logo
محمد أديب العامري علم من أعلام فلسطين صاحب عنفوان

محمد أديب العامري علم من أعلام فلسطين صاحب عنفوان

عمون٠٢-٠٥-٢٠٢٥

في مدينة «الساحل الوضاء» يافا الفلسطينية رأى النور عام 1907 مناضل منذ يفوعته. اكتفى بدراسته الجامعية الاولى في الجامعة الامريكية ببيروت حيث نال درجة البكالوريوس في العلوم. ولم يكن هذا الاكتفاء عن قًلىً منه لمواصلة الدراسة، بل لظروف عائلية خاصة مر بها. ومع ذلك بقي محمد أديب العامري كسوبا للثقافة والمعرفة. وقد استطاع ان يعوض عن انقطاعه الدراسي رغم شغفه بالدراسة، بدراسة الحقوق فيما بعد في معهد الحقوق الفلسطيني بالقدس لينال دبلوم الحقوق الذي كان يبيح لحامله ممارسة مهنة المحاماة.
امتد نشاط محمد أديب العامري الى كثير من المجالات الثقافية وغير الثقافية. حارب الاستعمار البريطاني والصهيوني منذ كان على مقاعد الدراسة، ترأس الكثير من المؤتمرات الوطنية التي نددت بالسياسة الاستعمارية في وطنه فلسطين. وفي عام 1929 حين اندلعت ثورة عارمة في فلسطين سميت بثورة البراق اصدر المستعمر اوامره باعتقال هذا المناضل الشاب آنذاك، مما اضطره للجوء الى الاردن. وفي الاردن ظل العامري مشدوداً الى مسقط رأسه. حرّ في نفسه ان تغدو ارض النبوات «فلسطين» مرتعاً لشداد الافاق من الصهاينة الذين تطاولت افتراءاتهم على هذه الارض الطاهرة فزعموا - وهم كاذبون - انها «ارض الميعاد» التي خص بها الله الاسرائيليين يسخر هذا الباحث من تلك المزاعم الكاذبة.
وحتى يرد بموضوعية على هذه المزاعم الخبيثة راح العامري يوقف «عروبة» فلسطين وزهرة المدائن «القدس» معتمداً على الوثائق والحفريات التي تؤكد عروبة هذه البلاد. وفي توثيقه يسوق ما ذكره مؤرخون قدماء أجلاء منهم برستد الذي يذكر «ان العبرانيين حين دخلوا فلسطين وجدوا فيها الكنعانيين يقيمون في مدن زاهرة تطوقها الأسوار الضخمة فلم يستطيعوا ان يفتحوا منها الا المدن الضعيفة، حتى اورشليم (القدس) هزأت بحملات مهاجميها العبرانيين بضعة قرون. (برستد ص 155 Kenyon, Argh, in The Holg lans, P. 702 ثم انظر «محمد أديب العامري» عروبة فلسطين في التاريخ ص 123 منشورات المكتبة العصرية – بيروت)
ويقارن هذا الباحث بين الهجوم البربري القديم على فلسطين التي كان يسكنها اليبوسيون الفلسطينيون والذين ظلوا صامدين على ارضهم رغم استيلاء العبرانيين انذاك على بعض اجزاء من فلسطين، وبين «الاساليب الهمجية» التي اتبعها الاسرائيليون في احتلال فلسطين اليوم بمساعدة الامبريالية العالمية وفي توثيقه العلمي يشير هذا الباحث «ان الوثائق الاثرية الحديثة والدراسات تدل علي ان العبرانيين المذكورين في التوراة هم جماعة من «العبيرو» Habiro وان نسبة الجنس السامي يهم ضئيلة. (المرجع السابق ص 126)
ويستمر في استعراضه لأقوال بعض المؤرخين الأجانب التي تدحض مزاعم الاسرائيليين او اليهود، فيقف عند قول جون برايت من ان العبرانيين يتألفون عن عناصر ذات اصول مختلفة للغاية. أما نوث فيقول «ان اليهود ظاهرة فريدة بين الامم التاريخية الاخرى، وانه لا يمكن اطلاق معنى الامة عليهم، وانهم يرجعون الى اصول متنوعة جداً. وهو يوحد ما بين العبرانيين و«العبيرو» و«العبيرو» وفق ما يشير اليه بعض الباحثين ومنهم د. كنيون «لا يمكن الاعتراف بهم كجماعة تنتسب الى جنس (عرق) واحد لأننا لا نرى لهم اسماء خاصة تدل عليهم». (المرجع السابق ص 127)
قلت ان محمد أديب العامري تناول نشاطه الفكري مجالات مختلفة لم يغب عنها النشاط الادبي، ففي كتابه «شعاع النور» نعثر فيما نعثر على بعض القصص القصيرة: قصة (فقير) وقصة (بين الحرمين) وقصة (صوم دائم) و(شعاع النور).
وقد وصف الاستاذ د. هاشم ياغي هذه الأقاصيص بأنها «رومانسية رشيقة وبارعة تطفح بالاتجاه الايجابي». (د. هاشم ياغي - محمد أديب العامري» نشرته رابطة الكتاب الاردنيين 1979 ص 18)
وقد أصاب د. هاشم ياغي حين لم «أبعاداً طبعية اجتماعية فسيحة في هذه الأقاصيص».
ولعلنا نلحظ هذا «الملح» اول ما نلحظه من عناوين هذه القصص «فقير» «صوم دائم «ثراء وشرف». «شعاع النور». ففي قصة «شعاع النور» نلحظ هذا الحس الطبقي واضحا من خلال الحوار الذي يدور بين «جميلة» وأمها.
«... وكانت تجلس الى جوار ابنتها جميلة ي سكون آخر ذلك النهار حين شقت الابنة ذلك السكون قالت: أليس الافضل ان نموت يا أماه؟
- لم يا ابنتي، لماذا تتحدثين هكذا؟ سمعتك تقولين ذلك مرة من قبل. ألا يجب ان نعيش يا ابنتي. ألا نستحق الحياة؟ (شعاعا النور: ص 38)
وكما نرى فتساؤل الأم يدل على «التفاؤل» رغم نكد الحياة الذي تعيشه مع ابنته الوحيدة وهو يتفاءل «تؤكده مسيرة هذا المثقف والباحث محمد أديب العامري. ومن خلال قراءتنا لهذه القصص على قلتها نكتشف -وكما لاحظ د. هاشم ياغي- انها جميعها «كأنها فصول من قصة واسعة في الحياة».
أما عن المجالات الاخرى التي عمل العامري فيها، فهي متعددة ، فمن مدير للاذاعة الاردنية الى وكيل لوزارة الانشاء والتعمير، الي رئيس لديوان الموظفين لدى انشائه عام 1955، وبعد نكسة 1967 عُين وزيرا للخارجية ورئيس وفد الاردن الى دورة الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة ثم سفيرا للأردن في الجمهورية العربية المتحدة 1968، ثم وزيرا للتربية والتعليم فوزيرا للثقافة والاعلام الى ان استقال من العمل الوزاري عام 1969 ليعكف على الكتابة والتأليف. أما موته فله قصة. فقد مات في تشيكوسلوفاكيا في كانون الثاني عام 1978 وهو يشارك في مؤتمر دعاه اليه الكتاب التشيكيون لتوثيق العلاقة مع رابطة الكتابة الاردنيين وقد أحسن د. هاشم ياغي وصف هذه الميتة حين قال: «لقد مات ميتة الفارس في الميدان».
رحم الله محمد أديب العامري الذي كان علواً في حياته وفي مماته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منع حبس المتسبب بالضرر
منع حبس المتسبب بالضرر

