
برعاية منصور بن زايد.. أبوظبي تستعد لقمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025
برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، تستعد العاصمة أبوظبي لاحتضان قمة حوكمة التقنيات الناشئة (GETS 2025)، التي تنعقد يومي 5 و6 مايو الجاري بفندق سانت ريجيس جزيرة السعديات، بتنظيم من مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة (ATRC)، وبالشراكة الإستراتيجية مع النيابة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتأتي هذه القمة في وقت بالغ الأهمية، إذ يشهد العالم تحولاً جذريًا بفعل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والويب 3، ما يفرض الحاجة إلى صياغة أطر حوكمة قادرة على تحقيق توازن دقيق بين تسريع الابتكار وحماية الحقوق المجتمعية.
وتسعى القمة من خلال جمع قادة حكوميين، ومشرعين، وخبراء القانون، والتقنيين، والأكاديميين من أنحاء العالم، إلى بناء أسس حوكمة مستدامة ومسؤولة للتقنيات الناشئة، تُراعي تطلعات الحاضر وتحديات المستقبل.
وأكد معالي فيصل البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة والأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، أهمية التلازم بين الابتكار والحكمة التنظيمية، قائلاً: "الإبداع بلا حوكمة طموحة يفتقر للاستدامة، من خلال قمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025، تترجم دولة الإمارات إيمانها بأن الريادة التقنية يجب أن تقترن بسياسات أخلاقية وشاملة، تُرسخ الثقة وتعزز التقدم الإنساني العالمي".
وأكد معالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، النائب العام للاتحاد، أهمية هذه المرحلة قائلاً: "في ظل الطفرة التقنية العالمية، تقع على عاتقنا مسؤولية بناء منظومة قضائية ذكية قادرة على حماية الحقوق وضمان العدالة.
قمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025 فرصة لنؤكد التزامنا بتطوير تشريعات مواكبة، وحوكمة مبتكرة، تدعم تقدم المجتمع وتصون كرامة وحقوق الإنسان في العصر الرقمي".
من جانبه، قال معالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب: "ينبغي أن يتشكل مستقبل حوكمة التكنولوجيا بالعقول التي تواكب تطوراته وتعمل على صياغته، فشبابنا يملكون روح الإبداع، والثقة بقدراتهم، والمسؤولية اللازمة للريادة، وفي قمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025، سنعمل على تمكين الشباب من قيادة النقاشات وصناعة القرارات التي ستسهم في إرساء الأسس الأخلاقية لعالمنا الرقمي في المستقبل".
وتنطلق القمة في وقت تشهد فيه دولة الإمارات خطوات متسارعة نحو الريادة الرقمية، مدعومة باستثمارات إستراتيجية تجاوزت 13 مليار درهم لتسريع الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، مع التزام واضح بدمج الذكاء الاصطناعي في التشريعات والإجراءات والخدمات الحكومية.
وتشهد القمة التي ستعقد لأول مرة في المنطقة والعالم، حضور عدد من كبار المسؤولين الحكوميين، يتقدمهم معالي فيصل عبدالعزيز البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، ومعالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، النائب العام للاتحاد، ومعالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة التربية والتعليم، ومعالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، ومعالي مريم بنت أحمد الحمادي، وزيرة دولة والأمين العام لمجلس الوزراء، ومعالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، وسعادة الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني الإماراتي، وسعادة مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وسعادة الدكتور محمد عبيد الكعبي، رئيس دائرة القضاء بإمارة الشارقة، وسعادة الدكتور أمين الأميري، الوكيل المساعد لقطاع التنظيم الصحي بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، إلى جانب شخصيات دولية رائدة في مجالات التكنولوجيا والقانون.
وتتناول القمة مجموعة من المحاور الحيوية، مثل حوكمة الذكاء الاصطناعي، وحماية الخصوصية والحقوق الرقمية، والإنفاذ العابر للحدود، والأمن السيبراني في حقبة ما بعد الحوسبة الكمية، ودور الدول الناشئة في صياغة المعايير العالمية.
