
جماليات الحديث.. وأدب التخاطب
تأتي جماليات الحديث في القول؛ فالكلمات قوالب المعاني، ودائمًا التجميل محبوب إلى الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال"، وجمال القول بما شملته النصوص النبوية أوصافًا للكلمة النافعة، الصالحة، والبعيدة عن تعكير الذوق العام. جماليات الحديث هي التفكير النقدي في الثقافة، والقول في هذه الصفات ألا تخرج عن القواعد العامة من القول الطيب، مما يكون حسن القول يجعل النفوس في صفاء وود وتعاون، وهي من فنون الإبداع والإتقان للكلمة الطيبة.
والقول الطيب قد أوصى به المولى عز وجل بقوله تعالى: "
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"
(البقرة: 83). وإذا توافرت هذه العناصر في الحديث فإن الشيطان لا مكان له، وفقدان عناصره أي عناصر الفساد في الحديث، وهذا ما يثبت بقوله تعالى بعدة دلائل. وأن نكون بعيدين عن السخرية والاستهزاء بالناس، فدائمًا الصفات الطيبة سواء بالحديث أو التخاطب تولِّد الطاقات الإيجابية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"؛ فهذه دلالة قاطعة على أن الابتعاد عن الصفات المعيبة بالحديث الفظ، والالتزام بالصدق قولًا وعملًا، وفق قاعدة "خاطبوا الناس على قدر عقولهم"، الغاية أن نفهم من التخاطب ما يُراد من قول ومعنى. وإذا افتُقدت هذه العناصر، فإن جمال المحادثة يذهب ويفسد؛ فالحرص على الكلمة الطيبة مع الناس صدقة.
لذلك يندرج فن التخاطب الذي يخلو من الخوض في الباطل والجدال والسب وبذاءة اللسان ضمن مكارم الأخلاق، فخلوه دليل على السمو والرفعة. وينبغي للإنسان أن يتخاطب بها، ويقول للناس بوجه منبسط ولين بعيدًا عن النفاق، مع التركيز بالكلام فيما يُعنى، وبعدم إطالة الحديث؛ حيث يُقال: "خير الكلام ما قلَّ ودل".
ودائمًا الأخلاق بالقول والعمل تكون منبثقة من الوصايا الربانية الإسلامية؛ لأن المنهج الإسلامي يتوافق مع الفطرة والعقل؛ فالعقل السليم يقتنع بما أتت به الشريعة من نظم أخلاقية متميزة عن غيرها، حيث إن جمال اللفظ من جمال الأدب، وسلامة النطق من سلامة الفكر.
لذلك نود القول إن علينا الابتعاد عن بذاءة الكلام والألفاظ النابية؛ فهي كلمات مستهجنة اجتماعيًا عند كثير من الناس، وأن نعلم أن طريقة كلامنا وحديثنا مع الآخرين تُحدد نظرة الناس لنا، وقد تكون هي الوسيلة بين عوامل عديدة يُقيَّم الشخص على أساسها.
والسلوكيات السيئة من بعض الناس تعكس طبيعة أنفسهم المُفلسة؛ فمهما أوصلت لهم الإشارة بأن سلوكياتهم ضارة، فإن أفعالهم وسلوكياتهم ليس لها مكان بين مكارم الأخلاق. ودائمًا الابتعاد عن هذه الفئة من الناس خير ونعمة، وخاصة أولئك الذين يتظاهرون بحسن الخلق وطيبة القلب والدين والعبادة كالصلاة، لكن بداخلهم غلّ وكيد ونفاق وخيانة لأنفسهم قبل خيانة غيرهم. ينكرون جمائل الناس لهم متخذين بهذه الصفات مسلكًا، وقد يكونوا تربوا على مثل هذه الصفات أو تعلموها أو أجبروا عليها من شياطين الإنس. وكأنهم أرادوا بهذه الصفات حياة صلاح لهم كما صُوِّر لهم، حتى غَرِقت جيوبهم بمال الدنيا وملذاتها، وبها سلكوا مسلك الرذيلة، وهي مسالك الهالكين، والعياذ بالله منهم ومن مسالكهم.
