logo
ربما تصبح الخاسر الأكبر..
أمريكا تقصف إيران.. وتُضعف نفسها

ربما تصبح الخاسر الأكبر.. أمريكا تقصف إيران.. وتُضعف نفسها

بوابة الأهراممنذ 4 ساعات

نفذت أمريكا تهديداتها، وقصفت ثلاثا من أهم المنشآت النووية الإيرانية، وهى: نطنز، أصفهان، وفوردو. وعلى غرار الهجوم الإسرائيلى على إيران فى 13 يونيو الجاري، والذى تم بتنسيق مع واشنطن، وفى خضم الجهود الدبلوماسية بسلطنة عمان، جاء الهجوم الأمريكى فى خضم الجهود الدبلوماسية فى سويسرا. إنها مفارقة غريبة تقول واشنطن ضمنا من خلالها، إن التفاوض معها تمويه لاستخدام القوة العسكرية!. فى الهجمات على إيران، استخدمت أمريكا صواريخ «توما هوك» وقنابل خارقة للتحصينات نادرا ما تُستخدم، وقال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنه «لا يوجد جيش آخر فى العالم غير الجيش الأمريكى يمكنه أن يفعل هذا»، وتباهى بأن الضربات «حققت نجاحا عسكريا رائعا» فى تدمير قدرات إيران، وأن موقع فوردو «انتهي».
لكن واقع الحال أن ما انتهى ليس بالضرورة المنشآت النووية الإيرانية ولا قدرتها على التخصيب، بل ما تبقى من الدبلوماسية الأمريكية مع طهران. فالهجوم الأمريكى على المنشآت النووية الإيرانية، وموقع فوردو بالذات، كان ضمن أسوأ السيناريوهات بالنسبة لإيران. فهذه المنشآت هى قلب المشروع النووى الإيراني، تم بناؤها وتطويرها على مدار عقود، وتحت العقوبات الدولية، وكلفت إيران مبالغ طائلة.
ومن وجهة نظر أمريكا، فإن مكاسب كبيرة تم تحقيقها من هجوم أمس، وعلى رأسها إظهار الحسم العسكري والقدرات الاستراتيجية الأمريكية، واستعداد إدارة ترامب للتحرك الأحادى بلا غطاء قانونى أو دولى، وبدون الخوف من العواقب. أيضا تقول الإدارة الأمريكية: إن الهجوم دمر المنشآت النووية الإيرانية، وبالتالي، فإذا كانت طهران قبل الهجوم على بعد أسابيع فقط من تطوير سلاح نووي، كما ادعت واشنطن، فإنها الآن بعيدة أشهر أو حتى سنوات عن تشكيل أى تهديد نووى. أيضا من وجهة نظر أمريكية، فإن إضعاف إيران بشكل منهجى من خلال الضربات الانتقائية القاسية، يشكل ضربة ضمنية للمصالح الروسية والصينية، بسبب علاقة التحالف الاستراتيجى بينهما مع إيران.
وعلى الصعيد الداخلى، سيقول ترامب لقاعدته التصويتية إنه لم يورط أمريكا فى حرب طويلة، وبالتالى أوفى بوعده بإنهاء «الحروب الأمريكية الدائمة»، لكنه فى المقابل سيقول لحلفاء إسرائيل فى دوائر الحكم الأمريكي، إنه تدخل عسكريا بشكل حاسم لمنع إيران من المضى قدما فى برنامجها النووي. لكن الوجه الآخر للضربات الأمريكية حافل بالخسائر الاستراتيجية المحتملة لأمريكا، وعلى رأسها التضحية بالدبلوماسية مقابل القوة العسكرية. فمكاسب الدبلوماسية عادة أطول عمرا من مكاسب العدوان. وبغض النظر عن حجم الخسائر بسبب هجوم أمس، سواء الرواية الأمريكية التى تحدثت عن تدمير كامل لقدرات إيران، أو رواية طهران التى قللت من الخسائر بتأكيدها أن معظم اليورانيوم المخصب فى موقع فوردو تم نقله قبل الهجوم الأمريكى إلى مكان مجهول، فالأرجح أن الحقيقة فى مكان ما بين الروايتين. فمن المؤكد أن البرنامج النووى الإيرانى أصيب بأضرار، وأنه عاد للوراء عدة سنوات، فلا أحد يعلم الآن على وجه الدقة. لكن إيران لطالما كررت «أن لا شىء يتم تدميره لا يمكن إعادة بنائه»، ففى النهاية المعرفة النووية الإيرانية «محلية» والقدرات العلمية «داخلية»، وهذا شيء لا يمكن القضاء عليه من وجهة نظر طهران.
