
«السينما المستقلة».. ليه؟ (2-2)
في قاعة شبه فارغة، في أحد المهرجانات، يُعرض فيلم «مستقل » لمخرج شاب، قضى سنوات يحاول تمويله وإنجازه. يحصد الفيلم جوائز دولية، يُكتب عنه في الصحافة.. ثم يختفي. لا أحد سمع عنه، لم يُعرض في دور السينما التجارية، ولا حتى في المنصات، التي تتطلب بطاقات ائتمان لا يمتلكها أغلب الجمهور.
في الجزء الثاني من تحقيقنا عن السينما المستقلة نناقش علاقتها بالجمهور المصري: لماذا لا تصل الأفلام إلى الناس؟ ولماذا لا يصل الناس إلى الأفلام؟
بين شهادات المخرجات والمخرجين، وتحليل واقع التوزيع، والعوائق الاقتصادية، نحاول أن نفهم الصورة كاملة. فهذه ليست قصة فيلم لم ينجح جماهيريًا، بل صناعة تقف في مفترق طرق.
في الجزء الأول ناقشنا المسائل الخاصة بالإنتاج وما قبله، كالهوية التأسيسية للسينما المستقلة، وسؤال «الأجندة» والتمويل، وبالطبع الرقابة وتصاريح التصوير. اقرأوه من هنا.
نشكر المخرجات والمخرجين الذين تحدثوا معنا بانفتاح وكرم: هالة لطفي، وآيتن أمين، وتامر السعيد، ومروان عمارة، ومراد مصطفى، وأمجد أبو العلا.
سؤال التوزيع: لماذا لا تصل الأفلام إلى الناس؟
«كم موزّع يشتغل في توزيع السينما المستقلة، ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي؟ على حد علمي هي شركة واحدة تقريبًا، ماد سولوشنز MAD Solutions، وأظن أن فيلم كلينيك Film Clinic تعمل أيضًا في التوزيع بشكلٍ ما، و«زاوية» كانت توزّع بعض الأفلام وتوقّفت. فهي تقريبًا Film Clinic التي على توافق كبير جدًا مع MAD Solutions، حتى يمكن اعتبارهما مؤسسة شبه متّحدة. إذًا، ليس هناك شركات مهتمة أو منافسين في التوزيع» ، يفتتح مروان عمارة كلامه عن التوزيع بهذه الكلمات، يصف من خلالها الحال العام للسوق، ليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي بأكمله.
يفتقر سوق الأفلام المستقلة للقوّة الشرائية؛ لا يحقّق أرباحًا، إلى جانب أن شركة واحدة تقريبًا تدير و«تُخدّم» على المجال، ما يبرر فقر عملية التوزيع بشكل كبير. فالأفلام المستقلة تُوزّع على نطاق جغرافي ضيق، وفي دور عرض سينمائية أقل بكثير من الأفلام التجارية. وهنا تتبدّى العلاقة الطردية بين الأرباح وقوة التوزيع؛ وإذا كان المنتج السينمائي لا يضمن هامش ربح آمن، فلن تخوض الشركات مغامرة غير محسوبة بتوزيعه على نطاق كبير، في انتظار أموال لا وجود لها منطقيًا إلا بمعجزة جماهيرية.
قبل أن نخوض في هذه الإشكالية، علينا أن نُفرّق بين السوق الأمريكي الهائل ذي القوّة الشرائية العالية، والسوق المصري المتواضع، حتى على مستوى الأفلام التجارية.
في أمريكا، هناك مهرجانات مثل «صاندانس» (Sundance) يكون لها دور قوي كمنصة تعرض الأفلام لعدد كبير من المُنتجين، يحرصون على التواجد في الفعاليات. إذا أُعجب المنتِج بفيلم، يمكن أن يوزّعه ويُروّج له على نطاق أوسع، ومن المرجّح بعد حملة التوزيع أن يُحقّق الفيلم أرباحًا جيدة جدًا تُغطّي تكاليف توزيعه ويُحقّق هامش ربح جيّد.
ولكن لا نستطيع تعميم هذه التجربة لدينا في مصر. الحالة الاقتصادية متآكلة، ما ينعكس بالضرورة على الجمهور الذي يُعتبر النواة المركزية للصناعة. حتى إذا حاولنا القياس على أساس الأفلام التجارية، لن نستطيع، لأنها مقيدة بالمواسم والأعياد. ومحاولة إطلاق فيلم تجاري بنجم صف أول خارج المواسم المعهودة هو مغامرة غير محسوبة. إذًا، فمن سيهتم بتوزيع أفلام تقع خارج نموذج النجم ذي الشعبية الهائلة؟ الأمر نفسه صعب، فمن المُستحيل تقريبًا أن يُراهن المُوزّع على الجمهور المصري، عكس النماذج الأجنبية في فرنسا وإسبانيا مثلًا، التي تُنتج هذه الأفلام وتُوزّعها على نطاق كبير.
«في الخارج؛ الموزع نفسه هو مالك دور العرض، فهو مؤهّل للمجازفة بأفلام مختلفة، بينما أنت تواجه مشكلة أن مالكي دور العرض هم المنتجون»، يحاول مراد مصطفى من خلال كلماته وصف الطبيعة السوقية لتوزيع الأفلام، ويرى أننا لا يُمكننا أن نُلقي اللوم على ذائقة الجمهور بشكل كامل ونبرر للمنتجين والموزعين، ولا نستطيع أيضًا أن ننفي نجاح تجربة لم تحدث أصلًا.
«لا أستطيع أن ألقي اللوم على الجمهور، يجب أولًا أن أرى فيلمًا مستقلًّا يأخذ دور عرض بحجم «كيرة والجن» حتى أستطيع تكوين وجهة نظر واضحة، ولكن هذا لم يحدث. وعندما حدث على مدى أضيق وكثافة أقل في فيلم «يوم الدين»، حقق أرباحًا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة ملايين، وهذا رقم كبير لفيلم مستقل في شباك التذاكر».
ولكن هل سنجد في المستقبل تجارب مستقلة توزّع على نطاق يناسب قيمتها؟ في الحقيقة، لا نعرف؛ لأن حيثيات السوق ذاتها لا تشير إلى ذلك. الحالة الاقتصادية متدنية، والشعب المصري يعتبر السينما من الرفاهيات. لذلك لا يلقي الصنّاع اللوم على الجمهور، بل يفهمون متطلبات الحياة، وارتفاع سعر التذكرة، والكثير من الأشياء التي تجعل السينما خارج القائمة الأساسية للمتطلبات. لذا، فمشكلة التوزيع مشكلة شديدة التعقيد، تحتاج الكثير من العمل والشجاعة بالنسبة للموزعين والمنتجين. فهو الآخر يتعامل مع الأفلام ككيانات اقتصادية، ولا يود الخسارة.
«لو هناك شخص معه هذه الفلوس، يريد أن يخرج 'يتبسط بيها'، ليس معقولًا أقول له تعالى اتفرج على فيلم فني، أكون حينها غير مدركة للوضع» ، تُشير آيتن أمين من خلال حوارها إلى الحالة الاقتصادية ودورها في تكوين الأولويّات. فلا نستطيع أن نطلب من فرد يحصل على مُرتّب ثلاثة آلاف جنيه شهريًا أن يذهب إلى السينما.
لدى المخرج أمجد أبو العلا رؤية خاصة تتعلّق بتصنيف الأفلام السينمائية: «مصر بها مشكلة في تصنيف الأفلام، إنه داء، ليس في مصر فقط، إنما في كل الدول القديمة في الصناعة مثل أمريكا والهند. خارج هذه البلاد، لا يوجد تصنيف يُحدّد ما هو تجاري وما هو مستقل أو فني، كل ما يوجد هو فيلم جيد أو فيلم سيء. إذا كان الفيلم جيدًا سيدخله الناس، وإذا كان سيئًا لن يدخلوه. هذا التصنيف اختراع الدول الصانعة للأفلام التجارية بكثرة مثل مصر وأمريكا والهند».
يشير أمجد إلى التصنيف كعلة تظلم توزيع الأفلام داخل مصر، وتربك الموزعين في انتقاء الأفلام. هناك خلل في المسميات التي تفرض انقسام السينما على ذاتها، لتُنتج نموذجًا مختلفًا يؤثر على اختيارات الموزّعين، في نزعة شكية مربكة لمدى تقبّل الجمهور لهذه الأفلام. وكما قُلتُ سابقًا، لا يُراهن الموزع على ذائقة الجمهور، فتُفضي المحاولات إلى نموذج شديد التواضع، يُوزّع على نطاق ضيق داخل مصر، في سينما أو اثنتين، في الأغلب «زاوية» و«الزمالك».
ومع تطوّر منصات العرض وسطوتها الهائلة على السوق، أصبح المخرجون يتجهون إلى المنصات الإلكترونية (VOD) كحل فعلي يوفر المُنتج البصري على نطاق واسع وسهل. والحقيقة أن إيجابيات وفوائد المنصات أكثر من مساوئها، ووجودها أصبح واقعًا يجب التعامل معه كتطور ملموس للوسيط.
يصف أمجد أبو العلا تجربة التوزيع كتجربة معقدة لها منهجية خاصة وعوامل معينة تدفعها إلى الأمام، ويشير إلى الإنتاج المشترك والمهرجانات كعناصر إيجابية في رحلة توزيع الفيلم خارجيًا:
«أنت تصنع فيلمًا لا تأخذ أموال إنتاجه من جهة تستدعي ردها مرة أخرى إليهم. لنكن واضحين، أغلب أموال الفيلم لا تُرَد، ربما بعضها. مثلًا، إذا كانت ميزانيتك 600 ألف؛ ستكون مطالبًا بردّ حوالي 200 ألف منها؛ هي أموال ضمان الحد الأدنى (Minimum Guarantee) التي تدفعها شركات التوزيع نفسها، كبادرة ثقة في قدرتها على توزيع الفيلم، وهذا ما يقارب 100 ألف.
ومن الممكن أن يشارك رجل أعمال مستثمر بـ100 ألف أخرى. بقية الـ600 ألف، أنت غير مطالب بردها، هي منح عامة (Public Funds) آتية من نسب المنتجين، والمنتجون أنفسهم لم يضعوا من أموالهم الخاصة، ولكنهم آمنوا بالفيلم، فترجموه للغات بلادهم، وقدموه في منح خاصة بدولهم. وبالتالي، كل واحد من المنتجين الحاصلين على المنح أصبح يملك نسبة من الإنتاج، وكلهم يتمنون أن يحقق الفيلم أرباحًا.
لذلك، فالإنتاج المشترك (Co-Production) شيء شديد الأهمية، لأنه يفتح لك الأسواق الخارجية. فمثلًا، إذا أتى لي منتج مصري وحاول إنتاج الفيلم بالكامل، لن أوافق؛ سأطلب منه أن يموّل النصف فقط، لأنه إذا موّل الفيلم بالكامل سيتعجّل بتوزيعه في مناطق معينة ليسترد أمواله.
بجانب ذلك، فالمهرجانات مهمة جدًا لتوزيع الفيلم، لأنها تلفت نظر الصحافة العالمية والموزعين. بالإضافة إلى أنك تتعامل مع وكيل (Sales Agent)، وهو الذي يبحث عن موزعين في كل أنحاء العالم. لذلك، فانتقاء وكيل ذي خبرة، وحصول الفيلم على جائزة أو إشادات نقدية جيدة، يدفع الفيلم إلى الأمام».
هذا فيما يتعلّق بالتوزيع الخارجي، أمّا التوزيع الداخلي، كما قلنا، فهو أضعف كثيرًا. تقترح آيتن أمين حلًا على هامش الحالة الاقتصادية للمواطن، ربما يُضيف إلى تجربة توزيع فيلم مستقل على نطاق واسع؛ وهي تجربة لم تُختبر بعد. تقترح تخفيض ثمن تذكرة الأفلام المستقلة، بمنطق أنّ الأفلام ذاتها تفتقد إلى جاذبية الفيلم التجاري بالنسبة للفرد العادي، وربما هذا النوع من التنازلات سيمنح الأفلام المستقلة فرصًا أكبر، وسيجعل قرار دخول هذا النوع من الأفلام أسهل وأكثر قدرة على التحقيق. لأن الفرد ذاته، في دوّامة العمل والالتزامات، لا يجد وقتًا للسينما، وحين يُفكّر في دخول السينما في المواسم والأعياد، تُغريه الأفلام التجارية كتجربة تزيح عنه الهموم بشكل وقتي. بجانب ذلك، فإن عدد دور العرض منخفض داخل مصر، فالسينما نفسها غير متوفّرة للفرد العادي في عدة محافظات، وهذه إشكالية أخرى.
على الجانب الآخر، لا ترى هالة لطفي التوزيع كجزء من المشكلة: «انجِحْ في صنع أفلامك أولًا، ثم ستجد موزعًا. لأن العرض في السوق المصري أقل بكثير من الطلب، فالسوق المصري يتحمّل عددًا أكبر من الأفلام المصنوعة. كموزعة، خصوصًا مع حضور المنصات بشكل كبير في الآونة الأخيرة؛ كقوة شرائية تشتري الأفلام حتى مع عدم عرضها تجاريًّا.
عندما عُرض فيلمي تجاريًّا لم ينجح، ولكن عندما اشترته «نتفليكس»، كان من أكثر خمسة أفلام مشاهدة على المنصة. قال لي أحد الموزعين الكبار تاريخيًّا، أنه بعد 2011 أُغلقت أسواق كاملة في أمريكا الشمالية في وجههم، لأنهم كانوا يبيعون بما يسمى الـ Line Up؛ أي مجموعة من الأفلام دفعة واحدة. وفي ذلك الوقت لم يكونوا يملكون عددًا من الأفلام لبيعها. وفي آخر سنتين (الكورونا) كانت السينما مغلقة، والآن الظرف الاقتصادي يمنع عددًا من الجماهير من الدخول بنفس العدد.
والحقيقة أن أزمة السينما ليست مصرية فقط بل عالمية؛ حتى أفلام الأبطال الخارقين والـ Blockbusters لم تعد تُدرُّ نفس الأموال. الجميع الآن يتجه إلى الـ Mini Series لأنه شكل أكثر أمانًا ومضمونًا».
سؤال الجمهور: لماذا لا يصل الناس إلى الأفلام؟
يشكل جمهور السينما قوام الصناعة، كركيزة أساسية توفر مجالًا لوجود المنظومة السينمائية على نطاق واسع وآلية اقتصادية. يبرر الجمهور وجود الصناعة بشكلها الحالي، ويمنحها أسبابًا جوهرية للتطور. وهذا لا ينفي أن صناعة السينما منفصلة عن الفن، فكلاهما مهم للآخر، حتى إذا اختلفت المسميات إذا كانت استهلاكية أو ترويجية. ولكن في النهاية، الاثنان متلازمان، بغض النظر عن استغلال واحدة للأخرى. فالأفلام كيانات اقتصادية، تتعاطى مع المجتمع فنيًا وسلعيًا، ومن خلال الجمهور يتحقق كلاهما: الطموح الفني والاقتصادي. ولكن الأمر مختلف بالنسبة للأفلام المستقلة، فظروفها مختلفة، وصيغتها الاقتصادية تتمتع بخصوصية تفرض تفكيرًا مغايرًا في الأفلام وخط سيرها.
موقف الجمهور بالنسبة للأفلام المستقلة موقف مربك، لأن الظهير الجماهيري لهذا النوع من السينما ــأتحدث عن مصرــ لم يوجد في الأساس. منذ بداية الألفية ومخرجو السينما المستقلة يحاولون إيجاد الآلية الأمثل لتنفيذ مشروعاتهم على أكمل وجه. ولكن، ماذا إذا لم تتطلب هذه الآلية الاشتباك مع الجماهير؟ لا أقصد فنيًا، ولكن ماديًا واقتصاديًا، فالمنظومة نفسها تؤسس على المنح وصناديق الدعم التي تعطي المال دون انتظار مردود مادي.
لا أخفي عليكم أن جميع الفنانين الذين قابلتهم كانوا يحرصون بشدة على الوصول والاحتكاك مع الجمهور، حتى لو كان الواقع عكس ذلك. جميعهم يودون صنع أفلام قابلة للمشاهدة، تشتبك مع هموم الفرد العادي، مصنوعة من أجله في الأساس. بيد أنهم يواجهون بعض المشكلات؛ فبعض من أفلامهم مصنوعة بحيث تخاطب جمهورًا معينًا ليفهمها، في الأغلب جمهور النخبة الذي يقبع في المهرجانات. اللغة البصرية ذاتها لا تتناسب مع الفرد العادي في الشارع، حتى لو كانت الاهتمامات واحدة.
وهذا طبيعي، لأن السينما المستقلة توفّر مساحة للتجريب. وحتى الأفلام الأخرى التي يمكن أن تتناسب مع ذائقة الجمهور العادي، لا تُوزَّع بشكل جيّد بحيث تكون متاحة لرجل الشارع.
تشير الحيثيات، عندما نتحدث عن السينما المستقلة، إلى تراجع حاد لقيمة الفرد/المتفرج في المنظومة، بحيث أصبح المخرج محاصرًا داخل دائرة مغلقة، تهمش الجمهور بشكل واضح في آلية سير الفيلم. عكس التسعينيات والثمانينيات، جيل الواقعية الجديدة في مصر، حين كان الفرد أو المتفرج هو العصب والركيزة الأساسية داخل المنظومة السينمائية.
في ذلك الوقت، كان المنتج البصري يربط بشكل مباشر بين المخرج والمتلقي. قدرة السينما على التعاطي مع الجمهور وجمع الإيرادات، مع الحفاظ على الحضور البصري واستدعاء الأفكار الثقيلة متعددة الطبقات، كانت مذهلة. راهن الكثير من المخرجين على الجمهور، رغم أن السينما في ذلك الوقت كانت تدار بأموال المنتجين، ولم يمنع ذلك خروج مشاريع ممتازة فنيًا وبصريًا.
ولكننا بأي حال لا نستطيع المقارنة بين الجيلين، فالظروف والخواص مختلفة بينهما، وسنظلم الجيل الحالي، لأن الوسيط نفسه تغيّر، والمنهجيّة ذاتها تطوّرت.
نحن أمام إشكالية الفنان المُحاصر بآليّة عمل لا تُقصي الجمهور بقدر ما تُهمّشه، آليّة تكتسب قيمتها من الأمن الاقتصادي والمادي، فالمِنَح الماليّة لا تُرَد. بالطبع يُريد المُخرج تحقيق الأرباح في شبّاك التذاكر؛ ولكن لا توجد مشكلة إذا لم يُحقّق شيئًا. دائرة الأمن الإنتاجي أو الاقتصادي، رغم صعوبة تحقيقها في المطلق، تمنح المخرج ضمانات تتعلق بتحقيق المُنتَج الفني. فنحن نتحدث عن الأفلام ككيانات اقتصاديّة أولًا، لها هيكلة ماديّة خاصة لا يُمكن البناء من دونها.
لذا، فهناك دورة معينة لحياة الفيلم المستقل، تبدأ مع كتابة المخرج للسيناريو وتقديمه للمهرجانات والمنح وصناديق الدعم. وفور حصوله على سيولة مادية تغطي تكاليف الفيلم، يبدأ بتحقيق المنتج البصري كما يتخيله، ثم يرسله إلى المهرجانات الدولية المرموقة، على أمل أن يقبل داخل المسابقة الرسمية أو المسابقات الفرعية.
إذا حدث ذلك، فهو إنجاز فني عظيم بالنسبة لفيلم عربي، ولكنه للأسف يغلق الدائرة على توزيع الأفلام في نطاقات معينة ضيقة داخل الوطن العربي. وفي الكثير من الأحيان، توزّع الأفلام في أوروبا أفضل بكثير من مصر والوطن العربي. وعندما ندقق في دورة حياة الفيلم المستقل ـأقصد الفيلم الروائي الطويل وليس القصير- سنجد أن مساحة المتفرج، بعيدًا عن جمهور النخبة داخل المهرجانات، غير موجودة تقريبًا. المعادلة نفسها تكتمل دون تدخل الجمهور بشكله الكلاسيكي، سواء عبر قدرته المادية أو ردود فعله الانطباعية.
وهذه هي المعضلة؛ فهؤلاء المخرجون يصنعون أفلامًا مهمة، تخص الشارع وتعبر عنه، يعبرون عن خيبات الأمل والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، ولكنهم على النقيض لا يُعرضون للفئة التي يتناولونها بالحكي داخل أفلامهم.
حينما نتحدث عن الجمهور علينا أن نذكر عدة خصائص تحكم العلاقة بين الفيلم المستقل والمتفرج، فتوصيف العلاقة ذاتها غير مستقر ويحمل أوجه ودلالات عديدة، ولكن من خلال رصد التعقيدات ستبدأ ملامح العلاقة بالتشكل لدى ذهن القارئ. ولا يمكننا استهلال إشكالية الجمهور دون البدء عند الوضع الاقتصادي المزري للطبقة الوسطى، الذي ينعكس بشكل واضح على تكوين الاهتمامات والأولويات.
تنجُم عادات الطبقة الاجتماعية من موقفها المادي، وربما كان الجمهور أكثر نشاطًا في التسعينات والثمانينيات، وبعد ذلك طورت الجماهير عادة مشاهدة التلفاز كعادة بديلة للسينما، ولكنها لم تحل محلها بالطبع.
في الفترة الأخيرة حدثت طفرة هائلة في المستوى التقني والبصري لدى الدراما التلفزيونية، طفرة جعلت من الصعب على المشاهد العادي التفريق بين ما هو سينمائي وما هو درامي. وفي ظل الانهيار الاقتصادي خلال السنوات العشر الأخيرة، أخذت العادة بالتطور والتبلور أكثر لتحل محل السينما بالنسبة للمواطن المصري. وحتى مع القفزة التكنولوجية التي خلّفت وراءها التلفزيون كوسيط وأداة انتهت صلاحيتها، يظل التلفزيون أداة فاعلة في المجتمع المصري، إلى جانب الوسيط الإلكتروني المجاني. تحولت الشاشات الصغيرة بأنواعها إلى سينما «الغلابة»: التلفزيون، والهاتف، والأجهزة اللوحية، واللاب توب.
أصبحت أفلام السينما تُعرض على هذه الشاشات ليتكوّن طقس جديد للفرجة، يخص الطبقة الوسطى والدنيا أكثر من مجتمع الأثرياء قاطني المجمعات السكنية «الكمبوندات». وهذا لعدة أسباب؛ أولها ارتفاع سعر تذكرة السينما بشكل مبالغ فيه فيما يُسمى «سينما المولات» التي تحولت إلى ظاهرة يجب دراستها. فالسينما، مع التصاقها بمبنى المول، تتحول إلى سلعة استهلاكية، والدليل على ذلك ارتفاع سعر تذكرة المولات بمؤشرات هائلة لتصل إلى أكثر من مئة جنيه.
يرى مراد مصطفى «أنت لا تستطيع فصل السينما عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، أنت تمر بأزمات اجتماعية واقتصادية كبيرة، والسينما ستتأثر بها، والمواطن نفسه ليس من أولوياته أن يدخل فيلمًا إلا في العيد مثلاً، وهذا جمهور مختلف، لذا فهو يفضل الفرجة على القنوات التلفزيونية العادية أو الدخول على المنصات إذا أمكن، بدلًا من أن يذهب للسينما ويدفع المال في ظل الأزمات التي يمر بها.. فكرة غلاء أسعار التذكرة، إلى جانب تواجد عدد غزير من المسلسلات في التلفزيون، إلى جانب المواقع الإلكترونية التي تقرصن المحتوى، يؤثر على قرار المتفرج».
يزيح البعض إشكالية الجمهور إلى مساحة الذائقة، ويلقي اللوم على ثقافة الجمهور وذائقته، بيد أن هؤلاء المخرجين لا يرون المشكلة في الجمهور، ولا يحاولون إزاحة المشكلة بمنطق تدني الثقافة وانحدار الجو العام، فمشكلة الجمهور أكثر اتساعًا وتشعبًا بحيث تحتاج إلى أعوام لرصدها بشكل منهجي وأكاديمي؛ كما فعلت الناقدة والباحثة نور الصافوري في مشروع ضخم تحت مسمى «رصد جماهير السينما». حاولت من خلاله تشريح علاقة الجمهور بالسينما ومؤسساتها عن طريق إجراء بحوث ميدانية ومقابلات ورسوم بيانية مكثفة ومفصلة، وثيقة ضرورية لكل شخص مهتم بالسينما والظروف المحيطة بها، لأنه مكتظ بمؤشرات وشواهد تفسر العديد من ظواهر السينما داخل إطار المنظومة السينمائية. أنجز المشروع بمنحة من قبل مؤسسة آفاق الثقافية والمورد الثقافي.
«لا أقدر على القول إن ذائقة الجمهور متدنية، لا أستطيع الحديث عن الجمهور بهذه الطريقة، لأن السينما فيها إحساس، والاشتباك مع الجمهور يُبنى على الإحساس، فإذا لم يحس الجمهور، فنحن لم نستطع الوصول له». تحاول آيتن توصيف العلاقة بين المتلقي والمنتج البصري في حالة تم اختبار فيلم مستقل بتوزيعه على نطاقات واسعة وإتاحته لأكبر قدر من الجمهور، فهي كمخرجة ذات تجربة مبتورة، فيلمها «سعاد» لم يُوزّع داخل مصر بسبب مشاكل مع المنتج، وحتى الآن لم يُصدر داخل مصر، وفي هذه الحالة لم يُتاح المنتج أصلاً داخل السوق بأي وسيلة، لهذا فالكلام نفسه لا يأخذ شكلًا عمليًا.
يتشارك مروان عمارة نفس وجهة النظر تقريبًا: «أنا لا أستطيع القول إن ذائقة الجمهور تنحدر أو تترقى، ونحن كعدد شعب نزيد بشكل ملحوظ، فالجمهور نفسه يزداد. أعتقد أن هناك حكمًا مسبقًا بأن ذائقة الجمهور متدنية مقارنة بالماضي، أنا لا أرى ذلك، أرى أن ذائقة الجمهور تشعبت وتنوعت. كلمة ذائقة ذاتها ملتبسة، فكرة الذوق العام لم تعد موجودة، في الماضي كانت قناة واحدة، فيلم واحد، لذا فهناك ذوق عام. أما الآن فقد تحطم الذوق العام ، وأصبح هناك تساؤل: هل هو مهم أصلاً؟ فإذا اعتبرنا محمد هنيدي ذوقًا عامًّا؛ فإلى أي مدى يهتم الجمهور بهنيدي الآن كما اهتم به من عشرين عامًا؟ الذوق العام نفسه اختلف كمصطلح ».
لقد تغيّر شكل الجمهور، تنوّعت ذائقته على نطاق واسع بسبب مساحة الاختيار المتشعبة وتوفير منصات الـ «VOD» كوسيلة للاطلاع على مكتبات سينمائية متنوعة. لقد أصبح الجمهور في كل دول العالم يتردد للذهاب إلى السينما، ففيلمه المفضل سيُعرض على المنصات بعد أيام أو شهور قليلة من إطلاق الفيلم في السينمات. لذا فمشكلة الجمهور مشكلة عالمية، ولكن في مصر الحالة أسوأ، لأن السوق السينمائي المصري سوق موسمي.
تقترح المخرجة آيتن أمين أن تمنح وزارة الثقافة فرصًا أكثر للأفلام المستقلة، وتفكر في إمكانية عرضها في «سينما الشعب» بقصور الثقافة داخل المحافظات، حتى لو ليوم واحد في الأسبوع. فهذا سيوفر المنتج السينمائي في مناطق كثيرة، وسيمنح تنوعًا وثقلًا لجداول العرض، بدلاً من إقصاء هذا النوع من الفن. ربما تمنح سينمات قصور الثقافة فرصة للمشاهد العادي ليتعرف على نوع سينمائي مختلف، بدلاً من أن يجده بالصدفة على مواقع القرصنة.
لا تقتصر إشكالية الجمهور على مساحة التعاطي بين الفنان والمتلقي، والحالة الاقتصادية للمتفرج، بل تمتد لتتماس مع عوامل أخرى تؤثر مباشرة على نوع السينما وشكل الجمهور المستهدف، ويشارك في تجسيد نمط سينمائي معين مثل سينما المولات. أحد العوامل هو اختفاء فاعليات السينما تدريجيًا من الحياة الاجتماعية، مثل «السينما الصيفي»، والتذكرة التي تدخلُك فيلمين متتالين: واحد من بلدك والآخر من بلد أخرى، إلى جانب اختفاء برامج ومهرجانات سينما الأطفال. لقد تهاوى الموسم الصيفي في السينما المصرية بعد أن كان فرصة ممتازة للمنتجين لإصدار أفلامهم.
يعرض المخرج مروان عمارة تجربة خاصة: «عندما كنت صغيرًا، كنت أذهب مع المدرسة إلى سينما الأطفال، كان هناك برنامج يُسمى سينما الأطفال أو مهرجان سينما الأطفال. كانوا يعرضون الأفلام صباحًا، كنا نذهب من المدرسة إلى سينما جراند مول بالمعادي، وكنا ندخل أفلامًا مصنوعة للأطفال… إذا أردت أن أعوّد الجيل الجديد أن يشاهد الأفلام، أين الأفلام المناسبة لهم أصلًا؟… إذا تحدثنا عن مهرجان برلين مثلاً، هناك مسابقة تُسمى «Generation»، أفلامها موجهة إلى النشأ فقط، تتكون من قسمين: لأقل من 14 سنة، وأكثر من 14 سنة حتى 21 سنة. اختيار أفلام المسابقة يتعلق بالأجيال المستهدفة، هؤلاء هم أبطال أفلامك. تقوم المسابقة بعقد شراكات مع مدارس وجامعات ليحضروا طلبة وأطفالًا كمشاهدين ومحكمين أيضًا لاختيار الأفلام. يحضرون أطفالًا عمرهم 9 سنوات و11 سنة ليختاروا أفضل فيلم في قسمهم».
يعرض مروان من خلال هذه التجربة إقصاء فئة معينة من المعادلة السينمائية، جيل النشأة والأطفال لا يملكون أفلامهم الخاصة، لذلك لا يطورون وعيًا عن السينما بأشكالها المختلفة، فهم يكبرون لمشاهدة السينما ذاتها التي يشاهدها الكبار. ربما اختلف الأمر قليلاً الآن بعد توفير المنصات والمواقع الإلكترونية للأفلام من جميع أنحاء العالم، ولكن أنا أقصد الهوية السينمائية، المنظومة نفسها تفتقد لحلقة مهمة تؤثر على تكوين الشخصية السينمائية للمواطن. فإذا تعود الصبي الصغير على تلقي الأفلام منذ الصغر، خصوصًا الأفلام التي تشتبك مع بيئته وعالمه الخاص، سيكبر كمُتلقي وسيكوّن ذائقة خاصة ويخلق وعيًا وانفتاحًا على أنواع مختلفة.
يُكمل مروان: «لي صديق؛ هو الآن الذي يدير هذه المسابقة، في الماضي كان واحدًا من محكمي الأطفال، وعندما كبر قليلاً أصبح من محكمي النشأة، والآن يدير المسابقة بعمر الـ35، وقبل ذلك عمل معهم كمبرمج. إنهم يعطون الفرصة لكوادر جديدة لتخرج للنور، إنه الآن من يختار الأفلام للمسابقة؛ نفس الشخص الذي كان من عشرين عامًا يشاهد الأفلام. نحن لا نملك تلك العلاقة بين الجيل الحالي والجيل الصاعد، منصات الـVOD هي من تهتم بهذه الفئة وتستهدفها. إذا كان المتفرج بعمر الـ16 عامًا يشترك في نتفليكس، عندما يكون في الـ30 سيظل يشاهد نتفليكس».
فيما تشير هالة لطفي إلى أن سؤال الجمهور هو سؤال خاطئ في الأساس، فالخيارات نفسها محدودة: «هل تتيح دور العرض حتى تسأل عن الجمهور، عندما كنت صغيرة كانت قصور الثقافة تأخذ الأفلام التي تخرج من السينمات، بالإضافة لوجود أربع أو خمس سينمات صيفي، كان خالي يأخذنا ونحن أطفال لنشاهد ثلاثة أفلام بتذكرة واحدة، فيلم مصري وفيلم أمريكي وفيلم هندي، كانت تجربة فرجة جميلة جدًا، الآن لم يعد لديك سينما صيفي، لقد وعيت بوجود معهد سينما من خلال قصور الثقافة… أنت تتحدث عن الجمهور وأنت لا توفر له الحد الأدنى ليشاهد الأفلام ، سؤال الجمهور هو سؤال غير واقعي الآن، أين سينمات الدرجة الثانية؟ مع اختفاء سينمات الدرجة الثانية بالطبع سيختفي جمهورها.. الجمهور والتوزيع والأشياء الأخرى هي مجرد عوارض لقلة الأفلام، ومحدودية التنوع، كيف ستحافظ على الجمهور وأنت لا تمنحه البدائل ولا الخيارات».
تضيف لطفي بخصوص معادلة الجمهور والأفلام البديلة: «من حقي كصانعة أفلام؛ أن أصنع فيلمًا غير تجاري، من حقك أن ترفضه كجمهور ومن حقي أن أصنعه كصانعة أفلام، من حقي أن أنظر للسينما كوسيط مثل الفن التشكيلي، أنا من آخذ المخاطرة، لا أحد يستطيع أن يحرمني منها، حتى مع مزايدات بعض النقاد بقولهم أن الأفلام تُصنع للجمهور! نعم تُصنع للجمهور، ومِن هذا الجمهور العريض من يود أن يشاهد فيلمي، حتى إذا كانوا عدد ضئيل جدًا؛ أريد أن أصنع الفيلم من أجلهم، وماذا يعني الجمهور العريض!! تهمة أن الأفلام للجمهور كانت تُوجه للمخرج العظيم تاركوفيسكي، كان يهاجَم من قِبل زملائه والنقاد أنه يصنع سينما نخبوية تشتبك مع فئة قليلة، ولا يريد أن تشتبك مع الجمهور العريض في نضاله اليومي، وكان يرد أنه يضع مجهودًا كبيرًا في أفلامه، لتشتبك مع الجمهور بشكل حقيقي وليس مزيفًا وفيه استخدام للجمهور، الأفلام العظيمة هي من تغيِّر الجمهور، مثل فيلم المومياء لشادي عبد السلام الذي واجه نفس الانتقادات».
فيما يرى تامر السعيد أن الحالة العامة للصناعة لا آدمية في الأساس، لذا لا يستطيع أن يلوم الصناع، فرحلة صناعة الفيلم داخل مصر؛ رحلة منهكة ولا آدمية:
«أنا لست مع فكرة التعميم، أنا مثلًا اشتغلت على جمع أكبر قدر من المال لأخلق نموذج توزيعي مختلف وضخم، وأوزع الفيلم على نطاق كبير، ولكن في نهاية الأمر الرقابة منعت الفيلم. أنا لا أعرف مخرجًا لا يفكر في الجمهور… في العالم كله، هذا النوع من الأفلام يحظى بنوع من الدعم ليصل للجمهور، أما أنت هنا، حينما تدخل معركة لتصنع فيلمك أصلًا؛ تخرج منها مُنهكًا. أنا ألتمس العذر للصنّاع، لأنهم لكي يصلوا إلى النقطة التي يُعرض فيها فيلمهم؛ يكونون بالفعل قد ركضوا ماراثونًا طويلًا وقاسيًا، وانقطعت أنفاسهم. ولا أعلم مدى عدالة فكرة مطالبة الصُناع بأن يدخلوا ماراثونًا جديدًا أكثر قسوة، مع مؤسسات ضخمة تملك دور العرض والفلوس والمساحة كلها؛ لكي يجدوا مكانًا لأنفسهم.
«سأخبرك بشيء حدث لي وأنا أتفاوض على فيلمي قبل منعه، قال لي أحد أصحاب دور العرض أنه يفضل أن يترك الصالة مغلقة على أن يعرض فيلمي. هناك خلل كبير حدَثَ، وهذه مسؤولية الدولة، عندما أصبح المنتج والموزع وصاحب دور العرض شخصًا واحدًا، خُلق احتكار للسوق، فالمنتج هو الموزع وصاحب دور العرض، يأخذ كل المكاسب لنفسه، وبالتالي هو لا يريدني موجود، وهذا ما أقوله عن فكرة احتلال المكان كله، وعدم ترك مساحة، حتى لو ضئيلة، للآخر، لذا أنا لا أستطيع أن ألوم الصنّاع، لأنهم يعملون في ظروف لا آدمية».
القرصنة: شرعية الباب الخلفي
تُعتبر القرصنة من الظواهر الحداثية التي غيّرت شكل الجمهور ذاته، وغيّبت مفهوم الرقابة والمنع بشكلِهم القديم، الذي يقوم على إطعام المُشاهد في فمه. فالوسيط الإلكتروني فتح مجالًا هائلًا للفرجة والتعلم. الفيلم الذي ستمنعه الدولة أو توقفه عن العرض، سيُرفَع على المنصات والمواقع، وسيتوفر بشكلٍ مجاني للجميع. ولكنها، على الجانب الآخر، تضع صناعة السينما في خطرٍ مادي، لأنها تهدم مفهوم الحقوق المادية والفكرية للمُنتِج والفنان، ما يتعارض مع سياسة الاستهلاك والشراء التي تنتهجها شركات الإنتاج الضخمة.
ولكن، على الجانب الآخر، فهي توفّر مساحة أكبر للعرض. فالفيلم المستقل الذي يوزّع على نطاق ضيق، يصبح مشاعًا على المواقع الإلكترونية بشكلٍ غير قانوني، ولكنه على الأقل متاحًا للجمهور. البعض يُصنّف القرصنة كفاحًا ضد الاحتكار والرأسمالية الاستهلاكية، خصوصًا في دول العالم الثالث التي تُعاني من الحالة الاقتصادية السيئة، فبدون هذه المواقع المُقرصنة لن يتمكنوا من مُشاهدة السينما العالمية، وحتى العربية.
وأنا أقصد الكلمة حينما أقول لن يشاهدوا، فالجمهور القليل الذي يتابع سينما الـ Art House (السينما الفنية) لم يكن ليعرف بأي من المخرجين العالميين، فالتلفزيون لا يعرض أفلامهم، ولا حتى المنصات العالمية الكُبرى تأخذ حقوق الكلاسيكيات. منصات مثل «كرايتيريون The Criterion Collection» لا توجد في الشرق الأوسط، و«موبي Mubi» ظهر للمواطن العربي قبل بضعة سنوات. حتى الشريحة العريضة من الجمهور، الذين يُتابعون الأفلام التُجارية؛ لا يُمكنهم الذهاب للسينما بشكلٍ دوري، بسبب غلاء التذكرة وقلّة عدد السينمات في المُحافظات.
أي أن المُنتج لا يتوفّر، والسينما أيضًا لا تتوفّر.
لذا فالقرصنة أضحت ضرورية للمُشاهد المصري ليكوّن ثقافته السينمائية، ولكننا بالطبع لا نستطيع أن ننفي خطرها أيضاً، فالمُنتج الذي يُصدر فيلمًا لا يجلب مصاريفه على الأقل، سيتردد مئة مرة قبل أن يخوض التجربة مرّة أخرى. بيد أننا لا نستطيع لوم الجمهور، فهو لا يملك المال ولا دور السينما. مواطنو المنيا والمنوفية وأسيوط وغيرها من المحافظات؛ بعضها لا يملك سينما أصلًا.
«هي مشكلة كبيرة بالنسبة للموزع والمنتِج، ليست بنفس القدر بالنسبة للفنان وطاقم العمل. إنها تصبح مشكلة أكبر إذا كان الموقع يتربح من ذلك. في ألمانيا، إذا حمّلت فيلمًا بشكل غير قانوني، فمن الممكن أن تُسجن، ولكن نحن لسنا كذلك.
فإذا كانت لديك القدرة على شراء الفيلم فلتفعل ذلك، أما إذا كنت لا تقدر على الشراء، والأمر بالنسبة لك مهم في تكوين ثقافتك ووعيك ويُساهم في تعليمك أيضًا، فالخطأ هنا أصبح ضرورة. أنت تعرف أنها طريقة خاطئة، ولكنك لا تملك حلولًا أخرى. أنا أرى أن أغلب المصريين لا يملكون بطاقة ائتمان، ليشتركوا على المنصات الإلكترونية. الناس لا تزال تخاف من استخدام بطاقة الائتمان أصلاً في مصر، الموضوع بالنسبة لي يقع في مساحة من الرفاهية، وأرى أن 90% من الشعب المصري لا تتوفر لديه هذه الرفاهية، والـ 10% الآخرين يشتركون بالفعل على المنصات ويشترون الأفلام دون مشكلة وهم راضون عن ذلك. وأنا أتمنى أن تزداد تلك النسبة، ولكن هناك أشياء أخرى أكثر أهمية يجب أن نتناولها، مثل ظاهرة اقتباس ونحت الأفلام من قبل بعض الفنانين وعرضها عيني عينك. هل ترسل شركات الإنتاج للكاتب أو للشركات المالكة لحقوق الأفلام أو النصوص الأصلية؟ لذا، إن أردت الحل، يجب أن تبدأ بالمشاكل الأكثر أهمية. لا تجيء على المواطن الغلبان وتقول له أنت التي تفسد الصناعة».
ينتقد مروان المؤسسات ورجال الصناعة قبل الجمهور، يرى أن المشكلة أكبر من كون المنتجات ذاتها تتعرض للقرصنة والتسريب، ويرصد ثقافة القرصنة المتجذّرة ليست في جمهورٍ يعاني من مصاعب اقتصادية فقط، إنما في أصحاب رؤوس الأموال أيضًا. وهنا نقوم بما يُشبه عملية إزاحة للإشكالية من الجمهور إلى الفنّان والممول، فالمأزق الحقيقي يقع في استخفاف الفنان بزميله الفنان، لأن الفنان والمُنتج لا يتعرض للصعوبات الاقتصادية ذاتها التي يتعرّض لها المواطن العادي.
على الجانب الآخر، يتناول مراد مصطفى فكرة القرصنة من منظور ثنائية الإتاحة والمحدودية، في محاولة لفهم ثقافة القرصنة.
«فكرة أنك لا تملك سينما في محافظتك وأنت في دولة كبيرة سينمائيًا مثل مصر كارثة حقيقية. أنا أرى أن طالما هناك تقصير في توفير المنتجات السينمائية؛ سيكون هناك قرصنة، لأن القرصنة تعوض ذلك.
أما إذا وفرت المنتج، فهو لن يلجأ للقرصنة بنسبة كبيرة. ولكن القرصنة كظاهرة مضرة طبعًا للسينما، لأنها تؤذي المنصات، وسيظهر تأثيرها على حركة الشراء مع مرور السنوات. فبدلًا من شراء 5 أفلام، ستشتري واحدًا فقط، لأن أفلامها تتعرض للقرصنة. وإذا حدث ذلك، ستخسر السينما منفذًا مهمًا للأفلام غير التجارية، يمنحها فرصة تحقيق عائد مناسب لاستمراريتها».
بالنسبة لأمجد أبو العلاء، كنموذج خارجي يرى الأمور من منظور مختلف يخص الصناعة السينمائية في السودان، البلد المتأزم، يقول:
«أنا ضد القرصنة التي من الممكن أن تفسد تجربة شباب مستقلين يودون أن يستعيدوا بعضًا من أموال إنتاج فيلمهم. لماذا تُقرصن فيلمًا سودانيًا صُنع بصعوبة؟ أنا كنت أتمنى ألا يتعرض فيلمي للقرصنة، لأن جزءًا من التجربة أن يُعرض الفيلم في عدد الصالات القليل داخل السودان؛ ونحاول قياس مؤشرات لها علاقة بالجمهور وسعر التذكرة وغيرها من الأشياء المهمة لخلق صناعة سينمائية في السودان.
ولكن عندما تسرب الفيلم، والشعب كله شاهده، فقدنا هذه التجربة…
للظاهرة نفسها وجهان؛ وجه يمكن أن تُسامح فيه، والآخر لا. فهناك العديد من الأشخاص لا يستطيعون الوصول إلى الأفلام بطرق شرعية في إفريقيا…ولكن، على الجانب الآخر، أنا لا يمكنني الذهاب إلى مستثمر سوداني وأقول له: (لا تخف، فيلمنا اللي فات نجح، أعطِنا فلوسًا للفيلم الجديد)؛ بأي أمارات؟ إذًا، فالقرصنة أضرتني. أنا لا أستطيع أن أجلب أي أموال أخرى من السودان».
الحقيقة أن أغلب السينمائيين الشباب أسسوا ثقافتهم ووعيهم السينمائي من خلال القرصنة، لذلك لا يمكنهم التنديد بظاهرة القرصنة دون ذكر محاسنها أيضًا.
فبالنسبة للقارة الإفريقية بالذات، الموضوع مختلف تمامًا، فالوسيط الإلكتروني يصبح بمثابة العالم المفتوح سينمائيًا، طالما الدولة لا توفر الفعاليات السينمائية المطلوبة .وحتى لو وفرت، كيف سيطلع طالب في الجامعة على أفلام كوروساوا وتاركوفيسكي وفيلليني وكين لوتش وغيرهم من المخرجين العظماء؟ كيف سيجاري التطور السينمائي وهو يقف مكانه؟ كيف سيخلق وعيًا بأنواع سينمائية مختلفة ستمكنه بعد ذلك من إيجاد صوته الفني؟ نحن بين نارين، ولكن لا، بأي شكل، إلقاء اللوم على الجمهور في ظل الحالة الاقتصادية.
«إذا شاهد شاب في إفريقيا أفلامًا مقرصنة، وكون وعيًا بالأنواع السينمائية، وأصبح بعدها مخرجًا كبيرًا يقدم فنًا حقيقيًا؛ في هذا الوقت لن أتضايق أنه شاهد أفلامًا مقرصنة» ؛ هكذا يصف أمجد الجانب الجيد من القرصنة.
ليس أمجد وحده، بل مخرجون عظماء مثل بيلا تار، الذي التقط صورة مع رجل يبيع أفلامه مقرصنة في بلدة ليما بدولة بيرو. بيد أننا، على الجانب الآخر، يجب أن ندعم ثقافة الشراء، ونحاول توفير المنتج الإبداعي في أغلب المناطق بسعر معقول. ومن خلال ذلك، ربما يكون المواطن عادة الذهاب إلى السينما مرة أخرى، التي تحتاج إلى الكثير من الشجاعة في وقتنا الحالي.
فيما تقول هالة لطفي: «القرصنة لا تؤثر من وجهة نظري المتواضعة على بيع الفيلم. أنا فيلمي موجود على إيجي بيست من 2014، ومع ذلك نتفليكس اشترته العام الماضي. أفلام يوسف شاهين كلها كانت متوفرة على الإنترنت، ومع ذلك بيعت على نتفليكس وكل المنصات.. بالنسبة لنا كعالم ثالث، فهي ظاهرة عادية. لا يجب أن نحرم الناس من شيء معمول أصلًا من أجل الناس. أنا مع ﭐكوبي ليفت Copyleft، ويجب جميعًا أن نكون كذلك».
وعلى الجانب الآخر، يرى تامر السعيد في هذه النقطة: «أنا أعرف جيدًا مدى معاناة صناع الأفلام لتحقيق أفلامهم، وليس من العدل أن يعمل الشخص بجهد كل هذه السنوات لكي يخرج فيلمه، وفي النهاية لا يأخذ مقابلًا لعمله. كيف سيعيش؟ لا بد من مردود مالي يحقق التوازن. معظم صناع الأفلام المستقلة الذين أعرفهم يعانون من أجل العيش، لا ينعمون في ظروف اقتصادية مرفهة. بالتالي، أنا لست مع فكرة القرصنة ككل، ولكن هناك ظروف تُغيّر ذلك، مثل أن يكون فيلمي ممنوعًا في الأساس، والناس يودون أن يشاهدوه، فبالتالي إذا قرصنوه لا أستطيع لومهم».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 3 ساعات
- مصرس
البوستر الرسمي لفيلم عائشة لا تستطيع الطيران ضمن الأفضل بجوائز لوسيول بمهرجان كان
وقع الإختيار على البوستر الرسمي للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران للمخرج مراد مصطفى ضمن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة لوسيول في دورتها الثانية، وهي جائزة مستقلة تُمنح في مهرجان كان السينمائي احتفاءً بالجماليات السينمائية بين صُنّاع الأفلام والمصممين. من بين مشاركات عديدة من مختلف أنحاء العالم، تمكّن بوستر عائشة لا تستطيع الطيران، من تصميم أبانوب شنودة وماهر دياب لشركة MAD Solutions، من الوصول إلى القائمة النهائية التي ضمت 22 فيلمًا، والتي وصفتهم اللجنة بأنها أعمال أظهرت تنوعًا ثريًا في التعبير الفني والعاطفي.صدر البوستر الرسمي للفيلم قبيل مشاركته بمسابقة نظرة ما بالدورة ال 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي العريق (13 - 24 مايو) في عرضه العالمي الأول، الذي شهد إقبالًا واسعًا من الجمهور والنقاد سواء.فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يدور حول عائشة وهي شابة سودانية تبلغ من العمر 26 عامًا وتعمل في مجال الرعاية الصحية، تعيش في حيّ بقلب القاهرة، حيث تشهد التوتر بين زملائها المهاجرين الأفارقة وعصابات محلية. عالقة بين علاقة غامضة مع طباخ مصري شاب، وعصابة تبتزّها لتُبرم صفقة غير أخلاقية مقابل حمايتها، ومنزل جديد مُكلّفة بالعمل فيه. تُكافح عائشة للتغلّب على مخاوفها ومعاركها الخاسرة، مما يُؤدي إلى تقاطع أحلامها مع الواقع، ويقودها إلى طريق مسدود، وهو إنتاج مشترك بين مصر وفرنسا وألمانيا وتونس والسعودية وقطر والسودان،الفيلم من بطولة بوليانا سيمون إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا وعماد غنيم وممدوح صالح، ومونتاج محمد ممدوح، مع مدير التصوير السينمائي المصري مصطفى الكاشف الذي سبق له التعاون مع مراد في الفيلم القصير عيسى، وتصميم أزياء نيرة الدهشوري ومهندس صوت مصطفى شعبان، ومهندسة ديكور إيمان العلبيتلقى الفيلم إشادات واسعة بعد عرضه، حيث وصفه إيوغان لينغ من "ديرتي موفيز" بأنه "فيلم عبقري صادم"، وأشاد به محمد طارق من كروم ووصفه بأنه "لحظة سينمائية فارقة". في الوقت نفسه، أشادت أوليفيا بوب بالتصوير السينمائي للفيلم، واصفة إياه بأنه "مذهل بصريًا"تُعد هذه المشاركة الثانية للمخرج المصري مراد مصطفى بالمهرجان الذي استقبل فيلمه القصير عيسى بمسابقة أسبوع النقاد عام 2023، وأحدث مشاركة مصرية في المسابقة بعد 9 سنوات من مشاركة الفيلم المصري اشتباك.الفيلم من إنتاج شركة بونانزا فيلمز (سوسن يوسف)، بمشاركة شركة Nomadis Images التونسية (درة بوشوشة - لينا شعبان)، وShift Studios (شريف فتحي)، وشركة A. A. Films (أحمد عامر)، وشركة Cinewaves films (فيصل بالطيور) وشركة MAD Solutions (علاء كركوتي وماهر دياب) التي تتولى أيضا المبيعات الدولية للفيلم عبر MAD World، وMayana Films (مي عودة وزورانا موزيكيتش)، وCo-Origins (لورا نيكولوڤ). وشركة الصور العربية / Arabia Pictures (عبد الإله الأحمري) ومنتج مساهم أمجد أبو العلا.نال مشروع عائشة لا تستطيع الطيران منحًا ودعمًا من عدد من الجهات البارزة مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، وصندوق المورد الثقافي، ومهرجان الجونة السينمائي، وأكاديمية لوكارنو، وبرنامجي سينيفوداسيون ومصنع السينما في مهرجان كان، ومهرجان مونبلييه.كما فاز بالجائزة الكبرى من لودج البحر الأحمر، وبخمسة جوائز في مسابقة فاينال كات بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وعلى رأسهم جائزة الدعم الكبرى التي تُمنح لأفضل فيلم في مرحلة ما بعد الإنتاج، وبعدها فاز بجائزة ورشات الأطلس الكبرى لمرحلة ما بعد الإنتاج ضمن فعاليات الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش والتي تقدر ب25 ألف دولار أمريكي.


أهل مصر
منذ 3 ساعات
- أهل مصر
البوستر الرسمي لفيلم عائشة لا تستطيع الطيران ضمن الأفضل بجوائز لوسيول بمهرجان كان
وقع الإختيار على البوستر الرسمي للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران للمخرج مراد مصطفى ضمن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة لوسيول في دورتها الثانية، وهي جائزة مستقلة تُمنح في مهرجان كان السينمائي احتفاءً بالجماليات السينمائية بين صُنّاع الأفلام والمصممين. من بين مشاركات عديدة من مختلف أنحاء العالم، تمكّن بوستر عائشة لا تستطيع الطيران، من تصميم أبانوب شنودة وماهر دياب لشركة MAD Solutions، من الوصول إلى القائمة النهائية التي ضمت 22 فيلمًا، والتي وصفتهم اللجنة بأنها أعمال أظهرت تنوعًا ثريًا في التعبير الفني والعاطفي. صدر البوستر الرسمي للفيلم قبيل مشاركته بمسابقة نظرة ما بالدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي العريق (13 - 24 مايو) في عرضه العالمي الأول، الذي شهد إقبالًا واسعًا من الجمهور والنقاد سواء. فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يدور حول عائشة وهي شابة سودانية تبلغ من العمر 26 عامًا وتعمل في مجال الرعاية الصحية، تعيش في حيّ بقلب القاهرة، حيث تشهد التوتر بين زملائها المهاجرين الأفارقة وعصابات محلية. عالقة بين علاقة غامضة مع طباخ مصري شاب، وعصابة تبتزّها لتُبرم صفقة غير أخلاقية مقابل حمايتها، ومنزل جديد مُكلّفة بالعمل فيه. تُكافح عائشة للتغلّب على مخاوفها ومعاركها الخاسرة، مما يُؤدي إلى تقاطع أحلامها مع الواقع، ويقودها إلى طريق مسدود، وهو إنتاج مشترك بين مصر وفرنسا وألمانيا وتونس والسعودية وقطر والسودان، الفيلم من بطولة بوليانا سيمون إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا وعماد غنيم وممدوح صالح، ومونتاج محمد ممدوح، مع مدير التصوير السينمائي المصري مصطفى الكاشف الذي سبق له التعاون مع مراد في الفيلم القصير عيسى، وتصميم أزياء نيرة الدهشوري ومهندس صوت مصطفى شعبان، ومهندسة ديكور إيمان العلبي تلقى الفيلم إشادات واسعة بعد عرضه، حيث وصفه إيوغان لينغ من "ديرتي موفيز" بأنه "فيلم عبقري صادم"، وأشاد به محمد طارق من كروم ووصفه بأنه "لحظة سينمائية فارقة". في الوقت نفسه، أشادت أوليفيا بوب بالتصوير السينمائي للفيلم، واصفة إياه بأنه "مذهل بصريًا" تُعد هذه المشاركة الثانية للمخرج المصري مراد مصطفى بالمهرجان الذي استقبل فيلمه القصير عيسى بمسابقة أسبوع النقاد عام 2023، وأحدث مشاركة مصرية في المسابقة بعد 9 سنوات من مشاركة الفيلم المصري اشتباك. الفيلم من إنتاج شركة بونانزا فيلمز (سوسن يوسف)، بمشاركة شركة Nomadis Images التونسية (درة بوشوشة - لينا شعبان)، وShift Studios (شريف فتحي)، وشركة A. A. Films (أحمد عامر)، وشركة Cinewaves films (فيصل بالطيور) وشركة MAD Solutions (علاء كركوتي وماهر دياب) التي تتولى أيضا المبيعات الدولية للفيلم عبر MAD World، وMayana Films (مي عودة وزورانا موزيكيتش)، وCo-Origins (لورا نيكولوڤ). وشركة الصور العربية / Arabia Pictures (عبد الإله الأحمري) ومنتج مساهم أمجد أبو العلا. نال مشروع عائشة لا تستطيع الطيران منحًا ودعمًا من عدد من الجهات البارزة مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، وصندوق المورد الثقافي، ومهرجان الجونة السينمائي، وأكاديمية لوكارنو، وبرنامجي سينيفوداسيون ومصنع السينما في مهرجان كان، ومهرجان مونبلييه.كما فاز بالجائزة الكبرى من لودج البحر الأحمر، وبخمسة جوائز في مسابقة فاينال كات بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وعلى رأسهم جائزة الدعم الكبرى التي تُمنح لأفضل فيلم في مرحلة ما بعد الإنتاج، وبعدها فاز بجائزة ورشات الأطلس الكبرى لمرحلة ما بعد الإنتاج ضمن فعاليات الدورة الـ21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش والتي تقدر بـ25 ألف دولار أمريكي.


أخبار اليوم المصرية
منذ 4 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
البوستر الرسمي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» ضمن الأفضل بجوائز لوسيول
اختير البوستر الرسمي للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران للمخرج مراد مصطفى ضمن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة لوسيول في دورتها الثانية، وهي جائزة مستقلة تُمنح في مهرجان كان السينمائي احتفاءً بالجماليات السينمائية بين صُنّاع الأفلام والمصممين. من بين مشاركات عديدة من مختلف أنحاء العالم، تمكّن بوستر عائشة لا تستطيع الطيران، من تصميم أبانوب شنودة وماهر دياب لشركة MAD Solutions، من الوصول إلى القائمة النهائية التي ضمت 22 فيلمًا، والتي وصفتهم اللجنة بأنها أعمال أظهرت تنوعًا ثريًا في التعبير الفني والعاطفي. صدر البوستر الرسمي للفيلم قبيل مشاركته بمسابقة نظرة ما بالدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي العريق (13 - 24 مايو) في عرضه العالمي الأول، الذي شهد إقبالًا واسعًا من الجمهور والنقاد سواء. فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يدور حول عائشة وهي شابة سودانية تبلغ من العمر 26 عامًا وتعمل في مجال الرعاية الصحية، تعيش في حيّ بقلب القاهرة، حيث تشهد التوتر بين زملائها المهاجرين الأفارقة وعصابات محلية. عالقة بين علاقة غامضة مع طباخ مصري شاب، وعصابة تبتزّها لتُبرم صفقة غير أخلاقية مقابل حمايتها، ومنزل جديد مُكلّفة بالعمل فيه. تُكافح عائشة للتغلّب على مخاوفها ومعاركها الخاسرة، مما يُؤدي إلى تقاطع أحلامها مع الواقع، ويقودها إلى طريق مسدود، وهو إنتاج مشترك بين مصر وفرنسا وألمانيا وتونس والسعودية وقطر والسودان، الفيلم من بطولة بوليانا سيمون إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا وعماد غنيم وممدوح صالح، ومونتاج محمد ممدوح، مع مدير التصوير السينمائي المصري مصطفى الكاشف الذي سبق له التعاون مع مراد في الفيلم القصير عيسى، وتصميم أزياء نيرة الدهشوري ومهندس صوت مصطفى شعبان، ومهندسة ديكور إيمان العلبي. اقرأ أيضا| تلقى الفيلم إشادات واسعة بعد عرضه، حيث وصفه إيوغان لينغ من "ديرتي موفيز" بأنه "فيلم عبقري صادم"، وأشاد به محمد طارق من كروم ووصفه بأنه "لحظة سينمائية فارقة". في الوقت نفسه، أشادت أوليفيا بوب بالتصوير السينمائي للفيلم، واصفة إياه بأنه "مذهل بصريًا" تُعد هذه المشاركة الثانية للمخرج المصري مراد مصطفى بالمهرجان الذي استقبل فيلمه القصير عيسى بمسابقة أسبوع النقاد عام 2023، وأحدث مشاركة مصرية في المسابقة بعد 9 سنوات من مشاركة الفيلم المصري اشتباك. الفيلم من إنتاج شركة بونانزا فيلمز (سوسن يوسف)، بمشاركة شركة Nomadis Images التونسية (درة بوشوشة - لينا شعبان)، وShift Studios (شريف فتحي)، وشركة A. A. Films (أحمد عامر)، وشركة Cinewaves films (فيصل بالطيور) وشركة MAD Solutions (علاء كركوتي وماهر دياب) التي تتولى أيضا المبيعات الدولية للفيلم عبر MAD World، وMayana Films (مي عودة وزورانا موزيكيتش)، وCo-Origins (لورا نيكولوڤ). وشركة الصور العربية / Arabia Pictures (عبد الإله الأحمري) ومنتج مساهم أمجد أبو العلا. نال مشروع عائشة لا تستطيع الطيران منحًا ودعمًا من عدد من الجهات البارزة مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، وصندوق المورد الثقافي، ومهرجان الجونة السينمائي، وأكاديمية لوكارنو، وبرنامجي سينيفوداسيون ومصنع السينما في مهرجان كان، ومهرجان مونبلييه.كما فاز بالجائزة الكبرى من لودج البحر الأحمر، وبخمسة جوائز في مسابقة فاينال كات بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وعلى رأسهم جائزة الدعم الكبرى التي تُمنح لأفضل فيلم في مرحلة ما بعد الإنتاج، وبعدها فاز بجائزة ورشات الأطلس الكبرى لمرحلة ما بعد الإنتاج ضمن فعاليات الدورة الـ21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش والتي تقدر بـ25 ألف دولار أمريكي.