
الوصفة السحرية للحالة السودانية
لا تحتاج النقطة البسيطة التي ظللت أكرّرها إلى اجتراح معجزة أو مخالفة المعهود، بل تتوافق تماماً مع السياسات المُعلَنة لتلك الدول. وتتلخّص في طلب بسيط بالضغط على مليشيا الدعم السريع لوقف ما ترتكبه من انتهاكات وكبائر لا تتوقّف في حقّ المدنيين، وما يتبع ذلك من تخريب للممتلكات العامّة والخاصّة، وإعاقة للإغاثة، وتدمير لأسس الحياة في البلاد.
أقول لجليسي (أو جلسائي)، الذي غالباً ما يزورني في المكتب، أو ألتقيه في الفندق الذي يقيم فيه، أو في منزل السفير، يا سعادة كذا وكذا، ألا ترى أن من الخطل طلب الحوار مع منظّمةٍ لا تملك التوقّف عن ارتكاب الانتهاكات التي هي في الحدّ الأدنى جرائم حرب؟ فهي تقتل بلا سبب، وتختطف الأطفال والفتيات والنساء وتمارس في حقّهن أقبح أشكال الاغتصاب وهتك الأعراض. وتشمل انتهاكاتها تدمير محطّات المياه ومصادرها، وتجريف المزارع، وأيضاً ما يمكن تسميته تجريفاً في حقّ الجامعات والمدارس والمستشفيات، ونهب الصيدليات والأسواق وتخريبهما، وتدمير محطّات توليد الكهرباء، وتخريب ونهب وسائط توصيلها من أسلاك وأعمدة ومحوّلات. يهزّ صاحبي (أو صاحبتي) الرأس في صبر، وقد يصرّح (أو تصرّح) بالعلم بهذه المنكرات، فيأتي دوري للتساؤل: أليست مثل هذه الجرائم من الكبائر المحرمات في قوانينكم والقانون الدولي؟ وأليس ارتكابها بصورة روتينية، وعلى مدار الساعة، وفي كلّ مكان وطئته أقدام هذه الجماعة المارقة من الموبقات؟... هزّة رأس أخرى وتصريح بأن حكومته/ ها قد أدانتها، وربّما فرضت عقوبات بشأنها.
لا يزال هناك وقت للخروج من المهلكة بإدراك استحالة إدخال مليشيا الدعم السريع في العملية السياسية
عندها أضيف نقطتي الأساس، أن الإدانة وحتى العقوبات لا تكفي. وما أرى أنه الأنجع أن توجّه الدولة المعنية رسالةً مباشرةً إلى هذه الفئة الباغية بأن عليها وقف هذه الجرائم فوراً، وبصورة كلّية، وأنه الشرط لقبولها في أيّ مكان في العالم، فضلاً عن أن يسمح لها بأن تكون جزءاً من الحكم في أي بلد. هل تقبلون في بلادكم أو محيطكم التعامل مع عصابات من هذا النوع (في المكسيك أو كولمبيا، أو هايتي مثلاً)؟... هنا نصل إلى نقطة صمت، تأتي بعدها وعود بعمل شيء. وينصرف معظم هؤلاء غير راشدين. ولكن بعض دولهم سرعان ما ترسل شخصاً آخر، خصوصاً إذا وقعت كارثة جديدة، أو لاحت بادرة تغير في الأوضاع، لتطرح الأسئلة نفسها أسئلة أخرى.
