
الصحافية الفلسطينيّة…صوتُ الحقيقة التي لا تنكسر رغم التحديات
في يوم المرأة العالمي، تبرز الصحافيّة الفلسطينيّة كرمز للصمود والتحدي، حيث أثبتت قدرتها على نقل الحقيقة رغم المخاطر الجسيمة التي تُواجهها يوميًا. ولقد شكّل استشهاد شيرين أبو عاقلة نقطة تحول كبيرة في نظرة العالم إلى الصحافيات الفلسطينيات، حيث بات واضحًا أنهنّ في قلب الحدث، ينقلن الحقيقة بشجاعة، ويُواجهن الاحتلال بقلم وكاميرا لا تعرف الخضوع، وبينما يواصلن كسر الصورة النمطية وإثبات حضورهن في الميدان والاستوديو، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق المزيد من العدالة والمساواة في الإعلام الفلسطيني، ليكون صوت المرأة حاضرًا بقوة، ليس فقط في تغطية الأخبار، بل في صناعة القرار الإعلامي أيضًا.
هند شريده:المرأة الفلسطينية نجحت في إثبات وجودها بقوة في الإعلام رغم التحديات
هند شريده
أجرت ' ملح الأرض ' حوارا مع الصحفية المقدسية هند شريده عن التطور الكبير الذي شهدته المرأة الفلسطينية في مجال الإعلام، حيث أكدت شريده أن المرأة الفلسطينية نجحت في إثبات وجودها بقوة في هذا المجال، ودخلت مجالات الصحافة الاستقصائية، مقدمة النشرات، والمراسلين الميدانيين، وأصبحت جزءًا أساسيًا من الصورة الإعلامية الفلسطينية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها يوميًا.
لكن، كما أشارت شريده، فإن الصحفيات الفلسطينيات يواجهن صعوبات كثيرة، خاصة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، تحدثت عن مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي استهدفتها قوات الاحتلال رغم ارتدائها سترة الصحافة والخوذة. وأضافت 'الصحفيات الفلسطينيات يواجهن الاعتقال والتهديد المستمر من قبل الاحتلال، إضافة إلى التحديات المجتمعية المتمثلة في النظرة التقليدية للمرأة في المجتمع الفلسطيني، مما يزيد من تعقيد حياتهن المهنية'.
وفيما يتعلق بتعزيز قضايا المرأة في الإعلام، أكدت شريده لـ ملح الأرض أن الإعلام الفلسطيني بحاجة إلى تسليط الضوء أكثر على قضايا النساء، مثل التحرش والعنف ضد المرأة، مشيرة إلى أن الإعلام في كثير من الأحيان يتعامل مع المرأة على أنها 'أكسسوار' أو 'كوتا'، مما يقلل من دورها الفاعل في المجتمع وأوضحت أنه يجب تعزيز النظرة التي ترى المرأة كصانعة للحدث، وليس كمجرد متلقية له.
وختمت شريده حديثها بالتأكيد على أن المرأة الفلسطينية، رغم جميع التحديات التي تواجهها، تظلُّ صامدةً وقادرةً على مواجهة الصّعاب، 'الصحفيات الفلسطينيات استطعن بمهنيتهن وشجاعتهن أن يحققن نجاحًا كبيرًا في نقل الحقيقة، وحان الوقت لإعطاء المرأة الفلسطينية المساحة التي تستحقها في الإعلام والمجتمع بشكل عام'.
كريستين رناوي:الإعلام الفلسطيني قضية وطنية ويجب تسليط الضوء أكثر على قضايا المرأة
ومن جهة أخرى قالت الصحفية كريستين رناوي ، المراسلة الميدانية التي تغطي الشأن الفلسطيني لـ ملح الأرض إنها تناولت موضوعات هامة تتعلق بدور المرأة في الإعلام الفلسطيني والتحديات التي تواجهها في ظل الظروف الصعبة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي. رناوي، التي بدأت مسيرتها الإعلامية في القدس المحتلة قبل 15 عامًا، وتعمل حاليًا مراسلة لقناة 'التلفزيون العربي'، أكدت أن الإعلام في فلسطين ليس مجرد مهنة بل هو قضية وطنية، ولفتت إلى أن الإعلامية الفلسطينية تُحارب من خلال كاميرتها من أجل قضية وطنها، مشيرةً إلى أن الصحفيات في فلسطين يحظين باحترام المجتمع سواء في الاستوديو أو في الميدان، وهو ما شجعها على الاستمرار في هذا المجال رغم صعوباته.
