logo
3 عوامل جديدة شجّعت إسرائيل على الضغط على حزب الله

3 عوامل جديدة شجّعت إسرائيل على الضغط على حزب الله

الجزيرةمنذ 2 أيام
في تطوّر لافت، أثار عرض مسلّح بأسلحة رشاشة في منطقة "زقاق البلاط" القريبة من وسط بيروت، لعناصر تابعين لحزب الله، يوم السبت 5 يوليو/ تموز الجاري، ردود فعل لبنانية، لا سيّما على لسان رئيس الحكومة نواف سلام، الذي رفض ذلك، داعيًا وزارتي الداخلية والعدل إلى متابعة الأمر وتوقيف الفاعلين وإحالتهم للتحقيق.
حادثة العرض المسلّح في بيروت جاءت بعد نحو ثمانية أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 بين لبنان/ الحزب والاحتلال الإسرائيلي، بموجب القرار الأممي 1701، عقب معركة إسناد غزة التي خاضها حزب الله ضد إسرائيل.
لم تمرّ على حادثة "زقاق البلاط" أكثر من 24 ساعة حتى خرج الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، يوم الأحد 6 يوليو/ تموز، ليقول في كلمة له خلال مراسم إحياء عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت: إن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع حزب الله إلى الاستسلام أو ترك السلاح، مؤكّدًا الاستمرار في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا: "نواجه العدو الإسرائيلي دفاعًا عن بلدنا، وسنستمرّ حتى لو اجتمعت الدنيا بأجمعها لثنينا".
موقف الأمين العام، ورمزية العرض المسلّح في "زقاق البلاط" في بيروت، رفعا سقف الحزب بعد أشهر من الصمت، وعدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة.
كان يسع الحزب أن يستمرّ في سياسة الصمت والغموض الإيجابي، وعدم استفزاز خصومه، في وقت هو أحوج ما يكون لإعادة ترميم نفسه بعد الضربات التي تلقّاها في معركته ضد إسرائيل.
التغيّر في النسق يُشير إلى أنّ هناك مستجدًّا مهمًّا وخطيرًا في نظر الحزب، دفعه لرفع السقف في هذا التوقيت؛ فقد اتّضح بعد التكتّم على رسالة وصلت إلى حزب الله وإلى لبنان من السفير الأميركي في أنقرة، السيد توماس بارّاك، وهو المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان أيضًا، مفادها: تسليم حزب الله سلاحه بالكامل بنهاية العام الجاري كحدّ أقصى، مقابل انسحاب تل أبيب من النقاط الخمس التي تحتلها في جنوب لبنان، والإفراج عن أموال مخصّصة لإعمار المناطق التي دمّرتها إسرائيل.
تفيد بعض المصادر بأن رسالة بارّاك حملت تهديدًا أميركيًّا، بإعطاء إسرائيل حرّية التصرّف إن لم يقم لبنان بنزع سلاح حزب الله، ما يُفسّر سبب رفع الحزب سقفه السياسي، بالتأكيد على تمسّكه بالسلاح دفاعًا عن لبنان واستعادة الأراضي اللبنانية المحتلّة.
في الزيارة الثانية لتوماس بارّاك إلى بيروت، 7 يوليو/ تموز الجاري، تسلم ورقة ردّ الدولة اللبنانية على رسالته الأولى، وقد أثنى بارّاك عليها وأعرب عن رضاه بشأنها، داعيًا الدولة اللبنانية إلى القيام بما يلزم مع سلاح حزب الله، لأن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد التدخّل.
رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، وعقب لقائه بالزائر الأميركي، قال لوسائل الإعلام: نريد انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلّة، ووقف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، حتى تقوم الدولة بتنفيذ حصرية السلاح بيدها وفق اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية في لبنان.
ظاهر التصريح لرئيس الحكومة اللبنانية يضع معالجة سلاح حزب الله على كامل الأراضي اللبنانية مقابل التزام إسرائيل بثلاثية: الانسحاب من لبنان، ووقف العدوان، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
من الإدارة إلى الحسم
في سياق معالجة ملف سلاح حزب الله، أجرت الرئاسة اللبنانية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي نقاشات متواصلة مع حزب الله بهذا الشأن.
