logo
ماذا يحدث في أفريقيا؟

ماذا يحدث في أفريقيا؟

الميادينمنذ يوم واحد
في وقت تتّجه كل أنظار العالم بقلق لمتابعة تداعيات الاعتداء الأميركو-صهيوني على الجمهورية الإسلامية في إيران، ثمة صراع آخر تديره الولايات المتحدة في أفريقيا بهدف السيطرة عليها. وإذا كانت الاعتداءات على إيران جزءاً مهماً من هذا الصراع الذي يسعى لفضّ التحالف الضمني بينها (أي إيران) وبين كل من روسيا والصين، بالإضافة إلى دول أخرى مثل كوريا الشمالية وباكستان، وبالتالي القضاء على مشروع "طريق الحرير" الصيني، فإن الصراع بين تحالف الهيمنة الأميركية والتحالف المناهض له لن يحسم إلا لمصلحة الطرف الذي يتمكن من اجتذاب القارة الأفريقية إلى صفوفه، والتي تمتلك القدر الكافي من الثروات المرجّحة لكفة أي من الطرفين. وهذا ما يدفع الأميركيين إلى محاولة العودة إلى القارة السمراء بعد فترات طويلة من الإهمال.
سابقاً كان الاهتمام الأميركي بأفريقيا يقتصر على محاولة مواجهة التوغّل الشيوعي في القارة بعد الانتصارات التي حققتها حركات التحرر في الستينيات والسبعينيات، وقد اعتمدت في هذه المهمة على دعم بعض الدول الحليفة والدول المتخوفة من التأثير الشيوعي كالكيان الصهيوني، الذي كان له تركيز على العلاقات مع أفريقيا منذ ما قبل إعلانه رسمياً في 1948، والسعودية وكلتا الدولتين قامتا بجهد كبير لمكافحة التأثير التحرري (الناصري والشيوعي) في القارة الأفريقية معتمدتين على الدعم المصري في فترة رئاسة السادات، الذي انقلب على سياسات سلفه الزعيم عبد الناصر.
بيد أن تقلص التوجهات التحررية ثم سقوط الاتحاد السوفياتي لم يجعلا القارة الأفريقية مساحة فارغة بالنسبة إلى الأميركيين، فقد كان هناك عديد من المنافسين، لعل أهمهم أحد حلفائها في "الناتو" وهي فرنسا، ثم برز لاحقاً منافسون آخرون أكثر خطورة مثل الثلاثي: الصين، روسيا وإيران، وقد اصطدم هذا الثلاثي بالوجود الفرنسي في أفريقيا، ومؤخراً تمكّن إلى حدّ كبير من فرض وجوده في القارة الأفريقية عبر عدد من الانقلابات والثورات المعادية للوجود الفرنسي في دول الساحل، بالإضافة إلى وجوده الاقتصادي عبر التوغل الصيني في أفريقيا.
وقد أبدى بعض المحللين استغرابهم من البرود الأميركي تجاه هذه الأحداث، طارحين تساؤلات ما إذا كان لدى الأميركيين خطة لإزاحة النفوذ الفرنسي من أفريقيا حتى ولو كان بواسطة الروس، وهو ما يلتقي مع تحذيرات بريجنسكي من التطلعات الفرنسية في أفريقيا والبحر المتوسط.
لكن الواضح في المرحلة الأخيرة ومنذ إطاحة الرئيس السوداني عمر البشير أن الأميركيين يرغبون في دفع حلفائهم إلى ممارسة نشاط أكبر في القارة الأفريقية والسيطرة عليها لكن تحت قيادة الإمارات هذه المرة، بعد أن أدّت المواجهات الأخيرة في الشرق العربي منذ تحرير جنوب لبنان سنة 2000 إلى تقليص قدرات الكيان الصهيوني، كما أسهمت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في تراجع النفوذ السعودي وتآكله تدريجياً.
في البداية، من الضروري الإشارة إلى أن الإمارات وفي عام 2024، قامت الولايات المتحدة بتصنيفها كشريك دفاعي رئيس، وهو لقب تشاركه فقط مع الهند، ومن المؤكد أن مثل هذا التصنيف لم يكن عبثياً أو مجاملة دبلوماسية، وهو ما ينطبق على الهند كذلك. وفي المقابل، فثمة شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين المتحالفين مع الولايات المتحدة تضاف إلى التعاون الاقتصادي بينهما.
