
البخــــلاء الجـــدد
تحول البخل في المجتمعات الحديثة إلى استراتيجية اجتماعية - اقتصادية خفية ضمن أنظمة السوق والرأسمالية الجديدة، فالبخيل المعاصر أصبح جزءاً من البنية الاقتصادية الحديثة، ويمارس «اقتصاديات البخل» باعتبارها ذكاءً مالياً، ويجد مبررات اجتماعية وثقافية لسلوكه.
وأصبحت نوادر البخلاء تشكل عرضًا مسرحيًا فكاهيًا في المجالس، وجانب الإضحاك فيها يكون في قفلة المباغتة في سلوك البخيل أو رد فعله الذي يكون مخالفًا للمنطق ومخترقًا للذوق بجرأة ووضوح.
وقد ارتبط البخل بالمال، رغم وجود بخلاء ماليًا، لكنهم كرماء في بذل الوجاهة لمن يحتاجها وبذل العلم للعموم والتعبير عن المشاعر.
وهذا ما يدعو للتساؤل حول ماهية البخل وتحولاته عبر الزمن، وهل يعتبر جينات وراثية أم أنه مكتسب بسبب ظروف الحياة أم استراتيجية دبلوماسية لإظهار الحزم والحرص؟
أنماط البخلاء
كان البخيل في المجتمعات التقليدية عارًا علنيًا؛ لأنه يهدد التضامن الاجتماعي الذي يعتبر أساس الأمن المجتمعي. أما في المجتمعات الحديثة، فصار مبررًا كنوع من «الإدارة المالية الناجحة»، مما أوجد أنواعًا من البخل، من أبرزها:
البخل بالمال: وهو الأكثر شيوعًا، ويتفاوت بين البخل على النفس أو على الأهل أو على الأصدقاء والأقارب أو على المستحقين من الفقراء أو على المجتمع العام، وقد يوجد في الإنسان بخل بها كلها أو ببعضها.
البخل بالجاه والمكانة الاجتماعية: بعض الأثرياء لا يستخدمون نفوذهم وعلاقاتهم لمساعدة الآخرين؛ لأنهم يرون أن الوقت مال، والجاه مال، ولا يمكن بذلها إلا بمقابل مادي أو معنوي.
البخل بالعلم والخبرات: بعض العلماء والباحثين وأصحاب الخبرات في مجالاتهم، يحجبون علمهم وخبراتهم خشية أن يستفيد الآخرون دون مقابل.
البخل بالمشاعر: يوجد أشخاص لا يبدون مشاعر الفرح والتضامن والحزن لمن حولهم، ويحرصون على إبقاء مشاعرهم صماء لا تعابير فيها؛ إلا لمن يمكن الاستفادة منه أو الخوف منه.
وتسمح الثقافة الغربية بإعلان البخل والفخر به وتبريره، كما يفعل بخلاء خراسان والبصرة في زمن الجاحظ، ولكن الثقافة العربية تعتبره وصماً، فلا يرغب أحد إلا أن يظهر بالصورة المثالية لا الواقعية.
البخل في التراث العربي والغربي
جمعت عشرات من قصص البخلاء وحكاياهم في التراث العربي، ووجدتها تسير في اتجاه واحد، وهو أن البخل قيمة في ذاته، والبخيل يوجه قدراته العقلية على حماية ماله، وبالتالي فيمكن أن يوجد سخي على نفسه وبخيل على الآخرين، وبخيل في ماله سخي بجاهه ووقته وجهده، وبخيل ذو منصب ووجاهة، فالبخل صفة محتقرة بذاتها، ولكنها لا تجلب معها بالضرورة مصفوفة قيم اللؤم.
حلّل الجاحظ نفسية البخلاء، وقدم أول دراسة مينوفينولوجية «ظاهراتية» من خلال قدرة البخلاء على إضفاء معاني عقلانية لسلوك غير عقلاني المتمثل في البخل، وتسميتهم البخل صلاحاً، والشح اقتصاداً، والمنع حزماً، والجود إسرافاً. وركز على نوادر بخلاء خراسان وأهل مرو خاصة، وبخلاء البصرة الذين سماهم «أهل الجمع والمنع».
ودرس عبدالفتاح كيليطو كتاب «البخلاء»، وتبين له أنه بقدر ما يحب البخيل الحكايات التي تحث على البخل، بقدر ما يرتاب من الحكايات التي تحرض على الجود وتشيد بفضائل شخصيات مشهورة بالكرم. إلا أن البخيل أيضًا جزء من نسيج المجتمع ويستمتع بنوادر البخلاء، ويصنف نفسه أنه لا ينتمي لهم، أو هكذا يريد أن يسجل موقفه منهم.
أهم ما كتب عن أدب البخلاء، كتاب «البخلاء» للجاحظ في الشرق، و»مسرحية البخيل» لموليير عن البخيل هارباغون في القرن السابع عشر بفرنسا.
والقاسم المشترك بينهما يكمن في نقد البخل بأسلوب ساخر ومدعم بقصص ومواقف مضحكة تجعل من شخصية البخل باهتة، إلا أن بخلاء الجاحظ في محيط المجتمع، وبخل هارباغون في محيط أسرته.
لماذا يحترم الناس البخلاء رغم ازدراء المجتمع لهم؟
رغم ذم البخل والبخلاء ما زلنا نجد تقدير الثري البخيل وتوقيره وبذل الاحترام المفرط لحضوره وتصديره المجالس، مع علم الجميع بأنه بخيل، وربما تندروا بقصص بخله، ولديهم يقين بأنه لن ينالهم شيء من ثروته ولا ترشيحه لأحد لمنصب أو علاقة اجتماعية مميزة. وتشبه هذه الظاهرة حب البدو للذئب رغم أنه يأكل حلالهم، ولكن السمة المشتركة في الإعجاب بالقدرات الخارقة.
ويصعب إخضاع دراسة البخل للقياس؛ وذلك لأنه لا تعريف واضح له، وينطوي على حالات نفسية معقدة وإنكار وادعاء وتقييم مزيف وحقيقي بحسب المصالح، وبالتالي سيكون التحليل من تأملات اجتماعية وفلسفية.
هل العلة في البخيل أم في ثقافة المجتمع، أم أن الهيبة والاحترام المفرط يكمن في هيبة المال لذاته؟ ولماذا يتمسك الناس بالبخيل؟
الإنسان مكون من صفات كثيرة، ولذلك يتمسك الناس بالبخيل لرغبتهم في فصاحته وظرفه وخبراته في الحياة، ولا يعنيهم ماله ولا يحتاجون إليه.
رغم أن البخل ظاهرة قديمة قِدم الأسواق نفسها، إلا أن المجتمعات المعاصرة لم تكتفِ برصدها، بل طوّرت حولها ثقافة شعبية قائمة على التندر، خصوصًا حين يكون البخيل من أصحاب الثروة الطائلة.
ويبدو أن المفارقة بين الثراء الفاحش والتقتير المرضي تمنح هذه الظاهرة طابعًا دراميًا كوميديًا، يُسهم في تكريسها كواحدة من الظواهر الجديرة بالدراسة الاجتماعية والاقتصادية، وربما النفسية كذلك.
فمن الطرائف المعاصرة التي يتداولها الناس، قصة أحد ملاك البنوك الذي استشاط غضبًا لأن مدير الفرع ترك نصف كوب شاي حتى برد ولم يشربه!
المثير أن هذا البخل لم يعد سلوكًا فرديًا بل تحول إلى ما يمكن تسميته بـ»منظومة تفكير اقتصادية غير واعية»، إذ يُقوّم الثري البخيل كل شيء –من الولائم إلى نوعية الحلوى– بمعايير الكفاءة السعرية. فهو يختار المطاعم التي تقدم الخدمة بثمن أقل، ثم يخوض جدالاً فلسفيًا مطولًا ليثبت أنها الأفضل.
وفي الثمانينات، انتشرت لوحات فنية في المجالس، مرسوم عليها ورقة نقدية فئة مئة ريال تتوسطها ساعة. وقد لوحظ أن أكثر من كان يعلّقها هم البخلاء، على ما يبدو ليس حبًا في الفن، بل لأن رؤية المال –ولو على جدار– تُعد جرعة تحفيزية! وهم يعتقدون –بسذاجة محببة– أن الضيوف يشعرون بالسعادة أيضًا عند رؤية صورة المال، وكأنها ديكور نفسي يمنح الضيف الإحساس بالأمان المالي ولو مؤقتًا.
ولو نظرنا إلى البخل من زاوية أنثروبولوجية، كما كان يفعل الجاحظ، لوجدنا أمثلة معاصرة لا تقل غرابة. فهناك أحد أثرياء «الجمع والمنع»، الذي يجمع أكبر عدد من المدعوين في وليمة واحدة، لا حبًا في التواصل الاجتماعي، بل ليضمن «استهلاكًا اقتصاديًا» للطعام دون فائض يُهدر. ويحرص بعد الوليمة على الاتصال بالضيوف في اليوم التالي، لا لشكرهم، بل لشرح القيمة الغذائية الصحية للطعام الذي قدمه وجودة اللحوم، وكأن كل وليمة عنده ورشة تغذية جماعية.
أما في اللقاءات الودية، فهناك من يأتي بسلة تمر أو حلوى، ثم يبدأ بجولة على الحضور للتأكد أن الجميع تذوقها. ليتصدر المجلس، ليس بفضل أفكاره وعرض خبراته في الحياة، بل يظل حضوره مساهمة غذائية أكثر منه فكرية.
ونجد الملياردير الذي طوّر علاقات استراتيجية مع قضاة ومحامين متقاعدين، بهدف الحصول على استشارات قانونية مجانية تحت غطاء «الود والصداقة». لكنه نسي –أو تجاهل– أن بعض المحامين يتبنون مبدأ: «المعلومة الخطيرة بثمنها». وبالفعل، في إحدى القضايا، احتفظ محامٍ بثغرة قانونية لم يُبلغه بها، واستغلها لصالح خصمه، ليربح من ورائها الملايين. إنها عدالة كونية تُعيد التوازن، ولو بشكل غير قانوني!
هذه النماذج تكشف عن ظاهرة اجتماعية واقتصادية عميقة، يتقاطع فيها البخل مع فلسفة التملك والخوف من الفقد، وتتجلى فيها أشكال من السلوك البشري الذي يتجاوز الجانب المادي، ليلامس حدود الهوس التنظيمي، والتحكم، والتقنين المفرط في المشاعر والموارد.
وإذا أضفنا قصص بخل الناس العاديين، فسوف نجمع معجم لنوادر البخلاء الجدد، فإذا فتح هذا الموضوع في مجلس، يكاد يتوحد المجلس ويطول ويشعر بالتجانس والمتعة؛ لأن كل واحد يحفظ في ذاكرته نوادر البخلاء الذين يعرفهم أو يسمع بهم.
قد يتحول البخل من رذيلة أخلاقية، في حالات معينة إلى حكمة وحرص؛ ولذلك ينفذ البخلاء من هذه الحالات لتصنيف أنفسهم بأنهم مدخرون وحكماء.
وتحث تعاليم الإسلام على بذل المال بالزكاة والصدقة والهدية والوقف؛ ولذلك نلحظ كثيراً من التجار الأثرياء مصنفين بخلاء، وتدور حولهم قصص كثيرة في التصعيد عند تفاصيل لا يؤبه لها، وفي آخر أعمارهم يوقفون مليارات الريالات، ثم يعاد استثمارها باسم الأوقاف، ولا يصرف منها إلا بحدود ما يسد رمق الفقراء، ولا ينتشلهم من طبقة الفقر إلى الطبقة الوسطى.
ويذهب فلاسفة العصر الحديث إلى خطورة البخل على النمو الاقتصادي؛ إذ يرى آدم سميث في «ثروة الأمم» أن الادخار المفرط يضر بالاقتصاد؛ لأنه يقلل من حجم التداول النقدي.