بدوره، تعاون حزب الله مع الحكومة اللبنانية، وفسح المجال لعمليات التفتيش على الأسلحة والمواقع جنوب الليطاني، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار والقرار الأممي 1701، في وقت التزم فيه الصمت، وعدم الرد على انتهاكات إسرائيل المستمرّة للسيادة اللبنانية عبر قصفها لعديد من الأهداف، تاركًا للدولة اللبنانية معالجة الأمر عبر الدبلوماسية والاتصالات السياسية.
في المقابل، فإن إسرائيل رغم استباحتها الأجواء اللبنانية بغطاء أميركي، فإنها لم تعد تقبل بمعادلة وقف إطلاق النار بموجب القرار الأممي 1701 الخاص بسحب سلاح حزب الله جنوب الليطاني، وباتت تتطلّع لنزعه من كامل الأراضي اللبنانية، وإنهاء حزب الله كحركة مقاومة مسلّحة.
هذا التطوّر في الموقف الإسرائيلي، الذي عبّرت عنه رسالة المبعوث الأميركي توماس بارّاك إلى الدولة اللبنانية، نشأ نتيجة لعدّة عوامل ومتغيّرات منها:
أولًا: توجيه ضربة قوية لإيران:
إسرائيل ترى في توجيهها ضربة كبيرة لإيران فرصة ذهبية لممارسة الضغط والتهديد لنزع سلاح الحزب، فضعف إيران يُعدّ ضعفًا للحزب، والعكس صحيح، بحكم العلاقة العضوية التي تربط الطرفين ببعضهما البعض.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المبعوث الأميركي سلّم رسالته للبنان لنزع سلاح حزب الله أثناء الحرب على إيران، ما يُفيد بأنه استثمار للحظة وللمتغيّر الإقليمي الحاصل بشأن إيران.
إسرائيل ربّما ترى في صمت حزب الله وعدم ردّه على ضرباتها الجوية واغتيالاتها المتكرّرة كوادره، انعكاسًا لضعفه نتيجة الضربات التي تلقّاها أثناء معركة إسناد غزة، لكن هذا الصمت لا يُشكّل بالضرورة ضعفًا مستدامًا أو تعبيرًا عن الذوبان والتقهقر، بقدر ما هو تكتيك من الحزب لتجنّب حرب جديدة قبل استعادة أنفاسه وترميم بناه الأمنية والتنظيمية.
من هنا، فإن إسرائيل تريد استغلال الفرصة باستكمال مهمّة القضاء على حزب الله كقوّة مسلّحة، عبر الضغط على الدولة اللبنانية وتهديدها إن لم يتم نزع سلاح حزب الله بالكامل قبل نهاية العام الجاري، حتى لا يُعطى فسحة لاستعادة قواه وترميم بناه التنظيمية.
ثالثًا: إعادة رسم الشرق الأوسط:
طموح الولايات المتحدة وإسرائيل في إعادة رسم الشرق الأوسط وفق المعايير الصهيونية، ليس سهلًا بدون التخلّص من التحدّيات التي تحول دونه، ومنها: قوّة إيران، وحزب الله، وحركة حماس، وأصدقاؤهم في اليمن والعراق.
وفي هذا السياق، تأتي زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ولقاؤه الرئيس ترامب، لمناقشة سبل استكمال المهمّة بالتخلّص من التحدّيات، حتى يسهل هيمنة إسرائيل على المنطقة وفتح أبواب التطبيع مع الدول العربية بدعم أميركي.
خيارات حزب الله
خيارات حزب الله تبدو محدودة، وهي تتراوح بين:
الخيار الأول: الاستجابة لموقف الحكومة اللبنانية وردّها على رسالة المبعوث الأميركي، بتسليم كامل سلاحه بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، شرط انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلّة أو النقاط الخمس التي تمركزت فيها بعد نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وانطلاق آلية الإعمار في المناطق التي دمّرتها إسرائيل.
