
أهداها كبير أطباء الحملة الفرنسية كتابا.. حكاية نفيسة المرادية
مجلس نفيسة المرادية، واحد من أبرز الصالونات الثقافية والفنية، التي شهدتها القاهرة في نهايات القرن التاسع عشر، وهو ما يرصده الباحث دكتور وائل إبراهيم الدسوقي، في كتابه 'سيرة الأزبكية'، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ويشير الدسوقي إلى أنه: "خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أصبحت الأزبكية مثار إعجاب الأجانب قبل المصريين، ليست فقط كمتنزه ترفيهي، ولكن مركز ثقافيا شاملا. فبخلاف العروض المسرحية والموسيقية. كان جمال الدين الأفغاني يلقي خطبه هناك، وكانت تقام بحديقتها العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين.
ويعرج 'الدسوقي' بالحديث إلى المجالس والصالونات الأدبية والثقافية، مشيرا إلى أن: 'الباحث عيسى فتوح في محاضرة ألقاها في مكتبة الأسد الوطنية، أكد أن المرأة العربية في مختلف بلاد العرب شاركت في هذه الصالونات التي سعي إليها الشعراء والأدباء ورجال الفكر، وكانت بذلك سباقة إلي تأسيسها، فقد كان هناك صالون نسائي في مكة يتردد إليه الشعراء، لإنشاد ما كانوا ينظمونه من الشعر، كما كثرت الصالونات الأدبية في العصر الأموي، كصالون 'سكينة بنت الحسين" في الحجاز، وصالون عائشة بنت طلحة وصالون 'جميلة' وغيرهن.
وكانت المرأة في هذه الصالونات تجالس الرجال وتناقشهم في القضايا الفكرية والأدبية دون أن تتخلى عن عفتها ورصانتها ووقارها، كذلك كانت المرأة في مصر والعراق والأندلس إبان القرن الـ15 الميلادي، تدخل مجالس الأدب وتناظر الأدباء ويناظرونها.
مجلس نفيسة المرادية
وعن بدايات ظهور النساء كمؤسسات للمجالس والصالونات الأدبية يلفت 'الدسوقي' إلى: في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ظهر صالون أدبي مرموق كان يعقد بصفة دورية في بيت السيدة 'نفيسة خاتون' أو نفيسة المرادية نسبة إلى زوجها مراد بك، في درب عبد الحق بالأزبكية، وكان بمثابة صالون اجتماعي وثقافي من الطراز العصري، مع الفارق بين البيئة والظروف الاجتماعية ومجالات الفكر والثقافة في السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر وما تلاه في الصالونات الأدبية التي أسسها أرباب الفكر من النساء في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
ويوضح 'الدسوقي': وقبل أن تعرف الصالونات بهذا الاسم، كان هذا التجمع الأدبي الاجتماعي الأول في قصر ملكة غير متوجة، زوجة أقوي رجلين عرفتهما مصر في السنوات الأخيرة للقرن الثامن عشر، 'علي بك الكبير'، ومن بعده 'مراد بك'، في ميدان الأزبكية، وقد كانت نفيسة المرادية على جانب كبير من التثقيف والتهذيب، أتقنت العربية قراءة وكتابة، واطلعت على أمهات الكتب الأدبية والعلمية ودرستها دراسة واعية، فارتقت مداركها واكتسبت احترام العلماء والبكوات المماليك الذين كان بيدهم الحل والعقد.
وقد كان العلماء والشيوخ ورجال السياسة والحكم يجتمعون في قصرها لدراسة شئون البلاد والظروف السياسية القائمة، لا سيما في أثناء الحملة الفرنسية على مصر، حيث ساد البلاد نشاط وطني ثوري يستهدف الغزاة ومقاومتهم.
ويستطرد 'الدسوقي' عن مجلس نفيسة المرادية: 'وقد ذكر الفرنسيون أن نفيسة المرادية، أقامت يوما مأدبة فخمة في قصرها، ودعت إليها قادة فرنسا، لحثهم على تخفيف المظالم عن الأهالي، وبعد أن ناقشوا كافة أمور البلاد أرسلت معهم خاتما ثمينا مرصعا بالجواهر هدية منها إلى 'أوجين بوهارنيه" ابن زوجة 'جوزفين'، زوجة نابليون بونابرت، فظهرت السيدة نفيسة المرادية وكأنها سيدة مجتمع من الطراز الممتاز، وكان لا بد لها من الإلهام بعادات وأساليب اجتماعية معينة، حتي تستطيع تقديم مثل هذه المأدبة لعدد كبير من الفرنسيين الذين لهم ثقافة خاصة وعادات محددة في مثل هذه المناسبات.كذلك كان أمراء المماليك يجتمعون في قصرها، حتي أصبحت ذات منزلة كبيرة في نفوسهم.
ويخلص 'الدسوقي' إلى أن نفيسة المرادية: ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث، يجتمع الحكام وقادة الرأي والعلماء في قصر امرأة، ويتحدثون في أمور جادة على مستوى متميز، ولقد أهداها كبير أطباء الحملة الفرنسية الدكتور 'دي جنت' في أحد الاجتماعات خمسين نسخة من كتاب ألفه باللغة العربية عن مرض الجدري، مما يدل احترام وتقدير وتكريم لشخصية نفيسة المرادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 6 ساعات
- فيتو
هيئة الكتاب تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور
أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتابًا جديدًا بعنوان "قراءات في النقد الأدبي" للمفكر والناقد الراحل الدكتور جابر عصفور، أحد أبرز رموز الثقافة والفكر العربي في العقود الأخيرة. كتاب قراءات في النقد الأدبي يتناول الكتاب علاقة الأدب بالنقد، ويؤسس لرؤية معمقة لدور اللغة في كلٍ من العمل الإبداعي والممارسة النقدية، منطلقًا من أن الأدب "كلام مخصوص" يتميز بتشكيله التخييلي، في مقابل النقد الذي هو "كلام عن الكلام"، أي خطاب لغوي يتناول الأدب تحليلًا وتفسيرًا وتقويمًا. ويبرز عصفور في فصول الكتاب الفارق الجوهري بين اللغة الإبداعية التي تتسم بالذاتية والمجاز، واللغة النقدية التي تسعى للحياد والتصور المفاهيمي، مشيرًا إلى أن النقد لا يقتصر على التطبيق على النصوص، بل يتضمن بُعدًا تنظيريًا يحاول تأصيل مبادئ عامة لماهية الأدب ووظيفته وأداته التعبيرية. ويتناول الكتاب كذلك ما يسميه الكاتب بـ"نقد النقد"، وهو مستوى ثالث من الخطاب النقدي، يتجاوز تحليل الأعمال الأدبية إلى تحليل الخطابات النقدية نفسها، مراجِعًا مناهجها ومصطلحاتها وفعاليتها. ويستعرض عصفور في هذا السياق مفهومي "النقد الشارح" و"نقد النقد"، مرجحًا استخدام المصطلح الثاني لما يحمله من دلالة واضحة على المساءلة والتقييم. ويعود الكتاب بجذور هذا التوجه إلى فلسفة اللغة الشارحة كما طوّرها الفيلسوف رودلف كارناب، موضحًا أن النقد الشارح ينشأ من الحاجة إلى تأطير الخطاب النقدي ذاته ضمن لغة شارحة، قادرة على ضبطه منهجيًا، وتقييم أثره المعرفي والوجودي. ويؤكد الدكتور جابر عصفور أن فعل "نقد النقد" ضرورة معرفية وممارسة فلسفية تسعى لتطوير أدوات النقد وتوسيع أفقه، خاصة في مواجهة المتغيرات الإبداعية التي قد تعجز بعض الخطابات التقليدية عن ملاحقتها. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


فيتو
منذ 2 أيام
- فيتو
الثقافة تطلق مشروع إصدار أعمال الدكتور شاكر عبد الحميد بهيئة الكتاب
أعلنت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، عن إطلاق مشروع ثقافي كبير يتضمن إصدار الأعمال الكاملة للمفكر والناقد الراحل الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، وأحد أبرز رموز الفكر والنقد الثقافي في مصر والعالم العربي. مؤلفات الدكتور شاكر عبد الحميد ويشمل المشروع إعادة نشر عدد من مؤلفاته التي صدرت في أوقات سابقة، إلى جانب أعمال تُنشر للمرة الأولى، في خطوة تمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، وتكشف عن جوانب جديدة من الإنتاج الفكري الغزير للدكتور شاكر عبد الحميد. ويهدف المشروع إلى توثيق الإرث الثقافي والأكاديمي لأحد أبرز من تناولوا سيكولوجيا الإبداع والنقد الفني والجماليات، وإتاحته للأجيال الجديدة من القراء والباحثين. وتعد مؤلفاته علامات بارزة في المشهد الثقافي العربي، إذ أسهمت في إعادة رسم العلاقة بين الفن والوعي، والإبداع والهوية. ومن بين أبرز أعماله: التفضيل الجمالي، عصر الصورة، الخيال، الفنون البصرية وعبقرية الإدراك، البحث عن المعنى، العملية الإبداعية في فن التصوير، العلم والجمال، وسحر الكتابة، وغيرها من الكتب التي جمعت بين الطرح العلمي الدقيق، واللغة الرشيقة، والرؤية الفلسفية العميقة. ويمثل إصدار الأعمال الكاملة للدكتور شاكر عبد الحميد تكريمًا لمسيرته وإرثه الفكري، ودعوة متجددة لإعادة قراءة مشروعه النقدي المتفرد الذي ترك بصمة واضحة في الثقافة العربية المعاصرة. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


بوابة الأهرام
منذ 2 أيام
- بوابة الأهرام
وزارة الثقافة تطلق مشروع إصدار الأعمال الكاملة للدكتور شاكر عبد الحميد بهيئة الكتاب
منة الله الأبيض أعلنت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، إطلاق مشروع ثقافي كبير يتضمن إصدار الأعمال الكاملة للمفكر والناقد الراحل الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، وأحد أبرز رموز الفكر والنقد الثقافي في مصر والعالم العربي. موضوعات مقترحة ويشمل المشروع إعادة نشر عدد من مؤلفاته التي صدرت في أوقات سابقة، إلى جانب أعمال تُنشر للمرة الأولى، في خطوة تمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، وتكشف عن جوانب جديدة من الإنتاج الفكري الغزير للدكتور شاكر عبد الحميد. ويهدف المشروع إلى توثيق الإرث الثقافي والأكاديمي لأحد أبرز من تناولوا سيكولوجيا الإبداع والنقد الفني والجماليات، وإتاحته للأجيال الجديدة من القراء والباحثين. وتعد مؤلفاته علامات بارزة في المشهد الثقافي العربي، إذ أسهمت في إعادة رسم العلاقة بين الفن والوعي، والإبداع والهوية. ومن بين أبرز أعماله: التفضيل الجمالي، عصر الصورة، الخيال، الفنون البصرية وعبقرية الإدراك، البحث عن المعنى، العملية الإبداعية في فن التصوير، العلم والجمال، وسحر الكتابة، وغيرها من الكتب التي جمعت بين الطرح العلمي الدقيق، واللغة الرشيقة، والرؤية الفلسفية العميقة. ويمثل إصدار الأعمال الكاملة للدكتور شاكر عبد الحميد تكريمًا لمسيرته وإرثه الفكري، ودعوة متجددة لإعادة قراءة مشروعه النقدي المتفرد الذي ترك بصمة واضحة في الثقافة العربية المعاصرة.