logo
لافروف يشيد بفهم ترمب وحده من بين قادة الغرب لجوهر الصراع في أوكرانيا

لافروف يشيد بفهم ترمب وحده من بين قادة الغرب لجوهر الصراع في أوكرانيا

Independent عربية١٢-٠٤-٢٠٢٥

أشاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم السبت، بفهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب لما يجري في أوكرانيا، قائلاً إنه يعتقد أن ترمب أفضل من يفهم الوضع من بين قادة الغرب.
وفي كلمة خلال منتدى أنطاليا الدبلوماسي في جنوب تركيا، قال لافروف إن "إزالة الأسباب الجذرية لأي صراع، بما في ذلك الصراع الأوكراني، هي السبيل الوحيد لحل المشكلة وإرساء سلام دائم". وأضاف أن "الرئيس ترمب هو أول رئيس، والوحيد تقريباً حتى الآن على ما أعتقد، بين القادة في الغرب الذي صرح مرات عدة وبقناعة بأن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي سيكون خطأً فادحاً. وهذا هو أحد الأسباب الجذرية التي ذكرناها كثيراً".
وجاءت تصريحات لافروف عقب محادثات في سان بطرسبورغ، أمس الجمعة، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص لترمب، ستيف ويتكوف، بهدف إيجاد سبيل للتوصل إلى اتفاق للسلام.
وتعليقاً على اتفاق بين أوكرانيا وروسيا لوقف الهجمات على منشآت الطاقة لكل منهما، قال لافروف إن موسكو ملتزمة تعهدها لكنه اتهم كييف باستهداف البنية التحتية للطاقة في روسيا بشكل شبه يومي.
وقال، "قدمت لزملائنا في تركيا، ولوزير الخارجية (هاكان) فيدان ما قدمناه للأميركيين وللأمم المتحدة ولمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ألا وهو قائمة بالحقائق التي تسرد الهجمات التي شنتها أوكرانيا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على البنية التحتية للطاقة في روسيا".
وتوجه أوكرانيا اتهامات مماثلة ضد روسيا منذ الموافقة على وقف الهجمات الذي تدعمه الولايات المتحدة.
بعد الحرب العالمية الثانية
من جهته قال المبعوث الأميركي إلى أوكرانيا كيث كيلوغ لصحيفة "التايمز" البريطانية، اليوم، إن أوكرانيا ما بعد الحرب قد تكون شبيهة بـ"برلين ما بعد الحرب العالمية الثانية" مع وجود قوات أوروبية وروسية يفصل بينهما نهر دنيبرو.
ووصف الجنرال كيلوغ الوضع في أوكرانيا قائلاً "يمكن تقريباً أن نشبه ذلك بما حدث في برلين بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت هناك منطقة روسية ومنطقة فرنسية ومنطقة بريطانية ومنطقة أميركية".
لكن مكان الجدار العازل الذي بني عام 1961 في العاصمة الألمانية، ثم هدم عام 1989 في ذروة انهيار الاتحاد السوفياتي، يُذكر المبعوث الأميركي بنهر دنيبرو وهو "عائق طبيعي كبير" يقطع أوكرانيا وحتى كييف من الشمال إلى الجنوب.
وجود بريطاني - فرنسي