لقد برزت في الفترة الأخيرة بعض الأحداث في أفريقيا لم تنل حظها من المتابعة الإعلامية وهي بالتحديد ثلاثة مواقف: الأول: توجيه الحكومة السودانية اتهامات علنية إلى دولة الإمارات بتمويل وتسليح ميليشيات "الدعم السريع". الثاني: الاتهامات الجزائرية العلنية إلى الإمارات بخصوص نشاطها في الداخل الجزائري ودول الساحل الأفريقي على الحدود الجزائرية. الثالث: اتفاقية السلام بين رواندا والكونغو الديموقراطية التي خرجت فجأة للعلن في توقيت العدوان الذي شنّه الكيان الصهيوني على إيران.
في فترة رئاسة عمر البشير، سعت الإمارات للاستثمار في مجال الزراعة في السودان حيث قامت بزراعة 50 ألف هكتار ووضعت خططاً مستقبلية لزراعة 160 ألف هكتار بهدف تأمين الغذاء والمواد الزراعية للإمارات التي تستورد 90% من احتياجاتها الغذائية، وفي ديسمبر 2022 عقدت الإمارات اتفاقاً مع الحكومة السودانية يقضي باستثمار 6 مليارات دولار لتشغيل وتطوير ميناء أبو عمامة (يبعد من ميناء بورتسودان 230 كم)، كما يتضمن الاتفاق منطقة اقتصادية ومطاراً ومنطقة زراعية تبلغ 500 ألف فدان، بالإضافة إلى إنشاء طريق بطول 450 كيلومتراً لربط الميناء بمنطقة أبو حمد الزراعية في ولاية نهر النيل بتكلفة تصل إلى نصف مليار دولار. وكان المقابل هو حصول السودان على نسبة 35% من صافي الأرباح. وكنوع من التحفيز والضغط على الحكومة السودانية، عرضت الإمارات على الحكومة السودانية وضع مبلغ 300 مليون دولار في البنك المركزي السوداني لإنعاش العملة الوطنية.
هذا المشروع لم يكن خالصاً للإمارات فقط، فثمة وجود صهيوني في الخلفية أشار إليه بعض الرافضين للمشروع، مؤكدين أن اجتماعاً جرى بين إماراتيين وصهاينة وبين مجموعة "دال" السودانية وهي الشريك السوداني للإماراتيين، في مدينة دبي استمر لثلاثة أيام بخصوص صفقة ميناء أبو عمامة.
هذا المشروع تم تجميده لاحقاً عقب اشتعال الصراع بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، ويبدو أن النفوذ الإماراتي كان أحد أسباب هذا الاشتعال الأهلي في السودان، فالصين التي تملك رصيداً كبيراً من العلاقات الاقتصادية في السودان سعت لإيقافه كونه يهدد ميناء بورتسودان وموانئ أخرى تتعامل معها، وكان لهذا الرفض الصيني دوره في إثارة غضب المجتمعات المحلية في منطقة شرق السودان حيث تسيطر قبائل البجا، نظراً لتأثيره السلبي على الموانئ الأخرى والتي يعمل فيها أبناء هذه القبائل وتعاني بدورها من الإهمال الحكومي، وقد اتهمت قبائل البجا الإمارات بأنها تسعى لنهب السودان، وتفرض اتفاقيات غير عادلة تمنحها أرباحاً ضخمة مقابل مكاسب ضئيلة لهذه المجتمعات. ولاحقاً، قام الجيش السوداني بإنشاء قاعدة بحرية في المنطقة نفسها في إشارة إلى إنهاء هذا الملف. اليوم 08:55
19 أيار 09:33
لم يكن من الغريب إذاً أن توجّه الحكومة السودانية اتهامات على الإمارات بدعم قوات "الدعم السريع" عسكرياً، فالعلاقات بين الطرفين سابقة على المواجهة، وتوّجت بإرسال قائدها حميدتي جنوداً سودانيين شاركوا في الحرب السعودية/الإماراتية ضد أنصار الله في اليمن، وتعتمد الإمارات على قوات "الدعم السريع" في حماية مشروعاتها الزراعية ومناجم الذهب التي تتركز في مناطق سيطرتها، وهي تأمل أن تسيطر هذه القوات على شرق السودان بما يحقق لها تنفيذ مشروعها في ميناء أبو عمامة، والأهم تحجيم الوجود الروسي والصيني في المنطقة، بالإضافة إلى الوجود الإيراني، والذي يتعاطف كالصينيين مع الجيش السوداني.