وتمثل قمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025 خطوة إستراتيجية لتوحيد جهود الحكومات، والأوساط الأكاديمية، والقطاع الخاص، في سبيل تطوير حلول عملية وأخلاقية قادرة على حماية المجتمعات وتعزيز التقدم التكنولوجي في عالم سريع التغير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ ساعة واحدة
- الاتحاد
الإمارات تطلق مشروع تشغيل المخابز في غزة
أحمد شعبان، أحمد عاطف، شعبان بلال (أبوظبي، القاهرة) تواصل دولة الإمارات جهودها في تقديم المساعدات الإغاثية للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، في إطار عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية، التي أمر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم الأشقاء الفلسطينيين. وفي استجابة عاجلة للأوضاع الإنسانية المتفاقمة، أعلنت جمعية الشارقة الخيرية بالتعاون مع عملية «الفارس الشهم 3»، إطلاق مشروع نوعي يهدف إلى تشغيل المخابز المحلية لتوفير وجبات الخبز والغذاء اليومي لصالح 20 ألف شخص من المتضررين، خاصة الأطفال وكبار السن والأسر النازحة، التي تواجه أوضاعاً معيشية قاسية نتيجة استمرار الأزمة، بتكلفة إجمالية تصل إلى 750 ألف درهم شهرياً. وأكد عبدالله سلطان بن خادم، المدير التنفيذي للجمعية، أن المشروع يأتي امتداداً لنهج دولة الإمارات في تقديم الدعم الإغاثي الفوري للشعوب المنكوبة، مشيراً إلى أن تشغيل المخابز يهدف إلى إمداد السكان بالخبز كعنصر غذائي أساسي. وثمن خبراء ومحللون، الجهود الإماراتية المتواصلة الرامية لدعم الأوضاع الإنسانية في غزة، والتخفيف من تداعيات الأزمات الحادة التي يعانيها أهالي القطاع. وأكد هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن جهود الدولة تعزز ريادة الإمارات دبلوماسياً وإنسانياً، في ظل مواصلة جهودها التي تستهدف تقديم المساعدات الإغاثية لأهالي غزة، موضحين أن الدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع يعكس نموذجاً مميزاً للتضامن الإنساني مع مختلف شعوب العالم، وبالأخص الشعوب الشقيقة. وأشاروا إلى أن المساعدات الإماراتية الداعمة لأهالي غزة ليست مجرد تحركات طارئة، بل تجسد سياسة ممنهجة تنطلق من ثوابت إنسانية ودبلوماسية داعمة للقضية الفلسطينية. وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور تيسير أبو جمعة، أن الإمارات تثبت دوماً أنها تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ليس بالكلمات والأقوال، بل بالأفعال والتحركات على أرض الواقع، مؤكداً أن المساعدات الإماراتية المتواصلة لدعم قطاع غزة في أصعب الأوقات، تعبر عن وعي إنساني وسياسي. وقال أبوجمعة، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الإمارات تعمل على دعم الأوضاع المعيشية في غزة، عبر تحويل الدعم الإنساني إلى سياسة متكاملة تحمي الإنسان الفلسطيني وتحفظ كرامته. وأضاف أن الإمارات سباقة في مجالات العمل الخيري والإنساني في غزة منذ بداية الحرب، موضحاً أن عملية «الفارس الشهم 3» أسهمت في تلبية الاحتياجات الطبية والدوائية والغذائية اللازمة لأهالي القطاع، مما يعكس موقف الدولة الراسخ تجاه دعم الشعب الفلسطيني. من جانبه، شدد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، على أن التحرك الإماراتي تجاه غزة يعكس مواقف صادقة وثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ويمثل استجابة إنسانية لا تتأثر بالحسابات السياسية، موضحاً أن ما قدمته الدولة، يعد من أنبل صور التضامن الإنساني مع أهالي القطاع. وذكر الرقب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن مئات القوافل الإماراتية وصلت إلى غزة، حاملة كميات كبيرة من