
لبنان وموانئ العرب: هل يعود شرق المتوسط إلى خريطة التجارة العالمية؟
فمع تحوّلات خطوط الشحن العالمية نتيجة الأزمات الجيوسياسية، وتزايد أهمية موانئ شرق المتوسط كمحطات بديلة عن المسارات التقليدية، يبدو أن لبنان أمام فرصة استراتيجية حاسمة: إما أن يستثمر موقعه، وإما أن يظل خارج معادلة التكامل البحري الإقليمي.
لطالما كان مرفأ بيروت بوابة الشرق، لكن انفجار 4آب/أغسطس 2020 تسبب بخسائر تقدّر بمليارات الدولارات وفقدان الثقة الدولية. ورغم ذلك، تُظهر بيانات 2025 أن حركة البضائع استردت نحو 88.5% من مستويات ما قبل الأزمة، وبلغ عدد الحاويات في الأشهر الخمسة الأولى من العام أعلى معدل له منذ 2019. ورغم تراجع عدد السفن، فإن المؤشرات تشير إلى قدرة المرفأ على التعافي النسبي. لكن من دون رؤية استثمارية واضحة، يبقى هذا التعافي محدوداً وعرضة للتراجع.
لكن التحديات ما زالت حاضرة، ولا سيما في التصنيفات الدولية. فقد جاء لبنان في المرتبة 117 عالمياً في مؤشر الأداء اللوجستي لعام 2024، مع تقييمات منخفضة في كفاءة الجمارك والبنية التحتية، مما يؤثر سلباً في جاذبية البلاد كمركز إقليمي للنقل والتوزيع. وتُظهر هذه التصنيفات أن ضعف الحوكمة ما زال يشكّل عائقاً بنيوياً أمام تطوير قطاع النقل البحري.
في المقابل، تشهد موانئ شرق المتوسط تحرّكات ديناميكية. ميناء بورسعيد في مصر يشهد توسعات كبيرة باستثمارات تفوق الـ 2 مليار دولار، وميناء حيفا تجاوز الـ 1.5 مليون حاوية سنوياً بعد تطويره، بينما حقق ميناء طنجة في المغرب قفزات نوعية جعلته من أكبر موانئ المتوسط. كذلك، تسعى موانئ مثل العقبة وطرطوس إلى تعزيز حضورها رغم التحديات السياسية، مستفيدة من خطط إقليمية لإعادة تشكيل شبكات النقل وسلاسل الإمداد.
لبنان يمتلك كل المقومات الجغرافية والتاريخية للعودة إلى خريطة التجارة. لكن ذلك يتطلب نموذجاً اقتصادياً جديداً يقوم على الحوكمة، والشراكات مع شركات عالمية، وتحييد المصالح السياسية عن المرافق الحيوية، كما أن الاستثمار في التحول الرقمي في قطاع الموانئ عبر تقنيات التتبع والذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع الكفاءة بنسبة تصل إلى 30%، ويجذب استثمارات أكثر استدامة إذا ما تم تبنّي معايير البيئة والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية.
كذلك، من المهم التفكير في الربط البري والسككي بين الموانئ والمناطق الصناعية والحدودية، خصوصاً مع مشاريع ربط إقليمي جديدة بين المشرق والخليج وتركيا، مما يجعل التكامل في البنية التحتية عنصراً حاسماً في التنافس الإقليمي. ولا يقتصر تطوير الموانئ على الجانب التقني فحسب، بل يرتبط أيضاً بقدرة الدولة على تقديم نموذج مؤسسي قابل للثقة، يحفّز الشركات العالمية على استخدام المرافئ اللبنانية كمحطة عبور وتوزيع.
يبقى السؤال: هل يملك لبنان الرؤية لاستعادة موقعه؟ الجواب لن يأتي من الأوراق، بل من إعادة بناء الثقة العربية بقدرة البلاد على أن تكون مجدداً بوابة اقتصادية بين الشرق والغرب. ولعلّ تجربة "موانئ دبي العالمية" تمثّل نموذجاً يحتذى به، إذ يمكن لتعاون استثماري معها أن يوفّر للبنان الخبرة والتمويل والرؤية اللازمة لإعادة تشغيل مرفأ بيروت وفق أعلى المعايير الدولية. إن لم يتحرّك لبنان الآن، فربما لن يكون جزءاً من الجغرافيا التجارية الجديدة التي تُرسم في شرق المتوسط.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد السعودية
منذ 26 دقائق
- البلاد السعودية
2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود
البلاد (وكالات) حققت الممثلة والمغنية البريطانية سينثيا إريفو نجاحاً باهراً على مسارح برودواي وكواليس هوليود، وصنعت التاريخ سينمائياً في فيلم Wicked، وحرّكت مشاعر الجمهور بأدائها المؤثر، لكن يبدو أن سرّ تألقها لا يقتصر على موهبتها الحائزة على جائزة توني، أو صوتها الاستثنائي، بل يكمن في ابتسامتها المذهلة. وقد أعلنت شركة Listerine أن إريفو أصبحت السفيرة الجديدة لعلامتها التجارية، وأمّنت على فمها بمبلغ مذهل قدره 2 مليون دولار. وأبدت الشركة حماسها الشديد بشأن تأمين فم إريفو:«نحن متحمسون للغاية للتعاون مع النجمة الأيقونية سينثيا إريفو لمساعدة المستهلكين على إدراك أهمية العناية بالفم». وترى الشركة أن فم سينثيا إريفو المميز هو أكثر أصولها قيمة، حتى إن بوليصة التأمين الضخمة اعتُبرت خطوة جريئة في عالم إعلانات المشاهير. سينثيا ليست الوحيدة التي حظيت بابتسامة مؤمّن عليها، فأمريكا فيريرا، نجمة مسلسل Ugly Betty، أمّنت ابتسامتها عام 2007 بمبلغ 10 ملايين دولار . مثل هذا التأمين أصبح عادة شائعة في أوساط النجوم، من ساقي جيمي لي كورتيس المؤمن عليهما بمليون دولار، إلى نيك كانون الذي غطته شركة ببوليصة قدرها 10 ملايين دولار. يبدو أن لا شيء، خارج نطاق التأمين في هوليوود.


مصراوي
منذ ساعة واحدة
- مصراوي
بعد غلق القيد.. كم تكبدت خزينة الزمالك في الميركاتو الصيفي؟
أغلق رسميًا بنهاية مساء الأربعاء، باب القيد في مصر للموسم الكروي الجديد 2025-2026، ليُسدل الستار على فترة الانتقالات الصيفية، والتي نشط خلالها نادي الزمالك بشكل لافت، بإبرام عدة 10 صفقات لتعزيز صفوف الفريق الأول لكرة القدم. وتمكن الزمالك هذا العام، في التعاقد مع لاعبين بأسعار مقبولة لم تتجاوز المليون دولار، وذلك وفقًا لموقع ترانسفير ماركت العالمي. ويرصد "مصراوي"، في السطور التالية، أسعار اللاعبين الذين ضمهم الزمالك في الميركاتو الصيفي وفقا لترانسفير ماركت كالتالي: عدي الدباغ: 300 ألف يورو شيكو بانزا: 680 ألف يورو أحمد شريف: 600 ألف يورو عمرو ناصر: 867 ألف يورو عبد الحميد معالي: 428 ألف يورو أحمد ربيع: 629 ألف يورو محمد إسماعيل: 868 ألف يورو خوان ألفينا بيزيرا: 300 ألف يورو كما ضم الزمالك الثنائي مهدي سليمان وآدم كايد في صفقات انتقال حر دون مقابل مادي. وبذلك تكون خزينة نادي الزمالك قد تكبدت ما يقرب من 4 ملايين و672 ألف يورو لإبرام صفقات الميركاتو الصيفي.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار الاقتصاد : الملابس ومنتجات البترول تقودان صادرات مصر للارتفاع مايو الماضى لـ4.25 مليار دولار
الأربعاء 6 أغسطس 2025 11:30 مساءً نافذة على العالم - أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة الصادرات المصرية في شهر مايو الماضي، لتصل إلى 4.25 مليار دولار، مقابل 4.06 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق له 2024، بنسبة زيادة بلغت 4.6%. وعزا جهاز الإحصاء، هذا الارتفاع إلى مجموعة من السلع التي ارتفعت قيمة صادرتها خلال الفترة المذكورة، وعلى رأسها الملابس الجاهزة والتي بلغت قيمته صادرتها نحو 323 مليون دولار في مايو الماضي، مقابل 243 مليون دولار في نفس الشهر عام 2024، بزيادة بلغت نسبتها 32%، يليها منتجات البترول والتي بلغت قيمة صادرتها نحو 237 مليون دولار في مايو الماضي، مقابل 154 مليون دولار في نفس الشهر من عام 2024، بنسبة زيادة بلغت 53.5%. وتضمنت قائمة السلع أيضا كلا من صادرات العجائن والمحضرات الغذائية المتنوعة والتي سجلت 215 مليون دولار في مايو الماضي، مقابل 177 مليون دولار في نفس الشهر من عام 2024، بنسبة زيادة بلغت 21.7%، إلى جانب صادرات اللدائـن بأشكالها الأولية والتي بلغت قيمة صادراتها 132 مليون دولار في مايو الماضي، مقابل 126 مليون دولار في نفس الشهر من عام 2024، بنسبة زيادة بلغت 5.7%. وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجع قيمة العجز في الميزان التجاري ليسجل 3.41 مليار دولار خلال شهر مايو الماضي، مقابل 4.15 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق له بنسبة انخفاض بلغت 17.8% .