logo
كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟

كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟

الشرق الأوسط٢٥-٠٣-٢٠٢٥

هي «محاولة لنكون معاً» تقول الصحافية والناشطة المدنية زينة شهلا، واصفة المبادرات الأهلية التطوعية لتقديم الدعم الإغاثي الطارئ للمتضررين من موجة العنف التي اجتاحت مناطق الساحل السوري قبل أسبوعين.
وتشير شهلا إلى تشكيل مبادرات مجتمعية أهلية ومدنية في مختلف المناطق السورية ومن كل الأطياف، تدعو للوقوف إلى جانب المتضررين، و«تقديم دعم حقيقي». وأهمية ذلك، بحسب رأيها، أنه يحمل رسالة ضمنية إلى كل السوريين كي «لا تتكرر تجارب الماضي المؤلمة عندما لم يكن بالإمكان مساندة أهالي المناطق المنكوبة في عهد النظام السابق».
الصحفية زينة شهلا
وبعد أيام قليلة من اندلاع أعمال العنف، في الساحل السوري في الثامن من مارس (آذار) الجاري، بدأت تتكشف أبعاد الكارثة الحاصلة هناك، وتداعى سوريون من مختلف الأطياف أفراداً وجمعيات ومنظمات أهلية، لتشكيل فرق تطوعية تنسق تجميع التبرعات العاجلة، كلٌّ بحسب استطاعته، فكانت هناك حملات في «حي المزة 86» في دمشق وأحياء «الزهرة والنزهة» في حمص، وحملات في وادي النضارة بريف حمص، وحملات في السويداء وأخرى في حلب وحماة وريفها وفي مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا.
وقد انخرط فيها نشطاء وناشطات من داخل وخارج سوريا، إلى جانب جمعيات ومنظمات ومبادرات مجتمع مدني، شارك فيها آلاف السوريين، الرافضين للعنف والداعين لوقف الدماء، وتجنيب البلاد المزيد من الكوارث، تحت عناوين «كن عوناً» و«صناع السعادة» وغيرها من شعارات في ظل ارتفاع موجة التجييش في الشارع.
الفنان التشكيلي بطرس المعري
هناك من بادر بشكل فردي كتخصيص عائدات أعمال فنية لصالح المتضررين، منها مساهمة الفنان التشكيلي بطرس المعري بعائدات 10 نسخ من أحد أعماله الفنية، ومبادرات أخرى كانت قد بدأت قبل أحداث الساحل وتوسعت بعدها نتيجة تزايد الاحتياج، كالمبادرة التي قامت بها المهندسة نادية حلمي مع أصدقائها في دمشق، للمشاركة في حملات أهلية لتأمين رغيف الخبز في قرى جبلة، مثل «الدالية» و«الشير» ومدينة مصياف، ومع اندلاع أعمال العنف توسّعت الحملات من حيث أعداد المشاركين والمناطق، ونوع المواد المقدمة. وترى المهندسة ناديا أهمية الحملات المدنية التطوعية في أنها: «تفسح في المجال مستقبلاً للحوار والمناقشة الموضوعية والاتفاق على خطاب خالٍ من الكراهية».
علا الشيخ حسن
ضمن هذا السياق تروي مديرة الإنتاج في مشروع «سما هاند ميد» علا الشيخ حسن، بتأثر، قصة أول حرام كروشيه أنتجته حملة «حرامات سورية» (بطانيات) التي أطلقها مشروع «سما هاند ميد»، وكان للصدفة من مربعات كروشيه اشتغلتها سيدتان من طرطوس وإدلب، وتقول علا، لـ«الشرق الأوسط»، حصل ذلك في وقت كان «التجييش في الشارع على أشده» على خلفية الأحداث في الساحل، مشيرة إلى أنها قرأت في تلك الصدفة: «رسالة تؤكد على التماسك المجتمعي».
