logo
تفجير المزة... الغموض يزيد من تعقيدات المشهد السوري

تفجير المزة... الغموض يزيد من تعقيدات المشهد السوري

تعيش البلاد منذ مطلع العام الجاري، وعلى امتداد جغرافيتها حالا من الإنفلات الأمني، الذي يرخي بظلاله الثقيلة على تركيبة اجتماعية باتت هي الأخرى مثقلة بالكثير. وصفحات السوريين لا تكاد تخلو يوميا، من أخبار القتل والتفجير والخطف، الذي أكد تقرير لوكالة «رويترز» نشرته مؤخرا، بأنه «طائفي وممنهج»، وفي العموم ترسم تلك المعطيات لوحة شديدة السواد لواقع لم يعد يصح توصيفه بالمأزوم فحسب، والشاهد هو أن تقرير «معهد الإقتصاد والسلام IEP»، المعني بتصنيف الدول تبعا لمستوى السلام والإستقرار فيها ومقره اوستراليا، كان قد صنف سوريا من بين أكثر الدول «غير السلمية» على مستوى العالم، وهي احتلت المرتبة 157 من أصل 163.
والجدير ذكره في هذا السياق أن التقرير كان قد اعتبر إن «الإنتقال السياسي في سوريا قد فشل في إنهاء الفوضى الأمنية وسط تحديات هائلة»، وإن البلاد تعاني من «اشتباكات على الحدود، وأزمات إنسانية خانقة، وتدهور الثقة بالمؤسسات».
عصر يوم الثلاثاء 24 حزيران الجاري، كانت شوارع دمشق تشهد تشييعا لشهداء التفجير الإرهابي، الذي طال كنيسة مار الياس في منطقة الدويلعة، الذي تضاربت المعلومات حوله، ولم يحسم الجدل الدائر حول هوية منفذيه ودوافعهم بعد. وفي الساعة 5.17 من ذلك العصر، سمع الدمشقيون دوي انفجار كان مركزه، وفقا للمقاطع المصورة، في الجبل المطل على أوتستراد المزة، وهو على الأغلب من ناحية الطريق المؤدي إلى قصر الشعب. والمقاطع إياها تظهر أن التفجير حدث على ثلاث مراحل متصلة، دونما انقطاع. وقد ذكر مراسل «فرانس برس» أنه «سمع صوت انفجار بينما كان يقود سيارته في ساحة الأمويين وسط دمشق، أي على بُعد لا يقل عن 3 كيلومترات عن مركز الإنفجار. في حين ذكر شهود عيان «سماع دوي انفجارات، وإطلاق نار مجهولة على طريق القصر - مزة فيلات غربية بالقرب من دوار السرايا بحي المزة».
يذكر أن المنطقة كانت على الدوام «منطقة أمنية» بالغة الحساسية، وهي تضم منذ عهد النظام السابق، العديد من المنشآت العسكرية والأمنية، كما كان يقيم فيها قياديون من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وقادة ميدانيون من حزب الله، وإذا كان هؤلاء قد غادروها بالتأكيد بعد 8 كانون أول الماضي، فإن العديد من قادة الحركة ظل مقيما فيها، الأمر الذي يثبته تكرار الإستهداف
لها.
وفي 20 كانون ثاني المنصرم، شن الطيران
غارة «استهدفت أكرم العجوري»، القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي
الدائرة العسكرية» بالحركة، بعد أن كان الأخير نجا من محاولة اغتيال في المنطقة نفسها في شهر تشرين ثاني من العام 2019 وأدت إلى اغتيال ابنه. لكن التوتر الذي شهدته المنطقة، لم تكن مفاعيله ناتجة عن الإستهداف
المتكرر لها فحسب، فبعيد وصول السلطة الراهنة إلى الحكم في دمشق، جرى إبلاغ العديد من الفصائل الفلسطينية بـ«وجوب تسليم سلاحها»، في إطار محاولة ضبط الأمن، وكذلك تماشيا مع نهج «التهدئة مع الجوار»، الذي أعلنت عن أنه يمثل الخيار الأهم لها في سياق تأمين استقرار داخلي، لبلد عانى من حرب مدمرة استمرت لنحو عقد ونصف.
وفي هذا السياق ذكرت مصادر أمنية سورية في 20 نيسان الماضي، أن «السلطات قامت باستدعاء كل من خالد الخالد وأبو علي ياسر ( وكلاهما قيادي بالجهاد الإسلامي)، بغرض التحقيق معهما بشبهة التواصل مع جهات خارجية». في حين ذكر بيان للحركة أن الأمر «كان أقرب للإعتقال منه للإستدعاء»، وقد أشار البيان إلى أن>التوقيت كان بالتزامن مع الزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق ولقائه بنظيره السوري أحمد الشرع».
كعادتها، تركت السلطة «حبل» الحدث «على غاربه>. وبرغم مرور خمسة أيام عليه، لم تصدر الأخيرة بيانا رسميا يمكن له أن يساعد في تهدئة الشارع، الذي وجد نفسه رهين مناخ يعمل الكثيرون على الإستثمار فيه، بل إن المنابر القريبة من السلطات راحت تبث تقارير متضاربة حول ما جرى. فقد ذكرت وكالة «سانا» في بيان أن الفعل ناتج عن «تفجير مخلفات حرب»، بينما ذكر «تلفزيون سوريا» في تقرير له بأن الإنفجار «ناتج عن تدريبات عسكرية في محيط حي المزة»، والروايتان كانتا إشكاليتان من حيث أن أي من الفعلين كان يتطلب حتما إعلانا مسبقا عن قيام السلطات بأي منهما.
أما الرواية التي يمكن لها أن تكون أكثر واقعية فقد جاءت من «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي رجح في تقرير له بأن يكون ما جرى «محاولة اغتيال لإحدى الشخصيات بالقرب من فيلا رفعت الأسد، التي يسكن بالقرب منها شخصيات أمنية رفيعة»، كما ذكرت قناة الميادين في تقرير لها استنادا إلى مصادر محلية «أن الإنفجار ناتج عن «هجوم اسرائيلي على مواقع في دمشق».
واللافت هنا أن منصة «تأكد»، وهي منصة مستقلة تاسست العام 2016 لـ«مواجهة انتشار المعلومات المضللة» كما تقول، وقد أظهرت على مدى سنواتها التسع قدرا لا بأس به من المهنية والموثوقية، كانت قد صنفت خبر «الميادين» آنف الذكر تحت بند «الأخبار المضللة»، مبررة ذلك بالقول أنها «تواصلت مع المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية السورية»، وأن الأخير «نفى حدوث أي غارات اسرائيلية». وهذا بالتأكيد يتنافى مع «المهنية» التي اتسم بها عمل «المنصة»، قياسا لإستناده إلى مصدر وحيد لا يستطيع الخروج عن مرجعياته، التي قالت ما عندها ولم تبد ميلا لأي إضافات عليها .في الوقت الذي أفاد فيه شهود عيان من قدسيا غرب دمشق، في اتصال مع « الديار»، بسماع «أصوات طيران حربي في سماء المنطقة قبل وقت الإنفجار».
من الواضح أن السلطة في دمشق تبدو غير مدركة للمخاطر التي يمكن أن تتولد جراء سياسات التعاطي مع الأحداث، خصوصا تلك التي لها علاقة بالأمن والإستقرار. فالصمت أو المواربة، عدا عن كونهما يفسحان المجال أمام سيل التأويلات والتحليلات، فإنهما في مقلب آخر، يجعلان السلطة بعيدة عن التأثير في تشكيل «رأي عام» داعم لها، الأمر الذي لا تقل أهميته عن أهمية «الأجهزة الأمنية». هذا إن لم يفق تأثير الأول تأثير هذه الأخيرة في مجتمع يبدو أنه دخل منذ وقت، مرحلة «التحطيم الذري» لهيولى خلاياه، تلك المسؤولة عن نهوضه.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يوقع قراراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا
ترامب يوقع قراراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا

المدن

timeمنذ 2 ساعات

  • المدن

ترامب يوقع قراراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب وقع قراراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا. وقال مسؤولون أميركيون كبار إن الأمر التنفيذي بشأن سوريا، يوجه باتخاذ إجراءات بشأن ضوابط التصدير وغيرها من القيود. وأشاروا إلى أنه ينهي حالة الطوارئ بشأنها التي أعلن عنها لأول مرة عام 2004، واضافوا أن الحكومة السورية قطعت خطوات واسعة نحو تعزيز الاستقرار. وكان البيت الأبيض، قال في وقت سابق إن ترامب سيوقع الأمر التنفيذي اليوم، لإنهاء العقوبات على سوريا، من أجل دعم مسارها نحو السلام، مشيراً إلى أن القرار سيفرض عقوبات رئيسية على الأسد. وشدد البيت الأبيض على أن الإدارة الأميركية تريد لسوريا أن تكون مستقرة وفي سلام مع جيرانها. وفي وقت سابق، نقلت وكالة "رويترز" عن مراسل شبكة "سي بي إس"، أن ترامب سيوقع الأمر التنفيذي، اليوم الاثنين، من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل. كما نقلت عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله، إن الإجراء الجديد ينهي عزلة سوريا عن النظام المالي العالمي. تخفيف العقوبات ويأتي الأمر التنفيذي بعد إعلان ترامب من العاصمة السعودية الرياض، في أيار/مايو الماضي، أن الولايات المتحدة سترفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا. والتقى ترامب خلال زيارته إلى السعودية، بالرئيس السوري أحمد الشرع. وتعمل الحكومة الانتقالية السورية منذ أشهر، لتخفيف العقوبات الأميركية، علماً أن العمل على تخفيف العقوبات بدأ ما قبل إعلان الرئيس الأميركي، بحسب الشبكة الأميركية. ولا تزال بعض العقوبات بحاجة إلى إلغائها رسمياً من قبل الكونغرس، فيما يرجع تاريخ العقوبات المفروضة على سوريا، إلى العام 1979، عندما تم تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب. وتُلقي الحكومة السورية الانتقالية باللوم على العقوبات في عدم قدرة البلاد على دفع رواتب الموظفين، وإعادة إعمار أجزاء كبيرة من المدن التي مزقتها الحرب، وإعادة بناء نظام الرعاية الصحية. مساعدات سعودية وتركية وقدمت السعودية وتركيا مساعدات إلى الحكومة السورية، كما عرضت الرياض سداد بعض ديونها، وذلك ما يتعارض مع العقوبات الأميركية. وبحسب "سي بي إس"، ترى السعودية فرصة لكسب الحكومة السورية الجديدة إلى صفّها، بعد عقود من تحالف دمشق مع خصمها الأساسي أي إيران، إبان حكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وناقش مسؤولون سوريون، ضمنهم محافظ البنك المركزي السوري عبد القادر حصرية، الإغاثة بشكل رئيسي، خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، في أيار/مايو الماضي. وفرضت الولايات المتحدة على نظام الأسد، إجراءات عقابية شديدة خلال العقدين الماضيين، بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان ودعمه لجماعات تصنّفها واشنطن كمنظمات "إرهابية"، قبل أن تُنهي الجماعات المعارضة بقيادة الشرع، حكم الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر، لتنتهي بذلك الحرب الأهلية التي استمرت نحو 13 عاماً. وكان الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، قد وقّع على قانون لمحاسبة سوريا في العام 2003، بسبب دعم نظام الأسد للجماعات "الإرهابية" وفق تصنيف الولايات المتحدة، مثل "حزب الله" اللبناني، إلى جانب الوجود العسكري السوري في لبنان، والتطوير المزعوم لأسلحة الدمار الشامل، وتهريب النفط ودعم الجماعات المسلحة في العراق، بعد الغزو الأميركي في العام 2003.