والمفارقة أن تقييمات الإدارة الأمريكية نفسها والخبراء النوويين كانت أنه مهما بلغ حجم الضربات الأمريكية، فإن واشنطن لا تستطيع إخراج البرنامج النووى من الخدمة بشكل كلي، بسبب انتشاره جغرافيا ووجود الكثير من المنشآت عميقة تحت الأرض.
أيضا من ضمن الخسائر المحتملة للضربة التصعيد الإقليمي، فإيران بدأت بالرد عسكريا فورا بعد الهجمات الأمريكية باستهداف مواقع داخل إسرائيل. ومن الواضح أن احتمالات التصعيد العسكرى عالية حاليا وستؤدى لإرباك المنطقة والعالم. وهذا سيناريو خطير من وجهة نظر واشنطن. فأكثر ما تأمل فيه هو توقف التصعيد لأنها غير مستعدة لهذا السيناريو ولا تريد التورط فى مواجهة طويلة فى المنطقة.
ردود الفعل الدولية، وبالذات من دول الجنوب العالمي، أيضا تضع أمريكا فى موقف قانونى وأخلاقى صعب. فاستهداف منشآت نووية مصنفة كمرافق للطاقة السلمية هو عدوان بحسب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية منع الانتشار النووي. وما فعلته أمريكا هو أنها فى الواقع عززت موقف المتشددين وسط النخبة الإيرانية، الذين يرون أن أمريكا وإسرائيل لن يتوقفا إلا بتغيير النظام فى إيران على غرار ما حدث فى العراق، وبالتالى لا حل سوى تحويل البرنامج النووى السلمى إلى عسكري. أى بعبارة أخرى، الهجوم الأمريكى قد يدفع البعض فى طهران للضغط فى هذا الاتجاه كحبل نجاة.
وفى هذا الإطار يتزايد المزاج الرسمى والشعبى فى إيران تشددا حيال المفاوضات مع أمريكا والأوروبيين. فواشنطن استنفدت بعد الضربة أوراق التهديد والضغط على طهران، كما استنفدت أوراق الدبلوماسية. وبرغم أنه بعد ساعات من الهجوم الأمريكى خرجت جوقة القادة الأوروبيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والمستشار الألمانى فريدريش ميرز، تدعو طهران للعودة للمفاوضات إلا أن هناك قناعة أوروبية أن الضربة الأمريكية قضت على احتمالات نجاح الدبلوماسية على الأقل فى المدى القريب.
هناك أيضا تقويض مصداقية تقديرات الاستخباراتية الأمريكية. ففى مارس الماضي، أكدت تولسى جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أمام لجنة استخبارات مجلس الشيوخ «عدم وجود برنامج إيرانى نشط لبناء سلاح نووي»، لكن البيت الأبيض عارض تقييمها فى الأيام الأخيرة بشكل علني، وكرر أن بين إيران والقنبلة النووية عدة أسابيع فقط. وهو تقييم مفاجئ طرح تساؤلات حول شفافية التقييمات الأمريكية، وأعاد المخاوف من تدوير ادعاءات الملف العراقى لتطبيقه فى الحالة الإيرانية. أما جر إسرائيل لأمريكا فى المواجهة الحالية مع طهران، فيكشف ضمنا أن إسرائيل بدون الدفاع الأمريكى والأوروبى عنها، ليست مطلقة اليد والقدرات كما تحب أن تصور نفسها. واستهدافها للعلماء النوويين وكبار القادة العسكريين وتلويحها مع واشنطن باستهداف المرشد الأعلى لإيران على خامنئى ليس علامة قوة، بل علامة ضعف واضح وتفكير مبسط حافل بالتمنيات، مفاده أن التخلص من رأس الدولة سيؤدى إلى انزلاق إيران نحو الفوضى.
هذا الطرح الاختزالى ليس استراتيجية، بل يعكس غياب استراتيجية. أما حقل التجارب فى هذا «التفكير بالتمنى»، فهو الشرق الأوسط وسكانه. فدخول واشنطن على خط المواجهة مقامرة ذات مكاسب محدودة ومخاطر كبيرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - عودة قاذفات B-2 إلى ميزوري تثير جدلاً واسعًا بعد ضرب المواقع النووية الإيرانية
اخبار حرب ايران واسرائيل الان - عودة قاذفات B-2 إلى ميزوري تثير جدلاً واسعًا بعد ضرب المواقع النووية الإيرانية