المساعدات الطبية والغذائية، يصل حجمها إلى مئات الآلاف من الأطنان. وأشار إلى أن الجهود الإماراتية لم تقتصر على البعد الإنساني فقط، إذ رافقتها تحركات دبلوماسية نشطة، أبرزها التحركات الإيجابية في مجلس الأمن الدولي، حيث دعت الإمارات إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، وحماية المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات، مؤكداً أن هذه التحركات تعكس التزام الدولة بموقفها الثابت حيال ضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. من جهته، أشاد الأكاديمي والباحث في الشأن الفلسطيني، ومسؤول ملف الإعلام بمفوضية المنظمات الشعبية، الدكتور محمد أبوالفحم، بالجهود الإماراتية الرامية لفك الحصار على غزة. وأوضح أبوالفحم، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المبادرات الإماراتية، سواء الإنسانية أو الدبلوماسية أو السياسية، تعزز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، وتدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة. وأشار إلى أنه منذ بدء الحرب لم تتوقف الإمارات لحظة واحدة عن إرسال المساعدات الإنسانية ودعم الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده، مؤكداً أن التحركات الإماراتية تبرز مواقفها النبيلة الداعمة لمختلف القضايا العربية. بدوره، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري، السفير صلاح حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ما تقوم به الإمارات تجاه سكان غزة يعكس خطوات مهمة ذات بعد إنساني، في سبيل رفع المعاناة عن المدنيين، داعياً إلى مواصلة الجهود والتحركات الإماراتية الرامية لوقف إطلاق النار بصفة مستدامة. دور محوري قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، إن الإمارات تعد من أكثر الدول دعماً للشعب الفلسطيني، وتتميز بمساهماتها الداعمة للقضية الفلسطينية. وأضاف ميخائيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تلعب دوراً محورياً في دعم الأوضاع الإنسانية في غزة، وهو ما يظهر بوضوح من خلال عملية «الفارس الشهم 3». كما أوضح الدكتور هيثم عمران، مدرس العلوم السياسية والقانون الدولي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تقديم المساعدات الإنسانية في غزة يعد تحدياً كبيراً بسبب الظروف الأمنية والسياسية المتوترة.


الاتحاد
منذ 2 أيام
- الاتحاد
استراتيجية متكاملة لإعادة صياغة العمل الاجتماعي
استراتيجية متكاملة لإعادة صياغة العمل الاجتماعي انطلاقاً من رؤية «نحن الإمارات 2031»، واستجابة لتوجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بشأن تمكين المجتمع، واقتداء بإرث القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في جعل الإنسان محوراً لكل تقدم، أطلقت وزارة تمكين المجتمع استراتيجية وطنية شاملة لإعادة صياغة منظومة العمل الاجتماعي. تتبنى الاستراتيجية مفهوم «مثلث التمكين»، الذي يهدف إلى إطلاق طاقات الأفراد والأسر، وتفعيل الدور الذي تقوم به جمعيات ومؤسسات النفع العام «القطاع الثالث»، وتعزيز تماسك المجتمع، بما يدعم ترسيخ قيم الانتماء والولاء للوطن ومبادئ العطاء، ويسهم في بناء الإنسان، الذي تعده دولة الإمارات العامل الأساسي لنهضة الشعوب والأمم، وجوهر عملية التنمية المستدامة وقلبها النابض، وذلك منذ تأسيسها أول وزارة للشؤون الاجتماعية في عام 1972. وهذه هي المعاني الجوهرية التي تضمنها إعلان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، في مبادرة وطنية طموحة، تلخص الرؤية العميقة للقيادة الرشيدة تجاه بناء مجتمع قوي ومتماسك ومزدهر، وصون هويته وقيمه، والحفاظ على استدامة موارده للأجيال