لذلك حقًّا على الإنسان أن يسلك طريق العقلاء، ويذهب مذاهب البصراء قولًا وعملًا.
نسأل الله الكريم الرؤوف أن يمنّ علينا ويهدينا أرشد المسالك، وتقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وحفظ الله المتقين الصادقين لربهم وللناس، وحفظكم الله، وحفظ الله هذا الوطن الغالي، وحفظ الله قائد هذا الوطن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 3 ساعات
- جريدة الرؤية
جماليات الحديث.. وأدب التخاطب
خليفة الحسني تأتي جماليات الحديث في القول؛ فالكلمات قوالب المعاني، ودائمًا التجميل محبوب إلى الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال"، وجمال القول بما شملته النصوص النبوية أوصافًا للكلمة النافعة، الصالحة، والبعيدة عن تعكير الذوق العام. جماليات الحديث هي التفكير النقدي في الثقافة، والقول في هذه الصفات ألا تخرج عن القواعد العامة من القول الطيب، مما يكون حسن القول يجعل النفوس في صفاء وود وتعاون، وهي من فنون الإبداع والإتقان للكلمة الطيبة. والقول الطيب قد أوصى به المولى عز وجل بقوله تعالى: " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة: 83). وإذا توافرت هذه العناصر في الحديث فإن الشيطان لا مكان له، وفقدان عناصره أي عناصر الفساد في الحديث، وهذا ما يثبت بقوله تعالى بعدة دلائل. وأن نكون بعيدين عن السخرية والاستهزاء بالناس، فدائمًا الصفات الطيبة سواء بالحديث أو التخاطب تولِّد الطاقات الإيجابية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"؛ فهذه دلالة قاطعة على أن الابتعاد عن الصفات المعيبة بالحديث الفظ، والالتزام بالصدق قولًا وعملًا، وفق قاعدة "خاطبوا الناس على قدر عقولهم"، الغاية أن نفهم من التخاطب ما يُراد من قول ومعنى. وإذا افتُقدت هذه العناصر، فإن جمال المحادثة يذهب ويفسد؛ فالحرص على الكلمة الطيبة مع الناس صدقة. لذلك يندرج فن التخاطب الذي يخلو من الخوض في الباطل والجدال والسب وبذاءة اللسان ضمن مكارم الأخلاق، فخلوه دليل على السمو والرفعة. وينبغي للإنسان أن يتخاطب بها، ويقول للناس بوجه منبسط ولين بعيدًا عن النفاق، مع التركيز بالكلام فيما يُعنى، وبعدم إطالة الحديث؛ حيث يُقال: "خير الكلام ما قلَّ ودل". ودائمًا الأخلاق بالقول والعمل تكون منبثقة من الوصايا الربانية الإسلامية؛ لأن المنهج الإسلامي يتوافق مع الفطرة والعقل؛ فالعقل السليم يقتنع بما أتت به الشريعة من نظم أخلاقية متميزة عن غيرها، حيث إن جمال اللفظ من جمال الأدب، وسلامة النطق من سلامة الفكر. لذلك نود القول إن علينا الابتعاد عن بذاءة الكلام والألفاظ النابية؛ فهي كلمات مستهجنة اجتماعيًا عند كثير من الناس، وأن نعلم أن طريقة كلامنا وحديثنا مع الآخرين تُحدد نظرة الناس لنا، وقد تكون هي الوسيلة بين عوامل عديدة يُقيَّم الشخص على أساسها. والسلوكيات السيئة من بعض الناس تعكس طبيعة أنفسهم المُفلسة؛ فمهما أوصلت لهم الإشارة بأن سلوكياتهم ضارة، فإن أفعالهم وسلوكياتهم ليس لها مكان بين مكارم الأخلاق. ودائمًا الابتعاد عن هذه الفئة من الناس خير ونعمة، وخاصة أولئك الذين يتظاهرون بحسن الخلق وطيبة القلب والدين والعبادة كالصلاة، لكن بداخلهم غلّ وكيد ونفاق وخيانة لأنفسهم قبل خيانة غيرهم. ينكرون جمائل الناس لهم متخذين بهذه الصفات مسلكًا، وقد يكونوا تربوا على مثل هذه الصفات أو تعلموها أو أجبروا عليها