الصباح العربي

timeمنذ 17 دقائق

  • الصباح العربي

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - عودة قاذفات B-2 إلى ميزوري تثير جدلاً واسعًا بعد ضرب المواقع النووية الإيرانية

وصل طيارو قاذفات B-2 إلى قاعدة عسكرية في ولاية ميزوري الأميركية عقب تنفيذ ضربات جوية استهدفت منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية، حيث نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاطع مصورة ترصد لحظة عودتهم، ووجه إليهم رسالة شكر مشيدًا بما وصفه بـ"الأداء المذهل" خلال تنفيذ المهمة. واستخدم ترامب، عبر حسابه الرسمي على منصة "تروث سوشيال"، لهجة تصعيدية تجاه النظام الإيراني، حيث تساءل بشكل غير مباشر عن جدوى استمراره، ملمحًا إلى ضرورة التغيير في حال فشلت السلطات الإيرانية في الارتقاء بالبلاد إلى المكانة التي تستحقها، دون أن يذكر بشكل صريح الدعوة إلى إسقاط النظام، مكتفيًا بالقول إن مصطلح "تغيير النظام" لم يعد محبذًا سياسيًا، لكن الواقع يفرض طرحه. وأكد ترامب في منشوراته أن القوات الأميركية نفذت ضربات عالية الدقة على منشآت نووية حساسة داخل إيران، مشيرًا إلى أن الجيش الأميركي أظهر احترافية متقدمة في تنفيذ العملية، وأن النتائج الميدانية أوضحت حجم الضرر الذي طال تلك المنشآت، واصفًا الخسائر التي لحقت بالمواقع الإيرانية بأنها "كبيرة للغاية". وسلطت شبكة "فوكس نيوز" الضوء على دور نسائي في العملية، كاشفة عن تولي قائدة أميركية مسؤولية إحدى قاذفات B-2 التي قصفت منشأة فوردو النووية، وهي المنشأة التي تقع على عمق كبير تحت الأرض وتُعد من أبرز مراكز تخصيب اليورانيوم في إيران. وفي وقت سابق، تحدث ترامب عن الضربة الأميركية عبر بيان رسمي، مؤكدًا أن الهجوم استهدف ثلاث مواقع نووية مركزية شملت مجمعات في فوردو، نطنز وأصفهان، وأشار إلى أن قاذفات الشبح أسقطت حمولتها الكاملة من القنابل على فوردو، ما يعكس الطابع الحاسم للعملية التي نُفذت تحت غطاء من السرية والتخطيط المشترك بين أفرع مختلفة من الجيش الأميركي.

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - خامنئي: القواعد الأمريكية المشاركة في الهجمات أصبحت أهدافًا مشروعة
اخبار حرب ايران واسرائيل الان - خامنئي: القواعد الأمريكية المشاركة في الهجمات أصبحت أهدافًا مشروعة

الصباح العربي

timeمنذ 17 دقائق

  • الصباح العربي

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - خامنئي: القواعد الأمريكية المشاركة في الهجمات أصبحت أهدافًا مشروعة