الاقتصاد النفسي للبخيل
تشير بعض الدراسات إلى أن السلوك المالي يتأثر بالعوامل الوراثية، والتنشئة الاجتماعية والبيئة الاقتصادية التي عاش فيها البخيل.
ويعاني البخيل من منظور الاقتصاد السلوكي من التحيز المعرفي تجعله يبالغ في تقدير أهمية المال والخوف من فقدانه، فهو يرى كل صرف يعني خسارة مؤكدة، ويبحث عن بدائل أقل كلفة، ويؤمن بأن المال مورد نادر لا يعوض؛ لذلك يردد المثل: «المال عديل الروح»، ولديه رغبة جامحة في تخزين المال لذات المال.
وفي المقابل يوجد ثقافة اجتماعية راسخة وغريبة، وهي هيبة المال، والتعامل مع الأثرياء باعتبارهم شخصيات خارقة ومهيبة، رغم تأكد الناس العاديين أنهم لن ينالهم شيء من أموالهم.
في مجتمع التجار تنشأ قيم الحرص والادخار ومراقبة أدق تفاصيل المال وحساب العوائد المعنوية والمالية من صرفه، وبالتالي فهذا السلوك يعتبر عندهم حكمة وترشيدا وحزما، بدليل أن نتائجه مضمونة في جمع الثروة التي هي أحد محددات الوجاهة الاجتماعية.
بينما نجد المجتمع العام يصم التجار بالبخل وخرق العادات الاجتماعية التي تحث عن التضامن وتبادل المنافع المادية والمعنوية.
ومن البخلاء الجدد، الإداري العملي، فإذا وجد مسؤولاً عن موظفين لا يصرف مكافآت إلا بحقها، وسط إداريين ينفقون بسخاء مفرط، بحق وبغير حق، سرعان ما ينشأ رأي عام بأنهم كرماء، وهو البخيل.
وهذا يعني أن مفهوم البخل يخضع لمعايير البيئة التي ينشأ بها، وبهذا يكون للبخل ثقافات فرعية، وجزء من الذوق الاجتماعي في الحكم عليه يكون تعسفيًا ونابعًا من أنانية ومصالح شخصية.
وازدهرت فكرة «خفض التكاليف» في ريادة الأعمال، وأصبح رواد الأعمال في المقاهي والمطاعم والشركات عامة يسعون لخفض التكلفة بتقليص نفقات يرونها صغيرة، ولا يتنبه لها الزبائن والعملاء، ثم تكون هي أساس انهيار سوقهم وتضرر سمعتهم. وغالبًا من يتبع هذه السياسات لا يدرك أن «العميل الصامت» أخطر من العميل المحتج.
ختام
البخل ظاهرة إنسانية قديمة، وتأخذ أشكالًا جديدة تبعًا للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وقد كان البخيل التقليدي من «أهل الجمع والمنع»، وأصبح يتخذ أساليب أكثر تعقيدًا وحداثة.
ومع تقدم الوعي الاجتماعي توسع مفهوم البخل بالمال إلى البخل بالجاه والعلاقات الاجتماعية وبالعواطف والمعلومات والخبرات. ولم يعد يظهر البخل بشكل صريح ومباشر كما كان في السابق، ولكنه يتبع استراتيجيات اقتصادية خفية وناعمة وغير محسوسة في التفاعل الاجتماعي العفوي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 10 ساعات
- الرياض
البخــــلاء الجـــدد
تحول البخل في المجتمعات الحديثة إلى استراتيجية اجتماعية - اقتصادية خفية ضمن أنظمة السوق والرأسمالية الجديدة، فالبخيل المعاصر أصبح جزءاً من البنية الاقتصادية الحديثة، ويمارس «اقتصاديات البخل» باعتبارها ذكاءً مالياً، ويجد مبررات اجتماعية وثقافية لسلوكه. وأصبحت نوادر البخلاء تشكل عرضًا مسرحيًا فكاهيًا في المجالس، وجانب الإضحاك فيها يكون في قفلة المباغتة في سلوك البخيل أو رد فعله الذي يكون مخالفًا للمنطق ومخترقًا للذوق بجرأة ووضوح. وقد ارتبط البخل بالمال، رغم وجود بخلاء ماليًا، لكنهم كرماء في بذل الوجاهة لمن يحتاجها وبذل العلم للعموم والتعبير عن المشاعر. وهذا ما يدعو للتساؤل حول ماهية البخل وتحولاته عبر الزمن، وهل يعتبر جينات وراثية أم أنه مكتسب بسبب ظروف الحياة أم استراتيجية دبلوماسية لإظهار الحزم والحرص؟ أنماط البخلاء كان البخيل في المجتمعات التقليدية عارًا علنيًا؛ لأنه يهدد التضامن الاجتماعي الذي يعتبر أساس الأمن المجتمعي. أما في المجتمعات الحديثة، فصار مبررًا كنوع من «الإدارة المالية الناجحة»، مما أوجد أنواعًا من البخل، من أبرزها: البخل بالمال: وهو الأكثر شيوعًا، ويتفاوت بين البخل على النفس أو على الأهل أو على الأصدقاء والأقارب أو على المستحقين من الفقراء أو على المجتمع العام، وقد يوجد في الإنسان بخل بها كلها أو ببعضها. البخل بالجاه والمكانة الاجتماعية: بعض الأثرياء لا يستخدمون نفوذهم وعلاقاتهم لمساعدة الآخرين؛ لأنهم يرون أن الوقت مال، والجاه مال، ولا يمكن بذلها إلا بمقابل مادي أو معنوي. البخل بالعلم والخبرات: بعض العلماء والباحثين وأصحاب الخبرات في مجالاتهم، يحجبون علمهم وخبراتهم خشية أن يستفيد الآخرون دون مقابل. البخل بالمشاعر: يوجد أشخاص لا يبدون مشاعر الفرح والتضامن والحزن لمن حولهم، ويحرصون على إبقاء مشاعرهم صماء لا تعابير فيها؛ إلا لمن يمكن الاستفادة منه أو الخوف منه. وتسمح الثقافة الغربية بإعلان البخل