logo
إعادة صناعة الأسطورة الصهيونية

إعادة صناعة الأسطورة الصهيونية

الميادينمنذ 6 ساعات

قد نحتاج إلى وقت طويل لنستطيع الحديث عن التفاصيل الحقيقية لهجوم العدو الصهيوني على إيران. ما نمتلكه من معلومات يعتمد في أغلبه على الرواية الصهيونية الأميركية التي تروّجها وسائل الإعلام الصهيونية والأميركية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي ترسم صورة مرعبة لنتائج العدوان من أنه دمّر قدرات الدفاع الجوي الإيراني بالكامل، وأنّ العدو تمكّن من نقل أسلحة إلى الداخل الإيراني واستعملها عملاء العدو في العدوان.
في السياق نفسه تخلّى العدو عن الغموض الذي يحيط به عملياته العسكرية والاستخبارية عادة، ونشر معلومات "مفصّلة" عن العمل الاستخباري والتخريبي الذي قام به عملاء الموساد في الداخل الإيراني.
أضاف التحالف الغربي إلى موجة التبجّح الصهيوني، تصريحات تعبّر عن دعمه الكامل للعدوان سواء بوصف ترامب للعدوان بأنه ممتاز، وأنّ على إيران القبول بالصفقة التي تعرضها الولايات المتحدة فيما يتعلّق بالاتفاق النووي ثمّ الحديث عن استسلام إيراني كامل، وبعكس ذلك فإنّ الاستعدادات لضربات أكثر قسوة جاهزة، في الوقت الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الصهيونية مشاركة طائرات من بريطانيا وفرنسا وأميركا والأردن بالتصدّي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية وتدميرها قبل وصولها إلى سماء فلسطين.
الصورة كما يرسمها الإعلام الصهيوني والمتصهين، هزيمة نكراء لإيران وتفوّق كامل للعدو الصهيوني. لكن على الأرض يتصاعد الحديث عن فتح الملاجئ ورفع درجات استعداد في الجبهة الداخلية للكيان، ونقل طائرات العدو المدنية إلى قبرص وإغلاق الأجواء الفلسطينية. المطلوب منّا تصديق الروايتين؛ إيران مهزومة لكنها قادرة على تعطيل الحياة داخل الكيان لمدة أطول من المعتاد كما صرّح الإرهابي بنيامين نتنياهو، وتدمير مراكز العدو العسكرية والعلمية.
كما هو واضح حتى اللحظة، الرواية الاستعمارية غير مقنعة رغم تعزيزها بأفلام ومواد وثائقية يسهل تزويرها، وأنّ هدفها هو إعادة صناعة أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" التي تهاوت تحت وطأة ضربات المقاومة منذ عام 2000 وحتى السابع من أكتوبر 2023، وصور الدمار في المدن الفلسطينية المحتلة. التسرّع في نشر التفاصيل وقبل اتضاح صورة الردّ الإيراني على العدوان إنما يعكس مدى ضرورة استعادة صورة الأسطورة بغضّ النظر عن نتائج المواجهة.
23 حزيران 12:27
23 حزيران 08:50
قد يرى البعض أنّ موضوع إعادة صياغة صورة "إسرائيل" كشرطيّ المنطقة أمر ثانوي أمام نتائج المعركة وبشكل خاصّ خسارة محور المقاومة للعديد من القيادات العسكرية والسياسية، وهذا الرأي فيه الكثير من الصواب، إذا كان صادراً عن حرص على المقاومة، وليس حقاً يراد به تسويق باطل التفوّق الصهيوني. الصورة ليست مهمة للعدو فقط، ولكن للعديد من حلفائه في المنطقة الذين خدّروا شعوبهم على مدى 50 عاماً بالحديث عن عجز هذه الأنظمة عن مواجهة التفوّق الصهيوني ـــــ الأميركي العسكري والاقتصادي. الصورة نفسها استخدمتها الأنظمة الدائرة في الفلك الصهيو ـــــ أميركي لتبرير ذهابها إلى السلام "المزعوم" مع العدو، ابتداء من جملة الخائن أنور السادات عن امتلاك أميركا 99% من أوراق اللعبة، وصولاً إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
