logo
مادة كمومية ثورية تمهد الطريق لأجهزة إلكترونية أسرع ألف مرة

مادة كمومية ثورية تمهد الطريق لأجهزة إلكترونية أسرع ألف مرة

الجزيرة١١-٠٧-٢٠٢٥
تخيل أن لديك مصباحا كهربائيا يحتاج إلى سلك موصل للكهرباء لكي يضيء، وآخر عازلا لمنع مرور التيار في أماكن معينة.
وحتى الآن، كانت الأجهزة الإلكترونية تعتمد على مواد مختلفة لأداء هذين الدورين، ولكن فريقا بحثيا من جامعة نورث إيسترن الأميركية تمكن من تطوير مادة كمومية تستطيع التغير بين حالتي التوصيل والعزل بسرعة مذهلة، مما قد يُحدث ثورة في عالم الإلكترونيات.
والمادة الكمومية نوع خاص من المواد تظهر خصائص فيزيائية غريبة وفريدة بسبب تأثيرات ميكانيكا الكم داخلها، أي أن سلوك الإلكترونات داخلها لا يتبع القوانين العادية للمواد، بل يخضع لقوانين ميكانيكا الكم، مما يؤدي إلى ظهور خواص غير معتادة مثل التوصيل الفائق، والمغناطيسية الغريبة، أو تغيرات سريعة في حالة التوصيل الكهربائي.
واستخدم الباحثون بهذا الإنجاز -الذي تم الإعلان عنه في دورية"نيتشر فيزيكس"- مادة مركبة من التانتالوم والكبريت (تشتهرباسم "تاس2") وهي مركب كيميائي ينتمي لفئة المواد الثنائية الأبعاد مثل الجرافين، وتتميز بترتيب إلكتروني معقد يجعلها تتغير بين حالات مختلفة مثل الحالة المعدنية الموصلة للكهرباء، والحالة العازلة.
وما قام به الباحثون في الدراسة الجديدة هو ابتكار طريقة جديدة للتحكم في هذه المادة، بحيث يمكنهم تغيير حالتها الكهربائية بسرعة وثبات عند درجات حرارة قريبة من حرارة الغرفة، وهو إنجاز لم يكن متاحا سابقا.
البناء على ما سبق
ويبني هذا الإنجاز على أعمال سابقة استخدمت نبضات ليزر فائقة السرعة لتغيير كيفية توصيل المواد للكهرباء بشكل مؤقت، لكن تلك التغييرات كانت تدوم لفترات قصيرة جدا وعادةً في درجات حرارة منخفضة للغاية.
ولكن الباحثين يؤكدون في دراستهم أنهم تمكنوا مع المادة الكمومية المطورة من الاحتفاظ بالحالة الموصلة أو العازلة لفترات طويلة عند درجات حرارة قريبة من حرارة الغرفة، وهو ما لم يكن ممكنا سابقا.
وأوضحوا أن التحويل بين التوصيل والعزل عند الحاجة يتحقق بمجرد تسليط ضوء أو استخدام حرارة معينة، مما يجعل الأجهزة الإلكترونية أصغر في الحجم وأكثر كفاءة وأسرع في الأداء.
ويقول ألبرتو دي لا توري أستاذ مساعد في الفيزياء بجامعة نورث إيسترن والمؤلف الرئيسي للبحث في بيان نشره موقع الجامعة "هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام تطوير أجهزة حاسوب وهواتف ذكية أسرع كثيرا، حيث يمكن التحكم في تدفق الكهرباء في المادة بسرعة تقارب سرعة الضوء، مما يعني أداء غير مسبوق ينقل سرعة المعالجات من غيغاهيرتز إلى تيراهيرتز، مما يجعل الحواسيب أسرع بألف مرة".
ويضيف أن "هذه الخطوة تمثل بداية عصر جديد في عالم الإلكترونيات، قد يحل محل تكنولوجيا السيليكون الحالية ويغير شكل الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها يوميا".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير: 22 دولة فقط التزمت بتعهداتها الأممية حول الطاقة المتجددة
تقرير: 22 دولة فقط التزمت بتعهداتها الأممية حول الطاقة المتجددة

