حفل تنكري عالمي
لا تحتمل إسرائيل من حلفائها الأوروبيين حتى القليل من التهديد اللفظي والإجراءات الشكلية. ثارت غضبة نتنياهو لبيان فرنسا وكندا وبريطانيا، الذي «يعارض بشدة» العمليات العسكرية في غزة، ويطالب بإدخال مساعدات، ملوحاً بعقاب (قد) يأتي. إسرائيليون وصفوا الموقف الجديد بـ«تسونامي» على إسرائيل، ونتنياهو اعتبرها «جائزة كبرى» لحركة «حماس». مع أن كل ما نسمعه لا يزال في حيز الكلام.
بمقدور أوروبا أن تفعل الكثير، لكنها تكتفي بالتلويح وخطوات محدودة. بعد 53 ألف قتيل، غالبيتهم من العزّل، باعتراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يشهده صراع من قبل، تستشيط بريطانيا، وكل ما تفعله، أن تجمّد مفاوضات حول توسيع التجارة الحرة مع حليفتها، وتستدعي السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفلي. مع ذلك تقوم القيامة في إسرائيل. فرنسا تهدد بالاعتراف بدولة فلسطينية، بعد وقت من التفكّير والتردد حتى تصير الدولة الموعودة وهماً من دون مقومات، أو إمكانات، بعد أن يفنى العباد.
من غير لبس، أعلن وزير المالية سموتريتش أن هدف الهجوم الأخير «عربات جدعون» هو: تفكيك غزة وتدميرها تدميراً شاملاً لا سابق عالمياً له (علماً بأنها مدمرة)، حيث «لا دخول ولا خروج، بل غزو وتطهير، والبقاء حتى القضاء على (حماس)». يعتمد هؤلاء في إجرامهم على أن «الجميع اعتادوا فكرة أنه يمكنك قتل 100 غزّي في ليلة واحدة... ولا أحد في العالم يهتم»، هكذا يتفاخر العضو في البرلمان تسفي سوكوت، وهذا ما يحدث فعلاً.
كثيرون يقولون إن الحرب صارت عبثية وبلا هدف واضح، مع أن المسؤولين الإسرائيليين لا يتوقفون عن تأكيد غايتهم الأخيرة: «التهجير».
هل تتناسب الردود على إسرائيل مع فظاعة الجرائم التي ترتكبها والنيات التي تعلنها؟ وهل تستحق التحركات والتصريحات والتهديدات الأوروبية الرمزية الاحتفاء العربي بها باعتبارها تحولات استراتيجية. لا شيء يشي بذلك. سموتريتش نفسه يعتبر أن إدخال أقل من القليل من الطعام قد يكون كافياً لإسكات الحلفاء المحتجين، الذين جلّ ما يزعجهم رؤية 14 ألف طفل يموتون جوعاً في الأيام القليلة المقبلة.
الموقف الأوروبي هو إعلان براءة مسبقة من النكبة الحتمية المقبلة التي تصرّ عليها إسرائيل. المخاوف هي غدر التاريخ من محاكمات دولية قد تطال رئيساً هنا، ووزيراً غربياً هناك. الجميع يريد أن يغسل يديه من الإبادة قبل أن تنتهي. اللغة الدبلوماسية المستخدمة من نوع «احتمال مجاعة» أو «شبهة إبادة» تبدو مقززة، إذ لم يعد من شبهات ولا احتمالات. الكارثة قائمة، والفظائع منقولة على الهواء.
نتنياهو وصف الموقف الأوروبي بـ«النفاق الأخلاقي». قد يكون هذه المرة صادقاً. إذ إن أوروبا لا تزال الحديقة الخلفية التي تتنفس منها إسرائيل. تتبادل معها التجارة من دون عوائق. منذ زمن بعيد تعتبر نفسها جزءاً من أوروبا، فهي عضو في اتحاد كرة القدم، وتتنافس في مسابقة الأغنية «يوروفيجن» حتى وهي ترتكب جرائمها، وترتبط مع الكثير من بلديات كبريات المدن باتفاقيات تآخٍ وتعاون.
أوروبا شريك اقتصادي أساسي لإسرائيل، منها تستورد ثلث احتياجاتها، وإليها ترسل ربع صادراتها، وهذا يشكل أكثر من 47 مليار يورو، أي يكاد يوازي معاملاتها مع أميركا.
الأهم أن الكثير من الصادرات عسكرية لها صلة بالصواريخ وأنظمة الدفاع والطائرات من دون طيار. بقيت التبادلات والمؤتمرات والاتفاقات على حالها. لا بل تم عقد صفقات على أسلحة طورت بعد تجريبها على الغزيين أثناء الحرب، رغم كل ما سمعناه من كلام إنساني وتعاطف وإدانات.
لم نرَ أي إجراء جدي، لا خوف على انقسام دول الاتحاد حول موضوع حساس، بل لأن مصلحة إسرائيل تفوق أي اعتبار. يصف إسرائيليون الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه أقرب الأصدقاء، لكنه وغيره من الحلفاء الخلّص يخشون فعلاً أن تكون إسرائيل بدأت بحفر قبرها ذاتياً. يرون الرأي العام يتنامى ضدها، ويحاولون ردعها لمصلحتها، لا حباً بقضية عادلة تستحق تحريك ضمائرهم.
وإذا كان من مخاوف داخلية، فهي المزيد من الانقسام المجتمعي، واستغلال اليمين المتطرف لمشاعر الكراهية تجاه العرب لتغذية طروحاتهم وبث سمومهم.
ألمانيا ماضية في دعمها الكبير لإسرائيل، فرنسا لم توقف شراء قطع لمصانع الأسلحة، وإسبانيا التي نظن أنها رأس حربة، لم تعلق التعاون مع الشركات الإسرائيلية الأمنية. كل شيء يسير على خير ما يرام. الآن فقط صدّق البرلمان الإسباني على (النظر) في (مقترح) حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل.
ما وصلنا إليه، لا مفاجأة فيه. منذ بدء الحرب شرح وزير التراث إلياهو أنه يحبذ استخدام السلاح النووي ضد الفلسطينيين، ووصفهم بـ«الوحوش» واقترح إرسالهم إلى «الصحارى» بعد قطع الغذاء عنهم.
هل من جديد؟! قد تكون إسرائيل اليوم بكل وحشيتها هي الأكثر وضوحاً في هذا الحفل التنكري العالمي.
الشرق الاوسط

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 5 ساعات
- الغد
عضو كنيست: أكثر من 200 فلسطيني ذبحوا في غزة خلال 48 ساعة
قال عضو الكنيست الإسرائيلي عوفير كسيف، الثلاثاء، إن أكثر من 200 فلسطيني "ذبحوا" خلال 48 ساعة الماضية جراء العمليات العسكرية المتصاعدة في قطاع غزة فيما شُرد مئات آلاف آخرون. اضافة اعلان وكسيف نائب عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساوة"، وهو حزب عربي ـ يهودي مشترك يرفض حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بغزة ويدعو إلى وقفها. وقال كسيف في منشور على منصة إكس: "أكثر من 200 فلسطيني ذبحوا خلال 48 ساعة الماضية، وشُرد مئات الآلاف". وأضاف أنه بالنسبة إلى الأغلبية في إسرائيل، فإن القتلى الفلسطينيين "ليس لديهم اسم ولا هوية". وتابع: "بالأمس، حاولتُ أن أروي قصة أحدهم، الدكتور عبد الله مقاط، الذي كان يدير مكتبة عامة في غزة، وأُحرق حتى الموت مع عائلته بأسرها"، في إشارة إلى كلمة له بالكنيست. وأضاف في منشوره: "لكن بالنسبة إلى الفاشي في الكنيست، كان هذا الأمر فوق طاقتي، وبالنسبة إلى مجرمي الحرب، فإنه يُحظر إضفاء الطابع الإنساني على فلسطيني واحد. لكن لن يُحطموا معنوياتي لمواصلة النضال من أجل مستقبل أفضل لكلا الشعبين على الأرض". وأشار إلى أن النائبة طالي غوتليب من حزب "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حاولت اعتراض كلمته في الكنيست الاثنين، حيث نقل عنها قولها: "الرجل مجنون، أخرجوه من القاعة". أما عضو الكنيست من "الليكود" أوفير كاتس، فوصف كسيف بأنه: "داعم للإرهاب، داعم لحماس!"، وفق تعبيره. والاثنين، عاد كسيف إلى الكنيست بعد أن قررت لجنة السلوكيات في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إبعاده 6 أشهر وحرمانه من راتبه لمدة أسبوعين، على خلفية انضمامه إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في إطار حربها المتواصلة على قطاع غزة. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت تلك الإبادة التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.-(الأناضول)


الغد
منذ 5 ساعات
- الغد
خبير الاستخبارات أبو زيد: جدعون إعلان زائف و'جيمس بوند إسرائيل' يبحث عن نصر نرجسي باستشهاد السنوار
تحدث خبير استخبارات أردني بارز عن ساعات قليلة مقبلة قد يكشف النقاب بعدها عن أهداف ما سماه بـ'عملية عسكرية إسرائيلية زائفة' تحمل اسم الملك اليهودي جدعون للتغطية على ما يبدو على عمل استخباراتي موصوف قامت به الأجهزة العسكرية ولم يتسن بعد التوثق من نتائجه. اضافة اعلان وعبر الخبير العسكري والاستخباراتي الأردني نضال أبو زيد عن قناعته بأن ما يسميه الإسرائيليون بعملية جدعون ليس أكثر من إعلان زائف للتغطية على عمل استخباراتي آخر، مشيرا إلى أن العملية الزائفة سلطت الضوء على محور المستشفى الأندونيسي -بيت حانون لكن الجهد الحقيقي ذهب باتجاه كوسوفيم إلى خان يونس وكان المحور الأول للتضليل. وشد أبو زيد في تصريح تقني يحلل ما حصل لـ'القدس العربي' على أن 'الجهد الإسرائيلي الرئيسي الآن استخباراتي وليس عملياتيا'، معبرا عن ترجيحه بأن كلا من جهازي أمان وشاباك يحاولان التواصل مع مصادر بشرية على الأرض مما اقتضى التضليل والإعلان الزائف. وقد تكون المسألة مرتبطة بالبحث عن نصر نرجسي عنوانه التوثق من اغتيال قادة أساسيين وكبار أهمهم القائد محمد السنوار. أجهزة الاستخبارات برأي أبو زيد حاولت التواصل مع مصادر على الأرض مما برر القصف والرواية الإعلامية التي يصر أبو زيد على وصفها بـ'زائفة'، معتبرا أن ما يسميه العدو بالتوسع وعملية عربات جدعون لم تبدأ بعد والسبب الواضح أنها قد لا تبدأ فعلا لأن إسرائيل ليس لديها القدرة على حشد قوات الاحتياط لتنفيذ عملية موسعة في قطاع غزة عنوانها التوغل والاقتحام والاختراق والسيطرة في ذات الوقت وهو ما برر لاحقا حديث الجيش عن دعم خيارات التفاوض والصفقة. بنيامين نتنياهو يدعم وفقا لأبو زيد عمليات انتقائية. ويخطط في الساعات القادمة للإعلان عن استشهاد السنوار. لكنه في كل حال يبحث عن مظهر انتصار نرجسي ويغريه اللقب 'جيمس بوند إسرائيل' الذي أطلقته عليه وسائل إعلام غربية عند استشهاد حسن نصر الله وبالتالي يبحث المستوى السياسي الإسرائيلي عن أجواء ومناخات بطولات نرجسية. إسرائيل عسكريا، ثمة شكوك في أنها تستطيع فعلا تنفيذ عملية عسكرية موسعة خلافا طبعا لإعادة احتلال قطاع غزة.-(القدس العربي)


الغد
منذ 5 ساعات
- الغد
هآرتس: ما ترتكبه "إسرائيل" في غزة "جريمة حرب جماعية"
أقرت صحيفة "هآرتس" العبرية، الثلاثاء، بأن ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة يعد "جريمة حرب جماعية". وقالت في افتتاحيتها: "لا يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش إخفاء الجرائم التي يرتكبانها بالفعل أو تلك المخطط لها في المستقبل القريب: تدمير غزة، واحتلالها، وتنظيم التهجير الجماعي". اضافة اعلان وأضافت الصحيفة: "بالنسبة إليهما (نتنياهو وسموتريتش)، الكارثة الإنسانية مجرد قضية دبلوماسية عامة". والاثنين، أكد نتنياهو إصراره على مواصلة إبادة واحتلال غزة، وقال في تسجيل مصور بثه على منصة تلغرام: "سنسيطر على (نحتل) جميع أراضي قطاع غزة، هذا ما سنفعله". وتابعت الصحيفة: "إن ما تفعله إسرائيل في غزة ليس مسألة دبلوماسية عامة، بل جريمة حرب جماعية، فالصور القادمة من غزة وصمة عار لا تُمحى في ضمير إسرائيل الأخلاقي". وزادت: "بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة، يتعين على الحكومة أن تسمح بدخول مساعدات إنسانية كبيرة لوقف المجاعة الجماعية للفلسطينيين على الفور وإنهاء الحرب من خلال اتفاق وقف إطلاق النار يضمن عودة جميع الرهائن" تقصد الأسرى الإسرائيليين بغزة. وتواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود منذ 2 مارس الماضي، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين. فيما وسع الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية إبادته في قطاع غزة، معلنا "عملية برية في شمالي وجنوبي القطاع". يأتي ذلك في وقت تشهد فيه قطر مفاوضات غير مباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل، في محاولة جديدة لإبرام اتفاق لوقف حرب الإبادة وتبادل أسرى. وأعلنت حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين. لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية بغزة، وهو ما ترفضه الأخيرة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمرا. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت تلك الإبادة التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.-(الأناضول)