ووفقاً لكيلوغ، فإن وجوداً بريطانياً - فرنسياً في شكل "قوة لضمان" السلام، في غرب نهر دنيبرو، لن يكون "استفزازياً على الإطلاق" بالنسبة إلى موسكو، وستكون قوات روسيا في الشرق، مع وجود قوات أوكرانية في الوسط، وأكد أن الولايات المتحدة لن ترسل أية قوات مسلحة.
وإدراكاً منه بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد "لا يقبل" هذا الاقتراح، عرض كيلوغ أيضاً إنشاء "منطقة منزوعة السلاح" بين الخطين الأوكراني والروسي، لضمان عدم حدوث أي تبادل لإطلاق النار، وشرح "ننظر إلى الخريطة وننشئ منطقة منزوعة السلاح، ويتراجع كل من الطرفين مسافة 15 كيلومتراً"، وتابع "يمكن مراقبة ذلك بسهولة تامة"، مضيفاً "هل ستكون هناك انتهاكات؟ على الأرجح، لأنها دائماً ما تحدث".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التقدم المحدود جداً
وبعد أكثر من ثلاثة أعوام من اندلاع الحرب جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا في الـ24 من فبراير (شباط) 2022، والتقدم المحدود جداً نحو التوصل إلى هدنة، أعربت دول عدة مثل فرنسا والمملكة المتحدة عن دعمها فكرة أن يكون هناك وجود عسكري أوروبي لحفظ السلام في أوكرانيا، واقترحتا أن تكونا جزءاً منه بمجرد انتهاء الصراع.
أوكرانيا: روسيا تطلق عشرات المسيرات
ميدانياً، قال مسؤولون أوكرانيون، اليوم، إن روسيا شنت هجوماً ليلاً بطائرات مسيرة على أوكرانيا، مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص وإلحاق أضرار بمبان سكنية وتجارية في كييف وغيرها من المناطق.
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن الدفاعات الجوية أسقطت 56 من أصل 88 طائرة مسيرة، مضيفة أن 24 طائرة مسيرة "فقدت" بعدما استخدم الجيش وسائل التشويش الإلكتروني لإعادة توجيهها.
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن ثلاثة أشخاص أصيبوا في العاصمة نتيجة هجمات الطائرات المسيرة. وأفاد مسؤولون في المدينة بأن حطام مسيرات دمر منزلاً خاصاً وألحق أضراراً بمبان تجارية عدة، مما تسبب في حرائق كبيرة في مناطق مختلفة من كييف، وذكر رئيس بلدية خاركيف إيهور تيريخوف أن شخصاً أصيب في المدينة الواقعة شمال شرقي البلاد، وقال مسؤولون محليون إن مباني سكنية وتجارية تضررت في منطقة دنيبروبيتروفسك بوسط البلاد، وأبلغ الجيش عن أضرار في منطقة أوديسا جنوباً.
البنية التحتية للطاقة
في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، إن أوكرانيا نفذت خمس هجمات على البنية التحتية للطاقة خلال الساعات الـ 24 الماضية في انتهاك لاتفاق يهدف لوقف مثل هذه الضربات مؤقتا تم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة.
واتفقت أوكرانيا وروسيا على وقف تبادل الضربات على منشآت الطاقة الشهر الماضي، لكن الجانبين يتبادلان الاتهامات دوما بانتهاك الاتفاق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن
هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن

Independent عربية

timeمنذ 5 ساعات

  • Independent عربية

هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن

منذ أكثر من سبعة عقود، ونحن عالقون في مربع الدم، ندور حول طاولة مفاوضات هشة، ونراوح ما بين "حل الدولتين" الذي شاخ قبل أن يولد، و"الحل البديل" الذي لا يجرؤ أحد على تسميته أو فرضه… وفي ظل حرب غزة المستعرة والانقسام الفلسطيني وتطرف حكومة نتنياهو، تبدو كل الحلول النهائية غير ممكنة أو مؤجلة إلى أجل غير مسمى. ما يمكن التفكير فيه بجدية اليوم هو هدنة طويلة الأمد لمدة 40 عاماً بضمانات أميركية، تجمد فيها الحرب ويجمد فيها أيضاً وهم التسوية السياسية، هدنة لا تنهي الصراع جذرياً، لكنها توقف النزيف وتمنح الأجيال المقبلة فرصة لصياغة واقع جديد أقل توحشاً وأكثر واقعية وتوفر للجميع فرصة النمو والازدهار. ربما تبدو الهدنة الطويلة خيار اليأس من الحلول، لكنها في حقيقتها صيغة للتهدئة العميقة، تشبه إلى حد كبير ما فعله الأوروبيون بعد الحرب العالمية الثانية، حين أدركوا أن الحلول الكبرى مؤجلة، فاختاروا البناء بدلاً من التناحر، والتعاون الاقتصادي بدلاً من ترسيم الحدود… هكذا نشأ الاتحاد الأوروبي، لا من طاولة مفاوضات سلام، بل من مصانع الحديد والفحم. في الحالة الفلسطينية – الإسرائيلية الراهنة، فإن فكرة الدولتين لم تعُد ممكنة، إذ تنهش المستوطنات الضفة الغربية ويُخنق قطاع غزة تحت الحصار، وحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تريد دولة فلسطينية ولا تعترف بحق العودة ولا ترى في الفلسطيني إلا رقماً أمنياً قابلاً للمراقبة أو الترحيل أو القتل… والفلسطينيون، على رغم انقساماتهم، لم يتنازلوا عن أحلامهم ولم ينسوا نكبتهم، إذاً لا تسوية عادلة في الأفق، ولا انتصار نهائي يبدو ممكناً. ولعل ما يمنح هذه الفكرة اليوم بعض الجدية أن الولايات المتحدة تعيش إحدى أقوى لحظاتها السياسية في جرأة الطرح وصلابة الموقف، فواشنطن لم تعُد تكتفي بإدارة الأزمة، بل باتت تمتلك، للمرة الأولى منذ عقود، الأدوات والنية للضغط من أجل حلّ خاص بها، ولو على حساب بعض الحسابات التقليدية، فتبدو أميركا اليوم ضامناً لا يستهان به، وربما لا يتكرر لمبادرات كهذه، فهي تملك ما تمنحه وتملك ما تمنعه لكلا الطرفين… وما بين الترغيب والترهيب، يمكنها أن تخلق لحظة نادرة من التوازن الإجباري الذي لا يفضي إلى تسوية نهائية، لكنه يفرض هدنة واقعية طويلة تنقذ ما بقي من الأمل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي ظل هذا الانسداد، تصبح الهدنة الطويلة مشروعاً بديلاً للانتقال من اليأس إلى الحياة… ويمكن ربطها بحزمة ضمانات دولية ومشاريع تنموية مشتركة وفتح المعابر ورفع الحصار وتجميد الاستيطان موقتاً وتأمين الحقوق المدنية والاقتصادية لسكان الأراضي المحتلة، من دون الخوض في متاهة الاعتراف أو النفي، ومن دون الحاجة إلى البحث عن صيغة نهائية للحل. وسواء اعترف بعضهم بذلك أو لا، فإن التسريبات تكشف عن أن حركة "حماس"، على رغم خطابها التصعيدي، تبدي انفتاحاً ضمنياً على أي حلّ يخفف عنها وطأة الحصار، فالانهيار الإنساني في غزة والضغوط الداخلية والعزلة الإقليمية وانكسار، وربما تحييد، المشروع الإيراني، جعلت من الواقعية اضطراراً لا خياراً... وهي تؤمن بأن البراغماتية ليست تهمة، بل أحياناً غريزة بقاء، وهي ما ينقذ الحركات قبل أن يبتلعها الانفجار الداخلي. وهذه الهدنة لن ترضي المتشددين من كلا الطرفين الذين يتغذون على العنف، ويخشون من لحظة تعرّي حقيقة أن هذا الصراع لا نهاية له، إن لم نكسر دائرة الدم… وأن 40 عاماً من الصمت أفضل من 40 يوماً من الجنون.

إيمانويل تود يعيد قراءة المشهد العالمي في "هزيمة الغرب"
إيمانويل تود يعيد قراءة المشهد العالمي في "هزيمة الغرب"

Independent عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • Independent عربية

إيمانويل تود يعيد قراءة المشهد العالمي في "هزيمة الغرب"

في فبراير (شباط) عام 2022 ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شاشات العالم أجمع ليعلن دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، معللاً ذلك بقوله إن "التمدد المستمر في البنى التحتية لحلف شمالي الأطلسي والتهيئة العسكرية لأرض أوكرانيا مرفوضان بالنسبة إلينا، لا نريد أن تفاجأ روسيا كما في صيف عام 1941، فجاء تحركنا دفاعاً عن النفس". ولم تُدَر هذه الحرب كما كان متوقعاً لها، إذ تكشفت عن مفاجآت كثيرة بالنسبة إلى روسيا أو الغرب لأنها حرب حقيقية بين دولتين في أوروبا التي حسبت نفسها هاجعة إلى سلام دائم، وهي كذلك شكلت مجابهة بين الولايات المتحدة وروسيا عبر الأوكرانيين. وكأن من المفاجئ صمود أوكرانيا العسكري التي وجدت في الحرب مبرراً لوجودها المهدد، لكن المفاجأة الكبرى كانت صمود الاقتصاد الروسي، فإن الغرب راهن على انهيار روسيا وتركيعها بعقوبات اقتصادية كبيرة واستبعاد مصارفها من منظومة "سويفت"، لكن الروس عرفوا كيف يتكيفون مع هذه العقوبات بمرونة تقنية واقتصادية واجتماعية. ومن المفاجئ أيضاً دخول المملكة المتحدة في الحرب على روسيا وتزويدها أوكرانيا بدبابات ثقيلة وصواريخ بعيدة المدى، بينما أعلنت الولايات المتحدة، القوة العظمى في العالم عن عجزها عن توفير أية أسلحة لأوكرانيا. أما المفاجأة الأكبر والأكثر إرباكاً للغرب، فتمثلت في عزلته الأيديولوجية واستمرار مساندة الصين للروس، فضلاً عن حسبان العالم الإسلامي بأسره روسيا شريكاً أكثر من أنها خصم، وهذه الوقائع التي انجلت عنها الحرب تؤكد هزيمة الغرب برأي إيمانويل تود في كتابه "هزيمة الغرب"، ترجمة محمود مروة عن دار الساقي 2025، فهذه الهزيمة كما يقول المؤلف "يقينية لأن الغرب يتدمر ذاتياً، أكثر من كون روسيا تهاجمه، فليست روسيا هي ما يعرض توازن الكوكب للخطر" بل إنها "أزمة غربية وبصورة خاصة أميركية". وهذا ما توقعه أيضاً أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة شيكاغو جون ميرشايمر الذي رأى أن روسيا ستكسب الحرب لأن أوكرانيا مسألة وجودية لها، في حين أنها ليست كذلك للولايات المتحدة. ويتفق تود مع ميرشايمر في أن تصرف حلف شمالي الأطلسي ليس سوى انعدام عقلانية ومسؤولية، في وقت تتزعم الغرب إمبراطورية تخلو من مركز ومشروع، توجهها مجموعة تفتقر إلى ثقافة مركزية بالمعنى الأنثروبولوجي، في وقت تبقى قائمة فيها آلة دولتية عسكرية عملاقة، مما يطرح في نظر المؤلف سؤالاً مركزياً، لماذا استخف الغربيون بخصمهم الروسي إلى هذا الحد في وقت لم يكُن هناك شيء مخفي من أوراقه الرابحة؟ وفي ظل مجتمع استخباراتي يضم 100 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها، كيف أمكن التصور أن قطع نظام "سويفت" وفرض عقوبات سيرديان ببلد يمتد على 17 مليون كيلومتر مربع ويتوافر على الموارد الطبيعية الممكنة كافة ويستعد جهاراً منذ عام 2014 لمواجهة عقوبات كهذه؟ وإذا كانت صلابة روسيا شكلت واحدة من مفاجآت الحرب، فإن الأرقام والإحصاءات تؤكد قوة روسيا وارتقاءها خلال عهد بوتين على الضد مما يدعيه الإعلام الغربي، فبين عامي 2000 و2017 انخفض بصورة كبيرة معدل الوفيات الناجمة عن تناول الكحول، وتراجعت معدلات الانتحار وجرائم القتل ووفيات الرضع، كما تدنت معدلات البطالة، وتحقق الاكتفاء الذاتي غذائياً، وصارت روسيا واحدة من أكبر مصدري المنتجات الزراعية في العالم، بحيث تضاعفت صادرات الأغذية الروسية ثلاث مرات. ومن المدهش حفاظ روسيا على مكانتها كثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وأكبر مصدر لمحطات الطاقة النووية، وقد يكون مثال إنتاج القمح أشد إعجاباً، إذ إن روسيا أنتجت عام 2012، 37 مليون طن من القمح، ثم 80 مليون طن عام 2022. وعلى صعيد التعليم العالي بلغت نسبة الملتحقين بدراسة الهندسة 23.4 في المئة عام 2020 في روسيا، مقابل 18.5 في اليابان و24.2 في ألمانيا و14.1 في فرنسا، وعلى رغم تفاوت عدد السكان، تصل روسيا إلى تكوين مهندسين أكثر بكثير من الولايات المتحدة. ويعوّل المؤلف على الطبقات الوسطى في التغيير، فهي الجاذبة لاهتمام علماء الاجتماع والسياسيين، ومن دونها يتعذر قيام مجتمع مستقر وديمقراطي وليبرالي، فالعامل الذي أطلق سقوط المنظومة الشيوعية لم يكُن الشلل الاقتصادي، بل ظهور طبقة وسطى حظيت بتعليم عالٍ، العامل الوحيد في نجاح الديمقراطية الليبرالية أو إخفاقها؟ فهل يمكننا أن نتصور بمعقولية أن الطبقات الوسطى الروسية ستطيح يوماً ما بنظام بوتين السلطوي؟ يحلم الغربيون بطبقات وسطى ذات تأثير مزدوج، فيكون من شأنها إسقاط بوتين بعدما أسقطت الشيوعية، وهذا الأمل ليس عبثياً تماماً، فأكثر المعارضين بحدة لبوتين في المدن الكبرى هم من الطبقات التي تتمتع بتعليم عالٍ حقاً، وهي الطبقات التي دعمت بوريس يلتسين مسقط الاتحاد السوفياتي، بيد أن ثمة ما يميز الطبقات الوسطى الروسية عن نظيرتها الغربية، وهو أحد العوامل التي تفسر صلابة روسيا في مواجهة الغرب. وما مكّنها من الحفاظ على سيادتها، قدرتها التلقائية على منع نمو فردانية مطلقة وتمسكها بالانتماء "الجماعي"، مما يكفي لكي يحيا المثل الأعلى لأمة متراصة على رغم تمركز الثروة والمداخيل، إذ نال الواحد في المئة الأعلى في روسيا 24 في المئة من المداخيل عام 2021 مقابل 19 في المئة في الولايات المتحدة و19 في المئة في فرنسا، وهكذا تبقى منظومة بوتين ثابتة لأنها نتاج التاريخ الروسي، وحلم الغرب بانتفاضة ضده لا يعدو كونه حلماً. إلا أن روسيا كذلك تعاني ضعفاً رئيساً هو الخصوبة المنخفضة، ودخلت في طور انكماش للسكان الذكور الذين يمكن تعبئتهم بنسبة 40 في المئة، ولذلك ليست أولوية الروس في الاستيلاء على أكبر قدر من الأراضي، بل في خسارة العدد الأدنى من الرجال. ويعرف الروس أنهم لم يعودوا بوزن حلف الأطلسي الذي بلغ عدد سكانه 887 مليون عام 2023، فيما لن يتجاوز عدد سكان روسيا 143 مليوناً عام 2030، من هنا كان تحديد الجيش الروسي عقيدة عسكرية جديدة تأخذ في الحسبان الفاقة في الرجال وتجيز توجيه ضربات نووية تكتيكية إذا ما كانت الأمة والدولة الروسيتان مهددتين، وأدرك الأميركيون مشكلة روسيا الديموغرافية وأفرطوا في الاعتماد على التحليل الديموغرافي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) توقع الروس استسلام أوكرانيا أو انهيارها السريع لاعتبارهم إياها دولة فاشلة انخفض عدد سكانها بين عامي 1991 و2021 من 52 مليون نسمة إلى 41 مليوناً، وهي ذات تركيبة عرقية لغوية معقدة، ومع أنها عدت في الاتحاد السوفياتي واحدة من مناطق التنمية الأكثر حداثة، لم تنجح في تطوير دولة خاصة بها أي دولة أمة، إلا أن الروس كما الغرب فوجئوا بصمود أوكرانيا. ووجدت أوروبا نفسها منتظمة في حرب تتعارض مع مصالحها ومدمرة ذاتياً، بينما يتحدث الأوروبيون منذ 30 عاماً عن اتحاد أوروبي في طريقه ليكون قوة مستقلة، وفي حين أن روسيا لا تشكل أي تهديد لأوروبا، بل تسعى إلى إقامة شراكة اقتصادية معها. وخصص المؤلف حيزاً واسعاً من كتابه للولايات المتحدة التي هي القوة العسكرية الأولى في العالم، ولكنها لا تملك القدرة على السيطرة المباشرة على كل شيء، وتواجه الآن أخطاراً كثيرة، فاعتمادها الاقتصادي على بقية العالم صار هائلاً ومجتمعها يتفكك، والإشكال الحقيقي الذي يواجهه العالم اليوم ليس في إرادة القوة الروسية المحدودة جداً، بل في انحطاط مركز القوة الأميركي وهو بلا حدود. وإزاء تفتت المجتمع الأوكراني واستقرار المجتمع الروسي ونهاية الحلم الأوروبي بالاستقلال وانحراف مسار الدول الاسكندنافية، نقترب من موطن الأزمة العالمية، أي الثقب الأسود الأميركي، فمنذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة دخل العالم الأنغلو- أميركي في حال انعدام جاذبية. ومنذ ذلك الحين، بتنا نشاهد ونضطر إلى تفسير قرارات استراتيجية خالية من المنطق، فعام 2023 رفضت الولايات المتحدة التصويت لمصلحة قرار "هدنة إنسانية" في غزة اقترحه الأردن، وصوتت عليه 120 دولة فيما رفضته 14 دولة، وجاء التصويت الأميركي ضد الهدنة عدمياً، رافضاً للأخلاق المشتركة للإنسانية، مما يعني في الوقت نفسه أن الولايات قررت معاداة العالم المسلم بصورة فورية ودائمة، أما حلف شمالي الأطلسي فهو بصدد خسارة الحرب الصناعية بعدما تبين أنه عاجز عن إنتاج الذخائر والصواريخ بكميات كافية. في خلاصة استنتاجاته، يرى المؤلف أنه إذا أردنا توقع الخيارات الاستراتيجية لأميركا، فعلينا التخلي على وجه السرعة عن بديهية العقلانية، ذلك أن الحال السوسيولوجية لأميركا تحول دون أي تنبؤ متعقل بالقرارات الأخيرة التي سيتخذها قادتها، لكن العدمية تجعل كل شيء على الإطلاق، ممكناً. ونرى ختاماً أن الكتاب يخلخل كثيراً من التصورات، ويعيد النظر في كثير من المسلمات، كما يضيء على الخلفيات التاريخية والاقتصادية والديموغرافية للاستراتيجيات السياسية الراهنة، كاشفاً في العمق عن جذور الصراع الذي بات يهدد المصير الإنساني، ولذلك فإنه يشكل إضافة جدية إلى الفكر السياسي في العالم العربي.

ألمانيا تؤسس أول وحدة عسكرية خارج أراضيها: روسيا تهديد لنا جميعا
ألمانيا تؤسس أول وحدة عسكرية خارج أراضيها: روسيا تهديد لنا جميعا

Independent عربية

timeمنذ 11 ساعات

  • Independent عربية

ألمانيا تؤسس أول وحدة عسكرية خارج أراضيها: روسيا تهديد لنا جميعا

حذر المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم من أن روسيا تهدد أمن أوروبا، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى ليتوانيا للاحتفال بتأسيس أول وحدة عسكرية دائمة ألمانية في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية، بينما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبلغ القادة الأوروبيين في "مكالمة خاصة" الإثنين الماضي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا. "تهديد لنا جميعاً" وقال فريدريش ميرتس أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس "هناك تهديد لنا جميعاً من روسيا... نحمي أنفسنا من هذا التهديد، لهذا السبب نحن هنا اليوم". وتهدف الكتيبة القتالية الألمانية الثقيلة التي تضم 5000 عنصر وستؤسس خلال الأعوام المقبلة، إلى تعزيز خاصرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الشرقية وردع أي عمل عدائي روسي محتمل. وجاء نشر الكتيبة رداً على الهجوم الروسي ضد أوكرانيا عام 2022، ويعد نشر وحدة عسكرية في الخارج بصورة دائمة أمراً غير مسبوق في تاريخ القوات المسلحة الألمانية ما بعد الحرب. وأكد ميرتس الذي تولى منصبه هذا الشهر أن الوضع الأمني داخل الدول التي تشكل الخاصرة الشرقية للـ"ناتو"، "ما زال متوتراً للغاية"، وأفاد بأن تعديل روسيا سياساتها لتصبح أكثر "عدوانية لا يهدد أمن أوكرانيا وسلامة أراضيها فحسب، بل يهدد أمننا المشترك في أوروبا" أيضاً. وأضاف "نحن عازمون معاً إلى جانب شركائنا على الدفاع عن أراضي الحلف في مواجهة أي عدوان. وأمن حلفائنا في البلطيق هو أمننا أيضاً". وتعد ألمانيا أكبر داعم عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة. وشدد ميرتس على أن حلفاء كييف "لن يسمحوا لروسيا بدق إسفين بيننا"، وتابع "نقف بحزم إلى جانب أوكرانيا ولكننا أيضاً نقف معاً كأوروبيين، ومتى أمكن نعمل كفريق مع الولايات المتحدة". وذكر ميرتس أن برلين تأمل في أن تكون هناك "فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ومن ثم الدخول في مفاوضات سلام"، لكنه لفت إلى أن هذه العملية قد تستغرق أسابيع إن لم يكن أشهراً. "مكالمة خاصة" في الموازاة أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب القادة الأوروبيين في "مكالمة خاصة" الإثنين الماضي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه يحقق انتصارات، وذلك عقب مكالمته مع الرئيس الروسي، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشة. وذكرت الصحيفة الأميركية أن هذا الإقرار "شكل تأكيداً لما كان القادة الأوروبيون يعتقدونه منذ فترة طويلة في شأن بوتين"، لكنها كانت المرة الأولى التي يسمعونه فيها من ترمب، كما أنه يتناقض مع ما كان الرئيس الأميركي يقوله علناً بصورة متكررة، وهو اعتقاده أن "بوتين يريد السلام بصدق". ورفض البيت الأبيض التعليق على التقارير في شأن المحادثة، وأشار إلى منشور ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي الإثنين الماضي حول محادثته مع بوتين، إذ قال إن "نبرة وروح المحادثة كانتا ممتازتين. لو لم تكونا كذلك لقلت ذلك الآن بدلاً من قوله لاحقاً". وقالت "وول ستريت جورنال" إنه على رغم أن ترمب بدأ يقتنع بأن بوتين غير مستعد للسلام، فإن ذلك لم يدفعه إلى القيام بما كان الأوروبيون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالبون به وهو "تكثيف الضغط على روسيا". وأجرى ترمب مكالمة هاتفية سابقة مع القادة الأوروبيين الأحد الماضي، أي قبل يوم من محادثته التي استمرت ساعتين مع بوتين، مشيراً حينها إلى أنه قد يفرض عقوبات إذا رفض بوتين وقف إطلاق النار، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثة. لكن بحلول الإثنين الماضي، تغير موقفه مرة أخرى. فقد عبر عن عدم استعداده لفرض العقوبات على موسكو. وبدلاً من ذلك، قال ترمب إنه يريد المضي قدماً بسرعة في محادثات على مستوى أدنى بين روسيا وأوكرانيا تعقد في الفاتيكان. فرض رسوم على الأسمدة الروسية في سياق متصل، اعتبر الكرملين اليوم الخميس أن الاتحاد الأوروبي من خلال فرضه رسوماً إضافية على الأسمدة الروسية يلحق الأذى بمصالحه الخاصة. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف خلال إحاطته اليومية "في نهاية المطاف، سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام سماد أعلى سعراً وأقل جودة"، مشيراً إلى أن "الأسواق في مجالات أخرى ستعوض هذه الرسوم الجمركية، لكن الأوروبيين سيستمرون على عادتهم" في إلحاق الأذى بمصالحهم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تبادل أسرى حرب في سياق آخر، قال الكرملين اليوم رداً على سؤال حول صفقة مزمعة لتبادل أسرى حرب مع أوكرانيا تتضمن إطلاق كل من البلدين سراح ألف أسير، إن العمل جار وإن الجانبين يريدان استئناف عملية التبادل في أسرع وقت ممكن. واتُّفق على عملية التبادل خلال مفاوضات عقدت بين الجانبين داخل إسطنبول الأسبوع الماضي، ضمن أول محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2022. وذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء نقلاً عن الكرملين اليوم أن روسيا سلمت أوكرانيا قائمة تضم ألف أسير حرب تريد استعادتهم في الصفقة، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الكرملين ينتظر أن تسلم أوكرانيا قائمة الأسرى الخاصة بها. استمرار الهجمات وميدانياً قالت روسيا اليوم إن دفاعاتها الجوية أسقطت 105 طائرات مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية، بين منتصف ليل أمس وصباح اليوم، 35 منها فوق منطقة موسكو. وذكر رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين أنه أُسقط عدد من الطائرات المسيرة التي كانت متجهة نحو المدينة. وخلال وقت لاحق قال إن الدفاعات الجوية أسقطت طائرتين مسيرتين أخريين كانتا في الطريق إلى العاصمة، وعلق الرحلات الجوية في مطاري دوموديدوفو وجوكوفسكي داخل موسكو لفترة وجيزة. وفي سياق منفصل، قالت روسيا اليوم إنها أطلقت صاروخاً من طراز "إسكندر إم" على جزء من مدينة بوكروف في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية، مما أدى إلى تدمير منظومتين صاروخيتين من طراز باتريوت ورادار. وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن أضراراً وقعت داخل منطقة دنيبروبتروفسك بعد هجوم، لكنها لم تحدد نوع السلاح المستخدم. وقالت وزارة الدفاع إن القوات الروسية تتقدم في نقاط رئيسة على الجبهة، وأفاد مدونون للحرب موالون لروسيا بأن القوات اخترقت الخطوط الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. وقال الرئيس الأوكراني في خطابه الليلي المصور إن أعنف المعارك على الخطوط الأمامية تدور حول بوكروفسك، ولم يشر إلى أي تقدم روسي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store