
خطة ترامب: هل من دوافع اقتصادية وراء رغبة الرئيس الأمريكي بالسيطرة على غزة؟
قبل بضعة أيام جلس الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في المكتب البيضاوي إلى جانب العاهل الأردني، الملك عبد الله، ليجدد تمسّكه بخطته للسيطرة على غزة، وتحويلها لـ"ريفييرا الشرق الأوسط" بعد إخراج أهلها منها حسب قوله.
وبكامل ثقته المعهودة، قال ترامب للصحفيين إن الفلسطينيين سيحبّون الأماكن التي سيمنحها لهم- بعد أن يُخرجهم من غزة. أما دافع هذه الثقة: ترامب "يعرف قطاع العقارات جيدا" وقد حقق فيه "نجاحا كبيرا".
قد يبدو هذا الطرح بعيدا عن النهج التقليدي الذي شكل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لعقود، والذي على الرغم من دعمه الكبير لإسرائيل، تبنى حل الدولتين أساسا للتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكنه ليس مفاجئا بالضرورة، بالنظر إلى سيرة ترامب كرجل أعمال يرى كثيرا من الأمور من منظور التطوير والاستثمار. ويبدو أنه يريد الآن تطبيق هذه المقاربة على واحدة من أكثر القضايا تعقيدا في المنطقة.
فهل هناك دوافع اقتصادية وراء خطة ترامب؟ وما إمكانات غزة الاقتصادية التي يمكن استثمارها؟ وهل من مستقبل لاقتصاد مزدهر في القطاع بعيدا عن رؤية ترامب؟
ترامب: تاجر الفرص الثمينة
بدأ ترامب مسيرته مطورا عقاريا في ولاية نيويورك الأمريكية في سبعينات القرن العشرين، حينما كانت الولاية تواجه خطر الإفلاس بسبب الإنفاق العام المفرط وانخفاض عائدات الضرائب.
آنذاك، وجد ترامب فرصة نادرة – ورخيصة- للاستحواذ على فندق كومودور الشهير وتجديده وتحويله إلى فندق غراند حياة الفخم، الذي أصبح واحدا من رموز التحول الذي شهده وسط ضاحية مانهاتن، التي انتقلت من منطقة تأثرت بالأزمة الاقتصادية الأمريكية، إلى واحدة من أكثر الأماكن ثراءً في العالم.
حصل ترامب على إعفاءات ضريبية ضخمة من ولاية نيويورك كجزء من الصفقة، التي مثلت انطلاقته كاسم كبير في عالم العقارات في الولاية، ومنها إلى بناء ما يمكن وصفه بإمبراطورية اقتصادية ضمت استثمارات في مجال العقارات والفنادق والمنتجعات والترفيه.
وبينما أسهمت هذه الإمبراطورية في جهود تطوير أحياء فقيرة في عدد من الولايات الأمريكية وفي خلق كثير من فرص العمل، إلا أن صعودها كان مشوبا باتهامات بالاحتيال واستغلال العمالة وتشريد السكان ذوي الدخل المحدود من مناطقهم.
ترى الكاتبة الأمريكية غويندا بلير، صاحبة كتاب « عائلة ترامب: ثلاثة أجيال من المقاولين ورئيس » أن هناك خيطا يربط بين طريقة تعامل ترامب مع الوضع في غزة والكيفية التي صعد فيها نجمه في عالم العقارات في نيويورك قبل نحو خمسين عاما.
وتضيف: "بالطبع لم تكن مدينة نيويورك منطقة حرب في سبعينات القرن العشرين، لكنها كانت على وشك الانهيار، إذ كانت تواجه احتمال الإفلاس وهو أمر كان سيكون كارثيا"، وكذلك "تعيش غزة كارثة تاريخية، ذات أبعاد لا يمكن تصورها".
وكما نجح ترامب في "الاستفادة من الأزمة الحضرية التي كانت مدينة نيويورك تعيشها لعقد صفقات مفيدة له"، كذلك يمثل الوضع في غزة فرصة له ليقدم نفسه كشخص يمكنه تحقيق ما عجز عنه الآخرون.
وتشير بلير إلى أن هذه النظرة التي "صقلها ترامب على مدار خمسين عاما" تحدد طريقة تعامله مع أي موقف، سواء كان عقاريا أم لا، من خلال مجموعة من المحددات: "كيف يمكن تحقيق ربح؟ ما المنافع؟ وكيف نصل إلى ذلك؟ إذا كانت هناك قواعد، فكيف نتجاوزها؟ وإذا كانت هناك أي عقبات، فكيف يمكن التغلب عليها؟".
أكد ترامب أنه لن يسعى للمشاركة شخصيا في تطوير غزة عقاريا.
وتقول بلير، إن الربح الذي قد يريد ترامب تحقيقه من خطة غزة "ليس بالضرورة أن يكون ربحا ماديا بشكل مباشر"، فالعائد من تنفيذ الخطة قد يتمثل في "القوة المَهُولة والشعور بالسيطرة التي سيظهرها للعالم".
في المقابل تقول فكتوريا كوتس، التي عملت كنائبة لمستشار الأمن القومي لترامب خلال فترته الرئاسية الأولى، إن ما قدمه ترامب بشأن غزة، يمثل خطة عملية لليوم التالي للحرب في القطاع.
