ابتكارات صينية لعلاج جروح مرضى السكري
في تطور علمي مهم بمجال علاج الجروح المزمنة، توصلت دراسة صينية حديثة إلى تقنيات متقدمة لعلاج الجروح لدى مرضى السكري باستخدام 'ضمادات حساسة للبيئة الدقيقة'. وتستهدف هذه الضمادات بشكل خاص الجروح المزمنة مثل قرح القدم السكرية، التي تُعد من أبرز مضاعفات مرض السكري وأكثرها تهديدًا للصحة العامة.
الجروح السكرية: خطر مضاعف
قرحة القدم السكرية، وهي جرح مفتوح عادة ما يظهر في أسفل القدم، تصيب نحو 15% من مرضى السكري، بحسب الجمعية الطبية الأميركية لطب الأقدام. وتشير البيانات إلى أن نحو 6% من هؤلاء المرضى يدخلون المستشفى بسبب العدوى أو المضاعفات، بينما يُضطر حوالي 14% إلى 24% منهم للخضوع لعمليات بتر، مما يعكس خطورة هذه الحالة الصحية المزمنة.
ضمادات ذكية تستجيب 'عند الحاجة'
البحث، الذي أعدّه فريق علمي من مستشفى الشعب وكلية الطب في هانغتشو، بالتعاون مع مختبرات علمية في جامعة تشجيانغ، نُشر في مجلة Engineering في 13 مايو/أيار، وسلط الضوء على نقلة نوعية في تصميم الضمادات. فخلال العقود الثلاثة الماضية، نُشرت أكثر من 3000 براءة اختراع و300 دراسة علمية حول 'الضمادات النشطة بيولوجيًا'، والتي تهدف إلى التفاعل مع البيئة المتغيرة للجرح بشكل دقيق وفوري.
وتعتمد هذه التقنية على مبدأ 'الاستجابة للبيئة الدقيقة مع التنظيم عند الطلب'، أي أن الضمادة لا تبقى مجرد غطاء للجروح، بل تتفاعل بذكاء مع المتغيرات مثل نسبة السكر، درجة الحموضة، مستوى الالتهاب، العدوى، الأكسدة، والرطوبة داخل الجرح، وتُطلق العلاج بحسب الحاجة.
لماذا يصعب التئام الجروح لدى مرضى السكري؟
تختلف عملية التئام الجروح لدى مرضى السكري عن الأشخاص الأصحاء، إذ تمر بعدة مراحل تتأثر جميعها بالمرض. في البداية، يُعاني المرضى من خلل في تجلط الدم بسبب اضطرابات في وظيفة الصفائح الدموية، تليها مرحلة التهابية مطولة نتيجة ضعف المناعة واختلال الوسائط الالتهابية. أما في مرحلة التكاثر، فتكون قدرة الجسم على تكوين أوعية دموية جديدة ضعيفة بسبب نقص الأكسجين. وأخيرًا، تأتي مرحلة إعادة البناء التي تتأثر بتراكم غير منتظم للكولاجين، مما يجعل الجرح عرضة للانتكاسات.
وتُعزى هذه المشكلات إلى عوامل مثل تراكم نواتج 'النهايات الجليكية' (glycation end-products) داخل الأوعية الدموية، وهي بروتينات أو دهون تتعرض للتلف نتيجة مستويات السكر العالية، مما يُطيل الالتهاب ويعيق تجدد الأنسجة.
استراتيجيات الضمادات: استجابة ذكية ومتعددة الوظائف
تُقسم الضمادات الذكية إلى نوعين من حيث طريقة الاستجابة:
استجابة سلبية: تتفاعل مع عناصر الجرح مثل سكر الدم، الحموضة، الالتهاب، الأكسدة، أو البكتيريا دون تدخل خارجي، وتُعد مناسبة للحالات البسيطة.
استجابة نشطة عند الطلب: تُطلق العلاج استجابة لمحفزات خارجية مثل الموجات فوق الصوتية، الضوء، أو المجالات المغناطيسية، ما يجعلها مثالية للجروح المعقدة.
ورغم هذه التطورات، لا تزال هناك تحديات تقنية وعلمية أمام اعتماد هذه الضمادات على نطاق واسع. فإضافة إلى ضرورة ضمان السلامة البيولوجية والتوافق مع المعايير الطبية، تختلف مسارات اعتمادها بحسب نوع المواد المستخدمة فيها، مما يستدعي المزيد من البحث والتطوير.
يرى الباحثون أن مستقبل علاج الجروح لمرضى السكري يكمن في تصميم ضمادات ذكية تجمع بين عدة خصائص في آنٍ واحد، مثل الاستجابة الذكية، التوصيل الدقيق للأدوية، التوافق الحيوي، وتحمل الظروف البيئية المتغيرة. كما يُتوقع دمج مستشعرات رقمية لرصد حالة الجرح وإرسال بيانات حية للأطباء، ما يُتيح رعاية صحية مخصصة لكل مريض.
في ظل هذه الابتكارات، يبدو أن علاج الجروح المزمنة لدى مرضى السكري على مشارف نقلة نوعية ستُسهم في تقليل نسب البتر، وتحسين جودة حياة ملايين المرضى حول العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 16 ساعات
- سعورس
حج 2025.. إعادة تعريف النجاح
في مشعر منى، حيث يلتقي الملايين لرمي الجمرات، تحولت الساحات إلى "مدينة ذكية" مفتوحة، فقد أطلقت السعودية نظام "التحكم التنبؤي في الحشود"، الذي يستخدم 20 ألف كاميرا حرارية، و150 طائرة مسيّرة، وخوارزميات تحليل البيانات لتحديد مسارات الحجيج بدقة تصل إلى 98 %. ووفق وزارة الحج والعمرة، يتوقع تراجع وقت تنقل الحجيج بين المشاعر بنسبة 34 % مقارنة بعام 2024، بينما انخفضت حالات فقدان الاتجاه بنسبة 60 % بفضل تطبيق "مراجع" من وزارة النقل والخدمات اللوجستية، الذي دمجت فيه تقنية تحديد المواقع الدقيقة (GPS) باللغات المتعددة. ولم تكن التكنولوجيا وحدها هي البطلة، بل التكامل بين الإنسان والآلة، فقد نشرت قوات الأمن 35 ألف ضابط و12 ألف متطوع مدربين على استخدام الأدوات الرقمية، لضمان تطبيق "نموذج التباعد الديناميكي"، الذي يمنع تجمهر أكثر من 25 شخصا لكل متر مربع في مناطق الخطر، لمحاولة تحقيق عدم وجود أي حالة طوارئ. في ظل موجة الحر الشديدة التي سجلت فيها درجات الحرارة 49 درجة مئوية في بعض الأيام أطلقت وزارة الصحة مبادرة "الوقاية قبل العلاج"، التي توزّعت على عدة محاور. الأول: تعميم الأساور الذكية على كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، والتي تتصل مباشرة بغرفة الطوارئ في حال ارتفاع ضغط الدم أو انخفاض نسبة الأكسجين. الثاني: نشر 12 مستشفى ميدانيا مجهزا بأجهزة تبريد فائقة، و75 عيادة متنقلة تغطي مساحة 21 كيلو مترا مربعا في منى وعرفات. الثالث: تطبيق "صحتي للحج"، الذي سجّل 900 ألف عملية حجز إلكتروني للعيادات خلال موسم الحج، ما خفف الضغط على المرافق الثابتة. لم تكتف المملكة بخدمة حجاجها، بل حوّلت تجربتها إلى مشروع عالمي. في يونيو 2025 وقعت اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية لبناء "مركز عالمي للتدريب على إدارة الكوارث"، يهدف إلى إعداد 5 آلاف متخصص من الدول الإسلامية خلال خمس سنوات. كما استضافت الرياض مؤتمر "الحج الرقمي"، الذي شارك فيه خبراء من سنغافورة واليابان لدراسة تطبيقات الذكاء الاصطناعي السعودية في إدارة الحشود. ومن أبرز الشهادات الدولية أشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن السعودية تقدّم نموذجا يحتذى به في الجمع بين الابتكار التكنولوجي والرحمة الإنسانية، وهو ما يحتاجه العالم في مواجهة التحديات المستقبلية. موسم 2025 سيصبح "تجربة إنسانية متكاملة"، بسبب الراحة التي توفرها الخدمات المقدمة، من المياه المبردة إلى التوجيه الرقمي، وأصبح تجربة آمنة ومريحة حتى لكبار السن. ولم يقتصر إنجاز السعودية في موسم الحج 2025 على الجانب الأمني أو الصحي فحسب، بل امتد إلى مجالات الاستدامة الاقتصادية والبيئية، التي أصبحت محور اهتمام عالمي. على الصعيد البيئي، نفذت المملكة مبادرة "حج أخضر"، التي تضمنت تركيب وحدات طاقة شمسية بقدرة 50 ميغاواط في منى وعرفات، لتوفير 40 % من احتياجات الطاقة الكهربائية في المشاعر المقدسة. كما تم توزيع مليوني عبوة مياه قابلة لإعادة الاستخدام، مما خفض النفايات البلاستيكية بنسبة 65 % مقارنة بالمواسم السابقة، وفق هيئة البيئة العامة. لم يعد الحج مجرد شعيرة دينية، بل مشروعا حضاريا يجمع بين الإيمان والتكنولوجيا، والاقتصاد والاستدامة، ليثبت أن القيادة السعودية قادرة على رسم مستقبل الإنسانية في ظل التحديات العالمية، والسعودية لم تعد فقط موطنا للحرمين، بل مركزا عالميا لتطوير حلول للتحديات الإنسانية الكبرى، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، حيث أُطلقت مشاريع البنية التحتية الكبرى ضمن رؤية 2030، وأصبح الحج اليوم دليلا على أن الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا يمكن أن يصنع معجزات في عالم يبحث عن الأمل.


حضرموت نت
منذ 17 ساعات
- حضرموت نت
اخبار السعودية : بدون تلامس.. إطلاق 'آي سيلفي' لتقييم صحة الحجاج بالذكاء الاصطناعي
أطلقت المنظومة الصحية عبر مدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة، عضو تجمع مكة المكرمة الصحي، مشروع 'آي سيلفي i-Selfie' رسميًا، والذي يعد الأول من نوعه على مستوى المملكة في فحص تخطيط القلب وقياس العلامات الحيوية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وبدون تلامس. يُعد المشروع نقلة متقدمة في مسار الرعاية الوقائية والتشخيص الفوري؛ حيث يتيح خلال ثوانٍ معدودة، إجراء فحوصات دقيقة تشمل: تخطيط القلب، معدل النبض، ضغط الدم، نسبة الأكسجين في الدم، معدل التنفس، ودرجة الحرارة، دون الحاجة إلى أجهزة طبية تقليدية أو أدوات تلامسية، مما يُسهم في تسريع الإجراءات وتحسين جودة الاستجابة. جاء تطبيق هذه التقنية النوعية ضمن خطة المدينة الطبية الاستعدادية لموسم الحج، حيث فُعلت في نقاط الفرز والعناية القلبية العاجلة التي تشهد كثافة في الحالات الحرجة، في خطوة تهدف إلى تعزيز سرعة التشخيص ورفع كفاءة التعامل مع الحالات الطارئة، خصوصًا القلبية منها. وأكد المدير العام التنفيذي لمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور عادل بن عبدالقادر طاش أن المشروع يجسد أحد أوجه التحول الذكي في الخدمات الصحية، مشيرًا إلى أن المدينة الطبية حرصت على أن تكون في طليعة المنشآت التي توظف أحدث ما وصلت إليه التقنيات الطبية لخدمة المريض. وقال إن مشروع 'آي سيلفي' هو بداية لجيل جديد من الرعاية الذكية؛ نضع فيه التقنية في قلب القرار الصحي، ونمنح من خلاله الكادر الطبي أدوات مبتكرة تشخص بدقة وتستجيب بسرعة، وأثبتت التجربة كفاءتها العالية، ونجحت التقنية في تشخيص عدد من الحالات القلبية الحرجة بدقة وسرعة، ما انعكس على فرص التدخل المبكر وتقليل المضاعفات، وهو ما نعدّه جزءًا من التزامنا المستمر بتقديم رعاية استباقية وآمنة ومبنية على البيانات'. يعتمد 'آي سيلفي' على تقنيات استشعار بصري وبيومتري مدعومة بخوارزميات ذكاء اصطناعي، تصدر تقريرًا فوريًا للطبيب عن الحالة الحيوية للمريض، مما يقلل الوقت، ويخفف الضغط عن الكوادر الطبية، ويعزز سرعة اتخاذ القرار الإكلينيكي في بيئات عالية الكثافة مثل مواسم الحج. يمثل المشروع خطوة متقدمة ضمن التوجه الاستراتيجي للمدينة الطبية في تمكين الحلول الذكية ورفع كفاءة الأداء، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في القطاع الصحي، خصوصًا في مجالات التحول الرقمي، وجودة الحياة، والاستدامة المبنية على الابتكار والتقنية.


الوئام
منذ 18 ساعات
- الوئام
بدون تلامس.. إطلاق 'آي سيلفي' لتقييم صحة الحجاج بالذكاء الاصطناعي
أطلقت المنظومة الصحية عبر مدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة، عضو تجمع مكة المكرمة الصحي، مشروع 'آي سيلفي i-Selfie' رسميًا، والذي يعد الأول من نوعه على مستوى المملكة في فحص تخطيط القلب وقياس العلامات الحيوية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وبدون تلامس. يُعد المشروع نقلة متقدمة في مسار الرعاية الوقائية والتشخيص الفوري؛ حيث يتيح خلال ثوانٍ معدودة، إجراء فحوصات دقيقة تشمل: تخطيط القلب، معدل النبض، ضغط الدم، نسبة الأكسجين في الدم، معدل التنفس، ودرجة الحرارة، دون الحاجة إلى أجهزة طبية تقليدية أو أدوات تلامسية، مما يُسهم في تسريع الإجراءات وتحسين جودة الاستجابة. جاء تطبيق هذه التقنية النوعية ضمن خطة المدينة الطبية الاستعدادية لموسم الحج، حيث فُعلت في نقاط الفرز والعناية القلبية العاجلة التي تشهد كثافة في الحالات الحرجة، في خطوة تهدف إلى تعزيز سرعة التشخيص ورفع كفاءة التعامل مع الحالات الطارئة، خصوصًا القلبية منها. وأكد المدير العام التنفيذي لمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور عادل بن عبدالقادر طاش أن المشروع يجسد أحد أوجه التحول الذكي في الخدمات الصحية، مشيرًا إلى أن المدينة الطبية حرصت على أن تكون في طليعة المنشآت التي توظف أحدث ما وصلت إليه التقنيات الطبية لخدمة المريض. وقال إن مشروع 'آي سيلفي' هو بداية لجيل جديد من الرعاية الذكية؛ نضع فيه التقنية في قلب القرار الصحي، ونمنح من خلاله الكادر الطبي أدوات مبتكرة تشخص بدقة وتستجيب بسرعة، وأثبتت التجربة كفاءتها العالية، ونجحت التقنية في تشخيص عدد من الحالات القلبية الحرجة بدقة وسرعة، ما انعكس على فرص التدخل المبكر وتقليل المضاعفات، وهو ما نعدّه جزءًا من التزامنا المستمر بتقديم رعاية استباقية وآمنة ومبنية على البيانات'. يعتمد 'آي سيلفي' على تقنيات استشعار بصري وبيومتري مدعومة بخوارزميات ذكاء اصطناعي، تصدر تقريرًا فوريًا للطبيب عن الحالة الحيوية للمريض، مما يقلل الوقت، ويخفف الضغط عن الكوادر الطبية، ويعزز سرعة اتخاذ القرار الإكلينيكي في بيئات عالية الكثافة مثل مواسم الحج. يمثل المشروع خطوة متقدمة ضمن التوجه الاستراتيجي للمدينة الطبية في تمكين الحلول الذكية ورفع كفاءة الأداء، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في القطاع الصحي، خصوصًا في مجالات التحول الرقمي، وجودة الحياة، والاستدامة المبنية على الابتكار والتقنية.