
الرياضة النسائية في الدول "المحافظة" بين التحديات وتحقيق الانتصارات
من المتعارف عليه في عالمنا العربي أن هناك مجتمعات تسودها الأعراف والتقاليد الصارمة، وهذا ما ينعكس على المرأة تحديدا إذ هي تواجه صعوبات مضاعفة لدخول عالم الرياضة بأريحية.
وهذه التحديات لا تتعلق فقط بالبنية التحتية أو غياب الدعم المادي، بل تمتد إلى القيود الاجتماعية والثقافية التي قد تضع "الرياضة النسائية" تحت المجهر، وأحيانًا موضع رفض وسخط من المحيطين بها في مجتمعها القبلي أو العشائري.
وفي كثير من الدول المحافظة، تُقابل المرأة الرياضية بأسئلة مشككة: لماذا تمارسين هذه الرياضة وما الهدف من وراء ذلك؟، هل تناسبها هذه اللعبة؟، وأحيانًا "هل يليق بها الظهور على الملأ بزي رياضي؟". هذه الحواجز تعيق انتشار الرياضة بين الفتيات، وتحدّ من تكوين جيل جديد من البطلات يمكنه الوصول إلى النجومية والعالمية ومقارعة البطلات الدوليات.
على الرغم من كل ذلك، برزت أسماء صنعت فارقا وغيّرت الصورة النمطية عن المرأة:
لدينا في المملكة العربية السعودية العداءة سارة عطار (الصورة) التي ظهرت على مضمار سباق 800 متر في أولمبياد لندن 2012، لتصبح إحدى أوائل السعوديات المشاركات في الألعاب الأولمبية. ولكنها رغم ذلك واجهت انتقادات مجتمعية واسعة، لكنها مثّلت نقطة تحول في مسيرة الرياضة النسائية السعودية.
وفي دولة الامارات العربية المتحدة لدينا مريم بن محمود بطلة رياضة الجوجيتسو التي جمعت بين القوة والمهارة، وحصدت منها ميداليات عالمية، وقد أثبتت أن الفنون القتالية ليست حكرا على الرجال، وأن المرأة الإماراتية قادرة على المنافسة في الميادين الدولية.
أما في الاردن حيث يسود النمط العشائري المتشدد لدينا هديل الشعار فهي واجهت من حلبة الملاكمة الرفض والاستهجان، لكنها فازت ببطولات آسيوية وأصبحت مصدر إلهام لفتيات أردنيات يرغبن في دخول الرياضات القتالية.
أما في قطر نتحدث عن فاطمة النعيمي وهي لاعبة كرة قدم ومطورة برامج رياضية للفتيات. لعبت دورا محوريا في نشر اللعبة بين النساء القطريات، وشاركت في بناء بيئة تشجع على ممارسة كرة القدم.
وتمتلك مملكة البحرين نورة الكعبي وهي سباحة عالمية ساهمت في تعليم السباحة للفتيات رغم ندرة المرافق المخصصة لهن، وحملت علم بلادها في بطولات دولية.
وبفضل هذه النماذج وغيرها، بدأت الصورة تتغير في زماننا الراهن و أصبحت هناك بطولات نسائية، ومدارس لتدريب الفتيات، وحملات لتشجيع المرأة على دخول مختلف الرياضات. ورغم أن الطريق لا يزال طويلًا، فإن ما تحقق يعد خطوة جريئة نحو المساواة بين الرجل والمرأة في الميدان الرياضي.
دور هام لوسائل التواصل الاجتماعي
مع انتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، وجدت الرياضيات في الدول المحافظة نافذة جديدة لكسر الحواجز. لم يعد الأمر مقتصرا على حضور المباريات أو النشرات الإخبارية، بل أصبح بإمكان البطلات مشاركة إنجازاتهن مباشرة مع الجمهور.
من خلال التوثيق والإلهام لذا نجد أن الرياضيات ينشرن مقاطع من تدريباتهن أو مشاركاتهن في البطولات على إنستغرام ويوتيوب، مما يلهم فتيات أخريات لتجربة الرياضة.
وجذب الرعاة وهذا الأمر بفضل الظهور الرقمي، تمكنت بعض الرياضيات من الحصول على رعاية شركات رياضية محلية وعالمية.
وأخيرا تغيير الصورة النمطي، فإن ظهور المرأة الرياضية وهي تمارس رياضتها باحترافية وأسلوب محتشم في آن واحد، ساعد على إقناع شريحة من المجتمع بأن الرياضة لا تتعارض مع القيم الثقافية أو الدينية في دول الخليج العربي على وجه التحديد.
واليوم في المملكة العربية السعودية، ارتفعت نسبة مشاركة النساء في الأنشطة الرياضية بنحو 149% بين عامي 2015 و2020، بدعم الإصلاحات الوطنية ضمن رؤية 2030.
خلال تلك الفترة، تم تشكيل 22 منتخبا وطنيا نسائيا للمشاركة في بطولات إقليمية متعددة في شتى الرياضات الجماعية.
باختصار شديد، إن رحلة الرياضة النسائية في الدول المحافظة هي حكاية شجاعة وصبر، حكاية نساء رفضن الاستسلام للقيود وقررن المضي قدما رغم كل العوائق والصعاب.
إن كل ميدالية وكل رقم قياسي، وكل خطوة على مضمار أو داخل حلبة، هي رسالة تقول إن الرياضة حق للجميع، وليست حكرا على فئة أو شريحة دون أخرى. واليوم، ومع ازدياد الدعم المؤسسي، وتنامي دور الإعلام الرقمي، وتغير وعي الأجيال الجديدة، بات حلم المساواة في الرياضة أقرب من أي وقت مضى وهو أقرب إلى التحقيق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 4 ساعات
- الديار
والد أمل طالب في المستشفى
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب نشرت الممثلة الكوميديّة ومُقدّمة البرامج أمل طالب، صورة لوالدها من داخل المستشفى. وفي الصورة، ظهرت طالب وهي تُمسك بيدّ والدها، وقالت: "حمدلله عالسلامة يابي".


الديار
منذ 4 ساعات
- الديار
أصالة تصل إلى بيروت.. وتعد جمهورها بليلة فنية ستكون من "أجمل الليالي"
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وصلت الفنانة أصالة نصري إلى صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، حيث عبّرت عن محبتها العميقة للبنان ولشعبه، مؤكدة أنها تحمل مشاعر خاصة وأحاسيس كبيرة تجاه هذا البلد. وأشارت أصالة إلى أنها أعدّت لحفلها المنتظر في بيروت غداً بعناية فائقة، واختارت أغنية خاصة تليق بالعاصمة، لافتة إلى أنها كما جمهورها، تتشوق للقائهم بعد غياب طويل. وبدت علامات التأثر واضحة على الفنانة السورية التي وعدت محبيها بسهرة فنية مميزة، ووصفتها بأنها ستكون "من أجمل الليالي" التي تجمعها بجمهور بيروت.


الديار
منذ 4 ساعات
- الديار
فنانة تُغادر لبنان مع عائلتها: الوداع ليس سهلاً
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلنت الفنانة ناي سليمان، أنّها وعائلتها غادرت لبنان، بعدما قضائها العطلة الصيفيّة، وعودتها إلى الإمارات. ونشرت سليمان صورة وهي برفقة إبنها، وقالت: "القول وداعاً للبنان ليس سهلاً، هذا وطننا، دماؤنا وجذورنا". وأضافت: "لكن، نجد الراحة في دبي، المكان الذي كان بيتاً لي منذ سنّ الـ19".