"كان هناك كثير من الصخب والحديث حول هذا الأمر خلال الشهور الخمسة عشر الماضية"، لكن ترامب هو أول قائد يقدم خطة للتعامل مع الموضوع.
وتؤكد كوتس أن خطة ترامب جاءت مدفوعة بالوضع الإنساني الصعب في غزة، وبرغبة منه في تقديم بديل للسكان هناك.
وبالفعل كان ترامب قد قال إن غزة أشبه "بالجحيم"، مضيفا أن الناس هناك "لم يعرفوا سوى الموت والدمار"، وأن بقاءهم في القطاع هو بسبب عدم وجود بديل آخر.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تضرر أو انهيار نحو 69% من المباني في القطاع الذي يعرف مستويات "غير مسبوقة في التاريخ الحديث" من الدمار.
أما تكلفة إعادة الإعمار فتقدر بأكثر من 50 مليار دولار، في عملية قد تستغرق سنوات بحسب المنظمة الدولية.
لكن الكاتب الفلسطيني، أحمد نجار، يرفض تصوير فكرة ترامب على أنها محاولة لإنقاذ الغزيين من الوضع المأساوي في القطاع، ويقول إنه "يتعين علينا أن نفكر في من حوّل غزة إلى جحيم".
ويرى نجار أن "الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل في تحويل غزة إلى جحيم عبر تزويدها بالأسلحة ودعمها بلا شروط".
بالنسبة لنجار تمثل خطة ترامب لإخراج نحو مليوني إنسان فلسطيني من غزة خطة "تطهير عرقي".
يقول: "لا توجد طريقة أخرى لوصف الأمر، أيا كانت الطريقة التي ننظر بها إليه، من وجهة نظر قانونية أو أخلاقية، فإن ما يجري هو خطة تطهير عرقي لمحاولة إجبار الناس على النزوح من ديارهم وأراضيهم".
أما فكتوريا كوتس، المسؤولة السابقة في إدارة ترامب الأولى، فتؤكد أن الرئيس الأمريكي "لم يتحدث إطلاقا على إجبار الناس على الخروج"، لكنها لا تقدم إجابة عن السؤال حول كيفية التعامل مع أولئك الذين قد يرفضون ترك القطاع.
ويؤكد ترامب ثقته في أن الناس في غزة سيرغبون في المغادرة، وسيكونون أفضل حالا في الأماكن التي ستبنى لهم في الأردن ومصر، على أن تسدد "الدول الثرية المجاورة" تكاليف البناء.
حتى الآن يبدو أن بعض الدول العربية تحاول تقديم بديل لخطة ترامب، إذ أشار العاهل الأردني لدى زيارته واشنطن أن مصر تعمل على إعداد خطة بديلة، تضمن إعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه كما تقول القاهرة.
وبانتظار الإعلان عن تفاصيل الخطة المصرية، تبقى تفاصيل كثيرة غائبة عن الخطة التي أعلنها ترامب.
وترى الكاتبة الأمريكية، غويندا بلير، أن غياب التفاصيل هذا يمثل امتدادا لطريقة "رجل المبيعات" التي يتبعها ترامب للتعامل مع الملفات المطروحة أمامه، والتي تترك له مساحة للتراجع عما قاله أو إعادة تفسيره بشكل مختلف.
"نستطيع أن نرى هذا الأسلوب في كثير من تصريحات ترامب، فهي ليست واضحة تماما، هناك دائما مساحة للمناورة والاستبدال، كما أنها تحمل أفكارا صادمة بحيث تصبح أي فكرة أقل منها مقبولة".
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني : نزاع عقاري؟
لكن أولئك الذين يأخذون تصريحات ترامب حرفيا يشيرون إلى أن بوادر خطته المعلن عنها في الآونة الأخيرة ظهرت قبل نحو عام على لسان صهره جاريد كوشنر، الذي كان قد قال في فعالية في جامعة هارفارد إن "العقارات على الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إذا ما ركز الناس على توفير سبل العيش"، مضيفا أنه "من وجهة النظر الإسرائيلية يمكن نقل السكان خارج المنطقة وتنظيفها".
ولا تستبعد الكاتبة الأمريكية، غويندا بلير، أن يكون كوشنر قد لعب دورا في بلورة الخطة التي أعلن عنها ترامب، فكوشنر "كان يعمل في مجال العقارات، كما أنه مهتم للغاية بعقد صفقات تجارية في المنطقة".
كوشنر الذي كان قد وصف الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين بأنه "ليس أكثر من نزاع عقاري"، كان مهندس صفقة القرن – التي عرفت بخطة السلام والازدهار- التي طرحها ترامب في الأشهر الأخيرة من فترته الرئاسية الأولى.
وقد تضمنت الصفقة التي رفضها الفلسطينيون، حوافز اقتصادية ووعودا باستثمارات بنحو 50 مليار دولار، لكن دون منحهم دولة فلسطينية كاملة.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور سمير أبو مدللة، أن اهتمام ترامب ومن قبله صهره كوشنر بغزة ليس اهتماما اقتصاديا بالضرورة. إذ يقول إن الواجهة البحرية لغزة لا تتعدى 41 كيلومترا، بينما "توجد في المنطقة دول تمتلك سواحل يتجاوز طولها 2000 كيلومتر"، يمكن تطويرها وتحويلها إلى منتجعات سياحية.
