
ضابط إسرائيلي سابق: الحرب على غزة حملة توراتية بغطاء عسكري
اعتبر ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق مايكل ميلشتاين خطة "عربات جدعون" التي اعلنها جيش الاحتلال مؤخرفي غزة "حملة أيديولوجية متطرفة متخفية بغطاء استراتيجي".
ويرى ميلشتاين أن هذه الحملة "تُدار بدوافع توراتية تهدف إلى إعادة تشكيل صورة إسرائيل وهويتها الجغرافية والسياسية، لا مجرد مواجهة عسكرية ضد حركة حماس".
فتش عن سيموتريتش
في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرنوت"،حمل ميلشتاين، الي يترأس حاليا "منتدى الدراسات الفلسطينية" في "مركز ديان" في جامعة تل أبيب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش"مسؤولية تحويل الحرب إلى مشروع أيديولوجي يطمح إلى إعادة احتلال قطاع غزة وفرض حكم عسكري فيه".
وأشار إلى أن سموتريتش "طرح عام 2017 خطة الحسم ، وهي خطة تؤمن بـ قدسية الأرض، ووجوب السيطرة الكاملة على أراضي الفلسطينيين، تتكرر دعواته لاحتلال غزة دون انسحاب، وإقامة مستوطنات فيها، والتلويح بسياسات تشجيع الهجرة الطوعية أي تهجير السكان الفلسطينيين".
ورغم محاولات بعض المسؤولين الإسرائيليين تصوير هذه الدعوات كاستراتيجية أمنية، يؤكد ميلشتاين أن دوافعها الحقيقية" أيديولوجية ودينية، وأنها تستند إلى سرديات توراتية مثل عقيدة يهوشوع بن نون ، التي تلزم غير اليهود بقبول الهيمنة اليهودية أو الرحيل أو المواجهة".
سرديات الخداع
وينتقد ميلشتاين محاولات تبرير هذه الأجندة عبر ادعاءات استراتيجية مثل أن "العرب لا يفهمون إلا بلغة السيطرة على الأرض"، أو أن "الاستيطان يمنع الإرهاب"، معتبراً أنها سرديات خادعة تعزز الوهم بجدوى السيطرة طويلة الأمد على غزة.
كما يرى الحكومة تروج لـ"حقائق" غير مؤكدة، مثل إمكانية توظيف العشائر المحلية لإدارة القطاع أو تنفيذ خطة ترامب القديمة لإفراغ غزة من سكانها، بهدف خلق وهم بأن الاحتلال مجدٍ وقابل للتحقق.
وفي إشارة إلى موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ، يتساءل ميلشتاين عن مدى تبنيه لرؤية سموتريتش، مشيراً إلى أن نتنياهو تجنب على مدى العام الأخير الحديث عن مستقبل غزة بعد الحرب، وحافظ على غموض استراتيجي مقلق، رغم دعوته سابقاً لعدم تجديد الاستيطان في القطاع.
ويرى أن من واجب نتنياهو تقديم أجوبة واضحة حول الكيفية التي يخطط بها لتحرير الأسرى الإسرائيليين في حال اتسعت الحرب، أو حول التداعيات الكارثية التي ستترتب على الاحتلال الكامل لغزة، خاصة من ناحية الكلفة المالية لإدارة منطقة مدمرة يسكنها نحو مليوني فلسطيني يرفضون الاحتلال إضافة إلى ما ينتظر إسرائيل من مقاومة مسلحة وحرب عصابات مستمرة،
صراع وجودي
وينبه ميلشتاين إلى أن نتنياهو يشن هذه الحرب "من دون إجماع شعبي، ومن دون أهداف واضحة، ومن دون ثقة الجمهور بقيادته ، مما قد يؤدي إلى انقسام داخلي واسع وشرخ في النسيج الاجتماعي الإسرائيلي".
ويضيف أن جوهر الحملة الحالية "لا يمت للصهيونية الكلاسيكية بصلة، حيث إن الحروب السابقة في 1948 و1956 و1967 وحتى 1982، لم تكن مصحوبة بخطط للاحتفاظ بالأرض المحتلة إلى الأبد، بينما تطرح حملة "عربات جدعون" مشروعا استيطانيا دائما في غزة".
كما يحذر من أن إعادة الاستيطان في القطاع "ستكون بداية انقسام حاد داخل المجتمع الإسرائيلي، لأن غالبية الإسرائيليين، كما يرى، لا يتبنون رؤية سموتريتش، الذي يسعى لتسويقها على أنها مشروع وطني جامع.
كما يسأل في مقاله " لماذا لا تهاجم إسرائيل إيران رغم أن برنامجها النووي يمثل تهديداً وجودياً أكبر من حماس؟" ويجيب بأن السبب "هو أن الدافع الحقيقي وراء الحرب على غزة "ليس استراتيجياً بل أيديولوجياً".
ويختتم ميلشتاين مقاله بالتأكيد على أن " إذا تم المضي قدما في تنفيذ خطة عربات جدعون ستكون "حملة تاريخية تغير حياة الإسرائيليين"، لأنها تطرح رؤية أيديولوجية تقدم الدين على السياسة وتسعى لفرض واقع جديد على الأرض".
كما يدعو إلى "بلورة خطاب مشابه حول مستقبل إسرائيل كدولة واحدة أو دولتين، وتحليل تداعيات الانزلاق" نحو واقع الدولة الواحدة، الذي تلوّح به سياسات الضم والاستيطان المتسارعة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
مسيرة "رقصة الأعلام".. كابوس لسكان القدس القديمة
"في هذا اليوم بالتحديد نشعر أننا مسجونون ليس داخل منازلنا فحسب، بل سجناء الخوف أيضا، الطرق مغلقة والشرطة تتجول في كل زقاق، والمستوطنون يصرخون ويغنون ويستفزوننا بالأعلام الإسرائيلية، ونحن محاصرون ويُمنع علينا التحرك أو العيش بشكل طبيعي.. حتى الهواء نشعر أنه ليس من حقنا استنشاقه في ذلك اليوم". بهذه الكلمات أجابت الشابة (ل.ع) التي تسكن في البلدة القديمة بالقدس عند سؤالها كيف تؤثر احتفالات اليهود بيوم " توحيد القدس" على حياتهم، إذ يتهيأ سكان العتيقة قبيل حلول هذه المناسبة الوطنية الإسرائيلية. وتعد مسيرة الأعلام أو ما يعرف بـ" رقصة الأعلام" من أبرز مظاهر سياسات تهويد شرقي القدس، وهي فعالية سنوية يشارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين واليمينيين الإسرائيليين. تقام في 28 من الشهر الثامن وفق التقويم العبري، الذي يوافق الاثنين القادم، وهو ما يعرف "بيوم توحيد القدس"، الذي تحتفل فيه إسرائيل بسيطرتها على القدس واحتلالها للجزء الشرقي منها أثناء حرب يونيو/حزيران 1967 ، المعروفة في العالم العربي "بالنكسة". "اعتداءات بحماية الشرطة" وعن تحضيراتهم لهذا اليوم قالت (ل.ع) للجزيرة نت "جميع السكان يوصون بعضهم البعض بإغلاق النوافذ والانتباه على الأطفال والحرص على عدم الخروج من المنزل.. من ينجح في قضاء هذا اليوم خارج البلدة القديمة يكون محظوظا، ومن لا ينجح يبقى في بيته ليحمي نفسه وممتلكاته بكافة الوسائل، لأنه في حال وقع أي حادث لا أحد يحميه". وعن الاعتداءات التي تطال المقدسيين وممتلكاتهم على أيدي المستوطنين المشاركين في مسيرة "رقصة الأعلام" قالت هذه المقدسية إنها لا تقتصر على الشتم والصراخ وتعمد أداء الأغاني العنصرية بصوت مرتفع، بل تتعدى ذلك للاعتداء الجسدي الذي يفضي أحيانا إلى كسور مختلفة، ولتخريب الممتلكات كخلع الأبواب وتحطيم النوافذ. أما عن دور شرطة الاحتلال في هذا اليوم فتقول هذه المقدسية -وهي من سكان حارة السعدية-إن الشرطة تحرس المستوطنين وتغلق الطرق أمام المقدسيين وتفتش أبناءنا، وفي حال حدث أي طارئ كحاجة إحدى العائلات لنقل مريض بسيارة إسعاف تماطل في فتح الحاجز مما يضطر الأهالي لحمل المريض بأنفسهم ونقله إلى خارج الأسوار التاريخية. "نتمسك بالقدس أكثر" واختتمت (ل.ع) بالحديث عن شعورها كمقدسية وهي تشاهد عشرات آلاف الأعلام الإسرائيلية التي يلوّح بها المتطرفون في باب العمود وأمام منزلها في أزقة البلدة القديمة، وقالت "والله وجع لا يوصف.. فالأعلام ليست مجرد قطعة قماش، بل رسالة واضحة لنا بأنهم هنا، ويجب ألا نكون، لكن ما يحصل أننا نتمسك بالقدس وبالأرض أكثر كلّما لوّحوا بها.. نحن نعلّق مفاتيح بيوتنا في قلوبنا لأن القدس لنا، وإن رفعوا آلاف الأعلام، نحن موجودون بكل زاوية وحجر ونَفَس". وابتداء من ساعات صباح يوم الاثنين المقبل، الموافق 26 مايو/أيار الجاري، سيبدأ مئات المستوطنين بالتوافد إلى البلدة القديمة للسير في أزقتها ملوّحين بالأعلام الإسرائيلية، ليصل أوج الاحتفالات نهاية النهار مع مشاركة عشرات الآلاف منهم في المسيرة التي يتخللها ترديد شعارات معادية للإسلام والعرب، بالإضافة إلى قيامهم بأعمال العربدة والاستفزاز لسكان وتجار البلدة القديمة الذين تسلمهم الشرطة الإسرائيلية كل عام أمرا بإغلاق محالهم التجارية لإخلاء مسؤوليتها عن أي أضرار. وينطلق الذكور من المستوطنين في مسيرتهم من شارع "الملك جورج" غربي القدس، ويدخلون البلدة القديمة من باب العمود، أما الإناث فينطلقن من أمام مقبرة مأمن الله غربي البلدة القديمة ويدخلن البلدة القديمة من باب الخليل مرورا بالحي الأرمني وصولا إلى ساحة حائط البراق حيث التجمع الأضخم والاحتفالية المركزية. استباحة للأقصى ويضاف إلى هذه الاحتفالية الأبرز الحشد الكبير الذي تحضّر له جماعات الهيكل منذ أسابيع لاقتحام المسجد الأقصى جماعيا والدعوة لرفع الأعلام الإسرائيلية في ساحاته خلال الساعات الصباحية والمسائية المخصصة لاقتحامات المستوطنين. وضمن أحدث أساليب الحشد نشر اتحاد منظمات الهيكل المتطرفة مقطعا دعائيا تحريضيا، تضمّن نداءات من 13 حاخامًا دعوا فيه جمهور تيار الصهيونية الدينية إلى اقتحام المسجد بكثافة يوم الاثنين المقبل الذي يُحتفل فيه بذكرى احتلال شرقي القدس وضمّها تحت السيادة الإسرائيلية. إغلاق 1684 متجرا ويدفع التجار في أسواق البلدة القديمة والشوارع التجارية المحيطة بها ثمنا كبيرا في هذه المناسبة وفقا لأمين سر الغرفة التجارية الصناعية في القدس حجازي الرشق، الذي أكد في مستهل حديثه للجزيرة نت أن القدس تتحول في يوم "توحيد القدس" إلى ثكنة عسكرية لكثرة الحواجز والدوريات الراجلة وخاصة على أبواب البلدة القديمة وداخل حاراتها وأزقتها. وأضاف الرشق أن التجار في طريق الواد والسلسلة والمجاهدين وسويقة علّون هم الأكثر تضررا في هذا اليوم، إذ يتعمد المستوطنون المارّون تحطيم اليافطات ورمي البضائع المعروضة أمام الحوانيت على الأرض، مما يكبد التجار خسائر فادحة، بالإضافة لوضع أعواد خشبية داخل أقفال المحال المغلقة لإتلافها، "وتنفّذ هذه الاعتداءات أمام أعين الشرطة التي لا تعتقل أحدا من الجناة". ولا يعتدي المستوطنون المشاركون في مسيرة "رقصة الأعلام" على ممتلكات التجار فحسب، بل يتعمدون سبّ الذات الإلهية والنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وترديد شعارات عنصرية كـ"الموت للعرب" أمامهم، ويستهدفونهم بالبصق والكثير من التصرفات الاستفزازية الأخرى. وتجبر الشرطة وفقا لأمين سر الغرفة التجارية التجار على إغلاق أبواب حوانيتهم، وإن لم يمتثل أحدهم للأوامر يتعرض لعقوبات كتمرير اسمه للدوائر المختصة بفرض الضرائب للانتقام منه. "مع الأسف لا تنحصر التضييقات داخل أسوار البلدة القديمة، بل تمتد إلى المربع التجاري الخارجي كشارع المصرارة وعمرو بن العاص والزهراء والسلطان سليمان وصلاح الدين الأيوبي والرشيد". وتضم هذه الشوارع 664 متجرا وفقا للرشق، يضاف إليها 1020 متجرا لا تزال تفتح أبوابها داخل أسوار البلدة القديمة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
نهاية إسرائيل القريبة على يد الحريديم
بالرغم من الصورة التي تحاول حكومة نتنياهو إظهارها أمام العالَم باعتبارها حكومة موحدة ومتماسكة، فإنه لا يخفى على مُطّلع هشاشةُ هذه الحكومة، إلى درجة جعلت صمودَها حتى اليوم أمرًا غير مألوف. وبالرغم من أن عنوان إسقاط الحكومة الذي يتوقعه أغلب المراقبين، هو وقف الحرب الشعواء التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والذي سينتج عنه بالضرورة انسحاب الثنائي سموتريتش وبن غفير أو أحدهما من الحكومة والعمل على إسقاطها، فإن النظرة الأوسع إلى طبيعة التركيبة التي تتكون منها هذه الحكومة تكشف للمراقبين لاعبًا خطيرًا يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر الائتلاف الحكومي في إسرائيل، بل وتزعزع التماسك الهش في الشارع الإسرائيلي برمته، وهذا اللاعب هو "الأحزاب الحريدية". الحريديون في إسرائيل هم التيار الديني التقليدي الذي يعتبر أن وجود هذه الدولة مرتبط بشكل أساسي بمدى التزامها بأحكام التوراة، وهؤلاء يشكلون نسبة ليست هينة في المجتمع الإسرائيلي، تزيد على 13٪ من المجموع الكلي للسكان الذي يتضمن الدروز وفلسطينيي الداخل. أما نسبتهم إلى مجموع اليهود البالغ عددهم 7 ملايين شخص في إسرائيل فتصل إلى 17٪، وذلك بعد أن كانت نسبتهم غداة النكبة الفلسطينية وإنشاء دولة الاحتلال لا تتجاوز 2.6٪. وترى دائرة الإحصاء الإسرائيلية أنهم مرشحون للوصول لنسبة 35٪ بحلول عام 2059. هذه النسبة المرتفعة تتناسب حاليًا مع تمثيلهم في الكنيست، حيث يسيطرون على 18 مقعدًا من أصل 120 بنسبة تصل إلى 15٪ من مجموع المقاعد. ويأتي حزب (شاس) في مقدمة الأحزاب الحريدية في الكنيست حيث يسيطر على 11 مقعدًا، يليه حزب (يهدوت هتوراه) الحريدي الذي يشغل 7 مقاعد. بحسبة بسيطة، يتبين أن حكومة نتنياهو تستند إلى أغلبية هشة لا تتجاوز أربعة مقاعد، إذ يحوز ائتلافه 64 مقعدًا فحسب، من أصل 120؛ منها 32 لحزب الليكود، و14 لتحالف الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش وبن غفير، بينما تستحوذ الأحزاب الحريدية على ما تبقى. وبينما نجد أن معظم الأصوات المطالِبة بإسقاط الحكومة تنبع من معسكر الصهيونية الدينية، مركِّزة على ضرورة استمرار الحرب في غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية، فإن الأحزاب الحريدية تتبنى ملفًا مختلفًا تمامًا، ألا وهو تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وهو بالنسبة لها القضية المحورية التي قد تدفعها إلى الانسحاب من الائتلاف. لكنها، على خلاف شركائها، لا ترفع صوتها بالتهديد ولا تلوِّح بالانسحاب كل حين، كما يفعل بن غفير وسموتريتش يوميًا تقريبًا. تجنيد الحريديم ملفٌّ أساسي تعيش إسرائيل أزمته منذ عقود، حيث بدأت عادة إعفائهم من الخدمة العسكرية منذ زمن ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، الذي أعفى 400 مهاجر من الحريديم من التجنيد الإجباري في الجيش، لعدة اعتبارات، كان منها أنهم لم يشكلوا نسبة كبيرة من السكان في ذلك الوقت كما أسلفنا، إضافة إلى رغبته في كسب ود تيارات التفسيرات التقليدية الدينية التي كانت تتردد في دعم فكرة قيام دولة لليهود آنذاك، حيث قطع لهم تعهدًا بأن تحترم إسرائيل التقاليد الدينية اليهودية. كما كان يرغب في تأكيد صورة إسرائيل باعتبارها دولة يهودية بما يمكن أن يقنع أطيافًا مختلفة من اليهود في العالم للهجرة إليها. وكان سبب إصرار الحريديم على الإعفاء من التجنيد في الجيش، أنه يتعارض مع مبادئهم، حيث يرون أن وظيفتهم في الدنيا هي قراءة التوراة وتفسيرها، وهم يؤمنون بأن هذا العمل مقدس وعظيم لدرجة الإيمان بأنه سبب استمرار الحياة على كوكب الأرض، فهم يرون في تدارس التوراة مهمة ربانية لخدمة العالَم كله والحفاظ عليه من الدمار! وهذا يعني أن هذه الفئة لا ترى لدولة الاحتلال فضلًا عليها في شيء، بل إنها ترى أن لها الفضل في استمرار الحياة في دولة الاحتلال ونجاة جيشها في حروبه، ولا سيما في هذه الحرب. وهو ما أشار له الحاخام الأكبر لطائفة السفارديم الشرقيين يتسحاق يوسف في تصريحه الشهير: "من دون المدارس الدينية لم يكن الجيش لينجح، فالجنود لم ينجحوا إلا بفضل أهل التوراة". وهذا الحاخام نفسه هو الذي هدد بمغادرة أبناء طائفته جميعًا دولة الاحتلال إلى غير رجعة في حال فرض التجنيد الإجباري عليهم. أتباع التيار الحريدي كانوا قد استفادوا كثيرًا من وصول الليكود للحكم في إسرائيل، ذلك أن الليكود كان دائمًا حريصًا على إرضائهم؛ كسبًا لدعمهم في الانتخابات وتشكيل حكوماته المتعاقبة، ولم يكونوا يشكلون له أية أزمة باعتبار أن طلباتهم في العادة لا تتجاوز الحفاظ على ميزانيات المدارس الدينية والالتزام ببقاء إعفائهم من التجنيد الإجباري الذي يعتبر من صميم متطلباتهم الدائمة من أية حكومة. يعتبر هؤلاء الحريديون أن دخول الجيش يمكن أن يؤثر في عقيدتهم، لأنهم لا يرون في العلمانيين الإسرائيليين أكثر من مجموعة من العلمانيين، فهم يحتقرونهم، وبدا ذلك في أكثر من موقف، منها على سبيل المثال ما فعله وزير الإسكان في حكومة نتنياهو عن حزب "يهدوت هتوراه" يتسحاق غولدكنوبف، الذي أشعل أزمة العام الماضي عندما ظهر في فيديو يرقص مع عدد من أنصاره وهم يهتفون "نموت ولا نتجند، ولا نقبل بحكم الكفار" في إشارة إلى العلمانيين في دولة الاحتلال. وكان اليمين في إسرائيل قد نجح في عام 2015 في تمرير قانون في الكنيست يعفي الحريديم من التجنيد الإجباري في الجيش، ولكن المحكمة العليا تدخلت وألغت هذا القانون تحت بند المساواة، وأمرت بإيجاد تشريع لا يتضمن إعفاء الحريديم، وكانت تلك بداية الأزمة الفعلية التي تفاقمت في ظل المعركة الحالية التي أتعبت جيش الاحتلال واضطرته لاستدعاء الاحتياط لتعويض النقص الحاد في الجنود. وبالرغم من ذلك لم تُحل المشكلة، مما أدى إلى تصاعد الأصوات العلمانية القومية التي تطالب بتجنيد الحريديم إجباريًا كما نص قرار المحكمة العليا. وبما أن غالبية الأصوات المنادية بتجنيد الحريديم، هم من العلمانيين يسارًا ويمينًا، فإن الأحزاب الحريدية عادت لتراها وكأنها معركة بين أنصار التوراة وأنصار الهرطقة، أو بين النور والظلام، وبالتالي تتصاعد صيحات الاستهجان لديهم؛ رفضًا للانصياع لرأي هؤلاء الذين يريدون منهم ترك دراسة التوراة والاختلاط بهم في الجيش بما يؤدي لنسيان التوراة والانحراف عن الشريعة. في المقابل، تتصاعد بين العلمانيين سواء من اليساريين أو القوميين اليمينيين في إسرائيل دعوات الضغط على الحريديم للتجنيد أسوة بغيرهم. وحجتهم هي عدم منطقية أن يدفع الجنود حياتهم ثمنًا للدفاع عن مجموعة من المتدينين الذين لا يقدمون شيئًا للمجتمع ولا يدافعون عنه، بل ويحتقرونه. وهذا الانقسام الذي نزل إلى الشارع ينذر الآن بمزيد من التشظي لدى المجتمع الإسرائيلي نفسه. للحق، فإن الطبيعة الحادة لتصريحات قادة الحريديم هي التي تزيد الهوة اتساعًا بين الطرفين، فإعلان أن "الموت على يد العرب خير من التجنيد في الجيش" ، وأنه "من الأفضل أكل لحم الخنزير على الوجود في مجتمع علماني وفكر علماني"، وإعلان بعض رموزهم أنه "لا يوجد ثقافة مشتركة بين الإسرائيليين العلمانيين والحريديم"، إلى غير ذلك من التصريحات التي تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية من حين لآخر، كل هذا يشي بأنه لا يوجد أرضية مشتركة بين الحريديم والعلمانيين على اختلاف مشاربهم وأفكارهم. وهذا يعني أن الأزمة التي تتصاعد حاليًا بين الطرفين تنذر بأن تتوسع في الشارع ولا تكتفي فقط بأن تكون في أروقة الحكومة والكنيست. إذن، فأزمة الحريديم بعيدة عن الحل في ظل النظرة الاستعلائية التي ينظر بها كل طرف إلى الآخر، وهي مرشحة للتفاقم في الفترة القادمة، فالجيش يحتاج أوامر التجنيد الإجبارية، ونتنياهو يواجه عقبات من داخل ائتلافه ضد فكرة تشريع قانون يعفي الحريديم من الخدمة الإلزامية في الجيش، استجابة لمطالب حزبي شاس ويهدوت هتوراه في ظل معارضة المحكمة العليا، ومعارضة الغالبية العظمى من الشارع الإسرائيلي (70٪) لهذا الإعفاء. السؤال المطروح هنا: إلى أي مدىً يمكن أن تتسع أزمة الحريديم؟ إن الغالبية العظمى من آراء المحللين في هذا الشأن تقف في إجابة هذا السؤال عند احتمالية إسقاط حكومة نتنياهو في حال انسحاب الحريديم منها، ولكني أرى أن هناك أبعادًا أعمق بكثير من مجرد إسقاط حكومة نتنياهو. فالشارع الإسرائيلي لم يكن يومًا منقسمًا على نفسه كما هو اليوم. وفي الوقت الذي يهاجم فيه المنضوون تحت ألوية جيش الاحتلال طلبةَ المدارس الدينية الحريدية بزعم أن الجنود ليسوا ملزمين بالتضحية بدمائهم لأجل حفنة من الطلبة الذين لا يعملون شيئًا غير الدراسة والحديث في الأحكام الفقهية، فإن الحريديم يُصَعِّدون لهجتهم ضد نظام الدولة بالكامل، ويتكلمون بوضوح عن ضلال المجتمع الإسرائيلي من خارج الحريديم، أي ضلال أكثر من 80٪ من سكان هذه الدولة من اليهود لا من العرب! وبالتالي فإن الرفض المتبادل يمكن أن يؤدي فعليًا إلى الاشتباك في الشارع واندلاع أعمال عنف من شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات أكبر بكثير من كل ما يتخيله الطرفان. عندما يهدد زعيم السفارديم بمغادرة كفره بالمواطنة الإسرائيلية وبفكرة الوطن القومي لليهود، وهو بذلك يعلن بوضوح عدم ارتباطه وأتباعه بالمشروع الصهيوني ولا اقتناعهم بإمكانية بقاء الدولة أو حتى الانتماء إليها، وبذلك فإنه يزرع في إسرائيل بذور التفتت والتآكل الداخلي الذي يخشاه المحللون الإسرائيليون جميعًا ويتوقعونه في نفس الوقت.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
ما الفرق الإسرائيلية المشاركة في عملية "عربات جدعون" لاحتلال غزة؟
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش أدخل كل ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة ، لتنفيذ عملية " عربات جدعون"، وقالت إن فرقة المظليين كانت آخر ما دخل القطاع، حيث أتمت دخولها خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الهيئة إن العملية تتركز في هذه المرحلة على محورين رئيسيين، هما شمالي قطاع غزة ومنطقة خان يونس جنوبا، في حين قالت إذاعة "كان" الإسرائيلية الرسمية إن الجيش يستعد لإدخال ألوية عسكرية جديدة إلى غزة خلال الأيام المقبلة. وتقضي خطة الجيش -حسب قناة كان- بإدخال 5 فرق عسكرية للسيطرة الكاملة، وكي تعمل وتسيطر بالكامل على قطاع غزة ووسطه. ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن عملية "عربات جدعون"، التي أعلنتها إسرائيل مطلع مايو/أيار الجاري، تهدف في نهايتها إلى الاحتلال الكامل لقطاع غزة. الفرق المشاركة في العملية وأشار تقرير -أعده وليد العطار للجزيرة- إلى أن 5 فرق عسكرية تشارك في العملية إحداها الفرقة 252، التي تعمل في وسط القطاع وشماله ويطلق عليها "عصبة سيناء"، تتكون من قوات احتياط، ويقودها العميد يهودا فاخ. وتضم هذه الفرقة عدة ألوية، وهي تابور (454) نيران، ولواء القدس (16) مشاة، والنقب (12) مشاة، وهرئيل (10) مدرعات، واللواء الساحق (14) مدرعات. وهناك أيضا الفرقة 36 -التي تسمى "عصبة البركان"- وقد دخلت قطاع غزة للمرة الثانية خلال الحرب في أبريل/نيسان الماضي، ووسعت عملياتها في رفح، تحت قيادة العميد موران عومر. وتشمل هذه الفرقة 5 ألوية هي: غولاني (1) مشاة، واللواء (7) مدرعات، وعصبة براك (188) مدرعات، وعصبة غولان (282) مدفعية، ولواء عتصيوني (6) مشاة في صفوف الاحتياط. أما الفرقة الثالثة 143، أو "فرقة غزة"، التي تعرضت لضربة قوية خلال هجوم طوفان الأقصى، فتعمل حاليا في غلاف غزة، وقد تمكنت -حسب الجيش الإسرائيلي- من تطويق حي تل السلطان في رفح، ويقودها حاليا براك حيرام. وتضم 3 ألوية: هغيفن (7643)، وقطيف (6643)، ولواء (261) إسناد مشاة. ومن بين الفرق المشاركة في العملية أيضا الفرقة 98، المعروفة باسم "عصبة النار"، والتي قاتلت القتال في خان يونس وقامت بعمليات في شمال القطاع، ويقودها حاليا غاي ليفي. وتتشكل هذه الفرقة من ألوية: المظليين (35)، وعوز (89)، وعصبة مقلاع داوود (214)، وعصبة نصف النار (551)، وعصبة حد الرمح (55)، وكتيبة لبيد (492)، وعصبة البجع (8237)، ووحدة الكوماندوز (5515). وأخيرا، تشارك الفرقة 16، المعروفة باسم "لواء الفولاذ"، التي عملت في رفح بعد شمال القطاع، ثم المناطق الوسطى، وقادت العمليات العسكرية في مستشفى الشفاء، ويقودها حاليا العميد ساغيف داهان. وتعمل 5 ألوية تحت مظلة هذه الفرقة، وهي الناحال (993) مشاة، وغفعاتي (84) مشاة، وعصبة أعقاب الحديد (401) مدرعات، وعصبة عامود النار (215) مدفعية، وعصبة الشارون (5) مشاة.