أما الموقف الروسي فقد كان داعماً لقوات "الدعم السريع" في البداية، لكن تغير لاحقاً لمصلحة الجيش السوداني بعد الاتفاق على تأسيس مركز لوجستي روسي في مدينة بورتسودان، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، من المقرر توسعته على المدى الطويل إلى قاعدة بحرية. وهذه القاعدة ستجعل روسيا حاضرة بقوة في البحر الأحمر وشرق أفريقيا.
على الجانب المصري، وهو بطبيعة الحال الأكثر اهتماماً بالأوضاع في السودان، فقد كان الموقف واضحاً منذ البداية في تبنّيه دعم الجيش السوداني، ليس فقط لكونه المؤسسة رسمية، وإنما نظراً لخطورة هذه التحركات الإماراتية على الأوضاع المصرية، سواء الاقتصادية أو السياسية، فمشروع ميناء أبو عمامة يمثل تهديداً للموانئ البحرية المصرية كميناء سفاجا على البحر الأحمر، ومشروع ميناء العين السخنة المصري، والذي تديره شركة إماراتية كذلك، بالإضافة إلى المنطقة اللوجستية في قناة السويس. كما تشعر مصر بقدر كبير من القلق من المشروع الإماراتي بمحاولة ربط السودان بطرق حديدية مع كل من أثيوبيا وتشاد في ظل التوتر في العلاقات بين مصر وأثيوبيا مؤخراً في مقابل العلاقات القوية بين الإمارات والحكومة الأثيوبية، وكان لدعم الإمارات للأخيرة دور كبير في انقلاب نتائج معاركها مع التيغراي لمصلحتها. وربما استشعرت الحكومة المصرية خطورة هذه المشروعات الإماراتية على علاقاتها بدول حوض النيل، والتي تحظى بوجود ضخم للاستثمار الإماراتي.
من ناحية أخرى، وجدت مصر نفسها محاصرة بالاضطرابات من كل الاتجاهات: السودان، ليبيا وغزة ما يؤدي إلى تحجيم وإضعاف دورها في محيطها العربي والأفريقي، ومثل هذه التوترات تصبّ في مصلحة الثلاثي المنافس للدور المصري (الإمارات – الكيان الصهيوني -تركيا).
لكنّ الموقف الذي قد يستفز مصر بدرجة كبيرة هو نجاح قوات "الدعم السريع" في الاستيلاء على المثلث الحدودي في العوينات (سلسلة جبلية)، والذي تلتقي عنده الحدود المصرية/السودانية/الليبية، وهي منطقة اقتصادية مهمة تحتوي على ثروات كالذهب والغرانيت والسانايت، وتوجد دراسات حول وجود خزان جوفي ضخم من المياه يمكن استغلاله في الزراعة، وهناك بالفعل مناطق شاسعة صالحة للزراعة في هذه المنطقة، وقد أقامت مصر مشروعات لاستغلالها كمشروع شرق العوينات الزراعي ومشروع للتغذية الكهربائية، كما تعدّ هذه المنطقة ممرات للتهريب سواء البضائع أو البشر، ومن المؤكد أن وجود قوات "الدعم السريع" في هذه المنطقة يهدد الأمن المصري.
تسعى الإمارات لخلق نفوذ إقليمي في أفريقيا عبر سلسلة من الموانئ اللوجستية، سواء مدنية أو عسكرية، بدءاً من جزيرة سقطري في اليمن وامتداداً إلى الصومال والقرن الأفريقي وحتى السودان، كما قامت شركة موانئ دبي العالمية في أكتوبر من العام الماضي بتوقيع اتفاق مع حكومة تنزانيا لاستئجار وتشغيل أربعة أرصفة في ميناء دار السلام من أصل 12 رصيفاً لمدة 30 عاماً، بقيمة 250 مليون دولار، وهو الميناء الذي يقدم خدمات للدول غير الساحلية في شرق أفريقيا وجنوبها المنتجة للنحاس ومعادن الطاقة الخضراء (الليثيوم، النيكل، الكوبالت، الجرافت...الخ)، بما يجعل الميناء بوابة بحرية لهذه الدول. في حال التأسيس لميناء أبو عمامة، فمن المؤكد أن الإمارات عبر هذه المجموعة من الموانئ سوف تقوم بالقضاء على تنافسية الموانئ الأخرى في مصر والسودان، ما يسهم في إضعاف دور الدولتين العربي والأفريقي، خصوصاً مصر، لمصلحة الدور الإماراتي.