والفخر به وتبريره، كما يفعل بخلاء خراسان والبصرة في زمن الجاحظ، ولكن الثقافة العربية تعتبره وصماً، فلا يرغب أحد إلا أن يظهر بالصورة المثالية لا الواقعية. البخل في التراث العربي والغربي جمعت عشرات من قصص البخلاء وحكاياهم في التراث العربي، ووجدتها تسير في اتجاه واحد، وهو أن البخل قيمة في ذاته، والبخيل يوجه قدراته العقلية على حماية ماله، وبالتالي فيمكن أن يوجد سخي على نفسه وبخيل على الآخرين، وبخيل في ماله سخي بجاهه ووقته وجهده، وبخيل ذو منصب ووجاهة، فالبخل صفة محتقرة بذاتها، ولكنها لا تجلب معها بالضرورة مصفوفة قيم اللؤم. حلّل الجاحظ نفسية البخلاء، وقدم أول دراسة مينوفينولوجية «ظاهراتية» من خلال قدرة البخلاء على إضفاء معاني عقلانية لسلوك غير عقلاني المتمثل في البخل، وتسميتهم البخل صلاحاً، والشح اقتصاداً، والمنع حزماً، والجود إسرافاً. وركز على نوادر بخلاء خراسان وأهل مرو خاصة، وبخلاء البصرة الذين سماهم «أهل الجمع والمنع». ودرس عبدالفتاح كيليطو كتاب «البخلاء»، وتبين له أنه بقدر ما يحب البخيل الحكايات التي تحث على البخل، بقدر ما يرتاب من الحكايات التي تحرض على الجود وتشيد بفضائل شخصيات مشهورة بالكرم. إلا أن البخيل أيضًا جزء من نسيج المجتمع ويستمتع بنوادر البخلاء، ويصنف نفسه أنه لا ينتمي لهم، أو هكذا يريد أن يسجل موقفه منهم. أهم ما كتب عن أدب البخلاء، كتاب «البخلاء» للجاحظ في الشرق، و»مسرحية البخيل» لموليير عن البخيل هارباغون في القرن السابع عشر بفرنسا. والقاسم المشترك بينهما يكمن في نقد البخل بأسلوب ساخر ومدعم بقصص ومواقف مضحكة تجعل من شخصية البخل باهتة، إلا أن بخلاء الجاحظ في محيط المجتمع، وبخل هارباغون في محيط أسرته. لماذا يحترم الناس البخلاء رغم ازدراء المجتمع لهم؟ رغم ذم البخل والبخلاء ما زلنا نجد تقدير الثري البخيل وتوقيره وبذل الاحترام المفرط لحضوره وتصديره المجالس، مع علم الجميع بأنه بخيل، وربما تندروا بقصص بخله، ولديهم يقين بأنه لن ينالهم شيء من ثروته ولا ترشيحه لأحد لمنصب أو علاقة اجتماعية مميزة. وتشبه هذه الظاهرة حب البدو للذئب رغم أنه يأكل حلالهم، ولكن السمة المشتركة في الإعجاب بالقدرات الخارقة. ويصعب إخضاع دراسة البخل للقياس؛ وذلك لأنه لا تعريف واضح له، وينطوي على حالات نفسية معقدة وإنكار وادعاء وتقييم مزيف وحقيقي بحسب المصالح، وبالتالي سيكون التحليل من تأملات اجتماعية وفلسفية. هل العلة في البخيل أم في ثقافة المجتمع، أم أن الهيبة والاحترام المفرط يكمن في هيبة المال لذاته؟ ولماذا يتمسك الناس بالبخيل؟ الإنسان مكون من صفات كثيرة، ولذلك يتمسك الناس بالبخيل لرغبتهم في فصاحته وظرفه وخبراته في الحياة، ولا يعنيهم ماله ولا يحتاجون إليه. رغم أن البخل ظاهرة قديمة قِدم الأسواق نفسها، إلا أن المجتمعات المعاصرة لم تكتفِ برصدها، بل طوّرت حولها ثقافة شعبية قائمة على التندر، خصوصًا حين يكون البخيل من أصحاب الثروة الطائلة. ويبدو أن المفارقة بين الثراء الفاحش والتقتير المرضي تمنح هذه الظاهرة طابعًا دراميًا كوميديًا، يُسهم في تكريسها كواحدة من الظواهر الجديرة بالدراسة الاجتماعية والاقتصادية، وربما النفسية كذلك. فمن الطرائف المعاصرة التي يتداولها الناس، قصة أحد ملاك البنوك الذي استشاط غضبًا لأن مدير الفرع ترك نصف كوب شاي حتى برد ولم يشربه! المثير أن هذا البخل لم يعد سلوكًا فرديًا بل تحول إلى ما يمكن تسميته بـ»منظومة تفكير اقتصادية غير واعية»، إذ يُقوّم الثري البخيل كل شيء –من الولائم إلى نوعية الحلوى– بمعايير الكفاءة السعرية. فهو يختار المطاعم التي تقدم الخدمة بثمن أقل، ثم يخوض جدالاً فلسفيًا مطولًا ليثبت أنها الأفضل. وفي الثمانينات، انتشرت لوحات فنية في المجالس، مرسوم عليها ورقة نقدية فئة مئة ريال تتوسطها ساعة. وقد لوحظ أن أكثر من كان يعلّقها هم البخلاء، على ما يبدو ليس حبًا في الفن، بل لأن رؤية المال –ولو على جدار– تُعد جرعة تحفيزية! وهم يعتقدون –بسذاجة محببة– أن الضيوف يشعرون بالسعادة أيضًا عند رؤية صورة المال، وكأنها ديكور نفسي يمنح الضيف الإحساس بالأمان المالي ولو مؤقتًا. ولو نظرنا إلى البخل من زاوية أنثروبولوجية، كما كان يفعل الجاحظ، لوجدنا أمثلة معاصرة لا تقل غرابة. فهناك أحد أثرياء «الجمع والمنع»، الذي يجمع أكبر عدد من المدعوين في وليمة واحدة، لا حبًا في التواصل الاجتماعي، بل ليضمن «استهلاكًا اقتصاديًا» للطعام دون فائض يُهدر. ويحرص بعد الوليمة على الاتصال بالضيوف في اليوم التالي، لا لشكرهم، بل لشرح القيمة الغذائية الصحية للطعام