logo
بلديات 2025... إقتراع وفرز من أيام "بندق بو فتيل"

بلديات 2025... إقتراع وفرز من أيام "بندق بو فتيل"

في حين يعقد الرئيس الأميركي ترامب اتفاقات متطوّرة حول الذكاء الاصطناعي مع الدول الخليجية، يقف لبنان محشوراً في أقلام اقتراع بدائية تُكتب اللوائح فيها باليد، وتُشطب الأسماء بالقلم، وتُفرز النتائج يدوياً على ضوء الهواتف أحياناً، وتُعدّ الأصوات بالصراخ، وتُدوّن النتائج في سجلّات ورقية. في عصر التكنولوجيا، يتغنّى لبنان بإنجاز الاستحقاق البلدي ببصمة حبر على الإبهام. فهل هو إنجاز حقاً؟ أم انتخابات مسلوقة قُرّرت وأُعدّت وأُنجزت على عجل وبقيت متخلّفة عن مواكبة العصر بسنين ضوئية؟
التأخير في فرز نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس كشف المستور، وصرخات رؤساء الأقلام أعلنت بالصوت المدوّي ما حاولت وزارة الداخلية تجاهله. والنتيجة، أن الانتخابات البلدية في لبنان، وبغض النظر عن شعاراتها الإنمائية وتدخّلاتها السياسية والطائفية وحماستها الشعبية، أثبتت أن لبنان لا يزال يعيش في زمن بائد خارج حدود التحوّل الرقمي، في انفصام تام عن الواقع الذي يعيشه شبابه والعالم أجمع.
في الثامن من شباط، استلمت الحكومة الجديدة مهامها. وفي الرابع والعشرين من آذار أعلنت عن مواعيد إجراء الانتخابات البلدية التي بدأت أولى جولاتها في الرابع من أيار 2025. بسرعة وبدون مقدّمات بدأت التحضيرات. لم تأخذ في الاعتبار رؤساء الأقلام الذين نسوا كيفية التعامل مع النظام الأكثري بعد مضيّ تسع سنوات على آخر مرة مورس فيها. ووفق العميد المتقاعد إلياس خوري الذي تولّى الإشراف سابقاً على العملية الانتخابية، وفي اتصال لـ «نداء الوطن» به خارج لبنان، دُرّب هؤلاء على النظام النسبي في العام 2018 بشكل سريع وانتُقدت وزارة الداخلية حينها بسبب الفجوات الكثيرة التي ظهرت فعملت على تحسين الأمور قليلاً في العام 2022 لتعود اليوم وتقذف برؤساء الأقلام والكتاب في خضمّ النظام الأكثري دون أي تدريب أو تأمين تقنيات حديثة لهم. في العام 2016، تضمّنت الصناديق التي سلّمت لرؤساء الأقلام دليلاً ورقياً لا تزال النسخة الرقمية منه موجودة على موقع الوزارة ليعرف هؤلاء كيفية التعامل مع العملية الانتخابية بكل تفاصيلها من الاقتراع إلى فرز الأصوات. اليوم لم تحمل الصناديق هذا الدليل. ومن دون تدريب يذكر، بدا رؤساء الأقلام جاهلين كيفية ممارسة مهامهم بشكل صحيح وعلى الأخص كيف يتممون الفرز الصحيح قبل إرساله إلى لجان القيد.
لا شاشات في أقلام الاقتراع عند الفرز لرؤية اللوائح، وحتى أسماء المرشحين لم تكن مطبوعة على جداول. وكان على رئيس القلم كتابتها باليد، في حين كان يمكن طبعها مسبقاً وإضافتها إلى المحضر الموجود في الصندوق لتسهيل عملية الفرز، أو استخدام نظام الـ Excel على الكمبيوتر لتسجيل النتائج. كل ذلك لم يكن موجوداً، وتوجّب على رؤساء الأقلام كتابة الأسماء بالقلم وإضافة الأرقام أمام كل اسم ثم جمعها بواسطة الآلة الحاسبة، وانتظار المندوبين غير المدرّبين حتى يسجّلوا كل اسم. وحين نعلم أن في طرابلس مثلاً ترشح 125 اسماً، يمكن أن ندرك ثقل العملية التي ألقيت على أكتاف رؤساء الأقلام وسبّبت تأخّر النتائج. ويؤكّد مصدر مطلع: «لقد كان على الوزير أن يقدر أن انتخابات بلدية في مدينة كبرى كطرابلس تحتاج إلى كادر إداري كبير ولجان قضائية أكثر».
غرائب وعجائب الانتخابات البلدية
لم تكن اللوائح المستخدمة في الانتخابات البلدية لوائح مقفلة لا يمكن تعديلها أو إضافة اسم إليها أو شطب اسم منها كتلك التي استخدمت في الانتخابات النيابية، بل كانت لوائح مشرّعة على كل الاحتمالات. قصاصات ورق هجينة قد تحوي ما تحويه من أسماء (أو آراء وطق حنك) يمكن تعليمها بالشطب أو إضافة أسماء مكتوبة باليد. ويمكن للمقترع الذي لا يحمل لائحة مطبوعة أن يعمد إلى كتابة الأسماء بخط اليد على قصاصة ورق مع ما يتطلّبه ذلك من وقت داخل العازل لا سيّما بالنسبة لكبار السن، وعلى رئيس القلم أن يفكّ طلاسم الخط لمعرفة اسم المرشح وتسجيل نقاطه.
ومن غرائب ما شهدته الانتخابات البلدية، أنّ بعض الأقلام لم تتوافر فيها القرطاسية اللازمة من أقلام وأوراق وغيرها بعد أن تخلّف محافظ الشمال المقال عن تأمينها وفق ما أفادنا به أحد رؤساء الأقلام. كما شهدت بعض الأقلام الصغيرة في المناطق البعيدة اقتراعاً للموتى رغم بصمة الحبر بعد أن تمّ ترتيب الأمر مع رؤساء الأقلام! ومن غرائب الفرز، أن أحد المرشحين في طرابلس نال صفر أصوات في حين أنه أدلى بصوته لنفسه وكذلك فعلت عائلته، ولكن حين يُعرف أن بعض رؤساء الأقلام في طرابلس ولشدة الإرهاق الذي أصابهم عند فرز النتائج تغاضوا عن تسجيل أسماء ونقاط المرشحين الذين نالوا أصواتاً قليلة بالنسبة لغيرهم. الأمر كان من الممكن تفاديه لو كانت عملية الفرز ممكنة أو إلكترونية لا تسمح بحدوث أخطاء أو تلاعب بالنتائج أو حتى بوجود شاشة تلفزيون يمكن للمندوبين المدرّبين من خلالها تقصي الأسماء المفرزة. هذا عدا انقطاع التيار الكهربائي أثناء الفرز واضطرار رؤساء الأقلام للعمل في بعض الأحيان في غرف صغيرة لا تكاد تتّسع للمندوبين وأبوابها لا تقفل، ليتمّ بعدها نقل الصناديق باليد إلى لجان القيد.
موظفون بلا عدة
في طرابلس، أردنا النبش أكثر في خفايا العملية الانتخابية، فاستعنا بالصحافي جوزيف وهبي وهو من المخضرمين الذين واكبوا عدة عمليات انتخابية، فرسم خريطة واضحة لما حصل في طرابلس قائلاً :«إن الفوضى الإدارية سادت الانتخابات البلدية من الوزير الجديد الذي لا خبرة سابقة له في الانتخابات، إلى العدة القديمة، مروراً بالمحافظ الفاسد ووزارة التربية وصولاً إلى رؤساء الأقلام. فقد قُدمت إلى وزارة الداخلية داتا انتخابات 2022 التي تضم أسماء أساتذة أحيلوا إلى التقاعد أو هاجروا أو حتى توفوا، ولم يطّلع وزير الداخلية عليها» وفق ما يقول وهبي «ما خلق إشكاليات كبيرة في أعداد رؤساء الأقلام وتواجدهم». الأمر ذاته، يؤكده أحد هؤلاء الذي يكرر أن الداخلية لم تطلب داتا محدثة من وزارة التربية. ومن التحق من رؤساء الأقلام لم يكن مؤهلاً كفاية للسير بعمليات الفرز، كما عانى من تعب وإرهاق نتيجة عوامل متعددة. ويؤكد أكثر من مصدر طرابلسي أن محافظ الشمال لم يمنح تراخيص كافية للمندوبين ما اختصر عددهم وأثّر بشكل مباشر على العملية الانتخابية وعملية فرز الأصوات مع عدم تواجد فاعل ومكثف للماكينات الانتخابية ومندوبيها كما جرت العادة في الانتخابات السابقة.
معاناة رؤساء الأقلام
ما شهدته الانتخابات البلدية والاختيارية من فجوات تقنية ونقص في العدة المطلوبة وفي التدريب، لم يوازه فداحة إلّا المعاناة التي عاشها رؤساء الأقلام يوم الانتخابات، وفي اليوم الذي سبقه. ويخبر م. ع وهو من الأساتذة الذين استدعوا ليكونوا رؤساء أقلام أن الأمر كان أشبه بكابوس حيث استدعي مثلاً أساتذة من الجنوب ليكونوا في طرابلس وآخرون من عكار ليكونوا في أقلام زحلة. وكان عليهم القدوم يوم السبت باكراً لتلقي الصناديق ومن ثم المغادرة والعودة يوم الأحد صباحاً لبدء عملية الاقتراع مع ما يستدعيه ذلك من كلفة مالية عليهم. بعضهم اضطرّوا للمبيت في سيّاراتهم لا سيّما أن الماكينات الانتخابية لم تحتضنهم، كما في أوقات سابقة. كما أن كلفة الحصول على غرفة للمبيت توازي ما ينالونه كبدل عن دورهم كرؤساء أقلام الذي يوازي 19 مليون ليرة أي ما يعادل 215 $ ومعظمهم لا يعرفون أشخاصاً ليؤمّنوا لهم المبيت في المنطقة التي فصلوا إليها.
لم يراع مبدأ تكليف كل رئيس قلم وفق منطقته ولم تحتسب كلفة التنقل والمبيت. لقد تمّ طلب الأساتذة بناء على داتا 2022 دون سؤال الأساتذة والتأكد من رغبتهم في المشاركة. وصلت ملفات استدعاء الأساتذة إلى مدارسهم عصر يوم الجمعة ومن أراد التخلّف من هؤلاء لم يُترك له مجال للاعتراض، ولم يستطع الاتصال بأي رقم لإعلان تخلّفه معرّضاً نفسه بذلك لعقوبات مسلكية. ولم يتلق الأساتذة المكلفون أي تدريب بل مجرد فيديو من الاتحاد الأوروبي حول كيفية فتح الصناديق وإغلاق الأوراق، فيما بقي التدريب على عمليات الفرز غائباً. وبسبب البعد الجغرافي، لم يتمكن بعض رؤساء الأقلام من الوصول باكراً سواء لتسلم الصناديق، أو حتى للبدء بالعملية الانتخابية التي تأخّرت بدورها.
شكّلت عملية الفرز كابوساً آخر لهؤلاء، ما اضطرّهم بعد نهار انتخابي طويل إلى قضاء الليل يفرزون يدوياً ويكتبون الأسماء والأرقام بخط اليد مع صفر مكننة. والمكننة هنا، لا يُقصد بها أدوات الذكاء الاصطناعي أو الماسحات الضوئية، بل مجرد طباعة الأسماء واحتساب النتائج على برامج الإكسل على الكمبيوتر. ويروي أحد رؤساء الأقلام في طرابلس، أن التعب أخذ منهم مأخذاً بحيث قام بعض رجال الدرك بمساعدتهم في عملية الفرز ليس لتغيير النتائج بل للإسراع فيها.
ألم يحن الوقت؟
في ظلّ كل إشكاليات الفرز اليدوي وانعكاساته السلبية التي تؤثر على مصداقية العملية الانتخابية وشفافية النتائج ألم يحن الوقت في لبنان لتحديث آليات الفرز وجعلها مواكبة للعصر كما هو معمول به في العديد من الدول العصرية؟
أحد خبراء التحوّل الرقمي يقدّم المقترحين الآتيين اللذين يمكن اعتمادهما :الأول، ما يعرف بالـ E VOTING أي استخدام أجهزة تصويت إلكترونية تعمل بالشاشات اللمسية أو عن بعد بواسطة الإنترنت حيث يتم اختيار اسم المرشح أو اللائحة وتخزن الأصوات مباشرة في قاعدة بيانات ما يؤمّن نتائج فورية ويقلّل من الأخطاء. لكن ذلك يتطلب تجهيزات قد تكون كلفتها عالية وتحتاج إلى وعي عند الناخبين.
أما الثاني، فيمكن من خلاله اعتماد أوراق اقتراع ورقية مصمّمة بشكل موحّد يقوم جهاز ماسح ضوئي scan بقراءتها وتسجيل النتائج مباشرة على برنامج معدّ لهذا الغرض ما يتيح سرعة قصوى في الفرز ونتائج خالية من الأخطاء البشرية. ويمكن هنا الاحتفاظ باللوائح الورقية كنسخة احتياطية للرجوع إليها في حال حدوث أي خلل إلكتروني. هذه الطريقة قد تكون الأنجح في لبنان شرط توافر الكهرباء والاتصال بالإنترنت بشكل دائم.
المصدر: نداء الوطن
الكاتب: زيزي اسطفان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في حال عدم تصنيع هواتفها في أميركا... ترامب يهدد آبل بتعريفة جمركية!
في حال عدم تصنيع هواتفها في أميركا... ترامب يهدد آبل بتعريفة جمركية!

ليبانون 24

timeمنذ 15 دقائق

  • ليبانون 24

في حال عدم تصنيع هواتفها في أميركا... ترامب يهدد آبل بتعريفة جمركية!

هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب شركة "آبل" بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على منتجاتها، إذا لم تبدأ تصنيع هواتف "آيفون" المخصصة للسوق الأميركية داخل الولايات المتحدة. وجاء تهديد ترامب في منشور عبر منصته "Truth Social"، حيث قال: "أبلغتُ تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع وبناء هواتف آيفون التي تباع في الولايات المتحدة الأمريكية داخل البلاد، لا في الهند أو أي مكان آخر". وأضاف: "إذا لم يتحقق ذلك، فعلى آبل أن تدفع تعريفة جمركية لا تقل عن 25% للولايات المتحدة". وقد انعكس هذا التهديد فورا على حركة الأسواق، إذ تراجعت أسهم آبل بأكثر من 4% في تداولات ما قبل افتتاح السوق، كما تأثرت المؤشرات الرئيسية في "وول ستريت"، حيث تشير التوقعات إلى افتتاح مؤشر "ناسداك"، الذي يضم شركات التكنولوجيا الكبرى، على انخفاض يقارب نصف نقطة مئوية، في حين يُتوقع أن يتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو أربعة أعشار بالمئة. وتعد "آبل"، التي تقدر قيمتها السوقية بنحو 3.4 تريليون دولار، الشركة المدرجة الأعلى قيمة في العالم.

هل يصل برج ترامب حقاً إلى دمشق؟
هل يصل برج ترامب حقاً إلى دمشق؟

سيدر نيوز

timeمنذ 27 دقائق

  • سيدر نيوز

هل يصل برج ترامب حقاً إلى دمشق؟

قبل اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز بأنّ مشروع بناء 'برج ترامب' في دمشق، يندرج ضمن خطة استراتيجية يتبنّاها الشرع لتأمين هذا اللقاء خلال جولة ترامب في الشرق الأوسط. وتتضمن الخطة أيضاً تهدئة التوتر مع إسرائيل، ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد النفط والغاز السوري. وقد شارك الناشط الأمريكي المؤيّد لترامب، جوناثان باس، في ترتيب اللقاء التاريخي بين الرئيسين، بعد أن التقى بالشرع في دمشق بتاريخ 30 أبريل/نيسان الماضي، في اجتماعٍ دام أربع ساعاتٍ. وقال باس لرويترز: 'الشرع يريد صفقة لمستقبل بلاده'، مشيراً إلى أنّ هذه الصفقة قد تتضمّن استغلال موارد الطاقة، والتعاون في مواجهة إيران، وتحسين العلاقات مع إسرائيل. وأضاف: 'أخبرني الشرع بأنّه يريد بناء برج ترامب في دمشق، ويريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل'. وأشار باس إلى أنّ الشرع تحدّث أيضاً عن رابطٍ شخصيٍّ يراه بينه وبين ترامب، إذ سبق لكليهما أن نجا من محاولة اغتيال. كلفة تصل إلى 200 مليون دولار بارتفاع يبلغ 45 طابقاً، وتكلفة محتملة تصل إلى 200 مليون دولار، وكلمة 'ترامب' محفورةٌ بالذهب على قمّته، تبدو فكرة برج ترامب في العاصمة السورية دمشق كمشروع صُمّم خصيصاً لجذب انتباه رئيس الولايات المتحدة، بحسب ما أفادت صحيفة 'الغارديان' البريطانية. وقال وليد محمد الزعبي، رئيس مجموعة 'تايغر' الإماراتية التي تُقدَّر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار، وتشرف على تطوير المشروع: 'هذا المشروع هو رسالتنا. فهذا البلد الذي عانى وأنهك شعبه لسنواتٍ عديدة، وخصوصاً خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة من الحرب، يستحق أن يتّخذ خطوةً نحو السلام'. وقدّم اقتراح بناء البرج في سياق مسعى الحكومة السورية الجديدة إلى كسب ودّ الإدارة الأمريكية، من خلال رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع واشنطن، وتزامن ذلك مع عرض يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى النفط السوري وفرصاً استثمارية، إلى جانب تقديم ضماناتٍ لأمن إسرائيل. وكانت سوريا خاضعة لعقوبات أمريكية منذ عام 1979، والتي تفاقمت بعد حملة القمع الدموية التي شنّها الرئيس السوري السابق بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين عام 2011. ورغم سقوط الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أبقت الولايات المتحدة على العقوبات، خشي من الحكومة الجديدة التي يقودها إسلاميون. وفي الأسبوع الماضي، أعلن ترامب رفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا، بعد لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، واصفاً إيّاه بـ'الرجل الجذّاب والقوي'. والآن، مع رفع العقوبات وتوطيد العلاقات مع واشنطن، قد ينتقل برج ترامب من مجرد تصميمٍ معماريٍّ إلى واقعٍ ملموس. ومن المقرّر أن يتوجّه وليد الزعبي إلى دمشق هذا الأسبوع لتقديم طلبٍ رسميٍّ للحصول على تراخيص بناء البرج الشاهق. وقال الزعبي: 'ندرس عدّة مواقع، ونقترح بناء 45 طابقاً، قابلة للزيادة أو النقصان حسب الخطة'، مضيفاً أنّ تكلفة بناء البرج التجاري ستتراوح بين 100 و200 مليون دولار. وبعد حصوله على رخصة البناء، سيحتاج الزعبي إلى التواصل مع علامة ترامب التجارية للحصول على حقوق الامتياز. ولا تتضمّن الصور التي حصلت عليها صحيفة 'الغارديان' لنموذج المبنى شعار ترامب، إذ لا يزال الحصول على ترخيص الامتياز جارياً. وقد قُدّر أنّ عملية البناء ستستغرق ثلاث سنوات، تبدأ فور حصوله على الموافقات القانونية من الحكومة السورية، إلى جانب الحصول على الحقوق من منظمة ترامب التجارية. لكنّ العقبات لا تزال قائمة، إذ إنّ عملية رفع العقوبات لم تتّضح بعد، كما أنّ الاقتصاد السوري المنهك والبيئة السياسية الهشّة قد يُعقّدان تنفيذ المشروع. ويوظّف رجل الأعمال السوري-الإماراتي أحد مديري مشاريع برج ترامب في إسطنبول، وقد أنجز الزعبي نحو 270 مشروعاً في أنحاء الشرق الأوسط، ويعمل حالياً على بناء برج 'تايغر سكاي' في دبي، وهو مشروعٌ تبلغ قيمته مليار دولار، ويُقال إنّه سيضم 'أعلى مسبح في العالم'. وكان الزعبي قد التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في يناير/كانون الثاني، قبيل تولّيه الرئاسة. استمالة ترامب ولدت فكرة إنشاء برج ترامب في دمشق في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن طرح عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري جو ويلسون الفكرة في خطاب أمام الكونغرس. وقال رضوان زيادة، الكاتب السوري المقرب من الشرع: 'كانت الفكرة الرئيسية هي جذب انتباه الرئيس ترامب'، وطرح على الزعبي فكرة بناء برج ترامب، وبدأ الاثنان العمل على المشروع. وكان هذا النهج جزءًا من حملةٍ ترويجيةٍ متعددة الجوانب تهدف إلى وضع سوريا على أجندة ترامب الذي لم يُدل بتصريحاتٍ تُذكر بشأن سوريا عند توليه منصبه، حيث بدا الطريق إلى رفع العقوبات طويلًا. واستضاف الرئيس السوري رجال أعمال أمريكيين وأعضاءً في الكونغرس في دمشق، حيث قاموا بجولة في سجون الأسد وقرى مسيحية حول العاصمة السورية. وفي غضون ذلك، التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بزعماءٍ روحيين مقرّبين من إدارة ترامب، خلال زيارته إلى الأمم المتحدة في نيويورك. ومع استمرار التحركات الدبلوماسية، بدا 'برج ترامب' وسيلةً لاستمالة الرئيس الأمريكي، في ظلّ طريقته غير التقليدية التي تطمس الحدود بين مصالح عائلته التجارية ومنصبه السياسي، لا سيما في الشرق الأوسط، حيث سبق أن منحته قطر طائرةً فاخرةً. وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي، قدّم رضوان زيادة نموذجاً أولياً للبرج إلى الشيباني، الذي أبدى 'حماساً شديداً'، بحسب وصفه. كما سلّم النموذج إلى السفير السعودي في دمشق، على أمل أن يصل إلى فريق ترامب عبر الرياض. وقال زيادة: 'هكذا تكسب عقله وقلبه'. كتاب فن الصفقة: تعرف على نصائح ترامب لكسب المال ترامب: سنمتلك غزة ونحولها إلى 'ريفيرا' الشرق الأوسط.. ما تفاصيل خطة ترامب لقطاع غزة؟ وازدادت ثقة زيادة باستراتيجيته بعد أن نشر ترامب مقطع فيديو في فبراير/شباط الماضي يظهر برج ترامب في غزة كجزء من اقتراحه المثير للجدل لتهجير الفلسطينيين من القطاع وبناء ريفييرا فاخرة في الأراضي الفلسطينية. ويأمل السوريون أن يؤدي مشروع عقاري كبير مثل برج ترامب إلى جذب المزيد من الاستثمارات الدولية إلى سوريا. وهناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والخدمات الأساسية، تتجاوز المشاريع الاستثمارية البراقة، وتُقدّر الأمم المتحدة أن 90 في المئة من الشعب السوري يعيشون في فقر، ويقضون معظم يومهم دون كهرباء أو رعاية طبية مناسبة. وقال الزعبي: 'يتعلق المشروع بكيفية انتقال هذا البلد الذي مزقته الحرب إلى مكان مليء بالنور والجمال، إنه مشروع رمزي يساهم في الأمن والسلام'. يذكر أن هناك العديد من المباني المعروفة باسم 'أبراج ترامب' حول العالم. وبينما يرتبط اسم 'برج ترامب' بشكل رئيسي بناطحة السحاب المكونة من 58 طابقاً في مدينة نيويورك، هناك العديد من المباني الأخرى التي تحمل الاسم نفسه في مواقع مختلفة، بما في ذلك في لاس فيغاس وشيكاغو، وحتى في خارج الولايات المتحدة في أماكن مثل إسطنبول في تركيا، ومومباي في الهند. وقد يكون تحديد العدد الدقيق أمراً صعباً بعض الشيء، لأن بعض المباني مرخصة باستخدام الاسم، بينما تمتلك مؤسسة ترامب بعضها الآخر وتديره مباشرةً.

ترامب يهدد بفرض رسم جمركيّ على آبل
ترامب يهدد بفرض رسم جمركيّ على آبل

LBCI

timeمنذ ساعة واحدة

  • LBCI

ترامب يهدد بفرض رسم جمركيّ على آبل

هدّد الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، شركة آبل بفرض رسم جمركيّ قدره 25% ما لم تقم بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة. وقال ترامب في منشور على منصته تروث سوشال: "لقد أبلغت تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة، وليس في الهند أو في أي مكان آخر". وأكّد أنّه إذا لم يحصل ذلك، سيتوجب على آبل دفع رسم جمركي قدره 25% على الأقل للولايات المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store