ولكن السودانيين هم الأوْلى باتخاذ المواقف الحازمة في مثل هذه الأمور، فلم يضلل المليشيا ويجعلها تمضي في غيّها إلا فئة من السودانيين زوّدتها بشعاراتٍ لا معنى لها، مثل "دولة 56" وغيرها من الترّهات، وأماني مثل أنها تقاتل في سبيل الديمقراطية. ولا أريد هنا إضاعة وقتٍ في الحديث عن "الحكومة" الجديدة التي أعلنها "الجنجويد"، إذ إنها جهاز علاقات عامّة فاشل مسبقاً. وقد أنشأوا قبل ذلك "إدارةً مدنيةً" من شخصٍ واحد في منطقة الجزيرة، فلم تفلح حتى في دور علاقات عامّة، ولم يفتح الله عليه حتى بتصريحاتٍ تبرّئ "الجنجويد" من فظائعهم. وكنتُ قد نشرت قبل أيّام تغريدة في "إكس" حول من يُنكر وجود الإبادة في غزّة، جاء فيها أن من يعتقد أنه لا توجد إبادة ومجاعة في غزّة عاطل عن الفهم، وبالتالي، لا يستحقّ أن يتولى أدنى مسؤولية عامّة، خاصّةً في الجامعات. أمّا من يعلم بالإبادة والمجاعة، ولكنّه يدلّس ويخادع، فهو عاطل أخلاقياً، وأقلّ جدارةً بأيّ مسؤولية. وهذه المقولة تنطبق على مناصري "الجنجويد" بحجّة أن الفئة المارقة منخرطة في مشروع إصلاحي في السودان، وأن مجرميها هم أحقّ من يدعم الديمقراطية في البلاد. فمن كان صادقاً فهو أجهل الجهلاء، ومن كان كاذباً فهو أخبث الخبثاء. وبينهم من جمع السوأتَين.
يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية في السودان نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها
مهما يكن، لا يزال هناك وقت للخروج من هذه المهلكة لمن لديه أدنى حدٍّ من الخُلق، ليدرك استحالة إدخال هذه المليشيا في أيّ جانبٍ من العملية السياسية، بل في أيّ جانبٍ من الحياة في السودان، بقيادتها الحالية وجنودها الملوّثين بهذه الفظائع. فلن يكون هذا الخيار مقبولاً من الغالبية الساحقة من السودانيين، الذين اكتووا بنار انتهاكاتها، وشهدوا تدمير بلادهم وكلّ ما ألفوه، وكلّ ما له قيمة في حياتهم من دراسة وعمل ومسكن وبيئة اجتماعية. هذا طبعاً يتعلّق بالحدّ الأدنى من قبول هذه المليشيا في المجتمع، أمّا مقترح المليشيا وداعميها المتحمّسين (أو المُكرَهين) بأن تكون هي الحاكمة في السودان، أو حتى أيّ جزءٍ منه، فهو أول المستحيلات، وليس ثالثها. يكفي أن أماكن سيطرتها في دارفور لا تزال تشهد أسوأ فظاعاتها من إبادة جماعية وتدمير للحياة، وحصار إجرامي للفاشر ينذر بكبائر أدهى. وأي شخص يصفّق للمليشيا في جريمتها المعتزمة هذه، ويتمنّى نجاحها جدير بأن يبوء بإثمها، ويتحمّل المسؤولية عمّا مضى من جرائم وانتهاكات، وما سيأتي، وأدناها ممّا يلقي كاسبه في سقر.
نعود إلى نقطة البداية، وهي المتعلّقة بردع المليشيا عن جرائمها وضلالاتها، عبر مواجهتها بصوتٍ واحدٍ باستنكار جرائمها التي تشبّهها بالطاعون، لم تدخل قريةً إلا وكانت أداة خرابها. وما اجترحته لم تشهده نواحي الأرض حتى في عصر المغول، وكلّ عصور الاستعمار. فكلّ جهة غازية، أو حكومة غاشمة، تسمح للناس بالاستمرار في معاشهم لتستفيد منه. أمّا هذه الجائحة الطاعونية الجنجويدية، فإنها عطّلت الطرقات، ودمّرت المكاتب وأماكن العمل، وأعاقت التجارة والصناعة والزراعة، وفرضت على من بقي الإقامة الجبرية في البيوت. ولم يؤمنهم هذا من الانتهاكات، حتى اضطرّ كلّ من استطاع إلى الفرار. في الجزيرة مثلاً نهبتْ مخزون الطعام في البيوت، بل كانت من جهلها وخطلها، تدخل المنازل في نهار رمضان، فتأخذ ما أعدّته الأسر للإفطار في الشهر الكريم، بدعوى أنهم أولى بالإفطار، كأنّ الصوم عن الطعام أولى بالصوم عن القتل والنهب وانتهاك حرمات المؤمنين. زادوا فنهبوا ما أعدّه الناس من بذور وأدوات للزراعة، كما نهبوا كلّ الدواب والأنعام والسيارات والجرّارات، فاستحال البقاء لانعدام الطعام والعجز عن الزراعة، وقد وجد من عادوا إلى قراهم بعد أن حرّرها الجيش أن الحشائش قد غطّت المنازل بسبب غياب الحيوانات التي كانت تتغذّى منها، والناس الذين كانوا يعالجونها بالقطع.