الذي قدمه وجودة اللحوم، وكأن كل وليمة عنده ورشة تغذية جماعية. أما في اللقاءات الودية، فهناك من يأتي بسلة تمر أو حلوى، ثم يبدأ بجولة على الحضور للتأكد أن الجميع تذوقها. ليتصدر المجلس، ليس بفضل أفكاره وعرض خبراته في الحياة، بل يظل حضوره مساهمة غذائية أكثر منه فكرية. ونجد الملياردير الذي طوّر علاقات استراتيجية مع قضاة ومحامين متقاعدين، بهدف الحصول على استشارات قانونية مجانية تحت غطاء «الود والصداقة». لكنه نسي –أو تجاهل– أن بعض المحامين يتبنون مبدأ: «المعلومة الخطيرة بثمنها». وبالفعل، في إحدى القضايا، احتفظ محامٍ بثغرة قانونية لم يُبلغه بها، واستغلها لصالح خصمه، ليربح من ورائها الملايين. إنها عدالة كونية تُعيد التوازن، ولو بشكل غير قانوني! هذه النماذج تكشف عن ظاهرة اجتماعية واقتصادية عميقة، يتقاطع فيها البخل مع فلسفة التملك والخوف من الفقد، وتتجلى فيها أشكال من السلوك البشري الذي يتجاوز الجانب المادي، ليلامس حدود الهوس التنظيمي، والتحكم، والتقنين المفرط في المشاعر والموارد. وإذا أضفنا قصص بخل الناس العاديين، فسوف نجمع معجم لنوادر البخلاء الجدد، فإذا فتح هذا الموضوع في مجلس، يكاد يتوحد المجلس ويطول ويشعر بالتجانس والمتعة؛ لأن كل واحد يحفظ في ذاكرته نوادر البخلاء الذين يعرفهم أو يسمع بهم. قد يتحول البخل من رذيلة أخلاقية، في حالات معينة إلى حكمة وحرص؛ ولذلك ينفذ البخلاء من هذه الحالات لتصنيف أنفسهم بأنهم مدخرون وحكماء. وتحث تعاليم الإسلام على بذل المال بالزكاة والصدقة والهدية والوقف؛ ولذلك نلحظ كثيراً من التجار الأثرياء مصنفين بخلاء، وتدور حولهم قصص كثيرة في التصعيد عند تفاصيل لا يؤبه لها، وفي آخر أعمارهم يوقفون مليارات الريالات، ثم يعاد استثمارها باسم الأوقاف، ولا يصرف منها إلا بحدود ما يسد رمق الفقراء، ولا ينتشلهم من طبقة الفقر إلى الطبقة الوسطى. ويذهب فلاسفة العصر الحديث إلى خطورة البخل على النمو الاقتصادي؛ إذ يرى آدم سميث في «ثروة الأمم» أن الادخار المفرط يضر بالاقتصاد؛ لأنه يقلل من حجم التداول النقدي. الاقتصاد النفسي للبخيل تشير بعض الدراسات إلى أن السلوك المالي يتأثر بالعوامل الوراثية، والتنشئة الاجتماعية والبيئة الاقتصادية التي عاش فيها البخيل. ويعاني البخيل من منظور الاقتصاد السلوكي من التحيز المعرفي تجعله يبالغ في تقدير أهمية المال والخوف من فقدانه، فهو يرى كل صرف يعني خسارة مؤكدة، ويبحث عن بدائل أقل كلفة، ويؤمن بأن المال مورد نادر لا يعوض؛ لذلك يردد المثل: «المال عديل الروح»، ولديه رغبة جامحة في تخزين المال لذات المال. وفي المقابل يوجد ثقافة اجتماعية راسخة وغريبة، وهي هيبة المال، والتعامل مع الأثرياء باعتبارهم شخصيات خارقة ومهيبة، رغم تأكد الناس العاديين أنهم لن ينالهم شيء من أموالهم. في مجتمع التجار تنشأ قيم الحرص والادخار ومراقبة أدق تفاصيل المال وحساب العوائد المعنوية والمالية من صرفه، وبالتالي فهذا السلوك يعتبر عندهم حكمة وترشيدا وحزما، بدليل أن نتائجه مضمونة في جمع الثروة التي هي أحد محددات الوجاهة الاجتماعية. بينما نجد المجتمع العام يصم التجار بالبخل وخرق العادات الاجتماعية التي تحث عن التضامن وتبادل المنافع المادية والمعنوية. ومن البخلاء الجدد، الإداري العملي، فإذا وجد مسؤولاً عن موظفين لا يصرف مكافآت إلا بحقها، وسط إداريين ينفقون بسخاء مفرط، بحق وبغير حق، سرعان ما ينشأ رأي عام بأنهم كرماء، وهو البخيل. وهذا يعني أن مفهوم البخل يخضع لمعايير البيئة التي ينشأ بها، وبهذا يكون للبخل ثقافات فرعية، وجزء من الذوق الاجتماعي في الحكم عليه يكون تعسفيًا ونابعًا من أنانية ومصالح شخصية. وازدهرت فكرة «خفض التكاليف» في ريادة الأعمال، وأصبح رواد الأعمال في المقاهي والمطاعم والشركات عامة يسعون لخفض التكلفة بتقليص نفقات يرونها صغيرة، ولا يتنبه لها الزبائن والعملاء، ثم تكون هي أساس انهيار سوقهم وتضرر سمعتهم. وغالبًا من يتبع هذه السياسات لا يدرك أن «العميل الصامت» أخطر من العميل المحتج. ختام البخل ظاهرة إنسانية قديمة، وتأخذ أشكالًا جديدة تبعًا للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وقد كان البخيل التقليدي من «أهل الجمع والمنع»، وأصبح يتخذ أساليب أكثر تعقيدًا وحداثة. ومع تقدم الوعي الاجتماعي توسع مفهوم البخل بالمال إلى البخل بالجاه والعلاقات الاجتماعية وبالعواطف والمعلومات والخبرات. ولم يعد يظهر البخل بشكل صريح ومباشر كما كان في السابق، ولكنه يتبع استراتيجيات اقتصادية خفية وناعمة وغير محسوسة في التفاعل الاجتماعي العفوي.