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

تقرير: 22 دولة فقط التزمت بتعهداتها الأممية حول الطاقة المتجددة

أشار تقرير لمؤسسة "إمبر" البحثية إلى أن معظم دول العالم فشلت في تنفيذ تعهد الأمم المتحدة لعام 2030 بمضاعفة قدرة العالم على إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، في ظل عدم تحقيق تقدم ملموس بالدول المسؤولة عن معظم الانبعاثات الكربونية وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا والصين. ومن المرجح أن يستمر الاعتماد على الوقود الأحفوري، ولن يتم تحقيق هدف مؤتمر الأطراف الـ28 المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، وهو ما يعني أن العالم سوف يتخلف كثيراً عن تحقيق أهدافه بمجال الطاقة النظيفة. وكشف التقرير الصادر عن مؤسسة "إمبر" لأبحاث المناخ أن 22 دولة فقط، معظمها داخل الاتحاد الأوروبي، زادت طموحاتها في مجال الطاقة المتجددة منذ أن انضمت أكثر من 130 دولة إلى ميثاق الطاقة المتجددة في محادثات المناخ "كوب 28" التي نظمتها الأمم المتحدة في دبي قبل عامين تقريبا. ويعني ذلك -حسب التقرير- أن إجمالي الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة العالمية أصبح الآن أعلى بنسبة 2% فقط مما كان عليه في مؤتمر دبي. ومع ذلك فإن الحكومات ستتخلف كثيرا عن 11 تيراواط اللازمة لتحقيق الهدف الأممي المتمثل في مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات، وفقا للمحللين. وذكر التقرير أن مضاعفة الطاقة الإنتاجية العالمية من مصادر الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030 تُعدّ أكبر إجراء منفرد هذا العقد للبقاء على المسار الصحيح نحو مسار المناخ الذي لا يتجاوز درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية. كما أشار إلى أنه رغم اتفاق مؤتمر الأطراف الـ28 التاريخي للوصول إلى 11 ألف غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، فلا تزال الأهداف الوطنية دون تغيير إلى حد كبير، وهي أقل من المطلوب. ووجد التقرير أنه باستثناء الاتحاد الأوروبي، هناك 7 دول فقط قامت بتحديث أهدافها المتعلقة بالطاقة المتجددة منذ توقيع الاتفاقية، بما في ذلك المكسيك وإندونيسيا اللتان خففتا من أهدافهما. ومن بين الدول التي فشلت في التحرك الولايات المتحدة والصين وروسيا، والتي تعتبر من بين أكبر مستهلكي الطاقة في العالم، وهي مسؤولة مجتمعةً عن ما يقرب من نصف الانبعاثات الكربونية السنوية في العالم. ويرى التقرير أن مصير اتفاقية الطاقة المتجددة العالمية قد يعتمد على سياسات بكين التي من المتوقع أن تُنهي خطتها الخمسية الـ 15 للطاقة في وقت لاحق من هذا العام، والتي تغطي الفترة من 2026 إلى 2030. وفي المقابل، لا توجد أهداف محددة للطاقة المتجددة في واشنطن وموسكو لعام 2030، ومن غير المتوقع أن يضع قادتهما السياسيون أي أهداف وفقا لتقرير مؤسسة إمبر. كما ظلت أهداف الطاقة النظيفة بالهند دون تغيير أيضا، لكن طموح البلاد لبناء 500 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 يتماشى بالفعل مع الهدف العالمي لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات، وفقا للتقرير. ويشير التقرير إلى أن فيتنام هي الدولة التي أبدت أكبر طموح في مجال الطاقة المتجددة منذ مؤتمر الأطراف الـ28، والتي تعهدت هذا العام بزيادة قدرتها الإنتاجية بمقدار 86 غيغاواط بحلول نهاية العقد، بينما وعدت أستراليا والبرازيل بزيادة إنتاجهما المحلي من الطاقة المتجددة بمقدار 18 و15 غيغاواط. كما حدّثت المملكة المتحدة خططها للطاقة المتجددة العام الماضي، مع تعهدها ببناء 7 غيغاواط إضافية من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، لتحقيق هدف حكومة حزب العمال المتمثل في إنشاء نظام كهرباء خالٍ تقريبا من الكربون. في حين يتوقع أن تنمو مصادر الطاقة المتجددة في كوريا الجنوبية بمقدار 9 غيغاواط بحلول عام 2030.

بحجم النانو.. طريقة جديدة تسرع الخطى نحو "الروبوتات المجهرية"
بحجم النانو.. طريقة جديدة تسرع الخطى نحو "الروبوتات المجهرية"

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

بحجم النانو.. طريقة جديدة تسرع الخطى نحو "الروبوتات المجهرية"

طوّر فريق من جامعة كولورادو بولدر الأميركية، طريقة جديدة تتيح تصنيع "جسيمات نشطة" بحجم النانو، وبخصائص دقيقة للغاية، يمكنها التحرك في أي مكان بما في ذلك أنسجة الجسم البشري، مما يمهد الطريق لتطبيقات مستقبلية واعدة في الطب والروبوتات الدقيقة والمواد الذكية. ويستخدم مصطلح "الإستنسل" في الحياة اليومية عند رسم غرافيتي بوضع قالب مُفرغ بشكل معين والرش فوقه، كما يستخدمه الأطفال لرسم الأشكال بجودة عالية عبر استخدام أوراق مفرغة والتلوين فوقها لتطبع الشكل الذي يرغبون فيه. هذا يشبه ما استخدمه الباحثون ولكن على المستوى المجهري تحت اسم "الميكروستنسل". تشرح كندرا كراينبرينك، الباحثة في برنامج علوم وهندسة المواد، جامعة كولورادو بولدر الأميركية، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "التقنية الجديدة التي عرضناها في دراستنا تتيح صناعة (الأجسام النشطة) البُقعية بأي شكل نريده، وبدقة غير مسبوقة، وذلك باستخدام أسلوب الطباعة المجهرية عبر فوتونين مع أقنعة إستنسل دقيقة". روبوتات أم ماذا؟ وبحسب الدراسة ، التي نشرها الفريق في دورية "نيتشر كومينيكيشنز"، فالجسيمات النشطة هي جسيمات صغيرة جدا، غالبا مجهرية أو نانوية، يمكنها التحرك ذاتيا باستخدام طاقة تتحصل عليها من البيئة المحيطة بها، مثل الضوء أو الحرارة أو مواد كيميائية أو غيرها. بعكس الجسيمات العادية التي تتحرك فقط إذا دُفعت من الخارج، فهذه الجسيمات "نشطة" لأنها تولّد الحركة بذاتها مستغلة بيئتها. تقول كندرا: "تتطلب الجسيمات النشطة وجود نوع من اللاتناظر كي تتحرك على المستوى الميكروسكوبي. ونُحدث هذا اللاتناظر في الشكل العام للجسيم أو عبر مناطق مختلفة في سطحه، عبر ما نسميه بالبقع". تخيّل قطرة صغيرة من الزيت في كوب ماء، هذه القطرة ستبقى ساكنة ما لم تحرّكها أنت. والآن تخيّل أن هذه القطرة مزودة بمحرك صغير في أحد طرفيها يجعلها تسبح من تلقاء نفسها، أو مكعب صغير طُبع عليه بقعة مغناطيسية، فيمكن توجيهه بمغناطيسات خارجية فيتحرك في أي اتجاه تريده عبر المغناطيس، ما يفعله المغناطيس هو دور البقع في حالة هذه الجسيمات الدقيقة. إن اعتماد الجسيمات النشطة على اللاتناظر في شكلها وتركيبها السطحي يمكّنها من الحركة بفعالية، وقد استخدم العلماء أشكالا مختلفة للجسيمات لعقود كما أضافوا بقعًا معدنية، إلا أن تقنيات تصنيع هذه البقع الدقيقة كانت محدودة في دقتها ومرونتها. منهج موحد لأنظمة متنوعة استخدم الفريق طابعة ضوئية فائقة الدقة تُسمى طابعة ثنائية الفوتون. هذه الطابعة ترسم جسيمات مجهرية صغيرة جدا على شكل كرة أو قرص أو حرف "ل" على سطح شفاف، حيث تطبع فوق كل جسيم قالبا أو قناعا صغيرا جدا والمسمى "إستنسل" مُفرغا بثقب صغير على شكل البقعة المطلوبة للطباعة. ثم يُرَشّ المعدن على السطح، فلا يصل إلى الجسيم إلا ما يمر عبر فتحة القالب أو الإستنسل. تقول كندرا: "الميزة الكبرى هي أنك تستطيع استخدام مجموعة متنوعة من المواد، سواء في الجسيم نفسه أو في البقعة بتغيير نوع المعدن أو المادة المستخدمة في التبخير الفيزيائي". أظهرت الدراسة قدرة هذه التقنية على التحكم في حركة الجسيمات بـ3 أنظمة مختلفة هي الحقول الكهربائية، والتفاعلات الكيميائية، والمجالات المغناطيسية، ما يجعلها أداة موحدة لابتكار جسيمات نشطة تناسب عدة تطبيقات. تضيف كندرا: "قبل هذه التقنية، لم نمتلك القدرة على دراسة كل أشكال البقع الممكنة، لذلك لم نكن نعلم أنواع الحركات التي يمكننا تحقيقها. الآن، وبفضل هذه التقنية، نستطيع دراسة تأثير كل نوع من البقع بشكل منهجي، وقد نكتشف قيودا جديدة مثل اتجاه الحقول الكهربائية أو خصائص البيئة التي قد تمنع بعض الحركات أو تُفضل غيرها". أحد الاكتشافات اللافتة في الدراسة هو أن شكل البقعة المعدنية يمكن أن يُغير تماما حركة الجسيم، فقد صنعت كندرا وزملاؤها جسيمات لها بقع على شكل "دمعة" أو "مروحة"، ووجدوا أن كل شكل يؤدي إلى نمط حركة لولبي مختلف عند تعريض الجسيم لحقل كهربائي متردد. وتوضح كندرا أهمية هذا قائلة: "أعتقد أن الخطوة الأولى هي أن نفهم كيف يؤثر شكل البقعة على حركة الجسيم ككل. لطالما كانت لدينا دراسات نظرية، لكن الآن أصبح بإمكاننا إجراء دراسات تجريبية دقيقة. وبعد الفهم الكامل، يمكننا تصميم جسيمات تتحرك بطرق تناسب البيئات المعقدة داخل الجسم، كأن تخترق الأنسجة أو المخاط أو تصل لأماكن يصعب إيصال الأدوية إليها حاليا". روبوتات مجهرية ذاتية التنظيم في خطوة أخرى، عرضت الدراسة تصميم جسيمات مغناطيسية على شكل حرف "L" مزودة ببقعة معدنية محددة على جانب واحد. عند تعرض هذه الجسيمات لمجال مغناطيسي موحد، تتجمع لتشكيل أزواج، مما يتيح لها أداء وظائف ميكانيكية دقيقة. تظهر هذه الجسيمات سلوكا يعرف بـ"الروبوتات المجهرية ذاتية التحديد"، حيث تتجمع وتفصل تلقائيًا بناء على تصميمها المغناطيسي. هذه القدرة على التجميع الذاتي والتحكم في الحركة تجعلها واعدة في تطبيقات مثل توصيل الأدوية داخل الجسم، حيث يمكنها التنقل في الأنسجة بدقة عالية. وتعلّق كندرا: "الميزة في هذا التصميم هي أنه يمنحنا سيطرة أكبر على عدد الروبوتات المجهرية الناتجة. ومن دون خاصية التحديد الذاتي، قد تتجمع الجسيمات بشكل عشوائي وغير محدود، مما يعيق التحكم في أدائها. أما مع التجمع الثنائي فقط، فلدينا نمط واضح يمكن توجيهه للحركة أو للالتقاط أو لأغراض أخرى". إن القدرة على تجميع عدد محدد من الجسيمات النشطة في شكل معين قد يتيح ابتكار وظائف لما نتخيل إمكانية فعلها على المستوى المجهري، كالإحاطة بشيء ما، أو الإمساك بجسم معين كأنك تمسكه بقبضتك أو تصطاده ولكن على المستوى المجهري. لكن التوسع من أزواج بسيطة إلى مجموعات أكثر تعقيدا ليس بالأمر السهل، حسب كندرا، إذ تقول: "التحدي الأكبر حاليا هو أنه لا توجد طريقة فعالة لتوجيه الجسيمات لتتجمع في ترتيب معين. فكلما أضفنا جسيمًا جديدًا، زادت فرص التجمعات العشوائية، وقلّت نسبة التجمعات التي نريدها فعلا. وإذا تمكنا من التحكم في ترتيب الجسيمات داخل التجمع، حينها يمكننا بناء روبوتات مجهرية تؤدي وظائف أكثر تعقيدا". الهدف من عمل تجمعات للأجسام النشطة التي تمت الإشارة إليها في الدراسة، هو تحقيق تفاعلات معينة أو أداء مهام معقدة بشكل أكثر دقة وكفاءة. وفي حالة الجسيمات المغناطيسية ذات الشكل "L" ، تتجمع هذه الأجسام لتشكيل أزواج أو مجموعات يمكنها تنفيذ وظائف مثل التوجيه والتحكم الذاتي (التحرك والتفاعل بشكل منظم مما يجعلها مثالية للروبوتات المجهرية القادرة على التنقل داخل الجسم أو بيئات معقدة، مثل توصيل الأدوية إلى أماكن معينة في الجسم أو استهداف خلايا مريضة، وهي مهام تتطلب تحكما دقيقا وتحفيزا معينا. كما أن التجمعات يمكن أن تُحسّن من قدرة الأجسام على التفاعل مع محيطها، مثل التواصل مع خلايا معينة أو استجابة لعوامل بيئية مثل درجة الحرارة أو الحقول الكهربائية. هذا التقدم لا يُشكل فقط طفرة تقنية، بل يخلق جسرًا جديدًا بين العلم الأساسي على المستوى المجهري والتطبيقات الواقعية، من روبوتات تسبح في الجسم لعلاج الأمراض، إلى نظم دقيقة لتنظيف المياه أو بناء المواد، كأننا نصنع آلافا من "الرجل النملة" الخارقين لخدمتنا.

الأردن والعراق وسوريا.. تحالف جيولوجي يكشف خبايا "الصفيحة العربية"
الأردن والعراق وسوريا.. تحالف جيولوجي يكشف خبايا "الصفيحة العربية"

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

الأردن والعراق وسوريا.. تحالف جيولوجي يكشف خبايا "الصفيحة العربية"

تخيل أن الأرض بحجم التفاحة، في هذه الحالة ستكون القشرة الأرضية بحجم قشرة التفاحة الرقيقة، لكنّ هناك اختلافا، فقشرة الأرض مقسمة إلى "صفائح تكتونية" متداخلة كما تتداخل قطع الأحجيات الورقية التي يطلب منك تجميعها للحصول على صورة جميلة. الصفائح التكتونية هي قطع ضخمة من صخور القشرة الأرضية تطفو فوق طبقة منصهرة جزئيا تُسمى "الوشاح". تتحرك هذه الصفائح ببطء بسبب تيارات حرارية في باطن الأرض، وقد تصطدم أو تبتعد أو تنزلق بجانب بعضها، وتسبب حركتها الزلازل والبراكين وتُشكّل الجبال والمحيطات على مدى ملايين السنين. ومن ضمن هذه الصفائح توجد "الصفيحة العربية"، ومن اسمها يتضح موضعها، فهي كتلة ضخمة من القشرة الأرضية تتحرك ببطء إلى الشمال الشرقي، وتشكل جزءا كبيرا من منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك شبه الجزيرة العربية والأردن وسوريا والعراق، ويؤدي تحركها وتفاعلها مع الصفائح المجاورة إلى نشوء ظواهر طبيعية مهمة مثل الزلازل، وتكون السلاسل الجبلية، كما تلعب دورا رئيسيا في تشكيل الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز في المنطقة. وخلال دراسة نشرت بدورية"مارين آند بيتروليوم جييولوجي"، اقتحم فريق بحثي دولي الصمت الظاهري لمناطق مهمة بتلك الصفيحة، وبتعاون بين علماء علوم السطح وباطن الأرض من السعودية والأردن وبريطانيا، قرأ العلماء لغة الطبقات والصخور والصدوع في باطن الأرض، ليتمكنوا من بناء نموذج زمني دقيق لطبقات الصخور الممتدة من أواخر العصر الطباشيري (أي منذ حوالي 100 إلى 66 مليون سنة) إلى الإيوسين (الذي بدأ قبل نحو 56 مليون سنة واستمر حتى حوالي 34 مليون سنة مضت). 4 أدوات تحليلية واستعان الباحثون في دراستهم بـ4 أدوات تحليلية، هي بيانات بيوستراتيغرافية "أعمار الأحافير"، ونسب الكربون والأكسجين والسترونشيوم، إلى جانب بيانات زلزالية وسجلات آبار النفط، لبناء هذا النموذج الذي أعاد كتابة تاريخ الصفيحة العربية. وتساعد البيانات البيوستراتيغرافية على دراسة توزع الأحافير وترتيبها داخل طبقات الصخور، حيث تستخدم أعمار الأحافير كدلائل زمنية تساعد العلماء على تحديد عمر الطبقات الصخرية ومقارنتها بين مناطق مختلفة، فالأحافير التي تعود إلى فترات زمنية معروفة تتيح معرفة متى تكونت كل طبقة صخرية، وهذا أمر مهم لبناء تسلسل زمني دقيق. أما نظائر الكربون والأكسجين والسترونشيوم، فهي طريقة تعتمد على تحليل النسب المختلفة لهذه النظائر داخل المعادن والصخور، ويعكس ذلك ظروف المناخ والبيئة التي سادت في تلك الفترات، كما يساعد في تحديد الفترات الزمنية بدقة، لأنها تتغير وفقا لمراحل زمنية محددة في التاريخ الجيولوجي، وبالتالي فإن تحليل هذه النسب يمكن أن يوفر توقيتًا دقيقًا لتغيرات الصخور عبر الزمن. وتتيح البيانات الزلزالية تسجيل الموجات الزلزالية التي تمر عبر الأرض بعد توليدها بواسطة مصادر اصطناعية أو طبيعية، ويساعد ذلك في تكوين صور ثلاثية الأبعاد لتركيب الأرض تحت السطح، وتحديد مواقع طبقات الصخور والصدوع والتجاويف، مما يساعد في فهم البنية الجيولوجية تحت سطح الأرض بشكل دقيق. وأخيرا، فإن بيانات سجلات آبار النفط تُجمع من خلال أجهزة قياس توضع داخل آبار النفط والغاز، وتقيس خصائص الصخور مثل كثافتها وتركيبتها المعدنية وخصائصها الفيزيائية والكيميائية، وهذه المعلومات تساعد في تعميق فهم التكوينات الصخرية والطبقات الجيولوجية. ماذا وجد الباحثون؟ وباستخدام هذه الأدوات التحليلية، توصل الباحثون إلى أن الأردن، قبل نحو 95 إلى 90 مليون سنة، وتحديدا خلال المرحلة الوسطى من العصر الطباشيري، شهد فترة من الهدوء التكتوني النسبي، وخلال تلك المرحلة بدأت طبقات الصخور الرسوبية تترسب بهدوء، وكانت سماكتها تزداد تدريجيا كلما اتجهنا شمالا وشمال غرب البلاد. لكن هذا الاستقرار لم يدم طويلا، فمع نهاية تلك المرحلة الهادئة، وتحديدا في الفترة الواقعة بين نهاية المرحلة الوسطى وبداية المرحلة المتأخرة من العصر الطباشيري، أي قبل نحو 89 إلى 83 مليون سنة، تعير المشهد الجيولوجي بشكل جذري، حيث بدأت الأرض في التشقق والتمدد، وظهر ما يعرف اليوم بمنخفض "الأزرق-حمزة" في شرق الأردن، وهو صدع ضخم يمتد من شمال غربي البلاد حتى جنوب شرقها، ليصل إلى وادي السرحان داخل الأراضي السعودية. وتقدر الإزاحة الرأسية للصخور داخل هذا المنخفض بحوالي 1800 متر، مما يعد رقما مذهلا يدل على قوة وشدة الحركات الأرضية التي شهدتها المنطقة في ذلك الزمن الجيولوجي العنيف. ويوضح الباحثون في دراستهم أن "هذا المنخفض ليس فقط مفتاحا لفهم تاريخ الأردن التكتوني، بل هو جزء من منظومة متصلة تشمل منخفض الفرات في سوريا وسنجار في العراق، فهذه البُنى تمتد كأنها صدع طويل يروي قصة تشوه الصفيحة العربية من الأطراف إلى القلب". تشابك المصاير التكتونية وما حدث في الأردن وسوريا والعراق ليس بمعزل عن أماكن أبعد، كعُمان وإيران، وهذا ما كشفت عنه هذه الدراسة أيضا. فبينما كانت منطقة الأزرق في شرق الأردن تشهد حركة تمدد للقشرة الأرضية، أي إن الصخور كانت تتباعد وتتشقق نتيجة لقوى داخلية، كانت المنطقة الواقعة إلى الشرق، وتحديدا إيران وعُمان، تمر بعكس ذلك تماما، وهو ضغط شديد