"إسرائيل" العاجزة عن فرض شروطها على المقاومة في غزّة بعد 16 سنة من الحصار و20 شهراً من الحرب، والولايات المتحدة التي اضطرت للتراجع أمام الصمود اليمني بعد حرب وحصار سنوات، حاولتا إقناعنا أنّ ضربة واحدة كفيلة بهزيمة دولة بحجم إيران. المشكلة أنّ هناك من شعوبنا من يصدّق هذه الرواية، وهناك من يبحث بكلّ الوسائل عن طريقة لجعل هذه الرواية قابلة للتصديق. أكثر هذه المحاولات شيوعاّ وخباثة هي تلك التي تعمد إلى عقد مقارنة بين ما حدث في إيران وما أصاب حزب الله بعد اغتيال قادته وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله. هذه المقارنة تعتمد على تسويق روايتين استعماريتين، الأولى أنّ دور المقاومة في لبنان بالتصدّي للعدو الصهيوني قد انتهى باستشهاد قيادته، وعليه فإنّ إيران تنتظر المصير نفسه بعد اغتيال أبرز قياداتها العسكرية والعلمية.
ليس المطلوب الدخول في حالة إنكار، فالعدو الذي اختار محور المقاومة التصدّي له، عدو قوي ومتفوّق عسكرياً على جميع خصومه، وهو قادر على توجيه ضربات قوية لخصومه، وهذه الحقيقة يعرفها قادة المحور جيداً، إذ إنهم يواجهون هذا العدو في الميدان ويدركون جيداً قدراته، بما في ذلك احتمال استشهاد قادة المحور، بل وحتى توجيه ضربات قاسية لبنية المحور. هذا ما حدث ويحدث خلال الأشهر الأخيرة، لكنّ العدو نفسه يدرك أنّ الوقت ما زال مبكراً على الاحتفال، لأنه يدرك تماماً أنّ إيران تمتلك من القوة ما يمكّنها من ردّ الصاع صاعين، كما أنّ الصراع ليس ثنائياً بينه وبين إيران، وأنه مهما بلغت قوته لن يستطيع شطب القضية الرئيسة في المنطقة المتمثّلة في وجود الكيان نفسه، وأن تتصدّر إيران اليوم المشروع المضاد لهذا الوجود.
المقاومة لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023، فالثورة الأولى للشعب الفلسطيني ضدّ وجدود الكيان كانت قبل أكثر من 100 عام، ومنذ ذلك التاريخ لم يمرّ يوم من تاريخ الصراع من دون وجود شكل من أشكال المقاومة. الهدف ضرب فكرة الثورة والمقاومة التي تمثّلها إيران، والحديث عن المشروع النووي ليس سوى حجّة فارغة وكاذبة لتبرير العدوان.
إيران لم تهزم، وكلّ المؤشرات تقول إنها لن تهزم أو تخسر دورها كلاعب رئيس في قضايا المنطقة. أميركا والكيان الصهيوني يبحثان عن حلّ للأزمات التي تعصف بالقوى الاستعمارية نتيجة تصاعد قوة ودور الدول والشعوب الرافضة للهيمنة الاستعمارية.
الردّ العسكري الإيراني مستمرّ، لكنّ الردّ الحقيقي يكون بتعميق التمسّك بفكرة المقاومة، والالتفاف حول القوى التي تتصدّرها، والاستعداد لتقديم التضحيات في سبيلها، ومنطق التاريخ يقول إنّ الشعوب التي امتلكت إرادة المقاومة وقدّمت التضحيات الضرورية تحقّق الانتصار المنشود.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجلس الأمن القومي الإيراني: ردودنا أرغمت العدو على وقف الهجمات وقواتنا ما زالت في حالة تأهّب تام
مجلس الأمن القومي الإيراني: ردودنا أرغمت العدو على وقف الهجمات وقواتنا ما زالت في حالة تأهّب تام

