logo
"النُباح الأخير" قصص لمفلح العدوان

"النُباح الأخير" قصص لمفلح العدوان

عمون٠٦-٠٥-٢٠٢٥

عمون - قصص "النباح الأخير" لمفلح العدوان تجمع بين التاريخ والشعر واستلهام الوحي في الأديان السماوية.
ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 128 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 14 قصة تتنوع موضوعاتها، لكنها تتفق في بنيتها الأساسية، إذ يمزج فيها الكاتب السرد بالشعر، مستشهداً ببعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وبعض من تراث الديانات السماوية الأخرى.
يبدأ مفلح العدوان كتابه بتنويه تنفكُّ رموزه شيئاً فشيئاً خلال قراءة قصص الكتاب؛ يقول فيه:
"الذاكرة في طريقها إلى خزائن النسيان..
قصص المكان موزّعة بين الآلهة والبشر..
ولا شاهد عليها إلا ما تبقّى من نقوش الحَجَر!".
تبدأ أولى قصص المجموعة بعنوان الكتاب "النباح الأخير"، والذي يستلهم قصة "قطمير"؛ كلب أهل الكهف، راوياً بعض أحداثها، مختتماً بفقرة يقول فيها مفلح العدوان: "خرج السبعة وثامنهم كلبهم، ثم وضعوا صخرة كبيرة على بوابة الكهف، ونزلوا بكل حريتهم يبحثون عن أناس مثلهم ناموا مرات عديدة، وبقوا ينتظرون الفرصة ليعودوا إلى الحياة مرة أخرى بلا رقيب يتعقَّبهم".!
وفي قصة "مسيح عفرا" يؤنسن مفلح العدوان السنديانة (بطلة القصة) وصاحبة الحضور الأبرز فيها قائلاً:
"أحسَّ بالسنديانة تريد معانقته، فانتبه لها أخيراً.
تأمّلها، وناجاها: ستكونين تابوتي، أو صليبي، أعرف هذا، لكنك مني، تفهمينني أكثر منهم، وتعرفين أن من يَقطعك هو ليس من صُلبك، وأن من يُحرِّرك هو منك وإن اختلفت عقيدته.. أنت أقرب الجميع إليَّ، حتى عند مماتي.
هزَّت أغصانها مُلَوِّحة له، وابتعد".
وفي قصة "شهادة وفاة" نجد أنفسنا أمام لوحة مرسومة بالكلمات للبحر الميت، والذي من شدة ملوحته لا تعيش فيه أي كائنات بحرية، يقول مفلح العدوان:
"غافلتني الحكاية..
كيف نسيتها من كَثرة ما زرت "البحر الميت"، فلم أستعِد تلك اللحظات الأولى لهذا المقام، وكأني أُعيد سرد ملحمة الموت الأولى، في مكان محدد، هنا؟
ياه.. كم نتحمل هنا من أوزار وجدناها أمامنا، ولا ذنب لنا في نواميس حُوَاة الجغرافية!
أنظر عميقاً حيث فضّة البحر..
ترى ماذا يختفي تحته؟ ما اسمه قبل أن يكون ميتاً؟
أتذكر "سدوم"!!
أعود إليها حين كانت قرية، ولم يكن، آنذاك، هواؤها ملحاً، ولم تكن الحياة مصادرة منها، وكان الصخب ملء المكان؛ أناس يتحرَّكون، وتجار يبتاعون ويشترون، وأسواق، وساحات، ومراعٍ، وبساتين".
وفي القصة نفسها يتساءل الكاتب، مضفّراً الشعر في السرد، إذ يقول مفلح العدوان:
"هل أودع التمثال الملحي، وأتركه وحيداً؟
كان وجهه ملتفتاً إلى الخلف، كأنه حائر بين الشوق لمكانه الذي تربَّى فيه، وعاش هناك أيام طفولته ولحظات شبابه، حيث الأهل والأقارب والجيران وكل من يعرفهم، حائر بين كل هؤلاء وبين الأمر الإلهي في أن من ينظر إلى الخلف فسيكون عقابه السكون والجمود.