الخيار الثاني: التساوق شكلًا مع توجّهات الدولة اللبنانية، واللعب على الزمن وكسب الوقت، استنادًا إلى طبيعة إسرائيل ومماطلتها في تنفيذ أي اتفاق، وأطماعها التوسّعية، واستباحتها المستمرّة سيادة الدولة اللبنانية، ومن ثم البناء على المتناقضات والأحداث الداخلية والخارجية المتسارعة.
محدّدات موقف الحزب
من المعلوم أن حزب الله حركة سياسية عقائدية قائمة على سردية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، ونصرة الشعب الفلسطيني.
هذا النمط من الأحزاب ليس سهلًا أن يتخلّى عن سرديته وسلاحه، لأنه يرى في ذلك انتهاءً لمبرّرات وجوده، ما ينعكس على وزنه السياسي في الدولة اللبنانية، ووزنه السياسي في الطائفة الشيعية.
إذا كانت للواقعية السياسية أحكامها وإكراهاتها، فإن حزب الله قد يعتمد في مقاربته بشأن نزع السلاح على عدّة أمور، منها:
إستراتيجية إيران المتعلّقة بحلفائها أو أصدقائها في المنطقة، وفي مقدّمتهم حزب الله الأقرب إلى الحرس الثوري ومرشد الثورة، السيّد علي الخامنئي. بمعنى: هل ستحتفظ إيران بتحالفاتها مع الكيانات اللادولتيّة كجزء من أمنها القومي؟ أم هل ستقوم باستدارة بعد أن خسرت سوريا، وجزءًا مهمًّا من قوّة حزب الله في لبنان؟
مستوى جدّية التهديدات الأميركية والإسرائيلية، وجدّية الدولة اللبنانية في تنفيذ استحقاقات نزع السلاح، ومساحات المناورة المتاحة للحزب.
قوّة حزب الله العسكرية والتنظيمية بعد الضربات التي تلقّاها؛ فحزب الله القويّ المتمكّن تنظيميًا وطائفيًا وسياسيًا يختلف عن حزب الله الضعيف الذي لا يقوى على مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.
إسرائيل لاعب أساسي، وطبيعة سلوكها سيكون له أثر كبير على المشهد. والسؤال هنا: هل ستكتفي إسرائيل بدور الدولة اللبنانية، وتطمئن له في نزع سلاح حزب الله؟
وهو الدور الذي رحّب به المبعوث الأميركي توماس بارّاك في زيارته الأخيرة لبيروت؟ وهل هذا الأمر مسقوف بنهاية العام الجاري كما طالبت رسالة المبعوث الأميركي؟
الدولة اللبنانية ليست بوارد خلق نزاع داخلي مع حزب الله، لما لذلك من تداعيات خطيرة على لبنان، وإنّما ستلجأ للحوار السياسي كما هو جارٍ الآن بين الحزب والرئاسة اللبنانية بقيادة الرئيس عون.
من غير المتوقّع أن حزب الله يرغب بتسليم سلاحه، ومن الصعوبة بمكان أن تذهب الدولة اللبنانية في معالجة هذا الموضوع بغير الحوار والتوافقات الداخلية، وهذا يعني أن الأمر سيبقى رهينة الزمن، ورهينة التطوّرات الإقليمية المتسارعة، لا سيّما مستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية وطاولة المفاوضات بينهما، وفرضية التصعيد الإسرائيلي ضد طهران، حيث نقلت وكالة رويترز عن نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن أنه "يرى فرصة لتوجيه ضربة أشد لإيران".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف قرأت القوى اللبنانية تصريحات توماس باراك عن سوريا ولبنان؟
كيف قرأت القوى اللبنانية تصريحات توماس باراك عن سوريا ولبنان؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

كيف قرأت القوى اللبنانية تصريحات توماس باراك عن سوريا ولبنان؟