أدى إلى تصادم صفائح قارية ضخمة. ووفقا للدراسة، فإنه في تلك الفترة من العصر الطباشيري بدأت "الصفيحة العربية" تتحرك ببطء نحو الشمال الشرقي، حتى اصطدمت مع "الصفيحة الأوراسية" التي تحمل مناطق مثل إيران وأجزاء من آسيا. وهذا التصادم العملاق أدى إلى ما يُعرف جيولوجيا بظاهرة "الطمر والانزلاق القاري"، وهي عملية تندفع فيها إحدى الصفائح تحت الأخرى، ونتيجة لهذا الاصطدام والانزلاق تشكلت سلاسل جبلية شاهقة مثل جبال زاغروس في إيران، كما تكونت أحواض رسوبية ضخمة، وهي مناطق انخفض فيها سطح الأرض وتجمعت فيها كميات هائلة من الطين والرواسب العضوية، فأدى ذلك لاحقا إلى تشكيل احتياطيات ضخمة من النفط والفوسفات. من المعرفة إلى الوقاية ويقول الدكتور شريف الهادي رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر -لم يشارك بالدراسة- للجزيرة نت: "نستطيع أن نقول باختصار إن ما حدث في الأردن من تمدد جيولوجي كان جزءا من لوحة تكتونية أوسع، فيها مناطق تتوسع وأخرى تنضغط في آن واحد، وكل ذلك نتيجة حركة الصفائح الأرضية الكبرى التي لا تزال تشكل ملامح كوكبنا حتى اليوم". والدراسة بهذه النتيجة ليست مجرد بحث في الماضي، بل هي خريطة لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، سواء من حيث استثمار الثروات، أو الحد من المخاطر الطبيعية، كما يوضح الدكتور الهادي. ويضيف أن "فهم كيف وأين تشكلت أحواض الرسوبيات الغنية بالنفط والغاز والفوسفات، ومعرفة أن حركات الطمر والانزلاق أدت إلى تشكل هذه الأحواض، يمكّن فرق التنقيب من استخدام هذه المعرفة لتحديد المناطق الواعدة للاستخراج، ومن ثم يوفر الوقت والمال في أعمال الحفر والمسح الجيولوجي". ويوضح "كما أن فهم كيف تكونت الصدوع مثل صدع (الأزرق-حمزة) يساعد العلماء والمهندسين على تحديد المناطق الأكثر عرضة للزلازل والهزات الأرضية، وهذا مهم لتخطيط المدن، وتصميم المباني والبنية التحتية لتكون أكثر أمانًا في المستقبل". وتسجل تلك المنطقة زلازل ذات طاقة منخفضة نسبيا، إلا أن ازدياد وتيرتها في الفترة الأخيرة، حتى إن لم يشعر بها السكان، يعتبره العلماء "إنذارا صامتا" يشير إلى أن الصخور تُعيد ترتيب نفسها ببطء، وأن الطاقة التكتونية تتراكم، وقد تنفجر في زلزال ضخم مثل زلزال حلب عام 1138 أو زلزال البحر الميت عام 1927. ولأن الهزات الكبرى قد تسبقها زلازل خفيفة، بدأت مراكز الرصد الجيولوجي في الدول الثلاث بالعمل على نماذج تنبئية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الزلازل الصغيرة، واستشراف احتمالات وقوع زلازل أكبر في المستقبل، ومثل هذه الدراسات تساعد في بناء تلك النماذج، كما يؤكد الدكتور الهادي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store