
عبد الحميد بن باديس: ثائرُ عصره
تحتفل الجزائر منذ عام 1976 بيوم العلم، وقد ارتبط إحياء هذا اليوم بوفاة رائد النهضة الجزائرية الإمام والمصلح والسياسي والصحافي والأستاذ عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
في أعقاب قيام الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله بالانقلاب على الرئيس بن بلة رحمه الله في ما عرف بالتصحيح الثوري في التاسع عشر من يونيو جوان 1965 قام العقيد بومدين وزير الدفاع ونائب الرئيس حينها بتعيين الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي المختص أصلا في الطب العام وزيرا للتربية الوطنية .
ويعد الدكتور طالب من بين المفكرين الجزائريين الذين تولوا عديد المناصب خلال عهدي الرئيسين الراحلين هواري بومدين والشاذلي بن جديد قبل أن يترشح ضد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
والدكتور طالب هو نجل الشيخ البشير الإبراهيمي أحد علماء الجزائر الكبار وخطبائها المفوهين، ثم إنه واحد من أبرز ما يعرف بعلماء الإصلاح إذ أنه بعد وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس في السادس عشر أفريل 1940 كان الشيخ البشير الإبراهيمي هو من خلف بن باديس.
بعد فترة من تعيين الدكتور طالب على رأس وزارة التربية دعاه الرئيس بومدين إلى مكتبه، ودار بين الرئيس الراحل وبين وزيره للتربية الوطنية نجل الشيخ البشير الإبراهيمي الصديقُ الحميم للعلاَّمة عبد الحميد بن باديس حوار.
سأل الرئيس بومدين خلاله الوزير قائلا: كيف نحتفي بيومٍ يُعيد لنا أبعاد الهوية الوطنية في مكوناتها الثلاثية الأبعاد؟
ويوضح الدكتور أحمد طالب في الجزء الثاني من كتابه:'مذكرات جزائري.. هاجس البناء' أنه في ظل ذلك الجو فتح الرئيس بومدين ذات يوم نقاشا داخل الحكومة حول الموضوع وراح يقول في إحدى الجلسات:
'إن الإنسان المتعلم لا يمكن استعباده، كما أنه من المستحيل إخضاعُ شعبٍ يَغْرفُ من مناهل المعرفة، لذلك فإنه لأَمرٌ رشيد أن نُقيم يومًا للعلم نحتفل به كل عام في المؤسسات المدرسية، وفي الأوساط الإعلامية من أجل أن نُذكِّر الجزائريين بمحاسنِ العِلْم'.
ويوضح الدكتور طلب في نفس الكتاب ص 45 و46، أن الرئيس بومدين طلب منه أن يقترح يوما لذلك، فاقترح عليه الدكتور طالب يوم الـ16 أفريل 1940 الذي يصادف يوم وفاة ابن باديس، ذلك أن الدكتور طالب كما أوضح لي شخصيا كان تلك الفترة لا يعرف تاريخ ميلاد الشيخ عبد الحميد بن باديس.
وخلال اتصالٍ هاتفي مع الدكتور يوم 8 أفريل 2020 أوضح لي الدكتور الإبراهيمي أن الرئيس بومدين رحمه الله قد وقَّع فعلا لاحقا عام 1976 على نص ذلك المرسوم الرئاسي الذي يقر الـ16 أفريل يوما وطنيا للعلم وهذا بعد مضي عشرة أعوام من ذلك النقاش، مع العلم أن ابن باديس ولد يوم الأربعاء 4 ديسمبر 1889 وتُوفي يوم الثلاثاء 16 أفريل 1940.
بن باديس شخصية استثنائية
ما من شكّ أن المتتبِّع لمسيرة رائد النهضة الجزائرية الشيخ عبد الحميد بن باديس منذ مرحلة طفولته يشهدُ له بالاستقامة والأخلاق الحميدة وبسمو النفس وبالنبوغ والتميز.
لقد برزت أفكار هذه الشخصية الاستثنائية لاستنهاض همم الجزائريين في وقت كادت فيه القوة المحتلة تشجع على الخرافات وأعمال الشعوذة وسط الجزائريين بفعل سياسة التجهيل التي اتبعها الاحتلال لتخدير عقول الجزائريين وتنويمهم لتُبقيَ فرنسا هذه الأرض تحت سيطرتها إلى الأبد، ولتبقى الجزائر جنَّتها الموعودة .
وهكذا راح بن باديس ورفاقه يرفعون شعار: من أجلهما أَعيش: الجزائر والإسلام.
ما من شك أن المتتبع لمسيرة رائد النهضة الجزائرية الشيخ عبد الحميد بن باديس منذ مرحلة طفولته يشهدُ له بالاستقامة والأخلاق الحميدة وبسمو النفس والنبوغ، ناهيك عن الشجاعة ووضوح الفكر التي مَّيزته عن الكثير من أترابه وزملائه في الدراسة .
اهتم به والده سي مصطفى رحمه الله منذ صغره فأدخله ليحفظ القرآن الكريم عند الشيخ محمد المدَّاسي، وهو واحدٌ من أشهر مقرئي مدينة قسنطينة في تلك الفترة، ثم أصبح عبد الحميد تلميذا لدى العالم الكبير الشيخ حمدان لونيسي .
