
الشرق الأوسط في منتصف 2025 تحولات جيوسياسية عميقة وتوقعات مضطربة
يشهد الشرق الأوسط في منتصف عام 2025 تحولات جيوسياسية متسارعة وتوترات متصاعدة، مما يعيد تشكيل موازين القوى ويلقي ظلالاً من عدم اليقين حيال المستقبل. لم تعد المنطقة مجرد ساحة للصراعات التقليدية، بل أصبحت بؤرة لتصادم المصالح الكبرى والتفاعلات المعقدة، مدفوعة بأحداث بارزة وتقاطعات إقليمية ودولية.
الأحداث الراهنة: استمرارية الأزمات وتعميق التعقيدات
لا يزال الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو الأكبر في المنطقة. ففي غزة، على رغم انحسار العمليات العسكرية الكبرى، تواجه جهود إعادة الإعمار تحديات هائلة بسبب الدمار الشامل ونقص التمويل الدولي والخلافات على مستقبل الإدارة في القطاع. كما أن التوترات على الحدود لا تزال مرتفعة، وهناك مخاوف مستمرة من تجدد المواجهات. أما في الضفة الغربية، فيشهد الوضع تصاعدًا ملحوظًا في التوترات مع تزايد عمليات الاستيطان والاشتباكات بين المستوطنين والفلسطينيين، مما يهدد بإشعال جبهة جديدة للعنف. ويبدو مسار حل الدولتين في حالة جمود تام، مع غياب أي مبادرة دولية فاعلة.
ويمثل الملف النووي الإيراني نقطة تحول رئيسي. فبعد انتهاء الحرب الكبيرة القصيرة بين اسرائيل وإيران بضربة أميركية دقيقة على مواقع نووية ايرانية رئيسية، مما أدى إلى تدميرها بالكامل كما جاء في كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأمر الذي يعيد عقارب الساعة للوراء بشكل كبير بالنسبة الى البرنامج النووي الإيراني، ووقف النار الشامل بوساطة أميركية-قطرية، تركت المنطقة في حالة من الغموض حيال مستقبل الأمن والاستقرار فيها، مع تساؤلات حادة حيال قدرة إيران على استئناف برنامجها النووي.
وبعد سقوط النظام الأسدي المخلوع في كانون الأول\ ديسمبر 2024، تشهد سوريا مرحلة انتقالية معقدة ومحفوظة بالتحديات. وعلى رغم التوقعات بتحسن الوضع الأمني خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، فإن الهجمات الإرهابية لا تزال تشكل تهديداً، إذ شهدت دمشق قبل أيام هجومًا على كنيسة مار الياس. كما أن هناك تحديات كبيرة تتعلق بإعادة بناء البلاد، وعودة النازحين، وتوفير مقومات العيش الأساسية ومعالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
وفي اليمن، يستمر النزاع على رغم فترات هدوء هشة، ولا تزال المفاوضات متعثرة، وتستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، مع تداعيات إقليمية على الملاحة في البحر الأحمر.
أما التنافس السعودي-الإيراني، فعلى رغم التقارب الذي شهدناه عام 2023 على مستوى خفض التصعيد المباشر، لا يزال التنافس على النفوذ قائماً. العلاقات الديبلوماسية قائمة وهناك قنوات اتصال لتجنب المواجهة المباشرة، لكن المنافسة الجيوسياسية على النفوذ في اليمن والعراق وسوريا ولبنان مستمرة، وإن كانت تتم بوسائل أقل حدة وأكثر ديبلوماسية في العلن.
التوقعات المستقبلية: مزيد من التعقيد وعدم اليقين
من المتوقع أن تستمر حالة "لا حرب ولا سلم" في العديد من مناطق الصراع، مع فترات من الهدوء النسبي تتبعها موجات من التصعيد، من دون التوصل إلى حلول جذرية. مع غياب الأفق السياسي، من المتوقع أن تزداد التوترات في الضفة الغربية، وقد تتجدد المواجهات العسكرية في غزة بشكل متقطع. وستظل التداعيات الإقليمية على دول الطوق مثل الأردن ولبنان مصدر قلق بالغ.
ستواصل الصين تعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة من خلال مبادرة "الحزام والطريق" والاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية، وقد يتبع ذلك تعزيز لنفوذها السياسي. بينما ستحافظ روسيا على وجودها العسكري والديبلوماسي في سوريا، وتسعى الى تعزيز علاقاتها بدول المنطقة، خصوصاً في مجالي الطاقة والأسلحة.
وقد نشهد مزيداً من التقاربات غير المتوقعة بين بعض الدول الإقليمية لتشكيل تحالفات جديدة لمواجهة التحديات المشتركة أو لموازنة نفوذ قوى أخرى. كما أن هناك تطلعاً متزايداً لدى بعض الدول العربية من أجل تنويع تحالفاتها وعدم الاقتصار على شريك دولي واحد.
وستظل التحديات الاقتصادية، مثل الحاجة إلى تنويع الاقتصادات بعيداً من النفط وتوفير فرص عمل للشباب ومواجهة التضخم، قضايا ملحة تضغط على الاستقرار الداخلي للدول. وتزداد حدة أزمة المياه وتأثيرات التغير المناخي، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات حيال الموارد وزيادة الهجرة الداخلية والإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، ستلعب وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا دوراً متزايداً في تشكيل الرأي العام وتأجيج الاحتجاجات أو التعبئة الاجتماعية، مما يمكن أن يكون عاملًا في زعزعة الاستقرار الداخلي للدول أو تعزيزه.
الخلاصة
يواجه الشرق الأوسط في منتصف عام 2025 مستقبلًاً معقداً تتشابك فيه الصراعات القديمة مع التحديات الجديدة. وبينما لا تبدو في الأفق حلول سريعة للعديد من الأزمات، فإن قدرة دول المنطقة على إقامة حوارات بناءة، وتغليب المصالح المشتركة على الخلافات، والتعامل مع التحديات الاقتصادية والبيئية، ستحدد إلى حد كبير مسارها نحو الاستقرار أو مزيد من الاضطراب. إن الدور المتغير للقوى الدولية والتنافس المتزايد يزيدان من صعوبة التكهن بمستقبل المنطقة، لكن المؤكد أن المرحلة امقبلة ستكون حافلة بالتحديات والتحولات الجيوسياسية العميقة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 12 دقائق
- المنار
الخير بارك الانتصار الايراني: سنبقى نرفع لواء المقاومة بمواجهة الإجرام الصهيوني
دعا رئيس 'المركز الوطني في الشمال' كمال الخير 'الدولة اللبنانية للتحرك على كل المستويات لردع العدو الاسرائيلي عن إنتهاكاته اليومية لوقف اطلاق النار واستهدافه المواطنين في بلداتهم الجنوبية تحت مرأى الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل'. في سياق آخر، هنأ الخير 'الجمهورية الاسلامية في إيران بالانتصار العظيم الذي تحقق على العدو الصهيوني وأعوانه الذين يحاولون منذ زمن النيل من وحدتها'، آملا 'الرحمة والخلود للشهداء والشفاء العاجل للجرحى'. واعتبر الخير أن 'التحالف الإسرائيلي الأميركي لم يستطع أن يحقق ما أراد رغم عدوانه الغادر الذي استخدم خلاله آلته العسكرية التي لم تحسم المعركة لصالحهما، بل بقيت الصواريخ الإيرانية تدك كامل الأراضي المحتلة وتلحق الأضرار الهائلة بالكيان الغاصب وتقتل وتجرح المستوطنين الذين شاهدهم العالم أجمع كيف لجأوا الى البحر للهرب بالزوارق من الصواريخ الايرانية'. وقال الخير إن 'الحرب مع المشروع الصهيوني في منطقتنا لم ولن تنتهي كما يحاول بعض المطبعين الترويج لها، بل ستبقى مستمرة ومفتوحة على كل الجبهات من اليمن الى ايران والعراق ولبنان وفلسطين، وسنبقى رافعين لواء المقاومة لمواجهة الإجرام الصهيوني'، واضاف 'لن نقبل أن يبقى شبرا من أوطاننا تحت الإحتلال مهما بلغت التضحيات'. من جهة ثانية، استنكر الخير 'العملية الإجرامية التي استهدفت كنيسة مار الياس في دمشق'، ودعا 'شعوب أمتنا لمواجهة الإرهاب واستئصاله من جذوره، لأنه خطر على أوطاننا ومجتمعاتنا وعلى كل الطوائف'. المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام


النهار
منذ 23 دقائق
- النهار
هذا الفيديو لشجار بين رجلين لا علاقة له بالحرب بين إسرائيل وإيران FactCheck#
نشرت حسابات على موقع التدوينات القصيرة إكس (تويتر سابقا) فيديو بمزاعم أنه لـ"شجار بين إسرائيلي وإيراني في أوستراليا" على خلفية الحرب بين بلديهما. الا أن هذا الزعم مضلل تماما. FactCheck# "النّهار" دقّقت من أجلكم فقد تداولت حسابات على اكس فيديو لشجار بين رجلين، أحدهما أصغر سنا من الاول. وكُتب عليه (من دون تدخل): "المكان أوستراليا... صهيوني يتعرض لشاب إيراني بالضرب، ولكن كانت المفاجأة بصاروخ بالستي من الشاب الايراني". المكان أستراليا 🇦🇺 خنزير صهيوني يتعرض لشاب إيراني بضرب ولكن كانت المفاجاة بصاروخ بالستي من الشاب الايراني ! — آلهہــــآربــ مـنــ جهہنـــمــ & Ταℓαατ zαмααи (@TalatWbas) June 25, 2025 لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (اكس) ولكن البحث العكسي قاد، بعد تفكيك الفيديو إلى صور، عبر أداة InVid، إلى أن هذه المزاعم مضللة تماما. فقد تم تداول هذا المقطع في انستغرام في 3 حزيران 2025، بينما نُشر على موقع التواصل reddit ضمن مجموعة r/fightporn المعنية بنشر لقطات المشاجرات وقتال الشوارع، وذلك في تاريخ 4 حزيران/ يونيو الجاري، وأرفق بتعليق: "صفعة للأسبوع المقبل". View this post on Instagram A post shared by Co hefner (@ave7co) كذلك، نشرته حسابات على إكس، بينها مجموعة/ مجتمع تسمى " جنائيات"، في التاريخ ذاته، وكتب معه تعليقاً (من دون تدخل): "اسمع صوت الضربة". اسمع صوت الضربة — معاذ عيد - جنائيات (@Muath_VG) June 4, 2025 ولم يتسن لـ"النهار" التوصل إلى مكان الواقعة وجنسية الشخصين وسبب الشجار بينهما. لكن المؤكد أن لا علاقة للفيديو بالحرب الإيرانية- الإسرائيلية ، التي بدأت في 13 حزيران/يونيو الجاري. وشنّت إسرائيل هجمات عنيفة على قلب الهيكل النووي والعسكري الإيراني، ونشرت طائرات حربية وطائرات بدون طيار تم تهريبها سابقا إلى البلاد لمهاجمة المنشآت الرئيسية وقتل كبار الجنرالات والعلماء. وأكدت إسرائيل أن الوابل كان ضروريا قبل أن يقترب خصمها من بناء سلاح نووي على الرغم من أن الخبراء والحكومة الأميركية قدروا أن إيران لم تكن تعمل بنشاط على مثل هذا السلاح قبل الضربات. وردت إيران بإطلاق موجات من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، حيث اندلعت انفجارات في سماء القدس وتل أبيب ودمرت أبنية وأوقعت قتلى وجرحى. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في تصريحات صحافية، إنّ الولايات المتحدة ستعقد مباحثات مع إيران خلال "الأسبوع المقبل"، بعد الحرب بين طهران وإسرائيل ، والتي تدخلت فيها واشنطن عبر قصف منشآت نووية في الجمهورية الإسلامية. وقال ترامب في مؤتمر صحافي، في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في مدينة لاهاي: "سنتحدّث إلى الإيرانيين الأسبوع المقبل، قد نوقّع اتفاقاً بشأن برنامج طهران النووي، لا أعرف". الخلاصة: الفيديو المتداول قديم، اذ نشر قبل بداية الهجوم الاسرائيلي على ايران في 13 حزيران 2025.


بيروت نيوز
منذ 41 دقائق
- بيروت نيوز
الخير يدعو الدولة للتحرك ضد الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب
هنأ رئيس 'المركز الوطني في الشمال' كمال الخير 'اللبنانيين عموما والمسلمين خصوصا بحلول السنة الهجرية الجديدة'، متمنيا أن 'يعيده الله على أمتنا وأوطاننا بالخير والبركة'. ودعا الخير امام وفود شعبية امت دارته في المنية، الدولة 'ممثلة برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، للتحرك على كل المستويات لردع العدو الاسرائيلي عن إنتهاكاته اليومية لوقف اطلاق النار واستهدافه المواطنين في بلداتهم الجنوبية تحت مرأى الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الذين سجلوا آلاف الاعتداءات وسقوط عشرات الشهداء والجرحى منذ لحظة وقف النار الذي لم يلتزم به جيش العدو، مما شكل اساءة للدولة اللبنانية وموقفها الضعيف الذي لم يرتق لمستوى الحدث، لأن من واجب الدولة حماية مواطنيها والدفاع عن الوطن من الأخطار المحدقة به'. وتوجه الخير بالتهنئة والتبريك الى الجمهورية الاسلامية في إيران، بـ'الانتصار العظيم الذي تحقق على العدو الصهيوني وأعوانه الذين يحاولون منذ زمن النيل من وحدتها'، آملا 'الرحمة والخلود للشهداء والشفاء العاجل للجرحى'. واعتبر أن 'التحالف الإسرائيلي الأميركي لم يستطع أن يحقق ما أراد رغم عدوانه الغادر الذي استخدم خلاله آلته العسكرية التي لم تحسم المعركة لصالحهما، بل بقيت الصواريخ الإيرانية تدك كامل الأراضي المحتلة وتلحق الأضرار الهائلة بالكيان الغاصب وتقتل وتجرح المستوطنين الذين شاهدهم العالم أجمع كيف لجأوا الى البحر للهرب بالزوارق من الصواريخ الايرانية'. ورأى أن 'الحرب مع المشروع الصهيوني في منطقتنا لم ولن تنتهي كما يحاول بعض المطبعين الترويج لها، بل ستبقى مستمرة ومفتوحة على كل الجبهات من اليمن الى ايران والعراق ولبنان وفلسطين، وسنبقى رافعين لواء المقاومة لمواجهة الإجرام الصهيوني، ولن نقبل أن يبقى شبرا من أوطاننا تحت الإحتلال مهما بلغت التضحيات لأننا أصحاب الأرض الأصليين ومتمسكون بحقنا في تحرير فلسطين والمقدسات. وعلى الصهاينة التحضير للهزيمة الكبرى والهروب التام من فلسطين في الحرب المقبلة'. وختم الخير مستنكرا 'العملية الإجرامية التي استهدفت كنيسة مار الياس في دمشق'، داعيا 'شعوب أمتنا لمواجهة الإرهاب واستئصاله من جذوره، لأنه خطر على أوطاننا ومجتمعاتنا وعلى كل الطوائف، فلا يمكن لأي طائفة أو مذهب أن تتعايش مع هكذا فكر جهنمي لا يحترم الرأي الآخر ولا يقبل بوجود أي طرف لا يوافقه أفكاره الإجرامية'.