وانطلقت «حرامات سورية» بداية شهر فبراير (شباط) الماضي، بهدف صناعة حرامات للأطفال من مربعات كروشيه يتبرع بها من يجيد هذا العمل اليدوي من المتوفر لديهم من خيوط صوف فائضة، على أن تقوم الورشات النسائية في مشروع سما، وتتركز في ريف دمشق ومدينة داريا، بتنسيقها وصنع حرامات منها للأطفال.
جمع قطع حياكة الكروشيه المتبرع بها ضمن مبادرة «الحرامات السورية» للأطفال (الشرق الأوسط)
عندما اندلعت أعمال العنف في الساحل، اكتسبت الحملة بعداً آخر في مواجهة خطاب العنف والفتن، وكل ما يهدد السلم الأهلي. وتقول علا إنه تم تمديد فترة الحملة بعدما «فوجئنا بأعداد المتحمسين للمشاركة من كل المحافظات ومن مختلف الأطياف».
إلا أن الناشط السياسي نبيه النبهان في طرطوس، الذي انخرط خلال الأيام الماضية في تنسيق الحملات التطوعية، قال إن المتطوعين والمتطوعات من كل المناطق، استبسلوا جميعهم لتقديم كل ما يمكنهم تقديمه، ومع ذلك لا يمكن لتلك الجهود الأهلية مهما بلغت، أن تلبي الاحتياج المتزايد في منطقة منكوبة مساحتها تبلغ أربعة آلاف كم2، فقدت أعداداً كبيرة من رجالها.
حملة «كن عونا» الأهلية
ومن وجهة نظر نبهان، يصعب على المبادرات الإسهام في تهدئة خواطر المنكوبين ما دامت لا تزال «الذئاب المنفلتة تتجول في كل المناطق وتقتل دون حساب»، بحسب كلامه. وشدد النبهان على ضرورة بدء إجراءات العدالة الانتقالية، وتشكيل لجنة تقصي حقائق جدية بإشراف ومشاركة دولية، ووقف حملات الكراهية؛ لأنه «بغير ذلك لن تهدأ النفوس ولن يزول الخوف»، لافتاً إلى أن «الفرق التطوعية استنفدت خلال الأسبوعين الماضيين قدراتها ومواردها، فبعضها توقف والبعض الآخر على وشك التوقف».
قوات الأمن السورية تفحص سيارة في جبلة على الساحل السوري (رويترز)
ووصف مناطق محافظتي الساحل طرطوس واللاذقية مع الريف الغربي لمحافظة حماة، بأنها «مناطق منكوبة» ولا بد من تدخل فوري من الشركات العامة للمساعدة بترميم المنازل المتضررة وإعادة بناء البيوت والمنشآت المهدمة وإعادة بناء وتشغيل المنشآت التجارية والخدمية والطبية، وكذلك البنية التحتية من صرف صحي ومياه وكهرباء وهاتف، وبغير ذلك ستخرج كل تلك المناطق من كونها صالحة للحياة.
وقبل الأحداث الأخيرة في الساحل، كان حجم الأضرار التي خلفتها حرب النظام السابق على معارضيه يقدر بنحو 350 إلى 400 مليار دولار أميركي، وجاءت موجة العنف الأخيرة لتزيد حجم الضرر وتطيل أمد معاناة السوريين، فيما يسعى المجتمع الأهلي لمد يد العون بمساهمات معلومة سلفاً أنها لا تلبي الاحتياج لكنها بلا شك مبادرات لتجنب «انهيار السلم الأهلي»؛ لأن سوريا إجمالاً «بلد منكوب».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟
كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟

الشرق الأوسط

time٢٥-٠٣-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟

هي «محاولة لنكون معاً» تقول الصحافية والناشطة المدنية زينة شهلا، واصفة المبادرات الأهلية التطوعية لتقديم الدعم الإغاثي الطارئ للمتضررين من موجة العنف التي اجتاحت مناطق الساحل السوري قبل أسبوعين. وتشير شهلا إلى تشكيل مبادرات مجتمعية أهلية ومدنية في مختلف المناطق السورية ومن كل الأطياف، تدعو للوقوف إلى جانب المتضررين، و«تقديم دعم حقيقي». وأهمية ذلك، بحسب رأيها، أنه يحمل رسالة ضمنية إلى كل السوريين كي «لا تتكرر تجارب الماضي المؤلمة عندما لم يكن بالإمكان مساندة أهالي المناطق المنكوبة في عهد النظام السابق». الصحفية زينة شهلا وبعد أيام قليلة من اندلاع أعمال العنف، في الساحل السوري في الثامن من مارس (آذار) الجاري، بدأت تتكشف أبعاد الكارثة الحاصلة هناك، وتداعى سوريون من مختلف الأطياف أفراداً وجمعيات ومنظمات أهلية، لتشكيل فرق تطوعية تنسق تجميع التبرعات العاجلة، كلٌّ بحسب استطاعته، فكانت هناك حملات في «حي المزة 86» في دمشق وأحياء «الزهرة والنزهة» في حمص، وحملات في وادي النضارة بريف حمص، وحملات في السويداء وأخرى في حلب وحماة وريفها وفي مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا. وقد انخرط فيها نشطاء وناشطات من داخل وخارج سوريا، إلى جانب جمعيات ومنظمات ومبادرات مجتمع مدني، شارك فيها آلاف السوريين، الرافضين للعنف والداعين لوقف الدماء، وتجنيب البلاد المزيد من الكوارث، تحت عناوين «كن عوناً» و«صناع السعادة» وغيرها من شعارات في ظل ارتفاع موجة التجييش في الشارع. الفنان التشكيلي بطرس المعري هناك من بادر بشكل فردي كتخصيص عائدات أعمال فنية لصالح المتضررين، منها مساهمة الفنان التشكيلي بطرس المعري بعائدات 10 نسخ من أحد أعماله الفنية، ومبادرات أخرى كانت قد بدأت قبل أحداث الساحل وتوسعت بعدها نتيجة تزايد الاحتياج، كالمبادرة التي قامت بها المهندسة نادية حلمي مع أصدقائها في دمشق، للمشاركة في حملات أهلية لتأمين رغيف الخبز في قرى جبلة، مثل «الدالية» و«الشير» ومدينة مصياف، ومع اندلاع أعمال العنف توسّعت الحملات من حيث أعداد المشاركين والمناطق، ونوع المواد المقدمة. وترى المهندسة ناديا أهمية الحملات المدنية التطوعية في أنها: «تفسح في المجال مستقبلاً للحوار والمناقشة الموضوعية والاتفاق على خطاب خالٍ من الكراهية». علا الشيخ حسن ضمن هذا السياق تروي مديرة الإنتاج في مشروع «سما هاند ميد» علا الشيخ حسن، بتأثر، قصة أول حرام كروشيه أنتجته حملة «حرامات سورية» (بطانيات) التي أطلقها مشروع «سما هاند ميد»، وكان للصدفة من مربعات كروشيه اشتغلتها سيدتان من طرطوس وإدلب، وتقول علا، لـ«الشرق الأوسط»، حصل ذلك في وقت كان «التجييش في الشارع على أشده» على خلفية الأحداث في الساحل، مشيرة إلى أنها قرأت في تلك الصدفة: «رسالة تؤكد على التماسك المجتمعي». وانطلقت «حرامات سورية» بداية شهر فبراير (شباط) الماضي، بهدف صناعة حرامات للأطفال من مربعات كروشيه يتبرع بها من يجيد هذا العمل اليدوي من المتوفر لديهم من خيوط صوف فائضة، على أن تقوم الورشات النسائية في مشروع سما، وتتركز في ريف دمشق ومدينة داريا، بتنسيقها وصنع حرامات منها للأطفال. جمع قطع حياكة الكروشيه المتبرع بها ضمن مبادرة «الحرامات السورية» للأطفال (الشرق الأوسط) عندما اندلعت أعمال العنف في الساحل، اكتسبت الحملة بعداً آخر في مواجهة خطاب العنف والفتن، وكل ما يهدد السلم الأهلي. وتقول علا إنه تم تمديد فترة الحملة بعدما «فوجئنا بأعداد المتحمسين للمشاركة من كل المحافظات ومن مختلف الأطياف». إلا أن الناشط السياسي نبيه النبهان في طرطوس، الذي انخرط خلال الأيام الماضية في تنسيق الحملات التطوعية، قال إن المتطوعين والمتطوعات من كل المناطق، استبسلوا جميعهم لتقديم كل ما يمكنهم تقديمه، ومع ذلك لا يمكن لتلك الجهود الأهلية مهما بلغت، أن تلبي الاحتياج المتزايد في منطقة منكوبة مساحتها تبلغ أربعة آلاف كم2، فقدت أعداداً كبيرة من رجالها. حملة «كن عونا» الأهلية ومن وجهة نظر نبهان، يصعب على المبادرات الإسهام في تهدئة خواطر المنكوبين ما دامت لا تزال «الذئاب المنفلتة تتجول في كل المناطق وتقتل دون حساب»، بحسب كلامه. وشدد النبهان على ضرورة بدء إجراءات العدالة الانتقالية، وتشكيل لجنة تقصي حقائق جدية بإشراف ومشاركة دولية، ووقف حملات الكراهية؛ لأنه «بغير ذلك لن تهدأ النفوس ولن يزول الخوف»، لافتاً إلى أن «الفرق التطوعية استنفدت خلال الأسبوعين الماضيين قدراتها ومواردها، فبعضها توقف والبعض الآخر على وشك التوقف». قوات الأمن السورية تفحص سيارة في جبلة على الساحل السوري (رويترز) ووصف مناطق محافظتي الساحل طرطوس واللاذقية مع الريف الغربي لمحافظة حماة، بأنها «مناطق منكوبة» ولا بد من تدخل فوري من الشركات العامة للمساعدة بترميم المنازل المتضررة وإعادة بناء البيوت والمنشآت المهدمة وإعادة بناء وتشغيل المنشآت التجارية والخدمية والطبية، وكذلك البنية التحتية من صرف صحي ومياه وكهرباء وهاتف، وبغير ذلك ستخرج كل تلك المناطق من كونها صالحة للحياة. وقبل الأحداث الأخيرة في الساحل، كان حجم الأضرار التي خلفتها حرب النظام السابق على معارضيه يقدر بنحو 350 إلى 400 مليار دولار أميركي، وجاءت موجة العنف الأخيرة لتزيد حجم الضرر وتطيل أمد معاناة السوريين، فيما يسعى المجتمع الأهلي لمد يد العون بمساهمات معلومة سلفاً أنها لا تلبي الاحتياج لكنها بلا شك مبادرات لتجنب «انهيار السلم الأهلي»؛ لأن سوريا إجمالاً «بلد منكوب».

تقرير أممي: ستفقد اليمن بحلول 2040م 90 مليار دولار
تقرير أممي: ستفقد اليمن بحلول 2040م 90 مليار دولار

حضرموت نت

time١٣-١٢-٢٠٢٤

  • حضرموت نت

تقرير أممي: ستفقد اليمن بحلول 2040م 90 مليار دولار

أكد تقرير أممي حديث أن استمرار تدهور الأراضي في اليمن سيلحق خسائر في الناتج المحلي وسيزيد من معدلات نقص التغذية في البلاد بحلول العام 2040م. جاء ذلك في التقرير الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الأربعاء، تحت عنوان 'تأثير تدهور الأراضي على التنمية البشرية في اليمن'، خلال الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف (COP16) للاتفاقية الأممية لمكافحة التصحر (UNCCD)، التي تتواصل أعمالها في الرياض منذ مطلع الشهر الجاري. وكشف التقرير أنه في ظل استمرار تدهور الأراضي على ماهو عليه الحال حالياً 'سيفقد اليمن 90 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي التراكمي بحلول عام 2040، كما سيعاني 2.6 مليون شخص إضافي من نقص التغذية'. وأضاف التقرير أنه إذا ما تم إنهاء الصراع وتحسين الحوكمة، واتخاذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة، فمن المتوقع أن يتمكن اليمن من العودة إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط. وتابع 'أنه في إطار هذا السيناريو الأخير فبالإمكان انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، كما لن يعاني 16 مليون شخص من نقص التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي بحلول عام 2060'. وأوضحت الممثلة المقيمة للبرنامج الإنمائي في اليمن؛ زينة علي أحمد، أن تغير المناخ، وسلامة الأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها قضايا مترابطة، و'في حال لم نتدخل، فإن تدهور الأراضي الذي تصاعد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلبا على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى تفشي الجوع بشكل واسع وتقويض جهود التعافي'. وشددت على ضرورة التعاون لاستعادة الإمكانات الزراعية في اليمن ومعالجة أوجه القصور في التنمية البشرية. ولفت التقرير إلى أن اليمن يأتي ضمن أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ، ويعاني بالفعل من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. وبحسب البرنامج الأممي فإن التقرير الذي تم تحت إشرافه نتاج تعاون مشترك بين معهد 'فريدريك إس باردي' للدراسات المستقبلية الدولية، وكلية 'جوزيف كوربل' للدراسات الدولية في جامعة دنفر.

