
كيف أثر تيك توك سلبًا في فهم بعض الأمراض النفسية؟
شهد تطبيق (تيك توك) في الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا لمحتوى يتعلق ببعض الأمراض النفسية، ومنها: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، الذي أصبح أحد الموضوعات الرائجة التي تجذب ملايين المشاهدات، ولكن تبين أن جزءًا كبيرًا من هذا المحتوى مضلل ويفتقر إلى الدقة، إذ لا يتوافق مع الحقائق العلمية والمعايير الطبية المعتمدة.
فقد أظهرت دراسة حديثة نُشرت في دورية (PLOS One) أن أكثر من نصف الادعاءات المتعلقة بأعراض باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمطروحة في مقاطع الفيديو الشائعة عبر تطبيق تيك توك لا تتوافق مع معايير التشخيص السريري لهذا الاضطراب أو توصيات العلاج المهني المعتمدة. ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق؛ هو أن الدراسة وجدت أن حتى المشاركين الذين شُخصوا سابقًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واجهوا صعوبة في التمييز بين المعلومات الموثوقة والمضللة.
كما كشفت الدراسة أن نحو نصف صناع المحتوى الذين حُللت مقاطع الفيديو الخاصة بهم عبر تيك توك كانوا يستخدمون التطبيق للترويج لمنتجات، مثل ألعاب (fidget spinners) للتخلص من الملل، أو خدمات مثل جلسات للتدريب على التعامل مع أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه دون أن يكون أي منهم متخصصًا مرخصًا في مجال الصحة النفسية.
وتسلط هذه النتيجة الضوء على مشكلة عميقة تتعلق بجودة المعلومات التي يتلقاها المستخدمون، خاصة الشباب الذين يشكلون الجزء الأكبر من جمهور التطبيق.
وفي هذا الصدد؛ علقت فاسيليا كاراسافا، طالبة الدكتوراه في علم النفس السريري في جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر والمؤلفة الرئيسية للدراسة، على هذه النتائج قائلة: 'إن غياب التفاصيل الدقيقة في مقاطع الفيديو أمر مثير للقلق، فعلى سبيل المثال، عندما يتحدث صناع المحتوى عن صعوبة التركيز، فإنهم غالبًا ما يتجاهلون حقيقة أن هذا العرض ليس خاصًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل قد يكون أيضًا عرضًا لاضطرابات نفسية أخرى، مثل الاكتئاب أو القلق'.
منصات التواصل الاجتماعي والصحة النفسية.. بين التوعية والتضليل:
ساهم انتشار منصات التواصل الاجتماعي في زيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالصحة النفسية، بما يشمل: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، وهو اضطراب عصبي سلوك يؤثر بنحو كبير في الانتباه والنشاط الحركي والاندفاعية، وتشير التقديرات الحالية إلى أن نسبة تترواح بين 3% و7% من البالغين حول العالم شُخصوا بهذا الاضطراب.
وتتميز منصات التواصل الاجتماعي بتركيزها في تجارب الأفراد الذين يعانون هذه الاضطرابات بنحو مباشر، إذ تتيح هذه المنصات للأفراد الذين يعانون مشاكل الصحة النفسية مشاركة تجاربهم الشخصية مع الآخرين، مما قد يساهم في تقليل الوصمة الاجتماعية وزيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية المنتشرة، وهذا يختلف عن المصادر التقليدية للتثقيف النفسي، التي غالبًا ما تعتمد على المعلومات النظرية.
ومع ذلك، فإن غياب الرقابة الفعالة على جودة المحتوى المتداول عبر هذه المنصات يزيد بنحو كبير من خطر انتشار المعلومات المضللة، التي قد تؤدي إلى تشخيص غير صحيح أو تبني أساليب علاج غير مناسبة.
لقد شهد تطبيق نموًا ضخمًا خلال السنوات الخمس الماضية، إذ يقضي أكثر من 50 مليون مستخدم نشط يوميًا ما يزيد على ساعة في تصفح محتواه، وتؤكد الإحصائيات مدى تأثير تيك توك في سلوكيات البحث عن المعلومات، إذ كشف استطلاع حديث أن اثنين من كل خمسة أمريكيين يفضلون تيك توك على محركات البحث التقليدية الأخرى، بما يشمل جوجل، وخاصة بين الجيل زد وجيل الألفية، إذ بلغت نسبة التفضيل لديهم 64% و49% على التوالي.
ويوفر تيك توك بيئة تفاعلية يبحث فيها المستخدمون عن معلومات حول الصحة النفسية، ويشاركون تجاربهم الشخصية، ويتواصلون مع الآخرين الذين يعانون حالات مماثلة. وفي الواقع، يُعدّ محتوى الصحة النفسية، وخاصة مقاطع الفيديو المتعلقة بالتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من بين أكثر 10 علامات هاشتاج متعلقة بالصحة مشاهدة عبر التطبيق.
ومع ذلك، من الضروري التأكيد أن منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك ليست مصممة لتوفير تثقيف نفسي فعال لمستخدميها، بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب آليات التحقق من الحقائق الموجودة في المحتوى المتداول عبر هذه المنصات يزيد من خطر نشر معلومات غير دقيقة أو مضللة.
وقد كشفت دراسة حديثة عن مدى خطورة هذه المشكلة، إذ تبين أن نسبة تبلغ 41% من أكثر مقاطع الفيديو شعبية عبر تيك توك التي تقدم تثقيفًا نفسيًا حول التوحد كانت غير دقيقة، وأن نسبة تبلغ 32% منها تضمنت مبالغات وتشويهًا للحقائق.
تفاصيل الدراسة الحديثة ونتائجها:
هدفت الدراسة الحديثة التي أجراها الباحثون في جامعة كولومبيا البريطانية إلى تقييم دقة المعلومات المتوفرة حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) عبر تطبيق تيك توك، بالإضافة إلى تحليل تأثير هذا المحتوى في تصورات المشاهدين لهذا الاضطراب النفسي.
وقد قُسمت الدراسة إلى جزأين رئيسيين، وهما:
الجزء الأول: ركز في تحليل خصائص المحتوى الشائع حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وتقييم مدى توافق هذا المحتوى مع معايير التشخيص السريري وتوصيات العلاج التي يقدمها متخصصو الصحة النفسية.
الجزء الثاني: ركز في فهم تصورات الشباب – المصابين وغير المصابين بالاضطراب – لمحتوى تيك توك المتعلق بالاضطراب، وتقييم علماء النفس لهذا المحتوى، وتأثير هذا المحتوى في تصورات المستخدمين للاضطراب.
وقد شارك في الدراسة مجموعة متنوعة من الأفراد، الذين قدموا معلومات حول تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو حول اعتقادهم بعدم تشخيصهم بهذا الاضطراب، كما جُمعت بيانات ديموغرافية وتاريخ التشخيص والأعراض من المشاركين. وبعد عملية فحص أولية، قُسم المشاركين إلى ثلاث مجموعات:
وكُلف كل مشارك بمشاهدة خمسة من أفضل مقاطع الفيديو حول الاضطراب وخمسة من أسوأها عبر تيك توك، وبعد ذلك، طُلب من المشاركين تقييم مقاطع الفيديو بناءً على الدرجة التي منحها لها علماء النفس. كما أتيحت للمشاركين فرصة مشاهدة مقاطع الفيديو التي قدمها علماء النفس في الجزء الأول من الدراسة، والتي توضح أسباب حصول بعض المقاطع على درجات أعلى من غيرها، أو تجنبها، وبعد مشاهدة مقاطع فيديو الخبراء، طُلب من المشاركين تقييم محتوى تيك توك مرة أخرى، والإبلاغ عن أي تغييرات حدثت في تصوراتهم.
وقد كشفت الدراسة عن نتائج مثيرة للاهتمام، إذ تبين أن أكثر من 52% من مقاطع الفيديو التي تدعي وصف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانت تفتقر إلى الدقة، وتتضمن معلومات عامة قد تنطبق على تجارب إنسانية طبيعية. ويشير ذلك إلى أن بعض صناع المحتوى عبر تيك توك يفضلون الوصول إلى جمهور واسع على حساب تقديم معلومات دقيقة ومتخصصة.
كما تبين أن المشاركين الذين شخصوا أنفسهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانوا يشاهدون محتوى تيك توك المتعلق بهذا الاضطراب بنحو متكرر أكثر من غير المصابين. وقد يعزى ذلك إلى شعورهم بأن هذا المحتوى وثيق الصلة بحياتهم، أو إلى خوارزميات تيك توك التي ترشح المحتوى بناءً على اهتمامات المستخدمين.
وقد أكد علماء النفس انخفاض دقة المعلومات في مقاطع فيديو تيك توك، وهو ما يتوافق مع تقارير سابقة من متخصصي الصحة النفسية الذين يُعدّون هذا المحتوى مضللًا.
وأعربت فاسيليا كاراسافا، عن قلقها بشأن تأثير المعلومات المضللة عبر تيك توك في الشباب، قائلة: ' آخر ما نريده هو تثبيط الناس عن التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم، أو عن البحث عن مجتمعات داعمة عبر الإنترنت. ولكن في الوقت نفسه، هناك خطر حقيقي من أن يقوم الأفراد بتشخيص أنفسهم بحالات لا تنطبق عليهم، ومن ثم يحرمون أنفسهم من الحصول على المساعدة التي يحتاجونها فعليًا'.
وتتوافق نتائج هذه الدراسة الحديثة مع نتائج دراسة سابقة أجريت في عام 2022، وقد حللت أيضًا 100 مقطع فيديو شائع عبر تيك توك حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ووجدت أن نصفها يحتوي على معلومات مضللة.
وعلق ستيفن بي. هينشو، أستاذ علم النفس وخبير اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، الذي لم يشارك في أي من الدراستين، على هذه النتائج قائلًا: 'البيانات مثيرة للقلق للغاية، لأن المواضيع المطروحة في مقاطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي قد تجد صدى لدى العديد من المشاهدين، ولكن التشخيص الدقيق يتطلب الوصول إلى متخصصين، وتخصيص الوقت الكافي، وتكبد تكاليف مالية'.
ويؤكد ذلك أهمية الحصول على تشخيص في الحالات النفسية من متخصصين مؤهلين، وعدم الاعتماد على المعلومات المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي
تأثير المحتوى في الوعي العام:
حذر الباحثون من أن الشباب الذين يتابعون مقاطع الفيديو المتداولة بكثرة عبر تطبيق تيك توك يصبحون أكثر عرضة للمبالغة في تقدير أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل قد يوصون بمحتوى غير دقيق للآخرين، وأكد الخبراء ضرورة أن يشارك المتخصصون في الصحة النفسية في هذه النقاشات عبر منصات التواصل الاجتماعي، لضمان وصول مصادر موثوقة ومبنية على الأدلة إلى الجمهور.
ويتضح أن حجم المعلومات المغلوطة ليس أمرًا عشوائيًا، بل مرتبطًا بطبيعة المحتوى المنشور، فقد كشفت الدراسة أن نحو نصف مقدمي المحتوى الذي حُلل في الدراسة كانوا يستخدمون تيك توك للترويج لمنتجات مثل ألعاب مثل (fidget spinners) أو خدمات للتدريب على التعامل مع أعراض الاضطراب، واللافت أن أيًا منهم لم يكن من المختصين المرخصين في مجال الصحة النفسية، مما يثير تساؤلات حول مصداقية المعلومات التي يقدمونها.
توصيات للمستخدمين:
توخي الحذر: كن حذرًا عند استهلاك المحتوى المتعلق بالصحة النفسية عبر تطبيق تيك توك أو أي تطبيق تواصل اجتماعي أخرى.
التحقق من المصادر: تحقق من مصداقية المعلومات من مصادر موثوقة، مثل: المواقع الإلكترونية للمؤسسات الطبية المعتمدة.
استشارة المتخصصين: استشر متخصصًا في الصحة النفسية للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.
المشاركة الواعية: إذا كنت مصابًا باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، شارك تجاربك بوعي ومسؤولية، مع الحرص على استشارة المتخصصين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ 5 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!
#سواليف تظهر دراسة جديدة أن استخدام #الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي قد يزيد من #خطر إصابتهم بالاكتئاب خلال سنوات المراهقة. فبعد سنوات من الجدل حول العلاقة بين #الصحة النفسية واستخدام منصات مثل 'تيك توك' و'إنستغرام'، وجدت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أن كثرة استخدام #الأطفال لهذه المنصات قد تساهم فعلا في تفاقم أعراض #الاكتئاب لديهم. وفي الدراسة، تابع الباحثون بيانات 11876 طفلا أمريكيا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاما تقريبا، على مدى 3 سنوات، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون بالاكتئاب هم أكثر ميلا لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاحقا، أو العكس. وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين عانوا من أعراض اكتئاب في سن 9 أو 10 لم يكونوا أكثر استخداما لمواقع التواصل عند بلوغهم 13 عاما مقارنة بغيرهم، ما يضعف الفرضية السابقة القائلة إن الأطفال 'غير السعداء' ينجذبون أكثر إلى هذه المنصات. لكن المفاجأة كانت أن الأطفال الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف في سن 12 و13 عاما، هم من أظهروا أعلى معدلات الاكتئاب لاحقا، ما يشير إلى احتمال وجود علاقة سببية بين الاستخدام الكثيف وظهور أعراض الاكتئاب. ووفقا للدراسة، ارتفع متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه الأطفال على مواقع التواصل من 7 دقائق فقط في سن التاسعة إلى أكثر من ساعة مع بلوغهم سن المراهقة المبكرة. ورجّح فريق البحث أن تكون أسباب هذا التأثير السلبي مرتبطة بعوامل مثل التنمر الإلكتروني وقلة النوم، واللذان ارتبطا سابقا بزيادة معدلات الاكتئاب بين المراهقين. وفي سياق متصل، أظهرت دراسات سابقة أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني بين سن 11 و12 يكونون أكثر عرضة لمحاولة الانتحار بمعدل 2.5 مرة خلال عام واحد مقارنة بغيرهم. ويقول الباحثون إن مواقع التواصل الاجتماعي، رغم آثارها المحتملة السلبية، لا تزال الوسيلة الأساسية التي يستخدمها الأطفال للتفاعل مع أقرانهم، ما يعقّد جهود تقنين استخدامها أو الحد منه. وقال الدكتور جيسون ناغاتا، أخصائي طب الأطفال وقائد فريق البحث: 'بصفتي أبا لطفلين، أدرك أن مجرد قول 'ابتعد عن هاتفك' لا ينجح، لكن يمكن للأهالي وضع ضوابط تساعد على تقليل الأثر النفسي السلبي، مثل تخصيص أوقات خالية من الشاشات أثناء الوجبات أو قبل النوم، وإجراء حوارات مفتوحة وغير حكمية حول الاستخدام الرقمي'. ومن جانب آخر، شكك خبراء بريطانيون في نتائج الدراسة. وقال البروفيسور كريس فيرغسون، أستاذ علم النفس بجامعة ستيتسون في فلوريدا، إن 'العلاقة بين استخدام مواقع التواصل والاكتئاب، وفق الدراسة، ضعيفة جدا، وحجم التأثير ضئيل للغاية وقد يكون ناتجا عن ضوضاء إحصائية'. وقد أقر الباحثون بوجود بعض القيود في الدراسة، أبرزها اعتمادهم على صدق الأطفال في الإبلاغ عن عاداتهم الرقمية، إضافة إلى غياب تحليل تفصيلي لكيفية تأثير نوع الجهاز أو توقيت الاستخدام على الحالة النفسية.


سواليف احمد الزعبي
منذ 10 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
تحذير طبي ترند أثناء النوم يهدد حياة الملايين
#سواليف حذرت #دراسة_حديثة من #المخاطر_الصحية_الجسيمة التي قد تنتج عن ترند وضع #شريط_لاصق على #الفم #أثناء_النوم المنتشر على منصات مثل 'تيك توك' و'إنستغرام'. وتتمثل هذه الممارسة في إغلاق الفم بواسطة شريط لاصق خلال النوم لفرض التنفس عبر الأنف فقط. وقد تعددت الادعاءات حول فوائدها ما بين تحسين جودة النوم، تعزيز صحة الفم والأسنان، نحت منطقة الفك، وحتى تأخير علامات الشيخوخة. ودفعت هذه الادعاءات فريقا بحثيا متخصصا من معهد لوسون للأبحاث ومعهد أبحاث العلوم الصحية في لندن، بالتعاون مع كلية شوليتش للطب وطب الأسنان بجامعة ويسترن، إلى فحص دقيق للأدلة العلمية المتاحة، حيث تمت مراجعة 86 دراسة في هذا المجال، مع تحليل متعمق لـ 10 دراسات شملت 213 مشاركا. وكانت النتيجة صادمة: لا يوجد أي دليل علمي قوي يدعم هذه الادعاءات، بل على العكس، فقد بينت النتائج أن هذه الممارسة قد تؤدي إلى تفاقم مشاكل التنفس المرتبطة بالنوم. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور براين روتنبرغ، الباحث الرئيسي في الدراسة وأخصائي الأنف والأذن والحنجرة، أن ما يثير القلق هو ترويج هذه الممارسة من قبل مشاهير ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي دون أي سند علمي. وأضاف: 'عندما بدأنا نرى هذه الظاهرة تنتشر، شعرنا بأن الأمر يستحق البحث، خاصة مع غياب الأدلة الطبية التي تدعمه'. وتكمن الخطورة الرئيسية في أن إغلاق الفم أثناء النوم قد يحول دون تدفق الهواء بشكل كاف، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس النومي غير المشخص، وهي حالة يتوقف فيها التنفس بشكل متكرر أثناء النوم. وقد حذر الأطباء من أن هذه الممارسة قد تزيد من حدة الأعراض وتؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويرتبط انتشار هذه الموضة بظاهرة أوسع تعرف بـ 'تحسين المظهر' (أو looksmaxxing)، حيث يسعى الأفراد إلى تحسين مظهرهم الخارجي عبر وسائل متطرفة أحيانا. وفي هذا الإطار، يتم الترويج لوضع لصق على الفم كحل سحري لمشكلة 'وجه متنفس الفم'، وهي فكرة غير مثبتة علميا تزعم أن التنفس عبر الفم يؤدي إلى تغيرات غير مرغوبة في شكل الوجه. ويؤكد الخبراء على أهمية التمييز بين الموضات العابرة والتوصيات الطبية المدعومة بالأدلة العلمية. وينصحون أي شخص يعاني من مشاكل في النوم أو التنفس بمراجعة الطبيب المختص بدلا من اللجوء إلى حلول غير مدروسة قد تعرض صحتهم للخطر. وتؤكد نتائج هذه الدراسة أن صحة الجهاز التنفسي ليست مجالا للتجارب أو الموضات، وأن أي تدخل يؤثر على عملية التنفس الأساسية يجب أن يكون تحت إشراف طبي دقيق، خاصة أن عواقب الأخطاء في هذا المجال قد تكون وخيمة ولا رجعة فيها.


أخبارنا
منذ 18 ساعات
- أخبارنا
دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!
أخبارنا : تظهر دراسة جديدة أن استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي قد يزيد من خطر إصابتهم بالاكتئاب خلال سنوات المراهقة. فبعد سنوات من الجدل حول العلاقة بين الصحة النفسية واستخدام منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، وجدت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أن كثرة استخدام الأطفال لهذه المنصات قد تساهم فعلا في تفاقم أعراض الاكتئاب لديهم. وفي الدراسة، تابع الباحثون بيانات 11876 طفلا أمريكيا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاما تقريبا، على مدى 3 سنوات، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون بالاكتئاب هم أكثر ميلا لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاحقا، أو العكس. وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين عانوا من أعراض اكتئاب في سن 9 أو 10 لم يكونوا أكثر استخداما لمواقع التواصل عند بلوغهم 13 عاما مقارنة بغيرهم، ما يضعف الفرضية السابقة القائلة إن الأطفال "غير السعداء" ينجذبون أكثر إلى هذه المنصات. لكن المفاجأة كانت أن الأطفال الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف في سن 12 و13 عاما، هم من أظهروا أعلى معدلات الاكتئاب لاحقا، ما يشير إلى احتمال وجود علاقة سببية بين الاستخدام الكثيف وظهور أعراض الاكتئاب. ووفقا للدراسة، ارتفع متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه الأطفال على مواقع التواصل من 7 دقائق فقط في سن التاسعة إلى أكثر من ساعة مع بلوغهم سن المراهقة المبكرة. ورجّح فريق البحث أن تكون أسباب هذا التأثير السلبي مرتبطة بعوامل مثل التنمر الإلكتروني وقلة النوم، واللذان ارتبطا سابقا بزيادة معدلات الاكتئاب بين المراهقين. وفي سياق متصل، أظهرت دراسات سابقة أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني بين سن 11 و12 يكونون أكثر عرضة لمحاولة الانتحار بمعدل 2.5 مرة خلال عام واحد مقارنة بغيرهم. ويقول الباحثون إن مواقع التواصل الاجتماعي، رغم آثارها المحتملة السلبية، لا تزال الوسيلة الأساسية التي يستخدمها الأطفال للتفاعل مع أقرانهم، ما يعقّد جهود تقنين استخدامها أو الحد منه. وقال الدكتور جيسون ناغاتا، أخصائي طب الأطفال وقائد فريق البحث: "بصفتي أبا لطفلين، أدرك أن مجرد قول "ابتعد عن هاتفك" لا ينجح، لكن يمكن للأهالي وضع ضوابط تساعد على تقليل الأثر النفسي السلبي، مثل تخصيص أوقات خالية من الشاشات أثناء الوجبات أو قبل النوم، وإجراء حوارات مفتوحة وغير حكمية حول الاستخدام الرقمي". ومن جانب آخر، شكك خبراء بريطانيون في نتائج الدراسة. وقال البروفيسور كريس فيرغسون، أستاذ علم النفس بجامعة ستيتسون في فلوريدا، إن "العلاقة بين استخدام مواقع التواصل والاكتئاب، وفق الدراسة، ضعيفة جدا، وحجم التأثير ضئيل للغاية وقد يكون ناتجا عن ضوضاء إحصائية". وقد أقر الباحثون بوجود بعض القيود في الدراسة، أبرزها اعتمادهم على صدق الأطفال في الإبلاغ عن عاداتهم الرقمية، إضافة إلى غياب تحليل تفصيلي لكيفية تأثير نوع الجهاز أو توقيت الاستخدام على الحالة النفسية. نشرت الدراسة في المجلة الإلكترونية Jama Network Open.