وقد كان الشيخ لونيسي رحمه الله من أشهر علماء الجزائر في تلك الفترة، قبل أن يُضطر إلى الهجرة خارج الوطن بسبب المضايقات التي طالته من الاستعمار وأذنابه، خصوصا بعد أن دخل في خلافات مع مفتي قسنطينة المعيَّن من طرف سلطات الاحتلال في تلك الفترة.
وقد استقر الشيخ حمدان لونيسي، وهو من نفس العائلة التي تنتمي لها الوزيرة السابقة والكاتبة زهور ونيسي منذ 1908 إلى غاية وفاته في 1920 بالمدينة المنورة مُدرِّسًا وخطيبا بالمسجد النبوي.
لقد اكتشف الشيخ حمدان لونيسي نبوغ الشاب عبد الحميد بن باديس، ولذلك فإنه راح يقرَّبهُ إليه، ويُشجِّعه على تحصيل العلم، إذ كان يتركه قبل أن يكمل سن الُثالثة عشر يَؤمُّ المصلين في شهر رمضان الكريم خصوصا .
وفي الرواية التي تضمنت سيرة الراحل عبد الحميد بن باديس تحت عنوان :'من أجلهما عشت' وهي عمل تاريخي وإبداعي ضخم من 576 صفحة للصديق الروائي الدكتور أحمد منوّر الذي يعيش حاليا بكندا، يشير الكاتب إلى أن روايته تتضمن كثيرا من الحقائق لم يجرِ التطرقُ لها سابقا من قِبل العديد من الكُتَّاب الذين تناولوا حياة وفكر عبد الحميد بن باديس، ومن بينهم الدكتور عمار طالبي، والدكتور تركي رابح، والدكتور ناصر الدين سعيدوني، والسيدة زهور ونيسي، والدكتور عبد العزيز فيلالي وغيرهم ممن تناولوا حياة وفكر ابن باديس، وتتعلق هذه الحقائق الموثقة حسب الدكتور مَنُّور ببعض الجوانب الخفية من حياة هذه الشخصية العظيمة .
زواجٌ لم يدم طويلا
لقد تحدث كثير ممنْ سردوا سيرة ابن باديس عن أن زواجه من ابنة عمه 'يامنة' والذي وقع قبل توجهه إلى تونس للدراسة، لم يكن موفقا خصوصا بعد الفاجعة التي ألمّت بابن باديس في وفاة ابنه إسماعيل الذي كان والده يُطلق عليه اسم محمد عبدو نظرا لتأثر ابن باديس بالشيخ محمد عبده الذي زار قسنطينة في عام 1903 .
إذ خلال تلك الزيارة قام الشيخ حمدان لونيسي بتقديم عبد الحميد للشيخ عبده بعد أن طلب من عبد الحميد آنذاك عقب درس ألقاه الشيخ محمد عبده بأحد مساجد قسنطينة أن يُجوّد القرآن أمامه، وهو ما جعل الإمام محمد عبده يُعجب بطريقة تجويد الطفل بن باديس ويتمنى له النجاح والتوفيق .
وعقب تلك الفاجعة التي تمثلت في موت نجل ابن باديس إسماعيل، الذي لم يكن قد تجاوز سن الـ12 بعد حتى راحت زوجة الشيخ عبد الحميد بن باديس تُحمِّلُ زوجها مسؤولية موت ابنهما بتلك الطريقة المأساوية التي انتهى إليها الطفل، ذلك أن الطفل إسماعيل توجَّه ذات يوم إلى المزرعة العائلية كما كان يفعل عادة مع جده أو أبيه، وأمسك ببندقية جده وراح يعبث بها الأمر الذي أدى إلى خروج رصاصات طائشة خطأً لتخترق جسد الطفل وتُرديه قتيلا، مما أحدث فاجعة وحزنًا كبيرا لدى العائلة وخاصة لوالديْ الطفل.
وقد أدّت هذه الفاجعة إلى أن تسوء العلاقة بين الزوجين المفجوعين في ابنهما، مما اضطر الشيخ عبد الحميد إلى تطليق زوجته مبكرا.
ويذكر الدكتور منوَّر أنه أثناء دراسة ابن باديس للقرآن في مرحلة شبابه المبكر لدى الشيخ محمد المداسي وقبل زواجه من ابنة عمه، كانت إحدى بنات شيخه المداسي تقوم بتدريس البنات في نفس المسجد الذي كان يدرِّس فيه الشيخ المداسي .
طالب في تونس..
كانت رغبة الطالب عبد الحميد بن باديس أن يستكمل دراسته في جامع الزيتونة الذي كان يُطلَقُ عليه في تلك الفترة 'الجامع الأعظم'، وهكذا، وبتشجيعٍ من شيخه حمدان لونيسي وبدعمٍ من والده سي مصطفى قصد عبد الحميد تونس عام 1910 .
كانت الدراسة تتطلب منه سبعة أعوام كاملة لنيل شهادة التطويع، وهي أعلى شهادة كان يمنحها جامع الزيتونة للطلبة المنتسبين له، ولكن الجدية التي تميز بها والاجتهاد الذي أبداه الطالب عبد الحميد وحِدَّةُ الذكاء والنبوغ الذي كان يتميز به أهَّلته ليختصر الدراسة في ثلاثة أعوام فقط، إذ أن من بين الـ60 طالبا الذين كانوا في دفعته لم ينجح منهم سوى 13 وكان عبد الحميد بن باديس المتفوق الأول في تلك الدفعة الزيتونية.