مجلة هي
منذ 18 ساعات
- مجلة هي
التزيين البطيء.. تصميم منزل بأسلوب خالد يعكس شخصية أصحابه في 5 خطوات
يرغب جميعنا في منزل جميل ومريح،وفي الوقت نفسه، يعكس أسلوبنا الشخصي حتى وإن لم نكن مستقرين بعد من ماهية هذا الأسلوب. يشير الخبراء إلى أن السرعة في استكمال ديكور المنزل، قد لا يكون الاختيار المثالي على المدى البعيد وسواء كنا نصمّم منزلًا جديدًا أو نعمل على تجديد البيت الذي نعيش فيه، فإن الكثير منا يشعر برغبة ملحة في الإسراع بعملية التزيين، وتجاوز جميع مراحل التصميم والانتقال مباشرة إلى لحظة الانتهاء والاستمتاع بالعيش فيه. لكن تصميم المنزل لا يقتصر فقط على القيام ببعض المشتريات الجيدة أو تحقيق مظهر نهائي سريع، فالأمر قد لا يعرفه البعض أن العديد من الخبراء يشيرون إلى أن الاندفاع نحو استكمال ديكور المنزل، قد لا يكون الاختيار المثالي على المدى البعيد. التزيين البطيء اتجاه مستدام يدعو إلى التفكير المتأني في كل خطوة من خطوات التصميم ومن هنا، ظهرالتزيين البطيء Slow Decorating، الاتجاه الرائج والمستدام الذي يدعو إلى التمهّل والتفكير المتأني في كل خطوة من خطوات التصميم، وبناء المساحة المنزلية بأسلوب مدروس يعكس شخصية واحتياجات أصحابه. التأنّي في التصميم يمنح أصحاب المنزل فرصة لاكتشاف ذوقهم الحقيقي وعن "التزيين البطئ" يقول الخبراء إن التأنّي في التصميم يمنح أصحاب المنزل فرصة لاكتشاف ذوقهم الحقيقي، وتجربة ما يلائم أسلوب حياتهم، وجمع قطع تعبّر حقًا عنهم، بدلًا من ملء الفراغ بسرعة. ما هو اتجاه التزيين البطيء Slow Decorating؟ أسلوب التزيين البطئ يرتكز على اختيار قطع الديكور بعناية ووعي يقوم اتجاه التزيين البطيء على الوعي المتأني في كل قرار يخص تصميم المنزل، فالأمر لا يتعلق بمجرد ملء المساحة، بل بتنسيقها بعناية وبطرق مستدامة، بدلًا من الاستسلام لنهج الموضة السريعةفي التصميم الداخلي. يقول الخبراء إنالتزيين البطئ هورحلة ممتعة ومرضية، ببساطة، يمنح أصحاب المنزل الفرصة لتصميم يشبههم فعلًا "شيئًا فشيئًا، وقرارًا بعد قرار"، فهو أسلوب يرتكز على اختيار قطع الديكور بعناية ووعي، بحيث تحمل هذه القطع قيمة شخصية وتبقى محبّبة لسنوات طويلة. ولكن لا يمكن اتباع هذا الاتجاه إلا بشرطالتخلّي عن فكرة أن المنزل يجب أن يكون مفروشًا بالكامل بين ليلة وضحاها. ينتج أسلوب التزيين البطئ تصميمات مدروسة تعكس فعليًا نمط حياة سكان المنزل ولتطبيق اتجاه التزيين البطئ يقوم خبراء التصميم الداخلي والديكور بعمل مناقشات مطولة مع أصحاب المنزل حول كيفية عيشهم فيه، تفضيلاتهم الحسية والبصرية، القطع التي يمتلكونها بالفعل ويرغبون في دمجها، والأماكن التي يشعرون فيها بالراحة للاستثمار المالي. ومن ثم إنتاج تصميمات مدروسة تعكس فعليًا نمط حياة سكان المنزل وليس مجرد مظهر جميل مؤقت. يساهم التزيين البطئ في إزالة الضغوط الزمنية التي تساهم في تقليل التوتر الذي يصاحب عملية التصميم كما أن التزيين البطيء يتميز بالعديد من الفوائد ومن أبرزها: إزالة الضغوط الزمنية التي تساهمفي تقليل التوتر غير الضروري الذي يصاحب عملية التصميم. بالإضافة إلى أن التزيين البطئ يساهم في السماح لأصحاب المنزل بوضع ميزانية مدروسة، من خلالها يمكن تحديد الأماكن التي تستحق الاستثمار المالي حقًا، وأين يجب التوفير. ما هي نصائح الخبراء حول كيفية تبني اتجاه التزيين البطيء؟ 1. اقبل أن منزلك لن يكون مكتملًا أبدًا ينصح المصممون الداخليون باعتبار المنزل مشروعًا يتطور معنا باستمرار يقول الخبراء: "التصميم لا ينتهي أبدًا، فنحن كبشر نتطور، وكذلك مساحاتنا الداخلية، فهي تعبير مستمر ومتغير عن حياتنا". ولذلك ينصح الخبراء بعدم انتظار الانتهاء التام من عملية التصميم والتزيين، لأنها ببساطة غير موجودة. وتمامًا كما تتغير أذواقنا واحتياجاتنا في الملابس، تتغير أيضًا نظرتنا للمساحة التي نعيش فيها. ولذلك ينصح المصممون الداخليون باعتبار المنزل مشروعًا يتطور معنا باستمرار. 2. استخدام ما تمتلكه بالفعل التزيين البطئ يمنح المنزل طابعًا شخصيًا مميزًا قبل شراء أي شيء جديد، ينصح الخبراء بإلقاء نظرة على ما يمتلكه أصحاب المنزل بالفعل في المنزل، حيث من المؤكد أنهم سيجدون العديد من العناصر التي يمكن استخدامها لتزيين البيت الجديد أو المُحدَّث. فالتزيين البطيء يشجع على دمج العناصر ذات القصص أو الذكريات، مما يمنح المنزل طابعًا شخصيًا مميزًا، وفي الوقت نفسه توفير المال. التزيين البطيء يشجع على دمج العناصر ذات القصص أو الذكريات على سبيل المثال، فرش سجادة من المنزل السابق في غرفة المعيشة الجديدة أو استخدام كراسي قديمة حول طاولة الطعام الجديدة يمنح أصحاب البيت مزيدًا من الوقت ويخفف عنهم الضغط غير الضروري لتجهيز المكان بسرعة. 