تبدو خطة ترامب لغزة، بحسب أبو مدللة، "مرتبطة بخططه السياسية التي أطلقها في فترته الرئاسية الأولى، والتي تريد أن تقدم حلولا اقتصادية على حساب الحلول السياسية والسيادة الفلسطينية"، وهو الأمر المفروض فلسطينيا.
لكن فكتوريا كوتس، التي عملت في إدارة ترامب السابقة، تقول إنه "بدلا من وصف الخطة بالتطهير العرقي، ربما يجب على الفلسطينيين التفاعل معها، أو القدوم إلى طاولة التفاوض باقتراح جديد".
وتذكر أن الرفض الفلسطيني لصفقة القرن لم يوقف توقيع "الاتفاقات الإبراهيمية" لأن "بقية الدول العربية قررت عدم منح الفلسطينيين حق النقض الدائم للسياسات الإقليمية".
وتضيف: بينما يحق للفلسطينيين "رفض خطة ترامب من أجل غزة، كما رفضوا من قبل خطة السلام والازدهار" يتعين عليهم "التفكير جديا قبل رفض عرض آخر يُقَدِّمه بحسن نية شخص يحاول القيام بشيء إيجابي لمستقبلهم".
أما أبو مدللة فيرى أن فرضية الوصول إلى حل للقضايا السياسية عبر تقديم حوافز اقتصادية فرضيةٌ قاصرة، ويشير إلى أنه "عند اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 كان هناك نحو 200 ألف فلسطيني يعملون داخل إسرائيل"، لكن اندلاع الانتفاضة جاء نتيجة لانغلاق الأفق السياسي.
يقول: "إذا حلت المشاكل السياسية فهذا سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي وليس العكس"، لكنه لا ينكر الواقع الاقتصادي الصعب الذي كان قطاع غزة يعيشه حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة وما تسببت فيه من دمار شبه كامل لاقتصاد القطاع.
منطقة لا تكاد تهدأ حتى تشتعل
يقول أبو مدللة إن الثروة الأبرز التي يتمتع بها اقتصاد غزة هي الثروة البشرية، فرغم محدودية مساحته وفقر موارده الطبيعية، كان القطاع يسجل معدلات عالية في مستويات التعليم، في حين أن غالبية سكانه هم من الشباب القادرين على العمل وكثير منهم يمتلك مهارات تقنية، ما يشير إلى إمكانية إنشاء اقتصاد معرفي في القطاع.
وقد واجه قطاع غزة تحديات اقتصادية جمة، منذ رسم حدوده في اتفاق الهدنة الموقع بين مصر وإسرائيل بعد حرب عام 1948. ففي ذلك العام استقبل القطاع نحو 250 ألف لاجئ من الفلسطينيين الذين خرجوا أو أخرجوا من قراهم التي باتت جزءا من إسرائيل ما ضاعف عدد سكانه أربع مرات في غضون أيام. أما أولئك الموجودون داخل حدود القطاع، فقد خسر عشرات الآلاف منهم مصدر رزقهم بعد أن أصبحت أراضيهم الزراعية تقع ضمن حدود دولة إسرائيل الناشئة.
وخلال فترة الإدارة المصرية وحتى بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، مثلث الزراعة واحدا من أبرز مصادر الدخل في غزة، فضلا عن عدد من الصناعات البسيطة كصناعة الأغذية والنسيج والأثاث. لكن قطاع الخدمات احتل المرتبة الأولى كأكبر مصادر الدخل المحلي.
وبحسب تقارير للأمم المتحدة عرفت فترة الحكم الإسرائيلي للقطاع تناميا في تبعية اقتصاده لإسرائيل كسوق رئيسية للعمالة والمنتجات، على حساب تحقيق تنمية حقيقية داخله، ما تركه عرضة لتقلبات السياسة والقيود الإسرائيلية إضافة إلى التوترات السياسية في المنطقة التي لا تكاد تهدأ حتى تشتعل.
إذ يشير تقرير صدر عام 2022 عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلى أنه جرت هيكلة الاقتصاد الفلسطيني بطريقة جعلته معتمدا بشدة على الاقتصاد الإسرائيلي، ما تسبب بخسائر فادحة للاقتصاد الفلسطيني.
ورغم انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 إلا أنها بقيت المسيطر الأكبر على حياة سكانه ومسار اقتصادهم، يقول أبو مدللة.
يشير مثلا إلى القيود التي فرضتها إسرائيل على صادرات القطاع من الفواكه والورود إلى الخارج بعد انتفاضة عام 2000، وإلى إغلاقها ميناء غزة التجاري وقصفها مطاره الذي أُنشئ بموجب اتفاقية أوسلو، وهي الخطوات التي قالت إسرائيل إنها جاءت لأسباب أمنية.
في مطلع عام 2006 شهدت الأراضي الفلسطينية انتخابات تشريعية انتهت بفوز حركة حماس، ما أدى إلى أزمة داخلية فلسطينية انتهت بانقسام ما زال مستمرا حتى الآن، نجم عنه نشوء سلطتين تنفيذيتين، واحدة في الضفة الغربية بقيادة السلطة الفلسطينية، وأخرى في قطاع غزة الذي فرضت حركة حماس سيطرتها عليه بعد معارك مع الفصائل التابعة للسلطة الفلسطينية بزعامة حركة فتح.
وبعد سيطرة حماس على القطاع، شددت إسرائيل من القيود المفروضة عليه، فأغلقت ثلاثة من المعابر البرية الخمسة التي تربطها به، وفرضت قيودا على الزراعة كما على أنشطة الصيد فيه، وفاقم من سوء الأحوال، الدمار الذي تركته جولات التصعيد العسكري التي شهدها القطاع على مدار الأعوام الستة عشرالماضية، هذا دون الحديث عن الدمار الذي تسببت فيه الحرب الأخيرة.
ماذا عن احتياطات الغاز؟
عام 1999 اكتشفت شركة "بريتيش بتروليوم" حقل غاز بحريا على بعد نحو 30 كيلومترا من ساحل غزة، عرف باسم "غزة مارين".
ويقول الدكتور، إيلاي ريتغ، الذي يرأس برنامج الطاقة في مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، إن حجم الحقل صغير نسبيا، إذ يقدر بنحو 30 مليار متر مكعب، مقارنة مع الاحتياطات الموجودة قبالة الشواطئ الإسرائيلية والمقدرة بنحو 1000 مليار متر مكعب.
ويضيف ريتغ إن الحجم الصغير للحقل دفع الشركة المكتشفة إلى استبعاد فكرة تطويره نظرا للتكلفة الباهظة للبنية التحتية التي يجب إنشاؤها لبدء عمليات الحفر.
لكن الصورة تغيرت مع اكتشاف إسرائيل كميات ضخمة من الغاز في حقلي تمار (2009) وليفياثان (2010) المجاورين، بحسب ريتغ، حيث كان بناء بنية تحتية تحت الماء لتطوير هذين الحقلين مجديا اقتصاديا.
"بمجرد إنشاء البنية التحتية لحقول الغاز الإسرائيلية، بات البدء في تطوير حقل غزة البحري مجديا، لأنه بدلا من بناء حفر خاصة به، ومنصات معالجة خاصة به وخط أنابيب خاص به يمتد إلى شاطئ غزة، وهو أمر مكلف للغاية، بات من الممكن الاتصال بالبنية التحتية الإسرائيلية، ما يجعل الحقل أكثر قابلية للاستمرار".
لكن إسرائيل لم توافق حينها على السماح بتطوير الحقل خوفا من ذهاب عائداته إلى حركة حماس التي كانت حينها قد بسطت سيطرتها على قطاع غزة، كما يقول ريتغ.
ورغم إعادة إحياء محاولات تطوير الحقل بالتعاون بين مصر والسلطة الفلسطينية بعد الارتفاع الذي سجلته أسعار الغاز في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، فقد أوقف هجوم 7 أكتوبر الذي نفذته حماس في إسرائيل، والحرب التي تلته، كل شيء، بحسب ريتغ.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور سمير أبو مدللة، إن الحجم الصغير لحقل غزة مارين يجعل من المستبعد أن تكون الرغبة في السيطرة على الغاز هي الدافع وراء خطة ترامب لبسط السيطرة الأمريكية على قطاع غزة.
غزة كبوابة للدولة الفلسطينية
لا ينفي هذا وجود دوافع اقتصادية وراء خطة ترامب لغزة، والتي تذهب أبعد مما كان مطروحا في صفقة القرن، إذ تريد تهجير الفلسطينيين من القطاع بدلا من منحهم حوافز اقتصادية، بحسب أبو مدللة.
يرى أبو مدللة أن السيطرة على غزة وفصلها عن الضفة الغربية تهدف إلى تقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وذات سيادة على اقتصادها. يقول إنه لو أُخرج القطاع من عزلته، لأصبح بوابة اقتصادية حيوية للدولة الفلسطينية المستقبلية، مع إمكانية تطوير ميناء غزة ليصبح مركزا لوجستيا خاصة في ضوء موقعه الجغرافي المميز.
إذا نُفِّذ هذا المشروع، يمكن لاحتياطات غزة من الغاز أن تسد احتياجات الدولة الفلسطينية المستقبلية من الغاز لنحو 15 عاما، ما يسمح لها بشيء من الاستقلالية الاقتصادية، وهو ما يتفق عليه كل من أبو مدللة وريتغ.
وليس أبو مدللة وحيدا في تصور دور اقتصادي لغزة كبوابة للدولة الفلسطينية، إذ يمكن رؤية ملامح من تصوره في رؤية "غزة المتصلة، فلسطين العالمية"، التي طورها باحثون واقتصاديون ورجال أعمال فلسطينيون عام 2021.
تظهر غزة في هذه الرؤية منطقة مزدهرة، تعتمد على اقتصاد معرفي، وشبكة من الطرق، فضلا عن ميناء ومطار حديثين، كما تعرف تطويرا للقطاع الزراعي، دون إغفال دور يلعبه القطاع السياحي.
يقف دون تحقيق هذه الرؤية عقبات كبيرة ليس أقلها استمرار الانقسام الفلسطيني، لكنها تبقى، وإن تقاطعت مع ما يطرحه ترامب الآن، رؤية ترى غزة مزدهرة بأيد فلسطينية، لا منتجعا سياحيا، يفرغ من أهله، ليقصده الأغنياء من جميع أنحاء العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 3 ساعات
- موقع كتابات
حرب إعلامية ناعمة في معركة تيجان العروش الخليجية؟ تكشفها حفاوة مظاهر استقبال الرئيس 'ترامب'؟
*على الرغم من الضرورة القصوى ومن خلال السياق المتبع بوجوب إعطاء السيرة الذاتية لطياري سلاح الجو الذين سوف يرافقون طائرة الرئيس الأمريكي حال دخولها الاجواء السيادية الوطنية ,وبعد أن يتم فحص سيرتهم جيدآ من قبل جميع اجهزة الامن والمخابرات الأمريكية قبل الشروع على الموافقة النهائية,لكن كان هناك نوع من القلق والتوجس لدى الرئيس 'ترامب' وضباط الخدمة السرية وطاقم الطائرة بان يكون هناك حدث طارئ في الجو يكون ساذج او من خلال تهور وحماقة واستعراض ليس في محله وموضعه لإحد الطيارين المتحمسين لهذه المرافقة يؤدي معها إلى سلسلة من الكوارث غير المحسوبة لإسقاط الطائرة الرئاسية؟. خلال زيارة الرئيس الأمريكي الخليجية ، لفتت الانتباه إلى ظاهرة إعلامية وسياسية لم يسبق أن تم التطرق اليها لغاية اللحظة , ولكن للمتابع عن كثب لهذا الحدث التاريخي في المنطقة الخليج العربي , تتمثل في التنافس الواضح بين وسائل الإعلام الخليجية الإخبارية الرئيسية، وتحديدآ قناتي 'الجزيرة' القطرية و'العربية' السعودية و'أبو ظبي' الإماراتية في إبراز حفاوة استقبال الرئيس الأمريكي على حساب التركيز على الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية التي شكلت أساسيات جوهر هذه الزيارة . ومن العروض التراثية والرقصات الشعبية إلى مسيرات الخيول العربية الأصيلة، وصولاً إلى ظهور شاحنات 'تسلا سايبر تراك' في موكب الرئيس الأمريكي في الدوحة، بدا أن الأضواء تسلط على المظاهر البصرية والرمزية أكثر من المضمون الاستراتيجي ، يطرح هذا المشهد تساؤلات حول دلالات هذا 'السباق الإعلامي' وتأثيره على صورة العلاقات الخليجية-الأمريكية. في العاصمة الرياض، ركزت قناة 'العربية' على مشاهد الرقصات التقليدية مثل 'العرضة'، ومسيرة الخيول العربية التي رافقت موكب الرئيس، مع استعراض تصريحات ترامب التي أبدى فيها إعجابه بالقصور الملكية الفاخرة. وفي المقابل، لم تتوانَ 'الجزيرة' القطرية عن إبراز لحظات وصول 'ترامب' إلى الدوحة، حيث تصدرت شاحنات 'تسلا سايبر تراك' الموكب الرئاسي من مطار الدوحة إلى قصر لوسيل، مع التركيز على إشادة الرئيس بفخامة القصر المطلي بالمرمر الإيطالي. ولكن على عكس الزيارة الاخيرة التي اتسمت بساطة وبثقل دبلوماسي وعند وصول طائرة الرئيس 'ترامب' إلى مطار أبو ظبي الدولي، لم تُفرش السجادة الحمراء أو البنفسجية، ولم يكن هناك استقبال على سلم الطائرة كما جرت العادة في الزيارات الرئاسية. بدلاً من ذلك، عبر 'ترامب' ممراً مباشراً إلى صالة الاستقبال الرسمية، حيث كان في استقباله كبار المسؤولين الإماراتيين وهذا التنافس الإعلامي لم يقتصر على المشاهد البصرية، بل امتد إلى تضخيم الرواية الإيجابية حول العلاقات الثنائية، مما أثار انطباعاً بأن الدول الخليجية تخوض 'سباق جائزة كبرى' لتحطيم الرقم القياسي في حسن الضيافة. ولكن كانت زيارة جامع الشيخ زايد هي لحظة ثقافية محورية وكان الحدث الأبرز في الزيارة هو توجه 'ترامب'، برفقة ولي عهد أبوظبي، الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، إلى جامع الشيخ زايد الكبير، الذي يُعدّ تحفة معمارية عالمية. خلال الزيارة، استمع الرئيس 'ترامب' إلى شرح مفصل عن تاريخ إنشاء الجامع، الذي يجمع بين التصاميم الإسلامية التقليدية والتقنيات الحديثة، بما في ذلك أكبر سجادة يدوية في العالم وثريات مرصعة بالكريستال. ارتسمت علامات الإعجاب والانبهار على وجه الرئيس، الذي وصف الجامع بأنه 'رمز للتسامح والجمال'. وهذه الزيارة لم تكن اعتباطية، بل بدت مقصودة بعناية لإبراز القوة الناعمة للإمارات. الجامع، الذي يستقبل ملايين الزوار سنوياً ويُروَّج كمركز للحوار الحضاري، يعكس رؤية الإمارات كدولة تسعى لتعزيز التسامح والانفتاح. اختيار هذا الموقع كمحطة رئيسية في زيارة 'ترامب' يحمل رسالة دبلوماسية تتجاوز المظاهر الاحتفالية، مؤكداً دور أبوظبي كجسر بين الثقافات موطن الديانة الابراهيمية ؟. وعلى الرغم من أهمية الاتفاقيات الاقتصادية التي وقّعت خلال الزيارة، مثل صفقات الاستثمار والتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ، إلا أن التغطية الإعلامية المحلية قد قللت من شأنها مقارنة بالتركيز على المظاهر الاحتفالية. في السعودية، تم توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات تشمل استثمارات في البنية التحتية والدفاع والتكنلوجيا والذكاء الاصطناعي، بينما شهدت قطر توقيع صفقات مع شركات أمريكية في قطاعات التكنولوجيا والطيران. لكن هذه الإنجازات بدت ثانوية في التغطية الإعلامية أمام مشاهد الاستقبال الفاخر، مما يعكس استراتيجية إعلامية تهدف إلى تعزيز صورة العلاقات الثنائية عبر الرمزية بدلاً من الحقائق الاقتصادية. ويمكن تفسير هذا التنافس الإعلامي في ضوء عدة أبعاد: *تعزيز الصورة الوطنية: تسعى كل دولة إلى إبراز قوتها الثقافية والاقتصادية من خلال استعراض مظاهر الضيافة. فالسعودية ركزت على التراث العريق، بينما قطر أضافت لمسة عصرية عبر شاحنات 'تسلا'، مما يعكس تنافساً على تقديم صورة 'الحداثة الممزوجة بالأصالة أما الإمارات أن يكون دخول القصر الرئاسي على جانبيه الجمال العربية والخيول. *الرسائل السياسية: الحفاوة المبالغ فيها قد تكون رسالة موجهة إلى الإدارة الأمريكية لتأكيد الالتزام بالشراكة الاستراتيجية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية مثل التوترات مع إيران أو التنافس الاقتصادي العالمي واحداث قطاع غزة . *الإعلام كأداة دبلوماسية: من خلال التركيز على المظاهر، تحاول وسائل الإعلام الخليجية تعزيز صورة إيجابية لدى الجمهور المحلي والدولي، مما يخدم أجندات دبلوماسية أوسع.لكن هذا التركيز المفرط على الحفاوة يثير تساؤلات حول ما إذا كان يصرف الانتباه عن قضايا جوهرية، مثل تفاصيل الاتفاقيات وما هو قد جرى خلف الابواب المغلقة وفي الجلسات الخاصة البعيدة عن اعين الاعلام والصحافة أو التحديات السياسية التي قد تواجه العلاقات الخليجية-الأمريكية. يبقى التحدي أمام وسائل الإعلام الخليجية في تقديم تغطية متوازنة تعكس العمق الاستراتيجي لهذه الزيارات، بدلاً من الاكتفاء بلمعان المظاهر. ويبقى التحليل ودوافع الاستعراض ودلالاته ومع الرمزية الثقافية والسياسية وتتخلص الاستعراضات الخليجية ليست مجرد مظاهر احتفالية، بل رسائل سياسية تؤكد مكانة كل دولة كشريك استراتيجي لواشنطن. السعودية ركزت على الأصالة لتعزيز صورتها كقائد إقليمي، بينما قطر جمعت بين الحداثة والتراث لإبراز طموحها العالمي. الإمارات، بدورها، قد تسعى لتأكيد ريادتها والتنافس الإعلامي: قنوات مثل 'العربية' و'الجزيرة' لعبت دوراً محورياً في تضخيم هذه المظاهر، مما يعكس تنافساً إعلامياً للسيطرة على الرواية العامة. هذا التنافس يعزز الانطباع بأن الدول الخليجية تخوض 'سباق جائزة كبرى' للفوز بإعجاب ترامب والجمهور الدولي. والتأثير على الرأي العام: من خلال منصات مثل إكس، يمكن ملاحظة تفاعل الجمهور مع هذه المظاهر، حيث أشاد البعض بالفخامة، بينما تساءل آخرون عن أولويات التغطية الإعلامية. هذا التفاعل يعزز الدور الإعلامي في صياغة الانطباعات العامة بالإضافة إلى انها تشهد الساحة الإعلامية الخليجية تنافساً خفياً بين كل من الرياض، الدوحة، وأبوظبي لإبراز دور كل عاصمة في دعم الولايات المتحدة لحل النزاعات الدولية، حيث تسعى وسائل الإعلام الوطنية إلى تعزيز مكانة بلدانها كشريك استراتيجي موثوق به . في هذا السياق، تبرز الدوحة كمحور أساسي يعتمد عليه البيت الأبيض، بفضل سجلها الدبلوماسي الممتد في تسوية الصراعات الإقليمية والدولية، وهو ما أكده الرئيس دونالد ترامب في خطابه بقاعدة العديد الجوية ، مشيداً بدورها 'اللافت والحاسم وإيجاد الحلول الكفيلة بإنهاء هذه النزاعات' في الوساطة الدولية. ومع ذلك، تسعى كل من الرياض وأبوظبي إلى المنافسة عبر حملات إعلامية مكثفة تهدف إلى تسليط الضوء على إسهاماتهم في استقرار المنطقة ودعم السياسات الأمريكية. قناة 'العربية' السعودية والمركز الإعلامي الاتحادي للأخبار الإماراتية يقودان هذا الجهد، من خلال تغطية مكثفة تُبرز الإنجازات الدبلوماسية والاقتصادية لبلديهما، غالباً على حساب تقليل دور العواصم الأخرى. هذا التنافس، الذي يتجاوز حدود الدبلوماسية التقليدية إلى حرب إعلامية ناعمة قد تكون ما تزال غير منظورة لغاية الآن ولكنها موجودة وعلى ارض الواقع ويتم العمل بها وما تزال في الخفاء ، يكشف عن طموح كل عاصمة لتكون الشريك الاستراتيجي المفضل لواشنطن على حساب الآخر ، في وقت تظل فيه الدوحة ركيزة لا غنى عنها بفضل خبرتها الطويلة في الوساطة وحل النزاعات يبقى الصراع مفتوح فيما بينهما .


