
ضغط الدم الشرياني تحت المجهر: من هم في دائرة الخطر؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
يُعتبر ارتفاع ضغط الدم أحد أكثر المشكلات الصحية شيوعًا وانتشارًا في العالم، وهو عامل رئيسي في تطوّر أمراض القلب والأوعية الدموية. إلا أن هناك نوعًا خاصًا يُعرف بـ "ارتفاع ضغط الدم الشرياني"، وهو مصطلح قد لا يكون مألوفًا لكثيرين، ويستدعي فهمًا دقيقًا للتمييز بينه وبين ارتفاع ضغط الدم المعروف.
يشير مصطلح "ارتفاع ضغط الدم الشرياني" تحديدًا إلى ارتفاع الضغط داخل الشرايين، وهي الأوعية الدموية التي تنقل الدم المؤكسج من القلب إلى بقية أجزاء الجسم. هذا النوع من الضغط هو الجزء "الانقباضي" من قياس ضغط الدم، أي الرقم الأعلى، الذي يعكس القوة التي يضخ بها القلب الدم إلى الشرايين. عندما يزداد الضغط داخل هذه الشرايين بشكل مستمر، فإن ذلك يؤدي إلى إجهاد جدران الأوعية الدموية ويُضاعف من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية وتلف الكلى.
في حين يُستخدم تعبير "ارتفاع ضغط الدم" بشكل عام للإشارة إلى أي ارتفاع غير طبيعي في قياس ضغط الدم، فإن ارتفاع ضغط الدم التقليدي (أو الأساسي) غالبًا ما يكون غير معروف السبب ويُعالج بالتركيز على تقليل الأرقام ككل (الانقباضي والانبساطي). أما في حالة ارتفاع ضغط الدم الشرياني، فإن التركيز ينصبّ على الضغط الانقباضي بشكل خاص، والذي يكون أحيانًا مرتفعًا رغم أن الضغط الانبساطي طبيعي. هذه الحالة تُعرف أحيانًا بارتفاع ضغط الدم الانقباضي المعزول، وهي أكثر شيوعًا بين كبار السن، وقد تكون مؤشرًا على تصلب الشرايين أو ضعف مرونة جدرانها.
هذا وتُعتبر فئة كبار السن من أكثر الفئات عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني، خصوصًا بعد سن الستين، وذلك نتيجة التغيرات الطبيعية في مرونة الشرايين مع التقدم في العمر. كما ترتفع نسبة الإصابة بين المصابين بأمراض القلب، ومرضى السكري، والأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وقليلي النشاط البدني.
تلعب العوامل الوراثية دورًا محوريًا في تحديد قابلية الفرد للإصابة بارتفاع ضغط الدم، بما في ذلك النوع الشرياني. فإذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من هذه الحالة، فإن خطر إصابة الأبناء يرتفع بشكل ملحوظ، خصوصًا إذا ترافق ذلك مع نمط حياة غير صحي. وتُظهر الدراسات الحديثة أن الاستعداد الوراثي قد يؤثر على طريقة الجسم في تنظيم الضغط داخل الشرايين، إضافةً إلى تأثيره على وظائف الكلى ومستوى الهرمونات المسؤولة عن توازن السوائل والصوديوم.
لكن الوراثة وحدها لا تكفي. فالعادات اليومية ونمط الحياة يشكلان بيئة خصبة لتحفيز المرض أو تعقيده. فالإفراط في استهلاك الملح — الذي يتسبب باحتباس السوائل وزيادة حجم الدم، يعدّ من أخطر العوامل المُغذّية للضغط الشرياني المرتفع. كما يؤدي التدخين إلى تلف بطانة الشرايين، مما يفقدها مرونتها الطبيعية ويزيد من مقاومة تدفق الدم. أضف إلى ذلك التوتر النفسي المزمن، الذي يرفع ضغط الدم بشكل مباشر عبر تحفيز الجهاز العصبي الودي وإفراز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، والتي تضيق الأوعية الدموية وترفع معدل ضربات القلب.
من هنا، يصبح فهم الفروق الدقيقة بين أنواع ارتفاع ضغط الدم، لا سيما بين النوع الشرياني والنوع التقليدي، خطوة جوهرية نحو الوقاية والتدخل العلاجي المبكر. فالتشخيص المبكر لا يساعد فقط في كبح تطور المرض، بل قد يمنع حدوث مضاعفات خطيرة مثل السكتات الدماغية، فشل القلب، أو تلف الكلى. أما المتابعة الدورية لقياسات الضغط، فلا ينبغي أن تقتصر على المرضى فحسب، بل يجب أن تصبح عادة صحية عامة، خصوصًا في ظل تصاعد أنماط الحياة المجهِدة والمأكولات الغنية بالملح والدهون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
دراسة تكشف سر فرق الطول بين النساء والرجال
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لطالما شكل الفرق في الطول بين الرجال والنساء أحد أكثر الفوارق الجسدية وضوحا بين الجنسين، حيث يبلغ متوسط الفرق نحو 13 سم لصالح الرجال. وبينما كان يعزى هذا الفرق تقليديا لتأثير الهرمونات الجنسية، إلا أن دراسة حديثة أجراها باحثون أميركيون ونشرت في مجلة PNAS، كشفت عن آليات جينية معقدة تلعب دورا أساسيا في هذه الظاهرة، بمعزل عن العوامل الهرمونية. واعتمدت الدراسة على تحليل ضخم شمل بيانات 928605 مشاركا بالغا من ثلاث قواعد بيانات جينية رئيسية، بما في ذلك 1225 شخصا يعانون من اضطرابات في عدد الكروموسومات الجنسية. ومن خلال استخدام نماذج إحصائية متقدمة، تمكن الباحثون من عزل تأثير الكروموسومات الجنسية عن تأثير الهرمونات الذكرية، ليخلصوا إلى اكتشاف مفاده أن الكروموسوم Y يساهم في زيادة الطول بشكل أكبر مقارنة بالكروموسوم X الإضافي، حيث قد يفسر وجوده ما يصل إلى 22.6% من الفرق في الطول بين الجنسين. ويكمن السر الجيني في منطقة PAR1 الصغيرة من الكروموسومات الجنسية، وهي المنطقة الوحيدة التي تتشابه فيها تسلسلات الكروموسومين X وY. وتحتوي هذه المنطقة على جين SHOX الحاسم في تنظيم النمو، والذي يظهر تعبيرا مختلفا بين الجنسين بسبب آلية تعطيل الكروموسوم X في الإناث. فبينما يتمتع الذكور بنسختين نشطتين من الجين (واحدة على X والأخرى على Y)، فإن الإناث لديهن نسخة واحدة نشطة بالكامل والأخرى معطلة جزئيا، ما يؤدي إلى مستويات أقل من بروتين SHOX في أنسجتهن العضلية الهيكلية. وتكتسب هذه النتائج أهمية خاصة عند دراستها في سياق الاضطرابات الكروموسومية. فالذكور الذين يحملون كروموسوم Y إضافيا (النمط النووي 47,XYY) - في ما يعرف بمتلازمة XYY - يظهرون زيادة ملحوظة في الطول، بينما الإناث اللاتي يعانين من متلازمة تيرنر (45,X) - عندما يمتلكن نسخة واحدة فقط من الصبغة X في خلاياهم - يقصرن بشكل واضح. كما أن الطفرات في جين SHOX تؤثر على الذكور أكثر من الإناث، ما يؤكد الدور المركزي لهذا الجين في الفروق الجنسية للطول. ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على فهم الفروق في الطول فحسب، بل تمتد لتشمل مضامين أوسع في مجال الطب الدقيق. فالفهم الأعمق للآليات الجينية الكامنة وراء التباينات بين الجنسين يمكن أن يلقي الضوء على أسباب الاختلافات في معدلات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، والاضطرابات العصبية النفسية، والاستجابات المختلفة للعلاجات الدوائية بين الرجال والنساء. كما تفتح هذه النتائج آفاقا جديدة في دراسة تأثير الجينات الموجودة في المنطقة الزائفة الذاتية PAR1 على السمات والاضطرابات الأخرى المرتبطة بالجنس.


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
إضعاف مناعة الرئتين... خطر صامت يهدّد صحّة الجهاز التنفسي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تُعد الرئتان من أهم أعضاء الجسم الحيوية، فهي المسؤولة عن تبادل الغازات وإمداد الجسم بالأوكسجين اللازم لوظائفه الحيوية. ولكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن للرئتين جهازًا مناعيًا خاصًا بها، يعمل على التصدي للفيروسات والبكتيريا والملوثات الهوائية التي تدخل عبر التنفس. وعندما تضعف مناعية الرئتين، تصبح عُرضة للإصابة بعدد من الأمراض التنفسية الخطيرة، وقد ينعكس ذلك على صحة الجسم بأكمله. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ضعف مناعة الرئتين، ويأتي في مقدمتها التدخين، سواء الإيجابي أو السلبي. إذ يُعدّ استنشاق الدخان عاملاً مباشرًا في تدمير الخلايا المناعية في الشعب الهوائية، ويؤثر على نشاط الأهداب التي تطرد الملوثات من مجرى التنفس. كما تلعب الملوثات البيئية، مثل عوادم السيارات والغبار الصناعي والمبيدات الحشرية، دورًا كبيرًا في إنهاك الجهاز المناعي التنفسي. بالإضافة إلى ذلك، يسهم ضعف التغذية وعدم الحصول على كميات كافية من الفيتامينات، وخصوصًا فيتامين C وD، في إضعاف الخلايا المناعية داخل الرئة. كما يمكن أن تساهم بعض الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب، في تقليل كفاءة الجهاز المناعي بشكل عام، بما في ذلك مناعة الرئتين. إن ضعف مناعة الرئتين لا يقتصر أثره على تعرض الفرد لنزلات البرد أو الإنفلونزا، بل يتعداه إلى احتمالية الإصابة بالتهابات رئوية حادة، وتفاقم أمراض مزمنة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD). كما أن الرئة الضعيفة لا تقاوم العدوى بنفس الكفاءة، ما يجعل المريض أكثر عرضة للعدوى المتكررة، والتي قد تؤدي إلى تلف أنسجة الرئة بشكل دائم. ومن التداعيات الخطيرة أيضًا تراجع القدرة التنفسية واللياقة البدنية، مما يُضعف جودة الحياة بشكل عام. وقد يُصاب بعض الأشخاص بحالات خطرة عند التعرض لفيروسات مثل الإنفلونزا الموسمية أو كوفيد-19، حيث لا تستطيع الرئة الضعيفة التصدي للفيروس بشكل فعّال، مما يؤدي إلى تدهور سريع في الحالة الصحية. هذا وتتفاوت قدرة الجهاز المناعي للرئتين من شخص إلى آخر، لكن هناك فئات تُعد أكثر عرضة للإصابة بهذا الضعف. من بينها كبار السن، الذين تتراجع وظائف أجسامهم تدريجيًا، بما في ذلك الجهاز التنفسي والمناعي. كما يُعد المدخنون، سواء الحاليون أو السابقون، من أكثر الفئات عرضة، بسبب الأثر التراكمي للنيكوتين والمواد السامة في تدمير الخلايا المناعية. ولا يمكن إغفال الأطفال، الذين لا تزال أجهزتهم المناعية في طور النمو، مما يجعلهم أكثر حساسية للملوثات والأمراض التنفسية. كذلك، يُعد الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة – مثل مرضى السرطان أو مرضى زرع الأعضاء – من بين الفئات ذات الخطورة العالية. لحسن الحظ، يمكن تقوية مناعة الرئتين من خلال خطوات بسيطة وفعالة، تبدأ بالتوقف عن التدخين وتجنّب التعرض للدخان السلبي. كما يُنصح بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخصوصًا تمارين التنفس الهوائية، مثل المشي والسباحة، التي تعزز قدرة الرئتين على التنفس بعمق وطرد السموم. إنّ التغذية الصحية الغنية بالفيتامينات، خصوصًا الخضر والفواكه الطازجة، تساهم أيضًا في دعم جهاز المناعة. كما أن الحفاظ على نظافة البيئة الداخلية، مثل تهوية المنزل وتجنب استخدام المعطرات الكيميائية والمبيدات، يعزز صحة الجهاز التنفسي.


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
هل تضاعف أقراص منع الحمل المركّبة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تُعدّ أقراص منع الحمل المركبة من أكثر وسائل تنظيم الأسرة استخدامًا في العالم، لما توفره من فعالية وسهولة في الاستخدام مقارنة بالوسائل الأخرى. لكن على الرغم من مزاياها الكثيرة، تتزايد المخاوف الطبية المرتبطة بتأثيراتها الجانبية، لا سيما في صحة القلب والأوعية الدموية. واحدة من أبرز هذه المخاوف هي العلاقة المحتملة بين استخدام هذه الأقراص وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وهو ما يُعدّ تهديدًا حقيقيًا لصحة المرأة في مختلف مراحل عمرها. تحتوي أقراص منع الحمل المركبة على مزيج من هرموني الإستروجين والبروجيستيرون الصناعي، اللذين يعملان معًا على تثبيط الإباضة وتعديل بطانة الرحم وإغلاق عنق الرحم بمخاط سميك يصعّب وصول الحيوانات المنوية. وعلى الرغم من فعالية هذه الهرمونات في منع الحمل، إلا أن لها تأثيرات واسعة على أجهزة الجسم الأخرى، خصوصًا الدورة الدموية. أظهرت دراسات طبية أن الإستروجين، وهو أحد المكونات الرئيسية في هذه الأقراص، يُسهم في زيادة تخثر الدم من خلال رفع مستويات بعض عوامل التخثر، مثل الفيبرينوجين والبروثرومبين. كما قد يؤدي إلى ارتفاع طفيف في ضغط الدم لدى بعض النساء، وهي عوامل تُعدّ مؤهبة للإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية، التي تنجم عن انسداد أحد الأوعية الدموية المغذية للدماغ. تُشير البيانات الإحصائية إلى أن النساء اللاتي يتناولن أقراص منع الحمل المركبة هنّ أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة قد تصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بغير المستخدمات، إلا أن هذا الخطر لا يتوزع بالتساوي بين جميع النساء، بل يرتفع بشكل خاص لدى المدخنات، حيث يضاعف التدخين من خطر السكتة الدماغية ويصبح أكثر فتكًا عند اقترانه بالهرمونات، كما يزيد الخطر لدى من لديهن تاريخ عائلي لأمراض القلب أو الجلطات، أو من يعانين من ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول، وكذلك النساء فوق سن الخامسة والثلاثين خاصةً إذا كنّ مدخنات أو لديهن عوامل خطر إضافية، بالإضافة إلى من لديهن تاريخ شخصي في الإصابة بالصداع النصفي الشديد المصحوب بأعراض بصرية. في مثل هذه الحالات، يُفضل أن يتجنب الأطباء وصف الأقراص المركبة ويختاروا بدائل أكثر أمانًا، مثل حبوب منع الحمل أحادية الهرمون التي تحتوي فقط على البروجيستيرون ولا تحمل مستوى المخاطر القلبية نفسه، أو اللولب الهرموني أو النحاسي الذي يُعد وسيلة طويلة الأمد لا تعتمد على الهرمونات أو تحتوي على جرعات منخفضة جدًا منها، أو حتى استخدام اللاصقات والحلقات المهبلية بجرعات منخفضة. ويُعدّ اختيار الوسيلة المثلى لمنع الحمل قرارًا يجب أن يعتمد على توازن دقيق بين الفعالية والأمان، مع ضرورة أخذ التاريخ الصحي ونمط الحياة وعوامل الخطر الفردية لكل امرأة بعين الاعتبار. من المهم الإشارة إلى أن العديد من النساء يتناولن أقراص منع الحمل دون استشارة طبية مفصلة، أو حتى دون إدراك كامل للمضاعفات المحتملة. وهذا ما يدعو إلى تعزيز الوعي الصحي وتمكين النساء من اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة الدقيقة، وليس فقط على الراحة أو ما هو شائع في محيطهنّ. إنّ من مسؤولية مقدّمي الرعاية الصحية طرح الأسئلة الصحيحة، وإجراء الفحوصات الضرورية، وتقديم النصح الفردي لكل حالة، لا سيما في مجتمع تزداد فيه معدلات السمنة والضغط والتدخين بين النساء. أخيراً، تبقى أقراص منع الحمل المركبة خيارًا فعّالًا لكثير من النساء، لكنها ليست الوسيلة المثلى للجميع. الفهم الجيد لتأثيراتها، لا سيما في الأوعية الدموية والمخ، ضروري لتفادي مضاعفات قد تكون مميتة مثل السكتة الدماغية. ومع تزايد الخيارات المتاحة اليوم، أصبحت الموازنة بين فعالية وسائل منع الحمل وسلامتها الصحية أمرًا أكثر أهمية من أي وقت مضى.