لكنّ الأمر لا يتوقف على تهديد الدور المصري والاستقرار السوداني، فثمة اتهامات وجّهتها الجزائر إلى الإمارات بمحاولة تهديد أمنها، سواء الداخلي أو في محيطها الإقليمي، عبر تدخلاتها في كل من ليبيا ودول الساحل الأفريقي (النيجر، بوركينا فاسو ومالي) وصولاً حتى السنغال.
لقد اعتمدت الإمارات على تشاد، التي تربطها بها علاقات قوية للغاية، كقاعدة جيوسياسية للتوغل، سواء في ليبيا عبر دعم قوات الجنرال خليفة حفتر، أو في دول الساحل الأفريقي والتي شهدت مؤخراً انقلابات عسكرية معادية للوجود الفرنسي، وحريصة على علاقات خاصة مع روسيا، لكن الفراغ الذي تركه الفرنسيون وفشل الروس في الوجود بنفس بالمستوى نفسه بعد بدء معاركهم في أوكرانيا، ثم سقوط نظام البعث في سوريا، ساهم في خسائر كبيرة لهم في القارة الأفريقية حاولت الإمارات استغلالها عبر وسيلتين: الأولى، المساعدات المالية والأمنية التي قدمتها لهذا الدول. والثانية، خلق توتر في العلاقات بينها (أي دول الساحل الأفريقي) وبين الجزائر ما أدى إلى قيام هذه الدول بسحب سفرائها من الجزائر، وهو ما واجهته الجزائر بالمثل متهمة الإمارات بدور كبير في هذا التطور السلبي لعلاقاتها مع دول الجوار.
ويلتقي هذا النفوذ الإماراتي الاقتصادي والأمني في هذه المنطقة بالنفوذ المغربي المدعوم أميركياً كذلك، والذي يتخذ صورة الدعم الديني والتعاون الأمني، حيث يقوم المغرب بمحاولة نشر تصور صوفي للدين الإسلامي عبر دعم الطرق الصوفية المنتشرة في هذه المنطقة، ويتبنى التصوف السني الأشعري والمذهب الفقهي المالكي، كما يتعاون أمنياً مع هذه الدول لرصد وضع المجموعات المتطرفة في المنطقة. ويلقى المغرب دعماً إماراتياً في مشروع خط الغاز النيجيري، والذي من المتوقع أن يمر بدول الساحل الأفريقي، لكن كانت هناك منافسة بين المغرب والجزائر حول نقطة النهاية لهذا الخط على البحر المتوسط قبل أن يتجه إلى أوروبا، ويبدو أن الدعم الثلاثي (أميركا، الكيان الصهيوني والإمارات) للمغرب قد حسم الأمور لمصلحته.
هنا، يمارس التوغل الإماراتي الحصار نفسه حول الجزائر كما مارسه مع مصر. لكن، ما يضاف إلى الوضع الجزائري هو التهديد الصهيوني العلني الموجّه إليها خاصة مع ما كشفته بعض التقارير عن استشهاد ضباط جزائريين في الاعتداء الصهيوني على الجمهورية الإسلامية في إيران، ما أشار إلى وجود تعاون عسكري وأمني وتكنولوجي بين البلدين في مجالات الدفاع والطيران المسير، يبدو أنه صار أكثر قوة بعد تنبّه الجزائريين لما يحيطهم من تهديدات، وفي الوقت نفسه محاولة إيران تعويض اضطرارها للخروج من سوريا عبر تعاون مع الجزائر كدولة معروفة بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية ورفضها التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني.