كما تطرقت رناوي إلى التحديات التي يواجهها الصحفيون بشكل عام في فلسطين بسبب الاحتلال، حيث أكدت أن المعوقات التي تواجه الصحفيات في الميدان هي نفسها التي يواجهها الصحفيون الرجال، مثل إطلاق النار عليهم، منعهم من الوصول إلى مواقع الأحداث واحتجازهم. وأضافت لـ ملح الأرض أن هذه المعوقات تمثل العائق الرئيسي، حيث أن الاحتلال لا يفرق بين صحفي وصحفية كما أشارت إلى تأثير العمل الصحفي على الحياة الاجتماعية، حيث أكدت أن الصحفية في فلسطين تواجه صعوبة في الحفاظ على توازن بين حياتها المهنية والشخصية، وأنه من الصعب على الصحفية أن تجد وقتًا للحياة العائلية أو الشخصية بسبب الغياب المستمر عن المنزل.
وأكدت رناوي أن الاحتلال يشكل عاملًا رئيسيًا يُهيمن على الإعلام الفلسطيني، حيث أن معظم التغطيات الإعلامية تركز على القضايا السياسية والعسكرية، مما يؤدي إلى نقص في تسليط الضوء على قضايا المرأة الفلسطينية. وأوضحت أن الإعلام الفلسطيني بشكل عام يسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني جرّاء الاحتلال، ولكن قضايا المرأة مثل الصحّة النفسيّة والوضع الاجتماعيّ للنساء اللواتي فقدن أزواجهن في الحروب أو النساء المعتقلات تبقى في معظم الأحيان غائبة عن التغطية الإعلامية. 'إن هذه القضايا تتطلب اهتمامًا أكبر، حيث إن الإعلام الفلسطيني يجب أن يعكس الواقع المعيشي الصعب للمرأة الفلسطينية بشكل أكثر شمولية'.
وأشارت رناوي إلى أن الإعلامية الفلسطينية القوية قادرة على فرض نفسها في الميدان وفي المؤسسات الإعلامية، ولكن هناك تحديات كبيرة، أهمها الصورة النمطية التي قد تقف عائقًا أمام وصول المرأة إلى المناصب القيادية. وأوضحت أن الاحتلال نفسه يلعب دورًا في هذا الموضوع، حيث يركز الإعلام بشكل أكبر على القضايا السياسية والعسكرية على حساب القضايا المجتمعية الأخرى مثل قضايا المرأة. وختمت رناوي حديثها بالتأكيد على أهمية دعم الإعلام الفلسطيني لتمكين المرأة الفلسطينية، مشيرة إلى أن المؤسسات الإعلامية يجب أن تقدم المزيد من المساحات لقضايا المرأة الفلسطينية مثل التعليم، العمل، والصحّة النفسيّة، إضافة إلى دعم الإعلام الفلسطيني بشكل عام لتسليط الضوء على قضايا الشعب الفلسطيني بشكل أوسع.
رنا أبو فرحة: صوت المرأة أصبح مسموعًا اليوم، لكن علينا مواصلة العمل لتحقيق المزيد من العدالة والمساواة
رنا أبو فرحة
وفي السياق ذاته تحدثت الصحافية الفلسطينية رنا أبو فرحة لـ ' ملح الأرض '، عن مسيرتها الإعلامية الممتدة لعشرين عامًا، حيث تعمل حاليًا في وكالة معا الإخبارية، إلى جانب نشاطها كمدربة ومحاضرة في الإعلام في فلسطين خلال الحوار، وسلّطت الضوء على واقع المرأة الفلسطينية في المجال الإعلامي، والتحديات التي تواجهها، والإنجازات التي حققتها رغم الصعوبات.