كان من بين أبرز الأساتذة الذين درس عندهم في الزيتونة الشيوخ :
ــ محمد النخلي الأستاذ البارز في علم التفسير.
ــ الطاهر بن عاشور الأستاذ البارز في الأدب العربي .
ــ البشير صفر الأستاذ المتبحّر في التاريخ والذي فتح عيني الطالب عبد الحميد على كثير من الحقائق الوطنية وجعله يعشق مادة التاريخ ويتعرف على ماضي وأمجاد وطنه.
وقد مكَّنَ هذا التفوقُ الدراسي للطالب المتخرج عبد الحميد من أن تمنحه إدارة جامع الزيتونة كرسيَّ التدريس بجامع الزيتونة، إذ مكث مدة عام مدرِّسا بجامع الزيتونة قبل العودة إلى الجزائر.
لم يكن عبد الحميد خلال وجوده بتونس يكتفي بالدراسة فقط، بل كان يتابع النشاطات المختلفة الثقافية والسياسية، كما ربطته علاقاتٌ وطيدة مع العديد من الشخصيات في عالم الفكر والمعارف والسياسة، ومن بينهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي الجزائري الأصل والمؤسس الأول للحزب الدستوري التونسي، ومحمد لخضر بن الحسين وهو من أصل جزائري ولد بتونس.
وقد كان الشيخ محمد بن لخضر يُدَرِّسُ كمتطوع في جامع الزيتونة إلى جانب إصداره لأول مجلة بتونس في تلك الفترة، وهي مجلة 'السعادة العظمى'، وهذا قبل توجهه لاحقا إلى عدة عواصم عربية وإسلامية قبل أن يستقر به المقام في القاهرة التي برز فيها كواحد من أهم العلماء في الأزهر، إذ تولى مشيخة جامع الأزهر في الفترة الممتدة ما بين 1952ــ 1954 تاريخ استقالته من هذا المنصب.
ابن باديس متعدد المواهب
من الصعب على مَنْ يَدرس شخصية بن باديس أن يحصر موهبته في جانب دون آخر .
هل يمكن أن نحصره في دور المربّي والأستاذ؟ أم نحصره في دور الصحافي؟ أم نحسبه على الوطني السياسي والعالم وصاحب الفكر المستنير؟ أم نحسبه من المفكرين والمصلحين والدعاة؟ أم نحسبه إماما رائدا من رواد نهضة هذه الأمة وداعيا إلى يقظتها في وقتٍ كانت فيه الشعوذة والدَّجل تركب هذه الأمة بعد أن قام الاستعمار بمختلف الأساليب للقضاء على الشخصية الجزائرية وبث الجهل والتفرقة في النفوس وتشجيع المشعوذين وأصحاب الطرقية .
عاد الشاب العالم عبد الحميد بن باديس ذو الـ23 ربيعا لأرض الوطن عام 1912 متوَّجا بشهادة التطويع، وكانت عودته حدثا كبيرا في الشارع القسنطيني، فقد أقيمت الأفراح في بيت آل باديس، وزغردت النساء وأطلِق البارود فرحا بالعالِم العائد.
وقد صادفت عودته إلى قسنطينة حلول شهر رمضان، فانكبّ العالم الشاب في البداية على المكوث كامل اليوم تقريبا في المسجد لقراءة القرآن والتعمق في التفسير، مع أداء صلاة التراويح بالمصلين .
وفي النصف الثاني من شهر رمضان كلّفه مفتي قسنطينة المولود بن الموهوب بتقديم درسٍ يومي في الوعظ والإرشاد قبل صلاة المغرب من كل يوم .
كانت طريقته الجديدة محفِّزة وملفتة لانتباه الشباب خصوصا، إذ لم تكن مثل دروس سابقيه من الشيوخ التي كانت تتميز بالرتابة والإطناب المملّ وكانت بعيدة عن قضايا المجتمع ولا تتفق مع روح العصر.
اختار الشيخ الشاب -إن صح التعبير- المواضيع ذات العلاقة بالحياة اليومية للمواطن، مما جعل الإقبال على تلك الدروس وعلى المسجد عموما يتزايد كل يوم، الأمر الذي أكسبه سمعة كبيرة في مدينة قسنطينة والجهات المجاورة لها، إذ سرت سمعته على ألسنة الناس بسرعة كبيرة، كما أن العديد من المصلين قد هجروا بعض المساجد وانضموا للمسجد الذي كان يلقي فيه بن باديس دروسه المشوقة التي نأى فيها بنفسه في بداية الأمر عن السياسة عن قصد حتى لا يوقفه المفتي عن الدروس مثلما فعل من قبلُ مع شيخه الجليل حمدان لونيسي.
لكن تلك العلاقة لم تطل بينه وبين المفتي الذي كان يتصيد أي 'انحراف' في دروس وخطب ابن باديس من شأنها أن تسيء إلى المستعمِر.
وفي إحدى الأمسيات كان الشيخ الشاب يشرح قوله تعالى :
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم)..
وعندما سُئل عن المقصود من أولي الأمر منكم؟ أجاب على سؤال أحد الحضور بأن تلك الطاعة تعني فقط الحكام المسلمين دون غيرهم، مما جعل أصوات المصلين ترتفع بالتكبير والتهليل، وهو ما أدى بمفتي قسنطينة، بعد نقاش مع ابن باديس، إلى إيقاف الأخير عن تقديم الدروس.
