
كيف غيّر النهج التعليمي الشامل في مؤسسة قطر تجربة الطلاب داخل الصف وخارجه؟
في المنظومة التعليمية الفريدة التي توفرها مؤسسة قطر، يرسي مشهد التعليم ما قبل الجامعي آفاقًا جديدة في تلبية الاحتياجات المتنوعة لجميع الطلاب سواء ممن يواجهون تحديات في التعليم، أو أولئك الذين يظهرون قدرات متقدمة. فبفضل مناهج مصممة بعناية، وبرامج متخصصة، ودعم متكامل من قبل إدارة خدمات الدعم التابعة لها، يهدف مركز التعلم، التابع للتعليم ما قبل الجامعي في المؤسسة ، إلى تمكين كل طالب، من اكتشاف إمكاناته وتحقيق التميز.
تقول أمينة ياسر أحمد، وهي من المتفوقين أكاديميًا في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر ورئيسة سابقة لنادي نموذج الأمم المتحدة:" "لقد كان لمؤسسة قطر دور كبير في تطوّري، سواء داخل الصف أو خارجه. فعلى الصعيد الأكاديمي، ساعدني المنهج المتقدّم، والدورات المتنوعة، وتشجيعي على خوض التحديات، في توسيع آفاقي وتجاوز التحديات، مما عزز سعيي الدائم نحو التميز."
وتابعت:" "شخصيًا، منحني التنوع في بيئة مؤسسة قطر فرصة للتعرّف على ثقافات ووجهات نظر متعددة، ما جعلني أكثر انفتاحًا وتعاطفًا، وأكسبني ثقة أكبر في التعبير عن ذاتي. كما وفّرت لي هذه البيئة الداعمة مساحة حرة لاستكشاف اهتماماتي، خصوصًا في مجالي الطب والبحث العلمي."
تؤكّد أمينة أحمد، التي شاركت في أبحاثٍ عدة في سدرة للطب ومعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضوي مؤسسة قطر على الدعم القوي الذي قدّمته لها مدرستها في هذا المسار، موضحةً:" "لقد ساعدتني مرونة المعلمين والمرشدين على تحقيق توازن فعّال بين متطلبات الدراسة الأكاديمية ومسؤولياتي البحثية، إلى جانب ما تلقيته من توجيه ودعم مستمرين شكّلا فارقًا حقيقيًا في تجربتي التعليمية."
وأضافت:" توفر مؤسسة قطر بيئة تعليمية تُثمّن نقاط القوة الفريدة لدى كل طالب. سواء كان التفوق في العلوم، أو الفنون، أو القيادة. وتحرص المؤسسة على ترسيخ ثقافة التعاون، مما يتيح للطلاب باختلاف أساليب تعلمهم أن يعملوا معًا، ويتعلموا من بعضهم البعض. هذه الثقافة الشاملة والداعمة منحتنا شعورًا عميقًا بالتقدير، مهما كان مسارنا الأكاديمي."
وفي السياق نفسه، أشارت ريم جمال شريده الكعبي، طالبة في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، وهي متحدثة عامة، ورائدة أعمال شابة، إلى أن مؤسسة قطر ساعدتها على استكشاف ذاتها بطرق تتجاوز حدود الدراسة الأكاديمية، موضحةً:" "بصفتي قائدة طلابية، أُتيحت لي فرص قيادة فرق يشاركونني الشغف والطموح لصنع التغيير. فبيئة مؤسسة قطر تُشجع على الطموح، وتمنح الشباب مساحة حقيقية للتعبير."
وتتابع:" لقد تمكنت من تطبيق ما تعلمته في الصف الدراسي على أرض الواقع، سواء من خلال تأسيس مبادرات طلابية مثل نادي الطب في ثانوية المدينة التعليمية، والتي تجمع بين طلاب من ثلاث مدارس تنضوي تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي في المؤسسة - وهي أكاديمية قطر- الدوحة، وأكاديمية قطر -السدرة، وأكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا. أو من خلال التحدث في مؤتمرات مثل قمة كيدزانيا 2025."
وأضافت:" في هذه البيئة الأكاديمية الشاملة، لم يُنظر إليّ فقط كطالبة متفوقة، بل كإنسانة تُقدّر مشاعرها وتُحترم خصوصيتها. كنت محاطة بزملاء ومعلمين يحتفون بالاختلاف لا بالتميّز فقط، وهذا ما أتاح لي أن أزدهر كما أنا. الشمولية ساعدتني على بناء علاقات حقيقية، وذكّرتني دائمًا بأن الذكاء لا يتخذ شكلاً واحدًا ، بل يتجلّى بطرق متعددة."
وأوضحت الكعبي والتي مثلت قطر في المنتدى الخليجي الأول للطلاب الموهوبين في الكويت: "لطالما شجعتني أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا على التفكير خارج الصندوق وإدراك القيمة الحقيقية لما أفعله. كما عززت مبادراتنا المدرسية مهاراتي."
يعتمد سيف أفتاب، منسق تعليم، ومعلم في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، في التدريس على نهج شامل يوجّه طريقة تعليمه وتفاعله مع الطلاب داخل الفصل، فبالنسبة له، يبدأ كل شيء ببناء علاقات قوية مع الطلاب وفهم احتياجاتهم.
يقول المعلم سيف: "بعد ترسيخ الأساس، أوظف خبرتي الأكاديمية لتقديم تحديات تعليمية مناسبة، من خلال استراتيجيات فردية تتيح لكل طالب فهم المحتوى والتقدّم بثقة. كما أحرص على توزيع الطلاب بما يتوافق مع احتياجاتهم، لضمان تطورهم وفق وتيرتهم الخاصة."
يعتمد سيف في إشراك الطلاب على استراتيجيات مخصّصة تراعي اختلاف الاحتياجات. يدعم الطلاب الذين يواجهون تحديات تعليمية من خلال التعلّم التدريجي والتعاون مع زملاء أكثر تحصيلًا، مع توجيههم لفهم تقدمهم ووضع أهداف واقعية. أما المتفوقون، فيُكلّفهم بمشاريع شخصية توسّع مداركهم وتحفّزهم لتجاوز حدود المنهج الدراسي التقليدي.
ويضيف:" التعاون مع أعضاء هيئة التدريس الآخرين أمر بالغ الأهمية. نُجري باستمرار مشاريع متعددة التخصصات تضم معلمين من جميع أنحاء المدرسة، وموظفي دعم، وفنيين. على سبيل المثال، أنجزنا مؤخرًا مشروعًا حرفيًا عمل فيه الطلاب مع جهة خارجية. هذا النوع من التجارب يُنمّي مهارات التعاون والإبداع وحل المشكلات في سياق عملي."
ويختتم بالقول: "ما يجعل دعم مؤسسة قطر للمتعلمين الموهوبين وذوي التحديات فعّالًا بحق، هو روح التعاون التي تميّزها؛ حيث يُسهم الجميع في تبادل الأفكار، ويستفيدون من الوصول إلى موارد ومرافق استثنائية تعزز تجربة التعلم وتوسّع آفاقها. تُتيح مؤسسة قطر فرصًا تعليمية فريدة تُثري تجارب الطلاب بطرق قلّما تُقدّمها المؤسسات التعليمية الأخرى."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
سحب الجنسية الكويتية من 1291 شخصاً من بينهم مشاهير
البوابة - قالت وسائل إعلام كويتية، اليوم الأربعاء، إن السلطات قررت سحب الجنسية الكويتية من شيوخ قبيلة شمر "آل جربا" وشيوخ قبيلة عنزة "آل هذال" ومن يتبعهما. وكانت وزارة الداخلية الكويتية قد قالت إن اللجنة العليا لتحقيق الجنسية التابعة لها اجتمعت برئاسة رئيس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد اليوسف الصباح، وقررت سحب الجنسية الكويتية من 1292 شخصًا، تمهيدًا لعرضها على مجلس الوزراء لإقرارها. وهذا أحدث قرار يتعلق بسحب وفقد الجنسية، إذ سحبت السلطات الكويتية وأسقطت الجنسية عن عشرات الآلاف من الأشخاص لأسباب مختلفة، في حملة بدأتها قبل أكثر من عام. ومن أبرز المشاهير التي سحبت منهم الجنسية الكويتية: نوال الكويتية


البوابة
منذ 8 ساعات
- البوابة
القمّة الافتتاحية لمبادرة "بالعربي" التابعة لمؤسسة قطر تعزز الحضور الرقمي للغة العربية
سلّطت القمة الافتتاحية لمبادرة "بالعربي"، من مبادرات مؤسسة قطر التي عُقدت مؤخرًا في الدوحة الضوء على سُبل تعزيز حضور اللغة العربية في المشهد الرقمي، حيث جمعت أبرز الأصوات التي تؤمن بأن للغة العربية دورٌ أساسي في رسم ملامح المستقبل الرقمي، وعلى مدار يومين، شملت جلسات ثرية ومشاركات ملهمة ناقشت سبل تجذير اللغة العربية في ميادين الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، مع الحفاظ على أصالتها وجمالها في ظل مشهد التطور التكنولوجي المتسارع. استقطبت القمّة أكثر من 800 مشارك، وشهدت سلسلة من الجلسات الحوارية والورش التفاعلية والنقاشات الاستكشافية، بمشاركة نخبة من خبراء التكنولوجيا، ورواد الأعمال، والمفكّرين، ممن سعوا جميعًا لاستكشاف آفاق جديدة تعزّز حضور العربية لغة حيّة في عالم عصري متغيّر. وأسفر هذا الحوار البناء بين الخبراء والمبدعين عن رؤى متكاملة أعادت للعربية رونقها كلغة قادرة على التعبير بصدق عن تحديات العصر وابتكاراته. وفي هذا الصدد، قال الدكتور أنور دفع الله، استشاري الترجمة في مبادرة "بالعربي": "ما يميز هذه القمّة أنها تجاوزت حدود التنظير حول أهمية اللغة العربية، لتقدم نماذج واقعية تثبت جدارتها كلغة للعلم والمعرفة". وشارك الدكتور أنور في جلسة استكشافية بعنوان "ترجمة محتوى 'بالعربي': جسر للتواصل العالمي"، حيث تبنى "مشروع الترجمة المفتوح" الخاص بالمبادرة لتحويل المحتوى العربي إلى اللغات المختلفة، لتعزيز وصوله إلى جمهور أوسع. وأشار إلى أن هذا المشروع "يهدف إلى إتاحة جلسات متحدثي 'بالعربي' للعالم من خلال ترجمتها إلى لغات متعددة، ونشر المعرفة، ودعم التوسع الرقمي للغة العربية، بالإضافة إلى تعزيز الاعتراف العالمي بالهوية العربية وإحداث تأثير مجتمعي عبر نقل الأفكار الملهمة إلى الناطقين بمختلف اللغات". وفي ظل النجاح اللافت الذي حققته القمة الافتتاحية، تستعد المبادرة لإطلاق النسخة الثانية من قمة "بالعربي"، إلى جانب مجموعة من الفعاليات الإقليمية التي ستُقام في دول المنطقة. وقد انعقدت القمة الأولى تحت شعار "للأفكار صوتٌ وصدى"، فألهمت المُبتكرين الناطقين باللغة العربية لاستكشاف آفاق جديدة، ومشاركة أفكار وقصص تجارب تثري المشهد الرقمي العربي. وفي هذا السياق، يقول فيصل العقل، المنتج التنفيذي لمجموعة "سرد" الإعلامية من الكويت: "لاحظنا في السنوات الأخيرة عودة لسؤال الهوية واللغة في مجتمعنا العربي، وبدأت مع هذه العودة مرحلة جديدة من مراجعة القِيم التي نعيش بها واللغة التي نفكر ونتحدث بها، فيما بيننا ومع أطفالنا، ونُنتج من خلالها العلوم والفنون. وجاءت قمة "بالعربي" كفرصة للحوار وتبادل التجارب والخبرات مع صنّاع المحتوى وأصحاب الاهتمام والخبرة في الوطن العربي". وتابع قائلًا: "نحن نستند إلى إرثٍ طويل وملهم من التراث العربي والإسلامي الأصيل، ومن المهم تحويل هذا التراث إلى مصدرٍ للإلهام في يومنا الحاضر، وألّا نركن إلى استيراد جميع معارفنا وأفكارنا من الغرب أو اللجوء إلى التغني بالماضي والعيش من خلاله هروبًا من مسؤوليتنا في إكمال المسيرة وما تتطلبه هذه المسؤولية من عملٍ دؤوب مستمر". وختم العقل بالتأكيد على أهمية مثل هذه اللقاءات التي تجمع أصحاب الاهتمام والشأن في العالم العربي. تجلّى ذلك الزخم في القصص الملهمة التي شاركها المتحدّثون، وأبرزت الدور المحوري للغة العربية في مختلف المجالات، من التكنولوجيا إلى ريادة الأعمال، مرورًا بالفنون وعلوم الفضاء. ومن بين تلك المشاركات، طرح عبد الرحمن سيدي من موريتانيا رؤيته لإعادة النظر في أنظمة العمل التقليدية. وبصفته باحثًا في إدارة الأعمال، اقترح نظام دوام يتناغم فيه الإيقاع الكوني مع الإيقاع الوجودي. وشرح رؤيته التي تجمع بين الفلسفة والعلم نموذجًا جديدًا لنظام العمل، حيث يصبح الزمن عاملًا مساعدًا للإنسان بدلًا من أن يكون مصدرًا لاستنزافه. قال عبد الرحمن سيدي: "نحن بحاجة إلى أنظمة مرنة تتناغم مع إيقاعاتنا الطبيعية، وتجعل العمل جزءًا من حياتنا، لا كل حياتنا"، مضيفًا: "يجب أن يكون العمل تعبيرًا عن الذات، لا عبئًا عليها. لذلك نحتاج إلى أنظمة عمل مرنة تتناغم مع الإيقاعات الكونية وتُحقّق التوازن بين الإنتاجية وجوهر الوجود الإنساني". أما المهندس المصري تيمور الحديدي، فقد شارك الجمهور رحلة بحثه عن سكن مريح، التي تحولت إلى مشروع استثنائي، حيث بنى المهندس بالفطرة قصرًا من المواد المعاد تدويرها. كما نقلتنا إلى الفضاء المهندسة ديانا السندي، العراقية التي انضمت إلى وكالة ناسا، على الرغم من أنها لم تحلم بالفضاء قبل بلوغها سن السادسة عشرة، ثم جعلت الفضاء مغامرة مفتوحة ومتاحة للجميع. ومن جهتها، أخرجت المؤثرة الأردنية سلام قطناني العلوم من المختبرات إلى رحاب المغامرة والإثارة. ومع إسدال الستار على القمة الافتتاحية لمبادرة "بالعربي"، يظل الأثر الذي أطلقته حاضرًا، شاهدًا على أهمية رسالتها في دعم المحتوى العربي وتعزيزه في مختلف المجالات..


الغد
منذ 15 ساعات
- الغد
المشهد الشبابي الأردني.. أزمة أم بداية عهد جديد؟
اضافة اعلان يبرز ملف الشباب الأردني اليوم بوصفه عقدة التقاطعات الكبرى بين الاقتصاد والسياسة والثقافة، ومقياساً لمدى قدرة الدولة على تجديد بُنيتها الاجتماعية في ظل تحولات ديموغرافية حاسمة. فتركيبة سكانية تصطف فيها الأغلبية المطلقة دون سن الثلاثين، تُنذر إما بعصر ذهبي إذا جرى استثمارها، أو بتفاقم أزمات بنيوية إذا تُركَت على هامش التخطيط.أول ما يلفت النظر في مشهد الشباب الأردني هو التناقض الصارخ بين ارتفاع نسب التعليم الجامعي وبين تفاقم البطالة. فبينما تتفاخر الجامعات بتخريج عشرات الآلاف سنوياً، يتشكل طابورٌ طويل من العاطلين، ربعهم من حملة الشهادات العليا. هذه المفارقة تعكس عطباً مزدوجاً: سوق عمل محدود القدرة الاستيعابية، ونظاماً تعليمياً ما يزال يُنتج تخصصات لا تتسق مع أولويات الاقتصاد الوطني. فالاقتصاد الأردني، الذي ينمو بمتوسط 2.5–3 % سنوياً، يُشَبَه بشاحنة صغيرة تحاول حمل أثقال شاحنة ثقيلة؛ أي أن طاقته الاستيعابية أقل بكثير من مخرجات الجامعات، ناهيك عن فجوة المهارات بين ما تدرس في القاعات وما يَطلبه أرباب العمل.في المقابل، يحق للأردن أن يفتخر ببنيته التحتية الرقمية وبتفوقه الإقليمي في اختراق الإنترنت. غير أن الاقتصاد الرقمي تحول حتى الآن إلى «منصة فضفضة» أكثر منه «منصة إنتاج». ملايين الحسابات على وسائل التواصل تفتح أبواباً واسعة للتعبير والنقاش، لكنها لم تُترجَم بعد إلى فرص ريادية كافية تستوعب حماس الأجيال الرقمية. إذ ما يزال الاستثمار في الشركات الناشئة محدوداً، ويواجه رواد الأعمال معيقات تمويليةً وتشريعيةً، فيما تُهاجر الأفكار المبتكرة إلى أسواق أكثر رحابة في الخليج أو أوروبا.تُظهر استطلاعاتُ رأي متواترة تراجعاً مطرداً في ثقة الشباب بالمؤسسات الرسمية، وهو تراجعٌ تؤججه عدد من العوامل رئيسة منها: الشعور بالعجز الاقتصادي، والانطباع بأن مسارات المشاركة السياسية مغلقة أو مقيَدة،. وينبغي هنا التفريق بين «اللايقين المشروع» الذي يصاحب التحول الديمقراطي، وبين «اليأس» الذي ينتج عن وعود لا تجد طريقها إلى الواقع. فمنذ انطلاق «رؤية التحديث الاقتصادي» تَعد الحكومة بمليون فرصة عمل، لكن ما يصل الشباب من هذه الوعود هو مجرد رقم يَستعصي على التحقق، خاصةً إذا ظل النمو دون 5 % سنوياً وهو المعدل اللازم لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.ثلاثة سيناريوهات حتى 20301. سيناريو القفزة التنمويةيعتمد على تفعيل الرؤية الاقتصادية وتبني خطة تحفيز صناعي رقمي أخضر، مع إصلاحات ضريبية تُخفف العبء عن المشروعات الناشئة. هذا المسار قد يخفض البطالة الشبابية تدريجياً ليصل إلى أقل من 30 % في 2030، بشرط رفع النمو إلى 5–6 % وزيادة المشاركة النسائية في سوق العمل.2. سيناريو الركودإذا تعثرت الخطط وبقي النمو حول 3 %، ستتراكم الطاقات المُهمَلة، ويتضخم الاحتجاج، في هذا السيناريو، يتحول الفضاء الرقمي من منصة نقاش إلى غرفة صدى يغذي اللايقين.3. سيناريو التوازن المرنيُبنى على شراكات محلية تمكن البلديات من لعب دور «مُسرعات نمو» عبر الحاضنات الريادية والمشروعات الزراعية الذكية. ويتطلب هذا النهج إعادة توزيع عادلة للإيرادات الضريبية بحيث تحتفظ المحافظات بجزء أكبر من حصيلة الضرائب لتحفيز الاستثمار المحلي.لا بد من التفكير خارج الصندوق التقليدي لعلاقة التعليم بسوق العمل. فالعالم يتجه إلى اقتصاد المهارات micro-credentials، حيث يُعطى الوزن الأكبر للمهارة القابلة للقياس لا لمسمى الدرجة العلمية. ويستطيع الأردن الاستفادة من هذا التحول عبر برامج تدريب مكثفة قصيرة الأجل تُشرف عليها شركاتٌ خاصة بالشراكة مع الجامعات، وتُموَّل جزئياً من صندوق تنموية أو عبر حوافز ضريبية. بذلك ينتقل الخريج من انتظار «وظيفة حكومية» إلى صناعة «فرصة خاصة» تُنشئها مهارته المعتمدة دولياً.أرقام البطالة بين الشابات صادمة، وتتطلب مقاربةً خاصة تتجاوز التنميط الثقافي إلى تمكين اقتصادي فعلي. توفير حضانات مدعومة، وبيئات عمل مرنة، وتشريعات تحظر التمييز في الأجور، جميعها إجراءات لا تزيد العبء المالي كثيراً بقدر ما تخفف العبء الاجتماعي المتمثل في نصف قوة العمل المُعطلة.يقدم الشباب الأردني اليوم اختباراً حياً لصلابة العقد الاجتماعي: هل تستطيع الدولة تحمل كلفة العدالة؟ العدالة هنا ليست شعاراً، بل معادلة تنمية مستدامة، إذ لا يمكن لاقتصاد صغير محاط بأزمات إقليمية أن يركن إلى عدم التخطيط. لذلك، يُفترض بالقرار الرسمي أن ينقل الرؤية من لغة الشرائح التقديمية إلى لغة الأرقام المنجزة، وأن يستند في تقييمه إلى مؤشرات قابلة للتحقق: نمو حقيقي في فرص العمل، ارتفاع ملموس في مشاركة المرأة، تحسن في ترتيب الأردن على مؤشر تنافسية الاقتصاد.حان الوقت للانتقال من شعار «تمكين الشباب» إلى فعل «تمكين الوطن بالشباب». حين تُفتح لهم الأبواب سيحولون الضجيج إلى تنمية، والاحتجاج إلى ابتكار، والسخط إلى طاقة تغيير بناءة. المستقبل ليس حدثاً مؤجَلاً بل نتيجة قرارات تُتخذ اليوم؛ وكلما أسرعنا في تفويض الجيل الجديد، تقدم الأردن خطوةً إضافية في سباق التنافسية الإقليمية، مؤكداً أن صوته ليس ضجيجاً بل صدى عدالة تتحقق.فالشباب، وهم الشريحة الأكثر تأهلاً لإدارة المستقبل، لم يعودوا يقنعون بالإصغاء؛ إنهم يطلبون دوراً في كتابة السيناريو القادم.