logo
من "هواوي" إلى "ديب سيك".. كيف تتحدى الصين الحصار التكنولوجي الأميركي؟

من "هواوي" إلى "ديب سيك".. كيف تتحدى الصين الحصار التكنولوجي الأميركي؟

إيطاليا تلغراف٠٩-٠٣-٢٠٢٥

إيطاليا تلغراف
عبد القادر الكاملي
أطلقت الحكومة الصينية في مايو/أيار 2015، مشروعا إستراتيجيا تحت اسم 'صنع في الصين 2025' يهدف إلى تحويل الصين من 'مصنع العالم' للسلع ذات التكلفة المنخفضة، إلى قوة صناعية عالمية رائدة في مجال الصناعات المتقدمة والابتكار التكنولوجي، وبحيث تعتمد على نفسها في إنتاج التقنيات المتطورة.
حقق هذا المشروع نجاحا كبيرا ووضع الصين في صدارة بلدان العالم في إنتاج السيارات الكهربائية وشبكات الجيل الخامس للاتصالات والبطاريات والطاقة الشمسية. وكمثال على ذلك، بلغت نسبة المركبات الكهربائية أو الهجينة المباعة في الصين 53%، مقارنة بـنحو 8% فقط في الولايات المتحدة.
وباتت الصين تتحكم بما يزيد على 80% من صناعة الألواح الشمسية في العالم، و70% من إنتاج بطاريات الليثيوم أيون. وتمثل المحطات القاعدية لشبكات الجيل الخامس في الصين وحدها نحو 60% من الإجمالي العالمي. ودخلت الصين أيضا ساحة المنافسة في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وي تشات (WeChat) وتيك توك (TikTok)حيث تجاوز عدد مستخدمي كل منهما المليار مستخدم.
وبالنسبة للحوسبة الكمومية تنافس الشركات الصينية نظيراتها الأميركية بقوة، على الرغم من أن الأخيرة لاتزال متفوقة بشكل طفيف، لكن الصين تحرز حالياً تقدما سريعاً، وتسعى بقوة لتقليص الفجوة وتحقيق الريادة في هذا المجال.
استشعرت الولايات المتحدة خطورة هذا التقدم التكنولوجي الصيني السريع فسارعت لاتخاذ إجراءات تهدف إلى إبطائه وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
بدأت الولايات المتحدة بتطبيق هذه الإجراءات في مايو/أيار 2019، بمنع شركة هواوي من شراء المكونات الأميركية دون ترخيص، ثم تصاعدت هذه الإجراءات لتشمل منع شركات مثل الشركة التايوانية لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) من تزويد الشركات الصينية بالمعالجات المتطورة، ومنعت شركة إيه إس إم إل (ASML) الهولندية من تزويد الشركات الصينية بتقنية الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى (EUV)، مع العلم أن هذه الشركة هي المورد الرئيسي في العالم لهذه الأنظمة التي تسمح بإنتاج مكونات إلكترونية بأحجام صغيرة جدا (3 نانومتر وأقل)، مما يزيد من كثافة الترانزستورات على الرقاقة ويحسن أداء الأجهزة الإلكترونية.
وعلى الرغم من هذه القيود، فقد استمرت هواوي في تطوير منتجاتها، فأطلقت مجموعة متطورة من الهواتف الذكية عام 2023 والأعوام اللاحقة، مما يشير إلى تقدمها في تصنيع أشباه الموصلات محليا.
المفاجآت الصينية عام 2025
في العاشر من يناير/كانون الثاني 2025، أطلقت شركة ديب سيك (DeepSeek) الصينية نموذجا متقدما للذكاء الاصطناعي يحمل اسم 'R1'. كانت الشركات الأميركية قبل ذلك تحتكر نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن هذا النموذج الصيني فتح الباب أما منافسة فعلية، وأدى إلى تراجع أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية، وخسارة أكبر شركة لتصنيع رقاقات الذكاء الاصطناعي (إنفيديا) مبالغ طائلة من قيمتها السوقية.
وقد دفع ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقول: 'يجب أن تكون تقنية شركة ديب سيك الصينية حافزا للشركات الأميركية'. امتاز ديب سيك 'R1' بعدة نواحي أهمها كونه مفتوح المصدر ويمتلك قدرات تحليلية متقدمة ويدعم لغات برمجة متعددة ويمتلك قدرات مميزة للتفكير الرياضي والمنطقي وتحليل القضايا المعقدة، مما يجعله مفيدا لحل المشكلات الدقيقة. ويضاف إلى ذلك أن تكلفة تطويره وتشغيله منخفضة جدا مقارنة مع مثيلاته الأميركية. وقد دفع ذلك الرئيس التنفيذي لشركة غوغل ساندر بيتشاي للقول 'لقد قام فريق ديب سيك بعمل جيد للغاية'.
أما يان ليكون، نائب الرئيس ورئيس علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا (فيسبوك سابقا)، فيرى أن التفوق الرئيسي لديب سيك يرجع إلى تفوق نماذج المصادر المفتوحة على النماذج المغلقة أي المملوكة حصرا لجهة واحدة.
في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017 أطلقت 'غوغل ديب مايند'، برنامج ألفا غو زيرو (AlphaGo Zero)، وهو نسخة مطورة من ألفا غو، البرنامج الذي هزم أفضل لاعبي العالم في لعبة غو (Go). وعلى عكس الإصدارات السابقة، لم يعتمد برنامج ألفا غو زيرو على بيانات بشرية أو مباريات سابقة، بل تعلم بمفرده من خلال اللعب ضد نفسه بعد تزويده بقواعد اللعبة، محققا مستوى غير مسبوق من الذكاء الاصطناعي في هذه اللعبة.
استخدم ديب سيك تقنيات مشابهة لتلك التي استخدمتها ديب مايند لتدريب البرنامج ألفا غو زيرو، أي درب 'R1' نفسه بنفسه في المجالين الرياضي والمنطقي باستخدام مجموعة من القواعد الأولية، أي أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرا على خلق المعرفة بنفسه في هذين المجالين، وهذا ما دفع آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، للقول 'إن شركته أعجبت بشكل خاص ببعض تقنيات التدريب التي استخدمتها شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها'.
أجريت العديد من الاختبارات المقارنة بين 'R1″ من ديب سيك و'o1' من أوبن إيه آي. أظهر اختبار 'ماث-500' (MATH-500) المُصمم لتقييم قدرات نماذج الذكاء الاصطناعي في حل المسائل الرياضية المعقدة، تفوقا طفيفا لصالح 'R1' من ديب سيك. يحتوي هذا الاختبار على 500 سؤال تغطي مجموعة متنوعة من الموضوعات الرياضية، بما في ذلك الجبر، الهندسة، والتفاضل والتكامل.
وتفوق 'R1' على 'o1' في اختبار آيمي 2024 (AIME 2024) المصمم لاختبار نماذج الذكاء الاصطناعي في حل مسائل رياضية معقدة تتطلب مهارات تحليلية ومنطقية عالية.
وتفوق 'R1' أيضا على 'o1' في اختبار إس دبليو إيه- بنش (SWE-bench) المصمم خصيصا لتقييم قدرات نماذج الذكاء الاصطناعي في حل مشكلات هندسة البرمجيات في العالم الحقيقي من خلال 500 مهمة.
وبالمقابل تفوق 'o1' في 3 اختبارات هي:
كود فورس (Codeforce) وهو منصة شهيرة لتنظيم مسابقات البرمجة التنافسية.
اختبار جي بي كيو إيه (GPQA) عبر 198 سؤالا في مجالات مثل الأحياء، الفيزياء، والكيمياء.
اختبار إم إم إل يو (MMLU) الذي يقيس دقة المعلومات العامة عبر 16 ألف سؤال تغطي 57 موضوعا أكاديميا.
أشعل إطلاق ديب سيك لنموذجها المتقدم من الذكاء الاصطناعي 'R1' المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي فأطلقت أوبن إيه آي أواخر يناير/كانون الثاني 2025 إصداراتها الجديدة 'أو3- ميني' (o3-mini)، وأطلقت أواخر فبراير/شباط إصداراتها الجديدة 'جي بي تي – 4.5' (GPT-4.5)، في حين وعدت ديب سيك بإطلاق إصداراتها الجديدة (R2) قريبا جدا. وتلعب شركات عديدة أخرى دورا بارزا في هذه المنافسة المحمومة، منها جيمني 2.0 برو (Gemini 2.0 Pro) من غوغل، وأل لاما- 3.1 (Llama-3.1) من ميتا (فيسبوك سابقا)، وغروك- 2 (Grok-2) من شركة إكس إيه آي (xAI) التي أسسها إيلون ماسك، وغيرها.
صراع أشباه الموصلات (Semiconductors)
تحتكر شركة إيه إس إم إل الهولندية أنظمة الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى (EUV) التي تتيح تصنيع رقائق بحجم 7 نانومتر وأصغر.
استغرقت إيه إس إم إل أكثر من 20 عاما من البحث والتطوير لتتمكن من إنتاج أنظمة للأشعة فوق البنفسجية القصوى. تستخدم شركات مثل آبل وسامسونج حاليا رقائق بحجم 3 نانومتر مصنعة بهذه التقنية، وتخطط شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات التي تعد من أكبر الشركات المصنعة للرقائق في العالم، لتصنيع رقائق بأحجام تصل إلى 2 نانومتر، باستخدام هذه التقنية الهولندية، هذا العام.
في أغسطس/آب 2024، أطلقت شركة هواوي الصينية هاتفها الذكي Mate 60 Pro الذي احتوى على معالج بدقة 7 نانومتر، مما أثار اهتماما واسعا في هذه الصناعة، وتعمل الشركة حاليا على تطوير معالجات بدقة 5 نانومتر. لا يزال تصنيع رقائق بدقة 3 أو 2 نانومتر صعبا على هواوي بسبب القيود الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة لمنع وصول تقنية الأشعة فوق البنفسجية القصوى إلى الصين بهدف تحجيم تطورها التكنولوجي.
لكن يبدو أن الصين وجدت طريقة جديدة لتطوير تقنية تصنيع رقائق الأشعة فوق البنفسجية القصوى. ففي 30 ديسمبر/كانون الأول 2024، حصل معهد هاربين للتكنولوجيا على الجائزة الأولى لأحد مشاريعه المتعلقة بضوء الليزر، فقد اقترح نهجا بديلا لتوليد ضوء الأشعة فوق البنفسجية القصوى، يختلف عن الأساليب المتبعة في البلدان الغربية. يركز مشروع المعهد، بقيادة البروفيسور تشاو يونج بينج، على مصدر الأشعة فوق البنفسجية القصوى المستحث بالتفريغ البلازمي بطول موجي مركزي يبلغ 13.5 نانومترا، وهو الطول الذي يسمح بتصنيع رقائق بحجوم 3 و2 نانومتر، وربما أقل.
تتصاعد المعركة من أجل الهيمنة على أشباه الموصلات، مع ضخ الصين 41 مليار دولار لتسريع قدراتها في تطوير الطباعة الحجرية المحلية للأشعة فوق البنفسجية القصوى، وبالتالي تغيير ميزان القوى في صناعة أشباه الموصلات.
السؤال هو: ماهي المدة المتوقعة كي تتمكن الصين من استخدام هذه الطريقة لتصنيع رقائق بهذا الحجم النانوي الصغير؟ يتوقع الخبراء أن تحتاج الصين إلى 4 أو 5 سنوات قبل أن تتمكن من تصنيع رقائق بهذه التقنية المتقدمة، وسيسهم ذلك إن نجحت، في سد الفجوة التقنية بينها وبين البلدان الغربية.
أخيرا عندما سئل أحد العلماء الصينيين عن تأثير الحصار التكنولوجي الأميركي على بلده، أجاب: الحكمة الصينية تقول 'الحياة دائما ما تجد الطريق الخاص بها'.
المصدر : الجزيرة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هدايا وعملات مشفرة.. اتهامات لترامب بالفساد واستغلال النفوذ
هدايا وعملات مشفرة.. اتهامات لترامب بالفساد واستغلال النفوذ

خبر للأنباء

timeمنذ 4 أيام

  • خبر للأنباء

هدايا وعملات مشفرة.. اتهامات لترامب بالفساد واستغلال النفوذ

يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة جديدة من الاتهامات بالفساد، بعد إعلان قبوله طائرة بوينغ بقيمة 400 مليون دولار كهدية من قطر، إلى جانب استثماراته المثيرة للجدل في العملات المشفرة والعقارات. منذ عودته إلى البيت الأبيض، تصاعدت الاتهامات ضد ترامب باستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية. وفقاً لنوا بوكبايندر، رئيس جمعية "كرو" لمكافحة الفساد، فإن "الفساد أصبح أكثر وضوحاً وخطورة مقارنة بولايته الأولى". الاتهامات تركز على قبول هدايا باهظة، مثل الطائرة القطرية، وتورطه في مشاريع مالية غامضة، خاصة في مجال العملات المشفرة، التي يصعب تتبعها. اتهامات الفساد تلاحق ترامب أثارت خطة ترامب لقبول طائرة بوينغ 747-8 من قطر جدلاً قانونياً وسياسياً. الطائرة، التي وُصفت بـ"القصر الطائر"، تُقدر قيمتها بـ400 مليون دولار، ويخطط ترامب لاستخدامها كطائرة رئاسية قبل نقلها إلى مكتبته الرئاسية. الدستور الأمريكي يحظر على المسؤولين قبول هدايا من دول أجنبية دون موافقة الكونغرس، وفقاً لمادة المكافآت الأجنبية. تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، وصف الهدية بـ"أكبر رشوة رئاسية في التاريخ الحديث"، محذراً من تهديدها للأمن القومي. توني كارك، من جمعية "أكاونتبل يو إس"، قال إن قطر "أدركت أن هذه الرئاسة برسم البيع". على الجانب الآخر، أكد البيت الأبيض التزامه بـ"أقصى درجات الشفافية"، واعتبر ترامب رفض الهدية "غباءً". استثمارات مشبوهة؟ تزيد استثمارات ترامب في العملات المشفرة من حدة الاتهامات. يروج ترامبلعملته الرقمية، ويقيم فعاليات حصرية لكبار المستثمرين، مثل مأدبة عشاء في 22 مايو بنادي غولف خاص، مع دعوات خاصة لزيارة البيت الأبيض. منظمات مكافحة الفساد، مثل "كرو"، تعبر عن قلقها من صعوبة تتبع هذه العمليات، خاصة مع إدارة ترامب المكلفة بتنظيم هذا القطاع. كما أثار إعلان صندوق "إم جي إكس" الإماراتي استثمار ملياري دولار في منصة "بينانس" باستخدام عملة مرتبطة بعائلة ترامب شكوكاً حول تضارب المصالح. وتواجه اتهامات ترامب عقبات قانونية بسبب غموض تطبيق مادتي المكافآت الأجنبية والداخلية في الدستور. لم تبت المحكمة العليا في قضايا مماثلة، مما يزيد الجدل حول "الصفة القانونية" للمدعين. في ولايته الأولى، رفضت محاكم دعاوى ضد ترامب بشأن مدفوعات أجنبية لشركاته، مثل فندق ترامب الدولي، لعدم أهلية المدعين. قانون الهدايا والأوسمة الأجنبية يسمح بقبول هدايا أقل من 480 دولاراً، أو دفع قيمتها السوقية، لكن هدية بقيمة الطائرة تتطلب موافقة الكونغرس. قلق بعض الجمهوريين، مثل جون ثون وراند بول، وبعض الإعلاميين المحافظين، كبن شابيرو، يشير إلى تصاعد الضغط الداخلي على ترامب.

ترامب يتوقع الحصول على 4 تريليونات دولار من جولته الخليجية
ترامب يتوقع الحصول على 4 تريليونات دولار من جولته الخليجية

الخبر

timeمنذ 5 أيام

  • الخبر

ترامب يتوقع الحصول على 4 تريليونات دولار من جولته الخليجية

قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن جولته الخليجية قد تحصد صفقات تصل قيمتها إلى أربعة تريليونات دولار، خلال اجتماع مع رجال أعمال في الدوحة الخميس. ونقلت "بي بي سي" عن ترامب قوله: "هذه جولة قياسية. لم يسبق أن جمعت جولة بين 3.5 و4 تريليونات دولار خلال هذه الأيام الأربعة أو الخمسة فقط". وأكد ترامب أن هذه الجولة تهدف إلى "تعزيز الشراكات الاقتصادية والأمنية والطاقة" مع دول الخليج، مشيراً إلى أن الفرص المطروحة كبيرة. وقال إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تركز أولاً على سداد ديونها المتراكمة قبل التفكير في إنشاء صندوق ثروة سيادي. وأضاف ترامب: "لا يمكننا الحديث عن صندوق سيادي للولايات المتحدة بينما نحن غارقون في الديون. يجب أن نسدد أولاً، ثم نبدأ في بناء شيء كهذا". ووصل ترامب إلى الإمارات محطته الثالثة والأخيرة من جولته الخليجية التي استمرت 4 أيام، حصل بموجبها على تعهدات باستثمارات تصل إلى 1.2 تريليون دولار من قطر و600 مليار دولار من السعودية. واستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، ترامب، في أبوظبي، ورافقت وصوله إلى الدولة الخليجية طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإماراتي. في قطر، زار ترامب قاعدة العديد الجوية، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وأعلن عن استثمار قطري فيها بقيمة 10 مليارات دولار. وخلال تصريحات أدلى بها من القاعدة، قال ترامب إنه يريد "إنهاء النزاعات لا إشعالها"، وأوضح: "كرئيس، أولويتي هي إنهاء النزاعات لا إشعالها، لكنني لن أتردد أبدا في استخدام القوة الأمريكية إذا لزم الأمر للدفاع عن الولايات المتحدة أو شركائنا". وكشف ترامب أن بلاده تدرس تطوير نسخة جديدة ومطورة من المقاتلة (إف - 35)، موضحاً أن هذه النسخة ستكون ذات قدرات معززة لتلبية التحديات العسكرية المقبلة.

الإمارات والولايات المتحدة: شراكة إستراتيجية تعانق المستقبل
الإمارات والولايات المتحدة: شراكة إستراتيجية تعانق المستقبل

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 5 أيام

  • إيطاليا تلغراف

الإمارات والولايات المتحدة: شراكة إستراتيجية تعانق المستقبل

إيطاليا تلغراف عبد الله مشنون كاتب وصحفي مقيم بايطاليا تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستقبال زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في خطوة تُعدّ ذات دلالة كبيرة على المستوى السياسي والاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة. تأتي هذه الزيارة المنتظرة في توقيت مهم، يعكس ليس فقط عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، بل أيضًا حجم الدور المتنامي الذي تلعبه الإمارات كلاعب محوري في الشرق الأوسط والعالم. الزيارة المرتقبة لترامب تحمل أبعادًا رمزية واستراتيجية، كونها تؤكد أن الإمارات باتت مركز جذب عالمي للحوار والشراكات العابرة للحدود. ومع عودته إلى المسرح السياسي، يسعى ترامب إلى إعادة رسم أولوياته الدولية، واختياره للإمارات محطة أساسية ضمن هذه العودة يؤكد على ثقة القيادات الأمريكية المتعاقبة بالدور الإماراتي المتوازن والريادي إقليميًا. تُعد هذه الزيارة فرصة لإعادة التأكيد على المبادئ المشتركة بين البلدين، ولبحث سبل تعزيز التعاون في ملفات مهمة مثل الذكاء الاصطناعي، أمن الطاقة، التغير المناخي، والاستثمارات التكنولوجية العابرة للقارات. ما من شك أن الإمارات رسّخت مكانتها على الساحة الدولية بصفتها قوة ناعمة ذات تأثير متصاعد، بفضل رؤيتها السياسية المعتدلة، ومبادراتها التنموية والإنسانية، وسياستها الخارجية التي توازن بين الانفتاح والحزم. وقد أثبتت مرارًا أنها شريك موثوق لقوى العالم الكبرى، من خلال مساهمتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ومبادراتها في مجالات الطاقة المتجددة، والمساعدات التنموية، والتسويات السياسية في مناطق النزاع. في ظل هذه المكانة، تمثل الإمارات اليوم نموذجًا للنهج الاستباقي في السياسة الخارجية، وقدرتها على بناء جسور التعاون مع جميع القوى الدولية من موقع القوة والاحترام المتبادل. بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والولايات المتحدة أكثر من 30 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات بازدياد ملحوظ خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل توسع الاستثمارات المشتركة في قطاعات الطيران، التكنولوجيا، الدفاع، والطاقة النظيفة. وتعتبر الإمارات من كبار المستثمرين في السوق الأمريكية، فيما تحظى الشركات الأمريكية بوجود واسع ونشط داخل السوق الإماراتية. إلى جانب الأرقام، تعكس هذه الأرقام روح الثقة والاستمرارية، حيث لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بتقلبات السياسات الدولية، بل استمرت في النمو على أسس مؤسسية واستراتيجية طويلة المدى. شهد عام 2024 توقيع عدد من الاتفاقيات الرائدة في قطاع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، أبرزها استثمار مايكروسوفت في شركة G42 الإماراتية، وافتتاح أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر، بالإضافة إلى مبادرات ضخمة جمعت شركات عالمية مثل إنفيديا وOpenAI تحت مظلة استثمارية موحدة داخل الدولة. هذه الخطوات تضع الإمارات في موقع القيادة على مستوى تطوير البنية التحتية الرقمية في الشرق الأوسط، وتمنح الشراكة الإماراتية-الأمريكية طابعًا متجددًا وموجهًا للمستقبل، يتجاوز الاقتصاد التقليدي نحو اقتصاد المعرفة. لم تقتصر العلاقات الإماراتية الأمريكية على الأرض، بل امتدت إلى الفضاء. فبالتعاون مع وكالة ناسا، تشارك الإمارات في مشروع 'Lunar Gateway'، وتُطوّر وحدات دعم حيوية للرواد، كما تستعد لإرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر بحلول 2030. وفي الوقت ذاته، تبرز الإمارات شريكًا عالميًا رئيسيًا في ملف المناخ، عبر قيادة مبادرات كـPACE لتسريع إنتاج الطاقة النظيفة، ومشاركتها النشطة في مبادرة AIM for Climate الهادفة إلى تعزيز الزراعة المستدامة. خاتمة: رؤية موحدة لمستقبل مزدهر في ضوء الزيارة المرتقبة لدونالد ترامب، تبدو العلاقات الإماراتية الأمريكية أكثر رسوخًا واستعدادًا لمرحلة جديدة من التعاون. إن ما يجمع البلدين يتجاوز المصالح الاقتصادية، ليصل إلى شراكة في الرؤية حول مستقبل أكثر استقرارًا، وابتكارًا، وعدالة في توزيع الفرص على الشعوب. دولة الإمارات، بما تمتلكه من طموح استراتيجي وبنية تحتية عالمية، تُجدد في كل محطة علاقتها مع العالم، وتؤكد أن الشراكة مع الولايات المتحدة لا تزال حجر أساس في مسيرتها الدولية نحو المستقبل. إيطاليا تلغراف

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store