LBCI

timeمنذ 33 دقائق

  • LBCI

مجلس الأمن القومي الإيراني: ردودنا أرغمت العدو على وقف الهجمات وقواتنا ما زالت في حالة تأهّب تام

صدر عن أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي البيان التالي: "بشأن فرض وقف الحرب على العدو الصهيوني وحلفائه الأشرار، أيّها الشعب الإيراني الشامخ والمقاوم، في مواجهة عدوان العدو الصهيوني، لبّى أبناؤكم الشجعان والمضحّون في القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية نداء القائد الأعلى للثورة الإسلامية والقائد العام للقوات المسلحة، وردّوا على كل شر وعدوان من العدو بردٍّ ساحق وبشجاعة نادرة. وقد كان آخر هذه الردود استهداف قاعدة 'العديد' الأمريكية، ثمّ تلاه قصفٌ صاروخي شامل طال الأراضي الفلسطينية المحتلّة. إنّ وعيكم وتوقيتكم الدقيق، وصمودكم ووحدتكم النادرة، أسقطت الاستراتيجية الأساسية للعدو، ومهّدت الطريق ليظهر المقاتلون الإسلاميون قوّتهم المذهلة التي بُنيت على سنوات من الجهاد الإبداعي والمثابرة المستمرة، حيث استطاعوا خلال 12 يومًا من المقاومة الدموية والمدروسة، أن يردّوا على كل عدوان في حينه وبالشكل المناسب. إنّ النصر الذي تحقق، هو هبة إلهية، تتويجًا لمواقف هذا الشعب العميقة والواعية، ولمجاهدات المقاتلين الأبطال، ولقيادة حكيمة تمثّلت في تدبير الإمام، وقد أجبر هذا النصر العدو على الندم وقبول الهزيمة ووقف هجماته من جانب واحد. وعليه، تُعلن أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي لجمهورية إيران الإسلامية لشعبنا العزيز والبطل، أنّ القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، دون أن تولي أي ثقة بكلام الأعداء، ما زالت في حالة تأهّب تام، وأصابعها على الزناد، وهي مستعدة للرد الحازم والمُوجع على أي عدوان قادم."

المفتي قبلان: تعلّمنا من إيران كيف تكون السيادة والبطولات الاستراتيجية
المفتي قبلان: تعلّمنا من إيران كيف تكون السيادة والبطولات الاستراتيجية

LBCI

timeمنذ ساعة واحدة

  • LBCI

المفتي قبلان: تعلّمنا من إيران كيف تكون السيادة والبطولات الاستراتيجية

أصدر المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان البيان التالي: "للتاريخ والمستقبل القريب وما سيكون عليه الشرق الأوسط أقول: الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران انتهت باكتساب إيران لجولة الحرب المدمّرة بالنقاط الثقيلة، وإيران النووية تحت الطاولة باتت إيران النووية فوق الطاولة، فيما برنامجها الصاروخي ابتلع نتنياهو وكل حروبه الماضية، وأسس لمنطق قوة جديد في الشرق الأوسط، والنتائج السياسية للصواريخ الإيرانية الثقيلة على نتنياهو وحلفائه ستكون كارثية، والتفاوض الأميركي مع طهران سيكون باعتبار إيران قوةً ناظمة وندّاً قوياً بالشرق الأوسط، واليوم الشرق الأوسط بين طهران وواشنطن فقط والباقي تفصيل، وما قدمته طهران في هذه الحرب حوّلها إلى مغناطيس إقليمي قوي سيجذب كثيراً من الدول العربية والإسلامية إلى شراكات مختلفة مع طهران، ولبنان معني جداً بتطوير علاقاته مع طهران القوية، والدولة اللبنانية مطالبة بقراءة نتائج هذه الحرب بخلفية أثمان الربح الوطني وواقع الندية القوية، والمحسوم التاريخي لأخطر فترة يمرّ بها الشرق الأوسط أنّ تل أبيب خسرت ما ربحته، فيما الربح الاستراتيجي صبّ بصالح طهران، والرئيس ترامب تحوّل بسرعة مدهشة مِن "تغيير النظام بطهران" إلى "مباركة طهران والدعاء لها"، ومع نهاية هذه الحرب: زمن المفاوضات تحت التهديد انتهى، والدرس الذي استفدناه من هذه الحرب الفاصلة أننا تعلّمنا من إيران كيف تكون السيادة والبطولات الإستراتيجية، ولا شيء يحمي الأوطان مثل القوة الداخلية والشجاعة الوطنية، فيما مجلس الأمن ووعود واشنطن ليست أكثر من دكان ومشاريع غدر، وشكراً لإيران لأنها أنقذت الشرق الأوسط من أسوأ لحظة مصيرية بالقرن الواحد والعشرين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store