المقبلة. كما تترجم الاستراتيجية توجهات الدولة نحو التنمية المستدامة من خلال عدد من الأولويات تتفرع إلى محاور رئيسة تشمل: دعم حياة كريمة ومستدامة، وتمكين الأفراد للاعتماد على الذات، واستخدام الحلول الذكية المبنية على البيانات، وإنشاء نظام دعم لمؤسسات القطاع الثالث، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وغرس ثقافة العطاء، وبناء مجتمع متلاحم ومتجانس. وبشكل أكثر تفصيلاً، تسعى وزارة تمكين المجتمع وفق الاستراتيجية الجديدة إلى تمكين عشرة آلاف أسرة بحلول عام 2030 لتحقيق الاستقلال المالي والإنتاجية، ورفع مساهمة القطاع الثالث بنسبة 50% في مشروعات التنمية بحلول عام 2030، وزيادة عدد المتطوعين من 630 ألف متطوع إلى مليون بحلول عام 2031، على النحو الذي يعزز من لحمة المجتمع وتحقيق المزيد من رسوخ ثقافة التعاون والتكافل. وتحقيقاً للمستهدفات سالفة الذكر، تنطوي الاستراتيجية على حزم من البرامج المتكاملة لدعم الأفراد والأسر، تشمل الدعم المالي والتأهيل المهني، بما يعزز الاستقلال المالي ويرتقي بجودة حياتهم. ومن أهم تلك البرامج «برنامج الدعم الاجتماعي»، و«برنامج تمكين الاقتصادي»، و«برنامج ريادة الأعمال»، الذي يقدم حلولاً مبتكرة للتمويل، وفرصاً لتأسيس المشروعات الصغيرة. أما تعزيز كفاءة القطاع الثالث، فيتم عبر منظومة متكاملة من الدعم التنظيمي والتشغيلي، وذلك إيماناً بدور تلك الكيانات كشريك فاعل في تحقيق الأولويات الوطنية. وتشمل المبادرات الأساسية بشأن هذا المحور «منصة مؤسسات القطاع الثالث»، و«السجل الوطني للقطاع الثالث»، و«مسرّع الأثر الاجتماعي»، والتي تتكامل لتوفير الدعم المالي والمعرفي لتلك المؤسسات، وتحفيز مساهمتها في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص عمل نوعية في أغلب القطاعات. وبالنسبة لترسيخ ثقافة العطاء والانتماء المجتمعي، فهو هدف لطالما سعت دولة الإمارات إلى تحقيقه عبر توفير بيئة مجتمعية تؤمن بفوائد التنوع البشري، وتُحسن إدارته بموضوعية وعدل لمصلحة الوطن، وذلك من خلال مبادرات لتنظيم التطوع وتطوير جهود جمع التبرعات قانونياً وتنظيمياً، ومتابعة مردودها الاجتماعي والإنساني. (جمعت منظومة التبرعات ملياراً ونصف المليار درهم لدعم مشروعات تنموية). وفي ما يتعلق بتقييم فعالية الاستراتيجية، وضعت الوزارة مؤشرات أداء رئيسة قابلة للقياس الموضوعي العملي، تشمل: معدلات تغطية الدعم الاجتماعي، وتحسن الدخل السنوي للمستفيدين، ونسبة تحسن المستوى التعليمي للأبناء، وزيادة مساهمة القطاع الثالث في الناتج المحلي، وارتفاع مؤشرات التماسك الاجتماعي والعطاء في المجتمع. وختاماً، فإن الاستراتيجية الوطنية لإعادة صياغة منظومة العمل الاجتماعي تعد بمثابة خريطة طريق وطنية متكاملة، تترجم رؤية القيادة الرشيدة نحو بناء مجتمع متماسك ومتعاون، وقادر على المساهمة في ترسيخ تقدم الدولة في المجالات كافة واستدامة مكتسباتها. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.


العين الإخبارية
منذ 5 أيام
- العين الإخبارية
الإمارات وجنوب آسيا.. دبلوماسية إنسانية بشراكة اقتصادية واستثمار في الاستقرار
تُمثِّل منطقة جنوب آسيا اليوم إحدى أبرز الساحات الإقليمية في صياغة النظام الدولي، بعد أن تحولت من نطاق هامشي إلى فضاء استراتيجي تتقاطع فيه المصالح الدولية والمشروعات الاقتصادية والطموحات الجيوسياسية. وفي هذا السياق، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كفاعل إقليمي مؤثر يعتمد مقاربة شاملة ترتكز على دمج أدوات القوة الناعمة، لاسيما الدبلوماسية الإنسانية، مع آليات الشراكة الاقتصادية والاستثمار في استقرار المجتمعات. وعلى خلاف بعض القوى التي وظّفت المساعدات