وتؤكد أبو فرحة أن هناك تطورًا في تناول قضايا المرأة في الإعلام الفلسطيني، حيث أصبح هناك وعي أكبر سواء لدى الإعلاميين أو صناع القرار في المؤسسات الإعلامية وأن الإنصاف الكامل لم يتحقق بعد، ولكن هناك محاولات جادة في هذا الاتجاه، وهناك وعي متزايد بأهمية طرح قضايا النساء بعدالة.
وتصف التحديات التي تواجهها الصحافيات الفلسطينيات بأنها 'سلاح ذو حدين'، إذ أن هناك تحديات ناتجة عن الاحتلال وأخرى متعلقة بالمجتمع نفسه. وتشير إلى أن استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة غيّر تمامًا نظرة العالم إلى الصحافية الفلسطينية، مسلطًا الضوء على التهديدات التي تواجهها الصحافيات بسبب الاحتلال، حيث يتعرضن لمخاطر يومية تشمل التهديدات والاعتقالات والاستهداف المباشر.
تؤكد أبو فرحة أن المرأة الفلسطينية أثبتت نفسها في الإعلام رغم كل العقبات، مشددة على ضرورة الاستمرار في دعم الصحافيات وتوفير بيئة آمنة لهن لممارسة عملهن بحرية صوت المرأة أصبح مسموعًا اليوم، وهذا إنجاز مهم، لكن علينا مواصلة العمل لتحقيق المزيد من العدالة والمساواة في الإعلام الفلسطيني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سرايا الإخبارية
وثائقي استقصائي يكشف هوية الجندي (الإسرائيلي) قاتل شيرين أبو عاقلة
سرايا - عرض في مدينة نيويورك الأميركية لأول مرة فيلم وثائقي بعنوان "من قتل شيرين؟" من إنتاج منصة زيتيو، ويكشف الفيلم معلومات جديدة عن هوية الجندي الذي قتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة عام 2022 في مدينة جنين بالضفة الغربية. وحسب الفيلم، فإن القاتل هو الجندي الإسرائيلي ألون سكاجيو. بدورها، قالت مراسلة الجزيرة بيسان أبو كويك إن المفارقة التي يكشفها الفيلم هي أن الجندي الذي قتل الزميلة شيرين لقي مصرعه الصيف الماضي على يد مقاومين فلسطينيين خلال عملية عسكرية كانت تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين أيضا. وكشف الفيلم معلومات عن مساعي الحكومتين الإسرائيلية والأميركية لإخفاء معلومات تتعلق بظروف اغتيال الزميلة الراحلة وعدم السماح بالوصول إلى القاتل. وقد تم تصوير الوثائقي، الذي أعده الصحفي الاستقصائي ومراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" سابقا ديون نيسينباوم، في واشنطن والقدس وجنين، ويشمل مقابلات مع مسؤولين متابعين للقضية كعضو مجلس الشيوخ الديمقراطي كريس فان هولين، ومصادر جديدة لم تتحدث علنا عن الظروف والتحقيقات المتعلقة باغتيال شيرين أبو عاقلة. منصة "زيتييو" الأمريكية للصحافة الاستقصائية تنشر تحقيقا وثائقيا يكشف هوية الجندي الإسرائيلي الذي قتل الزميلة شيرين أبو عاقلة، وذلك من خلال مقابلة أحد زملائه | تقرير: إلياس كرام #الأخبار — قناة الجزيرة (@AJArabic) May 8, 2025


جو 24
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- جو 24
وثائقي استقصائي يكشف هوية الجندي الإسرائيلي قاتل شيرين أبو عاقلة