وصارت امرأة لوط تمثال ملح، بينما آوى زوجها وابنتاه في الكهف القريب، رغبة في الراحة، وتوقاً إلى النسيان!".
ويعرِّج في القصة ذاتها على ذكر نبي الله لوط، وذلك الاختبار الصعب الذي تعرّض له، راسماً صوراً إبداعية تفتح الآفاق لتخيّل الأحداث وكأن القارئ يحياها من جديد، يقول مفلح العدوان:
"ياه.. كم عانيت من الظلم يا لوط!
أنت، حتى خروجك، واستراحتك هنا، مختلف عليها.
لا أريد أن أرى ذاك الكهف.. كُلُّه شبهات، وشكوك.
أحمل ما تبقى من وسواس يزنُّ في رأسي، وأتابع دربي إلى قرى "لوط"، إلى "البحر الميت"، والفصل صيف، والعرق ينزُّ كأنّ في الزيارة عقاباً، أو عتاباً، أو دعوة لتهجِّي أيِّ ظل قريب كي تكون الرؤية واضحة جلية.
عميقاً أترك ملح المرأة وأمضي..
أبحث عن شهادة وفاة هذا البحر، فأراه مكشوفاً أمام عينيَّ، وأرى زواره يعيدونه سيرته الأولى صخباً، وطرباً، وتوقاً لزمن الصالحين قبل أن يفسدوا!".
وفي قصة "العثماني" يستعرض المؤلف عدداً من الأحداث التاريخية التي طعَّمها بأسماء بعض الشخصيات، مثل سعيد بن خالد بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية الأموي العثماني الفديني، الذي يقول مفلح العدوان على لسانه:
"جدِّي لم تقتله الفتنة، بل قتله الزمن الذي طعنه غدراً، بصمت أصحابه، وبِكَيد ذوي القربى.
لم يسعفه أحد، وكان أحد المُبشّرين بالخير، فلماذا لم يلتفّ حوله المؤمنون بِصدق الكتاب؟!
أين كانت "الحجاز" و"العراق" و"الشام"، حين قَطّعوا أصابعه، وهو يقرأ قَداسة الكلام، ثم مَزّقوه، كأنه ليس منهم؛ جدّي عثمان الأول الذي بات يَتَقمَّصني بدمه في هروبي الطويل هذا، ويتلبَّسني بِنسبي إليه، الذي وشمني به عنواناً طيلة سنوات عمري، فصرت أُنادَى بالعُثمانيّ.
وأنا لا أريد تكرار مأساة نهايته، ولا أريد الصمت على جُور الذين قتلوا جدي؟!
أين هي "الشام" الآن، وهم يحاصرونني؟".
وفي قصة "المَجوس يَحرِقون البَازلت!" يطرح مفلح العدوان عدداً من التساؤلات على لسان شخصية تاريخية أخرى هي "مِيشَع بن كَموش مَلك مُؤاب الذيباني"، فيقول:
"تَخبَّأت كل تلك السنوات بين هُدب التراب، وسُويداء الذاكرة.. فَمَن أشعل النار بجسدي؟ مَن سَرق بقايا رماد حروفي؟
النار.. النار..
تلك التي طهّرتني من الزمن الذي أنا مُقْبِلٌ عليه، فَتَكالبت عَلَيَّ بأيدٍ من ترابي، وَبِشُعلة من بني طِينتي، الذي منه بُعِثت مِسَلّة، واسمي مُتماهٍ مع ذات ميشع، ومَقرون حضوري بهذا المكان.. ذيبان"!"
مَن أَشعل النار بي؟!
مَن نَقل رُفاتي إلى بَلدٍ غَريبٍ، لا أرى فيه إلا غُرباء، هُم ليسوا مثلي؟
أنا المِسَلّة التي باركني الإله كَموش، وَحَفر الملك ميشع الحَرف عَليّ..
هذا آخر زمان..".
وفي قصة "سبيل الحوريات" يبدأها الكاتب بعنوان فرعي "حالة عشق" يقول فيها:
"أتأمَّل الرسم..
هذا حب من أول خط، وكأن للون سحر النظرة العذراء!
متى كان هذا؟!
مَرَّة حين تَجَشَّمت عَناء المَسير وَحيداً بين سقف السيل ودرج فرعون مروراً بسبيل الحوريات وسط البلد؛ مدينتي عَمّان، وَمَرَّة أخرى عندما قرأت أن الصبايا كُنّ يَلهَثن فِتنة وَيَزدَدن حُسناً ما إن يَدخُلن رُخام السَّبيل فتلتحم أجسادهن رسماً على حُلم المكان.
أُراوغ النبض.. أتملَّى نُقوش الفتنة هناك.
لم يَكُنَّ بلا أرواح، وكأن أُنثاي التي أعشق هي إحداهنّ، وهذه تجربتي الأولى في وَلَهٍ أسميه تَوقاً، وينعتونه استلاباً وأسراً.. تلك أنثاي، وهذا حُب، لا حبر على ورق!".
وفي القصة التي اختتمت بها المجموعة "المَوءودة الغريقة!" وكأن الكاتب قد اختار أن يتجول على حقب متتابعة من التاريخ، يبدأها بالتعريج على الكنعانيين، حتى يصل إلى صلاح الدين الأيوبي، فيقول مفلح العدوان:
"من أنا الآن؟
بائس أنا حين لا أعي أنني حارس المدينة المُطارَد فيها، لأني ضميرها المُختبئ في جوف البحر.
أغيب، وأعود مُتَجَسِّداً كل حين بِوجه من وجوه ماضيها..
ياه.. ما أنقى تلك اللحظة حين كنت أنفض رذاذ الماء من على جناحيّ، مُتأَمِّلاً البحر الأحمر الذي خبرته، والذي حين انتبه إلى حُلولي صار خاشعاً لمِهابة حُضوري، فتداعت في دواخلي خطواتي عندما خرجت من مجمع الآلهة الكنعاني، بعد أن انفضّ من حولي جَمع الآلهة الذين أرأسهم في قاعة اجتماعي بهم! ذَهبوا إلى كل الجهات، وتاقت ذاتي للراحة في مساحة أقتطعها لاسمي، وأباركها بحضوري.. أين أذهب في غيابي؟".
ومن الجدير بالذكر أن مفلح العدوان، قاص وروائي وكاتب مسرح وسيناريو وصحفي وباحث، مواليد الأردن عام1966م، حاصل على بكالوريوس هندسة كيميائية من الجامعة الأردنية، عام 1990م. مؤسس ورئيس مختبر السرديات الأردني لعدة دورات، عمل مديرا لوحدة الشؤون الثقافية في الديوان الملكي الهاشمي-الأردن، ومديرا للمركز الثقافي الملكي في وزارة الثقافة الأردنية، وكاتباً في جريدة الرأي الأردنية. صدر له في القصة القصيرة سبع مجموعات قصصية هي: "الرحى"، الدواج"، "موت عزرائيل"، "موت لا أعرف شعائره"، "شجرة فوق رأس"، "نحت آخر لتمثال المفكر/ مختارات قصصية"، "هب لي عيناً ثالثة". وله رواية واحدة عنوانها "العتبات" صدرت عام 2013م، وأصدر في البلدانيات والرحلة وأدب المكان العديد من الكتب: "عمان الذاكرة"، وثلاثة أجزاء من "موسوعة القرية الأردنية/ بوح القرى"، و"معان وقراها"، "سماء الفينيق/ رحلتي إلى فلسطين". وصدر له في المسرح والمونودراما "مسرحية عشيات حلم"، و"ظلال القرى وآدم وحيداً/ مسرحيتان"، "أربعة نصوص مسرحية: ظلال القرى/عشيات حلم/بلا عنوان/سجون"، "من قتل حمزة؟/ كتابة مشتركة"، "مرثية الوتر الخامس/ مونودراما".
وكتب سيناريوهات الكثير من الأفلام الوثائقية، وأقام عدة معارض فوتوغرافية. كما فاز مفلح العدوان بالعديد من الجوائز العربية والعالمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لم يسجله بقدمه اليسرى .. ميسي يكشف "أفضل هدف" في مسيرته
لم يسجله بقدمه اليسرى .. ميسي يكشف "أفضل هدف" في مسيرته

عمون

timeمنذ 6 ساعات

  • عمون

لم يسجله بقدمه اليسرى .. ميسي يكشف "أفضل هدف" في مسيرته

عمون - كشف النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي عن هدفه المفضل في مسيرته، ولم يكن واحدا من بين مئات الأهداف التي سجلها بقدمه اليسرى. وجاء الهدف المفضل لميسي من خلال ضربة رأس، والذي ضمن لبرشلونة الإسباني الفوز على مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2009. وأضاف نجم إنتر ميامي الأميركي الحالي وبطل كأس العالم مع المنتخب الأرجنتيني والفائز بالكرة الذهبية ثماني مرات من قبل، الخميس، أن هدفه الذي سجله قبل 16 عاما يفوق جميع الأهداف التي سجلها في مسيرته الطويلة. وتابع النجم الأرجنتيني: "لقد سجلت العديد من الأهداف التي قد تكون أجمل وأكثر قيمة، وذلك بسبب أهميتها، لكن الهدف الذي سجلته بضربة رأس في النهائي أمام مانشستر يونايتد هو دائما المفضل لي". ولدى ميسي العديد من الخيارات حيث سجل أكثر من 800 هدف للمنتخب الأرجنتيني وبرشلونة وباريس سان جيرمان وأخيرا إنتر ميامي. وسبب اختياره للهدف المفضل هو خيري، حيث سيتم تحويل صورة الهدف إلى عمل فني، والذي يمكن أن يدر الأموال من خلال عرضه في مزاد لجمع التبرعات لأغراض عديدة، وسيوقع ميسي والفنان رفيق أناضول على العمل الفني والذي سيتم تقديمه للجماهير يوم 11 يونيو المقبل في صالة مزادات كريستي.

عفوية أم تنمر؟.. أثر تعليقات على ملامح الأطفال ووقعها على الأهل
عفوية أم تنمر؟.. أثر تعليقات على ملامح الأطفال ووقعها على الأهل

الغد

timeمنذ 7 ساعات

  • الغد

عفوية أم تنمر؟.. أثر تعليقات على ملامح الأطفال ووقعها على الأهل

تغريد السعايدة تستنكر والدة الطفلة يارا التعليقات القاسية والتنمّر الذي تتعرض له مولودتها الجديدة، التي لم تتجاوز الأربعين يوما، من قبل جدتها (والدة الزوج)، والتي لا تتردد في وصفها بعبارات جارحة مثل "بشعة"، "سودا"، و"بنت فلان أحلى منها"، أو "مين بدو يطلع عليها؟". كلمات تركت أثرا عميقا في نفس الأم، وحفرت في قلبها ألما على طفلتها التي بدأت حياتها بتجربة قاسية من أقرب الناس عليها. اضافة اعلان تصف الأم حالتها النفسية بالصعبة، وتعبر عن خوفها من أن تكبر طفلتها وسط رفض أو تنمر اجتماعي، خاصة من المقربين. تؤمن بأن ابنتها جميلة، بملامح ناعمة لم تكتمل بعد، وعيون بريئة، وبشرة رقيقة لا تستحق ابدا أن توصف بتلك الأوصاف الجارحة. وبعد أن كتبت والدة يارا منشورا تعبر فيه عن ألمها، تفاعل عدد كبير من المتابعين والمتابعات، مشجعين اياها على تجاوز هذه العبارات القاسية، والدفاع عن طفلتها وغرس الثقة في نفسها منذ الصغر، حتى تكون قادرة على مواجهة العالم، ولو كان مصدر الأذى من الأقارب أو الأكبر سنا. في المقابل، يرى البعض أن الخلل لا يكمن فقط في تصرفات الجدة، بل ايضا في موقف الأم، التي لم تظهر رد فعل مباشر تجاه التنمر على طفلتها، واكتفت بالبكاء والحزن، واللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن وجعها وطرح شكواها. ونصح بعض المتابعين على ضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه أي شخص يتنمر على طفل، ولو تطلب الأمر الرد بأسلوب صارم، مؤكدين أن "الأخلاق والدين والمروءة تمنع الإنسان من إيذاء الآخرين، فكيف إذا كان طفلا لا يملك وسيلة للدفاع عن نفسه". هذه الشكوى، "فتحت الجروح القديمة" لدى كثيرين ممن مروا بتجارب مشابهة. من بينهم، أم ثائر وهي والدة لسبعة أبناء، تروي أنها ما تزال تتذكر تعليقات عمها، التي كان يطلقها بطريقة تبدو وكأنها ممازحة، حين كان يقارن بنات شقيقه ببناتها، قائلا إنهن أجمل بكثير، وواصفا بناتها بأنهن "قصيرات، ببشرة داكنة، وشعر غير متناسق"، على حد تعبيره حينها. تؤكد أم ثائر أن تلك الكلمات ما تزال ترن في أذنيها، كما تقول، رغم زواج جميع أبنائها وبناتها من أزواج مناسبين، وتحول بناتها اليوم إلى شابات جميلات ومميزات. إلا أن وقع الكلمات التي وجهت إليهن في طفولتهن ما يزال حاضرا في ذاكرتها، إذ كانت تحمل بين طياتها تنمرا مؤلما بحق فتيات صغيرات. ومنذ ذلك الحين، حرصت أم ثائر على حماية بناتها من أي تنمر، فعززت ثقتهن بأنفسهن، وحرصت على تكرار كلمات إيجابية تشعرهن بالسعادة والرضا، وشجعتهن على التفوق في الدراسة والعمل، وعلى حسن اختيار شركاء الحياة. وها هن اليوم ناجحات ومتفوقات في مجالاتهن، لكن كلمات عمها لم تندثر من ذاكرتها، وظلت جرحا حاضرا. وحرم الإسلام السخرية والاستهزاء بالناس، سواء في هيئاتهم أو صورهم، واعتبره خلقا مذموما ومحرما، لا فرق فيه بين طفل وكبير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل خلق الله حسن"، والتنمر من هذا النوع لا يخرج عن دائرة الغيبة والنميمة. أحد أساتذة علم النفس في إحدى الكليات، قال في منشور له، يحكي فيه عن تجربته الخاصة من خلال تعامله مع طلبته، إن "الكثير من القصص يرويها طلبته عن مواقف وكلمات تنمر تعرضوا لها في حياتهم من كبار وصغار ضمن محيطهم العائلي، وغالبا ما يستحضرون تلك المواقف وينظرون إليها من الزاوية الضيقة ذاتها التي عاشوها حينها، ويستعيدون معها المشاعر ذاتها والألم نفسه"، مطالبا كل من مر بتلك التجربة أن يتجاززها، ويعيد ترتيب ذاته. ولكن، قد يكون أخطر أنواع التنمر كما يقول "منتصر" هو ذلك الصادر عن الأب أو الأم تجاه الأبناء، إذ تكمن الخطورة في أن الأشخاص الذين يفترض أن يكونوا مصدر الأمان والثقة بالنفس والحب، يصبحون مصدر الإيذاء، سواء من ناحية الشكل أو السلوك، على حد تعبيره. ويضيف منتصر أن والده كان من أكثر الأشخاص تنمّرا عليه، وكان يصفه بعبارات مثل: "فاشل، غير اجتماعي، طالع لخوالك، ما بتعرف تكون مثل ولاد عمك"، وغيرها من العبارات السامة والمؤذية التي اعتاد سماعها منه، بينما كانت والدته تحاول جاهدة أن تساعده على تجاوز ذلك وألا يصغي لتلك الكلمات، التي أثرت فيها كما أثرت فيه. اليوم، أصبح منتصر شابا ناجحا ومميزا في عمله الخاص الذي يبدع فيه، لكنه لا ينسى أثر تلك العبارات في نفسه، مؤكدا أن والدته ساعدته لتحويل ذلك التنمر إلى دافع للنجاح، ولإثبات عكس ما كان يردده والده عنه أمام الأقارب وأبناء العمومة منذ كان صغيرا. ولا ينفي مدى التأثير العميق الذي تركته تلك التجربة فيه، خاصة في مرحلة المراهقة، التي يعتبرها حتى اليوم الأصعب في حياته، ويتمنى لو يعود به الزمن ليتمكن من الدفاع عن نفسه. من جهته، يرى مستشار أول الطب النفسي والمعني بالتثقيف النفسي في المجتمع العربي، الدكتور وليد سرحان، أنه "وللأسف فإن ظاهرة التعليقات على شكل الطفل، وحتى المولود الجديد، مثل مش حلو، أسمر، مش حلوة زي أخته"، هي عبارات نسمعها كثيرا في المجتمع، والأخطر أن الجميع يقولها دون مبالاة بمشاعر الآخرين. وهذا، إن دل على شيء، وفق سرحان، فإنما يدل على "جهل في التعامل مع الآخرين وفي العلاقات الاجتماعية، التي لها وقع نفسي كبير على المحيطين بالطفل، وعلى الطفل نفسه في حال كان واعيا لمعنى تلك الكلمات". ويؤكد سرحان على أهمية احترام مشاعر الأم والأب عند الحديث عن أطفالهم، وحتى عندما يكبرون، خصوصا إذا كانوا يعانون من أمراض أو تشوهات، فهذا النوع من التعليقات والتنمر يزيد من العبء النفسي على الأهل، الذين يعانون اصلا من آثار نفسية نتيجة مرض أبنائهم المتنمر عليهم. أما الخطورة، كما يوضح سرحان، فتكمن في أن الأهل غالبا ما تكون ردة فعلهم هي إخفاء الطفل والعزلة عن الناس، وهذا ما ينعكس سلبا على حياة العائلة وعلى الطفل عندما يكبر، إذ إن هذا الانعزال سيؤثر على علاقاته الاجتماعية ونموه العقلي والسلوكي على المدى القريب والبعيد. وهو عبء آخر يضاف على الأهل، الذين يعيشون في ظل قلق مستمر على مستقبل أبنائهم. ووفق سرحان، ينبغي الوعي المجتمعي بخطورة تلك الكلمات على المتلقي، وعلى ضرورة أن يحتوي الأهل والأقارب بعضهم بعضا بالدعم والمساندة، وأن يبتعدوا عن أي كلمات جارحة ومؤذية، خاصة تلك المتعلقة بشكل الطفل أو سلوكياته التي قد تصدر منه دون وعي. ويقول "لا بد أن يرتقي الناس إلى مستوى مراعاة مشاعر بعضهم بعضا". اقرأ أيضاً: "علمنا عليك".. تنمر "يفتك" بجسد الطفل وأثره النفسي يلازمه للأبد "التنمر الجسدي" سهام لفظية تخترق حياة الطفل وتقيده بحواجز الاكتئاب

مادبا تحتفل بـ 79 عامًا من الاستقلال بفعاليات تراثية وفنية
مادبا تحتفل بـ 79 عامًا من الاستقلال بفعاليات تراثية وفنية

عمون

timeمنذ 10 ساعات

  • عمون

مادبا تحتفل بـ 79 عامًا من الاستقلال بفعاليات تراثية وفنية

عمون - في إطار احتفالات المملكة بمرور 79 عامًا على استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وضمن خطة قسم النشاطات التربوية للعام 2024/2025، وبناءً على توجيهات مدير التربية والتعليم الدكتور يوسف أبو الخيل ومتابعة وإشراف مدير الشؤون التعليمية الدكتور سلامة العجالين، وبحضور مديرة الشؤون الإدارية والمالية د. علا أبو الغنم، نظم قسم النشاطات التربوية بالتعاون مع رئيس قسم الإشراف والتدريب (د. محمد الشنشنات) فعالية "استقلالنا رمز عزتنا 79". استضافت مدرسة التيم الأساسية للبنات هذه الفعالية بمشاركة مدارس شبكات جنوب وغرب مادبا. وأشرف رئيس قسم النشاطات التربوية الأستاذ خالد الهلالات وأعضاء القسم منال الهروط وماهر السعود وعبادة أبو عيشة وإيمان الشوابكة على ترتيب فقرات الاحتفال التي جاءت نتيجة جهود مدارس الشبكة، حيث جهزت الفقرات لإظهار حبها للأردن واحتفائها بمرور 79 عامًا على الاستقلال. شملت فقرات الاحتفال القصائد والأهازيج الوطنية، وفقرات فلكلورية ومغناة (أنا نحبك ملهمًا) وقصيدة الأستاذ والشاعر عدنان أبو شنار (في القلب أغنية). كما تضمنت رقصة الدحية التي أثارت حماس الحضور فشاركوا الطلبة في لوحة جميلة. إضافة إلى ذلك، اشتملت الفعالية على زاوية التراث الشعبي التي تمازجت فيها روائح خبز الشراك والرشوف بإخراج معلمات مدرسة التيم الأساسية، ونكهات عصير الورد وعصير الخروب والكركديه وحلوى الكريزة، يتوجها رائحة القهوة العربية بجهود في زاوية التراث الشعبي بإخراج الأستاذ الفاضل إبراهيم السعادات مدير مدرسة طارق بن زياد وخبرات الأستاذ الفاضل عيسى حامد وطلبة المدرسة الذين أبدعوا في أخذنا في رحلة حسية وطنية تعبق بتراث أردننا الأصيل. توجه المنظمون بالشكر لكل من ساهم ودعم هذه اللوحة الفنية التي توجتها جهود قسم النشاطات ومديرة مدرسة التيم الأساسية السيدة عبير الحيصه وكادر المدرسة. وتخلل الاحتفال حضور مبهج من الشرطة المجتمعية ممثلة برئيس قسم الشرطة المجتمعية في مديرية شرطة مادبا (عبدالكريم بيك السواعير) وأعضاء القسم، إضافة إلى رؤساء أقسام المديرية وكوادر من أقسام مديرية التربية والتعليم بضيافة مدراء ومديرات المدارس في شبكة جنوب وغرب مادبا. كما لم ينسَ المنظمون الداعمين الحقيقيين من المجتمع المحلي، مدير الأحوال المدنية السيد قبلان الهواوشة والفاضلة خلود الفلاحات عضو مجلس جنوب مادبا وثلة من المجتمع المحلي الذين يفتخر بوجودهم ودعمهم للمدارس. هذا وقد تخلل الاحتفال زاوية للتراث الأردني تحكي تاريخنا الذي نفخر به وقسم يحاكي تقاليد الأردن الراسخة من مشروبات ومأكولات شعبية. وتضمن أيضًا معرضًا للمنتجات والخدمات التي يقدمها المجتمع المحلي. فالوطن، ليس أرضًا نعيش عليها، ولكن هو كيان يعيش فينا، ويوم الاستقلال ليس كباقي الأيام، وتاريخه ليس كأي تاريخ، إنما هو تاريخ صنعه رجال عظماء ولم تصنعه المصادفة. وندعو الله دومًا. ((اللهم احفظ هذا البلد وقائدنا المفدى وشعبنا نشامى الوطن من كل شر، ومن كل سوء))..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store