شفق نيوز
منذ 5 ساعات
- شفق نيوز
ترامب يحرم هارفارد من استقطاب الطلاب الأجانب
شفق نيوز/ أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، أنها أبطلت حق جامعة هارفارد الأميركية في تسجيل الطلاب الأجانب، في خضم نزاع متفاقم بين البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق. واعرب ترامب عن استيائه من الجامعة التي تخرّج منها 162 فائزا بجوائز نوبل، لرفضها طلب إدارته إخضاع عمليات التسجيل والتوظيف لهيئة إشراف، على خلفية اتّهامه إياها بأنها "مؤسسة يسارية متطرفة معادية للسامية" ومنخرطة في "أيديولوجيا اليقظة (Woke)" التي لا ينفك يوجّه إليها انتقادات حادة، بحسب "فرانس برس". وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم إلى رابطة "آيفي ليغ" التي تضم 8 من أشهر جامعات البلاد: "بمفعول فوري، تم إبطال الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب بجامعة هارفارد"، في إشارة إلى النظام الرئيس الذي يُسمح بموجبه للطلاب الأجانب الدراسة في الولايات المتحدة. وفي الشهر الماضي، هدّد ترامب بمنع الجامعة من تسجيل الطلاب الأجانب إذا لم توافق على طلب الإدارة الخضوع لإشراف سياسي. وكتبت نويم في رسالتها: "كما شرحت لكم في رسالتي في أبريل/نيسان، فإن تسجيل الطلاب الأجانب هو امتياز". وشدّدت الوزيرة على "وجوب أن تمتثل كل الجامعات لمتطلبات وزارة الأمن الداخلي، بما فيها متطلبات الإبلاغ بموجب أنظمة برنامج الطلاب والزائرين، للاحتفاظ بهذا الامتياز". وشكّل الطلاب الأجانب أكثر من 27% من المسجّلين في هارفارد في العام الدراسي 2024-2025، وفق بيانات الجامعة.


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
"الكلمات القاسية من بريطانيا لا تكفي، ترامب وحده قادر على كبح جماح إسرائيل"
نستعرض في جولة عرض الصحف اليوم الخميس، أبرز المقالات التي تناقش العقوبات الكندية الأوروبية على إسرائيل نتيجة سياستها في الحرب على غزة، ونهج الرئيس الأمريكي في المفاوضات النووية الإيرانية، وتطورات مجال محركات البحث في عصر الذكاء الاصطناعي. ونستهل جولتنا بمقال في صحيفة الإندبندنت البريطانية، بعنوان "الكلمات القاسية من بريطانيا لا تكفي، ترامب وحده قادر على كبح جماح إسرائيل" للكاتب ألون بينكاس. ويبدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى تراجع الدعم الغربي لإسرائيل في حربها على غزة، خصوصاً ما صدر مؤخراً من بيان مشترك بريطاني-كندي-فرنسي بشأن إسرائيل. ويتحدث الكاتب عن "تعليق بريطانيا لمحادثات توسيع التجارة مع إسرائيل وقرار الاتحاد الأوروبي بمراجعة اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل القائمة منذ عام 1995، وعودة نواياه بالاعتراف بدولة فلسطينية"، حيث يرى الاتحاد أن "إسرائيل قد لا تلتزم بالمادة الثانية من الاتفاق، التي تنص على أن العلاقات بين الطرفين وجميع أحكام الاتفاق يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.. وتشكل عنصراً أساسياً في هذه الاتفاقية"، وفق الكاتب. ويفنّد الكاتب الرأي الإسرائيلي السائد بشأن الإجراءات المتخذة ضدها والمتمثل بأن "الأوروبيين وجدوا فرصة سانحة لإدانة إسرائيل عقب تهميش الرئيس الأمريكي لها في زيارته الأخيرة للشرق الأوسط" - ويقول: "بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي ليسوا معادين لإسرائيل.. ولم يتلقوا إشارة من واشنطن". ويوضح الكاتب أن السياسيين المعروفين بدعمهم لإسرائيل أصبحوا هم أيضاً ينتقدون الوضع في غزة، ومنهم كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته ديفيد لامي اللذان وصفا الحرب في غزة بأنها "تطهير عرقي، ومعاناة لا تطاق". ينوه إلى أنه حتى ترامب، الذي كان يُعد من أقرب حلفاء بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بات مستاءً من سياساته ويتجاهله، مفضلاً التعامل مع قوى أخرى في الشرق الأوسط. ويرى الكاتب أن "الرئيس ترامب لم يقلل من شأن إسرائيل، بل نتنياهو فعل ذلك بنفسه عبر سنوات من التحدي والغطرسة والسياسات المتهورة". ويتساءل الكاتب عمّا إذا كانت التطورات الأخيرة تمثل "تسونامي دبلوماسياً ضد إسرائيل، والذي سيزيد من