إذاً، تسعى الإمارات كوكيل عن الأميركيين إلى السيطرة على القارة الأفريقية، وكداعم للوجود الصهيوني في القارة، عبر شبكة كبيرة من الموانئ المحيطة بأفريقيا عموماً، والتي تقترن بعلاقات اقتصادية في مجالات الزراعة والأمن والمعادن الثمينة، ما منحها القدرة على التأثير في الأوضاع الأفريقية، كما سبقت الإشارة في أثيوبيا، بالإضافة إلى دوره في الضغط على الحكومة السودانية للقبول بعلاقات مع الكيان الصهيوني وهو ما لم يتم بشكل فعلي بعد نشوب الحرب بين الجيش و"الدعم السريع".
أما الدور الأبرز فتمثل في معاهدة السلام التي جرت تحت رعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين الكونغو ورواندا، والتي تنهي الصراعات في منطقة شرق الكونغو الديموقراطية وتؤمن لكل من الإمارات والولايات المتحدة سلاسل إمداد مستقرة للمعادن الحيوية التي تحظى بها هذه المنطقة كالكوبالت والليثيوم والقصدير، وقد برزت الحاجة الضرورية إلى هذا الاتفاق بعد أن قررت شركة IRH الإماراتية (بحسب بلومبرغ) شراء حصة في مجمع "بيسي" الكونغولي الذي تديره شركة "ألفامين" لإنتاج القصدير والذي يوجد في المنطقة المتنازع عليها في شرق الكونغو في سنة 2024. ولم يكن غريباً أن الاستثمار الإماراتي في كلا البلدين يشهد توسعاً كبيراً في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بالنسبة إلى الكونغو والتي تعدّ الشريك التجاري الثاني عشر لدولة الإمارات ضمن الدول الأفريقية غير العربية في سنة 2022، وبلغ حجم التجارة بينهما قبل توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في أبريل الماضي 3.1 مليار دولار، أما رواندا فالإمارات هي الشريك التجاري الأول لها وتحظى بنسبة 50% من صادراتها.
ومن الغريب أن مثل هذه المشروعات الإماراتية، والتي تلتقي مع تصاعد النفوذ الهندي في الخليج وشرق أفريقيا (وهما يرتبطان بعلاقة شراكة استراتيجية)، لم تجد مواجهة حقيقية من قبل الصين وروسيا، بالرغم من أنها تصب في محاولة تقليص النفوذ الصيني الاقتصادي والدور الروسي العسكري، في مقابل الدور الأميركي، بل يبدو أن كليهما لم يجد مشكلة مع المسعى الإماراتي نظراً للعلاقات القوية بين الإمارات والدولتين. لكن، في المقابل، يبدو أن الدور الإماراتي في كل من مصر والسودان والجزائر والساحل الأفريقي مؤخراً بدأ يثير ريبة الروس والصينيين معاً، فيما تمكن الإيرانيون من تسجيل خرق في المشروع الإماراتي عبر العلاقات التي أقامتها في السودان ودعمها للجيش، وهو ما أسهم في تحسين علاقاتها مع مصر مؤخراً.
يبقى التأكيد أن هذا الصراع الهادئ حتى الآن حول القارة الأفريقية ليس بعيداً من الصراع الحالي بين أميركا وحلفائها، وبين الدول الرافضة للهيمنة الأميركية، سواء في أوكرانيا أو إيران ولبنان وغزة، بل ربما كانت أفريقيا هي موضع الصراع الأكثر تأثيراً لترجيح كفة أحد التحالفين. لكن هذا الهدوء من المؤكد أنه لن يستمر طويلاً، إذا صدقت التهديدات الصهيونية التي وجّهت إلى الجزائر، وعدّتها نسخة أخرى من إيران في أفريقيا، واحتمالات تعرضها لضغوط أميركية وأوروبية، وهو ما قد يشتعل سريعاً بعد الفشل الأميركو-صهيوني في إخضاع إيران، وفي هذه اللحظة قد يتخذ الصراع صورة مغايرة تماماً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فورين بوليسي": لماذا قد تفرض واشنطن على البرازيل رسوماً جمركية أعلى من أي دولة أخرى؟
"فورين بوليسي": لماذا قد تفرض واشنطن على البرازيل رسوماً جمركية أعلى من أي دولة أخرى؟

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

"فورين بوليسي": لماذا قد تفرض واشنطن على البرازيل رسوماً جمركية أعلى من أي دولة أخرى؟

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً يتناول الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والبرازيل على خلفية تهديد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 50% على الواردات البرازيلية، وما لذلك من تداعيات سياسية واقتصادية ودبلوماسية عميقة. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: ما لم يتم التوصل إلى حل تفاوضي في اللحظة الأخيرة، من المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية البالغة 50% التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الواردات البرازيلية حيز التنفيذ يوم الجمعة 1 آب/أغسطس. وفي حال تطبيقها، ستكون هذه الرسوم الجمركية الأعلى مقارنةً بأي دولة أخرى، وهو تطور ملحوظ بالنظر إلى أن البرازيل نجت من عواقب وخيمة في "يوم التحرير" الذي فرضه ترامب في نيسان/أبريل برسوم جمركية بلغت 10% فقط، ولم تحظَ باهتمام يُذكر من البيت الأبيض حتى وقت قريب. وحتى الآن، لم تُسفر الجهود البرازيلية للتفاوض مع الحكومة الأميركية عن أي نتائج تُذكر. وقد سافر تحالف من أعضاء مجلس الشيوخ البرازيليين من الحزبين مؤخراً إلى واشنطن العاصمة لعرض قضيتهم على إدارة ترامب، لكن فرص التوصل إلى حل وسط تتضاءل. بغض النظر عما إذا كانت الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ، فإن هذه الحلقة من المقرر أن تعيد تشكيل العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والبرازيل بشكل جذري. إنها تشير إلى أنّ برازيليا فقدت نفوذها في واشنطن لمصلحة شخصيات معارضة برازيلية مثل إدواردو بولسونارو، الذي ساهم في عداء عميق الجذور في الإدارة الأميركية تجاه الحكومة البرازيلية. علاوة على ذلك، فإن هجوم ترامب على البرازيل يثبت أنه لا يحمل قناعات انعزالية، بل هو في الواقع، أوضح مثال حتى الآن على تعزيز الاستبداد. وأخيراً، فإن تدخل ترامب الصريح في البرازيل سيدفع القطاعين العام والخاص إلى تقليل الاعتماد على واشنطن. وحتى لو انتهى الأمر بالبرازيل إلى تقديم تنازلات، فإن استراتيجية ترامب حطمت قابلية التنبؤ الأميركية وموثوقيتها في نظر البرازيليين، ومن المؤكد أنها ستقلل من نفوذ الولايات المتحدة في البلاد، وفي أميركا الجنوبية، إذا كان جيرانها يولونها اهتماماً وثيقاً. في رسالة ترامب التي هدد فيها بفرض الرسوم الجمركية، والتي نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي في 9 تموز/يوليو، تم إلقاء سلسلة من الاتهامات ضد البرازيل: أولاً، أنّ الإجراءات القضائية ضد الرئيس السابق جايير بولسونارو بشأن محاولة الانقلاب في 8 كانون الثاني/يناير 2023، هي "حملة شعواء". ثانياً، أنّ الرقابة التي فرضتها المحكمة العليا البرازيلية على شركات التكنولوجيا الأميركية تنتهك حقوق الأميركيين في حرية التعبير. وأخيراً، أنّ البرازيل كانت تدير علاقة تجارية غير عادلة مع الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرات ثمانية من أصل 11 قاضياً في المحكمة العليا البرازيلية بسبب "اضطهادهم" بولسونارو ورقابة الأميركيين. كما بدأ الممثل التجاري للولايات المتحدة تحقيقاً في ممارسات تجارية برازيلية غير عادلة بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، ما أدى إلى تعميق الخلاف بين أكبر ديمقراطيتين في نصف الكرة الغربي. وادعى الرئيس الأميركي أنّ التعرفة الجمركية بنسبة 50% ضرورية لتسوية المنافسة بين البلدين، لكن هذا الادعاء كان غير صحيح بشكل أساسي: فالولايات المتحدة تحقق فائضاً تجارياً مع البرازيل، ولن تؤدي التعرفة الجمركية المرتفعة إلا إلى جعل العلاقة التجارية غير متكافئة أكثر، مع تعريض أكثر من مئة ألف وظيفة في البرازيل للخطر وجعل الواردات البرازيلية الشائعة، مثل القهوة وعصير البرتقال، أكثر تكلفة للمستهلكين الأميركيين. 