً في الزخم السياسي المصاحِب لاتفاقيات المناخ. وبينما تتسع الفجوة بين صُنّاع السياسات والمتأثرين بها، برزت الإمارات بصفتها قوة وسطية تبني الجسور لا الحواجز، وتطرح حلولاً واقعية بدلاً من الشعارات الطموحة التي تعجز عن الصمود أمام تحديات الاقتصاد والسياسة. لقد اختارت دولة الإمارات أن تكون جزءاً من الحل، لا جزءاً من المعضلة، وتتحرك بثقة بين ضرورات الحاضر ومتطلبات المستقبل، دون أن تُفرّط في أي منهما.
بهذا المعنى، فإن ما قدّمته الإمارات في كيب تاون لم يكن مجرد مشاركة، بل رسالة سياسية وتقنية متكاملة، تُلخّص رؤية طموحة تُجسّد على أرض الواقع، وتمنح الآخرين فرصة للحاق بها، لا من باب المنافسة، بل من باب الشراكة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مركز البحوث يشارك في ورشة العمل الثانية لمشروع تعزيز الزراعة الذكية مناخيا
مركز البحوث يشارك في ورشة العمل الثانية لمشروع تعزيز الزراعة الذكية مناخيا

البوابة

timeمنذ يوم واحد

  • البوابة

مركز البحوث يشارك في ورشة العمل الثانية لمشروع تعزيز الزراعة الذكية مناخيا

شارك مركز البحوث الزراعية في ورشة العمل الثانية لمشروع "تعزيز الزراعة الذكية مناخيًا والتنوع البيولوجي الزراعي" بمدينة الإسكندرية ، بتكليف من د عادل عبد العظيم رئيس المركز و بحضور الدكتور ماهر المغربي وكيل مركز البحوث الزراعية للإنتاج، وعدد مديري المعاهد البحثية ونخبة من الباحثين المتخصصين بهدف تعزيز التكيف المناخي ورفع الإنتاجية وتحسين التنوع البيولوجي وذلك في 36 قرية في محافظات البحيرة، وكفر الشيخ، وأسوان وتطبيق حلول مستدامة قائمة على الطبيعة والتكنولوجيا، تعزز من مرونة المجتمعات وتحقق تنمية شاملة للنهوض بانتاجيتها من المحاصيل الحقلية والبستانية. وقال «المغربي » ان هذا المشروع يأتي بدعم مالي من الحكومة الكندية بقيمة 10 ملايين دولار وتنفيذا لتوجيهات علاء فاروق وزير الزراعة بتعزيز التعاون بين القطاع الحكومي والمنظمات الدولية وتحت اشراف الدكتور عادل عبد العظيم رئيس مركز البحوث الزراعية مشيرا للأهمية الكبيرة لانعقاد هذه الورشة في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي يواجهها العالم بشكل عام، ومصر بشكل خاص خاصة في القطاع الزراعي. واستعرض وكيل مركز البحوث الزراعية الإجراءات الاستباقية التي تبنتها الدولة المصرية للتصدي لهذه التحديات بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» والجانب الكندي ودور البحوث العلمية في التخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية والتكيف مع الظاهرة والحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية بما يحقق الاستدامة. المغربي: من المقرر الإنتهاء من تنفيذ المشروع عام 2027 وأشار «المغربي» الي أنه من المقرر الإنتهاء من تنفيذ المشروع عام 2027 ودعم 4,536 مزارعًا صغيرًا في التكيف المناخي بطرق عملية، وتحسين التنوع البيولوجي في الزراعة الزراعية والاستفادة من المخلفات الزراعية لنخيل التمر، وقش الأرز والقمح لافتا إلى أن المشروع يستهدف إنشاء 72 مدرسة حقلية وتدريب 1998 مستفيدًا، من بينهم 73 امرأة للوصول إلى ما مجموعه 8,118 مستفيدًا من أصحاب الحيازات الصغيرة، بالإضافة إلى 144 منظمة محلية و2,837 امرأة من أصحاب المصلحة في عملية صنع القرار وتعزيز القيادة المجتمعية . ولفت وكيل مركز البحوث الزراعية إلي تنفيذ دراسات شاملة حول السياقات الاجتماعية، الاقتصادية، وبيئية، وتشمل تقييم البصمة الكربونية للمزارع وإنشاء ثلاجات تبريد للتمور للحد من الفاقد فى إنتاج التمور وزيادة معدلات الجودة لتحقيق القيمة المضافة لإنتاج التمور في مناطق زراعة النخيل بمحافظة البحيرة في مركزي رشيد وإدكو مشيرا إلي تنظيم قوافل توعوية بممارسات الإرشاد الزراعي، رفع وعي المزارعين باستخدام أساليب الزراعة الحديثة والري المتطور . وأكد «المغربي» أهمية المشروع في دعم إنشاء مراكز إنتاج شتلات ذات جودة عالية لقصب السكر في أسوان كنموذج للتوسع لاحقًا بالإضافة الي تنظيم إجتماعات تنسيقية في كفر الشيخ لمتابعة التنفيذ واستدامة النتائج، تشمل فاعليات مشتركة بين منظمة «الفاو» والمحافظة ووزارة الري والإرشاد الزراعي . وأكد وكيل مركز البحوث الزراعية ان ورشة العمل شهدت ايضا سلسلة من النقاشات حول العديد من المقترحات البحثية وآليات تنفيذها، وذلك بمشاركة مديري المعاهد البحثية المعنية ومنها الأراضي والمياه البساتين وأمراض النباتات والمحاصيل الحقلية وتكنولوجيا الأغذية ووقاية النباتات والهندسة الزراعية والمعمل المركزي للنخيل والإدارة المركزية لمحطات منها تأثير التغيرات المناخية علي الإنتاج الزراعي، لتعزيز التكامل العلمي بين المؤسسات المختلفة بما يخدم توجهات المشروع وأهدافه خلال فترة التنفيذ. الخولي: المشروع يستهدف دعم 36 قرية في 3 محافظات لمواجهة تأثير التغيرات المناخية ومن جانبه استعرض الدكتور محمد الخولي مدير معهد بحوث الأراضي والمياة والبيئة في كلمته مجموعة من الأفكار العلمية المحورية والمقترحات البحثية التطبيقية الهادفة إلى تحقيق مجموعة من التوصيات والتي تصمنت تطوير نظم زراعية ذكية تتيح التكيف مع التغيرات المناخية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد المائية بطريقة مستدامة. وأكد «الخولي » ان المشروع ينفّذ في 36 قرية بمحافظات البحيرة، وكفر الشيخ، وأسوان .ويستهدف التكيف مع تغير المناخ، تعزيز الأمن الغذائي، ودعم المجتمعات الريفية الضعيفة، مع تركيز خاص على دعم النساء والشباب في المناطق الريفية .

الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة
الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة

الاتحاد

timeمنذ 2 أيام

  • الاتحاد

الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة

الإمارات ترسخ دورها العالمي في تحوّل الطاقة في زمن تتسابق فيه الدول إلى إعلان التزامات مناخية طموحة، ثم تتعثّر في ترجمتها إلى برامج واقعية، تمضي دولة الإمارات بخطىً واثقة نحو صياغة معادلة واقعية جديدة للطاقة، مقدّمةً نفسها بوصفها فاعلاً جادّاً في رسم ملامح مستقبل الطاقة العالمي. وتتجلّى هذه الجدية بشكل عملي في مشاركة الإمارات في الاجتماع الثالث لمجموعة عمل التحوّل في قطاع الطاقة ضمن مجموعة العشرين «G20 ETWG»، الذي عُقد في كيب تاون بجنوب أفريقيا، إذ لم يكن الحضور الإماراتي تمثيلاً دبلوماسياً تقليدياً، بل عرضاً استراتيجياً متقناً لنموذج تطبيقي مكتمل الأركان، يزاوج بين الإرادة السياسية والابتكار التقني، ويترجم الطموح البيئي إلى ممارسات قابلة للتنفيذ. وتأكيداً لهذا النهج العملي، حضرت الإمارات في جنوب أفريقيا لتعرض ما تحقّق فعلياً، لا ما تأمل في تحقيقه، في امتداد واضح لروح «اتفاق الإمارات التاريخي» الصادر خلال مؤتمر الأطراف «كوب 28»، والذي رسّخ مكانتها كمحفّز فعلي للتحوّل المناخي العادل والمتوازن. ويأتي هذا الحضور المتميّز ترجمةً لتجربة إماراتية أرست أُسساً واقعية لتحوّل طاقيّ متوازن، يوائم بين تنويع مصادر الطاقة وضمان أمنها، دون الإخلال بالتزامات الاستدامة. فقد طوّرت الإمارات مزيجاً ذكياً من مصادر الطاقة، دمجت فيه الطاقتين الشمسية والنووية ضمن منظومتها الوطنية، وجعلت مشروعاتها نموذجاً استثنائياً للانتقال المدروس من الوقود الأحفوري إلى بدائل نظيفة. في هذا الصدد، يكفي التذكير بأن شركة «مصدر»، التي انطلقت من رؤية طموحة قبل نحو عقديْن، باتت الآن واحدة من أكبر عشر شركات للطاقة النظيفة في العالم، بينما تغطي محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية نحو رُبع احتياجات الدولة من الكهرباء دون أي انبعاثات كربونية، إضافةً إلى استثمارات تلامس 160 مليار دولار في مشروعات الطاقة النظيفة ضمن رؤية الإمارات للحياد المناخي 2050، ما جعل الدولة تقفز إلى الصفوف الأمامية في ملف الاستثمار في الطاقة المتجددة. لكن ما يميّز التجربة الإماراتية ويجعلها ذات ثقل يتجاوز حدود الجغرافيا ليس فقط القدرة على الإنجاز، وإنما كيفية توظيف هذه الإنجازات كرافعة لتأثير دولي أوسع. فقد طرحت الإمارات مبادرات مؤسسية مثل «التحالف العالمي لكفاءة الطاقة»، الذي يستهدف مضاعفة معدلات تحسين كفاءة استهلاك الطاقة سنوياً بحلول 2030، ويدعو إلى شراكة أعمق بين القطاعيْن العام والخاص وبناء أُطُر تشريعية تعزز العدالة الطاقيّة وتقلل الفجوة بين الدول المتقدّمة والنامية. وتنعكس رؤية الإمارات العالمية في العمل على بناء وتوسيع شبكة تحالفات طاقيّة تمتد من جنوب أفريقيا إلى كازاخستان، ومن إندونيسيا إلى الولايات المتحدة. وهذه الشراكات لا تقتصر على تمويل المشروعات، بل تشمل نقل المعرفة، وتدريب الكوادر، وتجريب نماذج تشغيلية جديدة، ما يعكس إدراكاً عميقاً لدى الإمارات بأن أزمة المناخ لا تتطلب حلولاً تقنية فقط، بل تحتاج إلى تغيير في أدوات التعاون الدولي وتمكين الدول النامية. وفي خطوة تحمل دلالات استراتيجية أوسع، برز الدور المحوري الذي تؤديه دولة الإمارات في نقل المعرفة، لا سيما إلى دول الجنوب العالمي، في الجلسة الجانبية التي نظمتها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي خُصّصت لتسليط الضوء على التجربة الإماراتية في الطاقة النووية السلمية وسبل الاستفادة منها في السياقات الأفريقية. وهنا، لم يُعرَض المشروع النووي الإماراتي بوصفه خياراً تقنياً فحسب، بل كمحرّك تنموي شامل بإمكانه أن يدعم النمو الاقتصادي، ويوفّر فرص عمل، ويخفّف من التبعية للوقود الأحفوري المستورَد، بما يعيد تشكيل هيكلية الطاقة في القارة بطريقة أكثر عدلاً واستدامة. إنّ هذا التوجّه الإماراتي الاستراتيجي متعدد الأبعاد يأتي في لحظة دقيقة، يشهد فيها العالم فتوراً واضحاً في الالتزامات البيئية من بعض القوى الكبرى، وتراجعاً في الزخم السياسي المصاحِب لاتفاقيات المناخ. وبينما تتسع الفجوة بين صُنّاع السياسات والمتأثرين بها، برزت الإمارات بصفتها قوة وسطية تبني الجسور لا الحواجز، وتطرح حلولاً واقعية بدلاً من الشعارات الطموحة التي تعجز عن الصمود أمام تحديات الاقتصاد والسياسة. لقد اختارت دولة الإمارات أن تكون جزءاً من الحل، لا جزءاً من المعضلة، وتتحرك بثقة بين ضرورات الحاضر ومتطلبات المستقبل، دون أن تُفرّط في أي منهما. بهذا المعنى، فإن ما قدّمته الإمارات في كيب تاون لم يكن مجرد مشاركة، بل رسالة سياسية وتقنية متكاملة، تُلخّص رؤية طموحة تُجسّد على أرض الواقع، وتمنح الآخرين فرصة للحاق بها، لا من باب المنافسة، بل من باب الشراكة. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

يورانيوم إيران «المفقود».. خيارات دولية أمام «الغموض الاستراتيجي»
يورانيوم إيران «المفقود».. خيارات دولية أمام «الغموض الاستراتيجي»