توجّه أفريقي ودولي (وعربي؟) موحّد باتجاه التخلّص من "الدعم السريع" باعتباره مفتاح الحلّ في السودان
وقد كتبت في مقال سابق في "العربي الجديد" عن دهشتي لاستمرار هذه العدوانية، حتى في مناطق دارفور التي يعتبرونها "حاضنتهم" وديارهم (استمعتُ إلى أحد القيادات القَبلية يستنكر قيام هؤلاء (في تسجيل مصوّر جادّاً غير هازل) بممارسة النهب والاقتتال فيما بينهم، ممّا قد يوردهم قاع جهنم، داعياً إياهم بدلاً من ذلك إلى النهب في مناطق أخرى، مثل الخرطوم وغيرها، ولكنّهم، بخلاف حسن الظنّ مارسوا في نيالا (وغيرها) ما اعتادوا من النهب وهتك الأعراض وحرق الأسواق، وزادوا بحرق وتدمير المباني التي نهبوها، خاصّة الجامعات، ممّا يعني أنه لا يوجد في هذه الفئة رجل رشيد، أو قائد له ذرّة عقل، ينهاهم على الأقلّ عن تدمير ما نهبوا.
ونحن نتمنّى (ولا نتوقّع) أن يكون في أولياء هذه الفئة المارقة من "سياسيين" و"مثقّفين" عقلاء يذكّرونهم بأن مثل هذه العقلية التدميرية هادمة للعمران، وغير مؤهّلة لهم للقبول في أيّ مجتمع قديم ولا حديث، فضلاً عن أن تكون هي الطريق للديمقراطية المزعومة في السودان، ولا غيره. ونرجو أن تكون فيهم بعض الشجاعة (وهم في المنافي البعيدة التي لا تطاولها يد البريرية هذه) لينبّهوا قيادات هذه العصابات إلى أن مثل هذا السلوك مهلك لهم قبل غيرهم. فهم كالجراد، ما حلّ بزرع إلا أهلكه، ممّا يضطرهم باستمرار إلى التحرّك إلى حقل آخر يتركونه خراباً يباباً.
ولكني غير متفائل (للأسف!) بعودة الوعي إلى غالب هؤلاء، فقد قرأت لأحد قادتهم إشادةً بالمليشيا، زاعماً أنها منحت "الثوار" الحماية. وهو يعلم (كما نعلم ويعلم العالم كلّه) أن المليشيا هي مَن فضّ الاعتصام، وكان هو ورهطه يتفاوضون مع قادتها على الحصانة من الملاحقة في هذا الأمر، إذا انحازت إلى صفّهم ضدّ الجيش. ولكن التفاؤل يأتي من أن هذا الكيان الوحشي هو ذاتي التدمير، وسينقرض ومَن راهن عليه رهاناً سياسياً خاسراً. كفى أننا نرى أن الكيانات السياسية المفلسة سياسياً وأخلاقياً قد بدّدت كلّ ما كان لها من دريهمات الرصيد في الانحياز لها، وهو انحياز كانت تنكره عندما كان لا يزال لها قليل من الحياء، ونزر من الميكيافيلية. وما نراه اليوم من مجاهرة بهذا الإثم/ الفضيحة ما هو إلا عملية انتحارية لمن يئس من كلّ خير.