31 تموز 09:49 30 تموز 10:29 وقد أحدث تهديد ترامب، كما كان متوقعاً، تأثيراً قوياً في البرازيل، وهي دولة ذات ذاكرة حية للتدخلات الأميركية خلال القرن الماضي. وقد ندد عدد لا يحصى من السياسيين البرازيليين بالتهديدين الأولين باعتبارهما هجوماً وقحاً على سيادة البرازيل ومؤسساتها الديمقراطية. ووصف الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التهديدات بأنها "ابتزاز غير مقبول في شكل تهديدات للمؤسسات البرازيلية". وفي التجمعات السياسية، قال لولا دا سيلفا إنّ "تدخل دولة في السلطة القضائية لدولة أخرى أمر غير مقبول وينتهك المبادئ الأساسية للاحترام والسيادة بين الدول". ومن المؤكد أنّ العلاقات الثنائية ستتدهور بشكل كبير إذا أدين بولسونارو وسجن في الأشهر المقبلة، كما هو متوقع على نطاق واسع. يرى ترامب في المشهد السياسي البرازيلي انعكاساً لتجربته مع بولسونارو، فكلاهما شكّك في نزاهة الانتخابات ورفض الاعتراف بالهزيمة، ما أدى إلى اقتحام أنصارهما للمباني الحكومية في واشنطن (2021) وبرازيليا (2023)، وهما يشتركان في عداء لبايدن الذي هزم ترامب وضغط لمنع انقلاب بولسونارو. كما يتقاطع أنصارهما في مواقفهم المناهضة لـ"اليقظة" و"العولمة" و"الدولة العميقة"، ما يجعل تطبيع العلاقات بين البلدين مستبعداً ما دام لولا وترامب في الحكم. وراء الخلافات السياسية، تؤدي المصالح الاقتصادية دوراً بارزاً، إذ يشكّل نظام الدفع البرازيلي المجاني "Pix" تهديداً لشركات البطاقات الأميركية، كما تدفع القيود التي فرضتها المحكمة العليا البرازيلية على شركات التواصل الاجتماعي تلك الشركات للضغط على ترامب لمساعدتها في تفادي الخسائر الناتجة عن تشديد الرقابة على المحتوى. تدخل ترامب في الشأن البرازيلي يعكس نمط تدخلات إدارته الثانية في العالم، رغم وعوده بسياسة خارجية أقل انخراطاً، فدعمه لبولسونارو وانتقاداته وتشجيعه لقوى استبدادية تكشف أنّ الإدارة الحالية لا تدافع عن الديمقراطية، بل تميل إلى ترويج الاستبداد. تكشف الأزمة الثنائية أيضاً أن حكومة لولا فشلت في التواصل بشكل استباقي مع إدارة ترامب خلال الأشهر الستة الماضية. وقد ملأت شخصيات معارضة برازيلية مرتبطة ببولسونارو هذا الفراغ بسعادة، راسمةً روايةً مشوهةً للغاية تُصوّر لولا والمحكمة العليا كجزء من نظامٍ يزداد استبداداً. منذ عودة ترامب إلى الرئاسة، لم يزر البيت الأبيض أي ممثل رفيع المستوى للحكومة البرازيلية، فيما انخرط إدواردو بولسونارو، المقيم حالياً في الولايات المتحدة، في جهود ضغطٍ مُمنهجة. على المديين المتوسط والطويل، يمكن للبرازيل أن تتعلم من الاستراتيجيات الدبلوماسية الأخرى التي تنتهجها دولٌ مثل المكسيك وكولومبيا و"إسرائيل"، التي لطالما حافظت على جماعات ضغط نشطة في واشنطن. ولعل أفضل مثال على ذلك هو الهند، العضو في مجموعة "بريكس"، التي حشدت الجالية الهندية في الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الأميركية للموافقة على الاتفاق النووي المدني الأميركي الهندي لعام 2006. وسيتطلب ذلك تعزيز وجود دائم في العاصمة الأميركية، يشمل حوارات أوسع نطاقاً، ليس فقط مع البيت الأبيض، بل أيضاً مع الكونغرس وجمعيات الأعمال ومراكز الأبحاث، في محاولة لصياغة جدول الأعمال كلما توجه الحديث في واشنطن إلى البرازيل. وأخيراً، لم تنتج استراتيجية ترامب تأثير "كارني" في البرازيل فحسب (جعل الحكومة أكثر شعبية، مع إضعاف المعارضة الموالية لـ"جعل أميركا عظيمة مرة أخرى")، بل إنها ستقلل بشكل حتمي تقريباً من نفوذ الولايات المتحدة في البرازيل على المدى الطويل، بغض النظر عن نتيجة مفاوضات التعرفات الجمركية: يدرك الدبلوماسيون وجمعيات الأعمال والجيش أنهم يجب أن يتحوطوا وينوعوا مصادر دخلهم ويقللوا من اعتمادهم على واشنطن من خلال السعي إلى علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي والصين والاقتصادات في الشرق الأوسط، فضلاً عن شركاء جدد مثل الهند وإندونيسيا. في النهاية، قد تُحقق تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية عكس ما هو مُراد لها. بدلاً من إجبار البرازيل على الخضوع، حفّزت هذه التهديدات المقاومة الوطنية، وقوّضت الأصوات المؤيدة للولايات المتحدة، وكشفت عن مخاطر الاعتماد المفرط على شريك متقلب. بالنسبة إلى البرازيل، الدرس واضح: السيادة والاستقرار على المدى الطويل يتطلبان سياسة خارجية أكثر تنوعاً. أما بالنسبة إلى واشنطن، فقد يكون من الصعب إصلاح الضرر. وحتى لو تم تهدئة هذه الأزمة تحديداً، فإن الانطباع السائد بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام قوتها الاقتصادية لتصفية حسابات شخصية أو أيديولوجية قد يستمر إلى ما بعد الإدارة الحالية، ما يُضعف الثقة بها ليس في برازيليا فحسب، بل في جميع أنحاء أميركا اللاتينية أيضاً. نقلته إلى العربية: بتول دياب.

الخارجية السورية: لقاء بوتين والشيباني يطلق مرحلة جديدة من التفاهم بين البلدين
الخارجية السورية: لقاء بوتين والشيباني يطلق مرحلة جديدة من التفاهم بين البلدين

الميادين

timeمنذ 4 ساعات

  • الميادين

الخارجية السورية: لقاء بوتين والشيباني يطلق مرحلة جديدة من التفاهم بين البلدين

قالت وزارة الخارجية السورية إنّ اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أطلق مرحلة جديدة من التفاهم السياسي والعسكري بين البلدين القائم على "احترام سيادة سوريا ودعم وحدة أراضيها". وقالت الوزارة لقناة "الإخبارية" السورية اليوم الخميس، إن اللقاء الذي عقد في موسكو "تاريخي"، معتبرةً أنّه يمثّل مؤشراً سياسياً قوياً على بدء مسار إعادة العلاقات السورية الروسية بما يعزّز التوازن الإقليمي ويخدم تمكين الدولة السورية. 31 تموز 31 تموز وتحدّثت الوزارة عن تفاصيل اللقاء، إذ أوضحت أنّ بوتين شدد على رفض روسيا القاطع لأي تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا، وأكد التزام موسكو بدعمها في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار. بدوره، أكد الشيباني "التزام سوريا بتصحيح العلاقات مع روسيا على أسس جديدة تراعي مصالح الشعب السوري وتفتح آفاق شراكة متوازنة". وشدد على التزام سوريا بـ"حماية جميع أبنائها بمختلف مكوناتهم وعلى ضرورة معالجة إرث النظام السابق، سياسياً وبنيوياً بما يخدم مستقبل البلاد". وحذّر الشيباني من التدخلات الإسرائيلية التي تدفع البلاد نحو الفوضى، بينما تؤكد دمشق أن "أبوابها مفتوحة لكل من يحترم سيادتها ووحدتها ويحافظ على أمنها واستقرارها". وكان الشيباني التقى اليوم بوزير الخارجية سيرغي لافروف الذي أبدى استعداد بلاده لتقديم كل الدعم للشعب السوري، فيما قال وزير الخارجية السوري إن بلاده "مهتمة بوجود روسيا إلى جوارها في عملية استعادة بناء سوريا موحدة وقوية".

وزارة الخارجية السورية: اللقاء الروسيّ السوريّ خطوة نحو مرحلة جديدة قائمة على احترام السيادة
وزارة الخارجية السورية: اللقاء الروسيّ السوريّ خطوة نحو مرحلة جديدة قائمة على احترام السيادة

LBCI

timeمنذ 6 ساعات

  • LBCI

وزارة الخارجية السورية: اللقاء الروسيّ السوريّ خطوة نحو مرحلة جديدة قائمة على احترام السيادة

أكد اللقاء بين الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين ووزير الخارجية السوريّ أسعد حسن الشيباني انطلاق مرحلة جديدة من التفاهم السياسيّ والعسكريّ بين البلدين، قائمة على احترام السيادة السورية ودعم وحدة الأراضي السورية، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام في وزارة الخارجية السورية. وقالت إدارة الإعلام في وزارة الخارجية في بيان إنّ الرئيس بوتين شدّد على رفض روسيا القاطع لأيّ تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا. وشدّد على التزام موسكو بدعم سوريا في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار. وأوضحت إدارة الإعلام أنّ وزير الخارجية الشيباني أكّد التزام سوريا بتصحيح العلاقات مع روسيا على أسس جديدة تراعي مصالح الشعب السوريّ وتفتح آفاق شراكة متوازنة. كما أوضحت أنّ سوريا شددت خلال اللقاء على التزامها بحماية أبنائها بمختلف مكوناتهم، وعلى ضرورة معالجة إرث النظام السابق، سياسيًا وبنيويًا، بما يخدم مستقبل سوريا. واعتبرت الإدارة أنّ اللقاء يمثّل مؤشرًا سياسيًا قويًّا على بدء مسار إعادة العلاقات السورية الروسية بما يعزز التوازن الإقليمي ويخدم تمكين الدولة السورية. وحذّرت سوريا من التدخلات الإسرائيلية التي تدفع البلاد نحو الفوضى، مؤكّدة أنّ أبوابها مفتوحة لكل من يحترم سيادتها ووحدتها ويحافظ على أمنها واستقرارها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store