logo
"الأسد الصاعد" مقابل "الوعد الصادق" (2)

"الأسد الصاعد" مقابل "الوعد الصادق" (2)

بوابة الأهراممنذ 5 ساعات

نستكمل ما تناولناه في المقال السابق عن اشتعال الحرب في الشرق الأوسط، وعقب تحليلنا لما تواجهه إيران في تلك المواجهة وما دفع بها لهاوية المواجهة، نتحدث عن إسرائيل وخسائرها التي تتسع والأوهام التي تتهاوى.
فرغم ما تمتلكه إسرائيل من تفوق تكنولوجي عسكري مدعوم بأحدث أنظمة الدفاع والهجوم من ترسانة غربية، فإن الواقع الميداني يكشف هشاشة صورتها في أول اختبار حقيقي لهيمنتها.
فمنذ اندلاع المواجهات المباشرة مع إيران، شهدت إسرائيل تراجعًا في قدرتها على التحكم بالسرد الإعلامي، رغم ترسانة أدواتها في التضليل وتزييف الحقائق.
في المقابل، فإن إيران، برغم الحصار والرقابة، نجحت في توجيه ضربات ذات وقع نفسي مدوٍ، لا من خلال عرض إنجازاتها، بل من خلال كتمانها المقصود، وهو ما عمق وقع الصور والفيديوهات المنقولة والمسربة من الداخل الإسرائيلي.
الصمت الإيراني بدا مؤثرًا، بينما الضجيج الإسرائيلي بدا فاضحًا، يفتقر للسيطرة على المشهد رغم مراكزه الإعلامية المتقدمة.
وبينما نادرًا ما تصل للإعلام صور تظهر الدمار داخل إيران، نجد أن كل ضربة تصيب هدفًا إسرائيليًا تتلقفها عدسات الإعلام العالمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أغلبها لقطات مصورة من مواطنين ومقيمين، تتحول كل يوم إلى مادة استهلاك جماهيري تكشف حجم الهشاشة داخل مدن كانت تُعتبر تاريخيًا بمنأى عن الخطر، مثل تل أبيب، وحيفا، نهاريا، وحتى أطراف القدس.
هذه المدن التي طالما استندت إسرائيل لحمايتها إلى سياسة "نقل المعركة إلى أراضي الخصم"، وجدت نفسها فجأة في مرمى نيران الصواريخ والمسيرات، في تبدل نوعي في قواعد الاشتباك.
أما نتنياهو الذي طالما قدم نفسه كحامي حمى أمن الإسرائيليين وبطل الردع، وجد نفسه أمام أكوام من الرماد والأرقام غير المعلنة، يحاول عبرها إقناع الداخل الإسرائيلي بأن المعركة تحت السيطرة.
إلا أن الصور القادمة من قلب المدن المشتعلة، والملاجئ المكتظة، وصوت صافرات الإنذار المتواصل خلال مؤتمر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، كلها تكشف زيف هذا الادعاء.
وما يزيد الطين بلة أن الجمهور الإسرائيلي لم يعد يتلقى المعلومات فقط من إعلامه الرسمي، بل من مئات القنوات الدولية والمنصات الرقمية، ما أفقد الحكومة قدرتها على صياغة الرواية الرسمية.
الصدمة النفسية والمعنوية داخل المجتمع الإسرائيلي بدأت تطفو على السطح، في صورة لرجل عارٍ يهرول هربًا من القصف، في حين أن الشارع الإيراني، رغم الأزمات، بدا أكثر تماسكًا وانضباطًا إعلاميًا.
في الحروب، كما في السياسة، لا يكفي أن تملك السلاح، بل أن تملك الإرادة والقدرة على إدارة تأثيره.
إذا استمر المشهد بهذا النسق، فإن إسرائيل مرشحة لمزيد من الخسائر على جبهتين: الميدانية والمعنوية. إذ إن كل فيديو لصاروخ يخترق القبة الحديدية، وكل صورة لدمار في مركز تجاري أو حي سكني، تقرب الجمهور الإسرائيلي أكثر من فقدان الثقة بقيادته، وتفتح المجال لمعارضة أكثر شراسة، وشكوك أعمق في جدوى المغامرات العسكرية التي يخوضها نتنياهو في محاولاته لتحقيق مجد شخصي.
وإذا كان تلاعب نتنياهو بالحقائق قد نجح سابقًا بادعاء نصر وهمي، فإنه اليوم ينكشف أمام مسلسل خسائر حقيقية.
وبات الردع، الذي طالما اعتمدت عليه إسرائيل، مهددًا، لا فقط بالصواريخ، بل بـ "وعي شعوب".
تكشفت فيما نقلته نيويورك تايمز بأن البيت الأبيض (ترامب) دعم هجوم إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته عرض "فرصة ثانية" للطرف الإيراني للعودة للتفاوض، ووفق جيروزاليم بوست، فإن هذه التسريبات متعمدة داخل الإعلام الدولي، تشمل صورًا ومقاطع صوتية لترامب وهو يرفض ضرب إيران، لإيهام إيران بعدم تواطؤ واشنطن مع الهجوم، بينما كان ترامب وغالبية القيادة الأمريكية على علم وترحيب فعلي.
فكأن ترامب، يناور بين جناحي الحرب والسلام، سمح للهجوم بأن يتم عمليًا، ثم انسحب إعلاميًا، كأنه يلوّح لطهران بفرصة تفاوض ثانية، بينما يترك نتنياهو يواجه العاصفة وحده، وهذا الانفصام المتعمد في الخطاب، ويعكس تناقضات الإدارة الأمريكية التي تريد أن تضرب دون أن تتحمل الكلفة السياسية أو على الأقل تحافظ على مكتسباتها من أصدقاء الخليج.
وتظل التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران بشأن المنشآت النووية هي الجوكر الذي لن يكسب باستخدامه أي طرف، وتعيد إلى الأذهان عقيدة شمشون: "عليّ وعلى أعدائي"، فرغم كل هذا الضجيج، تبدو الفكرة أشبه بالانتحار الجماعي.
فاستهداف مفاعل نووي إيراني أو منشأة إسرائيلية لا يعني مجرد رد عسكري، بل انفجار إقليمي غير قابل للاحتواء، لن ينجو منه أحد، بما في ذلك القوى الكبرى؛ ولذلك، ما يقال إعلاميًا من الطرفين لا يزال حتى اللحظة بعيدًا عن التنفيذ.
وبات ما نراه اليوم هو صراع استنزاف نفسي ومعنوي، أكثر من كونه معركة مصيرية، وبدأ العالم يدرك أن "الأسد الصاعد" قد يملك المخالب، لكن "الوعد الصادق" قد يملك صبرًا أطول، وسنرى من منهما يملك نفسًا أعمق يمكنه من النجاة من الغرق في طوفان تلك المعارك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تصريحات ترامب تحبط الأسواق مجددا.. النفط يرتفع والأسهم تنخفض
تصريحات ترامب تحبط الأسواق مجددا.. النفط يرتفع والأسهم تنخفض