3. الاستثمار في الجودة وليس الكمية ينصح الخبراء بأخذ الوقت الكافي عند التسوق لعناصر المنزل ينصح الخبراء باختيار كل عنصر في المنزل عند التزيين أو التصميم بعناية، بدلًا من ملء المساحة بسرعة بقطع مؤقتة. وذلك من خلال الاستثمار في قطع تدوم وتعبّر عن أصحاب المنزل، والبحث عن القطعة المناسبة حتى لو استغرق الأمر وقتًا طويلًا بعض الشيء. كما ينصح الخبراء بالتسوق بنية واضحة، وأخذ الوقت الكافي للتفكير في الغرض من هذه القطع داخل المساحة، فلا حاجة للتسرع في ملء الجدران بالأعمال الفنية أو الأرضيات بالأثاث. وبمعنى آخر، يجب على أصحاب المنزل أخذ الوقت لاكتشاف الألوان، الخامات، والأنماط التي تريحهم وتلهمهم،ومع الوقت، سيتكوّن لديهمأسلوبهم المميز المراد تحقيقه في البيت. 4. اشترِ فقط ما يجعلك سعيدًا أخذ الوقت الكافي للبحث عن عناصر تشعر الشخص بالسعادة، النتيجة تكون منزلا منسقًا بطريقة مميزة من أهم نصائح الخبراء فيما يتعلق بالتزيين البطئ، هي شراء فقط ما يجعل صاحب المنزل سعيدًا وليس فقط ما يتناسق مع قطعة أخرى. وذلك نظرًا لأن شراء قطعة بناءً على مظهرها فقط في المساحة، قد يؤدي مع الوقت إلى أن يشعر صاحب المنزل بالملل أو حتى الكراهية. ولكن عندما يأخذ صاحب المنزل الوقت الكافي للبحث عن قطعة فنية رائعة تُكمل المكان وتُشعره بالرضا والسعادة، فالنتيجة تكون منزلًا يبدو منسقًا بطريقة مميزة ويبدو حيًا وحقيقيًا، بدلاً من أن يظهر مصطنعًا. شراء العناصر التي تجلب السعادة، يمنح أفراد المنزل شعورًا كبيرًا بالراحة بالإضافة إلى ذلك، فإن شراء العناصر الديكورية التي تجلب السعادة،يمنح أفراد المنزل شعورًا كبيرًا بالراحة والرضا في كل مرة ينظرون إليها، أو يجلسون عليها، أو يمشون فوقها. 5. استمتع بالرحلة ليس بالنتيجة فقط عند اتباع أسلوب التزيين البطئ، ينصح الخبراء بجعل متعة البحث تكون جزءًا من التجربة لنتيجة مثالية أثناء اتباع اتجاه التزيين البطئ للمنزل، ينصح الخبراء بعدم استعجال الوصول إلى المظهر النهائي، وترك متعة البحث والجمع تكون جزءًا من التجربة. يجب الاستمتاع بكل خطوة، وبكل قطعة تم اختيارها وتجميعها بصبر وحب ورضا، مما يضفي على المنزل طابعًا فريدًا ينبض بالحياة والدفء. الصور من: houzz وpinterest


مجلة سيدتي
منذ يوم واحد
- مجلة سيدتي
تأثير الأهل في نجاح أو فشل الزواج
للأهل دور كبير في نجاح زواج أولادهم أو إخفاقه، حيث يمكن أن يلعبوا دوراً إيجابياً أو سلبياً في هذه المرحلة الحساسة، فهم قد يكونون مصدر دعم قوي للزوجين، وفي الوقت ذاته، يجب عليهم احترام استقلاليتهما والسعي لتحقيق سعادتهما، لكي تكون العلاقة الزوجية ناجحة ومستدامة وقادرة على مواجهة التحديات. في هذا السياق، التقت "سيدتي" بخبيرة العلاقات الأسرية نجوى فهيم، في حديث تناول تأثير الأهل على نجاح أو فشل الزواج. تأثير الأهل على الحياة الزوجية له وجهان مؤثران تقول خبيرة العلاقات الأسرية نجوى فهيم لـ"سيدتي": "إن تأثير الأهل على الزواج قد يكون إيجابياً أو سلبياً، فالأهل قد يتدخلون في حياة الزوجين؛ بمحاولة تقريب وجهات النظر ومساعدتهما على حلّ الخلافات، ونصحهما عند مواجهة الصعوبات بعد الزواج. وهذا التدخل قد يكون له وجهان مؤثران: الأول، توفير الدعم والمساعدة والنصيحة والإرشاد، مما يسهم في بناء علاقة زوجية قوية ومستقرة. والثاني، أن يكون التدخل عدم احترام لخصوصية الزوجين، فيؤدي إلى تفاقم المشكلات ووصولها إلى طريق مسدود، مما يسبب مشاكل في العلاقة. لكن بالتوازن المناسب والتفاهم والتسامح، يمكن أن يسهم هذا التدخل بشكل إيجابي في بناء علاقة زوجية ناجحة". للأهل تأثير فعال في نجاح أو فشل العلاقة الزوجية تقول نجوى فهيم إن علاقة الأهل بالأبناء بعد الزواج تتطلب وعياً ونضجاً؛ لأنها قد تكون مصدرَ دعم واستقرار متواصل، أو سبباً للتوتر والمشكلات إذا لم تُدَر بحكمة، ولتأثير الأهل جانبان؛ إيجابي وسلبي: الأثر الإيجابي لتدخل الأهل في العلاقة الزوجية الدعم العاطفي والنفسي الدعم العاطفي من العائلة يمكن أن يعزز الثقة ويبني الروابط