عزلتها ونبذها دولياً؟". ويوضح أن الحل يقع بيد الولايات المتحدة من خلال خيارين؛ إمّا بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، وإمّا بتجاهل الأمر، مؤكداً أن "كلا الخيارين سيُولّدان المزيد من الانتقادات الأوروبية أو حتى إجراءات ملموسة ضد إسرائيل". ويبين الكاتب أن حكومة نتنياهو أصبحت عبئاً على إسرائيل، وأن الأخيرة عليها التخلص من هذه الحكومة. ويتوقع أن "يأتي يوم الحساب" لإسرائيل، التي "تتجاهل وتسخر وتتحدى أفكار الحلفاء ومقترحاتهم السياسية منذ 1967، والتي تغذّي بدلاً من ذلك شعوراً زائفاً بالضحية لأسباب سياسية". "إيران تتمسك بالتخصيب النووي" Reuters وننتقل إلى افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بعنوان "إيران تتمسك بالتخصيب النووي". تعرب الصيحفة في مستهل افتتاحيتها عن دعمها لمسار التفاوض الأمريكي مع إيران، معتبرة أن "الرئيس الأمريكي يدفع في الاتجاه الصحيح، بدليل أن "الحكام الإيرانيين غير راضين عن اتجاه المحادثات النووية". وتقول إن "إنهاء التخصيب ضروري لقطع الطريق الأسهل لإيران للحصول على القنبلة"، مبينة أن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم ما هو إلّا خطر كبير، ويجب أن يكون خطاً أحمر لا يمكن التنازل عنه. وتشكك الصحيفة في نوايا إيران غير المعلنة من المحادثات، بقوله إن "الإيرانيين يُمارسون ألعاباً خادعة، ويدركون جيداً أن المفاوضات تحمي برنامجهم النووي من الهجوم وعملتهم من الانهيار السريع". وتُبرز الصحيفة الدعم داخل الولايات المتحدة لتحركات إدارة ترامب ضمن أسوار الملف النووي الإيراني، من خلال الاستشهاد بالإجماع شبه التام بين الجمهوريين، وحتى بعض الأصوات المعتدلة، على ضرورة منع إيران من أي شكل من أشكال التخصيب. وتطعن بقدرة إيران على "ممارسة الضغط بالقوة" على الإدارة الأمريكية، باعتبار أن "دفاعاتها الجوية معطلة ووكلاءها في حالة من الفوضى، بفضل إسرائيل". وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالتحذير من أن رفض إيران للمطالب الأمريكية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل استخدام القوة العسكرية من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل. "المواقع الإلكترونية تواجه شبحاً تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي" ونختتم جولتنا مع مقال تكنولوجي بعنوان "يواجه ناشرو مواقع الويب شبح شبكة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي ولصالحه" ، في صحيفة لو موند الفرنسية، للكاتب ألكسندر بيكارد. ويسلّط الكاتب الضوء في مقاله على التغيرات التي طرأت على محركات البحث عبر مواقع الإنترنت بسبب انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي. ويقارن الكاتب كيفية الوصول إلى المحتوى على الإنترنت قبل وبعد ظهور الذكاء الاصطناعي، "ففي الماضي، كان عليك أن تكون في موقع جيد على غوغل، أمّا اليوم، لم يعد ذلك كافياً؛ بل يجب أن يستشهد بك الذكاء الاصطناعي في ردوده". وينقل بيكارد مخاوف الناشرين بشأن تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على زيارة المستخدمين لمواقعهم الإلكترونية، مبيناً أن هذه الأدوات التي تجيب على أسئلة المستخدمين مباشرة قد تقلل من عدد النقرات على الروابط الخاصة بهم، بما سيؤثر على الظهور الرقمي للمحتوى. ويشير إلى الغموض الذي يلفّ آلية اختيار الروابط التي تظهر في إجابات روبوتات الدردشة، موضحاً أن بعض الشركات تتبنى سياسات غير واضحة في هذا السياق، ما يزيد من القلق حول كيفية تحسين المحتوى ليتناسب مع هذه الأنظمة. ويعرب عن المخاوف المرتبطة بمنافسة المحتوى التقليدي مع المحتوى الذي تم إنتاجه بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، والتي يشكك الكاتب بجودتها وموضوعيتها. ويؤكد الكاتب على ضرورة تحسين المواقع لتكون أكثر توافقاً مع الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال إجراء تغييرات أو تحسينات في واجهات المواقع أو حتى تطوير نسخ أخرى من المواقع مخصصة لتفاعل الذكاء الاصطناعي فقط، وهو ما يشبه مفهوم "المطابخ الشبحية" التي توفر الطعام عبر منصات توصيل الطعام فقط.