مصرس

timeمنذ 39 دقائق

  • مصرس

تصريحات ترامب تحبط الأسواق مجددا.. النفط يرتفع والأسهم تنخفض

البورصة المصرية تتأرجح بين الصعود والهبوط.. وتغلق على انخفاض بنسبة 1.02% واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحريك أسواق العالم، بتصريحاته الغامضة حول مشاركة الولايات المتحدة بجانب إسرائيل في الحرب ضد إيران وإخلاء طهران، إذ عاودت أسواق الأسهم الهبوط أمس، بعد تنفسها الصعداء أمس الأول، وتحقيق بعض المكاسب، وعاود النفط تحقيق المكاسب بعد انخفاض نهاية التعاملات يوم الاثنين الماضي.فيما تذبذب مؤشر البورصة المصرية الرئيسي بين الانخفاض الكبير والمحدود طوال الجلسة إلى أن أغلق التعاملات على تراجع.وتراجع المؤشر الرئيسي «إي جي إكس 30» بنسبة 1.02%، ووصل إلى مستوى 30725.96 نقطة.وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم أغسطس، بنسبة 0.53%، لتصل إلى 73.62 دولار للبرميل.كما زادت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، تسليم يوليو، بنسبة 0.49%؛ لتصل إلى 72.12 دولار للبرميل.وفي ختام تعاملات يوم الاثنين، انخفضت أسعار خام برنت بنسبة 1.3% وغرب تكساس الوسيط 1.6%، على أمل انحسار الصراع بعد تقارير إعلامية أفادت بأن إيران تسعى لإنهاء الأعمال العدائية.وهبط مؤشر السوق السعودية، بنسبة 0.76% وأبوظبي 0.22%، ودبي 0.39%، بينما ارتفع كل من مؤشري البحرين والكويت بنسبة طفيفة في بداية التعاملات.وأغلقت معظم المؤشرات العربية على انخفاض، ليغلق سوق أبوظبي على تراجع بنسبة 0.50%، ويهبط سوق دبي المالي بنسبة 0.64%، بينما ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 0.62%.وتراجعت الأسهم الأوروبية بشكل حاد في مستهل تعاملات اليوم، بسبب المخاوف من تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، قبل بدء اجتماع البنك الفيدرالي الذي يستمر حتى مساء اليوم الأربعاء.وهبط مؤشر داكس الألماني 1%، وكاك 40 الفرنس 0.8% وفوتسى 100 فى المملكة المتحدة بنسبة 0.5%.وحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإيرانيين على إخلاء العاصمة طهران بعد أن قطع زيارته لقمة مجموعة السبع، ما أثار المخاوف بشأن المشاركة الأمريكية فى الصراع الإسرائيلي - الإيراني.وأوضح مسئولو البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة لا تخطط للتدخل المباشر في الصراع.وقال وزير الدفاع بيت هيجسيث، لشبكة "فوكس نيوز"، إن ترامب كان يهدف إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن أنشطتها النووية، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة ستدافع عن أصولها في المنطقة.وأعربت دول مجموعة السبع، عن دعمها لإسرائيل في بيان صدر في وقت متأخر يوم الاثنين، ووصفت منافستها إيران بأنها مصدر لعدم الاستقرار فى الشرق الأوسط.وفي سياق آخر، يختتم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماع سياسته الأخير الذي بدأ، اليوم الثلاثاء، غدا الأربعاء.ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحافظ البنك المركزي الأمريكي على سعر الفائدة الفيدرالية عند 4.25% - 4.50% عندما يعلن قراره، مساء غدا.

