
لافا جاتو .. قضية فساد عابرة للحدود بدأت من مغسلة سيارات
وطنا اليوم:في مغسلة سيارات مكتظة في حي برازيليا هوتيل الجنوبي في العاصمة برازيليا، قلة هم من كانوا على علم بأن محطة 'بوستو دا توري' (Posto da Torre) التي تقع فيها المغسلة، لم تكن تغسل السيارات فحسب، بل كانت تغسل الأموال أيضا.
من بين هؤلاء كان بعض العمال الأكبر سنا، وعدد من السياح، والأهم بعض الصحفيين الفضوليين، وهم تحديدا من بدؤوا في البحث عن 'كيف ولمن غسلت مغسلة السيارات الأموال؟'، وأطلقوا على القضية اسم 'عملية غسيل السيارات' المشهورة باسمها البرازيلي 'أوبراسا لافا جاتو' (Operação Lava Jato).
أن تخرج فضيحة فساد من شركة عابرة للقارات أو حزب سياسي أو حتى نادٍ رياضي، فإن ذلك يعد من الأخبار الموسمية المعتادة، لكن أن تكون مغسلة سيارات هي القادح الأولي لأكبر فضيحة فساد في تاريخ أميركا اللاتينية، وربما في التاريخ، فإن ذلك يحتاج إلى خيوط متشابكة وروابط عجيبة، بين مغسلة سيارات في أحد أحياء البرازيل وتورط رؤساء سابقين وسياسيين ورجال أعمال في قضايا فساد.
من بيرو بدأت القصة
كان الصحفي في صحيفة 'آي-دي-إل ريبورترز' (IDL-Reporteros) البيروفية غوستافو غوريتي جالسا في مكتبه عام 2011 عندما كُلف بالنظر في صفقات بين شركة البناء البرازيلية 'أوديبرخت' وحكومة بيرو بعد أن أصبحت الشريك الرئيس في مشاريع البناء العامة.
لفت طلب الشركة المتزايد للأموال والمطالبة المتكررة بإبرام عقود جديدة في مشاريع البناء العامة في البلاد نظر غوريتي، فنشر تقريرا عن ذلك دون أن يدرك أنه سيكون الفتيل الذي ستشعله نار الفضول الذي يتملك الصحفي لتطلق لهيب تحقيق عابر للحدود، بعد أن أدرك أن للقضية أطرافا تتعدى حدود بيرو.
وبينما كان غوريتي يقود التحقيقات مع فريقه في الصحيفة، إذ بدأت الشرطة البرازيلية بالاشتباه في استخدام محطة 'بوستو دا توري' في غسيل الأموال، وما لم تتوقعه الشرطة ولا الصحفي غوريتي، هو أن كليهما سيجد الآخر يبحث في ملفات شركة النفط البرازيلية المملوكة للدولة.
من ناحية غوريتي، كانت الرائحة تقود لا محالة إلى البرازيل، بالنظر إلى جنسية شركة البناء المتعاقدة مع حكومة بيرو، لكن من ناحية الشرطة البرازيلية، فقد كانت القضية في بداياتها محلية ولا يوجد ما يأخذها إلى الخارج.
فور أن طفت 'لافا جاتو' على السطح، شرع غوريتي بالتواصل مع صحفيين من دول أخرى لتوسيع عمليات الاستقصاء، فبدأ بالصحفي الاستقصائي البنمي رولاندو رودريغيز، ثم المراسل الاستقصائي البرازيلي غولميري أمادو، وعام 2015 أسفر التعاون عن الحصول على قرص صلب (فلاش ميموري) يحتوي على أكثر من ألفي صفحة من البرقيات الدبلوماسية المسربة التي أظهرت أن وزارة الخارجية البرازيلية كانت تضغط على حكومات دول أخرى لصالح شركة أوديبرخت وشركات برازيلية أخرى.
في عام 2017، وبعد أن انضم عدد كبير من الصحفيين الاستقصائيين ذوي الخبرة من دول لاتينية مختلفة، حصل أحدهم على تسجيل صوتي لأحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة أوديبرخت في أثناء عقده تسوية قانونية مع الولايات المتحدة والبرازيل وسويسرا، اعترف خلالها بدفع نحو 800 مليون دولار أميركي رشاوى، من دون تحديد المُتلقي، وفي أي المشاريع كانت، لكنه كشف عن تورط رؤساء برازيليين ونوابهم.
لكن ماذا عن محطة غسيل السيارات وتحقيقات الشرطة البرازيلية؟
وجدت الشرطة أن محطة غسيل السيارات كانت تُستخدم لغسيل أموال مجرمين عبر تجار عملات، الذين قادت التحقيقات لمعرفة أنهم موظفون لدى أكبر مدير تنفيذي في شركة النفط البرازيلية المملوكة للدولة 'بتروبراس'، والذي بدوره يُعد واحدا من بين عديد من المديرين الآخرين في شركات أخرى مملوكة لشركة النفط، ومن بينها شركة أوديبرخت.
ومع توسع التحقيقات، تبين أن المتهمين دفعوا نحو ملياري دولار رشاوى من شركة بتروبراس والشركات الفرعية، حتى أن شركة أوديبرخت أنشأت قسما كاملا يسمى 'العمليات الهيكلية' للتعامل مع رشاوى و'مدفوعات خارجية' بقيمة 780 مليون دولار ذهبت إلى شخصيات سياسية وأحزاب بارزة في البرازيل و12 دولة أخرى في أميركا اللاتينية إلى جانب أنغولا وموزمبيق.
كيف انتهت القضية؟
أدين في القضية نحو 170 شخصا ووجهت التهم إلى 12 رئيس دولة ورئيسا سابقا في دول مثل البرازيل وبيرو وبنما، ومن بينهم الرئيس البرازيلي حينها لولا دا سيلفا، ونتج عنها إعادة أكثر من 600 مليون يورو إلى حسابات البرازيل مع تعهد بإعادة أكثر من مليارين آخرين.
ليس هذا هو الجزء الأكثر إثارة في القضية، فالمحكمة التي حكمت فيها تواجه هي الأخرى تهما بالفساد السياسي، فيما يمكن وصفه بـ'الفساد المستشري'.
فقد كشف موقع 'ذي إنترسبت' عام 2019 عن رسائل تظهر أن القاضي الرئيسي في قضية 'لافا جاتو' سيرجيو مورو، تآمر مع المدعين لمنع الرئيس لولا دا سيلفا من الترشح لانتخابات عام 2018 لصالح منافسه جايير بولسونارو الذي كان متراجعا في نسب الاستطلاع، ثم وبعد فوزه عُين مورو وزيرا للعدل.
وبعد نشوب خلافات بين الرجلين، استقال مورو من الوزارة عام 2020 وكشف عن حقيقة تدخل بولسونارو في القضية بشكل مباشر، وهو ما ترك انطباعا سيئا لدى الرأي العام الذي كان يرى في مورو ورفاقه أبطالا في محاربة الفساد.
وفي حين أعلن الرئيس بولسونارو 'القضاء على الفساد في البرازيل'، تقرّب من تحالف 'سنتراو' الذي يضمّ أحزابا معروفة بتقديم الدعم مقابل الحصول على خدمات كانت في صميم فضيحة 'لافا جاتو'، وذلك من أجل استمالتها للفوز في انتخابات 2022 دون عقبات، لكن النتيجة كانت إطلاق سراح دا سيلفا وفوزه في الانتخابات الرئاسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 26 دقائق
- عمون
ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي
عمون - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول حزيران، مشيرا إلى أن التعامل مع التكتل بشأن التجارة صعب. وذكر ترامب على منصة تروث سوشيال التي يمتلكها أن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جدا... مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!". في غضون ذلك، تراجع اليورو الجمعة، ليبدد مكاسب حققها في وقت سابق من الجلسة بعد قول ترامب إنه سيوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي بدءا من الأول من حزيران، ليثير مخاوف المستثمرين مجددا من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد والتجارة العالميين. وكان اليورو قد صعد إلى 0.8% في وقت سابق اليوم بعد تهديد ترامب في منشور آخر بفرض رسوم جمركية 25% على أبل وعلى جميع هواتف آيفون غير المصنعة في الولايات المتحدة. وارتفع اليورو في أحدث تعاملات 0.45% إلى 1.1336 دولار.

السوسنة
منذ 41 دقائق
- السوسنة
حملة أمنية واسعة ضد تهريب البشر في آيرلندا
السوسنة - ألقت الجهات الأمنية القبض على أكثر من ثلاثين شخصاً وصادرت أصولاً ذات شبه جنائية بقيمة 17 ألف جنيه إسترليني (نحو 23 ألف دولار) في حملة إجراءات صارمة ضد تهريب البشر في آيرلندا الشمالية.وأفادت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) بمصادرة شاحنة نقل ثقيل على صلة بغرامة غير مسددة بسبب نقل أشخاص خلسة. وتبلغ الغرامة 144 ألف جنيه إسترليني. وجاء اعتقال 33 مهاجراً غير شرعي ومهربي بشر مشتبه بهم في إطار عملية استغرقت 3 أيام للتصدي للمجرمين الذين يستغلون منطقة السفر المشتركة في المواني والمطارات في آيرلندا الشمالية وشمال غربي إنجلترا وويلز.وهذه سادس عملية من نوعها في التعاون بين جهاز شرطة آيرلندا الشمالية و«آن غاردا سيوشانا» وهي خدمة الشرطة الوطنية في جمهورية آيرلندا، ووكالة مكافحة الجريمة الوطنية وغيرها من قوات الشرطة البريطانية وقوات الحدود وشركاء دوليين. وقالت وزارة الداخلية إنه جرى القبض على 60 شخصاً وضبط أكثر من 405 آلاف جنيه إسترليني الناتجة عن الأعمال غير القانونية لإساءة استغلال منطقة السفر المشتركة منذ تولت الحكومة العمالية السلطة في يوليو (تموز) العام الماضي. أقرأ أيضًا:

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي من أول حزيران
سرايا - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول حزيران، مشيرا إلى أن التعامل مع التكتل بشأن التجارة صعب. وذكر ترامب على منصة تروث سوشيال التي يمتلكها أن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جدا... مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!". في غضون ذلك، تراجع اليورو الجمعة، ليبدد مكاسب حققها في وقت سابق من الجلسة بعد قول ترامب إنه سيوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي بدءا من الأول من حزيران، ليثير مخاوف المستثمرين مجددا من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد والتجارة العالميين. وكان اليورو قد صعد إلى 0.8% في وقت سابق اليوم بعد تهديد ترامب في منشور آخر بفرض رسوم جمركية 25% على أبل وعلى جميع هواتف آيفون غير المصنعة في الولايات المتحدة. وارتفع اليورو في أحدث تعاملات 0.45% إلى 1.1336 دولار.