من شياطين الإنس. وكأنهم أرادوا بهذه الصفات حياة صلاح لهم كما صُوِّر لهم، حتى غَرِقت جيوبهم بمال الدنيا وملذاتها، وبها سلكوا مسلك الرذيلة، وهي مسالك الهالكين، والعياذ بالله منهم ومن مسالكهم. لذلك حقًّا على الإنسان أن يسلك طريق العقلاء، ويذهب مذاهب البصراء قولًا وعملًا. نسأل الله الكريم الرؤوف أن يمنّ علينا ويهدينا أرشد المسالك، وتقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وحفظ الله المتقين الصادقين لربهم وللناس، وحفظكم الله، وحفظ الله هذا الوطن الغالي، وحفظ الله قائد هذا الوطن.


جريدة الرؤية
منذ 3 ساعات
- جريدة الرؤية
ظفار تحتفي بقائد الوطن
د. سالم بن عبدالله العامري مع نسيم خريف ظفار العليل وهدير أمواج بحر العرب على شواطئها الممتدة، ارتفعت القلوب بمزيج من السعادة والبهجة حين حل الموكب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على أرض اللبان العريقة. كان المشهد وكأن المحافظة بأكملها تنبض في قلب واحد، متفانية في حب قائدها، مستقبلة قيادتها بابتسامات الحنين والفخر، فتتسرب الفرحة إلى كل وادٍ، وعلى كل تلٍ، وتغمر كل شارع وزاوية من زوايا ظفار الطيبة. خريف ظفار هنا لا يكتفي بتزيين الجبال باللون الأخضر والوديان بالمياه المتدفقة، بل ينسج مع فرحة الأهالي والمقيمين لوحةً متكاملة من السعادة والاعتزاز، تتجلى في كل تحية، وفي كل نظرة، وفي كل قلب يرفرف ولاءً وانتماءً للوطن وقائده، لتصبح لحظة وصول جلالته مناسبة وطنية خالدة في ذاكرة المحافظة وشاهدًا حيًا على عمق العلاقة بين الشعب وقيادته الحكيمة. ظفار، بواديها وجبالها وسهولها، ليست مجرد محافظة من محافظات عُمان فحسب؛ بل هي قلب نابض يروي قصة الوطن على مر العصور. وزيارة جلالته لهذه الأرض ليست مجرد حدث رسمي، بل هي شهادة حية على حرص القيادة الرشيدة على تفقد كل شبر من عُمان الغالية، وحرصها على التواصل المباشر مع شعبها في كل زاوية من زوايا الوطن. في هذه اللحظات، يلتقي شعور الفخر بالانتماء مع بهجة كل قلب عُماني، لتصبح الزيارة مناسبة وطنية جامعة تنبض بمعاني الولاء الحقيقي والاعتزاز العميق بالوطن. وعندما يشق جلالته -حفظه الله- طريقه بين ربوع المحافظة، ويتوقف عند مختلف المرافق الحيوية والمؤسسات التنموية والميادين العامة، ويبرز اهتمامه المباشر بكل تفاصيل حياة المواطنين، فيشعر الجميع بأن القيادة حاضرة في كل شبر من أرض الوطن، ترعى رفاهيته، وتعمل على نهضته، وتغرس في النفوس روح المسؤولية والاعتزاز بالانتماء. إن مشاعر الفخر التي تتأجج في القلوب ليست مجرد إحساس عابر؛ بل هي انعكاس للعلاقة المتينة بين الشعب وقيادته، وتجسيد لروح التلاحم الوطني التي تشهدها عُمان كلها. زيارة جلالة السلطان -أيده الله- إلى ظفار، مع جمال طبيعتها وروعة مواقعها، تبقى لحظة محفورة في ذاكرة الوطن، ترفع من معنويات المواطنين، وتزيد من شعورهم بالمسؤولية تجاه خدمة هذا الوطن العظيم، والتفاني في الحفاظ على مجده. وفي الختام.. تبقى هذه الزيارة السامية لعاهل البلاد المُفدّى -أعزَّه الله- محفورة في ذاكرة الجميع، شاهدة على حرصه العميق على شعبه واهتمامه بكل شبر من أرض الوطن. لقد جسدت هذه الزيارة معاني الفخر والانتماء والولاء، وأشعلت في القلوب مشاعر الاعتزاز الوطني، لتظل ذكرى خالدة تفيض بالفرح والحب الصادق للوطن، وتؤكد تلاحم القيادة الرشيدة مع شعبها في كل زمان ومكان.


جريدة الرؤية
منذ 6 ساعات
- جريدة الرؤية
بالصور.. افتتاح المسار السياحي بمزرعة رزات السلطانية بولاية صلالة
صلالة - العُمانية بدأت مزرعة رزات السلطانية في ولاية صلالة بمحافظة ظفار استقبال الزوار في مسارها السياحي الذي افتتح مساء اليوم بأمر سامٍ في خطوة تتيح التعرّف على ما تحتويه المزرعة من مساحات زراعية متنوعة وأشجار استوائية ومعمّرة ومنتجات زراعية مختلفة يجعلها وجهة سياحية متكاملة تُدار وفق معايير فنية وعلمية دقيقة. وبدأ الزوّار جولتهم برفقة مرشدين سياحيين، مرورًا بعدد من المحطات التي عرّفتهم على المحاصيل الزراعية والنباتات المختلفة، وصولًا إلى المحطة التكاملية التي جمعت مكوّنات المزرعة في موقع واحد، وشكّلت محطة استراحة بما توفره من مرافق وخدمات. وتزخر المزرعة بتنوّع زراعي واسع يضم أصناف الموز -بما فيها موز "رزات"-، إلى جانب بنك جينات الموز، ووحدة الإنضاج، إضافة إلى أشجار النارجيل والفافاي والعنب والتين والمستعفل والليمون العُماني، فضلًا عن الفواكه الاستوائية وشبه الاستوائية، والخضروات المتعددة. كما تحتوي على أشجار محلية تشمل اللبان والصغوت، وأخرى معمّرة مثل: التبلدي والفايكس العملاقة والتمر الهندي، إلى جانب نباتات طبية وعطرية كالكركم والزنجبيل والريحان. كما تُعد المزرعة ملاذًا للطيور، وتحتوي على جرار زراعي تاريخي يعود لفترة السلطان سعيد بن تيمور –طيّب الله ثراه– يمثل قيمة تراثية، فيما تُروى المزرعة من عين رزات عبر شبكة أفلاج وقنوات تقليدية وحديثة. ويعكس افتتاح المسار التوجّه نحو دعم السياحة الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي، إذ حرص شؤون البلاط السلطاني على تهيئة المسار السياحي بما يجعله تجربة سياحية تثري الزوّار وتبرز دور الزراعة كقطاع مساند للتنمية المستدامة. الجدير بالذكر أن مزرعة رزات السلطانية تقع على شارع السلطان قابوس بالجانب الشرقي من ولاية صلالة، وتبلغ مساحتها نحو 1085 فدانًا، منها 900 فدان مزروعة، وتُعد من أبرز المواقع التابعة لشؤون البلاط السلطاني التي تجمع بين الإنتاج الزراعي والتنوّع البيئي والتاريخي.