ماكرون يتحدث عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل برعاية أمريكية
ماكرون يتحدث عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل برعاية أمريكية

الدولة الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدولة الاخبارية

ماكرون يتحدث عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل برعاية أمريكية

الثلاثاء، 17 يونيو 2025 05:13 مـ بتوقيت القاهرة قال الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون: سندعم أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل تتوصل إليه الولايات المتحدة، وفقا لقناة القاهرة الإخبارية. وفي السياق أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان دائما واضحا بأنه لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي وقال ماكرون، خلال كلمة له فى مجموع السبع G7 اليوم الثلاثاء، أن الرغبة في تغيير النظام في إيران بالقوة ستكون "خطأ استراتيجيا". وأثار الصراع بين إيران وإسرائيل الذي بدأ الجمعة الماضي، بشن إسرائيل غارات جوية على إيران، مخاوف في منطقة كانت بالفعل في حالة توتر منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، أكتوبر 2023.

كندا والولايات المتحدة تسعيان لاتفاق تجاري خلال 30 يوماً
كندا والولايات المتحدة تسعيان لاتفاق تجاري خلال 30 يوماً

عالم المال

timeمنذ ساعة واحدة

  • عالم المال

كندا والولايات المتحدة تسعيان لاتفاق تجاري خلال 30 يوماً

قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إن كندا والولايات المتحدة تسعيان لإبرام اتفاق تجاري في غضون شهر، وهو هدف تم الاتفاق عليه خلال لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على هامش قمة مجموعة السبع. كتب كارني في منشور على منصة 'إكس' بعد ظهر الإثنين: 'اتفقنا على السعي للتوصل إلى اتفاق خلال الثلاثين يوماً المقبلة'. بدوره، صرح ترمب للصحفيين بأن هناك اختلافات ما زالت قائمة بينه وبين كارني في السياسات، لكنه اعتبر أن التوصل إلى اتفاق تجاري 'أمر ممكن تحقيقه' خلال الأسابيع المقبلة. ووفقاً لمسؤول في البيت الأبيض، فقد أصدر ترمب توجيهات لفريقه بالتوصل إلى أفضل اتفاق ممكن، وفي أسرع وقت. قال ترمب أثناء وقوفه إلى جانب كارني صباح الإثنين: 'أعتقد أننا نختلف في عدد من المفاهيم. أنا أؤمن بفكرة الرسوم الجمركية'، مضيفاً: 'مارك لديه مفهوم مختلف، يحظى بإعجاب البعض، لكننا سنحاول التوصل إلى حل لهذا الأمر اليوم'. مقترح كارني على الرغم من تأكيده تفضيل الرسوم الجمركية باعتبارها 'بسيطة' و'سهلة'، أبدى ترمب انفتاحه على الاستماع لمقترح كارني الذي يسعى إلى الحد من الرسوم العقابية المفروضة على قطاعات كندية رئيسية، مثل الصلب والألومنيوم وصناعة السيارات. أضاف ترمب: 'أعتقد أن مارك لديه فكرة أكثر تعقيداً، لكنها أيضاً جيدة جداً. لذا، سننظر في المقترحين، وسنرى ما الذي يمكننا التوصل إليه'. كان الزعيمان قد عقدا اجتماعاً ثنائياً استمر نحو 30 دقيقة، ثم واصلا النقاش بحضور مسؤولين من البلدين لمدة نصف ساعة إضافية. أشار بيان صادر عن مكتب كارني إلى أنهما ناقشا أيضاً قضايا تشمل المعادن الحيوية، وأمن الحدود، وإمكانات التعاون في مجال الدفاع. يواجه قادة عدد من أغنى دول العالم موجة من الرسوم الجمركية التي يهدد ترمب بفرضها، ما قد يضر باقتصاداتهم، في وقت تتصاعد فيه الخلافات بشأن سبل إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، ومعالجة التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران، الذي يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. اعترف ترمب بأن ملف التجارة سيكون من أبرز القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة، إذ يسعى القادة الآخرون إلى تأمين اتفاقيات تجارية لتقليص الرسوم الجمركية المرتفعة التي يهدد ترمب بفرضها في يوليو. كان ترمب قد خفف في الأسابيع الأخيرة من أهمية المفاوضات الجارية مع شركاء التجارة، مشيراً إلى أنه إذا لم تُبرم اتفاقات مناسبة، فسيمضي قدماً في فرض رسوم جمركية بشكل أحادي. مع ذلك، أعلن ترمب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، يوم الإثنين، عن اتفاق لخفض بعض الرسوم الجمركية الأميركية، وزيادة حصص المملكة المتحدة من بعض المنتجات الزراعية الأميركية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store