أمريكا تحذر مواطنيها حول العالم عقب التصعيد العسكري مع إيران
أمريكا تحذر مواطنيها حول العالم عقب التصعيد العسكري مع إيران

صدى البلد

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى البلد

أمريكا تحذر مواطنيها حول العالم عقب التصعيد العسكري مع إيران

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأحد، تحذيرًا عالميًا لمواطني الولايات المتحدة يدعوهم إلى توخي الحذر في جميع أنحاء العالم، وذلك في أعقاب التصعيد العسكري الأخير في الشرق الأوسط، مع مخاوف من انعكاسات أمنية قد تطال الأمريكيين سواء كانوا مسافرين أو مقيمين في الخارج. وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة "فرانس برس": "هناك احتمال لوقوع تظاهرات مناوئة للولايات المتحدة ومصالحها في الخارج، على خلفية التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط". وأكدت الخارجية الأمريكية أن الوضع الراهن يتطلب من جميع المواطنين الأمريكيين "ممارسة درجة عالية من الحذر في تنقلاتهم وتحركاتهم حول العالم". خلفية التصعيد بين واشنطن وطهران يأتي هذا التحذير الأمني بعد ساعات من تنفيذ الولايات المتحدة ضربات عسكرية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية، في كل من فوردو ونطنز وأصفهان. وقد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العملية بأنها "ناجحة للغاية"، مشيرًا إلى أن الهدف كان تدمير قدرات إيران في تخصيب اليورانيوم لمنع طهران من الوصول إلى السلاح النووي. وكان هذا الهجوم الأمريكي قد أعقب تصعيدًا كبيرًا بدأته إسرائيل منذ 13 يونيو الجاري، عندما شنت سلسلة غارات جوية استهدفت منشآت نووية إيرانية، وسط اتهامات متبادلة بشأن نوايا طهران النووية، وتصريحات إسرائيلية تؤكد أنها لن تسمح بوجود تهديد نووي إيراني ضدها. طهران ترد بعملية 'الوعد الصادق 3' وردًا على الهجمات الإسرائيلية والأمريكية، أعلنت إيران إطلاق عملية أطلقت عليها اسم "الوعد الصادق 3"، تضمنت إطلاق موجات من الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه أهداف إسرائيلية. وعلى الرغم من تمكن الدفاعات الجوية الإسرائيلية من اعتراض عدد كبير من الهجمات، إلا أن حالة التوتر الأمني لا تزال في تصاعد مستمر. وفي خضم هذه التطورات، تتخوف واشنطن من أن تتحول مشاعر الغضب في بعض العواصم إلى أعمال عنف ضد مواطنيها أو مصالحها الدبلوماسية والتجارية، وهو ما دفعها لإصدار التحذير الأمني الاستثنائي في هذا التوقيت.

"مرتبطون بإيران"... قراصنة يهدّدون بنشر رسائل بريد لمساعدي ترامب
"مرتبطون بإيران"... قراصنة يهدّدون بنشر رسائل بريد لمساعدي ترامب

النهار

timeمنذ 4 ساعات

  • النهار

"مرتبطون بإيران"... قراصنة يهدّدون بنشر رسائل بريد لمساعدي ترامب

هدّد قراصنة إنترنت مرتبطون بإيران بالكشف عن المزيد من رسائل البريد الإلكتروني المسروقة من دائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد توزيع دفعة سابقة على وسائل الإعلام قبل الانتخابات الأميركية العام الماضي. وفي دردشة عبر الإنترنت مع "رويترز" يومي الأحد والاثنين، قال القراصنة، الذين استخدموا اسماً مستعاراً هو روبرت، إن لديهم ما يقرب من 100 جيغابايت من رسائل البريد الإلكتروني من حسابات كبيرة موظّفي البيت الأبيض سوزي وايلز، محامية ترامب ليندسي هاليغان، مستشار ترامب روجر ستون ونجمة الأفلام الإباحية التي تحوّلت إلى خصم لترامب ستورمي دانيالز. وأثار القراصنة إمكانية بيع المواد، لكنّهم احجموا عن تقديم تفاصيل عن خططهم. ولم يصف القراصنة محتوى رسائل البريد الإلكتروني. ولم ترد هاليغان وستون وممثل عن دانيالز ووكالة الدفاع الإلكتروني الأميركية بعد على طلبات للتعليق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store