لكن عبد الحميد قدِم في اليوم الموالي إلى ىالمسجد لإلقاء درسه المعتاد ،وبمجرد أن صعد إلى المنبر لإلقاء الدرس حتى أُطفِئت الأضواء بأمرٍ من المفتي، وكانت تلك هي القطيعة النهائية مع ذلك المفتي.
لقاؤه مع أستاذه لونيسي
أصبح بن باديس بعد تلك الواقعة مع مفتي قسنطينة المولود بن الموهوب عاطلا عن العمل، ولمواجهة هذا الوضع قرَّر أن يتوجه إلى البقاع المقدسة للحج ثم القيام بجولةٍ في بعض بلدان المشرق العربي لطلب المزيد من العلم ونيل إجازات علمية .
وهكذا سافر عام 2013 بحرًا، وكله شوق لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة والمسجد الأقصى وجامع الأزهر.
في مدينة رسول الله صلى الله عليهسلم أقام عبد الحميد في فندق يُطلق عليه 'الأمير'.. ولما التقى صاحبَ الفندق أخبره أنه من أصل جزائري ويُدعى محمد الجزائري وأن أباه كان واحدا من المجاهدين الذين خاضوا المقاومة مع الأمير عبد القادر، وأنه قد استقرّ به المقام بالمدينة المنورة التي بنى بها ذلك الفندق تيمُّنًا باسم الأمير عبد القادر .
كان بن باديس يتشوق لرؤية شيخه حمدان لونيسي الذي كان قد استقر بالمدينة المنورة قبل خمسة أعوام، ويلقي دروسه اليومية في الحرم النبوي غير بعيد عن ذلك الفندق، وهكذا توجّه عبد الحميد إلى المسجد وجلس في الصف الأمامي قبالة شيخه الذي ما إن أنهى دروسه حتى هرع إليه تلميذه معانقا إياه .
كان ذلك اليوم من أجمل الأيام في حياة الأستاذ وتلميذه .
لقاء الإبراهيمي
في اليوم الموالي لوجود عبد الحميد بن باديس بالمدينة المنورة راح أستاذه حمدان لونيسي يقدِّم له شابا جزائريا كان في نفس سنه تماما وهو محمد البشير الإبراهيمي الذي كان يقيم مع والده بالمدينة المنورة.
ووجد عبد الحميد بن باديس نفسه منذ أول له لقاء له مع البشير الإبراهيمي الأنيس والصديق الجديد، وأصبح يلازمه في جولاته وزياراته لمختلف المعالم الدينية بالمدينة، كما انضمّ إليهما لاحقا الطيب العقبي الذي كان هو الآخر خلال تلك الفترة مقيما بالمدينة المنورة .
كانت النصيحة التي قدّمها الأستاذ حمدان لونيسي لتلميذه عبد الحميد أن يبقى في المدينة المنورة مدرِّسا في الحرم الإبراهيمي، وألاَّ يعود إلى الجزائر حتى لا يتعرَّض لمكائد المستعمِرين وأذنابهم مثلما وقع لهما معًا مع مفتي قسنطينة المولود بن الموهوب، لكن أحد العلماء الكبار من أصدقاء الشيخ حمدان لونيسي، وهو الشيخ أحمد حسين الهندي الذي كان يتابع ذلك الحوار بين الأستاذ لونيسي وتلميذه عبد الحميد اعترض على ذلك، وطلب من عبد الحميد أن يعود للجزائر التي تحتاج لأمثاله في مقاومة الاستعمار الثقافي الذي هو أخطر أنواع الاستعمار.
اكتشف عبد الحميد في الطيب العقبي فصاحة اللسان وقوة البيان والشخصية، كما اكتشف في البشير الإبراهيمي أنه شاعر فحل وراوية للأدب والشعر، كما أنه يتميز بفصاحة في اللسان، وبأنه خطيب لا يُشقُّ له غبار إلى جانب كونه حادّ الذكاء وصاحب نكتة، وهو ما عمَّق تلك الصداقة بين هؤلاء الشبان الجزائريين الثلاثة .
قبيل مواصلة رحلته طلب منه أستاذه حمدان لونيسي أن يلقي درسا في المسجد النبوي، وهو الدرس الذي نال إعجاب الحاضرين لِمَا أظهره ابن باديس من فصاحة لسان ومن غزارة في المعلومات ومن حجة وتنظيم في الأفكار، وقدّم له قبيل سفره شهادةَ إجازة علمية.
في القدس الشريف
كان من عادة الحجاج الجزائريين أن يُعرجوا قبل حجّهم أو بعده على القدس الشريف، وكانت من بين العبارات المتداولة عن الحاج الجزائري أنه حجَّ وقدَّس، أي قام بمناسك الحج ثم زار مسجد القدس الشريف.
وقبل أن يغادر بن باديس المدينة المنورة تعاهد مع صديقه البشير الإبراهيمي على ضرورة العودة للجزائر لنشر التعليم العربي في الجزائر، وخوض معركة إصلاحية فكرية ضد الخرافات والبدع التي عمل الاستعمار على نشرها في مختلف ربوع الجزائر .
في طريقه إلى القاهرة، عرَّج الشيخ بن باديس على سوريا ولبنان، كما زار القدس الشريف وصلى في المسجد الأقصى، وزار عدة معالم إسلامية ومسيحية بفلسطين من بينها كنيسة القيامة وكنيسة الجلجلة ومدينة الخليل والمسجد الإبراهيمي وبيت لحم .
وبمجرد وصوله إلى القاهرة توجه رأسا إلى الأزهر الشريف، وقد التقى بالصدفة طالبا جزائريا تعرّف كلاهما على الآخر من خلال لباسه .
كان لقاءُ عبد الحميد بن باديس بالطالب الجزائري محمد أرزقي الشرفاوي مؤثرا، كان لقاء الاثنين مفعما بالمودة، وظهرا وكأنهما يعرفان بعضهما البعض منذ فترة .
وراح الشرفاوي يرافق بن باديس ويدله على العديد من المعالم والشخصيات المصرية.
والمعروف أن الشرفاوي هذا الطالب الجزائري الذي ينحدر من مدينة عزازقة بتيزي وزو قد نال لاحقا شهادة العالمية من جامع الأزهر، وأصبح واحدا من الأساتذة البارزين في جامع الأزهر قبل أن يعود إلى الجزائر ويشرع في التدريس بمعهد اليلولي المشهور في الجزائر لمدة عشرة أعوام، وتجاوز عدد طلبته 300 طالب من مختلف جهات الوطن، ومن بينهم الأستاذ محمد الصالح الصديق والعربي سعدوني رحمه الله الذي كان أحد وزراء الشؤون الدينية.
ومن المعروف أن الشيخ بن باديس قد زار الشيخ الشرفاوي بمجرد عودته للجزائر وأصبح من بين المنافحين في الدفاع عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كما كتب العديد من المقالات في صحف الجمعية .
وبالعودة إلى زيارة ابن باديس إلى مصر، فقد توجه إلى مدينة الإسكندرية، وهناك التقى أحد علمائها الكبار في تلك الفترة، وهو العالم الكبير محمد أبو الفضل الجيزاوي الذي عقد مجلسا علميا للاستماع إلى ابن باديس.
وعقب تلك الجلسة، أجاز الشيخ الجيزاوي عبد الحميد بن باديس بشهادة علمية، ثم راح يثنى على غزارة علمه معربا له عن تقديره الخاص له .
مشروع جمعية العلماء
وشرع الشاب الشيخ بن باديس بمجرد عودته إلى أرض الوطن عام 2014 في التدريس بجامع سيدي الأخضر ومسجد سيدي قموش بقسنطينة، كما أصبح يكتب مقالات في جريدة 'النجاح' التي صدرت تلك الفترة، وقد وجد ابن باديس في تلك الجريدة أن خطَّها الافتتاحي يتلاءم مع الفكر الإصلاحي الذي بدأ ابن باديس يبشِّر به .
كانت الأجواء أثناء تلك الفترة أجواء الحرب العالمية الأولى بكل ما حملته من رياح للتغيير، ثم إن بن باديس لم يبق وحيدا في معركته، بل انضمّ إليه صديقه البشير الإبراهيمي الذي عاد إلى الوطن هو الآخر قبل أن ينظم إليهما الطيب العقبي لاحقا، وهكذا بدأ الرفاق الثلاثة في التفكير لإطلاق مشروعهم الكبير بإنشاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقد مهّد لذلك المشروع بإنشاء صحيفة أطلق عليها عنوان 'المنتقد ' .
وفي الثالث من جويلية 1925 أقدم ابن باديس على إصدار أول عدد من تلك الجريدة التي حملت شعار: 'الحق فوق كل أحد، والوطن قبل كل شئ' .
وقبل انطلاقة هذه الجريدة، هيأ لها كل الوسائل للنجاح من مطبعة ومقر وهيئة تحرير .
كان من بين محرري هذه الجريدة عددٌ من الجزائريين الذين تخرجوا من جامع الزيتونة في تونس من أمثال مبارك الميلي ومحمد السعيد الزاهري .
ومع الإقبال الذي حظيت به صحيفته، أدرك ابن باديس أهمية الصحافة في إنجاح مشروعه النهضوي الإصلاحي في الجزائر وفي محاربة الاستعمار وأذنابه من الطرقيين الذين كانوا يخدِّرون الشعب بسلسلة من الخرافات وأعمال الشعوذة والدّجل .
لكن الاستعمار وأعوانه من الطرقيين خصوصا لم يقفوا مكتوفي الأيدي فقد عطّل الجريدة بعد صدور 18 عددا منها .
وكان الشيخ عبد الحميد قد أصدر قبل ذلك مجلة أسبوعية تحت عنوان 'الشهاب' حوّلها لاحقا إلى مجلة شهرية، وكان المبدأ العامّ الذي سارت عليه تلك المجلة طيلة أربعة أعوام وإلى غاية توقيفها بعد أن صدر منها 178 عدد، هو العملُ على بلورة إصلاح ديني ودنيوي وسط الشعب الجزائري .
لم يكتف ابن باديس بالتعليم وتأسيسِ مدارس حرة للتربية والتعليم، ولا بالصحافة كمنبر لنشر الأفكار، ولكنه راح قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يمهّد لنشر أفكاره الإصلاحية بزيارات ميدانية شملت مختلف جهات الوطن شرقا وغربا شمالا وجنوبا، ويلتقي العلماءَ والمشايخ وبالأعيان، شارحا لهم فلسفته الإصلاحية، داعيا إلى ضرورة نشر التربية والتعليم في أوساط الشعب وخاصة الناشئة ومحاربة البدع والدجل والشعوذة بأسلوب سلس يقوم على الحوار والإقناع وينفذ إلى العقول والقلوب.
وفي يوم الثلاثاء 5 من ماي 1931 التأم بنادي الترقّي بالعاصمة 72 من علماء الجزائر الذين جاؤوا من مختلف جهات الوطن .
دارت رئاسة ذلك المؤتمر برئاسة الشيخ أبو يعلا الزواوي السعيد بن محمد الشريف، وهو واحد من علماء الفقه وعلماء اللغة العربية في الجزائر، وينحدر من إحدى قرى تيزي وزو، وأما الأستاذ الشهيد محمد الأمين العمودي فقد عُيِّنَ مقررا للمؤتمر الذي تواصلت جلساته ثلاثة أيام انتخب خلاله المؤتمرون بالأغلبية الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيسا للجمعية بالرغم من عدم حضوره عدة جلسات .
وقد دفعت هيمنة الإصلاحيين على قيادة الجمعية مختلف القوى الحاقدة على ابن باديس وجماعته من الإصلاحيين خصوصا الإدارة الاستعمارية وجماعة الطرقيين إلى شنّ حرب على الجمعية في محاولة لشل نشاطها مبكّرا.
لكن رجال الجمعية الذين انتشروا في مختلف أنحاء الوطن، لتأسيس المدارس أو لبث أفكار الإصلاح ومحاربة كل خضوع للاستعمار، سواء عن طريق الخطب أو الصحافة التي بدأت الجمعية في إصدارها بدءا من 1932، قاوموا مختلف أشكال المكائد وأعمال العرقلة التي طالتهم خاصة عبر توقيف صحف الجمعية .
لقد أراد ابن باديس ورفاقه من أمثال الإبراهيمي والعقبي والزاهري والميلي وخير الدين مباشرة عقب تأسيس جمعيتهم أن يجعلوا من الصحافة الناطقة باسم الجمعية منبرا لبث الأفكار الإصلاحية.
وهكذا تم إصدار أول جريدة للجمعية حملت عنوان 'السنة المحمدية' عام 1932، وسرعان ما أقدمت الإدارة الاستعمارية على توقيفها، ولكن هذا العمل التعسفي لم يُثن رفاق ابن باديس على إصدار جريدة أخرى في الـ17 من جويلية 1933 تحت عنوان 'الشريعة النبوية المحمدية'، وقد طالها هي الأخرى بعد فترة وجيزة من صدورها قرار الغلق.
وفي عام 1935 عاود ابن باديس ورجال الجمعية إصدار جريدة 'البصائر' التي استمر صدورها إلى غاية 1939 .
ثائرٌ بمفهوم عصره
لم يكن عبد الحميد مجرد إمام يكتفي بدروس الوعظ والإرشاد، أو مجرد خطيب يكتفي بخطبتي الجمعة، لكن من درس سيرته وخبر أفعاله يدرك أن عبد الحميد كان ثائر زمانه، فهو لم يكتف بالنضال عبر التدريس وإنشاء المدارس والصحافة وبث الحماس عبر الخطب والدروس التي كان يلقيها في مختلف أنحاء القطر الجزائري، بل إن نشاطه امتد للعمل السياسي .
ساهم ابن باديس في إخماد نار الفتنة التي تسبَّب فيها يهودي يوم 3 أوت 1934 عندما تَبوَّل على ميضأة مسجد الجامع الأخضر بقسنطينة وقام بسبّ المصلين، مما أدى إلى نشوب أعمال عنف وشغب أدت إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف الجزائريين واليهود والأوروبيين، وخسائر مادية معتبرة بالمدينة .
كانت القوى الوطنية الجزائرية خلال الثلاثينيات مشتتة، بين حركة الأمير خالد، حفيد الأمير عبد القادر، الداعي إلى المساواة في الحقوق بين الجزائريين والأوروبيين مع محافظة الجزائريين على مميزات الشخصية الجزائرية، والتيار الوطني الاستقلالي الذي تزعمه مصالي الحاج الساعي إلى ضرورة بعث الدولة الجزائرية من جديد بعد تشكل نجم إفريقيا ثم حزب الشعب وحركة الانتصار لاحقا، والتيار الإصلاحي لرفاق عبد الحميد بن باديس الذي كان يركِّز على بعث الأمة الجزائرية والسعي لإحياء الهوية الجزائرية من خلال التركيز على التعليم وبث الوعي في النفوس .
كانت وفاة الأمير خالد في الـ9 يناير 1936 السبب الذي جعل ابن باديس يعجِّل بالدعوة لعقد مؤتمر يجمع مختلف القوى الوطنية المؤمنة بمستقبل الشخصية الجزائرية انطلاقا من خلال شعاره :'الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا' .
وجرى عقد المؤتمر الإسلامي الجزائري في السابع من جوان 1936 بقاعة 'الماجيستيك' الأطلس حاليا الواقعة في باب الواد بمدينة الجزائر بحضور نحو خمسة آلاف مندوب، ولم يتمكن 2000 شخص من الدخول بسبب اكتظاظ القاعة، لكنهم تابعوا أشغال المؤتمر من الخارج .
وكان من نتائج المؤتمر إرسال وفدٍ كان من بين أعضائه عبد الحميد بن باديس لتقديم عريضة مطالب تتعلق بعدد من حقوق الجزائريين إلى رئيس الحكومة الشعبية الفرنسية في تلك الفترة ليون بلوم .
لكن تلك المطالب بقيت حبرا على ورق نظرا لتلاعب الجانب الفرنسي.
وأودُّ هنا في ختام هذا المقال أن أوضح نقطة طالما تعلقت بموقف الشيخ عبد الحميد من الثورة ضد الاحتلال، إذ يشكك بعضهم في مواقف الرجل بالزعم أن بن باديس لو عاش إلى نوفمبر 1954 تاريخ إعلان ثورة أول نوفمبر لما كان من مؤيديها.
والحقيقة أنه بصرف النظر على أن العديد من رفاق وتلاميذ عبد الحميد بن باديس كانوا من أوائل من لبىَّ نداء ثورة أول نوفمبر والتحق بها مبكرا مجاهدا بالسلاح وبالقلم وكان بعضهم من شهداء الثورة كما هو الحال مع الشيخ العربي التبسي وأحمد شطة وهما الشهيدان اللذان لا يعرف لهما قبر، فإن بعض ما نُقِل عن بن باديس يؤكد الروح الثورية التي كانت تسكنه .
في مقال كتبه بن باديس بجريدة 'الشهاب' جوان 1930 يقول فيه :
ما عَهِدنا الحرية تُعِطَى، إِنما عَهدِنا أنَّ الحرية تُؤخَذ، وما عهدنا الاستقلالَ يُمْنح ويُوهب، إنما علِمنا الاستقلالَ يُنال بالجهاد والاستماتةِ والتضحية ' .
ولعل أبلغ ما نُقل عن الفكر الثوري للشيخ عبد الحميد ابن باديس، هو ما رواه على لسانه تلميذه الشيخ المجاهد أحمد حماني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا رحمه الله ،فقد جاء في كتاب :
' عبد الحميد بن باديس العالم الربَّاني والزعيم السياسي'..
لصلاح حامد مطبقاني ص 94: 'خلال حديث دار بين الشيخ بن باديس وبعض الحضور ومن بينهم تلميذه حماني بشأن موقف بعض الأحزاب السياسية من الحرب العالمية الثانية وقيام السلطات الاستعمارية آنذاك بالتجنيد الإجباري للشبان الجزائريين في الخدمة العسكرية لصالح فرنسا، أن الشيخ بن باديس راح يقول للحاضرين' :لو أنهم استشاروني واستمعوا إليّ لأشرتُ عليهم بصعودنا جميعا إلى جبال الأوراس وإعلان الثورة'.
ولاشك أن هذه العبارة وحدها تكفي لتبيّن الروح الثورية التي كانت تسكن العالم والسياسي والثائر بن باديس رحمه الله، وأنه كان يهيئ الرجال للتغيير وللثورة من خلال التركيز على جعل الشعب الجزائري يعرف تاريخه ويعتز بهويته وبمقومات شخصيته العربية الأمازيغية الإسلامية الجزائرية، كل ذلك تمهيدا لأمنية الثورة التي حققها له الكثير من تلاميذه والمتشبِّعين بفكره الإصلاحي الذي كان بحد ذاته ثورة بمفهوم عصره على المحتلين ومن يتأثر بأفكارهم.
وباختصار، فإن بن باديس كان ثائرا بمفهوم عصره وزمانه.
ولم تكن مواقف بن باديس وكتاباته تتوقف عند قضية الشعب الجزائري وحده، بل كان مدافعا شرسا عن مختلف قضايا الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كتب بشأنها يقول:
(كلُّ مسلم مسؤولٌ، أعظمَ المسؤولية –عند الله تعالى– على كل ما يجري هنالك: من أرواح تُزهق، وصغارٍ تُيتَّم ونساء تُرمَّل، وأموال تُهلك، وديار تُخرَّبُ، وحُرماتٍ تُنتهكُ، كما لو كان ذلك كلُّه واقعًا بمكة أو المدينة، إن لم يعمل لرفع ذلك الظلم الفظيع بما استطاع).
المصادر :
ــ أحمد منور: من أجلهما عشت .
ــ شهادات شفاهية مع الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، ومع السيدة زهور ونيسي.
ــ الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي: مذكرات جزائري، الجزء الثاني: هاجس البناء.
ــ الدكتور ناصر الدين سعيدوني: الجزائر منطلقات وآفاق
مقاربات للواقع الجزائري من خلال قضايا ومفاهيم تاريخية .
ــ صلاح حامد مطبقاني: عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي.
ــ وثائق ومحاضرات لعدد من الدكاترة من بينهم الدكتور عمار طالبي عن بن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الخبر
منذ 3 ساعات
- الخبر
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي...
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية، اليوم الثلاثاء، بتعازيها في وفاة الصحفي القدير نور الدين عزوز. وجاء في نص التعزية: "بتأثر بالغ وحزن عميق، تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه، تغمده الله بواسع رحمته، بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف، عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة. و"إثر هذا المصاب، تتقدم المديرية العامة للاتصال بأصدق تعازيها إلى عائلته، وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير، أن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون".


النهار
منذ 4 ساعات
- النهار
ربيقة: الجزائر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية
قال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن الجزائر دوماً تعتبر القضية الفلسطينية، قضيتها المركزية وقضية كل العرب والمسلمين، ومواقفها ثابتة من هذه القضية المركزية، وهو موقف نابع من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع ما ينطوي عليه من تطبيق القرارات الأممية، القاضية بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم. وفي كلمة ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى 77 للنكبة الفلسطينية 15 ماي 1948/2025، أكد الوزير أن تلك المأساة الإنسانية التي حلت بالشعب الفلسطيني الأبي منذ سبعة وسبعين عامًا وهي ذكرى النكبة التي نشبت مخالبها الآثمة في أرض فلسطين ذات الخامس عشر من شهر ماي سنة 1948، وأسفرت كما هو معلوم عن تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم على أيدي الاحتلال الصهيوني، مما تمخض عن أزمة إنسانية مازالت تشكل هما لكل أحرار العالم إلى يوم الناس هذا. وأضاف الوزير 'إِن تَجَدُّدَ هذه الذكرى الأليمة، ذكرى النكبة هو في مغزاه الحقيقي تجدد طبيعي لنداء ظل يتكرر منذ سبعة وسبعين عاما وهو حق العودة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يزال موقوف النفاد بفعل آلة الاحتلال التي ما فتئت تجهض كل تسوية أو اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ومنها حقوق أولئك الذين هجروا قسرًا في شهر النكبة - ماي سنة 1948'. ووصال الوزير قائلا 'إن الجزائر التي أحيت منذ أيام قليلة ذكرى أليمة لا تقل ضراوتها عن النكبة الفلسطينية، وهي ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 تقف حيال هاتين المأساتين موقف الاعتبار والتذكر والتثمين لتضحيات الشعبين الشقيقين الجزائري والفلسطيني في سبيل رسم مسارهما التحرري الذي حفته قساوة الاستعمار وبطش المحتلين، كما، وفي جانب مهم آخر تبقى الذاكرة المشتركة تنوء بأحمال التاريخ الاستعماري وما يجنيه على أوطاننا'. كما ذكر العيد ربيقة بموقف الجزائر اتجاه القضية الفلسطينية قائلا 'إننا إذ نشارككم إحياء الذكرى السابعة والسبعين لنكبة الشقيقة فلسطين ومع ما تعيشه اليوم من مأساة إنسانية، فإن الجزائر دوماً تعتبر القضية الفلسطينية، قضيتها المركزية وقضية كل العرب والمسلمين، ومواقفها ثابتة من هذه القضية المركزية، وهو موقف نابع من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع ما ينطوي عليه من تطبيق القرارات الأممية، القاضية بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم'. وتابع ربيقة 'كما أن الجزائر التي عانت أبلغ المعاناة في تاريخها من الاستدمار الفرنسي، وسجلت أروع الوقفات وأعظم التضحيات من أجل استقلالها وماتزال تحتفي بمخزون ذاكرتها التاريخية وهي تسجل دوما وأبداً موقفها الثابت من مسألة حق الشعب الفلسطيني في الأمن والحياة الكريمة ضمن دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في إطار الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في رسالته بمناسبة القمة العربية 2025، حين قال: 'نحن مطالبون اليوم بتعزيز التفافنا حول قضيتنا المركزية، لأن دفاعنا عن هذه القضية ليس جوداً أو تَكَرماً مِنَّا ، بقدر ما هو وفاء تجاه أمانة تاريخية تحملها الأمة العربية في أعناقها، وتُجَاهَ مسؤولية قانونية وأخلاقية وحضارية تتحملها الإنسانية جمعاء'. مشيرا أن هذا الموقف يعكس روح التناغم مع الثوابت التاريخية المستمدة من قيم ثورة أول نوفمبر 1954، على محور تصفية أشكال الاستعمار واحترام حقوق الشعوب والأوطان في الحياة الكريمة، وتحقيق السلم العالمي، الذي لن يتأتى في ظل التنكر للشرعية الدولية والاستنكاف عن مقررات الأمم المتحدة. وفي ختام كلمته، قال وزير المجاهدين 'بحول الله، ستزول المظلمة على الشعب الفلسطيني ويسترد أرضه، ويمن عليه بالنصر المكين وينعم كباقي شعوب المعمورة بحريته وسيادته، وستبقى مثل هذه الذكريات رغم آلامها مخزوناً لا ينضب من القيم السامية تنهل منها الأجيال، جيلاً بعد جيل'. كما جدد الترحيب بضيوف الجزائر الكرام، من فلسطين الشقيقة، في بلدهم أرض الشهداء والمجاهدين، لنقاسمهم إحياء هذه الذكرى بما تحمله من ألم وأمل.


الجمهورية
منذ 4 ساعات
- الجمهورية
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي نور الدين عزوز
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية, بأصدق تعازيها إلى عائلة الصحفي نور الدين عزوز, الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء. وجاء في نص التعزية: "بتأثر وحزن عميق, تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه, تغمده الله بواسع رحمته, بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف, عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة". وإثر هذا المصاب, "تتقدم المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية بأصدق تعازيها إلى عائلته, وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير بأن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون"