logo
اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!

اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!

يمرسمنذ 5 ساعات

عادل السياغي
مقدِّمة الانهيار
إذا كان الخراب وجهاً، فإن اليمن اليوم هو الملامح الأكثر وضوحاً فيه: بلدٌ قُدِّم على موائد الطموح الشخصي والتجاذب الإقليمي حتى صار 19.5 مليون إنسان فيه من أصل 30 مليون يعتمدون على المساعدات، وأكثر من سبعة عشر مليوناً يواجهون انعداماً حادّاً في الأمن الغذائي، بينما يتقلّص دخل الدولة ويُشفَط احتياطيّها النقدي كأنّه حفرة لا قعر لها.
الحوثيّون «أنصار الله»
حوّل الحوثيّون مناطق سيطرتهم إلى شركة جباية مسلّحة: ضرائب استثنائيّة على التجّار وزكاة بالإكراه في ظل ركود اقتصادي ، تمرير حمولات الوقود في السوق السوداء، وتسييس الإغاثة لتكريس الولاء. ففي كانون الثاني/يناير 2025 اعتقلوا سبعة موظّفين أمميّين إضافيين، ما دفع الأمم المتّحدة لتعليق تحرّكاتها في صنعاء. بهذا السلوك يطعن الحوثيّون شريان الحياة الوحيد الباقي لملايين النازحين ويجعلون الجوع سلاحاً تفاوضيّاً.
الحكومة المعترف بها دوليّاً ما يوصف ب(مجلس القيادة الرئاسي)
في عدن ، يقبع قادة السلطة الشرعيّة على فَوْهَة خزينة مثقوبة: توقَّف صرف الرواتب لقطاعات واسعة، وتحوّل ملفّ النفط إلى مزاد نفوذ بين الوزارات المتناحرة. الفساد صار علنيّاً؛ قوائم سفر وفنادق خمس نجوم ونثريات بالدولار، بينما الجندي على الجبهة بلا مؤن ولا ذخيرة، والمواطن في تعز يحشو الخبز اليابس بماء شحيح كي ينام أبناؤه. بهذا العجز الصارخ، تثبّت الحكومة صورة «الشرعيّة الورقيّة» التي فقدت القدرة الأخلاقيّة على مطالبة العالم بالمساندة.
المجلس الانتقالي الجنوبي
أما الانتقالي فحوّل «القضية الجنوبية» إلى دفتر شروط يفتحه ويغلقه متى ما استدعت الحروب الصغيرة رفع أسهمه السياسية. اقتتال فصائل الأمن في عدن على العائدات الجمركيّة والموانئ يعيد إنتاج مشهد الحرب الأهلية المصغّرة ويقضي على أي إمكانية لإعادة بناء مؤسّسات الدولة في الجنوب. كلما طفا نزاعٌ داخلي ضُربت بنيةٌ تحتيّة أو أُغلِق طريق، فينكفئ المستثمرون ويُسرَّح العمال.
التحالف السعودي – الإماراتي
سنوات من الضربات الجوّيّة والحصار البحري جعلت الاقتصاد اليمني يترنّح؛ منع دخول الوقود والأدوية الإ لمن ارادو من الشركاء المتنفذين شلّ المستشفيات وجعل كل شيئ يصل اليمن اما صناعة رديئة او منتهي الصلاحية ، ونقل البنك المركزي إلى عدن أطلق سباقاً جنونيّاً في سعر الريال. الأخطر أنّ التحالف، وهو يدّعي حماية الشرعيّة، قسّم ساحلَي اليمن إلى مناطق نفوذ تنافسية: موانئ في المخا والمكلا سُلّمت إلى شركات إماراتيّة بنظام امتيازات طويل الأمد، بينما عدن تغرق في الظلام لأيام .
إيران وتحالفاتها
طهران تتعامل مع اليمن كحقل تجارب للصواريخ والطائرات المسيَّرة؛ تسلِّح الحوثيين لابتزاز السعودية والولايات المتحدة لكنها، حين دقّ ناقوس مواجهة مباشرة مع إسرائيل في يونيو 2025، لم تجد بدّاً من تقليص خطوط الإمداد عبر بحر العرب لتأمين جبهتها الداخليّة. هكذا يتبدّى اليمن مجرّد ورقة مساومة إقليمية لا أكثر.
ثمن «اللا حرب واللا سلم»
منذ هدنة 2022 الميتة سريريّاً، تحوَّلت البلاد إلى أرخبيل من خطوط تماسّ ثابتة: لا معارك تُحسم ولا تسوية تُوقَّع. في هذا الفراغ تكاثر «أمراء الحرب» وتجّار الوقود والسلاح؛ نهبت الجماعات المحلية إيرادات الموانئ والضرائب والزكاة ، وتضاعف تهريب الحشيش والحبوب المخدِّرة. المدارس تحوّلت إلى ثكنات أو مخازن إغاثة، والمستشفيات تفتقر حتى للمحلول الوريدي.
المجتمع المنهَك
النتيجة أنّ اليمني بات يُقايِض لقمته بكرامته. تضاعفت نسبة الزواج المبكّر، وارتفعت معدّلات الانتحار، وانتشر تجنيد الأطفال بوصفه «فرصة عمل» لمن فقد أبسط مقوّمات العيش. هذا الانهيار البنيوي أخطر من القصف؛ فهو ينسف العقد الاجتماعي ويزرع جوعاً متوارثاً لن يندمل حتى لو توقفت الحرب غداً.
درس حرب ال12 يوماً بين إيران وإسرائيل
في أقلّ من أسبوعين، تلاقى خصمان إقليميّان مسلّحان نوويّاً على قمّة تصعيد حادّ، ثم انفرط عقد المعركة تحت ضغط الخسائر الثقيلة والعزلة الدوليّة، ليتوصّلا إلى وقف إطلاق نار في 24 يونيو 2025. رغم سقوط مئات القتلى في إيران ، من بينهم أكثر من عشرين قائداً عسكريّاً رفيعاً، ورغم الهجمات الصاروخيّة الإيرانية التي طالت مستشفى سوروكا في بئر السبع، فقد أُغلِق الملف عسكريّاً سريعاً لأن طرفيه يعرفان أن استنزافاً طويل الأمد سيقضم قدرتهما الاستراتيجية.
المفارقة أنّ حرباً بهذه الضراوة انتهت في اثني عشر يوماً، بينما اليمنيون محاصرون في جحيمٍ بلا توقيت نهاية. الدرس الصارخ هنا: طول أمد النزاع ليس دليلاً على توازن ردع، بل على غياب إرادة الحسم واستسهال الاتجار بمعاناة المدنيّين.
خاتمة ومحاكمةٌ أخلاقية
لا يحتاج اليمن إلى مبعوث أممي جديد ولا إلى هدنة بالقطّارة؛ يحتاج إلى محكمة تاريخيّة تُدين كلَّ من حوّل اليمنيّين إلى رهائن جوع. الحوثي، والحكومة، والانتقالي، والتحالف، وإيران—all of the above—يجب أن يُسلَّموا إلى مواجهة شعبية تُرفَع معها الحصانة السياسية والعسكرية. أمّا المجتمع الدولي الذي اكتفى ببيانات القلق، فعليه واجب أخلاقي بإنشاء ممرّ إنساني محميّ بالقانون الدولي، لا بالصفقات المشبوهة. إن لم يحدث ذلك، فلن تُذكَر اليمن بوصفها «الدولة الفاشلة» وحسب، بل بوصفها جريمة متعدّدة الجنسيات ارتُكبت على الهواء مباشرة، بينما العالم يصفّق لمسرحية أخرى تدوم اثني عشر يوماً ثم يُسدل الستار.
الخلاصة
عندما تُختَزَل دماء شعبٍ في صفقات نفطٍ و«ترندات» تفاوضيّة، يصبح الجوع أبلغ من كلّ بيان. واليمن ، بفضل « شركاء الدمار » كلّهم، صار الدليل الحي على أن الحرب ليست دائماً نقيض السلم؛ أحياناً يكون غياب الحرب المنظَّمة أسوأ بكثير من اندلاعها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قومي الأشخاص ذوي الإعاقة يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بالعام الهجري الجديد
قومي الأشخاص ذوي الإعاقة يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بالعام الهجري الجديد

الجمهورية

timeمنذ 30 دقائق

  • الجمهورية

قومي الأشخاص ذوي الإعاقة يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بالعام الهجري الجديد

سائلين الله عزوجل أن يجعله عام خير وبركة، وأن يعيده علينا جميعًا وعلى مصرنا الحبيبة بالخير واليمن والبركات، وأن يمن على شعوب الأمتين العربية والإسلامية بالأمن والسلام والرخاء.

الأوقاف تشيد بموقف المواطن الشجاع بلال لمخاطرته بحياته سعيًا لإنقاذ الأرواح
الأوقاف تشيد بموقف المواطن الشجاع بلال لمخاطرته بحياته سعيًا لإنقاذ الأرواح

بوابة الفجر

timeمنذ 32 دقائق

  • بوابة الفجر

الأوقاف تشيد بموقف المواطن الشجاع بلال لمخاطرته بحياته سعيًا لإنقاذ الأرواح

أشادت وزارة الأوقاف بالموقف البطولي والإنساني النبيل الذي جسّده المواطن الشجاع بلال "المصري"؛ المصري قلبا وفعلا، شهامة وروحا، عندما خاطر بحياته سعيًا لإنقاذ الأرواح، وذلك عندما اندفع بكل جرأة وشهامة لإبعاد سيارة إمداد بالوقود اشتعلت النيران بها، عن منطقة سكنية مكتظة بالمارة والمحال التجارية، في لحظة فارقة كانت تنذر بكارثة محققة، لولا شجاعته وتدخله السريع. وتؤكد الوزارة أن الأبطال من هذا النوع يرسخون في المجتمع قيم الشهامة، والمبادرة، والفداء، والتفاني، والتضحية، ويقدمون قدوة مضيئة يُحتذى بها، ويبعث من ورائهم من يسير على دربهم في الخير والعطاء، وهم بذلك يبرزون سنة حسنة، لهم أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة كما جاء في الحديث الشريف. وإذ تُثمن وزارة الأوقاف هذا التصرف العظيم والعمل البطولي النبيل، فإنها تعتبر ما فعله البطل بلال تجسيدًا حيًّا لما يتصف به أبناء مصر الأوفياء من نبل وشجاعة، واستعداد دائم للتضحية في سبيل أمن وطنهم وسلامة مجتمعهم، وتدعو إلى تكريمه إعلاميًا ومجتمعيًا، أسوةً بتكريم سائق العاشر من رمضان (رحمه الله)؛ تقديرًا لما أبداه من موقف بطولي، وتحفيزًا لغرس مثل هذه النماذج النبيلة في وعي الأجيال. وفي الختام، فإن وزارة الأوقاف تدعو الله تعالى أن يمنّ على البطل الشجاع بلال بالشفاء العاجل، وأن يجزيه خير الجزاء، وأن يديم على مصر نعمة الأمن والسلام، ويحفظ أهلها من كل سوء، ويُبقي أبناءها المخلصين أوفياء لقيم التضحية والنجدة في كل زمان ومكان.

أخبار مصر : ليست بدعة محرمة.. أمين الفتوى: التهنئة برأس السنة الهجرية جائزة شرعا
أخبار مصر : ليست بدعة محرمة.. أمين الفتوى: التهنئة برأس السنة الهجرية جائزة شرعا

نافذة على العالم

timeمنذ 34 دقائق

  • نافذة على العالم

أخبار مصر : ليست بدعة محرمة.. أمين الفتوى: التهنئة برأس السنة الهجرية جائزة شرعا

الخميس 26 يونيو 2025 06:40 مساءً نافذة على العالم - أكد الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التهنئة بالعام الهجري الجديد جائزة شرعًا ولا حرج فيها، موضحًا أن الهجرة النبوية تمثل حدثًا جليلًا في تاريخ الأمة الإسلامية، والفرح بها والتذكير بها نوع من الاحتفال المشروع الذي يوافق مقاصد الشريعة. وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "لا خلاف على أن الهجرة من أعظم أحداث التاريخ الإسلامي، وكون الإنسان يهتم بها أو يفرح بها أو يهنئ غيره بها، فهذا يعد من باب الاحتفال، والاحتفال معناه الفرح والتقدير والاهتمام، وليس هناك في الشريعة ما يمنع ذلك". وأوضح الشيخ شلبي أن التهنئة بعبارات مثل "كل عام وأنتم بخير" أو "عام هجري مبارك" ليست بدعة محرّمة كما يزعم البعض، وإنما تدخل في إطار الأمور المستحدثة الجائزة التي لا تتعارض مع أصول الدين، بل تندرج تحت الفرح بنعمة الله والتذكير بأيامه، مستشهدًا بقوله تعالى:"وذكرهم بأيام الله"، وقوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" . وفي رده على من يزعمون أن الاحتفال برأس السنة الهجرية بدعة لأن النبي ﷺ لم يفعله، أوضح: "ليس كل شيء لم يفعله النبي داخل في البدعة المحرّمة، لأن البدعة المحرّمة هي ما يخالف أصلًا شرعيًا أو يضيف عبادة في الدين ما أنزل الله بها من سلطان، أما الأمور الجديدة التي توافق مقاصد الشريعة ولا تعارضها فهي جائزة". وتابع: "لو كانت كل المستحدثات حرام، لقلنا إن الطائرة أو الإذاعة أو التلفزيون بدعة، وهذا ليس بصحيح.. فالعبرة أن تُعرض هذه الأمور على قواعد الدين ومقاصده، فإن وافقتها فهي جائزة". واستدل بموقف النبي ﷺ من الصحابي بلال رضي الله عنه، حين قال له إنه يصلي ركعتين بعد كل وضوء، فأقرّه النبي على فعله وأثنى عليه، رغم أنه لم يكن أمره بذلك من قبل، مما يدل على أن الاجتهاد الفردي الموافق لأصول الشريعة مقبول.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store