الدستور

timeمنذ 37 دقائق

  • الدستور

منع حبس المتسبب بالضرر

الموضوع الذي أتناوله هنا؛ قانوني، متعلق بحقوق الناس، وجزائي، متعلق بإنزال العقوبة على من يتسبب بإيقاع الضرر بممتلكات الناس، وقبل ان أتحدث بموضوع قانوني، يجب ان أنوه هنا بأنني لست محاميا، ولا خبرة لديّ بالقانون والقضاء، وأمس فقدت صديقا وهو رجل قانون، فرحم الله المحامي الأستاذ صفوان المجالي، الضابط والقاضي العسكري السابق، ابن العشيرة الطيبة، ووارث الرقة، والنقاء والصفاء، وحسن الخلق، الرجل العسكري الوطني النقي.. إنه فقيد كبير عزيز، أسأل الله له الرحمة والمغفرة، وسأفتقده صديقا وقارئا متابعا لكل ما اكتب، معلقا ذا وجهة نظر وصاحب رأي، وموقف.. إنا لله وإنا إليه راجعون.يهتم كثيرون بقانون لا اعرف رقمه ولا اسمه، سيجري اعتماده في المحاكم، والعمل به في موعد قريب، وهو متعلق بـ»عدم حبس المدين»، أي بضياع حقوق الناس.وقد سألت أحد المحامين عن هذا القانون، وما هو الدَّين المقصود بالقانون، فعلمت بأنه كل مال في ذمة أحد، ولا يملك أن يدفعه، وكنت أعتقد بأنه يتعلق فقط بالشيكات والكمبيالات، والاقتراض بالتوافق بين الناس بموجب وصول و»دفاتر دين»..لكنني فوجئت من كلام المحامي، لأنني سألته هل يشمل مثلا من تسبب في دمار مصلحة او مشروع أو سيارة أحد، يعني «اذا واحد مثلا شطب سيارة شخص آخر، ولم تكن تلك السيارة مؤمنة، ورفض إصلاحها أو تعويض صاحبها (الذي اقترض ثمن السيارة من بنك مثلا)، وقام صاحب السيارة بتقديم شكوى للمحكمة، وحكمت على المتسبب بالضرر ان يدفع تعويضا ما لمالك السيارة، فهل هذا دين مشمول بعدم العقوبة والتعويض في القانون المنتظر».. أكد المحامي بأنه مشمول، وقال كان القانون لا يعتبر التسبب بالضرر دينا.أنا أستوعب أن شخصا اقترض من شخص مالا، او اشترى سلعة ما بشيكات او كمبيالات ولم يتمكن من الدفع، حتى وإن تم حبسه، فهو لا يملك ان يدفع.. لكن الفعل من الأساس كان فيه احتمال ان لا يتمكن المدين من الدفع للدائن، لكن في حالة شطب سيارة مثلا، وتمنع الشخص عن الدفع، ثم اللجوء للمحكمة، وحكم المحكمة للمتضرر.. فهل هذا دين يمكن التساهل مع المحكوم بالتعويض، بعدم حبسه و»جرجرته» للسجن!.يوجد جانب فيه يمثل اعتداء على حقوق الآخرين وعدم الاكتراث بها، والمنطق يتطلب أن تجري معاملة هؤلاء على أنهم ارتكبوا فعلا غير قانوني، ويجب استثناؤهم من القانون الذي يمنع حبس المدين..كيف سيصبح تعامل الناس بينهم بعد فقدان أمل إرغام المدين على دفع مافي ذمته لأصحاب الحقوق؟.. ألا يعتبر هذا ضمانة وتشجيعا لهم لارتكاب الفعل دوما؟!.فيه حقوق إنسان وتعاطف مع غارمين.. الخ، لكن أيضا على الجانب الآخر فيه دمار وخراب بيوت.

العيش معًا بسلام
العيش معًا بسلام

الدستور

timeمنذ 37 دقائق

  • الدستور

العيش معًا بسلام

في اجتماعات التخطيط الإخباري والبرامجي للتغطيات الصحفية، تتنوع المصادر. من بين مصادر الإعداد، الأرشيف ومناسبات الروزنامات! لا أذيع سرا إن قلت إن تلك النوعية من المصادر لا تؤخذ في زحمة الأخبار على محمل الجد، سيما إن سبقتها بأشواط أولويات خبرية محضة، أو سياسية بحتة.هذه عينة. السلام قضية كبيرة، وقيمة أكبر، وشأن أعظم. كيف لا وهو من أسماء الله الحسنى، ومن ثماره محبته وحكمته سبحانه. لكن للأسف، كما في كثير من القضايا والأمور والشؤون، تعرض السلام للتسييس، وتم حصره بما يخص صراعات الشرق الأوسط الكبير أو الموسع، أو لعله «الجديد»!«دراسات السلام» تخصص أكاديمي لا يقف عند حدود تحليل النزاعات أو تسويتها بل تفاديها من الأساس. فالسلام في الأصل ثقافة وحضارة ومعاني روحية وأخلاقية سامية، تم تكريس أيام ومناسبات للاحتفاء به. هنالك اليوم العالمي للسلام، ويوم آخر لثقافة السلام، وآخر لقوات حفظ السلام أو ذوي القبعات الزرق. وفي هذا السياق أغتنم الفرصة من على هذا المنبر الكريم -الدستور الغراء- لتحية نشامى قواتنا المسلحة من صناع السلام وحماته في عدد من دول العالم. فقوات حفظ السلام المنضوية تحت راية الأمم المتحدة تعمل على حفظ السلام بعد الحروب. كما ينخرط النشامى أصحاب «البيرية الزرقاء والخوذ الزرق» قبل إحلال السلام وخلال الحروب والهدنات في الحد من الآثار الجانبية للصراعات. والأخطر منها تلك الآثار الارتدادية على صعيد الصحة النفسية والعقلية للمدنيين والعسكريين أيضا فيما يعرف بمرض «بي تي إس دي» الذي يلي النجاة من الأحداث العنيفة أو الحزينة. لا أحد ينجو من ويلات شظايا القنابل ولا من أصوات انفجاراتها، ولا حتى بالتهديد باستخدامها. جميل أن تحرص دول أو منظمات غير حكومية أو غير ربحية -إن وجدت على نحو حقيقي أو تام- على تكريس يوم من 365 يوم سنويا لأجل معنى من معاني السلام، ما دامت تحتفظ بجوهره ونبعه الصافي، ألا وهو رب العالمين الرحمن الرحيم، رب السلام وإله السلام سبحانه الذي يحب ويبارك صنّاع السلام، ويرعاهم وما يبذرون من أعمال خير ونعمة وبركة، وإن تأخر الحصاد.في السادس عشر من الشهر الجاري، احتفل العالم باليوم العالمي لل «عيش معا بسلام».نعرف ذاك السجال بين أيهما أفضل، الدعوة إلى التعايش أو العيش المشترك؟ سواء كان المراد بين الأديان أو الطوائف أو الأعراق أو الحضارات، أو بين أقاليم ومحافظات الدولة الواحدة كما في بعض البلاد التي تشهد غيابا متفاوتا للانسجام والوئام فالسلام.لعل الإضافة النوعية في هذا اليوم إلى جانب ما سبقها من أيام مكرسة أيضا بشكل أو بآخر للسلام وما يتصل به من قيم كالتسامح والأهم المحبة والحكمة، هي تلك الواقعية التي استندت إليها في الطرح. لا قيمة للسلام ما لم يكن مُعاشا بمعنى واقعيا عمليا. ولا جدوى للسلام ما لم يكن نابعا من الذات بمعنى من وجدان الفرد ووعيه، ومن ثم المجتمع، فالدولة كلها بمؤسساتها.العيش معا بسلام يفترض المعرفة أولا، ومن ثم القبول لا اضطرارا وانصياعا بل حبا واحتراما. الإنسان يخاف ما يجهله ولا يختلف بذلك عن الحية! بعض المخلوقات عدائية كونها تبالغ بالخوف إلى أحد أمرين: إما الانسحاب فالانسحاق، بمعنى الشعور بالدونية. وإما الهوس بالتحفز لتصور أخطار قد تكون مجرد هواجس وأوهام، أو مبالغ بها، أو قابلة للتفادي دون الركون إلى أحد الحلين السهلين، الهروب أو الهجوم، وفي كل منهما بذور ما هو نقيض السلام، وهو ليس بالضرورة فقط الجانب المتعلق بالسلوك العنيف أو العدائي. فالكراهية تقتل صاحبها بكل معنى الكلمة وحرفيا، كما في كثير من الأمراض الشائعة كالضغط والجلطات والذبحات، بما فيها أمراض المناعة! من الشائع خاصة في الدول الأكثر تعرضا للتوتر والتلوث، مرض «أوتو أميون» الذي تهاجم فيه الكريات البيضاء في الدم ذاتيا وآليا كل شيء، ظنا منها أن بعض المواد الغذائية جسم غريب، حتى وإن كان مفيدا نافعا، أو جزءا من أعضاء الجسم نفسه وأعضائه الحيوية.للعيش معا وليس مجرد التعايش، ولتحقيق السلام لا مجرد الوئام، لا بد من البدء بالمعرفة الصحيحة وإجراء ما يشبه التعديل الجيني «الفكري» لما اعترى بعض المفاهيم أو السلوكيات من أجسام غريبة أو تصلب أو تآكل. ومن الثابت الآن أنه حتى الأعصاب قادرة على إعادة الإنتاج والتشكل بقرار يتخذه الفرد «المريض» بوعي وبمساعدة طبية وسلوكية مناسبة من فريق طبي متخصص.لا يكفي شطب التعليقات المسيئة مثلا في المناسبات أو المواضيع، ولا حتى الاكتفاء بالتبليغ عن أصحابها أو حظرهم أو التعامل المناسب مع مصادر التهديد، لعيشنا أولا، ومن ثم لعيشنا معا، وبعد ذلك لعيشنا معا بسلام..لا تتسلل الأجسام الغريبة بلا استعداد لاستقبالها أو استيطان بعضها ولو على نحو متحوصل، المرجو من القائمين على الرعاية الصحية لهذا الجانب الوقاية أولا، ومن ثم العلاج في أوانه، فالتدخل الدوائي أو الجراحي المتأخر أو الضعيف لا يجدي نفعا، وقد يعمل العكس تماما، فينشّط القائم فينتشر ويستفحل، ويستنبت ما هو أكثر شرا، والعياذ بالله.حتى من الناحية المالية والقانونية والسياسية، لن تكفي حملات وسائل الإعلام كلها في التصدي لأولئك الأفاعي والحرابي والطفيليات الذي يتربصون بالسلام على كل مستوياته من الفرد إلى الدولة، ما لم يتم خلق البيئة الصحية التي لا تغيب عنها الشمس، والمتمتعة بدرجات عالية من التهوية التي تشرح الصدور وتنعش الأبدان.اللهم عيشا رغدا مباركا يرضيك ويرضى والدينا، وكفى! من ظفر بهذا الرضى الرباني الأسري كان بارا بأهله ومجتمعه ووطنه، فاغتنى واحتمى وارتضى..

مفهوم الشرق الأوسط الجديد
مفهوم الشرق الأوسط الجديد

عمون

timeمنذ 2 ساعات

  • عمون

مفهوم الشرق الأوسط الجديد

مفهوم الشرق الأوسط الجديد إن المتابع والمراقب للأخبار العالمية يتردد إلى سمعه كثيرًا مصطلح "الشرق الأوسط الجديد"، وهناك نية لتغيير شكل الشرق الأوسط، فما المقصود بهذا المفهوم؟ وكيف يمكن تفسير ما يحدث في المنطقة اليوم في ضوء هذا المفهوم؟ إن "الشرق الأوسط الجديد" – من وجهة نظري – ما هو إلا سعي الولايات المتحدة نحو تغيير خارطة إسرائيل (طفلها المدلل)، وتوسيع حدودها في هذه المنطقة المباركة، لأن من يسيطر على هذه المنطقة يسيطر على العالم. وهذه القناعة راسخة في مفهوم الصهيونية العالمية، التي تستتر بغطاء ديني وقضية "الهيكل" المزعوم، بينما الهدف الحقيقي هو السيطرة الاقتصادية على طرق المنطقة وثرواتها. فهي أرض الحضارات، حيث قامت فيها الحضارة البابلية والفارسية والرومانية. وللتأكيد على ما سبق، فإن حدود الكيان الغاشم بعد وعد بلفور بدأت بـ 8% من الأراضي الفلسطينية، ثم توسعت عام 1948 حتى بلغت 50%، ثم في عام 1967 وصلت إلى 78% من الأراضي العربية. لكن هذا التوسع كان يهدف إلى تثبيت النسبة الأولى (50%)، ليظهر بعد ذلك مفهوم "حل الدولتين" وما رافقه من غزو فكري وثقافي للمنطقة، مما أوصلها إلى مرحلة التآلف مع هذا "السرطان" وقبول السلام والتنازلات، بعد أن لم يكن له أي قبول في السابق. فالشرق الأوسط اليوم أشبه برقعة شطرنج؛ طرفها الأسود يُمثل "النموذج الشيعي"، وطرفها الأبيض "النموذج السني المعتدل"، والصراع القائم بينهما مستمر منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي. والمتابع لما يجري في المنطقة يلاحظ أنها تشهد تارةً صعودًا وتقدمًا في نفوذ النموذج الشيعي، وتارةً أخرى تقدمًا للنموذج السني، وذلك بحسب ما يخدم المصالح الأمريكية ومصالح طفلها المدلل في المنطقة. والمطلوب منا اليوم أن ننظر إلى الدول الصاعدة المنافسة للولايات المتحدة بعين التقدير والتعاون، خاصةً أن الحلف الأمريكي يتدخل أيديولوجيًا وفكريًا ودينيًا في شؤون حلفائه. إن ما قامت به العديد من الدول من استثمار في الولايات المتحدة يُعد أمرًا جيدًا، وحقق تقدمًا عسكريًا وتكنولوجيًا كبيرًا، لكن ربما كانت المكاسب ستكون أكبر لو توجهت تلك الاستثمارات نحو أقطاب أخرى. وفي الختام، أتمنى من الله أن يحفظ أردننا وأمتنا العربية والإسلامية، وأن يجمع كلمتها لما فيه التقدم والرفعة والخير المنشود، وأن يحفظ مقدساتنا في القدس، هويتنا وقبلتنا الأولى، من كل شر. م. عبدالله الفاعوري

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store