
في ظل المشهد السياسي المغربي ومع اقتراب الموعد الانتخابي المقبل المثير للجدل حول من سيكون صاحب الحظ لرفع الكأس لقيادة الحكومة المقبلة
المغربية المستقلة : متابعة نورالدين فخاري
.مع اقتراب الموعد الانتخابي المقبل، ومعه الجدل الدائر حول من سيكون صاحب الحظ لرفع الكأس لقيادة الحكومة المقبلة؟ يعود السؤال التقليدي ليطفو على السطح: هل سنشهد تغييرا حقيقيا تفرزه صناديق الاقتراع، أم أن الأمر لن يكون سوى إعادة توزيع للأوراق داخل نفس الدائرة المغلقة؟
في المغرب، الانتخابات ليست مجرد استحقاق ديمقراطي، بل هي قبل كل شيء محطة لإعادة ضبط التوازنات، ومحاولة بعث الروح في مؤسسات تبدو متآكلة من الداخل.
لهذا، فإن الاستعدادات تجري على أكثر من صعيد: من خلال هندسة جديدة للخريطة الانتخابية سواء بإعادة توزيع الأعيان وتوجيههم للانتقال من هذا الحزب نحو ذاك، فيما يشبه الميركاتو الخاص بالأندية الرياضية، أو من خلال التعديلات التي تخضع لها القوانين الانتخابية قبيل كل استحقاق انتخابي، وذلك حتى لا تحمل الصناديق مفاجآت غير مرغوب فيها.
في الطرف الآخر، تبدو الأحزاب السياسية، على اختلاف مرجعياتها، عاجزة عن التقاط الإشارات، أو ربما غير مهتمة بذلك. وكأنها فهمت أن التدافع الحقيقي لا يتم بين برامج ومشاريع سياسية، بقدر ما هو صراع على المواقع والمقاعد.
ولأن الناخب بدوره فقد ثقته في اللعبة، فإنه يجد نفسه حائرا بين العزوف عن المشاركة أو التصويت وفق منطق 'أخف الضررين'.
أما الحكومة الحالية، التي جاءت تحت شعار 'الأفضل' أو ما أطلق عليه حزب رئيسها بالتعبير الدارج 'تستاهل أحسن'، فتبدو كمن يجر رجليه بصعوبة وسط رمال متحركة. وعود كثيرة لم تتحقق، وسياسات مرتبكة زادت من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات البطالة. فكيف لحزب يقود حكومة 'غير شعبية' أن يطمح إلى تصدر الانتخابات من جديد؟
وفي ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل سيظل الناخب متفرجا على مشاهد متكررة، أم أن هناك إمكانية لعودة بعث الروح في العملية الانتخابية؟
البعض يراهن على عنصر المفاجأة، لكنه ينسى أن السياسة في المغرب لا تؤمن بالمفاجآت، بل بحسابات دقيقة تُرسم مسبقا، وفق منطق لا يترك مجالا كبيرا للمغامرة، إلا إذا جرت رياح السياقات الدولية والداخلية بما لا تشتهيه السفن.
في كل موسم انتخابي، يخرج الساسة بخطابات جديدة ووعود براقة، وكأن ذاكرة المواطن المغربي صفحة بيضاء تُمحى مع كل دورة انتخابية. لكن المشهد، هذه المرة، يبدو أكثر ضبابية، حيث لم يعد أحد يملك الجرأة الكافية ليبشر بزمن سياسي مختلف أو يروج لحلم الإصلاح الذي تحول إلى شعار مستهلك.
حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يترأس الحكومة بقيادة عزيز أخنوش، سيدخل هذه الانتخابات مُثقلا بحصيلة حكومية مشحونة بالوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ. شعار 'الدولة الاجتماعية' الذي رفعه الحزب تحول إلى مجرد حبر على ورق، بعدما اصطدم المواطن بواقع الأسعار الملتهبة والقدرة الشرائية المنهارة. فهل من المعقول أن يعود الناخبون لمنح ثقتهم لحزب أخنوش وهم الذين اكتووا بنار قرارات حكومته؟ في ظل هذا الوضع، يبدو أن 'الحمامة' ستواجه انتكاسة قاسية، وسيكون من الصعب عليها أن تكرر سيناريو 2021.
أما حزب العدالة والتنمية، الذي لا يزال يلعق جراحه بعد هزيمته المدوية في الانتخابات السابقة، فيبدو أنه يحاول إعادة ترميم بيته الداخلي أملا في استعادة جزء من قاعدته الانتخابية. لكن الواقع أن الحزب الإسلامي لم يعد بذلك البريق، بعد تجربة حكومية جعلته يفقد جزءا هاما من شعبيته. ومع ذلك، في ظل تراجع أداء الحكومة الحالية، قد يتمكن من استعادة بعض المقاعد، لكن ليس بالقدر الذي يعيده إلى صدارة المشهد.
حزب الاستقلال، العائد إلى الحكومة بعد سنوات من المعارضة، يجد نفسه اليوم عالقا بين إرثه التاريخي والتزاماته داخل التحالف الحكومي. نزار بركة، الذي كان يُنظر إليه كرجل توافقي، لم يتمكن من إحداث الفارق في الملفات الكبرى التي وُضعت بين يديه. ومع ذلك، يظل حزب الميزان قادرا على الاحتفاظ بقوته الانتخابية المعتادة، خاصة في معاقله التقليدية، لكن من المستبعد أن يحدث اختراقا يُعيده إلى الصف الأول.
حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يحقق حلمه الذي خلق من أجله، بديلا سياسيا لقيادة حكومة الدولة المغربية، بات اليوم مجرد مكون باهت داخل الحكومة، يعاني من أزمة هوية واضحة. إذ لم يستطع عبد اللطيف وهبي، الذي شكل حالة استثنائية بتصريحاته المثيرة للجدل، أن يمنح حزبه القوة التي كان يطمح إليها، خاصة بعدما جرت تصريحاته المستفزة لقيم ومرجعيات المغاربة وابلا من الانتقادات الحادة، مما يجعل 'الجرار' مهددا بفقدان جزء من حصته الانتخابية.
وفي مقابل هذا المشهد، تظل الأحزاب اليسارية التقليدية كحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تائهة بين الرغبة في استعادة دورها التاريخي، وعجزها عن تقديم خطاب قادر على جذب الناخبين الجدد. فيما يظل فيدرالية اليسار يعاني من محدودية امتداده الشعبي.
لكن المفاجأة الحقيقية، قد تأتي من نسبة المشاركة، التي ستحدد مدى شرعية الانتخابات المقبلة. فإذا استمرت وتيرة العزوف السياسي، فإن المشهد لن يتغير كثيرا، وستُعاد صياغة نفس التوازنات، إما بذات اللاعبين أو بألوان مختلفة. والأمران في النتيجة سواء.
هكذا إذن، تبدو الانتخابات المقبلة أشبه بفنجان تقرأ من خلاله مستقبل بلد ظل عالقا بين خطاب الإصلاح المتذبذب ومنطق الاستمرارية المحافظ. لذلك، إما أن تتغير اللعبة بأدواتها القديمة، أو أن يبقى الحال على ما هو عليه، مع بعض الرتوشات التجميلية التي لن تغير من جوهر الصورة شيئا. ليبقى السؤال الكبير الواجب طرحه على الإدارة والأحزاب: ما الذي نريد أن نحققه لصالح المغرب خلال قادم الاستحقاقات الانتخابية؟ هل نريد انتخابات تُخرج من صناديقها نخبا جديدة، ذات مصداقية، وتفرز لنا أغلبية منسجمة ومعارضة؟ أم نريد فقط إعادة رسم نفس السيناريوهات غير الآبهة بالإرادة الشعبية لجمهور الناخبين على الأقل، ما دامت الأغلبية صامتة وصائمة عن المشاركة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


طنجة 7
منذ 4 ساعات
- طنجة 7
بعد قضية برلماني الأحرار.. منح أجنبي 2 مليار من أجل مشروع 'لم ينجز' في اكزناية!
طالب البرلماني مصطفى ابراهيمي وزارة الصيد البحري بتوضيحات بخصوص مشروع تفريخ سمكي لم ينجز في منطقة اكزناية قرب طنجة، رغم منح مستثمر أجنبي دعما بقيمة 2 مليار سنتيم. وربط البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الملف بقضية نائب حزب التجمع الوطني للأحرار امبارك حمية، الذي حصل بدوره على دعم بقيمة مليار سنتيم، لإنجاز مشروع لتربية الرخويات في مدينة الداخلة، وفق إعلان لكاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري زكية الدريوش. وقال ابراهيمي 'على إثر تصريحكم بالدعم الذي قدمتموه لأحد المنتسبين لحزبكم بمدينة الداخلة والمتعلق بالاستثمار في مجال تفريخ الرخويات، خرجت مجموعة من وسائل الإعلام الوطنية بمعطيات جديدة حول مشروع آخر استفاد منه أحد الأجانب بقيمة 2 مليار سنتيم لاقتناء معدات لتفريخ الأسماك ذات الجودة العالية، بإشراف من وزير الفلاحة السابق السيد محمد الصديقي منذ 2023 بإقليم طنجة قرب المحطة الحرارية تهدارت، ولم يتم إنجازه لحد الساعة'. نفس البرلماني كشف بأن المستثمر الأجنبي الذي استفاد من هذا الدعم سبق له أن حصل قبل نحو عامين على منحة مماثلة من المال العام بقيمة 20 مليون درهم، لكن لم يُحرّك بشأنها أي أشغال على الأرض حتى الآن. ابراهيمي طالب كاتبة الدولة بتوضيحات عن الأمر وإمكانية التحقيق في الواقعة أو التحرك للحرص على إنجاز المشروع وتتبعه، كما استفسر عن إمكانية نشر لائحة المستفيدين من الدعم بقطاع الصيد البحري.


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
"بحار" تبرّئ ذمة مجلس "الزمزامي" من أزمة "الأزبال" التي تسببت في احتجاجات عارمة بتمارة
كما أشرنا إلى ذلك في موضوع سابق، تعيش مدينة تمارة منذ أسابيع على وقع أزمة بيئية غير مسبوقة، بفعل التراكم المهول للأزبال في الشوارع والأحياء، وانبعاث الروائح الكريهة، في مشهد أثار موجة من الغضب الشعبي والاستياء العارم في صفوف الساكنة. هذه الوضعية دفعت فعاليات جمعوية ومتابعين للشأن المحلي إلى دق ناقوس الخطر، معتبرين أن ما يجري تجاوز كل الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالصحة العامة وكرامة العيش. وقد سبق لموقع "أخبارنا" أن تطرق لهذا الموضوع في مقال نشر أمس الخميس، سلط فيه الضوء على تفاقم الوضع البيئي، ونقل غضب المواطنين إلى جانب الإشارة إلى تدوينة قوية للمستشار الجماعي السابق "سعيد بولخير" عن حزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر ما يجري "عجزًا فاضحًا عن تدبير قطاع حيوي"، متهمًا المجلس الجماعي بالتقاعس و"الانشغال بجمع النصاب لدوراته المؤدى عنها بدل معالجة الكارثة التي تعيشها المدينة". وفي تفاعل مباشر مع ما ورد في المقال السابق، توصل موقع "أخبارنا" باتصال هاتفي من "مريم بحار"، نائبة رئيس جماعة تمارة المكلفة بتتبع تدبير قطاع النظافة، قدّمت من خلاله توضيحات مهمة، مؤكدة أن المجلس الجماعي الحالي لا يتحمل مسؤولية اختيار شركة "أوزون"، التي فُوّض لها تدبير القطاع. كما أوضحت أيضا أن العقد وُقّع في عهد المجلس السابق في يوليوز 2021، الذي كان يرأسه "موح الرجدالي" عن حزب العدالة والتنمية، والذي كان يضم المستشار "بولخير" ضمن أعضائه، معتبرة أن "الحديث عن فشل المجلس الحالي في هذا الشأن فيه كثير من المغالطة". وقالت بحار: "نحن ورثنا هذه الشركة، لا علاقة لنا باختيارها، لم نحدد دفتر التحملات ولا الشروط ولا كناش العقد، نحن اليوم نحاول فقط تدبير الوضع بالحد الأدنى من الأضرار الممكنة، وفق ما يسمح به القانون". وبحسب "بحار"، فإن السنوات الثلاث الأولى من التعاقد مرت بشكل طبيعي، وكانت خدمات النظافة تؤدى بانتظام، بشهادة مختلف المتدخلين. غير أن الأمور بدأت تأخذ منحى سلبيًا منذ مطلع السنة الجارية، وتفاقمت بشكل لافت خلال الأسابيع الأخير، وهو ما أكدته مصادر مطلعة، ربطت الأزمة بدخول مالك الشركة، رجل الأعمال "عزيز البدراوي"، السجن على خلفية قضايا أخرى، مما تسبب في ارتباك واضح في تدبير الشركة لمختلف المرافق المفوضة لها بجماعة عديدة، وليس فقط في تمارة. وأشارت المسؤولة الجماعية إلى أن الشاحنات التي تستخدمها الشركة في تمارة أصبحت تعاني من أعطاب ميكانيكية مزمنة، بعد أن توقفت الشركة المتعاقدة سابقًا لصيانة هذه الآليات عن تقديم خدماتها، بسبب تراكم الديون في ذمة "أوزون". وهو نفس الإشكال الذي تعاني منه مجموعة من الجماعات أخرى المتعاقدة مع "أوزون" وفق ما أكدته مصادر مطلعة، أكدت أن بعضا منها باتت تواجه شللا أكبر، بلغ حد عجز الشركة حتى عن توفير المحروقات لشاحناتها. ومع ذلك، أكدت "بحار" أن المجلس الجماعي لم يقف مكتوف الأيدي، بل يواصل القيام بدوره من خلال المراقبة اليومية والتتبع المستمر للقطاع. وأبرزت أنه يتم تسجيل كل الإختلالات وفق ما ينص عليه دفتر التحملات، ويتم استصدار غرامات مالية يومية ضد الشركة المفوض لها، مشيرة على سبيل الذكر إلى أن الغرامات المفروضة خلال الشهر الماضي فقط بلغت نحو 30 مليون سنتيم. وقالت بحار: "نحن لا نتساهل مع أي تقصير. منذ بداية الأزمة ونحن نوجه إنذارات متكررة، ونفرض الغرامات، ونجتمع يوميًا مع ممثلي الشركة ومكتب الدراسات والسلطات الإقليمية بحثًا عن حلول عاجلة. الوضع مقلق، نعم، لكنه ليس نتيجة صمت أو تقصير منا". وعن احتمال فسخ العقد مع الشركة، أوضحت "بحار" أن الأمر ليس بهذه السهولة القانونية، لأن الفسخ من جانب واحد قد يفتح الباب أمام نزاعات قضائية مع الشركة، ما قد يربك بشكل أكبر تدبير المرفق العمومي. لكنها شددت في المقابل على أن الجماعة تدرس كل السيناريوهات الممكنة، ضمنها البحث عن حلول بديلة في حال فشلت الشركة في استعادة قدرتها التشغيلية. وختمت "مريم بحار" تصريحها بنبرة حاسمة قائلة: "أولويتنا هي المواطن، وحقه في العيش في بيئة نظيفة وسليمة. وإذا لم تعد الشركة قادرة على أداء التزاماتها، سنتصرف بما يلزم لحماية مصلحة الساكنة، وبتنسيق تام مع السلطات".


هبة بريس
منذ 2 أيام
- هبة بريس
انتخاب آيت بولمان عن حزب "الأحرار" رئيسا جديدا لجماعة أفرا بزاكورة
هبة بريس – زاكورة جرى، اليوم الخميس، انتخاب محمد آيت بولمان، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، رئيسًا جديدًا لجماعة أفرا بإقليم زاكورة، خلفًا للراحل لحسن الرداف، وذلك خلال جلسة انتخابية رسمية احتضنها مقر الجماعة، بحضور قائد المنطقة وأعضاء المجلس الجماعي. وقد أسفرت نتائج التصويت عن فوز محمد آيت بولمان بـ14 صوتًا، مقابل صوتين فقط لمنافسه علي احيتاس عن حزب الاستقلال، مما يعكس دعمًا واسعًا من داخل المجلس للرئيس الجديد. الجلسة نفسها شهدت انتخاب باقي أعضاء المكتب المسير، حيث تم تعيين الصديق بسلام نائبًا أول، وحميد ميسو نائبًا ثانيًا، وسعادي نعيمة نائبة ثالثة، ونفيسة بن حجو نائبة رابعة، بينما جرى انتخاب سمية آيت عبد العالي كاتبةً للمجلس وكريمة اختار نائبة لها، وذلك في احترام تام للمساطر القانونية بعد شغور المنصب إثر وفاة الرئيس السابق. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة