الأديان والمواءمات الاجتماعية والسياسية
ولم يكن حال النساء أسعد حظًّا من حال العبيد والرقيق، فكانت منزلتهن أدنى من منزلة الرجال، واتفقت فى ذلك المجتمعات قبل وبعد ظهور الأديان على هذا، وظلت المجتمعات ذكورية يتسيدها الرجل، وظلوا على هذا النحو قرونًا حتى برئ العبيد من ظلم السادة، وسلمت المرأة من غبن الرجال بالثورات التحررية.وإن كانت منزلة المرأة هذه لها ما يبررها فى الجزيرة العربية، فليس لها ما يبررها فى بلدان أخرى، حين كانت المرأة والرجل على السواء فى الخبرة والعلوم والوعى، فقد كانت المرأة فى الجزيرة أقل فهمًا ووعيًا من الرجل الذى صهرته الحياة وأكسبته من المهارات والكفاءات ما زاد عنها بحكم التعامل اليومى مع الناس والأحداث والبيع والشراء والتفاعل والسفر والترحال، وقد كان نصيب المرأة فى هذه النواحى محدودًا، وإن كان فى تاريخهم من النساء من كان لهن شأن أعظم كخديجة بنت خويلد وهند بنت عتبة، إلا أن القاعدة العامة أن النساء كن أقل شأنًا وقيمة من الرجال، وقد أكد هذا القرآن «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» وأحاديث كثيرة عن النبى دعمت هذا الموقف ومنها «مر الرسول على نساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإنى أريتكن أكثر أهل النار، تكثرن اللعن، وتكفرن العشير...» إلى آخر الحديث... «فذلك من نقصان دينها» رواه البخارى، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه الآية وكل الأحاديث كانت تتطابق وتتوافق مع ما كان قائمًا، ولا أتصور أن هذا الحكم ينسحب إلى زمن آخر وأماكن أخرى حيث اكتسبت المرأة مهارات الرجل وقت أن زاحمته مجريات الأحداث والمهارات والعلوم والخبرات، فكيف يكون حكمًا ثابتًا جامدًا راسخًا لا يتغير، ومعطيات الأمور وواقعها طرأ عليه من المتغيرات ما يقلب الموازين.وسبب نزول آية القوامة باختصار أن حبيبة بنت زيد بن أبى زهير، نشزت على زوجها «امتنعت عنه فى الفراش» فلطمها، فانطلق أبوها معها إلى النبى، فقال: أفرشته «زوجته» كريمتى فلطمها! فقال النبى: لتقتص من زوجها «تلطمه». وانصرفت مع أبيها لتقتص منه، ثم عاد النبى فى طلبه، وقال له: «ارجعوا، هذا جبريل أتانى». وأنزل الله هذه الآية «الرجال قوامون على النساء ...» إلى آخر الآية. وقال «أردنا أمرًا وأراد الله أمرًا آخر» وقد كان للرجال السهم الأكبر فى نشر الدعوة، ولربما لو صفعت المرأة زوجها قصاصًا منه، فإن هذا يثير حفيظة الرجال وتتأثر الدعوة سلبًا وينسحب الرجال، والحكم هنا قد تجاوب مع الملابسات والواقع، واستجاب للأولويات، إلا أنه ظل قائمًا وثابتًا عند هؤلاء ولم يتمدد مع المستجدات وتغيير الظروف والأحوال والتطورات التى لازمت المرأة وأكسبتها من الخبرات والعلوم ما تفوفت به كثيرًا.ثم نعرج قليلًا على ضرب المرأة «وأتصور أيضًا أن ضرب المرأة له علاقة بمكانتها عند العرب وهى مكانة للأسف متدنية كما شرحنا»، وكان الحكم هو الضرب أى الإيذاء البدنى والعقاب الجسدى، مهما حاولوا إخفاء الحقيقة أو التخفيف على الناس لمواكبة العصر والحرج الذى يواجهونه من ضرب الأمهات والبنات، ولما قال الرسول «لا تضربوا إماء الله» كان ينهى عن الضرب والإيذاء الجسدى كما كان مسموحًا عند العرب «وعارض هذا الأمر عمر بن الخطاب وجاء إلى النبى وقال له (لقد زبر «نشز وغضب وتمرد» النساء على أزواجهن واجترأن عليهم) وكانت الدعوة فى بداياتها لا تحتمل هذا التمرد وهذا العصيان، ولربما يغضب الرجال ويرونه أمرًا معوجًا تميل به النساء ميلًا شديدًا ويتجرأن عليهم، والأمر لا يحتمل هذا الانفلات الذى يشغل الرجال عن مهمتهم الرئيسية فى تمكين الدين الجديد، وحمله حملًا إلى باقى أطراف الجزيرة، ولا يقدر على هذا إلا الرجال، فتنزل آية الضرب، وأمر الرسول بالضرب فضُربن، وهدأت نفوس الرجال، وخفت زئير النساء.ما أريد أن أقوله، وعلى الله قصد السبيل، إن هذه المواءمات والمسايسات مع الواقع كانت حقًا مارسه الأوائل بمهارة، شملت نصوصًا قطعية الدلالة والثبوت واضحة وصريحة، وأغلق أبوابها مشايخنا حين كان من الضرورى أن تتوافق الأحكام مع الواقع، تتآلف مع مصالح الناس ورغباتهم، ليست أبدية، بل زمنية التنفيذ ومكانية التطبيق.(الدولة المدنية هى الحل)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ ساعة واحدة
- مصراوي
عراك بالأيدي وضرب بالأحذية في البرلمان العراقي يثير ضجة (فيديو)
وكالات أشعل مقطع فيديو من داخل مجلس النواب العراقي، منصات التواصل الاجتماعي، بعدما وثّق مشاجرة نشبت بين عدد من النواب وتحولت إلى حالة من الفوضى داخل الجلسة. وسرعان ما تناقلت وسائل إعلام محلية المشاهد التي أظهرت لحظة التوتر بين رئيس المجلس محمد المشهداني والنائب علاء الحيدري، ما أدى إلى تعذر استكمال الجلسة. ووفق ما أعلنه الموقع الرسمي للبرلمان، فقد تم إلغاء الجلسة نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني. مجلس النواب العراقي ..اشتباكات بالأيدي والأحذية الله يكرمكم —- بسبب خلاف بين رئيس المجلس محمد المشهداني والنائب علاء الحيدري — حسين الغاوي (@halgawi) August 5, 2025 وكان من المقرر أن تشهد الجلسة التصويت على مجموعة من مشاريع القوانين، أبرزها مشروع قانون خاص بتصديق اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المتبادل بين العراق والسعودية، والذي يأتي ضمن اختصاصات لجنة العلاقات الخارجية. مشاجرة كبيرة داخل مجلس النواب العراقي ولكمات بالايدي ادت الى رفع جلسة البرلمان بسبب خلاف حول آلية التصويت فيما يخص رئيس ونائب الرئيس وأعضاء مجلس الخدمة الاتحادي. — Raghad Alhayali (@raghadalhayali) August 5, 2025 كما كان مدرجًا على جدول الأعمال مشروعا قانون تنظيم الطاقة المتجددة وقانون الصحة النفسية، إلا أن الأحداث التي شهدتها الجلسة حالت دون المضي في إجراءات التصويت. بعد 21 سنة من الديمقراطية المزعومة في العراق هاهو "البرلمان العراقي" يكشف لنا حجم الانقسام والخلافات الطائفية والخلل الواضح بل والعجز في النظام السياسي العراقي الذي يتبع وتديره إيران.. النظام السياسي في العراق وصل إلى ما يسمى بالشيخوخة السياسية. — الـ ؏َ ــ ـو جـ ـا (@ALAwja_) August 6, 2025


مصراوي
منذ ساعة واحدة
- مصراوي
أمين الفتوى يحذر من تحول الأخلاق لسوق نخاسة على السوشيال
قال الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من يبرر للظالم، ويزيف الحقيقة الواضحة، أو يحاول تلميع وجه المعتدي، إنما يشارك في الجريمة نفسها، ويخون القيم التي جاء بها الإسلام ورفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأضاف الورداني، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة" الناس": أن دعاء النبي ﷺ: "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه"، يُلزم الإنسان بأن يكون صادقًا في بصيرته، وألا يبيع الحقيقة بأي ثمن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "بل الإنسان على نفسه بصيرة. وشدد على أن الأخطر من سوق النخاسة الذي باع فيه الناس أجسادهم، هو "سوق نخاسة القيم"، حين يتحول الإنسان إلى أداة لتزييف الأخلاق، وتبرير الباطل، وتبرئة المجرم، وتجريم الشريف، مضيفًا: "من يتحدث باسم الدين لتبرير العدوان، هو تاجر في الدين، يبيع الأخلاق كما تُباع البضائع في الأسواق". وأشار الورداني إلى أن من يعجز عن قول كلمة الحق في وجه الظالم، وينسى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: "إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا", قد فقد إنسانيته، مضيفًا: "من يحصن وجه الكيان المعتدي ويخدم روايته، هو شريك في استمرار هذه الجريمة". وتابع: "لقد كشف الله سبحانه وتعالى حقيقة الكثيرين، وفضح من جعلوا من الدين سلعة، ومن الكرامة صفقة، ومن العدالة ورقة تفاوض، هؤلاء لم يعودوا يمثلون إلا أنفسهم، ولن يعجز الله عن أن يُظهر الحق مهما حاول البعض دفنه أو الالتفاف عليه".


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
نظير عياد: الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان
شيماء عبد الهادي أكد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن دار الإفتاء تستعد لعقد مؤتمر عالمي تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، مشيرًا إلى أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والحدث. موضوعات مقترحة وأضاف مفتي الجمهورية في المؤتمر الصحفي الذي يعقده حاليا بمقر دار الإفتاء بالدراسة، للإعلان عن تفاصيل مؤتمر دار الإفتاء العالمي : "لا يمكن لنا في مثل هذه الظروف أن نقف عند حد معين دون أن نتجاوب مع طبيعة هذه الشريعة التي وصفت التي عرفت بالمرونة وجاء الفقه الإسلامي تطبيق عملي لسعة الشريعة". وشدد مفتي الجمهورية، على أن دار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تسير في اتجاه تسعى من خلاله إلى عدة أمور أبرزها التأكيد على الدور الريادي للدولة المصرية من خلال احتضانها للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. إلى جانب التأكيد على أن هذه الأمانة تتطلع لإبراز محاسن الشريعة الإسلامية من خلال التوقف على قضايا الأمة ومشكلات الواقع والعمل على إبراز الرأي الديني الرشيد فيها مضيقًا :" خاصة وأن هذه الأمانة شاء الله لها أن تكون لـ قبلة المسلمين السنية وهو الأزهر الشريف والتي شاء الله لها أن تكون على أرض مصر".