بيروت- أثارت تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا توماس باراك تفاعلا واسعا في الأوساط السياسية اللبنانية، بعد حديثه عن الأوضاع في المنطقة والمقارنة بين لبنان و سوريا ، إذ اعتبرتها بعض الأطراف تدخلا غير مقبول يمس سيادة لبنان. وقال باراك في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" إن "لبنان يواجه خطر الوقوع في قبضة قوى إقليمية، ما لم تُعالج بيروت مسألة مخزونات أسلحة حزب الله"، محذرا من أن "البلاد قد تواجه تهديدا وجوديا". وجاء في تصريحاته أيضا "إذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد". وبينما حذرت بعض القوى اللبنانية من تصريحات باراك واعترضت عليها، رأت جهات أخرى أن المبعوث الأميركي عاد ووضح موقفه في منشورات على حسابه، مما يجعل الرؤية الأميركية واضحة لجهة ضرورة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وفي محاولة لاحتواء الجدل، غرد باراك عبر منصة "إكس" موضحا أن تصريحاته "أشادت بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا نحو الإصلاح، ولم تكن تهديدا للبنان"، مع التأكيد على دعم واشنطن لعلاقة متساوية بين لبنان وسوريا. رؤية واشنطن من جانبه، رأى مسؤول جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور أن التصريحات الأولى قد سُحبت من التداول بعد أن جرى تصويبها بوضوح. وأكد جبور للجزيرة نت أن موقف واشنطن واضح لا لبس فيه، إذ تشدد الإدارة الأميركية على ضرورة وضع جدول زمني لاحتكار الدولة اللبنانية وحدها للسلاح، معتبرة أن استمرار تعدد مصادر القرار الأمني يُبقي لبنان في خانة "الدولة الفاشلة". وأشار إلى أن باراك قدّم مقاربة بين لبنان وسوريا، لافتا إلى أن الأخيرة باتت أكثر انسجاما مع مسار التحولات الإقليمية، بينما لا يزال لبنان متأخرا نتيجة عجز الدولة عن بسط سلطتها وفرض سيادتها. وأوضح أن باراك تحدث بصراحة عن هذه المفارقة، حيث اعتبر أن سوريا تتقدم إلى الأمام، في حين أن لبنان يراوح مكانه، وهذا -بحسب جبور- يتطلب معالجة جدية من خلال تعزيز موقع الدولة كمصدر وحيد للقرار الأمني والعسكري. وكان جبور قد صرح، عقب لقاء باراك برئيس الجمهورية جوزيف عون في القصر الجمهوري، بأن "لبنان يقف اليوم أمام مفترق حاسم، إما أن يبقى رهينة حالة اللا دولة، أو أن يتجه نحو بناء دولة حقيقية تحتكر السلاح، وتتمكن من الاستفادة من الانسحاب الإسرائيلي، ومن الفرص الاقتصادية التي قد تلي ذلك"، وهذا -برأيه- هو "جوهر الرؤية الأميركية تجاه لبنان". لا خلفيات جدّية يقول الكاتب السياسي صلاح تقي للجزيرة نت إن "ما طُرح كان أقرب إلى المزاح"، مشيرا إلى أن المبعوث الأميركي عاد ووضح مقصده، مؤكّدا أن "على سوريا الانشغال بأوضاعها الداخلية قبل أي شأن خارجي"، ويرى أن الحديث عن ضم لبنان "غير منطقي في ظل هشاشة الوضع السوري نفسه". ويعتبر تقي أن التصريحات جاءت في إطار حثّ السلطات اللبنانية على تنفيذ الإصلاحات والاستجابة للمطالب، ولا تحمل خلفيات جدية، خصوصا بعد سلسلة التوضيحات التي صدرت بشأن موقف توماس باراك. رفض قاطع في المقابل، حذر عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني، النائب عن حزب الله، إبراهيم الموسوي، من خطورة التصريحات التي أطلقها المبعوث الأميركي توماس باراك، والتي لمح فيها إلى "إعادة لبنان إلى بلاد الشام التاريخية". ووصف الموسوي هذه التصريحات بأنها "تكشف بوضوح عن معالم المشروع الأميركي-الصهيوني للمنطقة، ولبنان في صلبه"، مضيفا أن باراك "يتجاهل حقيقة لبنان كبلد لا يرضخ للتهديد، ولا يساوم على سيادته، بل هو بلد المقاومة والصمود، الذي روى أرضه بدماء أبنائه دفاعا عن كرامته واستقلاله". ودعا الموسوي الحكومة اللبنانية إلى الرد الحازم على ما وصفها بـ"التصريحات الاستعلائية والعدائية"، مطالبا وزارة الخارجية باستدعاء السفيرة الأميركية ليسا آن جونسون، وتسليمها رسالة احتجاج رسمية. وأضاف أن على الدولة اللبنانية أن "توضح للإدارة الأميركية ضرورة احترام سيادة لبنان ووحدة أراضيه، والتوقف عن التدخل في شؤونه الداخلية"، مشيرا إلى أن واشنطن لم تلتزم حتى الآن بتعهداتها كضامن لوقف إطلاق النار بموجب القرار 1701 ، بل شكلت، بحسب تعبيره، "غطاء لاستمرار الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان". رسالة ضغط من ناحيته، يرى المحلل السياسي توفيق شومان أن تصريح المبعوث الأميركي يُشكّل نوعا من التهويل السياسي والضغط المباشر على لبنان، رغم أنه يتأثر -إلى حدّ ما- بخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لا سيما ما يتصل بإعادة تشكيل الخرائط الكيانية في المنطقة. ويضيف شومان للجزيرة نت أن "سيناريوهات تغيير الخرائط الجيوسياسية ليست مطروحة في الوقت الراهن"، مشددا على أن أي عبث بالجغرافيا السياسية للدول والكيانات قد يفتح الباب أمام اضطرابات واسعة النطاق تمتد إلى دول أخرى، مما يجعل من هذا الطرح محفوفا بالمخاطر. ويعتبر أن الدول الإقليمية -حتى تلك التي تُصنَّف ضمن حلفاء النظام السوري- لن تتبنّى مثل هذا الطرح، "لأن أي تغييرات داخلية في تلك الدول قد تجعلها هي نفسها عرضة للمصير ذاته، الأمر الذي يعزز من منطق الحذر والتريث في التعامل مع هذه الأفكار". وعلى الرغم من التوضيحات التي قدّمها باراك لاحقا، يعتقد شومان أن ما صدر عنه لا يندرج في سياق الوساطة أو العمل الدبلوماسي، بل أقرب إلى رسالة ضغط مباشرة على الدولة اللبنانية، في محاولة لحثّها على الضغط بدورها على حزب الله. ويرجّح شومان أن تشهد المرحلة المقبلة، وتحديدا خلال المهلة الزمنية التي أشار إليها باراك والمقدّرة بـ90 يوما، مزيدا من التصريحات الضاغطة والمواقف المماثلة. وبرأيه، فإن الظروف الراهنة لا تتيح لدمشق تكرار دورها في لبنان كما حصل في عام 1976، حين دخلت القوات السورية بغطاء عربي ودولي، فالمشهد اليوم مختلف كليا، والمقومات السورية لا تؤهلها للعب أدوار خارج حدودها.

بيان نويهض الحوت "أيقونة الذاكرة الفلسطينية"
بيان نويهض الحوت "أيقونة الذاكرة الفلسطينية"

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

بيان نويهض الحوت "أيقونة الذاكرة الفلسطينية"

مؤرخة ومفكرة لبنانية الأصل فلسطينية المولد والنشأة، سليلة أسرة مناضلة جمعت بين العمل الوطني والاهتمام بالثقافة والمعرفة ، وهذا أسهم في تكوين شخصيتها الفكرية في سن مبكرة. عايشت النكبة عام 1948 بكل ما خلفته من فقد وتشرد، لتغادر مع أسرتها إلى لبنان ف الأردن ثم سوريا قبل العودة للاستقرار في بيروت حيث بدأت مسيرتها العلمية والصحفية والسياسية. عرفت بيان بالتزامها العميق بالقضية الفلسطينية، فجمعت بين العمل الأكاديمي والبحث التاريخي والنشاط الإعلامي والسياسي، وقدّمت أثناء مسيرتها مؤلفات توثيقية مهمة أرخت لتاريخ فلسطين الحديث، وظلت صوتا بارزا في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني وحفظ ذاكرته، حتى رحيلها في 12 يوليو/تموز 2025. المولد والنشأة والحياة الأسرية ولدت بيان عجاج نويهض عام 1937 في مدينة القدس لعائلة من أصول لبنانية، إذ ينحدر والدها المؤرخ والمناضل القومي عجاج نويهض (1897-1982) من رأس المتن، بينما ترجع أصول والدتها الشاعرة جمال سليم إلى منطقة جباع الشوف. عاش والداها اللبنانيان في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، حين كانت بلاد الشام أرضا واحدة لا حدود بينها آنذاك. ونشأت في بيت أسرتها بحي "البقعة الفوقا" بالقدس الغربية رفقة أخيها خلدون وأخواتها الثلاث: نورا وسوسن وجنان. تزوجت عام 1962 من الصحفي الفلسطيني شفيق الحوت أحد مؤسسي جبهة التحرير الفلسطينية الذي كان ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بين عامي 1964 و1993، ورزقا بـ3 أبناء؛ حنين وسيرين وهادر. علاوة على تأثرها البليغ بوالديها في مراحل نشأتها الأولى، كان لخالها المجاهد فؤاد سليم وابنة خالتها الشاعرة والناقدة سلمى الخضراء الجيوسي بصمة بارزة في تشكل وعيها في سن مبكرة. الدراسة والتكوين العلمي بدأت تعليمها في مدرسة "شميدت" الألمانية للراهبات في حي باب الساهرة على مقربة من البلدة القديمة للقدس. اضطرت بعد النكبة عام 1948 للانتقال مع عائلتها إلى لبنان ثم الأردن، فتابعت دراستها بمدرسة "الملكة زين الشرف"، قبل أن تنال شهادة المعلمات في رام الله عام 1956. واصلت لفترة قصيرة دراستها الجامعية في كلية التربية بجامعة دمشق ، قبل أن تلتحق بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية تزامنا مع عودة أسرتها بشكل نهائي للاستقرار في لبنان عام 1959. حصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1963، وشهادة عليا في القانون العام وأخرى في العلوم السياسية أوائل سبعينيات القرن الـ20، لتتوج بعد ذلك مسارها الأكاديمي بنيلها شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية عام 1978 بأطروحة تحت عنوان: "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948" التي أشرف عليها الدكتور أنيس صايغ. الفكر والتوجه الأيديولوجي تميز فكر بيان نويهض الحوت بالتزام قومي عربي واضح، وتمحوّر اهتمامها خاصة حول القضية الفلسطينية باعتبارها قلب الصراع العربي‑الإسرائيلي. التحقت بـ" حزب البعث العربي الاشتراكي" ذي التوجه القومي انطلاقا من إيمانها بضرورة الوحدة العربية، واستقالت منه بعدما شعرت بـ"عدم التوافق مع مواقف قياداته"، لا سيما بعد انفصال الوحدة السورية-المصرية عام 1961. وظّفت بيان التاريخ أداة مقاومة للحفاظ على الذاكرة الفلسطينية، وجمعت في رؤيتها بين الانتماء الوطني والموضوعية التي يستوجبها البحث التاريخي الأكاديمي. المسار السياسي انخرطت بيان نويهض الحوت في العمل السياسي مبكرا متأثرة بوالدها عجاج نويهض الذي كان من مؤسسي "حزب الاستقلال العربي". وبعد انتقالها إلى عمان في خمسينيات القرن الـ20، انضمت إلى "حزب البعث العربي الاشتراكي"، وتولت في بيروت قيادة "شعبة الشياح" التي كانت تضم عشرات الأعضاء معظمهم من العمال، قبل أن تنتقل فيما بعد إلى "شعبة فلسطين" تحت قيادة توفيق الصفدي. وشكلّت أحداث الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961 محطة مفصلية في مسيرتها، إذ اعتبرت أن موقف القيادة القومية للحزب لم يكن حاسما بما يكفي لمواجهة الانفصال، وقدمت مذكرة توضح موقفها وقرار الاستقالة من هياكل الحزب. ومع بدايات ستينيات القرن الـ20، التحقت بهيئة سياسية جديدة أكثر تخصصا في الشأن الفلسطيني، وهي "جبهة تحرير فلسطين-طريق العودة"، وجاورت في هذا التنظيم شخصيات فكرية ومناضلين فلسطينيين، أبرزهم زوجها شفيق الحوت، وإبراهيم أبو لغد ونقولا الدر والكاتبة سميرة عزام التي أدارت القسم النسائي في الجبهة. عملت الجبهة على توعية اللاجئين ودعم فكرة العودة إلى فلسطين عبر النشاط السياسي والثقافي والإعلامي، لكنها حلت لاحقا عام 1968 في سياق إعادة ترتيب الفصائل الفلسطينية بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة. إلى جانب العمل الحزبي، نشطت بيان نويهض الحوت في العمل النسائي الفلسطيني، إذ انخرطت في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وأسهمت في التثقيف والتوعية السياسية والاجتماعية بين النساء الفلسطينيات في لبنان وخارجه. وبعد توقف عملها الحزبي المباشر، ركزت على العمل الفكري والبحث الأكاديمي واستخدمت التأريخ والتوثيق أداة للدفاع عن القضية الفلسطينية. إعلان كما كانت عضوا في المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، ومجلس إدارة مؤسسة القدس، وشاركت في مؤتمرات وندوات عربية ودولية طرحت خلالها القضية الفلسطينية من منظور تاريخي وسياسي شامل، وأكدت على مركزية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني. الوظائف والمسؤوليات امتد المسار المهني لبيان نويهض الحوت بين التدريس الجامعي والصحافة والبحث الأكاديمي والتوثيق التاريخي، واتسم بالتنوع والاستمرارية على مدى عقود. ومن أبرز المناصب التي تقلدتها: عملت معلمة في مدرسة سكينة بنت الحسين في عمّان بعد تخرجها من دار المعلمات عام 1956. بدأت العمل الصحفي في بيروت من بوابة مجلة "دنيا المرأة" تحت إدارة إدفيك شيبوب في مطلع الستينيات. عملت محررة وكاتبة سياسية في مجلة الصياد (1960-1966)؛ وأجرت مقابلات مع شخصيات عربية بارزة ونشرت مقالات عديدة عن الثورة الجزائرية. ترأست قسم التوثيق في مركز الأبحاث الفلسطيني-بيروت (1977–1987). عملت أستاذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية-الفرع الأول، ودرّست مواد القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط (1979-2001). عينت في منصب مديرة قسم التوثيق في مركز دراسات الوحدة العربية عام 1979، وانضمت عضوا في هيئة تحرير مجلة المستقبل العربي. عقب عام 2001 عملت باحثة متفرغة في الصراع العربي-الإسرائيلي، وكتبت أبحاثا ومؤلفات تاريخية وتوثيقية. كما سبق لها أن شاركت في العديد من المؤتمرات العلمية والتاريخية منذ 1981، من أهمها: مؤتمر "حقوق الشعب الفلسطيني" المنعقد في هافانا-كوبا عام 1981. ندوة "الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني" المنعقدة في بون-ألمانيا الاتحادية عام 1985. ندوة "الاتجاهات الحديثة في العالم العربي" المنعقدة في شيكاغو- الولايات المتحدة عام 1985. ندوة "الفلسطينيون في الأراضي المحتلة والمنافي" المنعقدة في نيوجيرسي-الولايات المتحدة عام 1986. شغلت بيان كذلك عضويات بارزة في منظمات عدة: عضو في المؤتمر القومي العربي في الفترة (1992-2025). عضو في الاتحاد العام للكتاب اللبنانيين في الفترة (1995-2025). عضو في المؤتمر القومي الإسلامي في الفترة (1996-2025). عضو في مجلس إدارة مؤسسة القدس في الفترة (2000-2025). عضو في الجمعية الدولية للمترجمين العرب (واتا) في الفترة (2004-2025). المؤلفات فضلا عن العديد من المقالات، ألفت بيان نويهض مجموعة من الكتب، أبرزها: "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948" عام 1981. "الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين" عام 1987. "فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة: التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين" عام 1991. "مذكرات عجاج نويهض: ستون عاما مع القافلة العربية" عام 1993. كتاب " صبرا وشاتيلا: أيلول 1982″ عام 2003، وهو دراسة توثيقية ردت عبرها على تقرير لجنة كاهانا مثبتة بأن ما حدث مجزرة عنصرية. الجوائز والتكريمات حصلت عام 1964على الجائزة الأولى في مسابقة للقصة القصيرة نظمتها مجلة "الحوادث" اللبنانية، عن قصتها: "كانوا أربعة..". كرمها النادي الثقافي العربي في بيروت عام 2013. كرمتها سفارة فلسطين بلبنان عام 2014 تقديرا لعطائها الوطني والثقافي. حصلت عام 2015 على "جائزة القدس للثقافة والإبداع" لإنجازاتها في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتوثيق تاريخها. رحلت بيان نويهض الحوت في 12 يوليو/تموز 2025 في بيروت بعد مسيرة طويلة حافلة بالعطاء الفكري والنضالي دفاعا عن القضية الفلسطينية.

بالصور.. العالم يصرخ أوقفوا الإبادة في غزة
بالصور.. العالم يصرخ أوقفوا الإبادة في غزة

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

بالصور.. العالم يصرخ أوقفوا الإبادة في غزة

شهدت عدة مدن أوروبية في عطلة نهاية الأسبوع مظاهرات منددة بالحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة ، ومطالبة بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، ووقف التعاون مع إسرائيل. وفي ستوكهولم السويدية، خرج متظاهرون منددين ومطالبين بوقف ما وصفوه بالإبادة الجماعية، ومطالبين بمحاسبة إسرائيل دوليا ووقف التجويع والتهجير القسري. وطالب المشاركون حكومة بلادهم والمجتمع الدولي بفرض عقوبات على إسرائيل، وإجبارها على وقف قتل الأبرياء. كما شددوا على إنهاء سياسة التجويع والحصار، إضافة إلى الضغط لوقف التهجير القسري والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين في غزة والضفة. وفي برلين، طالب المشاركون بوقف تصدير الأسلحة الإسرائيلية، وحمّلوا الحكومة الألمانية والمجتمع الدولي مسؤولية الجرائم في غزة. ومنعت الشرطة مسيرة وفرضت طوقا أمنيا، واعتقلت عددا من الناشطين، مما أثار انتقادات واسعة. وفي بريطانيا، اعتقلت الشرطة 41 شخصا في لندن و16 في مانشستر بتهمة دعم "حركة العمل من أجل فلسطين". ورفع المتظاهرون لافتات ترفض الإبادة وتدعم العصيان المدني ضد شركات مرتبطة بإسرائيل. كما شهدت مدن بريطانية أخرى وقفات مشابهة طالب المشاركون فيها بوقف الحرب على غزة. وفي سويسرا، تظاهر نشطاء أمام نصب الكرسي المكسور في جنيف بالتزامن مع قمة الذكاء الاصطناعي، متهمين شركات التقنية بالتواطؤ في جرائم الحرب ضد الفلسطينيين. وشهدت مدينة سيدني الأسترالية مظاهرة ضخمة دعما لغزة. ورفع خلالها المتظاهرون دمية وقماشا أحمر طويلا رمزا لـ"خط الإنسانية الأحمر"، مطالبين بوقف الحرب والتراجع عن قوانين تقييد التظاهر. وكان المتظاهرون الإسبان قد خرجوا في مدريد ومدن أخرى دعمًا لغزة ورفضًا للعدوان الإسرائيلي. وامتلأت شوارع البرازيل بمتظاهرين احتجاجا على قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما رفع بعض المتظاهرين الأعلام الفلسطينية ولافتات تدين العنف المستمر في غزة، كإظهار للتضامن الدولي. وشهدت العاصمة صنعاء مظاهرة حاشدة رفع فيها اليمنيون شعارات تندد بالعدوان وتطالب بنصرة غزة. وتأتي هذه الاحتجاجات بينما تواجه إسرائيل قضايا جنائية دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة، حيث تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 58 ألف شهيد منذ بدء الحرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store