الإنسانية كأداة للضغط السياسي، بلورت الإمارات نموذجًا متقدّمًا من الدبلوماسية الإنسانية المتوازنة، يجمع بين الاعتبارات الأخلاقية والمصالح الاستراتيجية، حيث تحوّلت تدخلاتها الإغاثية إلى روافد لمشروعات تنموية مستدامة، تعكس فلسفة حضور إقليمي مسؤول، يقوم على استثمار البعد الإنساني لتعزيز الأمن الإقليمي وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد. المشاريع الإنسانية والإغاثية الإماراتية في أفغانستان: استثمارات استراتيجية حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر مؤسساتها الإنسانية والتنموية، وفي مقدمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وصندوق أبوظبي للتنمية، على تنفيذ مشروعات إنسانية وتنموية واسعة في أفغانستان، تجاوزت قيمتها 320 مليون درهم، استفاد منها نحو 8 ملايين شخص في مختلف القطاعات. وفي هذا الإطار، أنشأت الإمارات مدينة الشيخ زايد السكنية في كابول عام 2007 بتكلفة 16.5 مليون درهم، تضم 200 وحدة سكنية، ومدرستين، ومركزًا صحيًا، بما يعكس رؤية متكاملة لتحسين جودة الحياة والخدمات الأساسية. كما أنشأت عام 2008 أكبر مستشفى للأمراض النفسية في البلاد، وقدّمت مساعدات طبية ميدانية عقب زلزال خوست عام 2022، إلى جانب إعادة تأهيل مستشفى الهلال الأحمر الأفغاني المركزي، بما أسهم في دعم البنية الصحية وتعزيز الرعاية الطبية. وفي قطاع التعليم، افتتحت الإمارات جامعة الشيخ زايد في خوست عام 2008، بتكلفة 4.8 مليون دولار، كمنصة تعليمية تحمل بعدًا تنمويًا واستراتيجيًا، يهدف إلى بناء قاعدة معرفية، وترسيخ علاقات فاعلة مع المجتمع المحلي وقياداته. وتعكس هذه المشاريع مجتمعة التزام الإمارات بمقاربة تنموية شاملة، تركز على دعم الاستقرار وتعزيز التنمية المستدامة في أفغانستان، في سياق إقليمي يتطلب شراكات جادة تتجاوز الإغاثة العاجلة نحو بناء بنية اجتماعية واقتصادية مستقرة. باكستان: جسور اغاثية و إنسانية تقود إلى شراكات اقتصادية أولاً: المبادرات الإنسانية والتنموية الإماراتية في باكستان أطلقت دولة الإمارات عام 2011 برنامجًا شاملاً لتحسين الظروف المعيشية في المناطق الفقيرة والمتأثرة بالكوارث والإرهاب، لا سيما في إقليم خيبر بختونخوا والمناطق القبلية المجاورة لأفغانستان. شمل البرنامج بناء أكثر من 40 مدرسة ومعهدًا، و12 مركزًا صحيًا، و64 مشروعًا لتوفير المياه النظيفة، بالإضافة إلى صيانة وإنشاء 11 طريقًا استراتيجيًا بطول يفوق 700 كيلومتر، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. كان للإمارات دور فاعل في حملات مكافحة شلل الأطفال عبر تطعيم ملايين الأطفال في المناطق الشمالية، كما استمرت في تقديم مساعدات إغاثية موسمية من خلال توزيع سلال غذائية وقوافل إغاثة في مواسم الأزمات كالفيضانات والزلازل. ثانيًا: الاستثمارات الإماراتية في باكستان عززت الإمارات حضورها الاقتصادي في باكستان عبر استثمارات استراتيجية في قطاعات النقل البحري، والاتصالات، والطاقة، والزراعة، والعقارات. تتولى شركة موانئ دبي العالمية إدارة ميناء قاسم في كراتشي، بينما استحوذت شركة اتصالات الإمارات على حصة كبيرة في الشركة الوطنية للاتصالات (PTCL). كما استثمرت شركات إماراتية في مشاريع توليد الكهرباء والطاقة المتجددة، وقطاع الزراعة في إقليمي السند والبنجاب، بالإضافة إلى تطوير مشاريع عقارية فاخرة في كراتشي ولاهور وإسلام آباد. تعكس هذه الاستثمارات رؤية إماراتية متكاملة تجمع بين دعم الاستقرار وتعزيز النفوذ في جنوب آسيا، مدعومة بعلاقات وثيقة مع باكستان، إلى جانب دور الجالية الباكستانية الكبيرة في الإمارات كرافد اقتصادي وإنساني. ثالثًا: العلاقات الإماراتية-الهندية: دبلوماسية التوازن والشراكة تبنت الإمارات سياسة متوازنة تجاه الهند تجمع بين العمل الإنساني والتعاون الاقتصادي، مع مراعاة الحساسيات الإقليمية. وقد تجسد ذلك في تقديم مساعدات طبية وإنسانية خلال جائحة كوفيد-19، إلى جانب توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي رفعت حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 84 مليار دولار سنويًا، مع خطط لتطويره مستقبلاً. (CEPA) تحتل الهند موقعًا اقتصاديًا واستراتيجيًا محوريًا ضمن استراتيجية الإمارات في آسيا، ويبرز ذلك في مشروع الممر الاقتصادي (الهند-الشرق الأوسط-أوروبا) الذي يهدف إلى إعادة تشكيل ممرات التجارة الدولية وتعزيز مكانة الإمارات كمركز لوجستي واقتصادي عالمي. الهند: دبلوماسية توازن وشراكة طموحة في زمن التحولات انتهجت دولة الإمارات في علاقاتها مع الهند سياسة دبلوماسية متوازنة اتسمت بالمرونة والواقعية، جمعت بين العمل الإنساني والتعاون الاقتصادي دون المساس بحساسيات البيئة الإقليمية. وقد تجسّد هذا التوجه خلال الأزمات الإنسانية، ولاسيما أثناء جائحة كوفيد-19، حيث بادرت الإمارات بتقديم مساعدات طبية وإنسانية دعمت الجهود الهندية في مواجهة تداعيات الجائحة. بالتوازي مع ذلك، حرصت الإمارات على ترسيخ شراكة اقتصادية استراتيجية مع الهند، تُوِّجت بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، والتي أسهمت في رفع حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين إلى ما يتجاوز 84 مليار دولار، مع تطلع مشترك لمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات المقبلة، في إطار رؤية متكاملة لتعزيز الاستثمارات وتوسيع مجالات التعاون. وتحتل الهند اليوم مكانة محورية ضمن استراتيجية دولة الإمارات في قارة آسيا، بالنظر إلى موقعها الاقتصادي الصاعد ودورها الحيوي في سلاسل الإمداد العالمية. ويبرز في هذا السياق مشروع الممر الاقتصادي (الهند-الشرق الأوسط-أوروبا)، الذي يعكس طموحًا إماراتيًا للمساهمة في إعادة تشكيل ممرات التجارة الدولية، بما يخدم مصالح التنمية والاستقرار الإقليمي، ويعزّز مكانة الإمارات كمركز لوجستي واقتصادي عالمي فاعل. حضور تنموي فاعل في بنغلاديش ونيبال وسريلانكا اتسع نطاق الحضور الإماراتي ليشمل دولًا أخرى في جنوب آسيا، من بينها بنغلاديش ونيبال وسريلانكا، حيث حرصت دولة الإمارات على تنفيذ سلسلة من المشاريع الإغاثية والتنموية التي استهدفت تحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز البنى التحتية والمرافق الخدمية في تلك الدول. ويأتي هذا التوجه في إطار سياسة تنموية متكاملة تنتهجها الإمارات، تقوم على تعزيز الاستقرار ودعم المجتمعات المحلية، بعيدًا عن أنماط التدخل التقليدية، بما يرسّخ مكانتها كفاعل إنساني وتنموي إقليمي يسهم في إعادة رسم معادلة النفوذ والتأثير في جنوب آسيا عبر أدوات التنمية والشراكة الإيجابية. خاتمة: دبلوماسية إماراتية متكاملة برؤية تنموية مستدامة تُجسّد التجربة الإماراتية في جنوب آسيا نموذجًا متقدمًا للدبلوماسية المتكاملة، التي توفّق بين البُعد الإنساني والمصالح الاقتصادية برؤية ترتكز على الاستدامة وتعزيز الاستقرار الإقليمي. في وقت تهيمن فيه السياسات النفعية قصيرة الأمد على الساحة الدولية، اختارت الإمارات اعتماد نهج استراتيجي يربط العمل الإنساني ببناء الثقة، والشراكة الاقتصادية بتعزيز الحضور الاستراتيجي بعيد المدى. وبهذا التحوّل من مانح تقليدي إلى شريك تنموي واستراتيجي فاعل، ترسّخ الإمارات موقعها كقوة مسؤولة تُدير حضورها الإقليمي عبر أدوات التنمية والإنسانية، مساهمةً بفعالية في صياغة توازنات إقليمية قائمة على الشراكة والتكامل المستدام.