العاطفية بين الزوجين، ويساعدهما على مواجهة الصعوبات التي قد تواجههما في الحياة الزوجية ، ويبني علاقة قوية ويحقق الاستقرار النفسي، كما يساعد في تجاوز أي خلافات أو تحديات قد تظهر، إلى جانب كونه مصدراً للراحة والاطمئنان النفسي، خاصة في أوقات الأزمات، فالكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة قد تخفف الكثير من الضغوط والمشكلات بين الزوجين. تقديم النصائح والتشجيع بحكمة يمكن للأهل تقديم نصائح بنّاءة وتشجيعية أو مشورة مفيدة للزوجين، مما يساعدهما على بناء علاقة قوية ومستقرة، واتخاذ قرارات أفضل، فتجارب وخبرات الأهل في الحياة الزوجية قد تكون قيّمة للأبناء، بشرط أن تكون بدون إصدار الأوامر وإلزامهما بتنفيذها؛ أي بدون فرض الرأي أو التدخل في شؤونهما الخاصة. قد ترغبين في التعرف إلى: إتيكيت التعامل مع أهل الزوج تقوية الروابط العائلية وهي تعني تعميق الصلة بين أفراد الأسرة، وتعزيز روابط الحب والاحترام والثقة والتفاهم. فمشاركة الأهل في المناسبات الاجتماعية وتنظيم اللقاءات العائلية تُسهم في تعزيز أواصر المحبة وزيادة التقارب بين العائلتين. ومن يتمتعون بعلاقات أسرية إيجابية يكونون أقل عرضة للانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر، مما ينعكس إيجابياً على استقرار العلاقة الزوجية. القدوة الحسنة إن القدوة قيمة إنسانية ضرورية ووسيلة فعالة لتعديل أنماط السلوك الخاطئ وغير المرغوب لدى الزوجين. ويمكن للأهل أن يكونوا قدوة حسنة لهما، فالقدوة تُعد من أهم وأفضل الطرق لترسيخ المبادئ والأخلاق، مما يساعد الزوجين على تطوير قيم ومبادئ صحيحة في حياتهما الزوجية. المساعدة في حل المشكلات يمكن أن يكون لـ تأثير الأهل أثر إيجابي ومطلوب في حل المشكلات التي قد يواجهها الزوجان؛ من خلال الدعم النفسي والاجتماعي، مما يساعدهما على تجنّب تفاقم الخلافات والمشكلات، وهما عنصران مهمان في تجربة الزواج. تقديم الدعم عند الحاجة فقط يمكن للأهل أن يكونوا عوناً حقيقياً لأبنائهم عند الحاجة، أو عند تعرضهم لأي مواقف صعبة، سواء كان دعماً عاطفياً أو مادياً أو حتى مشورة، فهذا يساعد الزوجين على تجاوز تلك الأزمات، لكن ينبغي أن يكون دعماً مدروساً ومُنظماً، وبدون أي سيطرة أو إجبار. التعاون ويتطلب هذا التعاون الاحترام المتبادل، والتواصل الفعال، وتقاسم المسؤوليات، وتربية الأطفال، وفي حل المشكلات التي قد تنشأ بين الزوجين، ومن أجل المساهمة في بناء أسرة قوية. تشجيع الاستقلالية من أرقى أنواع الحب العائلي هو تشجيع الأبناء على أن يكونوا مستقلين في قراراتهم، وتشجيعهم على بناء هوية مستقلة، وتعليمهم المهارات اللازمة، وتشجيعهم على تحمّل المسؤولية؛ من خلال توفير بيئة مشجعة من دون الاعتماد الكامل على الآخرين، مما يعزز من نضجهم العاطفي والنفسي. والسياق التالي يعرفك: كيف أكون ذكية مع أهل زوجي؟ التدخل في شؤون الزوجين قد يؤدي تأثير الأهل في شؤون الزوجين إلى نتائج سلبية تنعكس على الزوجين، فيؤدي إلى تصيّد الأخطاء واستغلالها في تعكير صفو حياة الزوجين، وتؤدي إلى تضخيم المشاكل بصورة غير طبيعية، وإثارة خلافات وتوتر دائم في العلاقة. النقد المستمر الأهل قد يوجهون انتقادات بشكل مستمر، تؤدي إلى زيادة التوترات في العلاقة، وضعف الثقة المتبادلة بينهما، ويبدأ الشك في كل رغبة أو قرار بينهما، كما يؤدي إلى خلق أجواء من عدم الثقة والاحترام بين الزوجين. انعدام الخصوصية الخصوصية هي أهم سبب من أسباب استقرار الزواج، فيمكن أن يؤدي تدخل الأهل إلى عدم احترام تلك الخصوصية، وتصبح العلاقة مهددة، ويشعر أحد الزوجين، أو كلاهما، بفقدان تلك الاستقلالية والخصوصية، مما يؤثر سلباً على اتخاذ القرارات بشكل مشترك، ويؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية، وإثارة الخلافات والتوترات العديدة. الغيرة من الزوجين قد تؤدي مشاعر الغيرة من جانب الأهل، والتي تظهر في تصرفاتهم وسلوكياتهم اليومية، إلى إثارة خلافات وغيرة وتوترات لدى الزوجين، مما يضر بعلاقتهما، خاصة إذا كانوا يتدخلون في علاقتهما الشخصية. زيادة الخلافات قد تتطور الخلافات البسيطة إلى مشاكل معقدة؛ بسبب تأثير الأهل ، حيث يصبح الحوار بين الزوجين مشوشاً، وتتحول العلاقة إلى ساحة نزاع بين أطراف متعددة، حتى عند حدوث أي خلاف بسيط أو عند وجود رغبة لدى أحد الطرفين، فتدخل الأهل يؤدي إلى انهيار العلاقة. والسياق التالي يعرفك: