
ليس حظرًا للدين… بل حماية للإسلام من التسييس
خلدون خالد الشقران
يواجه الأردن اليوم تحديات معقدة تتطلب وعياً عميقاً وإرادة صلبة في التعامل مع كل من يحاول المساس بأمنه واستقراره. فمع تصاعد خطاب بعض الجهات التي تتخفى وراء الدين، بات واضحاً أن استغلال الدين لأغراض سياسية لم يعد مجرد حالة معزولة، بل أصبح تهديداً لوحدة المجتمع وأمن الدولة.
ليس خافياً أن بعض الجماعات، ممن تراجع حضورها الشعبي وأدواتها السياسية، لجأت إلى تبني خطاب يوحي وكأن الأردن مستهدف بالإرهاب بشكل دائم، محاولة بذلك زرع الخوف والريبة في نفوس المواطنين، وكأنها تبرر لنفسها العودة إلى المشهد من بوابة الفوضى. إلا أن الدولة الأردنية، التي تأسست على قيم الاعتدال والوسطية، كانت ولا تزال بالمرصاد لكل من يحاول زعزعة الاستقرار أو ترويج ثقافة التطرف، سواء أكان ذلك تحت عباءة دينية أو شعارات سياسية.
ومن هنا، يتجلى الموقف الحاسم للدولة في التعامل مع الجماعات التي تسيء استخدام الدين، دون أن يكون ذلك بأي حال من الأحوال استهدافاً للإسلام أو تعاليمه السمحة. فالأردن، بقيادته الهاشمية، يعتز بانتمائه الإسلامي المعتدل، وبتاريخه القائم على احترام الأديان وتعزيز قيم التسامح والمحبة بين الجميع.
الإجراءات التي اتخذت تجاه بعض الجماعات والتنظيمات جاءت لحماية الدين نفسه من التسييس وللحفاظ على طهارته، بعيداً عن التوظيف السياسي الذي لا يخدم إلا أجندات ضيقة تتناقض مع مصلحة الوطن العليا. فالدين في الأردن، كما هو عبر تاريخه، رسالة رحمة، لا أداة صراع أو صدام.
لقد علمتنا التجربة أن حماية الدولة من خطاب الفتنة مسؤولية جماعية، تبدأ بالتصدي لمحاولات تغليف المشاريع السياسية بغطاء ديني، وتمتد إلى تعزيز الفكر المستنير الذي يحترم قيم الإسلام الحقيقية، ويؤمن بالتعددية والعيش المشترك.
.
و إن من يحاول تصوير الإجراءات القانونية التي تتخذها الدولة وكأنها موجهة ضد الإسلام، إنما يسيء إلى الإسلام نفسه قبل أن يسيء إلى الوطن. فالإسلام في الأردن كان وسيبقى دين الرحمة والمحبة، بعيداً عن مشاريع الاستغلال والتسييس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 10 ساعات
- أخبارنا
دشن الدورة العلمية الكبرى في موسم الحج بعنوان " تحقيق الآمال في أثر المناسك على تعزيز قيم الوحدة والتسامح والوسطية والاعتدال "بحضور الدوسري
أخبارنا : .خصصت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ممثلة في وكالة الشؤون الفكرية والتوعوية مسارًا إثرائيًا منوعًا هو الأكبر من نوعه في موسم الحج؛ لتعزيز التسامح وتبني قيم الوسطية وتحصين الفكر، وفق الخطة التشغيلية لموسم حج 1446هـ، انطلاقًا من حرصها على استثمار الموسم في توعية ضيوف الرحمن ونشر الوسطية والاعتدال، وتحقيق التوعية الفكرية بأساليب علمية معاصرة. ودشن معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس اليوم ، بحضور إمام وخطيب المسجد الحرام، والمشرف على التوعية الفكرية بالمسجد الحرام، فضيلة الشيخ الدكتور ياسر الدوسري؛ الدورة العلمية الفكرية بعنوان "تحقيق الآمال في أثر المناسك على تعزيز قيم الوحدة والتسامح والوسطية والاعتدال"، مؤكدًا أن تعزيز ثقافة التسامح يُعد من أبرز استراتيجيات الرئاسة الدينية، منطلقًا من رسالة الحرمين الشريفين الوسطية العالمية. وقال معاليه: "إن تكريس التسامح وتحصين الفكر هما صمام الأمان للمجتمعات، وطوق النجاة الذي يجب الاعتناء به في تحصين الشباب والشابات من كل هجوم فكري أو ثقافي أو لوثات إرهابية، تهز مبادئهم وتخدش قيمهم، وتمس ثوابتهم". وأردف بقوله: إن الرئاسة خصصت مسارًا إثرائيًا لتعزيز قيم التسامح في الموسم عبر مجموعة من المبادرات الفكرية والتوعية النوعية؛ لترسيخ التسامح والاعتدال، وإثراء تجربة ضيوف الرحمن، وتعزيزًا لقيم الوسطية ونبذ التطرف والإرهاب والانحلال. مؤكدًا أن الحرمين الشريفين هما منبع النور والهدايات وقيم التسامح التي تُثري البشرية، ومشددًا على أن دين الإسلام يدعو إلى التآخي والتسامح والتعايش بين الأفراد. وثمن معالي الرئيس جهود فضيلة الشيخ الدكتور ياسر الدوسري؛ في إثراء تجربة القاصدين وضيوف الرحمن وتعزيز قيم التسامح والاعتدال من خلال حزم المبادرات التي أطلقتها وكالة الشؤون الفكرية والتوعوية التي تعد الأكبر والأضخم للرئاسة في موسم الحج. وأعدت وكالة الشؤون الفكرية والتوعوية مسارًا نوعيًا لتعضيد قيم التسامح بحزم مبادرات إثرائية، وتعزيز قضايا الأمن الفكري وتأصيلها شرعيًا؛ لغرس العقيدة الصحيحة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، وإبراز محاسن الدين القويم؛ لحماية الفرد والمجتمع والأمة؛ وذلك في إطار حرص الرئاسة على تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة -أيدها الله-، وتطوير منظومة العمل الإثرائي الفكري، بما يواكب #رؤية_المملكة_الطموحة_2030، ويحقق أهدافها في خدمة الحرمين الوسطية، ونشر رسالة الإسلام السمحة عالميًا.


صراحة نيوز
منذ 12 ساعات
- صراحة نيوز
الويسكي يطرق أبواب مكة والمدينة ..الخمور تدخل الحرمين بترخيص رسمي
صراحة نيوز ـ متابعة ملك سويدان في مشهد لم يكن ليخطر على بال أكثر المتفائلين بالتغييرات المتسارعة في المملكة، أعلنت السلطات السعودية عن ترخيص بيع واستهلاك المشروبات الكحولية في نحو 600 موقع مخصص، اعتبارًا من عام 2026، في خطوة وُصفت بأنها 'زلزال ثقافي' في قلب الدولة الأكثر محافظة في العالم الإسلامي. القرار، الذي تزامن مع تصاعد وتيرة الانفتاح الاجتماعي ضمن رؤية 2030، أثار حالة من الذهول والصدمة لدى قطاعات واسعة من السعوديين والعالم الإسلامي، حيث كان الحديث عن الكحول في السعودية يُقابل بالصمت أو القمع، فما بالك بترخيصها في مئات المواقع؟ وبحسب المعلومات الرسمية، فإن المواقع المخصصة ستكون 'محكومة بضوابط دقيقة' ولن تكون متاحة للعامة، بل تستهدف 'شريحة محددة من غير المسلمين' في مناطق استراتيجية، يُعتقد أنها تشمل بعض المجمعات الدبلوماسية والفنادق الفاخرة. رغم ذلك، فإن حجم الخطوة تجاوز حدود النقاش التقني. ناشطون على مواقع التواصل عبّروا عن غضبهم ودهشتهم باستخدام عبارات مثل 'هدم الهوية' و'تحويل قبلة الإسلام إلى منتجع سياحي'. وفي المقابل، رحب البعض بما وصفوه بـ'التحرر من الوصاية الدينية'، معتبرين أن السعودية 'تدخل القرن الحادي والعشرين متأخرة… ولكن بثقة'. المفارقة أن هذه التحولات تأتي من نفس الدولة التي كانت حتى وقت قريب تفرض الجلد عقوبةً لتناول الكحول، ما يطرح تساؤلات واسعة عن مستقبل العلاقة بين الدين والدولة في الخليج، وعن طبيعة 'الخط الأحمر' الجديد في بلد كانت الحمراء فيه تُرمز للخطر… لا للنبيذ. هل هي رؤية اقتصادية جريئة، أم قفزة في المجهول؟ الأكيد أن الكؤوس سترتفع في 2026، ولكن الصدى سيبقى أعلى من الرنين.


أخبارنا
منذ 13 ساعات
- أخبارنا
د. خالد الشقران يكتب : الاستقلال.. إرادة يتوجها الإنجاز
أخبارنا : تحل اليوم الذكرى المجيدة لاستقلال الأردن، لترسم بألوان الفخر ملحمة وطن رفض الانكسار، وحفر بالتضحيات طريقا نحو الحرية.. إنه اليوم الذي تحول فيه الأردن من أرض تحت الانتداب إلى دولة ذات سيادة، تحمل راية الاستقلال عاليا، وتنحت بمطرقة الإصرار مستقبلاً يليق بأبناء البلد الواحد، فالاستقلال ليس مجرد ذكرى تحكى، بل هو روح تسري في شرايين الأمة، ودليل على أن الإرادة تصنع المستحيل. الاستقلال معنى يتجاوز التاريخ ليروي قصة مجد سطرها أبطال آمنوا بالله وبالوطن، فعندما أعلن المغفور له الملك عبدالله الأول استقلال المملكة عام ١٩٤٦، لم يكن يعلن تحررا من مستعمر فحسب، بل كان يؤسس لعقد اجتماعي قائم على الحرية والمسؤولية، فالاستقلال هو انتصار للإرادة الوطنية على التبعية، وتأكيد على حق الأردنيين في تقرير مصيرهم وبناء مؤسساتهم التي تجسد هوية الأردن العربية والإسلامية.. والاستقلال كذلك رمز للكرامة الإنسانية التي رفضت الخنوع، وشعلة تضيء على الدوام درب الأجيال نحو المستقبل. لقد استند الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين وهو يرفع راية الاستقلال في عمان، إلى شرعيتين: تاريخية يجذرها نسبه الذي يمتد إلى بيت النبوة، وسياسية صنعتها بطولات الثوار من أبناء القبائل العربية التي حاربت تحت قيادة والده الشريف الحسين بن علي، ولهذا كان الاستقلال تتويجا لعهد هاشمي بدأ بمحاولة إحياء «الخلافة العربية» من الحجاز، ثم تحوّل إلى تأسيس كيان سياسي في شرق الأردن، حافظ على الإسلام هوية، وعلى العروبة رسالة، وعلى الإنسان قيمة. سياسيا، أعطى الاستقلال للأردن صوتا في المحافل الدولية، فكانت قراراته تعكس مصالح شعبه، ولا ترضخ لإملاءات الخارج. ومنذ عهد المغفور له الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، شكل الأردن نموذجاً للدبلوماسية المتوازنة والحكيمة التي تجمع بين الثوابت الوطنية والانفتاح على العالم، فالأردن - بقيادة الهاشميين - حافظ على مواقف متزنة جعلته جسراً للتواصل بين الشرق والغرب، وساهم بدور محوري في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، وفي عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال، طبعت هذه السياسة ببصمة استثنائية عبر الحفاظ على الحياد الإيجابي في خضم تحديات الحرب الباردة والنزاعات العربية، مع التأكيد على الحقوق الفلسطينية ودعم قضايا الأمة، مما أكسب ?لأردن مكانة مرموقة كصوت عقلاني ووسيط موثوق. وفي العهد الزاهر لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، تواصلت هذه الإستراتيجية بدعم قضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية في مجالات مكافحة الإرهاب وبناء السلام، والريادة في الحوار بين الأديان، والنهوض بدور المملكة كقاعدة للاستقرار في منطقة مضطربة، مدعوماً بعلاقات متينة مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية، وبمتابعة ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي يضفي ديناميكية جديدة لتعزيز إرث الأردن الدبلوماسي الممتد بعمق ?لتاريخ وبرؤية مستقبلية واعدة. اقتصاديا، استطاعت المملكة تحويل التحديات إلى فرص؛ فمن دولة تعتمد على المساعدات إلى نموذجٍ في الابتكار الزراعي والتكنولوجي. اما اجتماعيا، فقد حافظ الأردن على نسيجه الوطني، وكان الملاذ الآمن لكثير من الشعوب التي عانت من ويلات الحروب والصراعات؛ فاستقبل العديد من موجات اللجوء، وكان مثالا للتضامن العربي. في الجانب الثقافي، صانت المملكة تراثها كحصن للعروبة، وبالوقت نفسه شكلت أنموذجا يحتذى في الانفتاح على الحداثة مع المحافظة على القيم الأصيلة. لم يكن طريق الاستقلال مفروشا بالورود، فقد واجه الأردن تحديات جساما من حروب إقليمية إلى أزمات لاجئين، وصولاً إلى شح الموارد، لكن الأردن، بسواعد أبنائه، حوّل التحديات إلى منصات للعطاء، فالاستقلال لم يكن حدثاً عابراً، بل كان عهدا دائما بالتجدد والتزاما من القيادة والشعب مسنودا بالجيش العربي الذي شكل درع الوطن، فيما كان الشباب محركا للتقدم. اليوم، والأردن يحيي ذكرى استقلاله التاسعة والسبعين، يتجدد السؤال: كيف نحافظ على مكاسب الاستقلال؟ الجواب يكمن في الاستمرار في تنفيذ مسيرة التحديث الشاملة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتمكين الشباب، والمضي قدما في مسيرة العدالة الاجتماعية، وخلق اقتصاد قوي، وتوفير تعليم نوعي، وكل ذلك سيقود بالتأكيد إلى تعزيز الاستقلال السياسي باستقلال تنموي، يجعل الأردن منصة للإبداع في المنطقة. إن عيد الاستقلال لم يكن يوما في وجدان الأردنيين احتفالاً بالماضي، بل إعادة إحياء لقيم التضحية والعمل، وتذكير بأن حرية الأردن لم تُنَل بالمجان، بل كانت ثمرةَ كفاح متواصل، زرع كل أردني في تربته بذور الأمل، فأصبح الاستقلال شعارا لكل يوم لا ذكرى سنوية، فليكن المستقبل امتدادا لمجد الماضي، وليكن شعارنا: «الاستقلال أمانة، والبناء مسؤولية». تاريخيا لم يكن الهاشميون يوما مجرد حكام، بل ظلوا حاملي أمانة ورسالة تاريخية انعكست بوضوح في جعل الأردن نموذجا لدولة العرب الحديثة، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة. فكل عام وقيادتنا وشعبنا بألف خير والأردن حر عزيز أبي شامخ، رايته خفاقة كأنها قطعة من سماء الوطن.