ومع ما يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها، باعتباره مفتاح الحلّ في السودان. ما أرجوه هو أن يتحقّق ما ظللنا ندعو أليه من إرسال رسالة جماعية للمليشيا (وخدّامها) بالتخلّي عن النهج الانتحاري المضرّ بهم وبالبلاد، وإن كان انتحارهم لا يسوؤني إطلاقاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين في اليمن ، اليوم الثلاثاء، عن استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي، فيما زعم جيش الاحتلال اعتراضه. وقال المتحدث يحيى سريع، في بيان مصوّر، إنّ "العملية حققت هدفها بنجاح بفضل الله وتسببت في هرع الملايين من قطعان الصهاينة الغاصبين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار". وأضاف أنّ "العملية تأتي انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، ورداً على جرائم الإبادة والتجويع في غزة، ورداً على اقتحام قطعان الصهاينة للمسجد الأقصى". وقال الجيش الإسرائيلي، ليل الاثنين الثلاثاء، إنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، وذلك بعدما دوّت صفارات الإنذار في عدة مناطق في أنحاء إسرائيل. والأحد، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن تنفيذ ثلاث عمليات نوعية بالطيران المسيّر ضد أهداف إسرائيلية في يافا وعسقلان وحيفا. بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2. بتاريخ5_8_2025م — العميد يحيى سريع (@army21yemen) August 5, 2025 ويشنّ الحوثيون، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، هجمات منتظمة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والزوارق البحرية ضد سفن إسرائيلية وأخرى مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، كما يستهدفون مواقع إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار ما يصفونه بـ"الرد على حرب الإبادة المستمرة ضد غزة". أخبار التحديثات الحية "هيومن رايتس ووتش" تنتقد بث الحوثيين "اعترافات" طاقم سفينة غارقة والخميس، أكد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي استمرار "عمليات الإسناد" لغزة، مشيراً إلى أن جماعته نفذت هذا الأسبوع عمليات بعشرة صواريخ وطائرات مسيّرة ضد الاحتلال الإسرائيلي، منها استهداف مطار اللد (بن غوريون). وقال الحوثي في خطاب متلفز إنه "تم الإعلان عن المرحلة الرابعة من عمليات الإسناد التي تعني الاستهداف لسفن أي شركة تتعامل مع العدو الإسرائيلي وتنقل له البضائع" طالما تمكنت قوات جماعته من استهدافها، لافتاً إلى أن الإعلان عن المرحلة الرابعة "خطوة ضرورية نتيجة الوضع الذي وصل إليه قطاع غزة". وتتعرّض مواقع في اليمن بين الحين والآخر لغارات إسرائيلية، كانت آخرها في 21 يوليو/ تموز الماضي، حين شنّ جيش الاحتلال غارات على ميناء الحُديدة، بزعم استهداف مواقع تابعة لجماعة الحوثيين.


العربي الجديد
منذ 21 ساعات
- العربي الجديد
قناة السويس تتوقع استمرار تراجع إيراداتها... ورئيسها يرد على طلب ترامب
أكّد رئيس هيئة قناة السويس المصرية، أسامة ربيع، اليوم الاثنين، أن "إيرادات القناة تراجعت بنسبة 66% في 2024، على خلفية هجمات الحوثيين في البحر الأحمر "، متوقعاً "تكرار التراجع بهذه النسبة خلال العام الجاري أيضاً"، وتابع أن "الهيئة تتوقع إيرادات بنحو مليارَي دولار، في النصف الثاني من العام الحالي، بإجمالي إيرادات 4 مليارات دولار على مدار العام مثل العام السابق". ولفت أسامة ربيع، في تصريحات لوكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية، نشرتها اليوم الاثنين، إلى أن "هذه النسب قد تتحسن إذا تغير الوضع في البحر الأحمر وتوقف أنصار الله عن مهاجمة السفن التجارية حال التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة"، وأوضح ربيع أن "الهيئة قرّرت خفض رسوم العبور لسفن الحاويات الكبيرة، التي تزيد حمولتها عن 130 ألف طن بنسبة 15% ولمدة ثلاثة أشهر، بهدف تسريع عودتها للممر الملاحي لكن الأمر يتعلق بهاجس أمني لا اقتصادي"، مضيفاً أنه "قد يجري تمديد هذه الفترة أو زيادة التخفيضات بالرسوم، وفقاً للظروف، لكن لا خطط حالياً لتقديم تخفيضات إضافية". وأشار إلى أنه "بعد تجدّد هجمات أنصار الله في البحر الأحمر مؤخراً، عادت السفن لتفادي المرور عبر البحر الأحمر واختارت المرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح، حتى لا تغامر بحمولتها وأطقم البحارة"، وأكد أن الهيئة تأمل في عقد شراكة مع روسيا الاتحادية، مشيراً إلى عدم وجود شراكة بين الطرفين في الوقت الحالي، إذ يتركز التعاون والشراكة حالياً بالمنطقة الاقتصادية للقناة وإنشاء منطقة صناعية روسية. وبشأن المرور المجاني للسفن الأميركية في القناة، بناء على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أوضح ربيع أن "مصر كدولة تحترم المواثيق والمعاهدات، بما في ذلك معاهدة القسطنطينية لعام 1888، التي تنص على عدم التمييز بين أعلام السفن ودولها"، وأضاف أن "القناة لا تميز بين الخدمات المقدمة للسفن، بناء على جنسية دولها، وتقدم خدمات واحدة وثابتة لجميع السفن، بغض النظر عن الدولة التابعة لها وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود صداقة بينها وبين مصر"، وقال إنّ "الهيئة تتعامل مع كل الدول بشكل متساوٍ"، مشدداً على أن "القناة غير مسيّسة". اقتصاد عربي التحديثات الحية تعافي الجنيه يقلص أعباء الدين العام المصري وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو/ أيار الماضي، تطلع بلاده إلى إنشاء منطقة صناعية أميركية داخل المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، مشدداً على أن مصر مستعدة لتقديم كلّ التسهيلات اللازمة للمستثمرين الأميركيين. جاء ذلك بعدما التزمت الحكومة المصرية بعدم الرد على مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصر وبنما بالسماح للسفن الأميركية بالمرور عبر قناتَي بنما والسويس مجاناً ودون دفع رسوم عبور، وادعى ترامب أنّ هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأميركية. وكتب الرئيس الأميركي أنه ينبغي السماح للسفن العسكرية والتجارية الأميركية بالمرور بقناة السويس وقناة بنما مجاناً، لأنه من دون الولايات المتحدة، لن تكون هذه القنوات المائية موجودة، مؤكداً في منشور له على منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" أنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو الاهتمام بهذا الوضع وتوثيقه على الفور. ويقدر خبراء صندوق النقد الدولي عدد السفن الأميركية التي تمر بقناة السويس، بما بين 1000 و2000 سفينة سنوياً تمثل بين 5% و10% من إجمالي عدد السفن التي تصل إلى نحو 20 ألف سفينة في المتوسط، تحمل نحو 12% من الحركة التجارية العالمية، بما يشير إلى دفع السفن الأميركية رسوم عبور تُقدّر ما بين 500 مليون إلى مليار دولار بإجمالي إيرادات القناة. بحسب تصريحات رئاسية، تحقق قناة السويس خسائر بقيمة 800 مليون دولار شهرياً، بسبب انخفاض حركة المرور بالبحر الأحمر والقناة، منذ يناير/ كانون الثاني 2024. (أسوشييتد برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
عون في ذكرى انفجار مرفأ بيروت: العدالة قادمة والحساب آتٍ
أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون الصورة الرئيس اللبناني جوزاف عون في التاسع من كانون الثاني/ يناير 2025، انتخب جوزاف عون رئيسًا للبنان بعد فوزه في البرلمان بأصوات 99 نائبًا، ولم يسبق لعون أن تولى مناصب سياسية، بل يستمد سمعته من قيادته المؤسسة العسكرية، وهو خامس قائد للجيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع على التوالي. ، في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب ، لعائلات القتلى والجرحى، أن العدالة لن تموت، وأن الحساب آتٍ لا محالة، قائلاً: "سنواصل الضغط على كل الجهات المختصة لتقديم كل المسؤولين عن الجريمة إلى العدالة، أياً كانت مراكزهم أو انتماءاتهم". وشدد في بيان صادر عنه على أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب، فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطاول الجميع من دون تمييز. وأضاف: "لقد عاهدت الشعب اللبناني منذ توليت مسؤولياتي الدستورية على أن تكون محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى أولوية قصوى، وألا يفلت من العقاب كل من تسبب بإهماله أو تقصيره أو فساده في هذه الكارثة الإنسانية. وقال في هذا الشأن: "إننا نعمل بكل الوسائل المتاحة لضمان استكمال التحقيقات بشفافية ونزاهة، وسنواصل الضغط على كل الجهات المختصة لتقديم كل المسؤولين إلى العدالة، أياً كانت مراكزهم أو انتماءاتهم"، وتوجه إلى عائلات القتلى والجرحى بالقول: "إن دماء أحبائكم لن تذهب سدى، وآلامكم لن تبقى بلا جواب. العدالة قادمة، والحساب آتٍ، وهذا وعد قطعته على نفسي أمام الله والوطن". من جانبها، قالت السفارة الأميركية في بيروت، في منشور عبر منصة إكس في ذكرى انفجار مرفأ بيروت: "نقف إلى جانب الشعب اللبناني في مطالبته بالمساءلة. يستحق لبنان نظاماً قضائياً مستقلاً ونزيهاً يُنصف الضحايا، لا أن يحمي النخب. تظل الولايات المتحدة ملتزمة بدعم لبنان يتمتع بالسيادة والاستقرار والازدهار، يشكّله شعبه وحده وليس القوى الخارجية". اليوم الذكرى الخامسة ل #انفجار_مرفأ_بيروت المأساوي، الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وشرّد الآلاف. نقف إلى جانب الشعب اللبناني في مطالبته بالمساءلة. يستحق لبنان نظاماً قضائياً مستقلاً ونزيهاً يُنصف الضحايا، لا أن يحمي النخب. تظل الولايات المتحدة ملتزمة بدعم لبنان يتمتع بالسيادة… — U.S. Embassy Beirut (@usembassybeirut) August 4, 2025 تقارير عربية التحديثات الحية 5 سنوات على انفجار بيروت: آمال حذرة بالتقدم في التحقيقات وأودى انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عند الساعة السادسة وسبع دقائق مساءً، في الرابع من أغسطس/ آب 2020، بحياة 218 شخصاً، وأصيب سبعة آلاف شخص تقريباً، متسبباً في دمار واسع، وصلت أضراره إلى مسافة 20 كيلومتراً. وتبيّن أن الانفجار نجم عن انفجار مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم سريعة الاشتعال، بقيت مخزنة في مرفأ بيروت منذ عام 2014، من دون أدنى درجات الوقاية. وفي التاسع سبتمبر/ أيلول 2020، قدّر البنك الدولي، في تقرير أولي، الخسائر الناجمة عن انفجار بيروت بما بين 6.6 مليارات دولار و8.1 مليارات دولار، بينها أكثر من ثلاثة مليارات دولار خسائر اقتصادية. ويعوّل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت على عهدٍ جديدٍ دخلت فيه البلاد منذ انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً للجمهورية في يناير/ كانون الثاني الماضي، وتأليف حكومة نواف سلام في فبراير/ شباط الماضي، من أجل كسر حاجز التدخلات في التحقيق ومنع تعطيله، خصوصاً في ظلّ التعهدات الرسمية بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار، علماً أنّهم ينتظرون ترجمة الالتزامات إلى أفعال، ورفع الحماية والحصانات عن كل المسؤولين الضالعين في الانفجار.