العين الإخبارية

timeمنذ 2 أيام

  • العين الإخبارية

يورانيوم إيران «المفقود».. خيارات دولية أمام «الغموض الاستراتيجي»

تم تحديثه السبت 2025/8/9 06:58 م بتوقيت أبوظبي منذ نهاية الحرب الباردة، أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لمراقبة كميات اليورانيوم حول العالم بدقة لكنها تجد نفسها اليوم محرومة من هذه الأفضلية في مواجهة إيران. وشملت الجهود الأمريكية تمويل عمليات المراقبة التي تقوم بها الأمم المتحدة، وتنظيم قمم أمنية، وإعادة نحو 7000 كيلوغرام من هذه المادة المشعة إلى 47 دولة، في مسعى للحد من مخاطر استخدامها في صناعة الأسلحة النووية، بحسب وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية. لكن الجهود الدولية التي استمرت ثلاثة عقود لمراقبة المخزون النووي الإيراني انهارت بين عشية وضحايا في 13 يونيو/ حزيران الماضي، مع توقف عمليات التفتيش الدولية عقب الضربات الإسرائيلية على منشآت إيرانية. الوضع الراهن: مخزون نووي في ظل الغموض ووفقا لآخر بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصَّب بدرجة تقترب من المستوى العسكري (60%)، بالإضافة إلى 8,000 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب (20% وما دون). واليوم، ولأول مرة منذ بداية إنتاجها للوقود النووي أوائل الألفية، تُحرم الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إجراء أي عمليات تفتيش، ما يفتح الباب أمام احتمال أن تكون إيران قد أخفت مخزونها في منشأة سرية. ويتوقع أن يمنح فشل الولايات المتحدة وإسرائيل في تدمير أو تتبّع هذه الكمية من الوقود النووي إيران ما يُعرف بـ"الغموض الاستراتيجي" — ورقة ضغط جديدة في أي مفاوضات مقبلة. إرث الحرب الباردة ومفهوم الغموض يعود مفهوم "الغموض الاستراتيجي" إلى إستراتيجية الحرب الباردة التي صاغها الاقتصادي الحائز نوبل توماس شيلينغ، كأداة لردع الصراع عبر ترك مساحة لتخمين القدرات والنوايا النووية للخصم. ورغم إمكانية تقليص هذا الغموض عبر تقنيات استخباراتية (كالأقمار الصناعية أو الجواسيس)، يظل التحقق الميداني المباشر ضرورة قصوى لمنع تحويل المواد للأغراض العسكرية، لأن 25 كيلوغرامًا فقط من اليورانيوم عالي التخصيب كافية لصنع قنبلة نووية. وفي هذا السياق، يُشكِّل المخزون الإيراني الحالي تهديدا نظريا لإمكانية استخدامه في إنتاج 24 قنبلة نووية إذا جرى تخصيبه بالكامل. سيناريوهات المواجهة الثلاثة أمام المجتمع الدولي مسارات محددة للتعامل مع أزمة الغموض النووي الإيراني: 1 - التقبُّل السلبي: وهو ما يعني الاكتفاء بنتائج الضربات الأخيرة وافتراض تدمير البرنامج النووي، لكن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطرة كبرى تتمثل في بقاء اليورانيوم الإيراني صالحا للاستخدام العسكري لآلاف السنين. 2 - القضاء على الغموض: والسعي لإجبار إيران على الكشف عن مصير مخزونها عبر ضغوط سياسية أو عسكرية متصاعدة، وقد يتطلب ذلك تدخلا بريا مباشرا نظرا لعجز الضربات الجوية وحدها عن تأمين التحقق الشامل. 3 - الغموض المُدار، والمتمثل في اعتماد حلٍّ دبلوماسي يجمع بين التقنيات غير المباشرة (الاستشعار عن بُعد، والتحليل الإحصائي) والتحقق الميداني المحدود، عبر إطار دولي مشابه لآلية تفتيش الوكالة الدولية السابقة. لكن هذا المسار يواجه تحديات تعثُّر التعاون الدولي ورفض طهران. ويظل التحدي الأكبر في قدرة العالم على تحمُّل غموض نووي يُخفي مخزونا كافيا لصنع 24 قنبلة؟ خاصة مع انهيار الآلية الوحيدة التي كبحت – لعقدين – تحوُّل البرنامج الإيراني إلى تهديد وجودي، في ظل غياب ضمانات ضد تحويل هذا اليورانيوم إلى سلاح خلال أي مفاوضات معلَّقة. aXA6IDIzLjI2LjQ0LjEwNSA= جزيرة ام اند امز JP

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store