عن المؤثّرين وصناع المحتوى الجدد
عن المؤثّرين وصناع المحتوى الجدد

قاسيون

time٢٧-١٠-٢٠٢٤

  • قاسيون

عن المؤثّرين وصناع المحتوى الجدد

تزامن نشر هذا الفيديو مع نشر جيش الاحتلال فيديو يصور اللحظات الأخيرة لأحد قادة المقاومة الفلسطينية، يحيى السنوار، في مشهد ملحمي تجاوز مشاهد البطولة التي تصورها السينما، وتحول إلى أيقونة ورمز على عكس ما أراد له العدو عندما نشر لحظة اغتياله. وترافق نشر الفيديو مع نشر صور وتعليقات ونقاش على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف. صناعة المحتوى ثمة انتشار لظاهرة المؤثرين وصناع المحتوى خاصة بعد تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال، وقد أصبح لبعض المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي شهرة عالية وعدد متابعات لمحتوى ما ينشرونه مهما كان حتى لو كان تافهاً أو كاذباً. وقد استخدمت صناعة المحتوى والمؤثرون في تسطيح الوعي الاجتماعي بشكل كبير وإنتاج مضامين مرئية ومسموعة؛ من خلال إنشاء الفيديوهات، والبودكاست، والأفلام، والإعلانات الترويجية وغيرها. حيث يتفاعل معها الجمهور عبر وسائل تقليدية، مثل: الصحف والمجلات الورقية، أو وسائط حديثة، مثل: المدونات والمواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية. وغالباً ما تكون التأثيرات السلبية الناتجة أكثر شدة في البلدان الأقل تطوراً في التكنولوجيا أو البلدان التي تعاني من قمع الحريات السياسية. حرب الرواية للإعلام دور بارز في الحروب، قد يصل بأهميته أن يكون متراساً أساسياً من متاريس الحرب، وليس فقط مجرّد ناقل للصورة، وقد استخدمت الصحافة والإعلام في السلم والحرب، بهدف التحكّم بالرأي العام وتشكّيل صور النصر والهزيمة. واليوم يمارس الإعلام والصورة دوره على جبهتين، إعلام للعدو وإعلام مقاوم. يعيش الصهاينة اليوم حالة استثنائية من الذعر الوجودي، لذلك يحاولون بشكل مسعور تغييب ما يمكن، من أجساد وأسماء وأحياء وأشجار، يعميهم الذعر عن المعنى، «فـسارق المكان لن يصبح صاحبه مهما فعل» كما يقول الكاتب المسرحي الأمريكي يوجين أونيل، تكرس محاولات التغييب هذه وجود ما يرغب في إبعاده ومحوه. تقلق العدو حرب الرواية التي طالما تعوّد على استخدامها، وبنى فيها شتى الأكاذيب، ولذلك يحتاج إلى أن يكون في روايته بطلاً أسطورياً. عصا السنوار مشهد الاغتيال الذي أراد العدو منه نشر الذعر وترهيب الناس كما أراد تمرير رسالة طمأنة للمستوطنين بأنه قادر على تحقيق وعده لهم بانتصار طال انتظارهم له، لكن الفيديو عاد بنتائج عكسية لما أراده. تحولت العصا التي رمى بها المقاوم الملثم في الفيديو على المسيّرة التي تصوره إلى رمز يثبت صورة المقاوم المشتبك رغم إصابته حتى النهاية مع أعدائه. وأثبت بُطلان فكرة «مقاومة الفنادق» التي كان يشار بها إلى أن قادة المقاومة في القصور والفنادق بينما يدفعون أهل غزة وناسها إلى المقاومة والقتال. قصة زينة نشرت صورة مع قصة واقعية لفتاة صغيرة تحمل بين يديها كتاباً اسمها زينة. وزينة من محبي القراءة، تشتري كتاباً بين فترة وأخرى وتنهي قراءته بوقت قياسي، تفاجأ صاحب المكتبة هذه المرة من طلبها فالكتاب الذي تريد قراءته هذه المرة وأوصته به برغبة شديدة عنوانه (الشوك والقرنفل) وكاتبها يحيى السنوار. يؤكد صاحب المكتبة الذي التقط صورة لزينة ونشرها على صفحته لتتداولها صفحات أخرى، أن الجيل الجديد يفهم معنى الوطن والتضحية ليس من الكلام والنصائح التي تقدم له جاهزة، بل من خلال الأحداث التي مرت وتفاعله معها. ويكمل: «زُرع في الجيل الجديد إضافة إلى حب الوطن، الحقد والكره تجاه العدو وما يفعله. تعتبر «الحرب النفسية» أحد أهداف حرب الإعلام والمعلومات، وهي إجراءات مخطط لها، تهدف إلى نقل معلومات معينة ومختارة إلى الجمهور للتأثير على عواطفه، ودوافعه وحججه الموضوعية، ومحاولة التأثير على سلوك القوى المعادية والجماعات والأفراد. تشير الصور والتفاصيل المنشورة لكثير من المقاومين إلى أن الاحتلال لم يحقق هدفه منها وأكثر من ذلك كان لها نتائج عكسية فمع كل اغتيال تقدم للمقاومة «أيقونة» بطولية جديدة. عبود والايس كوفي... محتوى جديد انتشر خبر اختطاف عبود بطّاح من «مستشفى كمال عدوان» (شمال غزّة) الجمعة 25 تشرين الأول الجاري، واقتياده إلى جهة مجهولة تحت الضرب قبل أن يُفرج عنه لاحقاً. عبود الفتى المُفعم بالحياة، المُميز في ضحكته، في مصطلحاته، ومقولته المشهورة الوضع «آيس كوفي عالآخر». هو أحد صناع المحتوى الجدد والذي يخاف «جيش» الاحتلال من صوته المؤثّر، يتحكّم من خلال ضحكته وكاريزماه العالية وكلماته، بجزء من الرأي العام. يبدأ عبود حديثه: «إنهُ اليوم الكذا من الحرب والتجويع والحصار»، وينقل بعدها المشهد الذي يراه والجرائم التي عاينها وعاشها كشاب في مُقتبل العمر. هو واحد من عشرات الأطفال والشُبان الذين أكلت الحرب أحلامهم، وهو جزء من السياق الفلسطيني ككُلّ على اعتباره واحداً من الآلاف الذين سلب الاحتلال حياتهم وأحلامهم منذ عقود في خضم حربه واحتلاله لفلسطين وحروبه على لبنان. تزامن اختطاف عبّود، قتل «جيش» الاحتلال في جنوب لبنان ثلاثة صحافيين. المدينة مدينتنا والبيوت بيوتنا يقول غسان كنفاني: «إنَ أكبرَ جريمة يمكنُ لأي إنسانٍ أنْ يرتكبها، هيَ أنْ يعتقدَ ولوْ للحظةِ أنَ ضعفَ الآخرينَ هوَ الذي يشكلُ حقهُ في الوجودِ على حسابِ وجودهمْ، وهوَ الذي يبررُ لهُ أخطاءهُ وجرائمهُ». استهدف الاحتلال الإسرائيلي، قبل فترة قصيرة مدينة صور جنوبي لبنان، ودمر أحياءً بكاملها، جاء القصف المركّز على المدينة متزامناً مع حدة العدوان وتكثفت ضرباته لتطال كل ما هو مدني جنوب نهر الليطاني. يريد جيش الاحتلال «أرضاً بلا شعب» عبر تفريغ الجنوب من سكانه والحيلولة دون عودتهم إلى منازلهم. أدرك أهل المدينة فيها من أكاذيب بيانه «التحذيري» أن هدفه هو تهجيرهم. بطبيعة الحال لم يغادر الناس مدينتهم، كل ما فعلوه أنهم توجهوا إلى مينائها من جهة وإلى شاطئها الرملي الجنوبي من جهة أخرى. لم يحقق أهل صور لــ «إسرائيل» ما أرادت. فقد رافقت القصف على المدينة تمنيات من متابعين صهاينة على وسائل التواصل الاجتماعي عن احتلال صور والتمتع بجوها الساحر ورمالها الذهبية. الرمل قلب صور النابض وأكبر أحيائها وهو الذي تلقى موجة القصف الأخيرة، فالعدو كان خلال الشهر الماضي قد ارتكب مجزرتين راح ضحيتهما مدنيون من أهل المدينة. لم يغادر الناس مدينتهم. عادوا من الميناء ومن الشاطئ الجنوبي إلى حي الرمل. والتهجير الذي أراده العدو لم يحدث. تضم جدران الأحياء وشرفاتها، آمال الناس وأحلامهم وذكرياتهم، صباحاتهم وهمومهم، في المباني التي لم تهوِ، يعمل النجارون على إعادة الأبواب التي انتزعها عصف الانفجارات من أماكنها. يعيدون تثبيت أبواب النازحين من المدينة، ويقفلونها بالأخشاب والمسامير. يتصلون بأصحابها ويرسلون صورة الباب أن البيت لا يزال مكانه بعد العدوان. يتصل الناس بعضهم ببعض، «الحمد لله ع السلامة». مع ذلك ما زال الجميع في ترقب، فالعدو الذي لا يؤمن جانبه لا يزال متربصاً بالمدينة وأهلها، وإن كانوا يؤمنون أنها ستنتصر وأن «إسرائيل» إلى زوال. تصنع الأرض مع ناسها محتوىً جديداً لا يمكن أن يزول.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store