جو 24 : عرض في مدينة نيويورك الأميركية لأول مرة فيلم وثائقي بعنوان "من قتل شيرين؟" من إنتاج منصة زيتيو، ويكشف الفيلم معلومات جديدة عن هوية الجندي الذي قتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة عام 2022 في مدينة جنين بالضفة الغربية. وحسب الفيلم، فإن القاتل هو الجندي الإسرائيلي ألون سكاجيو. بدورها، قالت مراسلة الجزيرة بيسان أبو كويك إن المفارقة التي يكشفها الفيلم هي أن الجندي الذي قتل الزميلة شيرين لقي مصرعه الصيف الماضي على يد مقاومين فلسطينيين خلال عملية عسكرية كانت تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين أيضا. وكشف الفيلم معلومات عن مساعي الحكومتين الإسرائيلية والأميركية لإخفاء معلومات تتعلق بظروف اغتيال الزميلة الراحلة وعدم السماح بالوصول إلى القاتل. وقد تم تصوير الوثائقي، الذي أعده الصحفي الاستقصائي ومراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" سابقا ديون نيسينباوم، في واشنطن والقدس وجنين، ويشمل مقابلات مع مسؤولين متابعين للقضية كعضو مجلس الشيوخ الديمقراطي كريس فان هولين، ومصادر جديدة لم تتحدث علنا عن الظروف والتحقيقات المتعلقة باغتيال شيرين أبو عاقلة. المصدر : الجزيرة ا تابعو الأردن 24 على

سرايا الإخبارية
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سرايا الإخبارية
فريهان سطعان الحسن تكتب: "يلا منيح .. صار الكم مقعد"!
بقلم : فريهان سطعان الحسن .. عبارة هبطت على مسامعي بوقع ثقيل، بعد إعلان نتائج انتخابات مجلس نقابة الصحفيين الأخيرة، التي أسفرت عن فوز زميلة بعضوية المجلس، كونها الوحيدة أيضا التي ترشحت من بين الزميلات في الهيئة العامة للنقابة. رغم أنها قيلت في سياق مُزاح عابر، إلا أنها لم تكن مجرد كلمة للتداول العام. بل كانت مرآة تعكس صورة نمطية متجذرة في الوعي الجمعي، تختزل حضور المرأة وتقدمها كمنحة أو "صدقة" أو "كوتا" لها، وليس كحق أصيل تحوزه بكفاءتها وجدارتها. ندرك جيدا أن الطريق ما يزال طويلا، لكسر هذه الصورة التي تحد من حضور النساء وتختصر إنجازاتهن.. من هنا يأتي السؤال؛ هل غابت المرأة عن مواقع التأثير داخل النقابات المهنية، رغم حضورها الكمي والنوعي اللافت في الهيئات العامة، لماذا لا يترجم ذلك بتسلمها المناصب القيادية بعضوية حقيقية وفاعلة؟. من وحي المتابعة فقد سجلت المرأة النقابية حضورا مؤثرا، لكن قلة فقط الذين أنصفوا تجارب الزميلات في مختلف النقابات. في انتخابات مجلس نقابة الصحفيين الأخيرة، خاضت الزميلة فلحة بريزات تجربتها بالترشح لمرتين منفصلتين في دورتين متتاليتين، ورغم أن الحظ لم يحالفها، لكنها كانت تجربة تستحق التقدير بسعي طموح لأن تتولى موقع "النقيب" كأمرأة تمثل الصحفيين، تخوض غمار هذه التجربة بكل جرأة وجسارة. كثيرة هي الأسماء لنساء سجلن حضورا لافتا في عضوية مجالس النقابات، ولم يرضين البقاء في آخر الدور، وبالتجربة أثبتن أنهن أهل للكفاءة بعيدا عن تصنيفات مجتمعية نمطية تفصل بين الذكر الذي يحق له كل شيء والمرأة التي تؤطر حضورها بملحق وليس كفرع أصيل في المجتمعات. نماذج بارزة ظهرت، منهن، المحامية نور الإمام التي شغلت عضوية مجلس نقابة المحامين ورئاسة لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان، حيث أثبتت حضورا قويا ودورا فاعلا في ملفات لم تكن سهلة. وتأتي الطبيبة آية الأسمر، التي تولت عضوية مجلس نقابة أطباء الأسنان لأربع دورات لتواصل اليوم مشوارها بخطى واثقة بالترشح لمنصب النقيب، وفي حال حالفها الحظ، ستكون أول سيدة عربية تفوز بموقع نقيب نقابة مهنية. تقودنا تجارب النساء في المجالس النقابية إلى استحضار مشهد آخر من مشاهد المشاركة العامة، حين تصدرت النائب دينا البشير المركز الأول في القائمة الحزبية خلال الانتخابات النيابية، في دلالة واضحة على قدرة المرأة على التصدر والمنافسة بثقة وكفاءة. هذا الحضور تجسد أيضا في العديد من قصص النجاح الملهمة التي سطرتها نساء خضن معارك انتخابية داخل النقابات المهنية، والوصول إلى مواقع المسؤولية وإحداث الفرق. ومع ذلك، فإن هذا النجاح لا يخفي حقيقة أخرى، وهي أن كثيرات ممن خضن تجارب نقابية انسحبن لاحقا من المشهد النقابي، إما بالعزوف عن الترشح تارة، أو بعدم إعادة انتخابهن تارة أخرى، مما يفتح باب التساؤلات حول أثر التجربة في هذا المسار. جزء من هذا التراجع يعود إلى النظرة النمطية السائدة، التي ما تزال ترى في الرجل الخيار الأكفأ والأجدر، وكأن وجود المرأة في مواقع المنافسة يشكل تهديدا وجب محاربته! ولعل السبيل الحقيقي لتجاوز هذه النظرة القاصرة، يكمن في أن تحجز المرأة مكانها الطبيعي في الصفوف المتقدمة، وأن تتبوأ المراكز القيادية داخل النقابات، وفي مواقع متقدمة في الحياة العامة، لتثبت بكفاءتها وقدرتها أن حضورها ليس استثناء، بل استحقاق طبيعي. غير أن معركة المرأة لا تقف عند حدود كسر الصور النمطية فحسب، بل تمتد أيضا إلى مواجهة أحكام المجتمع القاسية. ففي جانب آخر لا يمكن تجاهله، ما تزال النظرة للمرأة أسيرة الأحكام القاسية. فكثيرا ما تضخم الأخطاء وتختزل بعض التجارب بنماذج محددة، يتم التركيز عليها بشكل مبالغ فيه، وكأن "غلطة المرأة بعشرة!"، في تجاهل واضح لنماذج مشرفة، كلماتهن ومواقفهن شكلت علامة فارقة بالمجتمع. في الأعوام الأخيرة، بدا واضحا أن الإرادة السياسية تدعم حضور المرأة بمواقع صنع القرار، ورغم ذلك، ما تزال الإرادة الشعبية دون المستوى المأمول. مع هذا التفاوت بين الإرادتين السياسية والشعبية، برزت نماذج نسائية أردنية مشرقة، ساهمن في مسيرة البناء والنهضة. لتجسد الملكة رانيا العبدالله نموذجا ملهما للمرأة الأردنية، حيث لا تتوانى جلالتها عن زيارة المحافظات والالتقاء بالنساء في مجتمعاتهن المحلية، مؤمنة بقدرة كل امرأة على صناعة الفرق حيثما كانت. هذا الإيمان امتد إلى مستوى القرار السياسي، وبدا جليا من خلال حرص الدولة على تمثيل المرأة في مجلس الأعيان، ودعمها لتولي مواقع قيادية مؤثرة. يبقى الأمل معقودا على أن تمتد دائرة المشاركة النسائية من الحضور الخافت إلى مواقع التأثير الحقيقي والبارز بالمجتمع، وتكرار التجربة. فالمرأة لم تخلق لتبقى على هامش المشهد العام، بل لتتصدره. لسنا بحاجة حضور رمزي يجمّل المشهد العام، بل لنساء يتقدمن بعزم وقوة نحو مواقع صنع القرار، يحملن قضايا مجتمعهن بسعي صادق لإحداث التغيير. الغد