حذر المرشد الأعلى، علي خامنئي، من أن جميع القواعد الأمريكية التي شاركت في الضربات ضد إيران أصبحت الآن أهدافًا مشروعة، مؤكّدًا على وجوب الرد الفوري والحاسم. فيما أشار دبلوماسيون لوكالة 'رويترز' إلى أن فرص التفاوض بين واشنطن وطهران أصبحت ضئيلة، موضّحين أن شرط وقف طهران برنامج تخصيب اليورانيوم خلق فجوة كبيرة في أي مشاورات مستقبلية، مؤكدين أن الجانب الأميركي لم يُخطر حلفاءه الأوروبيين - بريطانيا وفرنسا وألمانيا - بشن الضربات قبل تنفيذها. وأضاف هؤلاء الدبلوماسيون أنه لا يتوقع عقد جولة جديدة من الحوار المباشر بين الطرفين، وأن أي محادثات مستقبلية يجب أن تمر عبر وسطاء إقليميين، مما يزيد من التعقيد في مسار التوصل إلى حل دبلوماسي. وفي تصريح صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية، أكد المتحدث باسمها، إسماعيل بقائي، أن طهران مستعدة للدفاع عن سيادتها بكل الوسائل، مستندة في ذلك إلى الفقرة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، معتبرةً أن لكل دولة الحق في حماية أمنها الوطني وأراضيها من أي اعتداء.

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - طهران تُحبط محاولة استهداف مصنع طائرات وتعتقل عملاء أجانب في أصفهان
اخبار حرب ايران واسرائيل الان - طهران تُحبط محاولة استهداف مصنع طائرات وتعتقل عملاء أجانب في أصفهان

الصباح العربي

timeمنذ 17 دقائق

  • الصباح العربي

اخبار حرب ايران واسرائيل الان - طهران تُحبط محاولة استهداف مصنع طائرات وتعتقل عملاء أجانب في أصفهان

أعلنت السلطات الإيرانية، في وقت مبكر من صباح الإثنين 23 يونيو 2025، عن إفشال مخطط وصفته بالخطير كان يستهدف منشأة صناعية متخصصة في إنتاج الطائرات بمحافظة أصفهان، وكشفت عن توقيف أفراد قالت إنهم يعملون لصالح جهاز الاستخبارات الأوكراني، كانوا ينوون تنفيذ الهجوم ضمن سلسلة من التطورات الأمنية التي تشهدها البلاد مؤخرًا. وأوضحت مصادر أمنية أن القوات المختصة نفذت عملية دقيقة أسفرت عن إحباط المخطط قبل دخوله حيز التنفيذ، حيث تمكنت من توقيف المجموعة المعنية ومصادرة المعدات التي كانت بحوزتها، في خطوة اعتبرتها طهران جزءًا من مواجهة أكبر ضد محاولات اختراق أمنها الداخلي عبر شبكات تجسس أجنبية. في سياق متصل، أفادت الجهات المعنية في وزارة الداخلية الإيرانية أنها أسقطت 16 طائرة مسيّرة خلال الأيام الأخيرة، وأكدت أنها كانت تابعة للجيش الإسرائيلي، كما أوقفت 24 فردًا متهمين بالتخابر مع جهاز الموساد، وجرى ضبطهم في مناطق متعددة غرب العاصمة طهران، في عمليات وصفت بأنها جاءت استكمالًا لحملة أوسع تستهدف البنية الأمنية للبلاد. وفي المقابل، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن الغارات الجوية الأميركية التي نُفذت مؤخرًا لم تستخدم قنابل خارقة للتحصينات ضد منشأة أصفهان النووية، بعكس ما حدث في مواقع أخرى مثل "فوردو" و"نطنز"، وأشارت إلى أن المنشأة لا تزال على الأرجح في وضع تشغيلي، ما يثير القلق بشأن استمرار تطوير برنامج نووي قد يمتد لاستخدامات عسكرية مستقبلًا. بدورها، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانًا أكدت فيه تسجيل أضرار طالت مداخل الأنفاق الواقعة أسفل مجمع أصفهان النووي نتيجة الضربات الجوية الليلية، وأوضحت أن فرقها لاحظت تضررًا في البنية التحتية للموقع، دون أن توضح مدى تأثير هذه الأضرار على النشاط النووي بداخله، مكتفية بالإشارة إلى أن التحقيقات ما زالت جارية. وتشير معلومات سابقة وردت في تقارير دولية إلى أن منشأة أصفهان تُعد من أكثر المواقع تحصينًا في إيران، حيث جرى تخزين كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب في أنفاق تحت الأرض، وهو ما يمنحها أهمية استراتيجية بالغة في أي مفاوضات محتملة تتعلق بالملف النووي، خصوصًا في ظل تصاعد التوتر الإقليمي وتكثف النشاطات الاستخباراتية على الأراضي الإيرانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store